تجليّات القُصير - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دعاء الشفاء ودعاء الضائع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته، مستقبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أسماء العقل ومشتقاته في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          وقفات تربوية مع سورة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          {وما كان لنبي أن يغل} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة «التعبد بما استقر في القلب» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الإسلام والحث على النظافة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-11-2019, 03:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,587
الدولة : Egypt
افتراضي تجليّات القُصير

تجليّات القُصير




د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم






الحمد لله قارن القضاء بالحكمة، وحائط البلاء بالرحمة، عمّ برُّه كلَّ نسمة، ووسع الكونَ بعلمه. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له في أمره وحُكمه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعد، فاتقوا - عباد الله -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ... ﴾ [البقرة: 278].

أيها المؤمنون!
صراع الحق والباطل سنة ربانية مطردة الوقوع والإدالة؛ قضاها الله بحكمته؛ بلاءً للخلق، واستصلاحاً للأرض، ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ﴾ [البقرة: 251].
والحق منصور وممتحن فلا
تعجب فهذي سنة الرحمن

وبذاك يُظهر حزبَه من حربه
ولأجل ذاك الناس طائفتان

ولأجل ذاك الحرب بين الرسل وال
كفار مذ قام الورى سجلان

لكنما العقبى لأهل الحق إن
فاتت هنا كان لدى الديان


وفي سوريا تجلّت هذه السنّة الربانية ببلاء طال أمده، واشتد كَرْبُه؛ استطال فيه عدو غاشم بتظاهر دولٍ جمعها بغضُ الإسلام والسنة وكراهيةُ أهلها وخوفُ ظهور دين الله على شعب أعزل سلبت حقوقه وامتهنت كرامته أربعة عقود فصاح طالباً عيش الكرامة؛ فساموه سوء العذاب سنتين من عجاف السنيّ؛ قتلاً وسحلاً واغتصاباً وترويعاً وتشريداً؛ فلم يجد ذاك الشعب الأبيُّ بُدَّاً من ردِّ الصائل وكفِّ المعتدي بجهادٍ ترخص فيه المهج وتسخو فيه الأموال؛ إذ لم يجد لجراحه من ضامد، ولا لصرخاته من مجيب؛ ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ [الحج: 39].
لا يسلَم الشّرفُ الرّفيعُ من الأذى
حتى يُراقَ على جوانِبه الدّمُ



أيها المسلمون!
وفي مشهد من آخرة فصول ملحمة الشام تأتي معركة القُصير التي وقعت في تلك المدينة السنيّة الصغيرة المتاخمة لأراضي الباطنية في سوريا و لبنان؛ لتسفر بوضوح عن رؤية العداة ممثلة بعصابات الطاغية وجند إيران وحزب اللات اللبناني في الاستقلال بإقليم طائفي باطني للدولة العلوية وعاصمته حمص؛ وذلك من خلال ما يعرف بالتطهير العرقي لأهل السنة في ذلك الإقليم بسياسة المجازر والترويع وتهديم المنازل وتنزيح الأهالي؛ فابتدؤا بمجزرة بانياس التي قتلوا فيها قرابة الخمسمائة من العزّل والضعفة واغتصبوا النساء أمام أهلهن، ثم شرعوا في خنق القصير بحصار دام زهاء الشهر تمهيداً لاجتياحه كما وقع في بانياس؛ أمطروا خلاله تلك المدينة بوابل من المقذوفات البرية والجوية مع التجويع والتخويف؛ فتعالت صرخات الاستغاثة؛ فتنادى المجاهدون، وتواثبوا على تلك المدينة، والتحم الصفان، وكان نفاذ ذخيرة المجاهدين سبباً في الانسحاب من المدينة بعد تأمين خروج الأهالي من العزّل والضعفة الذين لمّا يزل العدو يقطع عليهم الطريق ويحاصرهم في الغابات حتى اضطرهم لأكل الشجر وافتراش الأرض والتحاف السماء.

أيها الإخوة في الله!
والمؤمن مع أقدار الله المؤلمة بين صبر وتجلّد، وتبصرٍ للمنح التي انطوت عليها تلك الأقدار، وسعي لتغييرها بما كلفه الله به. هذا، وإن بلاء القصير على لأوائه قد تجلّى عن حِكمٍ وانتصارات فاقت الإبقاء على الأنفس والأرض؛ إذ ما أحيا الله بهذا البلاء من ضمائر وأيقظ من سبات وشحذ من همّة أكثر مما فات. ومن تلك المنح: سقوطُ قناع الخداع الذي تدّثر به حزب اللات ربيبُ الصفوية في مهازل المقاومة لإسرائيل التي طالما ختل بها الكثير، وتعريةُ حقده الدفين لأهل السنة وعدائه الألدّ، وكسرُ شوكته على أيدي مجاهدين لا يملكون معشار رجاله وسلاحه ودعمه، وفضحُ مشروع الهلال الشيعي الصفوي الممتدِّ من إيران للبنان، وضربُ هذا المشروع في واسطته ضربةً من شأنها - بإذن الله - تقويض البناء وخرُّ سقفه على من شيّده. وفي القصير تجلية لأهمية تبصّر معاقد الولاء والبراء وحسن عقباها الدنيوية؛ فما هبّ لنصرة أهل القصير إلا إخوتهم في العقيدة وإن اختلفت بلدانهم، أما العدو الباطني الشانئ فمهما اصطُنِعَ له من معروف فشأنه التنكّر وكفران النعمة وإيذاء من أحسن إليه وإن كان من بلده؛ فما شفع لأهل القصير نخوتُهم في إيواء جند حزب اللات في منازلهم ومقاسمتُهم لقمةَ العيش معهم وعلاجُهم إبّان حربهم المزعومة مع إسرائيل عام 1427هـ، وذلك شأن المشركين الذين قال الله فيهم: ﴿ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 8].

وفي القصير - رغم الجراح - كرٌّ وفرٌّ وصمود وثبات واعتزاز ومصابرة جعلت موت الكرامة مؤثَراً على حياة الهوان، والعزيمةَ لاستعادة الأرض والقصاص من العدو أمضى؛ وذاك طريق النصر الذي أبانه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله لابن عباس - رضي الله عنهما: " وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا " رواه أحمد وصححه الألباني.

لَيْسُوا مفاريح إِن نَالَتْ رماحُهمُ... قوماً وَلَيْسوا مجازيعاً إِذا نيلوا و " إذا احتدمت المعركة بين الحق والباطل حتى بلغت ذروتها، وقذف كل فريق بآخر ما لديه ليكسبها، فهناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته، ويبلغ الحق فيها أقصى محنته، والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول، والامتحان الحاسم لإيمان المؤمنين سيبدأ عندها، فإذا ثبت تحوّلَ كلُّ شئ عندها لمصلحته، وهنا يبدأ الحق طريقه صاعداً، ويبدأ الباطل طريقه نازلاً، وتُقرَّر باسم الله النهايةُ المرتقبة ".

وفي القصير ارتفعت همم المؤمنين حين أخذوا بالجهاد الذي جُعل العزُّ معقوداً تحت لوائه والرزقُ مكفولاً تحت ظل رمحه، وترفّعوا عن الخلافات، واجتمعوا على راية الحق ونصرته، وتطهروا من دنس الشح؛ فجادوا بمالهم ونفسهم رخيصة في سبيل الله؛ إعزازاً لدينه ونصرة لعباده مستشعرين البيعَ مع من لا أوفى ذمةً منه القائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111]. فليس الانكسار في القصير نتيجة المعركة، أو نهاية مطاف الجهاد. كلا، بل هو كسر لقلوب المؤمنين بين يدي مولاها؛ لتزداد تعلقاً به واستكفاءً، وإفلاساً مما عداه؛ فيظفروا بمعيته ونصره؛ إذ هو عند المنكسرة قلوبهم، وليتبصروا سبب الانكسار ويحاسبوا أنفسهم، ولتقوى وشيجة اللحمة بين أفراد الأمة بلهيب شعيرة الولاء فيتداعوا لنصرة إخوانهم وإغاثتهم، ويراجعوا مواقفهم تجاه تلك مصاب إخوانهم، وليزدادَ العدوُّ طغياناً واستكباراً؛ فيستحقَّ أسفَ الجبار وانتقامَه، سيما وأن الشام مصرع الدجال وهو أعظم فتن الدنيا، وأن الله - سبحانه - قد تكفّل بالشام وأهله، وَمَنْ تكفَّل اللَّهُ بِهِ فَلا ضيعة عليه.


الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

أيها المسلمون!
التاريخ أيام تدول، وصور تتكرر، و شهادته ذات عبر. ومن تلك الشهادات ما عاصره شيخ الإسلام من فتنة التتر باجتياحهم بلادَ الإسلام وارتكابِهم الفظائعَ فيهم، وإفاقةِ المسلمين بعد تلك المجازر، وتبدّلِ الحال بعد الإفاقة؛ فقال: " فإن هذه الفتنة التي جَرتْ، وإن كانت مُؤلمةً للقلوب، فما هي -إن شاء الله- إلاّ كالدواء الذي يُسقَاه المريضُ؛ ليحصل له الشِفاءُ والقوة. وقد كان في النفوس من الكِبْر والجهل والظلم ما لو حَصل معه ما تشتهيه من العِزّ لأعقَبها ذلك بلاءً عظيماً؛ فرحمَ الله عبادَه برحمتِه التي هو أرحم بها من الوالدة بولدها، وانكشف لعامة المسلمين شَرْقًا وغَرْبًا حقيقةُ حالِ هؤلاء المفسدين الخارجين عن شريعة الإسلام وإن تكلموا بالشهادتين، وعَلِمَ مَن لم يكن يعلم ما هم عليه من الجهل والظلم والنفاق والتلبيس والبُعد عن شرائع الإسلامٍ ومناهجه، وحَنَّتْ إلى العساكر الإسلامية نفوسٌ كانت مُعرِضةً عنهم، ولانَتْ لهم قلوبٌ كانت قاسيةً عليهم، وأنزل الله عليهم من ملائكته وسكينته مالم يكن في تلك الفتنة معهم، وطابتْ نفوسُ أهلِ الإيمان ببَذْلِ النفوس والأموال للجهاد في سبيل الله، وأعدُّوا العدَّة لجهاد عدوِّ الله وعدوهم، وانتبهوا من سِنَتِهم، واستيقظوا من رَقْدَتِهم، وحمدوا الله على ما أنعمَ به من استعداد السلطان والعسكر للجهاد، وما جمعه من الأموال للإنفاق في سبيل الله " أ هـ.

أيها المؤمنون!
إن ثمت أمرين هما من أفرض ما يمليه علينا واجب الوقت؛ الأول: حسن الظن بالله، وانتظار فرجه، وعدم اليأس من رحمته، أو التجزعِ من قدره، والطعنِ في حكمته. فليس ذلك عهدَ المؤمنين بربهم، بل عهدهم ما قال الله عنهم: ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].

والأمر الثاني: السعي في تبديل الحال؛ وذلك من خلال قيام كل مكلف - دولةً كان أو فرداً - بمسؤوليته في نصرة إخوانه في جهادهم وإغاثتهم وتعليمهم وإعلامهم بما يستطيع من نفس ومال ودعاء، والإسهامِ في القضاء على السرطان الصفوي وإضعافه بالحذر منه والتحذير، ومقاطعةِ من ثبت دعمه لهذا الكيان الخبيث، والنشاط في نشر السنة في كل صقع وقطر.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.64 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.02%)]