|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الباب الثاني .. التوبة ![]() ![]() ![]() ![]()
__________________
![]() |
#2
|
||||
|
||||
![]() قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمى، فلها ثلاثة شروط: أحدها : أن يقلع عن المعصية. والثانى: أن يندم على فعلها. والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً. فإن فُقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.وإن كانت المعصية تتعلق بآدمى فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالاً أو نحوه رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها. ويجب أن يتوب من جميع الذنوب ، فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب، وبقى عليه الباقى. وقد تظاهرت دلائل الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة على وجوب التوبة: قال الله تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} ((النور: 31)) وقال تعالى: {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} ((هود: 3)) وقال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً} ((التحريم: 8)). 1/13 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " ((رواه البخاري)). 2/14 - وعن الأغر بن يسار المزنى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ياأيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإنى أتوب في اليوم مائه مرة" ((رواه مسلم)). 3/15 - وعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصارى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة " ((متفق عليه)).
__________________
![]() |
#3
|
||||
|
||||
![]() الله الرحمن الرحيم { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } إن التوبة إلى الله عز وجل هي وظيفة العمر التي لا يستغني عنها المسلم أبدًا ، فهو يحتاج إلى التوبة كل يوم ، كيف لا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم مائة مرة ؟! وقد دعا الله عباده إلى التوبة فقال : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور : 31 ]. وما من نبي من الأنبياء إلا دعا قومه إلى التوبة ، كما قصص الله علينا ذلك في كتابه الكريم في مواضع متفرقة من كتابه . معنى التوبة : التوبة في اللغة تدل على الرجوع ؛ قال ابن منظور : أصل تاب عاد إلى الله ورجع . ومعنى تاب الله عليه : أي عاد عليه بالمغفرة . والتواب بالنسبة إلى الله تعني كثرة قبوله التوبة عن عباده ، أما بالنسبة للعبد : فهو العبد كثير التوبة . والمعنى الاصطلاحي قريب من المعنى السابق . شروط التوبة الصحيحة : ذكر العلماء للتوبة الصحيحة شروطًا ينبغي أن تتوفر وهي : أولاً : الإقلاع عن الذنب : فيترك التائب الذنب الذي أراد التوبة منه باختياره ، سواء كان هذا الذنب من الكبائر أم من الصغائر . ثانيًا : الندم على الذنب : بمعنى أن يندم التائب على فعلته التي كان وقع فيها ويشعر بالحزن والأسف كلما ذكرها . ثالثًا : العزم على عدم العودة إلى الذنب : وهو شرط مرتبط بنية التائب ، وهو بمثابة عهد يقطعه على نفسه بعدم الرجوع إلى الذنب . رابعًا : التحلل من حقوق الناس : وهذا إذا كان الذنب متعلقًا بحقوق الناس ، فلا بد أن يعيد الحق لأصحابه ، أو يطلب منهم المسامحة . إلى متى تصح التوبة ؟ سؤال يطرح نفسه إلى متى يقبل الله تعالى توبة عبده إذا تاب ؟ ويأتي الجواب في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [ النساء : 17، 18 ]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ). ولا بد أن تكون التوبة أيضًا قبل طلوع الشمس من مغربها ؛ لقوله تعالى : { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً } [ الأنعام : 158 ]. التوبة النصوح : يقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً } [ التحريم : 8 ]، وقد ذكر العلماء في تفسيرها أنها التي لا عودة بعدها ، كما لا يعود اللبن في الضرع . وقيل : هي الخالصة . وقيل : النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر إذا ذكر . ولا شك أن التوبة النصوح تشمل هذه المعاني كلها، فصاحبها قد وثَّق العزم على عدم العودة إلى الذنب ، ولم يُبق على عمله أثرًا من المعصية سرًا أو جهرًا ، وهذه هي التوبة التي تورث صاحبها الفلاح عاجلاً وآجلاً . أقبل فإن الله يحب التائبين : ليس شيءٌ أحب إلى الله تعالى من الرحمة ، من أجل ذلك فتح لعباده أبواب التوبة ودعاهم للدخول عليه لنيل رحمته ومغفرته ، وأخبر أنه ليس فقط يقبل التوبة ممن تاب ، بل يحبه ويفرح به : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ } [ البقرة : 222 ]. وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة ، ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فوضع رأسه فنام نومة ، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته ، حتى اشتد عليه الحر والعطش ، أو ما شاء الله . قال : أرجع إلى مكاني ، فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده ). لا تيأس فقد دعا إلى التوبة من كان أشد منك جرمًا : لا تدع لليأس إلى قلبك طريقًا بسبب ذنب وقعت فيه وإن عَظُم ، فقد دعا الله إلى التوبة أقوامًا ارتكبوا الفواحش العظام والموبقات الجسام ، فهؤلاء قومٌ قتلوا عباده المؤمنين وحرقوهم بالنار ، ذكر الله قصتهم في سورة البروج ، ومع ذلك دعاهم إلى التوبة : { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } [ البروج : 10 ]. وهؤلاء قوم نسبوا إليه الصاحبة والولد فبين كفرهم وضلالهم ، ثم دعاهم إلى التوبة : { أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ المائدة : 74 ]. وهذه امرأة زنت فحملت من الزنا لكنها تابت وأتت النبي صلى الله عليه وسلم معلنة توبتها ، طالبة تطهيرها ، فلما رجمها المسلمون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد تابت توبة لو قُسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ). واستمع معي إلى هذا النداء الرباني الذي يفيض رحمة : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [ الزمر : 53 ]. فماذا تنتظر بعد هذا ؟ فقط أقلع واندم واعزم على عدم العودة ، واطرق باب مولاك : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ } [ البقرة : 186 ]. أذرف دموع الندم ، واعترف بين يدي مولاك ، وعاهده على سلوك سبيل الطاعة ،
__________________
![]() |
#4
|
||||
|
||||
![]() عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة. (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح). شرح وفوائد الحديث قوله تعالى ![]() قوله تعالى ![]() واعلم أن الاستغفار معناه طلب المغفرة وهو استغفار المذنبين ، وقد يكون عن تقصير في أداء الشكر؛ وهو استغفار الأولياء والصالحين ، وقد يكون لا عن واحد منهما بل يكون شكراً وهو استغفاره صلى الله عليه وسلم واستغفار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قال صلى الله عليه وسلم ( سيد الاستغفار : الله أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استعطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأوبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )). وقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه ![]() ![]() ![]()
__________________
![]() |
#5
|
|||
|
|||
![]() جزاك الله خير
|
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]()
__________________
![]() |
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "يا أيها الناس، توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة "[2] فالتوبة واجبة على كل إنسان، كما قال الله تعالى في كتابه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور:31]. وذلك أن إنسانًا ما لا يزعم لنفسه أنه مطهر من كل ذنب، ومن كل خطيئة، لقد جاء في الحديث: "كل بني آدم خطاء"[3]، ولكن لا يضرُّ الإنسان أن يُخطئ، وإنما يضرُّه أن يتمادى في الخطأ والخطيئة، أن يستمرَّ في الغفلة عن الله والإعراض عنه ... إن آدم أبا البشر أخطأ ونسي ولم يجد له الله عزما، ولكنه سرعان ما راجع نفسه، وعاد يقرع باب ربه، ويقول: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف:23]، {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[البقرة:37]. إن الإنسان يُخطئ وتزلَّ قدمه فيهوي إلى المعصية، ولكنه يستطيع أن يَرقِع ما فتقه بالتوبة. التوبة هي الممحاة التي منحها الله للإنسان، ليستطيع أن يغسل بها ذنوبه، وأن يتطهر بها من ماضيه، وأن يتحرر من آثاره، {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور:31]، و "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"[4]، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة:222]. حقيقة التوبة ومعناها ولكن ... ما التوبة؟ ما معناها؟ إن التوبة ليست كلامًا يقال باللسان، كما يظن بعض الناس، حين يقول: تبتُ إلى الله، ورجعتُ إلى الله، وندمتُ على معصية الله، وعزمتُ على طاعة الله ... لا ... هذا ليس هو التوبة. فالتوبة مزيج مُركَّب من عدة أشياء: أولها: الندم على معصية الله ... أن يغمر القلب شعور بالأسى والحسرة على ما فرط في جنب الله، شعور يشبه ذلك الشعور الذي حدَّث الله عنه في كتابه، شعور الثلاثة الذين خُلِفوا، حين ضاقت عليهم الأرض بما رحُبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه، ثم تاب عليهم ليتوبوا، إن الله هو التواب الرحيم. هذا هو الندم، الأسى، الحزن، الحسرة. لا بد من هذا الشعور ... ثم هناك شيء آخر، يولِّده هذا الشعور هو النية... والعزم الصادق على إصلاح الأمر، وتدارك ما فات ... العزم على الطاعة، وعلى ترك المعصية، فلا يعود إليها كما لا يعود اللبن إلى الضَّرع. لا بد من هذه العزيمة الأكيدة الوثيقة ... ثم شيء آخر، وهو أن يعمل صالحًا بالفعل، مكان السيئات يبدِّلها حسنات وصالحات، يُغيِّر ما كان عليه ... بدل قول الزور يتكلم الحق، بدل عمل السوء يعمل صالحًا، بدل بيئة السوء يُغيِّرها إلي بيئة حسنة، بيئة صالحة، تُساعده على فعل الخير ... لا بد من هذا ... ومن هنا كان القرآن يجعل بعد التوبة ... الإيمان بالعمل الصالح: {إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}[مريم:60]. قرن التوبة بالإيمان، لأن المعاصي -وخاصة الكبائر- تخدش الإيمان وتجرحه، فـ"لا يزنى الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن"[5]. فلا بد أن يُجدِّد إيمانه بالتوبة ... وأن يعمل بعد ذلك صالحا ... هذا هو المزيج ... الذي لا بد منه في التوبة. ثم إذا تاب ... فإن الله سبحانه وتعالى، يقبل منه ... سُنة من سُنن الله تعالى. قيل لرابعة العدوية: إذا تبتُ .. تاب الله عليَّ؟ قالت: يا هذا بل إذا تاب الله عليك تبتَ. ثم قالت له: أما سمعتَ قول الله تعالى: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[التوبة:118]. موانع التوبة ولكن ... ما الذي يُعجز الناس عن التوبة؟ ما الذي يُؤخرهم أن يتوبوا؟ هذه مسألة لا بد أن نعرفها. إن الذي يُؤخر الناس عن التوبة عدة أمور: أولها: التسويف التسويف ... طول الأمل ... اعتقاد الإنسان أنه لا يزال له في العُمر مُتسع، وفي الحياة مدى بعيد. إن ابن العشرين يظن أن أمامه مُتسع ... وابن الثلاثين يقول ... وابن الأربعين ... فإذا بلغ الخمسين ... للستين ... كل إنسان عنده أمل ... وهذا للأسف يُضيِّع على الناس فُرص التوبة، فمَن الذي يدري أيعيش اليوم أم لا يعيش؟ مَن الذي يدري إذا خرج من بيته أيعود إليه حيا أم يعود إليه ميتًا؟ أيعود إليه حاملاً أم يعود محمولاً؟ تزوَّد من التقوى فإنك لا تدري إذا جنَّ ليل هــل تعيش إلى الفجر؟ فكم من سليم مات من غير عِلَّة وكم من سقيم عـاش حينًا من الدهر وكم من فتى يُمسي ويُصبح آمنًا وقد نُسجت أكفانه وهو لا يــدري الشيء الثاني: هو الاستهانة بالمعصية الاستهانة بالمعصية ... الاستخفاف بها، استصغار المعصية ... يظن أن هذا شيء بسيط، وهذا ليس من شأن المؤمن، فقد جاء في حديث البخاري: "المؤمن يري ذنبه كالجبل، يخاف أن يقع عليه، والمنافق يري ذنبه كذباب وقع على أنفه فقال هكذا وهكذا"[6]. أطاره من على أنفه ... مرض بعض الصالحين، فدخل عليه مَن يعوده، فوجده يبكي بكاءً حارًا، فقيل له: يا أبا فلان ... مالك تبكي؟ وأنت الذي فعلت وفعلت ... ما رأينا عليك حُرمة انتهكتَها، ولا فريضة تركتَها ... فقال: والله ما أبكي على ذلك، ولكن أبكي لأني أخاف أن أكون قد أتيت ذنبًا أحسبه هينًا وهو عند الله عظيم[7]. وقد قال بعض السلف: لا تنظر إلى صغر المعصية، وانظر إلي كبرياء من عصيته. فلا ينبغي للإنسان أن يستهين بالمعصية، فقد قيل: أن الذنب الذي يخشى ألا يغفر هو الذي يقول فيه صاحبه، ليت كل ذنب فعلته مثل هذا. استصغارًا له، واستهانة بشأنه. المانع الثالث: الاتكال على عفو الله ثم هناك مانع نفسي آخر ... هو ... الاتكال على عفو الله، وهذه أمنية يبذُرها الشيطان في قلب بعض الناس: {يأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} [الأعراف:169]، هكذا كان يفعل اليهود ... يأخذون متاع الحياة الدنيا ويقولون: سيغفر لنا، ينظرون إلى جانب العفو والمغفرة، ولا ينظرون إلى جانب البطش والعقاب، والله تعالى يقول: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ}[الحجر:49،50]. صحيح أن رحمته وسعت كل شيء، ولكن لمَن كتب هذه الرحمة؟ إنه يقول:{فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ}[الأعراف:156]، ويقول:{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف:56]. فإذا نظر الإنسان إلى قوله تعالى:{غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ}، فيكمل الآية {شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}[غافر:3]. المؤمن بين الرجاء والخوف وهكذا ينبغي أن يكون المؤمن بين الرجاء والخوف، {يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر:9]، كالذين حدَّث الله عنهم: {يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}[الاسراء:57]. كان بعض الصالحين يقول: ما بال قلبك ترضى أن تُدنِّسه وثوبك الدهر مغسول من الدَّنس ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس أيها الإخوة: ينبغي أن نُسارع بالتوبة ... ينبغي أن نُبادر فنُراجع حسابنا مع الله عز وجل، ونصحح أخطاءنا، ونقف على باب ربنا مُستغفرين تائبين، نقول: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف:23]، خير ما نخرج به من رمضان توبة صادقة نصوح، نكفر بها سيئاتنا، ونغسل بها أوزارنا، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [التحريم:8]. أسأل الله عز وجل، أن يتوب علينا، وأن يوفقنا إلى التوبة الصادقة النصوح.. إنه سميع قريب وصلى الله على محمد وآله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[8].
__________________
![]() |
#8
|
||||
|
||||
![]() عبرات تائبة يا إلهي جاء بي حر ذنوبي جاء بي خوف مصيري ساقني يا رب تأنيب ضميري ألهبت قلبي سياق الخوف من يوم رهيب كادتا عيناي أن تبيض من فرط نحيبي آه يا مولاي ما أعظم حوبي يا إلهي أنت لا تطرد من جاءك يبكي وأنا ذي سوف أحكي أنا لا أعرف ما تعلم عني أنت أدرى غير أني بئت يا رب بما قد كان مني فاعف عني لا تهني ولنفسي لا تكلني أنا سافرت مع الشيطان في كل الدروب غير درب الحق ما سافرت فيه كان إبليس معي في درب تيهي يجتبيني وأنا يالغبائي أجتبيه كان للشيطان من حولي جند خدعوني غرروا بي وأذا فكرت في التوبة قالوا لا تتوبي ربنا رب قلوب آه يا مولاي ما أعظم حوبي غر ني يا رب مالي و جمالي و فراغي و شبابي زين الفجار لي حرق حجابي يالحمقي كيف مزقت و قصرت ثيابي أين عقلي حين فتحت للموضة شباكي وبابي أنا ما فكرت بأخذ كتابي بيميني أو شمالي أنا ما فكرت في كي جباه وجنوب أه يا مولاي ما أعظم حوبي يا إلهي أنا ما فكرت في يوم الحساب حين قدمني إبليس شاة للذئاب يالجهلي كيف أقدمت على قتل حيائي وأنا أمقت قتل الأبرياء يا إلهي أنت من يعلم دائي ودوائي لا أريد الطب من أي طبيب أنت لي أقرب من كل قريب أه يا مولاي ما أعظم حوبي يا إلهي إهد من سهل لي مشوار غيي فلقد حيرني أمر وليي أغبي ساذج أم متغابي لم يكن يسئل عن سر غيابي عن مجيئي و ذهابي لم يكن يعنيه ما نوع صحابي كان معنيا بتوفير طعامي وشرابي جاء لي بالسائق الهندي في عز الشباب يتمشى بي في الأسواق من غير رقيب مشيتي مشية حمقاء لعوب أسلب الألباب من كل لبيب أشتري النار بمكياجي وطيـبي أه يا مولاي ما أعظم حوبي يا إلهي يا مجيب الدعوات يا مقيل العثرات أعف عني أنت من أيقض قلبي من سباتي وإنا عاهدت عهد المؤمنات أن تراني بين تسبيح و صوم وصلاة يا إلهي جئت كي أعلن ذلي واعترافي أنا ألغيت زوايا انحرافي وتشبثت بطهري و عفافي أنا لن أمشي بعد اليوم في درب الرذيلة جرب الفجار كي يردونني كل وسيلة دبروا لي ألف حيلة فليعدوا لقتالي ما استطاعوا فأمانيهم بقتلي مستحيله يا إلهي جئت بالثوب الذي أذنبت فيه وأنا آمل في ثوب قشيب من سميع قادر بر مجيب تبت يا رحمن فارحم عبراتي وشحوبي واغسلن بالعفو يا مولاي حوبي
__________________
![]() |
#9
|
||||
|
||||
![]() اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق الثاني عن أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن رواه الترمذي وقال حديث حسن الشرح هذا الحديث من أحاديث الأربعين النووية للمؤلف رحمه الله وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بثلاث وصايا عظيمة الوصية الأولى قال اتق الله حيثما كنت وتقوى الله هي اجتناب المحارم وفعل الأوامر هذه هي التقوى أن تفعل ما أمرك الله به إخلاصا لله واتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تترك ما نهى الله عنه امتثالا لنهي الله عز وجل وتنزها عن محارم الله مثاله تقوم بما أوجب الله عليك في أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي الصلاة فتأتي بها كلمة بشروطها وأركانها وواجباتها وتكملها بالمكملات فمن أخل بشيء من شروط الصلاة أو واجباتها فإنه لم يتق الله بل نقص من تقواه ما نقص من المأمور في الزكاة تقوى الله فيها أن تحصي جميع أموالك التي فيها الزكاة وتخرج زكاتك طيبة بها نفسك من غير بخل ولا تقتير ولا تأخير فمن لم يفعل فإنه لم يتق الله في الصيام تأتي بالصوم كما أمرت مجتنبا فيه اللغو والرفث والصخب والغيبة والنميمة وغير ذلك مما ينقص الصوم ويزيل روح الصوم ومعناه الحقيقي وهو الصوم عما حرم الله عز وجل وهكذا بقية الواجبات تقوم بها طاعة لله وامتثالا لأمره وإخلاصا له واتباعا لرسوله وكذلك في المنهيات تترك ما نهى الله عنه امتثالا لنهي الله عز وجل حيث نهاك فانتهي الوصية الثانية أتبع السيئة الحسنة تمحها أي إذا عملت سيئة فاتبعها بحسنة فإن الحسنات يذهبن السيئات ومن الحسنات بعد السيئات أن تتوب إلى الله من السيئات فإن التوبة من أفضل الحسنات كما قال الله عز وجل إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وقال الله تعالى وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون وكذلك الأعمال الصالحة تكفر السيئات كما ما قال النبي عليه الصلاة والسلام الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر وقال العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما فالحسنات يذهبن السيئات الوصية الثالثة خالق الناس بخلق حسن والوصيتان الأوليان في معاملة الخالق والثالثة في معاملة الخلق أن تعاملهم بخلق حسن تحمد عليه ولا تذم فيه وذلك بطلاقة الوجه وصدق القول وحسن المخاطبة وغير ذلك من الأخلاق الحسنة وقد جاءت النصوص الكثيرة في فضل الخلق الحسن حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وأخبر أن أولى الناس به صلى الله عليه وسلم وأقربهم منه منزلة يوم القيامة أحاسنهم أخلاقا فالأخلاق الحسنة مع كونها مسلكا حسنا في المجتمع ويكون صاحبها محبوبا إلى الناس هي فيها أجر عظيم يناله الإنسان في يوم القيامة فاحفظ هذه الوصايا الثلاث من النبي صلى الله عليه وسلم والله الموفق
__________________
![]() |
#10
|
|||
|
|||
![]() جزاكم الله خيرا
__________________
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |