شذا الريحان من مزاح سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         نصائح ومواعظ للاسرة المسلمة فى رمضان______ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 29 - عددالزوار : 38 )           »          تحريم الحلف بالطواغيت والأنداد كاللات والعزى وغيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          كان صلى الله عليه وسلم يتداوى بالقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          التسبيح في سورة (ق) تفسيره ووصية النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الحياة بين الإفراط والتفريط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          ما يلقاه الإنسان بعد موته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الضلال نفق مظلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          اليد العليا خير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          النخوة خلق عربي زكاه الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 11:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,300
الدولة : Egypt
افتراضي شذا الريحان من مزاح سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم

شذا الريحان من مزاح سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم

السيد مراد سلامة


الخطبة الأولى
الحمد لله ربِّ العالمين، إله الأولين والآخرين، وقيُّوم السماوات والأرضين، سبحانه سبحانه بهرَت عظمته قلوبَ العارفين، وأظهرت بدائعه لنواظر المتأملين، نصب الجبال فأرساها، وأرسل الرياح فأجراها، ورفع السماء فأعلاها، وبسط الأرض فدحاها، الملائكة من خشيته مشفقون، والرسل من هيبته خائفون، والجبابرة لعظمته خاضعون، ﴿ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ﴾ [الروم: 26].

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الأحد، القيوم الصمد، الذي ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 3، 4]، لا مُغيث غير الله، ولا مجير غير الله، ولا مُعين غير الله، ولا ناصر غير الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي المصطفى والرسول المجتبى الرحمة المهداة والنعمة المسداة، صاحب المقام المحمود والحوض المورود الشفاعة العظمى، سيد الأولين والآخرين على الله ولا فخر.

ذاك الشفيع مقامه المحمودُ
ولواؤه بيد العلا مَعقود
فاذا توافَدت للحساب وفودٌ
قالوا تقدَّم بالأنام زعيمَا
صلُّوا عليه وسلِّموا تسليمًا

فيقوم بالباب العلي ويَسجَد
ويقول يا مولاي آن الموعدُ
فيُجاب قلْ يسمع إليك محمد
ونُريك منا نضرةً ونعيمًا
صلُّوا عليه وسلِّموا تسليمَا


اللهم صلِّ عليه وسلم على آله وأصحابه الطيبين الأبرار الذين كانوا فيما بينهم رحماءَ، فرضي عنه ربُّ الأرض والسماوات وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 69، 70]؛ أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثاتها بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

"إن الإسلام دين واقعي لا يُحلق في أجواء الخيال والمثالية الواهمة، ولكنه يقف مع الإنسان على أرض الحقيقة والواقع.. ولا يعامل الناس كأنهم ملائكة، ولكنه يعاملهم كبشر يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق".

لذلك لم يفرض الإسلام على الناس أن يكون كل كلامهم ذكرًا، وكل سماعهم قرآنًا، وكل فراغهم في المسجد، وإنما اعترف بهم وبفطرتهم وغرائزهم التي خلقهم الله عليها، وقد خلقهم – سبحانه – يَفرحون ويَمرحون ويضحكون ويلعبون، ولقد كانت حياة النبي – صلى الله عليه وسلم - مثالًا رائعًا للحياة الإنسانية المتكاملة، فهو في خلوته يصلي ويطيل الخشوع والبكاء، ويقوم حتى تتورم قدماه، وهو في الحق لا يبالي بأحد في جنب الله، ولكنه مع الحياة والناس بشر سوى، يحب الطيبات، ويبش ويبتسم، ويداعب ويَمزح، ولا يقول إلا حقًّا، ولذا فلا عجب أنه – صلى الله عليه وسلم - كان يتفكه حينًا ويطرف للفكاهة والمزاح – الذي لا يحمل إثمًا – أحيانًا، فلم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم - في حياته جافًّا ولا قاسيًا ولا فظًّا ولا غليظًا، وإننا عند استعراض سيرته وحياته صلى الله عليه وسلم، نجدها قد تخللها نوع من الدعابة والمزاح"[1].

وفي هذا اللقاء نقف مع المزاح وحُكمه والحكمة منه، ومع صور مشرقة من مزاح رسل الله - صلى الله عليه وسلم.

تعريف المزاح:
أمَّا اصطلاحًا، فعرَّفه بعضُ أهل العِلم بأنَّه: المُباسَطة إلى الغَير على جهة التَّلطُّف والاستعطاف دون أذيَّة[2].

حُكمه:
المزاح في الأصل مباحٌ إِن سلِم من محرَّمٍ؛ لفِعل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - له.

قال العِزُّ بنُ عبد السَّلام - رحمه الله -: «فإنْ قيل: فما تقولون في المزاح؟ قلنا: إنَّما يجوز المزاح لما فيه من الاستِرواح، إمَّا للمازِح أو للمَمزوح معَه، وإمَّا لهما»؛ ا هـ[3].

وبمِثل ذلك قال النَّووي - رحمه الله - حيث قرَّر أنَّ ما كان منه لمصلَحةٍ، وتطيِيب نفسِ المخاطَب ومُؤانَستِه؛ فهذا لا مانِع منه قطعًا، بل هو سنَّةٌ مستحبَّةٌ إذا كان بهذه الصفة[4].

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قالوا يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - إنَّك تُداعِبنا، قال: «نَعَمْ غَيْرَ أَنِّي لاَ أَقُولُ إِلاَّ حَقًّا»[5].

ثالثًا: الحكمة من شرعيَّته:
اعلم أنَّ الحكمة مِن شرعيَّة المزاح هي: مُؤانسة الإخوان وتطيِيب النُّفوس؛ لأنَّ المزاح ما أُبِيح إلاَّ لما فيه من الاستِرواح، إمَّا للمازِح أو المَمزوح معه، وإمَّا لهما، قال الماوردي - رحمه الله -: «العاقِلُ يتوخَّى بمزاحِه أحدَ حالَين لا ثالثَ لهما: أحدهما: إِيناسُ المصاحبِين والتَّودُّد إلى المخالطِين، وثانيهما: أن ينفي بالمزاح ما طَرأ عليه وحدَث به من الهمِّ»[6].

وجاء في مختلف الحديث لابن قتيبة: فلو ترك رسول الله – صلى الله عليه وسلم - طريق الطلاقة والهشاسة والدماثة إلى القطوب والعبوس والزماتة، أخذ الناس أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من المشقة والعناء، فمزح – صلى الله عليه وسلم - ليمزَحوا، ووقف على أصحاب الدركة وهم يلعبون، فقال: خذوا يا بني أرفدة، ليعلم اليهود أن في ديننا فُسحة[7].

وكان أصحابه رضوان الله عليهم يتأسون به – صلى الله عليه وسلم - ويقتدون بهديه وشكله؛ كما قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21].

وروى الطبراني عن قرة قال: قلت لابن سيرين: هل كانوا يتمازحون - يعني الصحابة؟ قال: ما كانوا إلا كالناس، كان ابن عمر يمزح وينشد الشعر[8].

صور من مزاح النبي صلى الله عليه وسلم:
أولًا: مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم -مع أطفال الصحابة رضي الله عنهم:
أخي المسلم، لقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - رغم رفيع درجته وسُمو مكانته، يداعب ويمازح الأطفال، ونذكر موقف من مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع الأطفال:
الصورة الأولى: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا ذا الأذنين"، يعني يمازحه [9].

إن هذا القول من جملة مداعباته – صلى الله عليه وسلم - ولطيف أخلاقه.

الصورة الثانية: رُوي عن عبد الله بن الحارث قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم -يصفُّ عبد الله، وعبيد الله، وكثير بن العباس، ثم يقول: "مَن سبق إليَّ فله كذا وكذا"، قال: فيستبقون إليه، فيقعون على ظهره وصدره، فيقبلهم ويلتزمهم"[10].

الصورة الثالثة: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ وَصَفَ أَخْلاقَ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم - لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لأَخٍ لِي صَغِيرٍ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ! مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟»، قَالَ: وَكَانَ إذا حضرت الصَّلاةَ بَسَطْنَا بِسَاطًا لَنَا، فَقَامَ وَصَفَّنَا خَلْفَهُ" [11].

قال أبو عيسى: وفِقه هذا الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم - كان يمازح، وفيه أنه كنَّى غلامًا صغيرًا فقال له: "يا أبا عمير"، وفيه أنه لا بأس أن يُعطي الصبيَّ الطير ليلعب به، وإنما قال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا عمير، ما فعل النغير؟"؛ لأنه كان له نغير يلعب به، فمات، فحزن الغلام عليه، فمازَحه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا أبا عمير، ما فعل النغير؟" [12].

ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم -: ما رواه البخاريُّ ومسلم عن محمود بن الرَّبيع رضي الله عنه قال: "عقَلتُ من النبيِّ – صلى الله عليه وسلم - مَجَّةً مَجَّهَا في وجهي وأنا ابنُ خمسِ سنين من دَلْوِ"[13].

قال النووي رحمه الله: "قال العلماء: المجُّ طرح الماءِ من الفم بالتزريق، وفي هذا مُلاطفة الصِّبيان، وتأنيسُهم، وإكرام آبائهم بذلك، وجواز المزاح..."؛ اهـ باختصار [14].

مزاح النبي – صلى الله عليه وسلم -مع الرجال من أصحابه – رضي الله عنهم -:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا اسْتَحْمَلَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إِنِّي حَامِلُكَ عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - وَهَلْ تَلِدُ الإِبِلَ إِلا النُّوقُ"[15].

معناه سأُعطيك جملًا كبيرًا، ولكنه من باب المداعبة قال: سأحملك على ولد الناقة، فظن الرجل أنه سيعطى ناقة صغيرة أو جملًا صغير، فقال: وما أفعل به يا رسول الله، فعلَّمه ووضَّح له الأمر - صلى الله عليه وسلم - فقال: له وهل من إبلٍ؟ أو وهل من جملٍ؟ إلا وهو ولد ناقة[16].

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
أما بعد:
مزاحه – صلى الله عليه وسلم -مع رجل من أهل البادية:
من صور مزاحه – صلى الله عليه وسلم - مزاحُه مع ذلك الأعرابي الذي كان يأتي النبي – صلى الله عليه وسلم - عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمَهُ زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ أَوْ حِزَامٍ، وَكَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم - الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ زَاهِرًا بَادِينَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ»، قَالَ: وَكَانَ يُحِبُّهُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ فَقَالَ: «أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟» فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم - حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم -: «لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لسَتَ بِكَاسِدٍ، - أَوْ قَالَ: - لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْتَ غَالٍ» [17].

مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - مع النساء:
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمازح زوجاته رضي الله عنهن أجمعين، وكذا كان يمازح النسوة من اتباعه.

يقول ابن كثير - رحمه الله -: "وكان من أخلاقِه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العِشْرَة، دائم البِشْر، يداعِب أهلَه ويتلطَّف بهم، ويوسعُهُم نفقتَه، ويضاحك نساءَه، حتى إنَّه كان يسابِق عائشة أمَّ المؤمنين يتودَّد إليها بذلك"[18].

عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلِ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: "تَقَدَّمُوا"، فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: "تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ"، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: "تَقَدَّمُوا"، فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ: "تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ"، فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ، وَهُوَ يَقُولُ: "هَذِهِ بِتِلْكَ"[19].

مزاحه صلى الله عليه وسلم مع امرأة عجوز:
عن الحسن قال: أتت عجوز إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: "يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز"، قال: فولَّت تبكي، فقال: "أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا ﴾ [الواقعة: 35 - 37][20].

وكان أصحابه رضوان الله عليهم ربما مازَحوه صلى الله عليه وسلم؛ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ، وَقَالَ: «ادْخُلْ»، فَقُلْتُ: أَكُلِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «كُلُّكَ»، فَدَخَلْتُ[21].

فعوف رضي الله عنه يمازح رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بذلك.

وهذا من مزاج أصحابه معه، وطي لبساط الأدب عند انبساط الحب وترك التكلف في مقام القرب[22].

اللهم استُرنا ولا تفضَحنا، وأَكرِمنا ولا تُهنا، وكن لنا ولا تكن علينا.

اللهم لا تدَع لأحدٍ منا في هذا المقام الكريم ذنبًا إلا غفَرته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا دَينًا إلا قضيته، ولا همًّا إلى فرَّجته، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا عاصيًا إلا هديته، ولا طائعًا إلا سدَّدته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتَها يا رب العالمين.

اللهم اجعل جَمعنا هذا جمعًا مرحومًا، وتفرُّقنا من بعده تفرقًا معصومًا، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيًّا أو محرومًا.

اللهم اهدِنا واهدِ بنا واجعلنا سببًا لمن اهتدى.

اللهم إن أردتَ بالناس فتنةً، فاقبِضنا إليك غيرَ خزايا ولا مفتونين، ولا مغيِّرين ولا مبدِّلين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم احمل المسلمين الحُفاة، واكسُ المسلمين العراة، وأطعِم المسلمين الجياع.

اللهم لا تحرِم مصر من الأمن والأمان.

‌اللهم مَن أرادنا وأراد ديننا وديارَنا وأمننا وأمتنا، وولاةَ أمرنا وعلماءَنا واجتماعَ كلمتنا - بسوءٍ، اللهم فاشْغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا رب العالمين.

[1] من كتاب صفة ضحك وبكاء النبي صلى الله عليه وسلم ومزاحه مع أصحابه؛ المؤلف: أحمد مصطفى قاسم طهطاوي.

[2] انظر: «لسان العرب»، و«تاج العروس»، و«الصحاح»، و«المعجم الوسيط»: (مادة: مزح).

[3] «قواعد الأحكام في مصالح الأنام» (2/391).

[4] الأذكار (ص: 581).

[5] رواه الترمذي في «سننه» (1913) ، وفي «الشَّمائل» (238)، وقال: «حديث حسن صحيح»، حديث صحيح، انظر: «الصَّحيحة» (1726).

[6] فيض القدير (3/ 18).

[7] تأويل مختلف الحديث (ص: 293).

[8] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 275).

[9] أخرجه أحمد (3/117، رقم 12185)، وأبو داود (4/301، رقم 5002)، والترمذي (4/358، رقم 1992).

[10] انظر: الشمائل المحمدية، لأبي عيسى الترمذي.

[11] "مسند أحمد" 1/ 214.

[12] أخرجه الطيالسي (ص 280، رقم 2088)، وأحمد (3/119، رقم 12220)، والبخاري (5/2270، رقم 5778).

[13] أخرجه البخاري (1/29).

[14] شرح مسلم: 5/ 162).

[15] أخرجه أحمد (3/267، رقم 13844)، وأبو داود (4/300، رقم 4998)، والترمذي (4/357، رقم 1991)

[16] الحديث الموضوعي -جامعة المدينة (ص: 343)

[17] مسند أحمد ط الرسالة (20/ 91).
"مصنف عبد الرزاق" (19688)، أخرجه الترمذي في "الشمائل" (239)، وأبو يعلى (3456)، والبزار (2735-كشف الأستار).

[18] "تفسير ابن كثير " (1/ 563).

[19] مسند أحمد ط الرسالة (43/ 313)، وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (297) و(3608).

[20] (الشمائل المحمدية) 238، الصحيحة: 2987، مختصر الشمائل: 205، وهداية الرواة: 4814.

[21] رواه ابن ماجه (4042)، وأحمد 6/ 24، وابن حبان (6675)، وصححه الألباني.

[22] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (14/ 162).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.94 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.67%)]