وقفات مع المسافرين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دعاء الشفاء ودعاء الضائع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته، مستقبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أسماء العقل ومشتقاته في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          وقفات تربوية مع سورة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          {وما كان لنبي أن يغل} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة «التعبد بما استقر في القلب» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الإسلام والحث على النظافة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-05-2021, 03:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,587
الدولة : Egypt
افتراضي وقفات مع المسافرين

وقفات مع المسافرين
خالد سعد الشهري


الْحَمْدُ لِلَّهِ، خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ، وَرَزَقَهُمْ لِيَشْكُرُوهُ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى عَظِيمِ نِعَمِهِ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى تَتَابُعِ مِنَنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِيَدِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، مَا مِنْ خَيْرٍ إِلَّا دَلَّ أُمَّتَهُ عَلَيْهِ، وَمَا مِنْ شَرٍّ إِلَّا حَذَّرَهَا مِنْهُ، فَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ وَرَاقِبُوهُ فِي حِلِّكُمْ وَتِرْحَالِكُمْ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبٌ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، ﴿ إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 54].

عِبَادَ اللَّهِ: تَرَوْنَ مِنَ النَّاسِ حِرْصًا عَلَى التَّنَقُّلِ وَالْأَسْفَارِ وَخَاصَّةً فِي مَوَاسِمِ الْإِجَازَاتِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْزِمُ حَقَائِبَهُ فِي رِحْلَةٍ طَوِيلَةٍ، لَرُبَّمَا يَنْقَضِي فِيهَا مُعْظَمُ الصَّيْفِ، وَلَنَا مَعَ هَذَا الْمَوْضُوعِ فِي خُطْبَةِ الْيَوْمِ وَقَفَاتٌ؛ فَلِلسَّفَرِ آدَابٌ وَأَحْكَامٌ:
أَوَّلًا: يَنْبَغِي لِمَنْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ أَنْ يُصَحِّحَ وِجْهَتَهُ وَرَغْبَتَهُ مِنْ هَذَا السَّفَرِ، وَالْمُتَأَمِّلُ فِي حَالِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسَافِرِينَ يَجِدْ عَجَبًا وَفَرْقًا شَاسِعًا فِي أَهْدَافِهِمْ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ سَفَرُهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَفَرُهُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ مُشَرِّقٍ فِي الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ، وَمُغَرِّبٍ فِي الْمُنْكَرَاتِ وَالشُّبُهَاتِ.. وَشَتَّانَ بَيْنَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبٍ، مِنَ الْمُسَافِرِينَ الْيَوْمَ قَوْمٌ أَرَادُوا بِسَفَرِهِمْ رِضَى اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، يَمَّمُوا مَرَاكِبَهُمْ إِلَى كُلِّ جَمِيلٍ وَهُدًى، فَلَمْ يَدْفَعْهُمْ حُبُّ الْجَمَالِ وَالسِّيَاحَةِ لِلْخُرُوجِ لِأَمَاكِنِ الْمُنْكَرَاتِ، وَلَمْ يُجَالِسُوا أَهْلَ الْفَسَادِ وَالْمُوبِقَاتِ، فَسِيَاحَتُهُمْ مَضْبُوطَةٌ بِتَعَالِيمِ الْإِسْلَامِ، وَأَخْلَاقُهُمْ وَآدَابُهُمْ مِنْ آدَابِ الْقُرْآنِ، حَرِيصُونَ فِي أَسْفَارِهِمْ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَهُدًى. وَفِي جَدْوَلِ سَفَرِهِمْ زِيَارَةُ الْأَقَارِبِ وَالْأَرْحَامِ، وَأَثْنَاءَ سَفَرِهِمْ يَتَنَقَّلُونَ بَيْنَ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ، وَيُشَارِكُونَ فِي فِعْلِ الْخَيْرَاتِ، مُتَمَتِّعِينَ بِكُلِّ خَيْرٍ وَمُبَاحٍ، وَمُحْتَسِبِينَ الْأَجْرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ فَهُمْ كَالْغَيْثِ أَيْنَمَا حَلَّ نَفَعَ، فَهَنِيئًا لَهُمْ يَوْمَ كَانَتْ سِيَاحَتُهُمْ فِي رِضَا اللَّهِ، وَفِي حُدُودِ الشَّرْعِ وَآدَابِهِ.

وَصِنْفٌ آخَرُ مِنَ الْمُسَافِرِينَ وَلِلْأَسَفِ: قَوْمٌ زَلَّتْ أَقْدَامُهُمْ وَسَاءَتْ مَقَاصِدُهُمْ؛ فَطَارُوا فِي سَمَاءِ اللَّهِ وَسَارُوا عَلَى أَرْضِ اللَّهِ لَا لِيُطِيعُوهُ، كَلَّا.. فَمُرَادُهُمْ مِنْ سَفَرِهِمْ أَنْ يَعْصُوهُ! سَافَرُوا لِبِلَادٍ يُكْثِرُونَ فِيهَا الْفَسَادَ، وَلَيْسَ لَهُمْ هَدَفٌ إِلَّا تَلْبِيَةُ الرَّغَبَاتِ بِمَا لَا يُرْضِي رَبَّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ، فَضَيَّعُوا فِي سَفَرِهِمُ الصَّلَوَاتِ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ، وَوَقَعُوا فِي الْمُوبِقَاتِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ حَالِ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَضَاعُوا دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ فِي أَسْفَارِهِمْ.

أَيُّهَا الْمُسَافِرُونَ: اعْلَمُوا أَنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَلَا يَكْلَمَنَّ الشَّيْطَانُ دِينَكُمْ بِدَعْوَى التَّرْفِيهِ وَالسِّيَاحَةِ فِي بِقَاعٍ شَائِكَةٍ بِمَا فِيهَا مِنْ شَهَوَاتٍ وَشُبُهَاتٍ، وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي حِلِّكُمْ وَترْحَالِكُمْ وَأَقِيمُوا دِينَكُمْ كَمَا يُحِبُّ رَبُّكُمْ لَا كَمَا تُحِبُّونَ، وَحَافِظُوا عَلَى فَرَائِضِكُمْ، وَابْتَعِدُوا عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ أَيْنَمَا كُنْتُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِكُمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَانٍ، وَتَأَمَّلُوا جَيِّدًا فِي قَوْلِ اللَّهِ -جَلَّ جَلَالُهُ: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18].

عِبَادَ اللَّهِ: اعْلَمُوا أَنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ جَاءَتْ بِآدَابٍ وَأَحْكَامِ لِلْمُسَافِرِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَهَا كُلُّ مُسَافِرٍ قَبْلَ سَفَرِهِ.

وَمِنْ تِلْكَ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ:
أَوَّلًا: الْحِرْصُ عَلَى دُعَاءِ السَّفَرِ فِي الذَّهَابِ وَالْعَوْدَةِ: كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ، وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ».

ثَانِيًا: يَنْبَغِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ لَا يَنْسَى ذِكْرَ اللَّهِ أَثْنَاءَ سَفَرِهِ، خُصُوصًا فِي الْمُرْتَفَعَاتِ، وَالْمُنْخَفَضَاتِ، قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا»، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَكَانَ النَّبِيُّ وَجُيُوشُهُ إِذَا عَلَوُا الثَّنَايَا كَبَّرُوا، وَإِذَا هَبَطُوا سَبَّحُوا».

ثَالِثًا: عَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَغْتَنِمَ حَالَ سَفَرِهِ بِكَثْرَةِ الدُّعَاءِ، فَيَدْعُوَ لِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَلِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَلِلْمُسَافِرِ -كَمَا تَعْلَمُونَ- دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ، لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ».

رَابِعًا: مِنَ الْأَحْكَامِ فِي السَّفَرِ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَجُوزُ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ إِلَى رَكْعَتَيْنِ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، عَلَى حَسَبِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ حَالِهِ؛ إِمَّا جَمْعَ تَقْدِيمٍ، أَوْ جَمْعَ تَأْخِيرٍ، أَمَّا السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ فَإِنَّ مِنَ السُّنَّةِ فِي السَّفَرِ تَرْكَهَا، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنَ الْأَحْكَامِ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيُصَلِّيَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يُومِئُ إِيمَاءً، وَيَجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ لَوْ تَغَيَّرَ الِاتِّجَاهُ.

سَادِسًا: مِنَ الْأَحْكَامِ فِي السَّفَرِ جَوَازُ الْفِطْرِ لِلصَّائِمِ، وَكَذَلِكَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَالْجَوْرَبِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، بَدَلًا مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، كَمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ، وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ وَغَيْرُهَا مِنْ أَحْكَامِ السَّفَرِ تَبْدَأُ بِمُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ بِنِيَّةِ السَّفَرِ.

وَمَنِ انْتَهَى مِنْ سَفَرِهِ فَلْيُعَجِّلْ بِالرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ؛ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ». وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَسْجِدِ أَوَّلًا قَبْلَ دُخُولِ الْبَيْتِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ مَهْجُورَةٌ قَلَّ مَنْ يَفْعَلُهَا، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ». وَإِذَا أَطَالَ الْمُسَافِرُ الْغَيْبَةَ عَنْ أَهْلِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفَاجِئَهُمْ بِرُجُوعِهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِعَوْدَتِهِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ حَتَّى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ الْمَغِيبَةُ».

هَذِهِ بَعْضُ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ لِلْمُسَافِرِينَ، ذَكَّرْتُ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ بِهَا، أَسْاَلُ اللَّهَ أَنْ يُفَقِّهَنَا وَإِيَّاكُمْ فِي الدِّينِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَإِخْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

عِبَادَ اللَّهِ: عَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي حَالِ سَفَرِهِ تَقْوَى اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا- فِيمَا يَأْتِي وَيَذَرُ، وَعَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ وَالصُّحْبَةِ الصَّالِحَةِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي سَفَرِهِ، وَإْدَخَالِ السُّرُورِ عَلَيْهِمْ. وَلْيَكُنْ سَفَرُهُ سَفَرَ طَاعَةٍ يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَلْيَحْذَرْ مِنْ سَفَرٍ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، أَوْ يَبْقَى فِي أَمَاكِنَ يَكْرَهُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.


أَيُّهَا النَّاسُ: يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ نَوَى سَفَرًا مِنْ أَسْفَارِ الدُّنْيَا طَالَ أَمْ قَصُرَ ذَلِكَ السَّفَرُ، أَنْ يَتَذَكَّرَ بِسَفَرِهِ ذَلِكَ السَّفَرَ الطَّوِيلَ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَلْيَتَأَمَّلْ بِمَحَطَّةِ الْوُصُولِ بَعْدَ سَفَرِ الدُّنْيَا، وَلْيَتَذَكَّرْ بِهَا مَحَطَّةَ الْوُصُولِ بَعْدَ سَفَرِ الْآخِرَةِ، أَهِيَ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالْأَرْضُ، أَمْ نَارٌ تَلَظَّى، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ جَهَنَّمَ وَعَذَابِهَا. وَعَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نُخَفِّفَ عَلَى أَنْفُسِنَا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ، وَلْنَتَحَلَّلْ مِمَّنْ ظَلَمْنَاهُ، وَلْنَرُدَّ لِأَهْلِ الْحُقُوقِ حُقُوقَهُمْ قَبْلَ سَفَرِ الْآخِرَةِ؛ فَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ».


هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيْرِ الْمُتَّقِينَ، وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا».


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.32 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]