شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري - الصفحة 9 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الإيثار صفة الكرام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          غزوة الأحزاب وتحزب الأعداء على الإسلام في حربهم على غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          من وحي عاشوراء: ثبات الإيمان في مواجهة الطغيان وانتصار التوحيد على الباطل الرعديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          العناية بالوالدين وبرهما (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أعلى النعيم رؤية العلي العظيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كيف ننجح في التواصل مع الشباب؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          البناء والعمران بين الحاجة والترف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أين تقف حريتك؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          وقفات مع شهر الله المحرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          التدافع سنة ربانية وحكمة إلهية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #81  
قديم 02-08-2025, 10:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,258
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 82 )

باب : صـــلاة الضُّـــحى ثمــاني ركعــــات

الفرقان


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.
369-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ وَحَرَصْتُ عَلَى أَنْ أَجدَ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يُخْبِرُنِي، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُحَدِّثُني ذلك، غَيرَ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَتْنِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّه[ أَتَى بَعْدَ مَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ يَومَ الْفَتْحِ، فَأُتِيَ بِثَوْبٍ فَسُتِرَ عَلَيْهِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، لا أَدْرِي أَقِيَامُهُ فِيهَا أَطْوَلُ، أَمْ رُكُوعُهُ أَمْ سُجُودُهُ؟ كُلُّ ذَلكَ مِنْهُ مُتَقَارِبٌ، قالَت: فَلَمْ أَرَهُ سَبَّحَهَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ.
الشرح : قال المنذري: باب: صلاة الضحى ثماني ركعات. والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/498) وهو في الباب السابق. وقد رواه البخاري في المغازي (4041) باب: منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: عن ابن أبي ليلى قال: ما أخبرنا أحدٌ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هانئ، فإنها ذكرت أنه يوم فتح مكة اغتسل في بيتها، ثم صلى ثماني ركعات، قالت: لم أره صلى صلاةً أخفّ منها، غير أنه يُتم الركوع والسجود .
قوله: «سَأَلْتُ وحرصْتُ عَلَى أَنْ أَجدَ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يُخْبرُنِي، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى» سُبْحةَ الضُّحَى: أي نافلة الضحى. وهذا يدل - كما سبق - على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يُواظب عليها، خشية أنْ تُفرض على أمته .
قوله: «غير أم هانئ بنْت أَبي طَالب»، وهي: فاختة على المشهور، وقيل: هند، وهي بنْت أَبي طَالب، أختُ علي رضي الله عنهما.
قوله: «أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَتَى بعد ما ارتَفعَ النَّهَارُ يوم الْفَتْحِ». أي: يوم فتح مكة، جاء بيتها رضي الله عنها ليغتسل من أثر الغزو، ويصلي صلاة الضحى فيه، وقيل: هي صلاة الفتح، شكراً لله تعالى، والأول أصح، وقد سبق الكلام عليه.
قال الحافظ ابن حجر: زاد كريب عن أم هانئ: «فسلّم منْ كل ركعتين»، أخرجه ابن خزيمة، وفيه: ردٌ على منْ تمسّك به في صلاتها موصولة، سواء صلى ثماني ركعات، أو أقل.
قال: وفي الطبراني: من حديث ابن أبي أوفى: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح ركعتين، وهو محمولٌ على أنه رأى من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ورأتْ أم هانئ بقية الثماني، وهذا يقوي أنه صلاها مفصولة. انتهى كلام الحافظ.
قولها: «لا أَدْري أَقيَامُهُ فيها أَطْولُ، أَمْ رُكُوعُهُ أَم سُجُودُه؟ كُلُّ ذلك منه مُتَقَارِبٌ». وفي لفظ البخاري: قالت: «لم أره صلى صلاةً أخفّ منها، غير أنه يُتم الركوع والسجود» قال الطيبي: استُدل به على استحباب صلاة الضحى، وفيه نظر، لاحتمال أن يكون السبب فيه التفرغ لمهمات الفتح ، لكثرة شغله به.
وقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الضحى فطوّل فيها، أخرجه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة.
واستدل بهذا الحديث :على إثبات سُنة الضحى، وحكى عياض عن قوم: أنه ليس في حديث أم هانئ دلالة على ذلك! قالوا: وإنما هي سُنة الفتح، وقد صلاها خالد بن الوليد في بعض فتوحه كذلك. وقد قيل: إنها كانت قضاء عما شُغل عنه تلك الليلة من حزبه.
وتعقبه النووي: بأنّ الصواب صحة الاستدلال به، لما رواه أبو داود وغيره: من طريق كريب عن أم هانئ: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سُبحة الضحى.
ولمسلم في كتاب الطهارة: «ثم صلى ثماني ركعات سُبحة الضحى». وروى ابن عبد البر في التمهيد: عن عكرمة بن خالد عن أم هانئ قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، فصلى ثماني ركعات، فقلت: ما هذه؟ فقال: هذه صلاة الضحى.
قولها: «فَلَمْ أَرَهُ سَبَّحَهَا قبْلُ ولا بَعْدُ». هذا مبنيٌ على علمها، وإلا فقد رآه غيرها يصلي الضحى، كما سبق بيانه.
166- باب : الوصية بصلاة الضحى
370.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ.
الشرح : قوله: «أوصاني». أي : عَهِد إليّ، وأمرني أمرًا مؤكدا بهذه الأمور الثلاثة، وهذه الوصية النبوية العظيمة لأبي هريرة رضي الله عنه، هي وصية للأمة كلّها؛ لأنّ وصية النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهه لواحد من أمته هو خطاب لأمته كلها، ما لم يدل دليلٌ على الخصوصية ، لقوله تعالى: {وما أرسلنَاك إلا رَحمةً للعَالمين}.
ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بها أيضا: أبا ذر، وأبا الدرداء رضي الله عنهما.
وقوله: «خليلي» يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعبّر بهذه المرتبة التي هي أعلى أنواع المحبة، لبيان عظيم ِمحبته وافتخاره بمنزلته من النبي صلى الله عليه وسلم .
وليس في قول أبي هريرة رضي الله عنه هذا، تعارضٌ مع قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه: «لو كنتُ متخذاً من أمتي خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليلُ الله»؛ لأنّ أبا هريرة لم يُخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم اتَّخَذه خليلا، ولكنه يُخبر عن نفسه أن النبي صلى الله عليه وسلم خليلُه، أي: أنّ الْخُلّة مِن جِهة أبي هريرة رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: «ويُؤخذ منه الافتخار بصحبة الأكابر، إذا كان ذلك على معنى التحدّث بالنعمة، والشكر لله، لا على وجه المباهاة».
أما الوصايا النبوية الثلاث :
- فأول الوصايا: هي صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ وذلك أن الصيام يعوّد النفس على الصبر والتحمل، ويعلّم الأمانة ومراقبة الله تعالى في السِّر والعلن؛ إذْ لا رقيب على الصائم إلا الله وحده، وفيه جهاد للنفس ومقاومة للأهواء، كما أنه ينمِّي عاطفة الرحمة والأخوة والشعور بالآخرين من الفقراء والمحتاجين.
وفوق ما مرّ من فوائد، فإن صيام ثلاثة أيام من كل شهر، يعدل صيام الشهر كله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما -: «إنّ بِحَسْبِك أنْ تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإنّ لك بكلّ حسنةٍ عشر أمثالها، فإنّ ذلك صيام الدهر كله» متفق عليه .
وقد اخْتُلِف في هذه الأيام، هل هي أيام البيض، أو أنها الأوائل مِن كل شهر، أو أنها تُصام أيام الإثنين والخميس، فذهب الإمام البخاري إلى أنها أيام البيض؛ حيث بوّب على حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي نحن بصدد شرحه بقوله: «باب صيام أيام البيض، ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة».
والأرجح أنه طالما لم يحصل تقييد في الحديث لها، فليأخذ المرء بما يتيسر له، سواء كان ذلك بصيام ثلاثة أيام من أول كل شهر، أو وسطه أو آخره، متتابعة أو متفرقة ، والله أعلم.
لكن يستحب أن يجعل هذه الثلاثة: أيام البيض; لما روى أبو ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أبا ذر، إذا صمتَ من الشهر، فصم ثلاثَ عشرة، وأربعَ عشرة، وخمسَ عشرة». أخرجه الترمذي.
وروى النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأعرابي: «كُل» قال: إني صائم. قال: «صوم ماذا ؟»، قال: صوم ثلاثة أيام من الشهر . قال: «إنْ كنت صائما فعليك بالغُر البيض: ثلاثَ عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة».
وسميت أيام البيض: لابيضاض ليلها كله بالقمر، والتقدير: أيام الليالي البيض.
- أما الوصية الثانية: عدم ترك ركعتي الضحى.
وصلاة الضحى كما سبق هي صلاة نافلة مؤكدة، يبدأ وقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح، إلى قبيل وقت الزوال، وأقلها ركعتان.
وقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الضّحى، وذكر فضلها في أحاديث كثيرة، سبق منها أحاديث.
- أما الوصية الثالثة: فالمحافظة على صلاة الوتر. وصلاة الوتر هي الصلاة التي تُختم بها صلاة الليل ، وسميت بذلك؛ لأنها تصلى وتراً، أي ركعة واحدة، أو ثلاثاً أو أكثر من ذلك، وأقلها ركعة واحدة، والأفضل تأخير فعلها إلى آخر الليل، لمن وثق باستيقاظه قبل الفجر، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «منْ خافَ أنْ لا يقوم آخر الليل، فليُوتر أوله، ومنْ طَمِع أنْ يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإنّ صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل». رواه مسلم.
ومع أفضلية الوتر في آخر الليل، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة رضي الله عنه أن يوتر قبل نومه، وقد اجتهد العلماء في معرفة سبب ذلك، فقال الحافظ ابن حجر: «قيل سببه: أنه رضي الله عنه كان يشتغل أول ليله، باستحضاره لمحفوظاته من الأحاديث الكثيرة، التي لم يسايره في حفظ مثلها أكثر الصحابة، فكان يَمضي عليه جزءٌ كبير من أول الليل، فلم يكد يطمع في استيقاظ آخره، فأمره عليه السلام بتقديم الوتر لذلك لاشتغاله بما هو أولى».
وقال الطيبي: «كان المناسب أنْ يقال: والوتر قبل النوم ليناسب المعطوف عليه، فأتى بأنْ المصدرية وأبرز الفعل وجعله فاعلاً اهتماما بشأنه، وأنه أليق بحاله لمّا خاف الفوت أنْ ينام عنه، وإلا فالوتر آخر الليل أفضل». ويمكن أن يكون لسبب آخر، والله أعلم .
167- باب: صلاة الأوّابين
371.عَنْ الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيِّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنه: رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنْ الضُّحَى، فَقَالَ: أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ ، حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ».
الشرح : قال المنذري: باب: صلاة الأوّابين. قوله: «أن زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنه: رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنْ الضُّحَى». وجاء في رواية ابن أبي شيبة في المصنف: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون الضحى، فقال: «صلاة الأوابين، إذا رمضت الفصال من الضحى».
فدل الحديث على أن صلاة الأوابين هي: «صلاة الضحى» .
ولقولهصلى الله عليه وسلم : «لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، وهي صلاة الأوابين». رواه ابن خزيمة والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع من حديث أبي هريرة (2/1263). قوله: «حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ». رمض كعلم يعلم.
والرمضاء: هي التراب الساخن من شدة وهج الشمس .
ومعنى رمضت: احترقت أخفافها من شدة الحر. قال الإمام ابن الأثير: المراد بصلاة الأوابين: صلاة الضحى عند الارتفاع واشتداد الحر، واستدل به على فضل تأخير الضحى إلى شدة الحر. والفصيل هو الصغير من الإبل. اهـ
وقال الإمام المناوي في فيض القدير: وفي رواية لمسلم «إذا رمضت الفصال» أي: حين تصيبها الرمضاء، فتحرق أخفافها لشدة الحر، فإن الضحى إذا ارتفع في الصيف يشتد حر الرمضاء، فتحرق أخفاف الفصال لمماستها .
قال: وإنما أضاف الصلاة في هذا الوقت إلى الأوابين؛ لأن النفس تركن فيه إلى الدعة والاستراحة، فصرفها إلى الطاعة والاشتغال فيه بالصلاة رجوعا من مراد النفس إلى مرضاة الرب، ذكره القاضي. انتهى .
أما ما جاء أن صلاة الأوابين ، هي : ست ركعات بعد صلاة المغرب؟
فهذا ليس بصحيح، والحديث فيها ضعيف، وإنْ كانت تستحب الصلاة بين المغرب والعشاء، ولو أكثر من ست ركعات، لكن لا تسمى صلاة الأوابين، إنما هي صلاة الضحى كما سبق بيانه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #82  
قديم 09-08-2025, 06:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,258
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 83 )

باب : من سجد لله فله الجنة


الفرقان



الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.
372.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : «إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ - وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: يَا وَيْلِي - أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ، فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ، فَلِي النَّار».
الشرح: قال المنذري: باب: من سجد لله فله الجنة. والحديث رواه مسلم في الإيمان (1/87) وبوب عليه النووي: باب بيان إطلاق اسم الكفر، على من ترك الصلاة .
والحديث صححه الإمام ابن خزيمة أيضا في (صحيحه 1/276) وبوب عليه بقوله: «باب فضل السجود عند قراءة السجدة، وبكاء الشيطان، ودعائه بالويل لنفسه عند سجود القارئ السجدة».
قوله: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد» أي: قرأ آية السجدة، فسجد امتثالاً لأمر الله عز وجل.
قوله: «اعْتزلَ الشَّيْطَانُ يَبْكي» أي: تنحى عنه، وابتعد عن مكانه.
قوله: «يا ويله» الويل: الهلاك، وويل: كلمة تُقال لمن وقع في هلكة، وفي الرواية الأخرى «يا ويلي» ويجوز فيه فتح اللام وكسرها.
وقوله: «يا ويله» هو من آداب الكلام، وهو أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سُوء، واقتضت الحكاية رجوع الضمير إلى المتكلم، صَرَف الحاكي الضمير عن نفسه، تصاوناً عن صورة إضافة السوء إلى نفسه، قاله النووي.
قوله: «أُمِرَ ابنُ آدَمَ بالسُّجُودِ فَسَجَدَ، فلَهُ الْجَنَّةُ، وأُمِرتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ، فَلِي النَّارُ» إشارة إلى قوله تعالى: {وإذْ قُلنا للمَلائكةِ اسْجدوا لآدمَ فسَجدُوا إلا إبليسَ أَبَى واسْتكبرَ وكانَ منَ الكافرينَ}( البقرة : 34 ).
قال القرطبي رحمه الله: «وبكاء إبليس المذكور في الحديث: ليس ندماً على معصيته، ولا رجوعاً عنها؛ وإنما ذلك لفرط حسده وغيظه وألمه، بما أصابه من دخول أحدٍ من ذرية آدم عليه السلام الجنة ونجاته، وذلك نحوا مما يعتريه عند الأذان، والإقامة ، ويوم عرفة» انتهى . المفهم (1/274).
وهذا الأمر – وهو بكاء الشيطان - ثابت وصحيح، وهو على حقيقته، فلا يجوز تكذيب ذلك، بأي رأيٍ أو عقل، وقد ثبت في النصوص أنّ الشيطان يبكي ويضحك، ويحزن ويفرح، ويأكل ويشرب، وهو مخلوق من مخلوقات الله الّتِي أعطاها العقل، وجعل لها الاختيار.
وقد أورد مسلم في الباب حديثين: أحدهما حديثنا هذا: «إذا قرأَ ابنُ آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان..».
والحديث الثاني: «إنّ بين الرجل وبين الشرك والكفر، تركُ الصلاة». ومقصود مسلم رحمه الله بذكر هذين الحديثين هنا: أن من الأفعال ما تركه يوجب الكفر، إما حقيقة وإما تسمية.
فأما كفر إبليس بسبب السجود، فمأخوذ من قول الله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} قال الجمهور: معناه وكان في علم الله تعالى من الكافرين، وقال بعضهم: وصار من الكافرين، كقوله تعالى: {وحَالَ بينهما الموجُ فكانَ من المُغرقين }(هود: 43).
وأما تارك الصلاة، فإنْ كان منكراً لوجوبها، فهو كافرٌ بإجماع المسلمين، خارج من ملة الإسلام، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه.
وإن كان تركه تكاسلاً، مع اعتقاده وجوبها، كما هو حال كثير من الناس اليوم، فقد اختلف العلماء فيه، فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله والجمهور من السلف والخلف، إلى أنه لا يكفر، بل يفسق ويستتاب، فإنْ تاب، وإلا قُتل حداً، كالزاني المحصن، ولكنه يقتل بالسيف ، واحتجوا على قتله بقوله تعالى:{فإنْ تَابوا وأقامُوا الصّلاةَ وآتَوا الزّكاة فخلُوا سبيلهم} (التوبة: 11). وبقوله صلى الله عليه وسلم : «أُمرتُ أنْ أقاتلَ الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، ويُقيموا الصلاة، ويُؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك ، عَصَموا مني دماءهم وأموالهم» . رواه مسلم .
وذهب جماعةٌ من السلف إلى أنه يكفر ، وهو مروي عن علي بن أبي طالب وغيره من أصحاب رسول الله، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل رحمه الله، وبه قال: عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه ، وهو وجهٌ لبعض أصحاب الشافعي .
وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي رحمهما الله أنه لا يكفر، ولا يقتل، بل يُعزّر ويحبس حتى يصلي.
واحتج من قال بكفره، بظاهر الحديث الثاني المذكور، وبالقياس على كلمة التوحيد.
واحتج منْ قال: لا يقتل بحديث: «لا يَحل دمُ امرئ مسلمٍ، إلا بإحدى ثلاث...» وليس فيه الصلاة .
واحتج الجمهورعلى أنه لا يكفر ، بقوله تعالى: {إنّ اللهَ لا يغفرُ أنْ يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (النساء: 48). وبقوله صلى الله عليه وسلم : «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، ومَن مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله، دخل الجنة، ولا يلقى الله تعالى عبدٌ بهما غير شاك، فيحجب عن الجنة».
وبقوله صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله حرّم على النار، من قال: لا إله إلا الله» وغير ذلك من الأحاديث .
وتأولوا قوله صلى الله عليه وسلم : «بين العبد وبين الكفر، ترك الصلاة» على معنى أنه يستحق بترك الصلاة: عقوبة الكافر، وهي القتل، أو أنه محمول على المستحل، أو على أنه قد يؤول به إلى الكفر، أو أن فعله فعل الكفار .
169- باب: فضل من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة
373-عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ، إِلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ، أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ».
قَالَتْ أَمُّ حَبِيبَةَ: فَمَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ. وقَالَ عَمْرٌو: مَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ. وقَالَ النُّعْمَانُ: مِثْلَ ذَلِكَ.
وفي رواية: «في يَوْمٍ و ليلة».
الشرح: قال المنذري: باب: فضل من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة.
والحديث رواه مسلم في في صلاة المسافرين (1/503) وبوب عليه النووي: باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن .
هذا الحديث العظيم في فضائل صلاة النافلة الراتبة ورد بلفظين:
قولها: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصلِّي للَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرةَ رَكْعَةً، تطَوُّعًا غير فَرِيضَةٍ، إِلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّة» فيه فضل النوافل أو الرواتب مع الفرائض، التي يصليها العبد في اليوم والليلة.
ورواتب الفرائض، اجتمع فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم بالترغيب فيها، مع عمله لها.
وهذا الحديث ورد بلفظين:
ظاهر أحدهما: أنّ من صلى الرواتب الاثنتي عشرة ركعة، ولو يوماً واحدا من عمره، بَنى اللهُ له بيتاً في الجنة، ومن حافظ عليها لأيام كثيرة، كان له من البيوت في الجنة، بعدد تلك الأيام التي حافظ عليها، يدل عليه ظاهر لفظ حديث الباب.
وكذا ما رواه مسلم في الباب بلفظ: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عشْرةَ رَكْعَةً في يوْمٍ ولَيلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيتٌ في الجَنَّةِ».
وكذلك هو ما يظهر من قول أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما من عبدٍ مسلم، يُصلي في يوم ثنتي عشرة ركعةً تطوعاً، إلا بُني له بيتٌ في الجنة». رواه أحمد (16/283) بإسناد حسن .
وكذا من قول عائشة رضي الله عنها: «منْ صلّى أولَ النهار ثنتي عشرة ركعة، بُني له بيتٌ في الجنة» رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) (2/109) .
وجاء في بعض الألفاظ: أن من صلى هذا العدد دفعة واحدة، بالليل أو النهار، حصل على الأجر نفسه، فروى النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار، أو بالليل، بنى الله عز وجل له بيتا في الجنة». قال الألباني: صحيح الإسناد.
وظاهر الحديث أنه لا تشترط المحافظة على هذه الركعات، بل إن الإنسان إذا صلاها يوما واحداً بهذا العدد، حصل على الثواب الوارد في الحديث وهو «بنى الله له بيتاً في الجنة» وما ذلك على الله بعزيز.
أما القول الثاني: أن هذا الوعد خاصٌ بمن واظب على ذلك؛ إعمالاً للقيد الذي ورد في روايات صحيحة؛ فالمطلق يحمل على المقيد. لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «حفظتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات...» أخرجه البخاري ومسلم.
وهو ما يظهر من تبويب الإمام الترمذي رحمه الله في جامعه (414) على حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بَنى الله له بيتاً في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر».
إذ بوّب بقوله: «باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنة، ما له فيه من الفضل» انتهى.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #83  
قديم 09-08-2025, 06:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,258
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 84 )

بــاب: بيـــن كــــلّ أذانــــينِ صــــلاة


الفرقان

قال أحمد بن حنبل: يصلي ستا بعد الجمعة أحبُ إلي، وإنْ شاء أربعا، وكان ابن عمر يصلي بعدها ركعتين في بيته، ويقول: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

374-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ: «فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ».
الشرح: قال المنذري: باب: بين كل أذانين صلاة. والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/573 ) وبوب النووي: باب بين كلّ أذانين صلاة.
وقد رواه البخاري في الأذان (624 ): باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر الإقامة.
وفي (627 ) باب: بين كل أذانين صلاة لمن شاء.

قوله: «بين كل أذانين صلاة» أي: بين كل أذانٍ وإقامة، وإنما قال: أذانين تغليبًا، كما يقال: القمرين، يعني الشمس والقمر.
قوله: «صلاة» أي: وقت صلاة، والمقصود بالصلاة: أي النافلة، فيجوز للمصلي أنْ يصلي ما شاء من التطوع بين الأذان والإقامة إلا ما استُثني، كالاقتصار على ركعتي سُنة الفجر، وهذه فائدة تنكير لفظ صلاة، فيتناول كل عددٍ نواه المصلي.
ولا يصح حمل قوله: «بين كل أذانين صلاة»على ظاهره وهي الفريضة، لأن الحديث فيه التخيير بقوله «لمن شاء».
قوله: «قَالَهَا ثَلَاثًا» وفي الرواية الأخرى «ثم قال في الثالثة: لمنْ شاء» فمعناه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في المرة الثالثة: «لمن شاء».
وقد ثبت من حديث أنس رضي الله عنه : أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً. رواه البخاري في العلم. وهذا للتأكيد والتنبيه.
وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم في المرة الثالثة «لمن شاء» رفعاً للحرج والواجب الذي قد يتوهم من تكريره لجملة «بين كل أذانين صلاة»، لا أنّ كلمة الثالثة تعني صلاة جديدة، كما فهم السائل.
قال ابنُ الجوزي‏:‏ فائدة هذا الحديث: أنه يجوز أنْ يتوهم أنّ الأذان للصلاة يمنع أنْ يفعل سوى الصلاة التي أذّن لها، فبين أنّ التطوع بين الأذان والإقامة جائز في حديث أنس. (الفتح 2/107).

والنية في صلاة النافلة تنقسم إلى قسمين:
نافلة معينة: كصلاة الكسوف والاستسقاء والتراويح والوتر والرواتب، فهذه تحتاج إلى نية الصلاة مع التعيين، بأنْ ينوي المصلي مثلاً أنّ هذه سُنة الظهر، وهذه سنة المغرب، وهكذا.
والقسم الثاني من النافلة: هي النافلة المطلقة، كصلاة الليل، وصلاة الضحى، فهذا تُجزئ فيه نية الصلاة لا غير.
والله أعلم.

171- باب: التّنفُل قبلَ الصلاة وبعدها

375.عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الظُّهْرِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ سَجْدَتَيْنِ، فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَالْجُمُعَةُ، فَصَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ [ فِي بَيْتِهِ.
الشرح: قال المنذري: باب: التنفل قبل الصلاة وبعدها. والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/504) وبوب عليه النووي: باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن.
قوله: «صَلَّيْتُ مع رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الظُّهْرِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا سَجْدَتَيْنِ» وفيه: أنه صلى ركعتين قبل الظهر وبعدها، وأن ذلك كان منه صلى الله عليه وسلم في المسجد، واختلف في صلاته بعد المغرب والعشاء والجمعة كما سيأتي.
وفي حديث عائشة رضي الله عنها في مسلم (1/504 ): «كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعاً..».
وفي هذا الحديث: دليل على أن صلاة النهار مثنى مثنى، كصلاة الليل سواء.
وفيه: إباحة صلاة النافلة في المسجد، والأصل في النافلة أنها صلاة البيوت.
وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد بني عبد الأشهل، فصلى فيه المغرب، فلما قضوا صلاتهم، رآهم يُسبّحون بعدها، فقال: «هذه صلاةُ البيوت». رواه أبو داود.
وقد كره بعضهم التطوع في المسجد بعد صلاة المغرب لهذا الحديث، ولا حجة لهم فيه؛ لأنه لو كرهه لنهى عنه، وإنما حثهم على الأفضل.
والذي اجتمع عليه العلماء: أنه لا بأس بالتطوع في المسجد لمنْ شاء، على أنّ صلاة النافلة في البيوت أفضل.
وروى ابن عبد البر: عن العباس بن سعد: أنّ الناس كانوا على عهد عثمان رضي الله عنه يصلون الركعتين بعد المغرب في بيوتهم.
وروي عن ثابت بن عبيد قال: رأيت زيد بن ثابت رضي الله عنه صلى الركعتين بعد المغرب في بيته.
وروي عن عبد الله بن يزيد قال: كان إبراهيم إذا صلى المغرب في المسجد رجع فصلى ركعتين في بيته.
قال: فهذه الآثار كلها تبين لك أنّ صلاة الركعتين بعد المغرب في البيت أفضل، وأنه الأمر القديم، وعمل صدر السلف، وهو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها في بيته.

وأما قوله: «وبعد الجمعة ركعتين» اختلف الفقهاء في التطوع بعد الجمعة، فقال مالك: ينبغي للإمام إذا سلّم من الجمعة، أنْ يدخل منزله، فيركع الركعتين في بيته، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ومن خلف الإمام أيضا، إذا سلّموا، فأحبّ إلي أنْ ينصرفوا ولا يركعوا في المسجد، فإنْ ركعوا فإنّ ذلك واسع.
وقال الشافعي: ما أكثر المصلي من التطوع بعد الجمعة فهو أحبُ إلي، وقال أبو حنيفة: يصلي بعد الجمعة أربعا، وقال في موضع آخر: ستا، وقال الثوري: إنْ صليتَ أربعاً أو ستا فحسن.
وقال أحمد بن حنبل: يصلي ستا بعد الجمعة أحبُ إلي، وإنْ شاء أربعا، وكان ابن عمر يصلي بعدها ركعتين في بيته، ويقول: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكانت طائفة من العلماء تصلي بعدها ركعتين أيضا، وحجة من ذهب هذا المذهب ما روى عن نافع قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث أنّ رسول الله كان يفعل ذلك.
وروى أبو داود: عن نافع عن ابن عمر: أنه رأى رجلاً يصلي ركعتين يوم الجمعة في مقامه ودفعه وقال: أتصلي الجمعة أربعا ؟ قال وكان عبد الله يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته، ويقول هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
وحجة من قال يصلي بعد الجمعة أربعا: ما رواه أبو داود وابن ماجة: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ كان منكم مُصلياً بعد الجُمعة، فليصلّ أربعاً».
وفي رواية قال: «إذا صَليتم الجُمعة، فَصلُوا بعدَها أربعاً».
وقد روي عن جماعة من السلف: أنهم كانوا يصلون بعد الجمعة ركعتين، ثم أربعا، وممن روى ذلك عنه: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وأبو موسى، ومجاهد، وعطاء.
وروي أن ابن مسعود كان يُصلي بعدها أربعا، وإليه ذهب إسحاق، وأصحاب الرأي ; وجاء عن النخعي: إنْ شئت ركعتين، وإنْ شئت أربعا.

وروى عبد الرزاق: عن السائب بن يزيد أنه سُئل عن شيءٍ رآه منه معاوية رضي الله عنه في الصلاة، فقال: صليتُ معه في المقصورة، فلما سلمنا قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إليّ فقال: لا تعدْ لما صنعت، إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاةٍ حتى تكلم، أو تخرج، فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ; أن لا تُوصل صلاةٌ بصلاة حتى تكلم أو تخرج. ورواه أبو داود.
وروى مالك: عن نافع عن ابن عمر: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يُصلي بعد الجمعة شيئاً في المسجد، حتى ينصرفَ فيصلي ركعتين في بيته.
قال أبو عمر ابن عبد البر: الاختلاف عن السلف في هذا الباب، اختلافُ إباحة واستحسان، لا اختلاف منع وحظر، وكل ذلك حسنٌ إنْ شاء الله.
ثم روي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قدم علينا عبد الله فكان يصلي بعد الجمعة أربعا، وقدم بعده عليٌ فكان يصلي بعد الجمعة ركعتين وأربعا.
قال: وكذلك مَنْ لم ير الركعتين بعد المغرب في المسجد، ورآهما في البيت، إنما هو على الاختيار، لا على أن ذلك لا يجوز، والله أعلم انتهى.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #84  
قديم 09-08-2025, 06:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,258
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 85 )

بــاب: في التَّـــنــفـــلِ باللـيــــلِ والنّهـــــار

الفرقان


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.
376.عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، عَنْ تَطَوُّعِهِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
الشرح: قال المنذري: باب: في التنفل بالليل والنهار. والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/504) وبوب عليه النووي: باب جواز النافلة قائماً وقاعدا، وفِعلُ بعض الركعة قائماً، وبعضها قاعدا.
قولها «كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ... إلخ» فيه: محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على السنن الراتبة، قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن.
وأنه كان صلى الله عليه وسلم يُصليهن في بيته، لا في مسجده الشريف، وهو الأفضل كما سبق بيانه.
إلا لمن أراد أنْ يعلم الناس السنن الرواتب وأعدادها، فلا بأس أن يصليها أمامهم في المسجد بعد الفريضة.
قولها «وكان يُصَلِّي منْ اللَّيلِ تسْعَ ركعَاتٍ، فيهنَّ الْوِتْرُ» فيه: بيان صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل، وكيفية صلاة الوتر وعددها.
«وكان» أي: أحيانا «يصلي من الليل» أي: بعض أوقاته وساعاته «تسع ركعات» قال ابن حجر: أي تارة، وإحدى عشرة تارة، وأنقص تارة اهـ.
وجاء عنها (عائشة) أنها قالت: «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة».
وفي لفظ: «يُسلّم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة».
وفي كيفية الوتر، له فيه صلى الله عليه وسلم حالتان:
- الأولى: أنْ يسلم من كل ركعتين، وهو الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : «صلاةُ الليلِ مَثنى مثنى، فإذا خَشي أحدُكم الصبح، صلى ركعة، أوترتْ له ما قد صلى». رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما.
ومعنى «مَثنى مثنى» أي: اثنين اثنين. كما روى مسلم: عن عقبة بن حريث قال: قلت لابن عمر: ما معنى مَثنى مثنى؟ قال: تُسلّم من كل ركعتين.
قال ابن حجر: وفيه ردٌ على من زعم من الحنفية، أن معنى «مثنى» أن يتشهد بين كل ركعتين، لأن راوي الحديث أعلم بالمراد منه، وما فسّره به هو المتبادر إلى الفهم؛ لأنه لا يُقال في الرباعية مثلاً إنها مثنى. انتهى (الفتح 2/479).
وهو الأفضل؛ لأنه أكثر عملاً.
- الحالة الثانية: أنْ يُوتر بأكثر من ركعة واحدة، بثلاث أو بخمس أو بسبع، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يُوتر في ذلك بخمسٍ، لا يجلس في شيء إلا في آخرها» متفق عليه.
فتذكر أم المؤمنين رضي الله عنها هاهنا، كيفية صلاة الوتر، إذا كان أكثر من ركعة، فتقول: إنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر بخمس، أي: كان قيامه ثماني ركعات، ثم يصلي خمس ركعات، فتكون ثلاث عشرة ركعة.
ثم بيّنت لنا كيفية وتره، أنه: ما كان يجلس في الركعات الخمس، إلا في الركعة الأخيرة.
وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم يوتر بسبعٍ وبخمسٍ، لا يَفصل بينهن بسلامٍ، ولا كلام» رواه أحمد ومسلم.
فإنْ أوتر بخمس، أو سبع، سردها ولم يجلس إلا في آخرها.
فهذه الخمس والثلاث، إنْ شاء صلاها بقعود واحد، وتسليمة واحدة، كما في الصفة الثانية، وإن شاء سلم من كل ركعتين، كما في الصفة الثالثة وغيرها، وهو الأفضل.
وأما صلاة الخمس والثلاث بقعود بين كل ركعتين بدون تسليم، فلم نجده ثابتا عنه صلى الله عليه وسلم ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيتار بثلاث، كما في الحديث، وعلل ذلك بقوله: «ولا تُشبهوا بصلاةِ المغرب» رواه الدارقطني وغيره ؛ فلا بدّ لمن صلى الوتر، ثلاثاً من الخروج عن هذه المشابهة، وذلك يكون بوجهين:
- أحدهما: التسليم بين الشفع والوتر، وهو الأقوى والأفضل.
- والآخر: أنْ لا يقعد بين الشفع والوتر، فلو صلى ثلاث ركعات، فعند جمهور الفقهاء: أنه يصلي الركعات الثلاث متصلة، ولا يجلس في الثانية، وإنما يجلس في الأخيرة، ويتشهد ويُسلم.
وقال الأحناف: إنه إذا أوتر بثلاث، يجلس في الثانية ولا يُسلم، ثم يقوم ويأتي بالركعة الثالثة، فيتشهد ويسلم، ولكن يرده ما سبق.
وعن أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَال: قَال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : «الْوِتْرُ حَقٌّ , فَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِخَمْسٍ , وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِثَلاثٍ , وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ» رواه الدارقطني.
وفيه: أن قيام الليل والوتر شيءٌ واحد، كله من صلاة الليل.
قولها «وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طويلًا قائِمًا» أي: زماناً طويلاً من الليل وهو قائم، «وليلًا طَويلًا قاعدًا» وزماناً طويلا من الليل وهو قاعد، فهما حالتان من حالاته صلى الله عليه وسلم في قيام الليل.
قولها «وكانَ إِذَا قَرَأَ وهُوَ قَائِمٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ» أي: لا يقعد قبل الركوع. «وكان إذا قرأ قاعداً، ركع وسجد وهو قاعد» أي: لا يقوم للركوع.
الأولى: أنْ يصلي قائمًا، ويقرأ قائما، ويركع قائمًا.
الثانية: أن يصلي قاعدًا، ويقرأ قاعدًا، ويركع قاعدًا.
وهناك حالة ثالثة: أنْ يصلي جالسًا، فإذا بقي عليه من السورة شيءٌ، ثلاثون أو أربعون آية، قام فقرأهن ثم ركع.
وقال بعض أهل العلم: هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أن نافلته مع القُدرة على القيام، كنافلته قائمًا، تشريفًا له ؛ لأنه مشرّع للأمة، وأما غيره، فالجالس له نصف أجر القائم، لكن الرسول له هذه الخصوصية ؛ لكونه هو المبين للأمة دينها.
قولها «وكَان إِذا طَلَعَ الْفَجْرُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» وهما ركعتا سُنة الفجر.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #85  
قديم 09-08-2025, 07:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,258
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 86 )

بــاب: صــــــلاة النــافــلــــة في الـمـســجــد


الفرقان

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.
377.عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَوْ حَصِيرٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِيهَا، قَالَ: فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، قَالَ: ثُمَّ جَاءُوا لَيْلَةً فَحَضَرُوا، وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ، قَالَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، وَحَصَبُوا الْبَابَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ».
وفي رواية: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ.
الشرح: قال المنذري: باب: صلاة النافلة في المسجد. الحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/539) وبوب عليه النووي: باب استحباب صلاة النافلة في بيته، وجوازها في المسجد.
قوله «احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة بخصفة أو حصير فصلى فيها» الحجيرة بضم الحاء تصغير حُجرة، والخصفة والحصير بمعنى واحد، شك الراوي في المذكورة منهما، وهي شيءٌ يُنسج من خوص النخل.
ومعنى «احتجر حُجرة» أي: حوّط موضعاً من المسجد بحصير ليستره، ليصلي فيه، ولا يمر بين يديه مار، ولا يتشوّش بغيره، ويتوفر خشوعه وفراغ قلبه.
وفيه: جواز مثل هذا الفعل إذا لم يكن فيه تضييقٌ على المصلين ونحوهم، ولم يتخذه دائما ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجرها بالليل يصلي فيها، وينحيها بالنهار ويبسطها، كما ذكره مسلم في الرواية التي بعد هذه، ثم إنّ النبي صلى الله عليه وسلم تركه بالليل والنهار، وعاد إلى الصلاة في بيته.
وفيه: جواز صلاة النافلة في المسجد.
وفيه: جواز الجماعة في غير المكتوبة، كقيام الليل والتراويح كما سيأتي. وفيه: جواز الاقتداء بمنْ لم ينوِ الإمامة.
وفيه: ترك بعض المصالح، لخوف مفسدة أعظم من ذلك.
وفيه: بيان ما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من الشفقة على أمته، ومراعاة مصالحهم، وأنه ينبغي لولاة الأمور، وكبار الناس والمتبوعين - في علم وغيره - الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في ذلك.
قوله «فتتبّع إليه رجالٌ» أصلُ التتبع: الطلب، ومعناه هنا: طلبوا موضعه واجتمعوا إليه.
قوله «وحَصبوا الباب» أي: رموه بالحصباء، وهي الحصى الصغار، تنبيهاً له، وظنهم أنه نسي.
قوله صلى الله عليه وسلم «فإنّ خيرَ صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة» وهذا عامٌ في جميع النوافل المرتبة مع الفرائض، والمطلقة، إلا في النوافل التي هي من شعائر الإسلام، وهي: العيد والكسوف والاستسقاء، وكذا التراويح على الأصح، فإنها مشروعةٌ في جماعة في المسجد، والاستسقاء في الصحراء، وكذا العيد إذا ضاق المسجد، والله أعلم.
174- باب: صلاة النافلة في البيوت
378.عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا».
الشرح: قال المنذري: باب: صلاة النافلة في البيوت. والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/539) وهو في الباب السابق.
قوله «إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده» أي: إذا أدّى الفرض في المسجد مع الجماعة.
«فليجعل لبيته» أي: محل سكنه، «نصيباً» أي: قِسماً، «من صلاته» أي: فليجعل الفرض في المسجد، والنّفل في بيته، لتعودَ بركته على البيت وأهله.
قوله «فإنّ اللهَ جاعلٌ في بيته من صلاته» أي: منْ أجلها وبسببها، «خيراً» أي: كثيراً وعظيماً لعمارة البيت بذكر الله وطاعته، وحضور الملائكة واستبشارهم بصلاته وذكره لله، وما يحصل لأهله من ثواب وبركة.
وفيه: أنّ النفل في البيت أفضل منه في المسجد، ولو بالمسجد الحرام.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه - وهو في مسجده - يقول: «صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة». أخرجه البخاري (1/147)، ومسلم (1/256).
وكان عليه الصلاة والسلام يصلي النافلة في بيته، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما. أخرجه مسلم (1/504).
وعن رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال: «تطوُّعُ الرجل في بيتِهِ، يزيدُ على تطوُّعِه عندَ الناس، كفضْلِ صلاة الرجل في جماعةٍ على صلاتهِ وحدَه» أخرجه عبد الرزاق ( 4835) وابن أبي شيبة (2/256) وقال الألباني: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم، وظاهر إسناده الوقف، ولكنه في حكم المرفوع. سلسلة الأحاديث الصحيحة (7/422).
ولهذا نص الإمام مالك والشافعية على تفضيل فعل النافلة في البيت على فعلها في المسجد. كما في المنتقى شرح الموطأ (1/230)، والأشباه والنظائر للسيوطي (1/147)، التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي (1/186).
إلا أنّ الإمام مالك قال: التنفل فيه – أي المسجد النبوي - للغرباء أحبُ إلي من التنفل في البيوت.
وقال ابن قدامة رحمه الله: «والتطوع في البيت أفضل؛ لأنّ الصلاة في البيت أقربُ إلى الإخلاص، وأبعدُ من الرياء، وهو من عمل السّر، وفعله في المسجد علانية، والسرُ أفضل» المغني (2/564).
بل قال ابن علان: بأن صلاة النافلة ببيت الإنسان، أفضل من فعلها في جوف الكعبة، وإنْ قيل باختصاص مضاعفة الأعمال بها، وذلك لأنّ في الاتباع من الفضل ما يربو على ذلك. دليل الفالحين (6/601).
وفي هذا إجابة عما قد يستشكله البعض: من وجود المضاعفة في الحرم، وفقدانها في البيت، فيقال: إن متابعة السُنة، أفضل من المضاعفة ؛ ولهذا من يصوم يوماً ويفطر يوماً، أفضل ممن يصوم الدهر، مع أنّ العمل من الثاني أكثر، وهذا من بركات ملازمة السنة واتباعها، والحمد لله.
ورجح تفضيل أدائها في البيت على فعلها في المسجد الحرام، الرحيباني الحنبلي، ونسبه العلائي للمحققين من أهل العلم. مطالب أولي النهى (1/549)؛ لأن الأحاديث في التفضيل مطلقة ولم تقيد.
وقد أورد الحافظ العلائي سؤالاً: هل فعلها في المساجد الثلاثة أفضل، أو في البيوت؟
ثم أجاب عليه فقال: «الذي تقتضيه الأحاديث عند المحققين، أنّ فعلها في البيوت أفضل، إلا ما شرع له الجماعة كالعيد والكسوف والاستسقاء، وكذا التراويح على الأصح، وكذا ركعتي الطواف اتباعاً لفعله صلى الله عليه وسلم لهما خلف المقام، وكذلك تحية المسجد لاختصاصها بالمسجد، وما عدا ذلك ففعله في البيت أفضل، لدخوله تحت قوله صلى الله عليه: «أفضلُ صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة».
ورواه الدارمي بإسناد صحيح، ولفظه: «فإنّ خيرَ صلاة المرء في بيته إلا الجماعة».
ولما رواه أبو داود (1044): عن زيد بن ثابت رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاةُ المرء في بيته، أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبة».
والحكمة في تفضيل ذلك كما قال النووي: كونه أخفى وأبعد من الرياء، وأصون من المحبطات، وليتبرك البيْت بذلك، وتنزل الرحمة فيه والملائكة، وينفر الشيطان منه. شرح النووي (6/68).
وليس معنى هذا أن صلاة النافلة في المسجد غير مقبولة، وإنما المقصود أنّ أداءها والتعود على ذلك في البيت أفضل.
وفيه: أنّ الفضيلة المتعلقة بنفس العبادة، أولى من الفضيلة المتعلقة بمكانها ؛ إذْ النافلة في البيت فضيلة تتعلق بها ؛ فإنه سببٌ لتمام الخشوع والإخلاص فيها، فلذلك كانت صلاته في بيته، أفضل منها في مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 115.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 111.95 كيلو بايت... تم توفير 3.55 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]