وقفات تربوية مع سورة التكاثر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         How can we prepare for the arrival of Ramadaan? (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الأسباب المعينـــــــة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          ما هي سنن الصوم ؟ . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          هل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين الذين لم يروه ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حكم قول بحق جاه النبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          ليلة النصف من شعبان ..... الواجب والممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          فضل صيام شهر رمضان.خصائص وفضائل شهر رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          المقصود بالتثليث النصراني الذي أبطله القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 12:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي وقفات تربوية مع سورة التكاثر

وقفات تربوية مع سورة التكاثر

رمضان صالح العجرمي

الحمد لله رب العالمين، وصلَّى اللهُ وسلمَ وباركَ على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه وَقَفَاتٌ تَربَوِيَّةٌ مَعَ سُورَةِ التكاثر، وهي سورةٌ مكية، وعدد آياتها ثماني آيات.

وموضوع هذه السورة: هي موعظة بليغة في أمر عمَّت به البلوَى، وكثير من الناس متلبِّسٌ به ما بين مستقِلٍّ ومستكثر؛ ألا وهو: [الانشغال بالدنيا ونسيان الآخرة!]؛ فان الانشغال بالدنيا ينسي الآخرةَ ولا بد؛ فالدنيا والآخرة كمثل الضرائر! وهذه الموعظة تضمنت وعيدًا وتهديدًا وأَقسامًا من رب العالمين ترتجف لها القلوب للمتكاثرين المنشغلين عن عبادة رب العالمين.

هذه السورة: فيها موعظة بليغة، تجلَّت فيها الدنيا وحقارتُها؛ بل هي عتابٌ موجِعٌ لأهل الدنيا، ودعوةٌ للإفاقةِ قبل الممات؛ قال ابن القيم رحمه الله: "فالله ما أعظمها من سورة! وأجلَّها وأعظمها فائدة! وأبلغَها موعظةً وتحذيرًا! وأشدَّها ترغيبًا للآخرة وتزهيدًا في الدنيا! على غاية اختصارها، وجزالة ألفاظِها، وحُسنِ نظمِها، فتبارك من تكلم بها حقًّا وبلَّغها رسولُهُ عنه وحيًا".

مناسبة هذه السورة لما قبلها وما بعدها:
سورة القارعة قبلها: تبين انقسام الناس إلى سعداء، وتعساء (ناسٌ من أهل السعادة، وناسٌ من أهل الشقاوة) (ناسٌ من أهل الجنة، وناسٌ من أهل النار).

وسورة التكاثر: جاءت تبين أسباب الشقاوة؛ وهو التكاثر والاشتغال بالدنيا.

وسورة العصر بعدها: تتحدث عن أسباب الفوز، كيف تنجو وتكون من أهل السعادة؟

وقد بدأها الله تعالى ببيان هذا الواقع الذي نشاهده في أنفسنا وفيمن حولنا: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ [التكاثر: 1]؛ أي: شغلكم التَّكَاثُر، ولم يذكر المتكاثر به؛ ليفيد العموم؛ فيشمل كل ما يتكاثر به الناس من أمور الدنيا ويشغَلُهم عن الله والدار الآخرة.

فهو يشمل المال والولد؛ كما قال تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الحديد: 20].

وقد نهانا الله تعالى عن الانشغال بالدنيا ونسيان الآخرة؛ كما قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].

وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثَ كثيرةٍ عن الانشغال بحُطام الدنيا عن الآخرة؛ فعَنْ عبْدِاللَّه بنِ الشِّخِّيرِ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وهُوَ يَقْرَأُ: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ [التكاثر: 1] قَالَ: ((يَقُولُ ابنُ آدَم: مَالي! مَالي! وَهَل لَكَ يَا بْنَ آدمَ مِنْ مالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟!))؛ [رواه مسلم].

حد القناعة: مال تأكله، أو تلبسه، أو تسكنه؛ أي تحتاج إليه تستهلكه لك ولمن تعول، أو تتقرب به للآخرة، وغير ذلك فضول.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لَوْ أنَّ لِابْنِ آدَمَ وادِيًا مِن ذَهَبٍ، أحَبَّ أنْ يَكونَ له وادِيانِ، ولَنْ يَمْلَأَ فاهُ إلَّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ علَى مَن تابَ))؛ [متفق عليه].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((سَيُصِيبُ أُمَّتِي دَاءُ الْأُمَمِ))، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا دَاءُ الْأُمَمِ؟ قَالَ: ((الْأَشَرُ، وَالْبَطَرُ، وَالتَّكَاثُرُ، وَالتَّشاحُنُ فِي الدُّنْيَا، وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ؛ حَتَّى يَكُونَ الْبَغْيُ، ثمَّ الْهَرْجُ))؛ [رواه الحاكم، والطَّبراني، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع].

قوله: ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ [التكاثر: 2]؛ أي: حتى أدرككم الموتُ على تلك الحال، وعبَّر سبحانه وتعالى بالزيارة؛ لأن الزائر منصرفٌ لا مقيمٌ، ووجود الميت في القبر إنما هو وجود مؤقَّت إلى يوم البعث.

والمعنى: حتى انتقل من دار الدنيا إلى دار الجزاء؛ ولذلك من الأخطاء: قول: انتقل إلى مثواه الأخير؛ فالقبر ليس هو المثوى الأخير؛ ولهذا الأعرابي لما سمع هذه الآية: ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ [التكاثر: 2] قال: لا بد للزائر من انتقال.

ما هو العلاج؟
العلاجُ عليه أن يتذكر ويتعظ بهذه الآية: ﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [التكاثر: 3] زجر وتهديد؛ أي: سوف تعلمون عاقبة هذا التكاثر! ولم يذكر ستعلمون ماذا؟ وحذف المفعول به يدل على عِظَمِ الشيء.

قوله: ﴿ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [التكاثر: 4]؛ أي: ثم كلا سوف تعلمون يوم القيامة؛ فالإنسان سيعلم أمورًا إذا كان في قبره، ثم سيعلم أخرى لم تخطُر على باله يوم القيامة.

قوله: ﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾ [التكاثر: 5]، عِلْمُ اليقين: هو العلم الدقيق الجازم القطعيُّ الذي لا شكَّ فيه، وهو هنا ما كان من القرآن والسُّنَّة الصحيحة، فيصير المتشبع بهما يرى كرأي العين؛ وهي الرؤية القلبية، والمعنى: لو تعلمون لتذكرتم وازدجرتم، وما ألهاكم التكاثر.

قوله: ﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾ [التكاثر: 6] واللام جواب قسم؛ أي: والله لترون الجحيم.

قوله: ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ [التكاثر: 7]، ثم سوف تشاهدونها مشاهدةً حقيقية بأعينكم، لا يلتبس عليكم أمرها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴾ [مريم: 71]، وقال تعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾ [الفجر: 23]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 27].

فتبَيَّن من خلال هذه الآيات أن مراتبَ العلم ثلاثٌ:
1- علم اليقين: وهو ما كان ناتجًا عن الأدلة والأخبار والبراهين.

2- عين اليقين: وهو ما كان عن مشاهدة بالعين.

3- حق اليقين: وهو ما كان عن معاينة ومخالطة.

فتكون مراتب اليقين عند العبد بالنسبة إلى قضية وجود النار ثلاثُ مراتب:
أولها: علم اليقين؛ وهو العلم المستفاد من خلال إخبار القرآن والسُّنَّة بوجود النار.

الثانية: عين اليقين؛ وهو العلم المدرك بحاسَّة البصر؛ مثل قوله تعالى: ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ﴾ [الكهف: 53].

الثالثة: حق اليقين؛ وهو العلم الذي يدركُهُ أهلُها عندما يدخلون فيها؛ كقوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ﴾ [الواقعة: 92 - 95].

قوله: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8]؛ اللام في النَّعِيمِ للعموم؛ أي إنه سؤالٌ عن كل النِّعَم التي أنعم الله تعالى بها على عباده؛ صغيرةً كانت أو كبيرةً.

وتأمل: فَفي أَوَّلِ السُّورَةِ قال: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ [التكاثر: 1] والذي يُلْهِي الإنسانَ ويَتَكاثَرُ بِهِ هُوَ النَّعِيمُ؛ فَأَخْبَرَ سبحانه وتعالى أَنَّ العِبَادَ سَيُسْأَلُونَ عَنْ هذا النَّعِيمِ؛ فالذي ألهى العباد وشغلهم عن الآخرة سَيُسْأَلُونَ عَنْه في الآخرة!

ومن النعيم الذي سَيُسْأَلُ عنه العبدُ يوم القيامة:
1- نعمة الطعام والشراب؛ فعن عبدالله بن الزبير بن العوام، عن أبيه، قال: "لما نزلت: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8]، قال الزبير: يا رسول الله، وأي النعيم نُسأل عنه، وإنما هما الأسودان؛ التمرُ والماءُ؟ قال: ((أمَا إنه سيكون))؛ [رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني].

وعن جابر رضي الله عنه قال: "جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمرُ، فأطعمناهم رطبًا، وسقيناهم من الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا من النعيم الذي تُسألون عنه))؛ [رواه ابن حبان، وصحَّحه الألباني].

2- نعمة الصحة والعافية؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أَوَّلَ ما يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدَ يوم الْقِيَامَةِ من النَّعِيمِ، أَنْ يُقَالَ له: أَلَمْ نُصِحَّ لك جِسْمَكَ، وَنرْوِيكَ من الْمَاءِ الْبَارِدِ؟))؛ [السلسلة الصحيحة].

3- نعمة السمع والبصر؛ كما قَال تعالى: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

4- نعمة العلم والمال والوقت؛ عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامة حتى يُسأل عن عمره: فِيمَ أفناه؟ وعن علمه: فيمَ فَعَلَ فيه؟ وعن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وعن جسمه: فيمَ أبلاه؟))، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة، والفراغ)).

5- نعمة الزوجة؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَيَلْقَيَنَّ أحَدُكم ربَّه يومَ القيامةِ، فيقولُ له: ألَمْ أُسخِّرْ لكَ الخيلَ والإبلَ؟ ألَمْ أذَرْكَ ترأَسُ وتربَعُ؟ ألَمْ أُزوِّجْكَ فُلانةَ خطَبها الخُطَّابُ، فمنَعْتُهم وزوَّجْتُكَ؟))؛ [صحيح ابن حبان].

6- نعمة الولد؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه: سمِع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألَا كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِهِ، فالأمير الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعِيَّتِهِ، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بَعْلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألَا فكلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته)).

والسؤال عنها يتضمن عدة أمور:
هل نالها بالحلال أم بالحرام؟ وهل شكرها أم لا؟ وهل أدَّى حقها؟ وهل نسبها إلى الله تعالى؟ وهل استعملها في طاعة الله تعالى؟

والشكر يكون بالقلب وباللسان وبالأعضاء؛ كما قال تعالى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى حتى انتفخت قدماه، فقيل له: أتكلَّفُ هذا؟ وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخَّر، فقال: ((أفَلَا أكون عبدًا شكورًا؟)).

وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة؛ فكلُّ تسبيحة صدقة، وكلُّ تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويُجزِئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)).

ولو تأملت أحوال الناس، لوجدت الكثير منهم يشكو من ضيقِ معيشته، وهو في الحقيقة في سَعَةٍ وخير ونِعَمٍ كثيرةٍ يتقلَّبُ فيها ولا يشعر بها! فعن أبي عبدالرحمن الحُبُلِيِّ رحمه الله قال: "سمعت عبداللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وقد سأله رجل، فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبدالله: ألك امرأة تأوي إليها؟ قال: نعم، قال: ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم، قال: فأنت من الأغنياء، قال: فإن لي خادمًا، قال: فأنت من الملوك!"؛ [رواه مسلم].

وجاء رجل إلى يونس بن عبيد رحمه الله يشكو ضيق حاله، فقال له يونس: "أيسُرُّك ببصرك هذا الذي تُبصر به مائة ألف درهم؟ قال الرجل: لا، قال: فَبِيَدَيك مائة ألف؟ قال الرجل: لا، قال: فبرجليك؟ قال الرجل: لا، قال: فذكَّره بنِعَمِ الله عليه وقال يونس: أرى عندك مئين ألوف وأنت تشكو الحاجة!".

نسألُ اللهَ العظيمَ ألَّا يجعلَ الدنيا أكبر همِّنا ولا مبلغَ عِلمِنا، ولا إلى النَّار مصيرَنا.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.40 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.97%)]