ذم الحسد وآثاره المهلكة في الفرد والمجتمع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 480 - عددالزوار : 165279 )           »          توحيد الأسماء والصفات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          فضل الأذكار بعد الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أنج بنفسك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          وصايا نبوية غالية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ذم الحسد وآثاره المهلكة في الفرد والمجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          بر الوالدين: (وزنه، كيفية البر في الحياة وبعد الممات، أخطاء قاتلة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          ألق بذر الكلمة؛ فربما أنبتت! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          بين النبع الصافي والمستنقع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          صحابة منسيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 5188 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 12:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,047
الدولة : Egypt
افتراضي ذم الحسد وآثاره المهلكة في الفرد والمجتمع

ذم الحسد وآثاره المهلكة في الفرد والمجتمع

د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة

الحسد خُلق ذميم، وصفة دنيئة نهى عنها الشرع الحنيف؛ لما فيها من إضرار بالناس، وفساد في العلاقات، وتهديد للتماسك الاجتماعي، فضلًا عن كونها دلالة على ضعف الإيمان وسوء الظن بتقدير الله تعالى، وقد أمرنا الله بالاستعاذة من شر الحاسد، فقال جلَّ شأنه: ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 5]، مبينًا بذلك خطره العظيم.

وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من هذا الداء العضال، فقال: «دبَّ إليكم داءُ الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، وهي الحالقة، لا أقول: تَحلِق الشعر، ولكن تَحلِق الدين»؛ رواه أحمد والترمذي بإسناد جيد، مشيرًا بذلك إلى أن الحسد لا يُفسد العلاقات فحسب، بل يفتك بالدين والخلق، ويمحق الإيمان من قلب صاحبه.

أما حقيقة الحسد، فالحسد هو: تمني زوال النعمة عن الغير، سواء كانت هذه النعمة مادية (مثل المال أو الجاه)، أو معنوية (مثل الصحة أو الذكاء)؛ جاء في "القاموس المحيط" للفيروزآبادي (ص: 277، ط. مؤسسة الرسالة): [حَسَّدَه: تَمَنَّى أن تَتَحَوَّل إليه نِعمَتُه وفَضيلَته، أو يُسْلَبَهُما]؛ اهـ.

أنواع الحسد:
ينقسم إلى نوعين: الحسد المذموم، والحسد المحمود.
(1) الحسد المذموم وينقسم إلى نوعين:
(أ‌) الحسد على شيء محقَّق: وهو تمني زوال النعمة عن الغير، وتكون له دونه، وهذا شرُّ أنواع الحسد، وذلك مثل حسد الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم على النبوة.

(ب‌) الحسد على شيء مقدَّر: وهذا النوع من الحسد يتمنَّى صاحبه عدم استصحاب النعمة للمحسود، لا في الحاضر، ولا في المستقبل، فهو يكره أن يحدِثَ الله لعبده نعمةً.

(2) الحسد المحمود:
حسد الغِبْطَةِ: وهو تمني أن يكون له مثل حال المحسود من غير أن تزول النعمة عنه، فهذا لا بأس به، ولا يُعاب صاحبه، بل هذا قريب من المنافسة، وقد قال تعالى: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26]؛ وقال القرطبي: "وأما الغبطة، فهي أن تتمنَّى أن يكون لك من النعمة والخير مثل ما لغيرك، من غير أن تزولَ عنه، والحرص على ما يسمى: منافسة".

وقد ذكر العلماء أن الحسد كان أول معصية عُصِيَ الله بها في السماء، حين حسد إبليس آدم عليه السلام، وأول معصية على الأرض حين حسَد قابيل أخاه هابيل فقتله.

والحسد كما وصفه السلف: "لا يَكاد يخلو منه جسدٌ، ولكن الكريم يخفيه، واللئيم يبديه".

فالحاسد يعاني ألَمًا داخليًّا مستمرًّا لا يَفتُر، حتى وصف بعضهم الحسد بأنه عذاب دائم للنفس؛ إذ لا يهنأ صاحبه برزقٍ غيره، ولا يفرح بخيرٍ يَحِلُّ بسواه.

وقد بيَّن العلماء أن من دواعي الحسد ثلاثة:
1. بغض المحسود لما فيه من خصال أو منافع.

2. التنافس على الفضائل والمناصب، فيغدو التنافس حسدًا مذمومًا إن لم يكن نابعًا من إرادة الخير.

3. شعور بالعجز عن إدراك ما ناله المحسود، فيغدو الحسد تعبيرًا عن قلة الحيلة، وانكسار النفس.

فالحسد داء مهلك، وهو سلاح الضعفاء، لا يأتي بخير، ولا ينال به صاحبه إلا الخسران في الدنيا، والعذاب في الآخرة، فجديرٌ بالعاقل أن يطهِّر قلبه منه، ويشغل نفسه بكف الأذى، ونشر الخير، والتسليم بقضاء الله وقدره.

قال الفقيه أبو الليث السمرقندي: "يصل الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود، أولها غم لا ينقطع، وثانيها مصيبة لا يؤجر عليها، وثالثها مذمة لا يُحمد عليها، ورابعها سخط الرب، وخامسها يُغْلَق عنه باب التوفيق".

قال الشاعر ابن المعتز:
اصبِر على كيد الحسود
فإن صبرَك قاتِله
فالنار تأكل بعضها
إن لم تَجِد ما تأكله


قال بعض الحكماء: من رضي بقضاء الله تعالى لم يَسخَطْه أحدٌ، ومَن قنَع بعطائه لم يدخله حسدٌ.

وقال بعض البلغاء:
الناس حاسد ومحسود ولكل نعمة حسودٌ.

وقال بعض الأدباء: ما رأيت ظالِمًا أشبه مظلوم من الحسود: نَفَس دائم، وهمٌّ لازم، وقلب هائم.

قال معاوية رضي الله عنه: ليس في خصال الشر أعدل من الحسد، يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود.

وقال بعض الحكماء: يكفيك من الحاسد أنه يهتم في وقت سرورك.

وقال الأصمعي: قلت لأعرابي: ما أطول عمرك؟ قال: تركتُ الحسد فبقِيت.

واعلم أنه بحسب فضل الإنسان وظهور النعمة عليه، يكون حسد الناس له، فإن كثُر فضله كثُر حُسَّادُه، وإن قلَّت النعم قلَّ الحسَّاد؛ لأن ظهور الفضل يثير الحسد، وحدوث النعمة يضاعف الكمد، ولهذا يُروى من كلام العرب قال: استعينوا على قضاء الحوائج بسترها، فإن كل ذي نعمة محسود.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما كانت لله على أحد نعمة إلا وجد لها حاسدًا، ولو كان الرجل أقوم من القدح لما عدم غامزًا.

والمتأمل في سورة يوسف تلك السورة العظيمة التي تأخذ بأفئدة المتدبِّرين، وتَطير بهم في جو التأمل والعاطفة، تجاه أحسن القصص عبر مراحل من التآمُر والكيد والتفريق بين والد وولده، حتى إن العيون لَتذرف الدموعَ، والحلوق تَشرَق من الخشوع تعاطفًا مع مَنْ كان ضحية الحسد القاتل، ومَنْ تأمَّل تلك السورةَ حقَّ التأمل فسيرى أن الحسد يُعمي ويُصَم؛ حتى إن الحاسدين لا يقتصرون بحسدهم على ما في واقع يقظة المرء وحسب، بل يتجاوزونه، فيحسدونه على رُؤَاهُ الجميلةِ التي يراها في منامه، فالحُسَّاد ليس لحسدهم حدٌّ يقفون عنده، كيف لا وقد قال يعقوب لابنه يوسف عليهما السلام: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ﴾ [يوسف: 5].

فمن هنا نرى أن الحسد في قلب المرء يحجب عنه بشاعةَ أيِّ جُرم يرتكبه لتحقيق غايته، ولو مع أقرب قريب له، بل إنه يلبِّس عليه جُرمَه، فيراه عملًا محمودًا لا عيب فيه بوجه من الوجوه؛ فإخوة يوسف لَمَّا حسدوه همُّوا بقتله أو نفيه؛ ليَخلو لهم وجهُ أبيهم وحسبُ دون أخيهم؛ ليكونوا هم الصُّلحاء والبررة: ﴿ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴾ [يُوسُفَ: 9].

ومن تأمل تلك السورة حقَّ التأمل، فسيرى أن الحسد يجعل الحاسد مستنكِفًا أن يعطي المحسود وصفَه اللائقَ به؛ ففي قصة إخوة يوسف كان كل حديثهم عنه تصريحًا باسمه، مجرَّدًا من وصفه بأنه أخ لهم، فكانوا يقولون: ﴿ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا ﴾ [يُوسُفَ: 9]، وكانوا يقولون: ﴿ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ﴾ [يُوسُفَ: 8]، وكانوا يقولون: ﴿ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ﴾ [يُوسُفَ: 11]، ولما كانت الحال مع أخيهم الآخَر الذي لم يَحسدوه كحسدهم يوسف، أطلقوا عليه لفظ الأُخُوَّة، ولم يستنكِفوا فقالوا: ﴿ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [يُوسُفَ: 63].

إنه الحسد القاتل بلا سِكِّين، والحارق بلا وقود، والمغرِق بلا ماء، عافانا الله وإياكم من غوائله، وأعاذنا من شر كل ذي شِرٍّ، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الْفَلَقِ: 1-5].

أما دواء الحسد فمنه:
1- اتباع الدين في اجتنابه ثم الرضا بقضاء الله والتسليم له.

2- العلم أن من أركان الإيمان الرضا بقضاء الله وقدره، وحكمته في الاعطاء والمنع.

3- استعمال العقل الذي يستقبح به من نتائج الحسد مما لا يُرضيه من تعب وهمٍّ وغَمٍّ، ومرض في الجسد يظهر عاجلًا أو آجلًا.

والحسد والعين يتداخلان، وبعض الناس ينكرون الحسد والعين لعدة أسباب، وقد رد ابن القيم على مثل هؤلاء فقال:
أنكر بعض من قلَّ حظُّهم من العقل والنقل وجودَ العين، وعدُّوها مجردَ أوهام، وهذا جهل مخالف لما عليه العقلاء من جميع الأمم الذين أقرُّوا بوجود العين، وإن اختلفوا في سببها وكيفية تأثيرها، فهؤلاء المنكرون سدُّوا على أنفسهم بابَ فَهْم الأسباب والعلل، وخالفوا الفطرة والعقل، وقد خلق الله في الأرواح والأجسام قوى وطبائعَ مختلفة لها تأثيرات خاصة، ومن المشاهدات المحسوسة أن الإنسان يتأثر بنظرِ غيره، فيحمرُّ وجهه خجلًا أو يصفرُّ خوفًا، وربما يَضعف ويسقم بمجرد نظرٍ إليه، وكل ذلك من تأثير الأرواح، ولارتباط العين بالروح نُسب التأثيرُ إليها، مع أن الفعل الحقيقي للروح، وأرواحُ الناس تختلف في طبائعها وقواها، فرُوح الحاسد مؤذية بطبعها، ولهذا أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من شر الحاسد، وتأثير العين قد يحصل بمجرد النظرة دون تلامس جسدي، لشدة خبث النفس المؤثرة، وليس هذا محصورًا بالاتصال الجسدي كما يظن الجهال، بل هو ثابت شرعًا وعقلًا وتجربةً؛ (بتصرف من الطب النبوي).

والله يَهدي إلى سواء السبيل.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.49 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]