|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التدافع سنة ربانية وحكمة إلهية يحيى سليمان العقيلي معاشر المؤمنين: التدافع بين الأمم والحضارات والمِلل سُنة ربانية، تتجلى فيها حِكَمٌ إلهية بالغة؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 251]، والحكماء وذوو البصيرة هم الذين يأخذون العِبر والدروس، ويُجلِّونها لأمتهم، فترى الأحداث والوقائع بعين البصيرة، والبصيرة - عباد الله - لا تتحقق إلا بميزان الشرع وأحكامه، باتباع كتاب الله تعالى وسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتحليل الواقع لاستجلاء حقائقه. ولقد ضرب لنا القرآن الكريم مثلًا في صراع بين الفرس والروم، غلب فيه الفرس أولًا، ثم بشَّر بانتصار الروم لاحقًا، مرسخًا بذلك ميزانًا شرعيًّا دقيقًا، فيه بُعد النظر، ورجاحة العقل، واتساع الأفق في تقدير المصالح، وفَهم الوقائع في سياقها الزماني، والحكم عليها وفقًا لمعطياتها؛ فقال تعالى: ﴿ الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الروم: 1 - 5]. كانت الغلبة للفرس على الروم، فقد غلب سابور ملك الفرس الروم على بلاد الشام، وما والاها من بلاد الجزيرة، وأقاصي بلاد الروم، وهزم هرقلَ ملك الروم حتى ألجأه إلى القسطنطينية، وحاصره فيها مدةً طويلةً، وكان المشركون في مكة يحبون أن تظهر فارس على الروم؛ لأنهم أصحاب أوثان، أما المسلمون فكانوا يتمنَّون أن تظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذُكر ذلك لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أمَا إنهم سيغلبون))، وجاء الوحي بالخبر والبشارة بذلك. ميزان دقيق، وسَعة نظر، وحكمة بالغة تتعلم منها الأمة كيف تقيِّم الأحداث والصراعات بين الأمم، فكلاهما أعداء لأمة الإسلام، وكلاهما ستواجههم الأمة المسلمة بحروب تمَّت بعد ذلك، وفتح الله للمسلمين قصورَ كسرى الفرس وقيصر الروم، ولكن القرآن يحدد الموقف في ذاك الظرف الزماني، لوجود مصلحة وتحقُّق حكمة في انتصار أهل الكتاب على أهل الوثن، توطئةً لانتصار الأمة المسلمة ذات الرسالة والكتاب الخاتم. فهذه الحكمة الربانية تخاطب الأمة قائلةً: هناك ظالم في ساحة المواجهة، ولكن هناك من هو أظلم منه، وهناك باغٍ، ولكن غيره أشد بغيًا، وفي الساحة عدو غاشم يشن حرب إبادة على شعب غزة، وآخر ينكِّل به ويذيقه من نفس الكأس، فلا غرو أن تستبشر الأمة بهذا التنكيل، وترى فيه بارقةَ أملٍ وعدل إلهي تجاه الصهاينة أعداء الأمة والإنسانية. معاشر المؤمنين: قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]))؛ [رواه مسلم]، وأخذ الله تعالى للظالم يتحقق بأسباب عدة: فقد يُهلكه بكارثة طبيعية؛ كزلزال أو خسف أو حرائق وغيرها، أو يهلكه بصراع داخلي يزعزع قِواه ويهُد أركانه، أو يُهلكه بتسلط عدو هو تعدى عليه اغترارًا بقوته وسطوته، فنكَّل به هذا العدو تنكيلًا أفقده صوابه ودمَّر بنيانه، كما حدث في الأيام الماضية؛ وصدق ربنا جل وعلا: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام: 129]؛ قال ابن زيد: "نسلط بعض الظلمة على بعض، فيهلكه ويذله"، وهذا تهديد للظالم إن لم يمتنع من ظلمه، سلط الله عليه ظالمًا آخر. وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ﴾ [إبراهيم: 13، 14]، وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لَيُؤيِّد هذا الدين بالرجل الفاجر)). نسأل الله العزيز الحكيم أن ينزل على الصهاينة عذابًا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، وأن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، إنه ولي ذلك والقادر عليه، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية معاشر المؤمنين: في مثل هذه الظروف العصيبة ينبغي لنا أن نتحلى بآداب القرآن الكريم التي أرشدنا إليها؛ من التماسك والتعاضد، والحرص على أمن البلاد وسلامة الجبهة الداخلية، والحذر من نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة، والأخذ بتعليمات الجهات المسؤولة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 83]؛ قال ابن كثير: "إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة". وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كفى بالمرء كذبًا أن يحدِّث بكل ما سمع))، كما ينبغي على الجهات المعنيَّة أن تبث الأمن والأمان في نفوس الناس، دون تهويل أو تهوين؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزِع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قِبلَ الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول: ((لن تُراعوا، لن تراعوا)). الدعاء...
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |