|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إشراقة أمل افتح قلبك للدعاء (1) تمسَّك بالأمل كل دعاء دعَوْتَه بيقينٍ ستجد ثمرته ولو بعد حين، أليس هو القائل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، تمسَّك بالأمل. افتح أبواب قلبك: افتَحْ أبوابَ قلبِكَ للدُّعاء؛ فاللحظة التي تشتاق إليها اقتربت كثيرًا، لحظة جفاف دَمْعِكَ، وفرحة قلبك التي انتظرتها طويلًا، اللحظة التي ستتحقَّق فيها أمنياتك التي حنيْتَ رأسَكَ ساجِدًا لله، داعيًا بها دائمًا. أنت أقرب ما تكون للخير والسعادة، ما عليك سوى الدعاء بيقينٍ، ومنه الإجابة؛ فهو الكريم. انتظر الفرحة قريبًا، فهذا وَعْدٌ إلهيٌّ، فماذا تتوقَّع من ربِّك حين يَعِدُكَ؟ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]. دعوة صادقة دعوة صادقة من القلب بإمكانها تغيير قوانين الكون، زكريا أحسن الظنَّ في ربِّه، وقال بيقين: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4]، فكانت النتيجة أنْ تغيَّرت قوانين الكون مِنْ أجله لدعوته الصادقة، فالزوجة عاقرٌ انقطع رجاؤها في الإنجاب لعلة جسدية متأصِّلة فيها، ولعوامل الكِبَر التي طرأتْ عليها، والرجل بلَغ من الكِبَرِ عتيًّا حتى اشتعل رأسُه شيبًا، ووهَن منه العَظْمُ الذي هو أقوى ما في جسم الإنسان، وآخر ما يَضعُف في الجسد، وصار في سِنٍّ يستحيل فيها منطقيًّا أن يُنجِب، مع كل ذلك، تأتيه البُشْرى، وهو ما زال في محرابه يتنفَّس رحيقَ الأملِ، وتسري دِماءُ اليقين وحُسْن الظنِّ في عروقه الطاهرة: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: 7]. مهما بدَتْ أحلامُكَ صعبةَ المنال، فدعوةٌ صادقةٌ من القلب تدعوها وأنت ساجدٌ في جوف الليل، يُمكن أنْ تُغيِّر قوانين الكون من أجلك؛ فربُّك كريمٌ واسعُ العطاء، يحبُّ أن يسمع دعاءك الخفي، وأنْ يرى حُسْن ظنِّك فيه، فاجعَل دعاءك قويًّا، واحرِص أن يكون خفيًّا، وردِّد دومًا بيقين: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4]. ثق بربِّك وتمسَّك بحبال الأمل، تُزْهِر حياتُك أرْوَع الخيرات. الله قريب: لا تحزَن حين يُحاصرك الصَّمْتُ، وتعجِز سفينة كلماتِكَ عن الإبحار في عالم البشر، فحتى صوت صَمْتِكَ وعجز هَمْسِكَ، وتنهيدات خواطرك الخفيَّة، لن تضيع سُدًى؛ فربُّك أقربُ إليك من حبل الوريد، يعلم ما يُكنُّه صدرُكَ، ويهمس به نَبْضُكَ، يسمع صوت كلماتك الخفيَّة التي لا تستطيع البوح بها لأقرب الأحباب؛ فدَعْ قلبَكَ يناجي ربِّكَ ويُناديه نداءً خفيًّا، وثِقْ أنه ستأتيكَ قريبًا المِنحُ الربانيةُ، {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61]. __________________________________________________ __ الكاتب: أ. رضا الجنيدي
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() (2) سفينة الدعاء سفينة الدعاء: حين تركب سفينة الدعاء، ستجد نفسَكَ يومًا ما على شاطئ الإجابة تنعم بالعطاء، ألم ترَ كيف كثُرت طلبات موسى عليه السلام، فكانت الإجابة الربانية: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} [طه: 36]؟ حين تدعو بيقين يُستجاب لكَ ولو بعد حين؛ فادْعُ وانتظر تحقيق أمنياتكَ واستعدَّ لأيامٍ كلها أفراح، الفرحة قادمة بإذن الله عمَّا قريب؛ لكنها فقط تحتاج منك لدعاء ويقينٍ. الفرج قادم: حين تُقهر، وعلى أمرك تُغلَب، فارْفَع يديك إلى السماء، أو ضَعْ جبهتَكَ على الأرض، ودَعْ قلبَكَ يصرخ دون حرجٍ: {أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} [القمر: 10]. تذكَّر قول الله عز وجل عن نبيِّه نوح: {أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} [القمر: 10]، تذكَّر أنَّه حين دعا نوحٌ ربَّه بهذا الدعاء، تغيَّرت قوانين الكون، وجاءه النصر في لمح البصر! ردِّدْها الآن، وانتظر النصر والفرج قريب بإذن الله، النصر قادمٌ، والفرج قادم، لكن ربما يحتاج الأمر منك إلى قوةٍ وإخلاصٍ في الدعاء. رسالة إلى مريض: اشتدَّ المرض، وبلغ الألمُ مداه، وانتشر الوَهَنُ في الجسد حتى حواه! لا تحزن؛ فكل لحظة ألمٍ، وكل تنهيدة مرضٍ حسناتٌ تُكتَب، وسيئات تُمحى، ودرجات تُرفَع. لا تجزَع، فكلُّ دمعةٍ ذُرِفَت، وكُلُّ شكوى حُبِسَت أمامها خطايا من كتابك مُحِيت؛ فهنيئًا لك طُهرٌ رُزِقتَه، وأجرٌ اكتسبتَه، ودعاء دعوتَه، وقريبًا ترى ثمرتَه؛ فمن أُلهِمَ الدعاء نال بركة إجابته. لا تيئَس من الشفاء، ففي دعاء أيوب عليه السلام طاقةُ أملٍ لكل من تغلغل المرض في جسده واشتدَّ أذاه، ردِّد بيقينٍ ورجاءٍ: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]. سَلِ الوهَّاب: حين تتقطَّع الأسبابُ، وتُغلَق دونَك الأبوابُ، وتجد نفسَكَ غريقًا في أمواج اليأس. اهدَأ واستمعْ لصوت طُهْر ونقاء النفس حين تقول لك بكل يقينٍ: سلِ الوهَّاب يَهَبك دون أسباب، سَلِ الوهَّاب يَهبك ما لا يخطُر لك على بالٍ. __________________________________________________ الكاتب: أ. رضا الجنيدي
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() إشراقة أمل (3) استغيثوا تُغاثوا استغيثوا تُغاثوا يقول الله عز وجل: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} [الأنفال: 11]، هل توقفتَ عند هذه الآية، واكتشفتَ أنَّ هذه الرحمة قد مرَّتْ بكَ ذاتَ يومٍ ولم تُدرك معناها حينذاك؟ هل شعرت بشيءٍ مِن النُّعاس غلبَكَ رغمًا عنكَ وأنت تمرُّ بمشاعر الخوف أو القَلَق أو الضيق النفسي؛ فكانت النتيجة أنْ تَبَدَّلَ خوفُكَ أمْنًا؟ سبحان مَن جعَل رحمته تزور الخائفين والمهمومين في شكل نُعاسٍ خفيف لطيف يغلبهم؛ فيُخفِّف عنهم وطأة ما يشعُرون به! سبحان من تأتي رَحماتُه لتغمرنا في وقت تضطرب فيه المشاعر الإنسانية، وتحتاج القلوب إلى رحمة عاجلة تمنحها الأمْنَ والثبات، فيجعل الله عز وجل النوم الذي من طبيعته أنَّه يُجافي أعيُن الخائفين، ولا يرتمي سوى في أحضان الآمنين، يجعله يزور الخائفين فيُذهبَ عنهم رجزَ القَلَق ووساوسَ الخوف! فها هم المؤمنون تساورُهم مشاعرُ الخوف والقَلَق قبيل غزوة بدر، فكل مقوِّمات الانتصار وعوامل القوة بمنظور البشر مع عدوِّهم؛ ولكن الدعاء الصادق يُغيِّر قوانين الكون وتوقُّعات البَشَر. لقد بدَّل الله خوفَهم أمْنًا بشيءٍ من النُّعاس غَلَبَهم رغمًا عنهم وهم يستعدُّون للمَلْحَمة الكبرى ويتهيَّؤون لقتال العدُوِّ في مواجهة لم تكن متوقَّعة، ولم يُخطَّط لها، وتبدأ المعجزة بنُعاسٍ خفيفٍ يُهدِّئ القلوب، ثم بانتصار عظيم يُثْلِجُ الصدور. رحمات الله قد تأتينا في هيئة لا نُدرِك معناها، فنمرُّ عليها مرور العابرين الغافلين، ولا نُؤدِّي حقَّ شكرها، لكن الله عز وجل يظلُّ يغمُرنا برحماته رغم غفلتنا؛ فالحمد لله على فيُوضات رحمته، والحمد لله على حكمته. رحمات الله ستأتينا حتمًا إن تعلَّمْنا كيف نستجلبُها كما استجلَبها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في غزوة بدر. أليست بداية الآية: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9] ؟! استغيثوا بصدق وقوة يُستجِب لكم! في جوف الليل حياة: حين ضاقت عليه الأرضُ بما رحبت، وتخلَّى عنه الجميع، ولم يجد معه سوى ألَمه ووجعه، وقلبِه المثقل بالهموم، تذكَّرَ أنَّ له يدًا لم تُرفَع بتضرُّع لخالقها منذُ زمنٍ بعيدٍ، وأنَّ له قلبًا لم يُناجِ ربَّه بعدما تصلَّبَ وغطَّاه الجليد، تذكَّر أنَّ له ربًّا أقرب إليه من حبل الوريد، تذكَّرَ أنَّه سمِعَ صوتًا حنونًا يهمس في أذنه مِن قبل قائلًا له: مهما ضاقَتْ عليكَ الأرضُ بما رحبت لا تيئَس؛ ففي جوف الليل تتَّسِع الحياة، وفي جوف الليل تُلبَّى الأمنيات، عليك فقط أن تُهرول إلى ربِّكَ وتُحسِن المناجاة، تذكَّر كل ذلك حين انتابه الحزن وخيَّم على قلبه اليأس، فتُرى ماذا سيفعل بعدما تذكَّر؟! وأنت ماذا عنك؟ هل ضاقت عليك الأرضُ بما رَحُبت؟ لا تحزن؛ ففي جوف الليل تتَّسِع الحياة، قُمْ وادْعُ ربَّكَ، وانتظر إشراق شمس الهناء؛ فكل دعوة تدعوها في جوف الليل تغسل عنك غبار العناء. ما أقصرَها من مسافة! المسافة بينك وبين تحقيق أمنياتك تتمثَّل في يدٍ ترفعها بصدق لتدعو ربَّكَ وكُلُّكَ يقينٌ في استجابته، وقَدَمٍ تخطو بها أول خطوة نحو هدفك الضائع وكُلُّكَ يقينٌ في الوصول إليه واستعادته. لا تجلس مكانك وتنتظر تحقيق أحلامك؛ فالانتظار رأسُ مال العاجزين والفاشلين، تمسَّك بالأمل والدعاء وتحرَّك لتصِل. __________________________________________________ ________ الكاتب: أ. رضا الجنيدي
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() إشراقة أمل غياب الأحبة (4) غياب الأحبة بينك وبينهم حدودٌ وفواصل ومسافات! لا تحزن فالذي جمع يعقوب بيوسف بعد طول غياب قادرٌ على أن يجمعَكَ بهم، ويمحو كل ما اعتراك من ألم وعذاب. تذكَّر كلَّما أحسنت فأساؤوا إليك، تذكَّر: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5]. كلَّما أعطيت فبخلوا عليك، تذكر: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5]. كلَّما اجتهدت ومع ذلك فشِلت، تذكَّر: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5]. عطاء ربك آتٍ، فانتظره بشوق، واستعد لتزيين أيامك بأنوار السعادة؛ فالكريم إذا أعطى أرضى القلوب وأسعد أيامها، ومحا كلَّ تفاصيل إحباطات العمر الذي مضى. هنيئًا بهذا البعد لعل الله يُبعد أحدَهم عنك؛ ليُفرغ قلبك لسعادة آتية، وفرحة مُقبلة، فهنيئًا ببُعْدٍ يُحطِّم قيودًا طالما كبَّلتْكَ، ويُحرِّرك مِن أغلال طالما قيَّدَتْكَ. الله حكيم تحبُّ شيئًا، فيُبعده الله عنك والخير كله في هذا البُعْد، وتكره شيئًا فيُقرِّبه الله إليك، والخير كله في هذا القُرْب. دَعْ نفسَك لله يفعل فيها ما يشاء، وليكن ما يفعله لك أحبَّ إليك مما تتمنَّاه لنفسك؛ فهو أحكم الحاكمين. _____________________________ الكاتب: أ. رضا الجنيدي
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() إشراقة أمل حرِّر قلبك إذا مزَّقَتْ قلبَكَ سكاكينُ الأحزان، فقُمْ بحياكته بحبال الاستعانة بالرحمن، وردِّد: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]، ردِّدْها وثِقْ أنَّه لن يتركَكَ وحدَكَ؛ فهو نصيرُ المكروبين، وملاذُ الحائرين، وضَعْ نصب عينيك دومًا: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]. الدعاء إيجابية: في اللحظة التي تُغلَقُ فيها جميعُ الأبواب، وتُسَدُّ فيها جميعُ النوافذ، لا تيئَس، ارفع عينيكَ لأعلى، ستجد أبواب السماء مفتوحةً تنتظر وصول صوتِكَ وارتفاع دعواتك، لتنهمر عليك بإذن الله أمطار الإجابة. الدعاءُ إيجابيةٌ من المؤمن الواثق في عطاء ربِّه، فلا تتخلَّ عنه، ولا تحرِمْ نفسَكَ من خيراته. اشكُرْه يزدْكَ: كل الخير الذي تتمنَّاه، وتنتظر وصوله إليك سالِمًا، ربما يحتاج أنْ تتذكَّر هذه الآية: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]. استغراقُكَ في عبادة الشكر على ما لديك من نِعمٍ منسية، يُمطرك بوابل مِن المزيد مِن النِّعَم؛ فلا تحرم نفسك مِن بشائر الخير بغفلة القلب عن لذَّة الشكر. استجلِب نعيمَ الخير بنعيم الشكر. حرِّر قلبك: الحزن يُخيم على قلبك؟ تشعُر بالضَّعْف أمام من تُحِبُّ، ولا يُقدِّر قيمتَك، ولا يعبأ بمشاعرك ونبض قلبك؟ لا تيئَس؛ فبإمكانك استرداد سعادتك حين تعيد الملك لمالكه؛ فالقلب الذي علَّقْتَه يومًا بغير الله فصار ذليلًا لمحبوبه، لن يعرف السلام والهدوء والطُّمأنينة، إلا عندما تُعيدُه صافيًا لخالقه ومالكه. حرِّر قلبَكَ من قيوده، ينعَمْ. __________________________________________________ ____ الكاتب: أ. رضا الجنيدي
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() (6) فِراق الوالدين حين يغيب أحد والديك أو كلاهما عن الحياة، لا تجعل حياتك لوحة قاتمة؛ فسعادتُكَ تُسعِدهما حتى وهم غائبون عن الحياة. أرسِل إليهما هداياك، دعواتك، صَدَقاتِك، وكلما اشتقت إليهما، زِدْ من هذا العطاء؛ فهما فيه راغبان، وإليه مشتاقان. ولسوف يلتقي الأحِبَّة المتَّقون ذات يوم في جنات ونهر، فلا تبتئس ولا تجعل دمعك ينهمر؛ ففي رياض الجنة سيكون اللقاء، وفي نعيم السعادة الأبديَّة، سيُنْسى كلُّ عناء. شريك الحياة: إن فارقتَ شريك الحياة لسوء خلق نزع السكينة من بيتكما، أو لاختلاف طباع أدَّى إلى استحالة الحياة بينكما، فلا تيئَس، وتظن أن السعادة قد أغلقت أبوابها في وجهك؛ فما الانفصال إلَّا تجربة من تجارب العمر، ربما كانت سببًا في تنعُّمِك بحلاوة الشهد بعد تجرُّعك للمرِّ، فما دمت قد حاولت، واجتهدت، وقدر استطاعتك بذلتَ، وما دامت التقوى كانت عنوان أخلاقِكَ، وكنت تُحسن إلى شريك حياتك كما تُحسِن إلى ذاتِكَ، فلا تحزن، وتذكَّر وَعْدَ ربِّكَ لمن أحسن واتَّقى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130]. سيمضي الألم: سيمضي الألم ويزول الحزن، وتُفتَح لك صفحة جديدة، تُشرق فيها شمسُ السعادة من أعماق الهموم، فلا تُضيِّع يومَكَ في أحزان حتمًا ستزول؛ فأمر ربك إذا أراده قال له: كن فيكون. جفِّف دمعَكَ المنهمر، اغسل ذكرياتك المؤلمة بأمطار الأمل، انطلق وغيِّر واقعَكَ المؤلم بجميل الإنجاز والعمل. في بعض الموت حياة: موت بعض الأشياء في حياتك، ربما كان إيذانًا بميلاد أشياء أروع؛ فلا تحزن، ففي بعض الموت حياة لو تعلم. أحببت ولكن: قد يُسلَب منك ما تحب فتصبر وتحتسب؛ فيُعوِّضك الله بما يحبُّ، فيُصبح أحبَّ إليك مما كنت تحبُّ، فتُرزق أجرَ الصبر، وتصل إلى ما ترجو من خير. اصبروا، فمهما بَدَتْ لكم الأمور مُعتمةً، فلا بُدَّ أن يعقب الليلَ ضوءُ النهار؛ القادم أجمل بإذن الله. __________________________________________________ _ الكاتب: أ. رضا الجنيدي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 26-10-2023 الساعة 04:29 PM. |
#7
|
||||
|
||||
![]() إشراقة أمل (7) الذكريات الأليمة حين تتجوَّل في ذكريات الماضي الأليمة، لا تبكِ على خيرٍ قدَّمته، وما جنيتَ من ورائه سوى الجحود، ولا تندم على رُقي تعاملتَ به، وما كان ثمرته سوى الصدود؛ فغدًا تفرح بعطائك، وتسعد برُقيِّ أخلاقك حين تقف بين يدي من يقابل الحسنة بعشر أمثالها. فإن كانت الذكريات أليمةً، والماضي مُفجعًا، فالأيام القادمة جميلة، والمستقبل مشرق؛ فابتسم فهناك جنة تنتظر المحسنين. ولسوف تؤجر: ولسوف تؤجر على همومٍ خبَّأتَها لتسير مركبُ الحياةِ بأمان، ولسوف تُؤجَر على أشياء علِمتها ولم تُبْدِها لهم من أجل أن يصل الجميع إلى الشاطئ بسلام، فلا تذهب نفسُك على ما فعلتَ حسرات؛ فبقدر الصبر والإحسان، تكون في الجنة الدرجات. أشواك الحب: إن آلمتْك أشواكُ الحب، وحطَّمتك أوجاعه، فلا تحزَن، ربما أراد الله أن يُذيقَك حلاوة أعظم حب. جرِّب العيش في رحاب حبِّ الله، فهو حبٌّ بلا أشواكٍ ولا أوجاع، حب زهوره نديَّة، ورائحته زكيَّة، كن مع الحبيب الذي إن تقرَّبْتَ إليه شبرًا، تقرَّب إليك ذراعًا، وإذا أتيتَه تمشي، أتاك هرولة. جرِّب أن تتذوَّق لذَّة هذا الحب، ولسوف تنسى أشواك أي حبٍّ آخر، وسيُصبح نعيم أي حب لا شيء بجوار أعظم حُبٍّ. الطعنة الجميلة: الطعنة التي أصابتك بالأمس بجُرح عظيمٍ، ربما كانت سببًا لحياة جديدة مملوءة بالخير الوفير، اجعَل خريف أيامك محطةَ انتقال للأجمل، واجعل ألم جرحك طاقة انطلاق للأروع. __________________________________________________ ___________ الكاتب: أ. رضا الجنيدي
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() (8) متاعب الماضي أحزان الماضي خذ عبرةً من أحزان الماضي، وكنْ على يقين بأن دمعك لن يرويَ زهور أحلامك، وأن ملوحته ومرارته ستُواري ربيع أيامك، فليكن حزنُك طاقةَ عطاءٍ تُنسيك مُرَّ دمعك وحرَّ ألمك؛ فما الدنيا سوى أيام تمرُّ، بها الحلو وبها المرُّ، وستتفجَّر ينابيعُ اليُسْر من صخر العُسْر بإذن الله، فليهدأ القلب ويهنأ؛ فربُّك كريمٌ، وخزائن رحمته لا تنضب. كن جبلًا: الجبل الذي لم تقصمه القواصم، ولم تكسره النوازل، لا تهزُّه ريحٌ عابرة، كن جبلًا صامدًا، فما أكثر الرياح الغادرة في زمننا! كن جبلًا صامدًا، وثِقْ أن القادم أجمل بإذن الله. مشكلات الحياة حين تأتيك المشكلة قويةً ومفاجِئةً، لا تتوقَّف كثيرًا عند ألمها، كن إيجابيًّا، واعبر محطَّة الألم؛ فما جاءتك الصفعة لتؤلمك؛ ولكن لتوقِظك من سُبات طالما خضَعت له بإرادتك، ولتمنَحك نُضجًا يُضيف إلى حياتك حياةً، فمرحبًا بالضربة إذا أعقبتها يقظة. متاعب الماضي: النوم يُخاصمك والألم يُرافقك، والذكريات تُلاحقك، ولا تدري أين المفر؟ تجهش نفسُك بالبكاء كلما رحلتْ ذاكرتُك قليلًا أو بعيدًا إلى الوراء! لا تحزن؛ فلعلَّ الأيام السابقة كانت خبرة رائعة للعمر القادم، وخطوة لخير عظيم آتٍ. كلما تذكَّرت متاعب الماضي، ارفع نظر قلبكِ إلى السماء، وقل بأمل ورجاء: يا رب، إني صبرت كما أمرتْ، وأنتظرُ وعْدَكَ كما وعدتْ، قلها بقلبك وتذكَّر: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]. __________________________________________________ ___ الكاتب: أ. رضا الجنيدي
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() افتح قلبك للدعاء (9) تمسَّك بالأمل كل دعاء دعَوْتَه بيقينٍ ستجد ثمرته ولو بعد حين، أليس هو القائل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، تمسَّك بالأمل. افتح أبواب قلبك: افتَحْ أبوابَ قلبِكَ للدُّعاء؛ فاللحظة التي تشتاق إليها اقتربت كثيرًا، لحظة جفاف دَمْعِكَ، وفرحة قلبك التي انتظرتها طويلًا، اللحظة التي ستتحقَّق فيها أمنياتك التي حنيْتَ رأسَكَ ساجِدًا لله، داعيًا بها دائمًا. أنت أقرب ما تكون للخير والسعادة، ما عليك سوى الدعاء بيقينٍ، ومنه الإجابة؛ فهو الكريم. انتظر الفرحة قريبًا، فهذا وَعْدٌ إلهيٌّ، فماذا تتوقَّع من ربِّك حين يَعِدُكَ؟ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]. دعوة صادقة دعوة صادقة من القلب بإمكانها تغيير قوانين الكون، زكريا أحسن الظنَّ في ربِّه، وقال بيقين: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4]، فكانت النتيجة أنْ تغيَّرت قوانين الكون مِنْ أجله لدعوته الصادقة، فالزوجة عاقرٌ انقطع رجاؤها في الإنجاب لعلة جسدية متأصِّلة فيها، ولعوامل الكِبَر التي طرأتْ عليها، والرجل بلَغ من الكِبَرِ عتيًّا حتى اشتعل رأسُه شيبًا، ووهَن منه العَظْمُ الذي هو أقوى ما في جسم الإنسان، وآخر ما يَضعُف في الجسد، وصار في سِنٍّ يستحيل فيها منطقيًّا أن يُنجِب، مع كل ذلك، تأتيه البُشْرى، وهو ما زال في محرابه يتنفَّس رحيقَ الأملِ، وتسري دِماءُ اليقين وحُسْن الظنِّ في عروقه الطاهرة: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: 7]. مهما بدَتْ أحلامُكَ صعبةَ المنال، فدعوةٌ صادقةٌ من القلب تدعوها وأنت ساجدٌ في جوف الليل، يُمكن أنْ تُغيِّر قوانين الكون من أجلك؛ فربُّك كريمٌ واسعُ العطاء، يحبُّ أن يسمع دعاءك الخفي، وأنْ يرى حُسْن ظنِّك فيه، فاجعَل دعاءك قويًّا، واحرِص أن يكون خفيًّا، وردِّد دومًا بيقين: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4]. ثق بربِّك وتمسَّك بحبال الأمل، تُزْهِر حياتُك أرْوَع الخيرات. الله قريب: لا تحزَن حين يُحاصرك الصَّمْتُ، وتعجِز سفينة كلماتِكَ عن الإبحار في عالم البشر، فحتى صوت صَمْتِكَ وعجز هَمْسِكَ، وتنهيدات خواطرك الخفيَّة، لن تضيع سُدًى؛ فربُّك أقربُ إليك من حبل الوريد، يعلم ما يُكنُّه صدرُكَ، ويهمس به نَبْضُكَ، يسمع صوت كلماتك الخفيَّة التي لا تستطيع البوح بها لأقرب الأحباب؛ فدَعْ قلبَكَ يناجي ربِّكَ ويُناديه نداءً خفيًّا، وثِقْ أنه ستأتيكَ قريبًا المِنحُ الربانيةُ، {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61]. __________________________________________________ __ الكاتب: أ. رضا الجنيدي
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() إشراقة أمل أ. رضا الجنيدي (10) شمس السعادة حتى وإن طال ليلُ الألم ستُشرق شمسُ السعادة ذات صباح داخل قلبك، وستنبض فيه الحياة من جديد، وتنبت فيه زهور الأمل. فثق بقدرة الله، تنل فيضَ رحمته،{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الحديد: 17]. الله يدافع عنك: إن تكالب عليك الجميعُ، فلا تحزن ولا تخف، وكن في الله واثقًا، وإن حاوطتك المخاطر، فلا تجزع ولا تبتئس، ما دمت بالله مؤمنًا، ولشرعه خاضعًا، ألا يكفيك قول الله: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 38]. هل تأخر زواجك؟ لا تحزني، لعل الله أبعد عنك شرًّا فوق حدود احتمالك، ولعله يُعدك لشيء يُبهر عقلك، ويتعدَّى حدود خيالك. تمتعي بما بين يديكِ؛ فهناك ألوان كثيرة للسعادة حولك، فلا تدعيها تتفلَّت دون أن ترسم ظلالها على أيَّامِك. هل تأخر إنجابكما؟ لا تحزنا؛ فلعلَّ الله أراد أن يكون لكما من الأبناء الكثير بدلًا من واحد أو اثنين. جرِّبا أن تكونا أصحاب أثرٍ وبصمةٍ في نفس كل طفل تقابلانه؛ فرُبَّ ابنٍ لم تُنجباه، يصبح لكما نعم الأنيس ونعم الجليس، ورُبَّ بصمةٍ تُغرَس في أحدهم، تُمهِّد لكما طريقًا للفردوس، ولا تفقدا الأمل؛ فمن وهب يحيى لزكريا رغم وهن عَظْمِه، ومَنْ وهبَ إسماعيل وإسحاق لإبراهيم رغم كبر سنِّه، قادر على أن يهبكما ما تقرَّ به أعينكما، وتسعد به قلوبُكما، فلا تيأسا، فالكريم حين يُعطي، يفيض بكرمه، والوهَّاب حين يهب، يُدهشنا بعظيم فضله؛ ثقا في كرم ربكما وتمسَّكا بالدُّعاء، وانتظرا أجمل عطاء.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |