لماذا يتكاسلون عن الصلاة؟! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دعاء الشفاء ودعاء الضائع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته، مستقبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أسماء العقل ومشتقاته في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وقفات تربوية مع سورة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          {وما كان لنبي أن يغل} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة «التعبد بما استقر في القلب» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الإسلام والحث على النظافة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-09-2020, 04:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,587
الدولة : Egypt
افتراضي لماذا يتكاسلون عن الصلاة؟!

لماذا يتكاسلون عن الصلاة؟!


الشيخ عبدالله بن محمد البصري








أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].



أَيُّهَا المُسلِمُونَ، حِينَ يَضعُفُ الإِيمَانُ في قَلبِ العَبدِ، يَصِلُ بِهِ التَّقصِيرُ في العِبَادَةِ إِلى الإِخلالِ بِأَركَانِ دِينِهِ وَتَحطِيمِ أَعمِدَتِهِ، فَلا يَشعُرُ إِلاَّ وَقَد سَقَطَ السَّقفُ وَانهَارَ البِنَاءُ، وَأَمَّا مَن آمَنَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، وَأَيقَنَ أَنَّهُ مُلاقٍ رَبَّهُ وَمُحَاسَبٌ عَلَى عَمَلِهِ، لم يُتَصَوَّرْ مِنهُ تَركُ مَا أَوجَبَهُ اللهُ عَلَيهِ أَوِ التَّهَاوُنَ بِهِ، وَخَاصَّةً أَعظَمَ أَركَانِ دِينِهِ وَأَقوَى دَعَائِمِهِ بَعدَ الشَّهَادَتَينِ، أَلا وَهِيَ الصَّلاةُ المَكتُوبَةُ. وَإِنَّ المَرءَ لَيَعجَبُ أَشَدَّ العَجَبِ، مِن مُسلِمٍ يَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ثم هُوَ لا يُقِيمُ لِلصَّلاةِ وَزنًا، وَلا يُلقِي لها بَالاً، وَلا يُولِيهَا اهتِمَامًا، وَإِنَّمَا هِيَ لَدَيهِ بِحَسَبِ الانتِبَاهِ مِن نَومِهِ، أَوِ الفَرَاغِ مِن شُغلِهِ الدُّنيَويِّ. وَلَولا أَنَّ ذَلِكَ وُجِدَ في زَمَانِنَا وَرَأَينَاهُ عِيَانًا، لَمَا ظَنَنَّا أَنَّ مُسلِمًا يَفعَلُهُ أَو يَرضَاهُ لِنَفسِهِ، أَمَّا وَقَدِ اختَلَّتِ المَوَازِينُ وَالرُّؤَى، وَاعتَلَّتِ العُقُولُ وَالنُّهَى، وَحَلَّ بِالكَثِيرِينَ شُؤمُ هَذِهِ الكَبِيرَةِ الشَّنِيعَةِ، وَأَهلَكُوا أَنفُسَهُم وَخَسِرُوا حَيَاتَهُم، وَفَرَّطُوا في مُستَقبَلِهِمُ الحَقِيقِيِّ وَضَيَّعُوهُ، فَإِنَّهُ لَعَجَبٌ أَن يَجِدُوا لِحَيَاتِهِم بَعدَ ذَلِكَ طَعمًا، أَو يَلقَوا لِعَيشِهِم لَذَّةً، أَو تَتَنَعَّمَ أَجسَادُهُم بِرَاحَةٍ، أَو يَحسَبُوا أَنَّهُم عَلَى شَيءٍ وَهُم قَد خَسِرُوا كُلَّ شَيءٍ!



أَيُّهَا المُسلِمُ، يَا مَن رَضِيتَ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، أَلَستَ تُؤمِنُ إِيمَانًا رَاسِخًا بِفَرَضِيَّةِ الصَّلاةِ؟! أَلا تَعلَمُ أَنَّهَا أَعظَمُ أَركَانِ الإِسلامِ العَمَلِيَّةِ؟! أَلم تَأتِكَ الأَخبَارُ الصَّادِقَةُ وَتُنقَلْ إِلَيكَ الآثَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهَا عَهدٌ بَينَ العَبدِ وَبَينَ رَبِّهِ، إِن حَافَظَ عَلَيهَا دَخَلَ الجَنَّةَ، وَإِن تَرَكَهَا فَقَد كَفَرَ، أَلم تَعلَمْ أَنَّ تَارِكَ الصَّلاةِ مَوعُودٌ بِسَقَرَ وَمَا أَدرَاكَ مَا سَقَرُ، وَأَنَّ المُؤَخِّرَ لها عَن وَقتِهَا بِسَبَبِ النَّومِ مُتَوَعَّدٌ بِعَذَابِ القَبرِ؟! قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 277] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 11] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -:﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ [المدثر: 38 - 43] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ بَينَ الرَّجُلِ وَبَينَ الشِّركِ وَالكُفرِ تَركَ الصَّلاةِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " العَهدُ الَّذِي بَينَنَا وَبَينَهُمُ الصَّلاةُ، فَمَن تَرَكَهَا فَقَد كَفَرَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَالنَّسَائيُّ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " خَمسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى العِبَادِ، مَن جَاءَ بِهِنَّ لم يُضِيِّعْ مِنهُنَّ شَيئًا استِخفَافًا بِحِقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِندَ اللهِ عَهدٌ أَن يُدخِلَهُ الجَنَّةَ، وَمَن لم يَأتِ بِهِنَّ فَلَيسَ لَهُ عِندَ اللهِ عَهدٌ، إِن شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِن شَاءَ أَدخَلَهُ الجَنَّةَ " رَوَاهُ النَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا تَترُكِ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا، فَإِنَّهُ مَن تَرَكَ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَد بَرِئَت مِنهُ ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُولِهِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ. وَقَالَ رَبُّكُم - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5] وَفي البُخَارِيِّ مِن حَدِيثِ سَمُرَةَ بنِ جُندُبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا يُكثِرُ أَن يَقُولَ لأَصحَابِهِ: " هَل رَأَى أَحَدٌ مِنكُم مِن رُؤيَا؟ " فَيُقَصُّ عَلَيهِ مَا شَاءَ اللهُ أَن يُقَصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: " إِنَّهُ أَتَاني اللَّيلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابتَعَثَاني، وَإِنَّهُمَا قَالا لِيَ انطَلِقْ، وَإِنِّي انطَلَقتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَينَا عَلَى رَجُلٍ مُضطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيهِ بِصَخرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يُهوِي بِالصَّخرَةِ لِرَأسِهِ فَيَثلَغُ رَأسَهُ، فَيَتَدَهدَهُ الحَجَرُ فَيَأخُذُهُ، فَلا يَرجِعُ إِلَيهِ حَتى يَصِحَّ رَأسُهُ كَمَا كَانَ، ثم يَعُودُ عَلَيهِ فَيَفعَلُ بِهِ مِثلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولى، قَالَ: قُلتُ لَهُمَا: سُبحَانَ اللهِ مَا هَذَا؟! " وَذَكَرَ الحَدِيثَ إِلى أَن قَالَ: " أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيتَ عَلَيهِ يُثلَغُ رَأسُهُ بِالحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأخُذُ القُرآنَ فَيَرفُضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ المَكتُوبَةِ ".



أَيُّهَا المُؤَدِّي لِصَلاةِ الفَرِيضَةِ في بَيتِهِ، الهَاجِرُ لِلمَسَاجِدِ، المُعرِضُ عَن بُيُوتِ اللهِ، التَّارِكُ لِلجَمَاعَةِ، الرَّاغِبُ عَنِ الوُقُوفِ في صُفُوفِ المُؤمِنِينَ أَمَامَ رَبِّ العَالمِينَ، أَلم تُدرِكْ أَنَّ الصَّلاةَ في الجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى الرِّجَالِ في أَصَحِّ قَوليِ العُلَمَاءِ، وَأَنَّ عِمَارَةَ المَسَاجِدِ بِالطَّاعَةِ مِن عَلامَاتِ أَهلِ الإِيمَانِ وَالخَشيَةِ وَالهِدَايَةِ، وَأَنَّهُ لا يَجُوزُ تَركُ الجَمَاعَةِ إِلاَّ لِعُذرٍ شَرعِيٍّ؟! قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ في بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور: 36، 38] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لَيسَ صَلاةٌ أَثقلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِن صَلاةِ الفَجرِ وَالعِشَاءِ، وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوهُمَا وَلَو حَبوًا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَم يَأتِهِ، فَلا صَلاةَ لَهُ إِلاَّ مِن عُذرٍ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَرَوَى مُسلِمٌ عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: أَتى النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ أَعمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيسَ لي قَائِدٌ يَقُودُني إِلى المَسجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَن يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ في بَيتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلىَّ دَعَاهُ فَقَالَ: " هَل تَسمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ؟! " فَقَالَ: نَعَم. قَالَ: " فَأَجِبْ " أَفَتَرَاهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - يُوجِبُ عَلَى الأَعمَى الَّذِي لا يَجِدُ قَائِدًا أَن يَحضُرَ إِلى المَسجِدِ، ثم يُرَخِّصَ لِمَن عَافَاهُ اللهُ وَأَنعَمَ عَلَيهِ بِالسَّمعِ وَالبَصَرِ وَأَصَحَّ لَهُ جَسَدَهُ وَقَوَّى جَوَارِحَهُ؟!



أَيُّهَا المُتَذَبذِبُ في الاهتِمَامِ بِصَلاتِهِ، يَا مَن تَصَرَّمَت أَيَّامُكَ وَوَلىَّ عُمُرُكَ وَأَنتَ تَتَهَاوَنُ بِصَلاتِكَ، أَلم تَعلَمْ أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - هُوَ الَّذِي أَمَرَكَ بِالمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلاةِ؟ أَلم يَأتِكَ أَنَّهَا آخِرُ مَا أَوصَى بِهِ النَّاصِحُ الشَّفِيقُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُوَدِّعُ الدُّنيَا؟! قَالَ - تَعَالى -: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَجُودُ بِنَفسِهِ: " الصَّلاةَ الصَّلاةَ، وَمَا مَلَكَت أَيمَانُكُم " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



أَيُّهَا المَشغُولُ عَن صَلاتِهِ بِطَلَبِ رِزقٍ أَو جَمعِ مَالٍ، أَو تَنمِيَةِ تِجَارَةٍ أَوِ انهِمَاكٍ في زِرَاعَةٍ، أَلا تَعلَمُ أَنَّ الصَّلاةَ سَبَبٌ مِن أَسبَابِ الرِّزقِ، وَأَنَّ رِزقَكَ بِيَدِ مَن تَتَهَاوَنُ بِطَاعَتِهِ وَتَقطَعُ الصِّلَةَ بِهِ؟! قَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 17] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132] إِنَّ تَعَلُّقَكَ بِصَلاتِكَ - أَيُّهَا المُوَفَّقُ - هُوَ سَبَبُ نَجَاتِكَ، وَدَاعٍ إِلى دُخُولِكَ في السَّبعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ، فَإِنَّهُ قَد ذُكِرَ مِنهُم " رَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.



إِنَّكَ - أَيُّهَا العَبدُ الفَقِيرُ إِلى مَولاهُ - بِحَاجَةٍ إِلى مُضَاعَفَةِ أَجرِكَ، وَجَمعِ الحَسَنَاتِ لِتَوسِعَةِ قَبرِكَ، وَتَنمِيَةِ مَا يُنجِيكَ يَومَ حَشرِكَ، وَأَمَّا مَا تَجمَعُهُ مِن دُنيَاكَ، وَمَا يَشغَلُكَ عَن صَلاتِكَ مِن أَموَالِكَ، فَإِنَّكَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ رُغمًا عَنكَ، مُحَاسَبٌ عَلَى حَلالِهِ، مُعَاقَبٌ عَلَى حَرَامِهِ، مُؤَاخَذٌ عَلَى مَا أَلهَاكَ مِنهُ عَن طَاعَةِ رَبِّكَ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " صَلاةُ الرَّجُلِ في الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ في بَيتِهِ وَفي سُوقِهِ خَمسًا وَعِشرِينَ ضِعفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحسَنَ الوُضُوءَ ثم خَرَجَ إِلى المَسجِدِ لا يُخرِجُهُ إِلاَّ الصَّلاةُ لم يَخطُ خَطوَةً إِلاَّ رُفِعَت لَهُ بها دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنهُ بها خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لم تَزَلِ المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيهِ مَا دَامَ في مُصَلاَّهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيهِ، اللَّهُمَّ ارحَمْهُ، وَلا يَزَالُ أَحَدُكُم في صَلاةٍ مَا انتَظَرَ الصَّلاةَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَعَن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ لا أَعلَمُ أَحَدًا أَبعَدَ مِنَ المَسجِدِ مِنهُ، كَانَت لا تُخطِئُهُ صَلاةٌ، فَقِيلَ لَهُ: لَوِ اشتَرَيتَ حِمَارًا تَركَبُهُ في الظَّلمَاءِ وَفي الرَّمضَاءِ؟ فَقَالَ: مَا يَسُرُّني أَنَّ مَنزِلي إِلى جَنبِ المَسجِدِ، إِنِّي أُرِيدُ أَن يُكتَبَ لي مَمشَايَ إِلى المَسجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعتُ إِلى أَهلِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " قَد جَمَعَ اللهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَاغنَمُوا أَربَحَ التِّجَارَةِ ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43] ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 45، 46].



أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَكُونُوا مِنَ المُصَلِّينَ ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [المعارج: 23] ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المعارج: 34] وَ ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 2] تَكُونُوا مِنَ الوَارِثِينَ ﴿ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 11] ﴿ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج: 35] إِنَّهُ لَو عَلِمَ المُحَافِظُ عَلَى الصَّلاةِ مَا لَهُ عِندَ رَبِّهِ مِنَ الأُجُورِ وَالحَسَنَاتِ، وَتَكفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَرِفعَةِ الدَّرَجَاتِ، وَمَا يَكسُو وَجهَهُ مِنَ النُّورِ وَيَقَعُ في قَلبِهِ مِنَ الطُّمَأنِينَةِ، وَمَا يَمتَلِئُ بِهِ صَدرُهُ مِنَ الانشِرَاحِ، مَا تَرَكَهَا وَلا تَهَاوَنَ بِهَا.



وَتَعَالَوا بِنَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لِنَأخُذَ حَدِيثَينِ وَنَتَأَمَّلَ مَا فِيهِمَا مِن فَضلٍ وَأَجرٍ وَمَكَاسِبَ وَأَربَاحٍ، يَنَالُهَا المُحَافِظُونَ عَلَى الصَّلاةِ وَالمُبَكِّرُونَ إِلَيهَا، لِتَعلَمُوا كَم مِنَ الأُجُورِ الَّتي لَو عَكَفَ أَحَدُنَا عُمُرَهُ كُلَّهُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ في غَيرِ الصَّلاةِ، مَا كَانَ لِيُحَصِّلَهَا وَلا لِيَظفَرَ بِهَا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصفَ اللَّيلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيلَ كُلَّهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن غَسَّلَ يَومَ الجُمُعَةِ وَاغتَسَلَ، وَبَكَّرَ وَابتَكَرَ، وَمَشَى وَلم يَركَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاستَمَعَ وَلم يَلغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَهلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56] ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.63 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]