الأوبئة (1) بين الوباء والطاعون - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ما أفضل حمية للمصابات بسكر الحمل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          دليلك الشامل لأنواع السرطان! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          ما لا تعرفه عن أسباب العقم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          العصبية وصحة القلب: هل الغضب يدمّر صحتك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أعراض مرض الزهري: كل ما تحتاج معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          أطعمة غنية بسكر الفركتوز: هل هي ضارة أم مفيدة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          7 نصائح ذكية حول كيفية الوقاية من داء القطط للحامل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          أسباب وعوامل خطر الإصابة بسوء التغذية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          أطعمة تحتوي على الكربوهيدرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          إنقاص الوزن بعد الولادة: طرق آمنة وفعالة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-06-2021, 03:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,335
الدولة : Egypt
افتراضي الأوبئة (1) بين الوباء والطاعون

الأوبئة (1)













بين الوباء والطاعون



الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل




الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْقَهَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ فَابْتَلَاهُمْ، وَأَرَاهُمْ قُوَّتَهُ وَضَعْفَهُمْ، وَقُدْرَتَهُ وَعَجْزَهُمْ، وَعِلْمَهُ وَجَهْلَهُمْ، فَهُوَ سُبْحَانُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ نَحْمَدُهُ فَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ كُلِّهِ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ مَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَ رُسُلَهُ عَاشَ دُنْيَاهُ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَوَفَدَ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ فَائِزًا مُفْلِحًا، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ دِينِهِ قَضَى دُنْيَاهُ خَائِفًا جَزِعًا، وَوَفَدَ عَلَى رَبِّهِ خَاسِرًا مُعَذَّبًا ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123- 124]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَنَا مِنْهُ، تَرَكَنَا عَلَى بَيْضَاءَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.







أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ؛ فَإِنَّ دِينَهُ عَزَّ وَجَلَّ عُدَّةٌ فِي الْبَلَاءِ وَالشِّدَّةِ، وَسَعَادَةٌ فِي الرَّخَاءِ وَالْعَافِيَةِ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 2- 3].







أَيُّهَا النَّاسُ: الْأَوْبِئَةُ قَدِيمَةٌ فِي الْبَشَرِ، وَقَدْ رَصَدَ الْمُؤَرِّخُونَ الْأَهَمَّ مِنْهَا، وَحَكَوْا مَا جَرَى عَلَى النَّاسِ بِسَبَبِهَا، وَالْعُلَمَاءُ بَيَّنُوا الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَلَّفَ الْكُتُبَ فِيهَا؛ لِيَكُونَ النَّاسُ عَلَى عِلْمٍ بِأَحْكَامِهَا.







وَمِنَ الْفِقْهِ فِي الْأَوْبِئَةِ: الْعِلْمُ بِأَنَّ بَيْنَ الْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ اشْتِرَاكًا؛ فَكُلُّ طَاعُونٍ وَبَاءٌ، وَلَيْسَ كُلُّ وَبَاءٍ طَاعُونًا، وَالْأَوْبِئَةُ أَكْثَرُ مِنَ الطَّوَاعِينِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: «الطَّاعُونُ قُرُوحٌ تَخْرُجُ فِي الْجَسَدِ فَتَكُونُ فِي الْمَرَافِقِ أَوِ الْآبَاطِ أَوِ الْأَيْدِي أَوِ الْأَصَابِعِ وَسَائِرِ الْبَدَنِ، وَيَكُونُ مَعَهُ وَرَمٌ وَأَلَمٌ شَدِيدٌ». وَيَشْهَدُ لِوَصْفِهِمْ هَذَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَفْنَى أُمَّتِي إِلَّا بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.







وَقَدْ ضَرَبَ الطَّاعُونُ مَمْلَكَةَ فِرْعَوْنَ فَأَفْنَى بَشَرًا كَثِيرًا، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 134]، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: «الرِّجْزُ الطَّاعُونُ» قَالَ البَغَوِيُّ «حَتَّى مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَأَمْسَوْا وَهُمْ لَا يَتَدَافَنُونَ». وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطَّاعُونُ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.







وَأَمَّا الْوَبَاءُ فَهُوَ كُلُّ مَرَضٍ عَامٍّ يَفْتِكُ بِالنَّاسِ لَيْسَ فِيهِ صِفَاتُ الطَّاعُونِ مِنَ الْأَوْرَامِ وَالتَّقَرُّحَاتِ وَالدَّمَامِلِ وَنَحْوِهَا. وَلِلطَّاعُونِ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ، وَيَشْتَرِكُ مَعَ الْوَبَاءِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَمِنَ الْفِقْهِ الْعِلْمُ بِذَلِكَ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، وَمِنْ ذَلِكَ:



أَنَّ الطَّاعُونَ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فَلَا يَدْخُلُهَا، وَهِيَ مَحْمِيَّةٌ مِنْهُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، بَيْنَمَا يَسْرِي فِيهَا الْوَبَاءُ الَّذِي لَيْسَ بِطَاعُونٍ كَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ؛ وَيَدُلُّ عَلَى حِمَايَتِهَا مِنَ الطَّاعُونِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَحَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ، فَيَجِدُ الْمَلَائِكَةَ يَحْرُسُونَهَا فَلَا يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ، وَلَا الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.







وَلَمْ تُمْنَعِ الْمَدِينَةُ مِنَ الْوَبَاءِ، بَلْ كَانَتِ الْمَدِينَةُ مَقْدِمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَ وَبَاءٍ وَحُمَّى، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُشْرِكِي مَكَّةَ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَى أَبُو عَسِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ بِالْحُمَّى وَالطَّاعُونِ، فَأَمْسَكْتُ الْحُمَّى بِالْمَدِينَةِ، وَأَرْسَلْتُ الطَّاعُونَ إِلَى الشَّامِ، فَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِأُمَّتِي وَرَحْمَةٌ، وَرِجْسٌ عَلَى الْكَافِرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.







وَوَقَعَ فِي الْمَدِينَةِ وَبَاءٌ عَظِيمٌ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَ عَنْهُ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ النَّحْوِيُّ فَقَالَ: «أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.







فَكُلُّ هَذِهِ النُّصُوصِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلطَّاعُونِ أَحْكَامًا تَخُصُّهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ وَبَاءٍ يَكُونُ طَاعُونًا، وَإِنْ كَانَ الطَّاعُونُ وَبَاءً، كَمَا تَدُلُّ عَلَى حِفْظِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنَ الطَّاعُونِ دُونَ الْوَبَاءِ.







نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَنَا وَالْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ وَمِحْنَةٍ وَوَبَاءٍ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِنِعْمَتِهِ وَسَتْرِهِ وَعَافِيَتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.



وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ...







الخطبة الثانية



الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.







أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَلِّقُوا بِهِ قُلُوبَكُمْ؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ أَمْرُهُ، وَالْخَلْقَ خَلْقُهُ، وَكُلَّ شَيْءٍ بِيَدِهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 17- 18].







أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ لَدَيْهِ فِقْهٌ فِيمَا يَنْزِلُ بِهِ أَوْ بِالنَّاسِ مِنَ النَّوَازِلِ؛ لِيَكُونَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِهِ، وَبَصِيرَةٍ فِي دِينِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.







وَمِنَ الْفِقْهِ فِي الْأَوْبِئَةِ: الْعِلْمُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَأْتِي الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفَّوْنَ بِالطَّاعُونِ، فَيَقُولُ أَصْحَابُ الطَّاعُونِ: نَحْنُ شُهَدَاءُ، فَيُقَالُ: انْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحُهُمْ كَجِرَاحِ الشُّهَدَاءِ تَسِيلُ دَمًا رِيحَ الْمِسْكِ، فَهُمْ شُهَدَاءُ فَيَجِدُونَهُمْ كَذَلِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.







وَوَجْهُ كَوْنِ الْمَوْتِ بِالطَّاعُونِ شَهَادَةً جَاءَ فِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَالَ: وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، وَفِي كُلٍّ شُهَدَاءُ»؛ وَلِذَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ بِنَوْعَيِ الشَّهَادَةِ؛ وَهُمَا الشَّهَادَةُ بِأَيْدِي كُفَّارِ الْإِنْسِ فِي الْجِهَادِ، وَالشَّهَادَةُ بِأَيْدِي كُفَّارِ الْجِنِّ بِوَخْزِهِمْ لِلْإِنْسِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتِي فِي سَبِيلِكَ بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. «قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَصِّلَ لِأُمَّتِهِ أَرْفَعَ أَنْوَاعِ الشَّهَادَةِ؛ وَهُوَ الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَيْدِي أَعْدَائِهِمْ، إِمَّا مِنَ الْإِنْسِ وَإِمَّا مِنَ الْجِنِّ».







وَعَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنَ الدُّعَاءِ عَلَى نَفْسَيْهِمَا بِالطَّاعُونِ لَمَّا وَقَعَ فِي الشَّامِ؛ رَجَاءَ الشَّهَادَةِ بِهِ. وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَالَاتِ تَمَنِّي الْمَوْتِ، وَقَالَ: «وَمِنْهَا: تَمَنِّي الْمَوْتِ عِنْدَ حُضُورِ أَسْبَابِ الشَّهَادَةِ؛ اغْتِنَامًا لِحُضُورِهَا؛ فَيَجُوزُ ذَلِكَ، وَسُؤَالُ الصَّحَابَةِ الشَّهَادَةَ وَتَعَرُّضُهُمْ لَهَا عِنْدَ حُضُورِ الْجِهَادِ كَثِيرٌ مَشْهُورٌ، وَكَذَلِكَ سُؤَالُ مُعَاذٍ لِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاعُونَ لَمَّا وَقَعَ بِالشَّامِ».







وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَتَمَنَّى الْبَلَاءَ، وَلَا يَدْعُو بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْعُو بِهِ أَوْ يَتَمَنَّاهُ، ثُمَّ إِذَا نَزَلَ بِهِ جَزِعَ وَلَمْ يَصْبِرْ، فَصَارَ مَوْزُورًا آثِمًا، وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مَأْجُورًا شَهِيدًا.







وَأَمَّا الْمَوْتُ بِالْوَبَاءِ فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ أَنَّ مَوْتَاهُ شُهَدَاءُ، لَكِنْ إِنْ كَانَ الْوَبَاءُ فِي الْبَطْنِ فَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ. وَلِذَا يُشْرَعُ الدُّعَاءُ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَدَفْعِهِ، كَمَا يُشْرَعُ الدُّعَاءُ بِالسَّلَامَةِ مِنْهُ حِينَ وُقُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضِمْنِ سُؤَالِ اللَّهِ تَعَالَى الْعَافِيَةَ، وَكَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّبَاحِ وَفِي الْمَسَاءِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ.







وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.96 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]