|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#111
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1264 الفرقان الشباب واغتنام مرحلة العمر إن أمتنا الإسلامية أمة عزيزة منيعة، وشبابها يعرف قدر هذه المرحلة من العمر، لذلك ينبغي عليهم أن يحرصوا على اغتنامها في مرضاة الله -سبحانه وتعالى-؛ فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: جمعت القرآن فقرأته في ليلة، ولما علم رسول الله قال له مشفقًا عليه: «إني أخشى أن يطول عليك الزمان وأن تمّل، اقرأ به في كل شهر». ولكن عبد الله يدرك أنه في هذه الفترة من العمر يستطيع أكثر من ذلك، فقال: أي رسول الله دعني أستمتع من قوتي ومن شبابي، فلم ينكر عليه رسول الله هذا العرض وحرصه على اغتنام هذه المرحلة من العمر، مرحلة القوة والنشاط في طاعة الله -سبحانه وتعالى-، فأعطاه توجيهًا آخر رحمة به وشفقة عليه، قائلاً: «اقرأ به في عشرين»، وما زال الحوار مستمرا وعبدالله يجيب بذلك الجواب حتى حدد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعًا شفقة عليه، هذا أنموذج من حياة الشباب في صدر الإسلام الذين حرصوا على اغتنام أوقاتهم في طاعة الله -سبحانه وتعالى-.وهنا نوجه سؤالاً للشباب بهذه المناسبة: ما المدة الزمنية التي حددتها لنفسك لتختم فيها كتاب الله -سبحانه وتعالى-؟ هل تختم في كل عشرة أيام؟ هل تختم في كل عشرين؟ هل تختم في كل شهر؟ أرجو ألا يتجاوز الحد ذلك وأنت قوي نشيط في هذه المرحلة من عمرك، تستطيع أن تؤدي من الأعمال ما لا تستطيعه إذا كبرت سنك ووهن جسمك. وهذا أنموذج آخر من شباب الصحابة في صدر الإسلام، ذلكم هو عبدالله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، حينما قال عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي من الليل» فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلا؛ بمجرد توجيه بسيط من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان بعد هذا التوجيه يقضي أكثر ليله في صلاة. حثُّ الشباب على تدبر القرآن ![]() الرجولة الحقيقية إنَّ شهود الصَّلاة مع الجماعة في بيوت الله ومساجد المسلمين، كما أمر بذلك ربُّ العالمين، وكما أمر بذلك رسوله الكَريم - صلى الله عليه وسلم -، شعيرةٌ عظيمَةٌ من شعائر الإسلام، ومَعلَمٌ عظيمٌ من معالم الرُّجولة الحقيقية، إنَّه مَعلَمٌ عظيم من معالم الرُّجولة بتبيان ربِّ العالمين؛ قال الله -تعالى-: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ < رِجَالٌ } هكذا قال رب العالمين {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} (النُّور:36-37) ، فأين هذه الرُّجولة ممَّن يتخلَّف عن الصَّلاة مع الجماعة أو يهون من شأنها ويقلِّل من مكانتها ؟!.من حفظ الله في شبابه حفظه الله عند الكبر ![]() وقال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: من حفظ الله في شبابه حفظه الله عند شيبه، وحفظ الله في الشباب يعني: النشأة على الخير والطاعة، فلا يسفه في شبابه، فإن الله -سبحانه وتعالى- يحفظه عند المشيب، ويحسن له الخاتمة، وهذا شيء مجرب؛ لأن الذين لازموا الطاعة وحفظوا دين الله -سبحانه وتعالى- فإن الله يحفظهم عند الكبر وعند الوفاة، ويحسن لهم الختام، ويحفظهم من عدوهم الشيطان، جزاءً لعملهم الصالح. دعائم قوية من الدين والأخلاق قال الشيخ العلامة محمد العثيمين -رحمه الله- يرِد على قلوب الشباب من المشكلات الفكرية والنفسية ما يجعلهم أحيانًا في قلق من الحياة، ويجدون أنفسهم في ضرورة إلى رفع ذلك القلق، وكشف تلك الغمة، ولن يتحقق ذلك إلا بالدين والأخلاق اللذين بهما قوام المجتمع، وصلاح الدنيا والآخرة، وبهما تحل الخيرات والبركات وتزول الشرور والآفات. الشباب اليوم هم رجال الغد، وهم الأصل الذي ينبي عليه مستقبل الأمة؛ ولذلك جاءت النصوص الشرعية بالحث على حسن رعايتهم وتوجيههم إلى ما فيه الخير والصلاح، فإذا صلح الشباب وهم أصل الأمة التي ينبني عليها مستقبلها وكان صلاحه مبنيًا على دعائم قويه من الدين والأخلاق، فسيكون للأمة مستقبل زاهر، ولشيوخنا خلفاء صالحون إن شاء الله.كن من هؤلاء السبعة من وفقه الله -جل وعلا- لاغتنام شبابه في طاعة الله، فهو من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة ربه..»، قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وشاب نشأ في عبادة ربه»، أي نشأ مصاحبًا للعبادة، أو ملتصقًا بها.الشباب وقتل الوقت! يتضايق بعض الشباب من الوقت، ويعمل على تضييعه فيما لا يفيد، ولهذا تجد بعض الغافلين منهم يعبر بكلمة «قتل الوقت» كأنه عدو!، والوقت غنيمة وما ذهب منه لا يعود، والعاقل هو من يغتنم أوقاته ويحاذر من قتلها وتضييعها!.استغلال فترة الشباب في طلب العلم النافع عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: لما توفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت لرجل مِن الأنصار: هَلُمَّ نسأل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -؛ فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبًا لك يا ابن عباس أترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام-؟! فترك ذلك، وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل، فآتيه وهو قائل، فأتوسد على ردائي على بابه، فتَسفي الريح عليَّ التراب، فيخرج، فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله، ألا أرسلت إليَّ فآتيك؟ فأقول: أنا أحق أن آتيك، فأسألك، قال: فبقِي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس عليَّ، فقال: هذا الفتى أعقل مني، قال الحكيم الترمذي، -رحمه الله-: «صلاح الفتيان في العلم»، وقال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله-: لقد تأملت نفسي فضلا عن عشيرتي الذين أنفقوا أعمارهم في اكتساب الدنيا، وأنفقت زمن الصبوة والشباب في طلب العلم، فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا لو حصل لي ندمت عليه، ثم تأملت حالي فإذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم، وجاهي بين الناس أعلى من جاههم، وما نلته من معرفة العلم لا يقاوم، وقال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد -رحمه الله-: الاشتغال بالعلم قراءة وإقراءً، ومطالعةً، وتدبراً، وحفظاً، وبحثاً، ولا سيما في أوقات الشباب ومقتبل العمر، ومعدن العاقبة، فاغتنم هذه الفرصة الغالية لتنال رتب العلم العالية.
__________________
|
#112
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1265 الفرقان الشباب واستثمار إجازة الصيف موسم الإجازة الصيفيَّة من مَظانِّ الأزمان التي يَضِيع فيها جزءٌ من عمر الشباب دون فائدةٍ تَعُود عليهم، إلاَّ إذا تم استَثمار تلك الإجازة في شيءٍ يُفِيدهم، أو ينفَع أمَّتهم ومجتمعهم. ومن أهم ما يجب أن تستثمر فيه الإجازة بدايةً طاعة الله -عزوجل-، من تلاوة للقرآن وحفظه، وطلب العلم، والمشاركة في الدورات الشرعية، والدعوة إلى الله، والمراكز الشبابية الصيفية، وزيارة العلماء والدعاة والصالحين والأقارب والأرحام، وزيارة إخوانك في الله؛ فعن أبي هريرة عن النبي -[- قال: «إنَّ رجلاً زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكًا، فلما أتى عليه قال له: أين تريد؟ قال: أزور أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا، غير أنِّي أحببتُه في الله - عز وجل - قال: فإنِّي رسول الله إليك، بأن الله قد أحبَّك كما أحببته فيه».أبرز الأفكار لاستغلال الإجازة الصيفية - تعلُّم مهاراتٍ جديدة وتطوير الهوايات من الوسائل الممتازة لاستغلال الإجازة الصيفية؛ نظراً لأن العطلة مدتها طويلة وبعيدة عن الجدول الدراسي المزدحم.- ومن المهارات المفيدة التي يُمكن تعلّمها، لغة جديدة، والبرمجة التي تُعد استثماراً مهما في العصر الرقمي. - كما تُعد الإجازة الصيفية فرصةً مثاليةً لممارسة التمارين الرياضية للحفاظ على الصحة البدنية والعقلية، مثل ممارسة المشي والركض أو أيّ نوع آخر من التمارين الهوائية مدة ساعة واحدة مثلاً يوميا. - كما يمكن المساهمة في الأنشطة التطوعية؛ حيث تُعد فرصة لتنمية المهارات الاجتماعية، واكتساب خبرات جديدة، وتكوين علاقات بناءة. ![]() أهمية مطالعة كتب السيرة النبويَّة السيرة النبويَّة هي سيرةُ خيرِ البريَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - بها يستَطِيع الشاب أن يقتَفِي آثار النبي -صلى الله عليه وسلم - وينتَهِج نهجَه في كلِّ صغيرة وكبيرة في شتَّي نشاطات الحياة؛ فكان لِزامًا عليهم أن يهتموا بهذا الجانب في حياتهم؛ حتى يصير الاتِّباع واقتِفاء آثار النبي -صلى الله عليه وسلم - وامتثالها في حياتهم كلِّها؛ فلا يحركوا ساكنًا إلا بسنَّة عن سيِّدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن الكتب الميسَّرة التي يستَطِيع الشباب قراءتها وفهمها في الإجازة بسهولة كتاب: (هذا الحبيب يا محبّ)؛ للشيخ أبي بكر جابر الجزائري، وكتاب (الرحيق المختوم) تأليف الشيخ صفي الرحمن المباركفوري.واجب اغتنام الأوقات من القضايا المهمة التي يجب ألا يستهين بها الشباب وألا يغفلوا عنها، قضية الفراغ وطرائق اغتنامه؛ فهي قضيَّة عظيمة، ولا أدلَّ على ذلك من إشارة المولى إليْه في كتابِه، وحرص النبي -صلى الله عليه وسلم - وأمره باغتنامه وحثِّه على استغلاله؛ يقول - جلَّ وعلا -: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} (الشرح: 7-8)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتَك قبل موتك، وصحَّتك قبل سقمك، وفراغك قبل شُغلك، وشبابك قبل هَرَمِك، وغناك قبل فقرك».مفهوم خطأ عن الإجازة اتَّسع مفهوم الإجازة عند بعض الشباب ليشمل إعطاء النفس الرَّاحة حتَّى من عبادة خالقها، وإفلاتها من أخلاقها، فأضْحت الإجازة عندهم محصورة في التجوُّل في البلدان والمصائف، والتخلُّص من المثل والقيم، والتفريط في الصَّلوات والعكوف على ألوان الملاهي والشهوات، وهم مع ذلك لا يجدون لذَّة للإجازة ولا متعة للفراغ، وهذا مصداق لتلك الدِّراسات والتقارير التي تكشف أنَّ أكثر النَّاس إصابة بالأمراض النفسيَّة هم المنفتحون على كل شيء، والمشاهدون لكلِّ شيء، والمستمعون لكلِّ لغو، والمتخفِّفون من تكاليف الشرع، فلم تزِدْهم تلك الغفلة والمؤانسة المنحرفة إلاَّ همًّا وكمدًا.هكذا ينبغي لطلبة العلم ![]() فرصة ذهبية لا تُعوّض تُمثل العطلة الصيفية فترة انتظار وترقب للعديد من الشباب؛ فهي لا تقتصر على كونها مجرد استراحة من الدراسة والروتين اليومي، بل هي فرصة ذهبية لا تُعوّض للتفرغ للعبادة والقرب من الله، وتطوير المهارات، في عالم يتسارع فيه التطور وتتزايد فيه متطلبات سوق العمل؛ حيث يصبح استثمار هذه الفترة بكفاءة أمرًا بالغ الأهمية لتمهيد الطريق لمستقبل مشرق للشباب.الشباب وعلوّ الهمة لقد كان الشباب من أبناء أسلافنا يناطحون الكبار في هممهم، ويتطلعون إلى تبوء منازلهم، ولا يحقرون في المعالي أنفسهم، ويشغلون فراغهم فيما ينفعهم، قال عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله-: «إنَّ الناس لو كانوا إذا كبر عليهم أمرٌ تركوه ما قام دينٌ ولا دنيا»؛ ولذا ينبغي للمرء أن تكون طموحاته عالية وهمته كبيرة، مجافيًا للتواني والكسل قوي الثقة بالله في أن يبلغه ما يرجو وخيرًا مما يرجو.ليس في أيام المؤمن عطلة ![]() ساعة وساعة من المهم استغلال الإجازة الصيفية لأخذ أوقات راحة واسترخاء، فليست كل الأنشطة المهمة والمفيدة تتطلب العمل، والحركة، وبذل الجهد، وإنّما يحتاج الجسم والعقل أيضًا إلى فرصةٍ للراحة والاسترخاء لتجديد الطاقة، ويُعد تجنب التكنولوجيا أو التقليل منها قدر الإمكان من الأمور التي تُحسّن الصحة العامة وتقلل الإجهاد العقلي والبصري، ويُمكن لأنشطة مثل القراءة والتأمّل أن تخفف من التوتر وتعزز الشعور بالهدوء.
__________________
|
#113
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1266 الفرقان الإفلاس الحقيقي عرَّف نبينا - صلى الله عليه وسلم - الإفلاس الحقيقي بأنه ليس إفلاس المال والمادة بل هو إفلاس الخلق والتصرف، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟»، قَالُوا: «الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ «، قَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَيَامٍ وَصَلاَةٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».لماذا حسن الخلق يا شباب؟
الأخلاق العالية هي روح الإسلام اعلموا يا شباب، أنَّ الأخلاق العالية هي روح الإسلام ولبه، وأساسه وغايته؛ لأن الدين ليس عبادات فقط؛ بل هو معاملة أيضا، فالمعاملة الحسنة للناس قد يفوق ثوابها كثيرًا من العبادات المعروفة، ويوضح ذلك رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - حينما سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: «تقوى الله وحسن الخلق».أثر العبادة في بناء الشباب للعبادة أثر كبير في بناء الشباب إيمانيًا ونفسيا وأخلاقيا واجتماعيا، فهي تدريب عملي على الإخلاص والإتقان والإجادة والتميز، فالعبادة شعور دائم بوجود الله، وإيقاظ مستمر للضمير والوجدان، وللعبادة آثار وقائية، وأخرى علاجية، تتمثّل في إنقاذ المتعبِّد من التعقيد واليأس والشعور بالذنب وتفاهة الذات؛ لأن وقوف الإنسان بين يدي الله -تعالى-، يشـعره بقربه من مالك الوجود، وحبِّه له، وعطفه عليه، كما يشعره بقيمته الإنسانية، وعلو قدره.الصلاة من أعظم وسائل تزكية النفوس الصلاة أهم أركان الإسلام بعد توحيد الله -تعالى- وهي من أعظم وسائل تزكية النفوس، قال -تعالى-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت:45)، فحقيقة الصلاة أنها تزكية للنفس وتطهير لها من الأخلاق الرديئة والصفات السيئة؛ لذا حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يتخذ منها فرصة للتدريب على السلوكيات الطيبة والأخلاق الحسنة، فلقد كان - صلى الله عليه وسلم - يحرص على أن تكون صفوف الصلاة منتظمة، وأن يقف المسلمون في الصلاة متكاتفين متساويين، وأن يلين كل واحد لأخيه، ولا يتركوا بينهم فرجة للشيطان، عَنْ عبداللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ، فَإِنَّمَا تَصُفُّونَ بِصُفُوفِ الْمَلاَئِكَةِ، وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا فِي أَيْدِي إِخْوَانِكُمْ وَلاَ تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتعالى، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ»، وينبغي أن يكون ذلك التدريب على النظام والتلاحم والتواصل لا يكون داخل الصلاة أو داخل المسجد فقط، بل لا بد أن يمتد أثره خارج الصلاة وفي العلاقات والمعاملات.تعظيم المحرمات والسلامة منها قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: يعين العبد على تعظيم المناهي والمحرمات والسلامة منها كما أفاده ابن القيم -رحمه الله- خمسة أمور:
أهمية التقاء الشباب التأثير السلبي لوسائل التواصل على الشباب هناك عدد من السلبيات لوسائل التواصل عل الشباب، وإذا لم يتم التعامل معها بوعي ستؤثر بقوة على الشباب، ومن هذه السلبيات ما يلي:
__________________
|
#114
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1267 الفرقان الشباب وإصلاح النفس أهم قضية ينبغي للشاب الاهتمام بها، أن يهتم بإصلاح نفسه من خلال الطرح الآتي: كيف أزيد من إيماني وطاعتي لله -سبحانه وتعالى-؟ وكيف أنمي في نفسي الخوف من الله -عز وجل-، ومحبته، ورجاءه، والتوجه إليه، والرغبة والرهبة، إلى غير ذلك من عبادات القلب، وكيف أصرفها لله -سبحانه وتعالى-؟ كيف أربي في نفسي الحرص على الصلاة، وعلى تلاوة كتاب الله -سبحانه وتعالى-، وعلى ذكر الله، ثم كيف أنتصر على المعاصي؟ كيف أضبط شهواتي؟ كيف أضبط نفسي عما حرم الله -سبحانه وتعالى-؟ ثم كيف أتخلص من داء البخل الذي قد يكون حاجزاً بيني وبين الإنفاق في سبيل الله؟ وكيف أتخلص من داء الكسل الذي يكون عائقًا بيني وبين الكثير من التطلعات التي أرنو إليها؟ فقد يكون الكسل عائقاً بيني وبين عبادة الله -سبحانه وتعالى-، وبين طاعة الله -عز وجل-، وبين طلب العلم، وبين الدعوة، إلى غير ذلك من المجالات التي يجب أن أسلكها. ومن أهم سبل إصلاح النفس تحصيل العلم الشرعي؛ فلذلك ينبغي أن يحتل هذا الأمر مكانة بين قائمة اهتماماتك: فالعلم الشرعي هو سبيلٌ أساسي لإصلاح النفس وتهذيبها؛ لأنه يزود المسلم بالمعرفة اللازمة لتمييز الحق من الباطل، والخير من الشر، ويهديه إلى الطريق المستقيم، كما أن طلب العلم الشرعي يساهم في تصفية القلب وتزكيته، ويساعد على تحقيق التقوى والخوف من الله؛ ما ينعكس إيجابًا على سلوك الفرد وأخلاقه. مجاهدة النفس على طاعة الله -تعالى- إن مجاهدة الشاب لنفسه على طاعة الله -تعالى- واجتناب معاصيه، هي السبيل إلى مرضاة الله -تعالى-، ودخول جنة عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بَشَرٍ، وليعلم الشاب أن مجاهدة النفس على الطاعات واجتناب المحرمات، هو سبيل المؤمنين الصادقين، فيسلكه مقتديًا بهم، ومِنْ مجاهدة النفس الحرص على تلاوة القرآن الكريم، وقيام الليل بالصلاة وذِكْرِ الله -تعالى-؛ قال اللهُ -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} (فاطر). المثل الأعلى في مجاهدة النفس عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه فقلت: يا رسول الله، هذا وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قال: يا عائشة، أفلا أكون عبداً شكوراً؟!»، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم - ليلة فلم يزل قائمًا حتى هممت بأمر سوء. قلنا: وما هممت؟ قال: أن أقعد وأذره». هموم القلب الصحيح يقول ابن القيم: القلب الصحيح هو الذي همّه كله في الله، وحبّه كله له، وقصده له، وبدنه له، وأعماله له، ونومه له، ويقظته له، وحديثه والحديث عنه أشهى إليه من كل حديث، وأفكاره تحوم على مراضيه ومحابه، والخلوة به آثر عنده من الخُلطة؛ إلا حيث تكون الخلطة أحب إليه وأرضى له، قرة عينه به، وطمأنينته وسكونه إليه، فهو كلما وجد من نفسه التفاتًا إلى غيره تلا عليها: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} (الفجر). التخلق بخلق الإحسان الإحسان خلقٌ عالٍ، رغب إليه الإسلام، ويشمل الإحسان في كل شيء، وجاء في حديث جبريل -عليه السلام- المشهور الذي رواه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «قال:... فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، والعبادة كما هي معروفة: اسم جامع لكل ما يحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة؛ ولذلك ينبغي للمسلم التخلُّق بخلق الإحسان في أقواله وأفعاله الظاهرة والباطنة، وغرس هذا الخلق في أولاده وأسرته وكل من حوله؛ فالأخلاق الفاضلة التي تصل إلى درجة الإحسان لها تأثير إيجابي كبير في الآخرين وفي صلاح الفرد والمجتمع والأمة، فضلًا عن الأجر العظيم الذي أعدَّه الله -تعالى- لهم في الدنيا والآخرة. شُعَب الإيمان ![]() عشرة أخطاء يقع فيها الشباب هناك مجموعة من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الشباب، تجعلهم لا يستفيدون الكثير من هذه الفترة في حياتهم، وأهم هذه الأخطاء كما يلي: 1- انتظار الفرصة المثالية بدلًا من صناعة الفرص. 2- الاندفاع في اتخاذ القرارات دون دراسة الخيارات المتاحة. 3- عدم التعامل مع العلاقات المحيطة بما يتناسب معها؛ فكل علاقة تتطلب تعاملا يتناسب مع طبيعتها. 4- إغفال دور الأصدقاء والبيئة المحيطة. 5- سرعة الاستسلام وعدم استمرار المحاولة. 6- الخجل من السؤال. 7- تفضيل الطرائق المختصرة والسهلة. 8- الاستهانة بخبرات كبار السن ونصائحهم. 9- البحث عن نتائج مادية وتجاهل المردود المعنوي، كالأعمال التطوعية والخيرية على سبيل المثال. 10- الخوف من المحاولة وارتكاب الأخطاء. من أحسن فيما أمره الله به قال العلامة السعدي -رحمه الله-: «إن من أحسن فيما أمره الله به، أعانه الله، ويسَّر له أسباب الهداية، وإن من جدّ واجتهد في طلب العلم الشرعي، فإنه يحصل له من الهداية والمعونة على تحصيل مطلوبه أمورٌ إلهية خارجة عن مدرك اجتهاده، فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله؛ بل هو أحد نوعي الجهاد الذي لا يقوم به إلا خواصُّ الناس، وهو الجهاد بالقول واللسان للكفار والمنافقين، والجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى ردِّ نزاع المخالفين للحق ولـو كانـوا مسلمـين». فن معالجة الأخطاء من المهارات المهمة التي يجب على الشباب إتقانها هو فنون معالجة الأخطاء؛ فلابد أن يدركوا أهميتها، ويحاولوا أن يتبعوا قواعدها ويلتزموها؛ كي تكتسب أنفسهم مناعة بتعاملهم مع ما يصادفهم من تحديات ومضايقات ومنغصات، وحتى يستطيعوا تصحيحها أو تخفيف آثارها السلبية، والتعلم منها لتجنب تكرارها. اهتمامات الشباب يتعامل الإسلام مع اهتمامات الشباب من خلال توجيههم نحو القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تعزز بناء مجتمع قوي ومتماسك؛ فالإسلام يركز على أهمية العلم والعمل الصالح، ويدعو الشباب إلى التمسك بتعاليم الدين الحنيف واجتناب ما يضرهم في الدنيا والآخرة، كما يولي اهتمامًا خاصا لتنمية قدرات الشباب وتأهيلهم ليكونوا قادة في مختلف المجالات.
__________________
|
#115
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1268 الفرقان صفات الشاب المسلم من أهم الصفات التي ينبغي للشاب المسلم الاتصاف بها: أن يكون مُهذَّبًا في أقواله، حليمًا في أفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، لقول الله -عزوجل- لنبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران:159). كما إنه يتجنب الغضب؛ وذلك عملاً بوصية النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَغْضَب»، وهو متواضع؛ لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ»، وإذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق؛ لقول الله -عز وجل-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق:18)، فلا يقابل السيئة بالسيئة؛ وإنما يقابلها بالحسنة؛ لأنه يريد أن يكون من ذوي الحظ العظيم؛ كما قال الله: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت)، ولا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ؛ لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء:23)، ولا يرفع صوته على شيخ مُسِنٍّ، ولا ضعيف مسكين، ويعفو ويصفح، ويُسامح ويكرم، ويغفر ويرحم؛ لقوله -تعالى-: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (النور:22)، فهذه هي صفاته وتلك هي أخلاقه التي يتخلَّق بها، وآدابه التي يتأدَّبُ بها، اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ عملا بقول الله -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} (الأحزاب:21). تأثير الصديق جاء في الأثر: «قل لي من تُصاحب أقل لك من أنت»؛ بعض الشباب قد يصاحب أصدقاء لا دين لهم ولا أخلاق، فيترتَّب على ذلك كثير مِن المفاسد؛ فالصديق السُّوء له أثرٌ سيِّئ على صاحبه؛ ولا شك أن مجالسة الأصدقاء الصالحين ومرافقتَهم هي خيرُ وسيلةٍ للتحلي بالأخلاق الفاضلة، إذا اقتدى بهم في أقوالهم وأفعالهم، فللأصدقاء تأثيرٌ كبير على أقرانهم؛ من أجل ذلك حثنا نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - على حسن اختيار الصديق فقال: قال: «إنما مَثَل الجليس الصالح والجليس السَّوء، كحاملِ المسك، ونافخ الكِير، فحاملُ المسك، إما أن يُحذِيَك -أي: يعطيك مجانًا-، وإما أن تبتاع - أي: تشتري منه، وإما أن تجدَ منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير، إما أن يُحرِقَ ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة». اقتداء الشباب بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الشابُّ المسلم يتأسى برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويتخلَّق بأخلاقه؛ لأنه القدوة الحسنة، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - خُلُقه عظيمًا بشهادة الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)، وكان - صلى الله عليه وسلم - خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ». احذروا طَيْشَ النّفس! من أهم الأمور التي يجب على الشباب الحذر منها «الطيش»؛ فإن من يتصفون بهذه الصفة لا يُعملون عقولهم ولا ينظرون في العواقب؛ بل يندفعون اندفاعًا بلا تعقُّلٍ، فيوردهم ذلك المهالك؛ ولهذا شبهت النفس في طيشها بكُرة من فخار وُضعت على منحدر أملس؛ فلا تزال متدحرجةً ولا يُدرى في نهاية أمرها بأيِّ شيء ترتطم! وكم هي تلك المآلات المؤسفة والنهايات المحزنة التي يؤول إليها أمر الطائشين ممن لا يتأملون في العواقب ولا ينظرون في المآلات! أيها الشاب: أنت حسيب نفسك ![]() المرء بأصْغَريه.. ![]() لماذا نحبّ الصحابة؟ محبة الصحابة -رضوان الله عليهم- من محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم خير القرون في جميع الأمم؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُ الناس قرْني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»، وهم الواسطة بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أمَّته، فعنهم تلقَّت الأمةُ الشريعة، وعلى أيديهم تمت الفتوحات الواسعة العظيمة، وهم من نشروا الفضائل بين الأمة؛ من الصِّدْق والنُّصْح والأخلاق والآداب، التي لا توجد عند غيرهم، قال -تعالى مُثنيًا عليهم-: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة:100)، وقال -تعالى-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} (الفتح:29). من أفضل الأعمال إن من أفضل الأعمال التي دعا إليها الشرع ورغَّب فيها: حسن الخلق؛ فهو من أعظم هبات الله لعباده؛ قال -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)، وقال -تعالى-: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (البقرة:83)، ومن الأخلاق الفاضلة: المروءة، والحياء، والصدق، والوفاء، والكرم، والشجاعة، وغيرها من الأخلاق الكريمة التي دعا إليها الإسلام ورغَّب فيها. أخلاق يبغضها الله -تعالى- من الأخلاق التي يبغضها الله -تعالى-: الْكِبْرُ، وَالْفَخْرُ، وَالْخُيَلَاءُ: فَالْكِبْرُ: هُوَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ؛ بِأَنْ يَرَى نَفْسَهُ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْفَخْرُ: هُوَ الْمُبَاهَاةُ فِي الْأَشْيَاءِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْإِنْسَانِ؛ كَالْمَالِ وَالْجَاهِ، وَالْخُيَلَاءُ: هِيَ التَّكَبُّرُ؛ بِأَنْ يَتَخَيَّلَ الْإِنْسَانُ فَضِيلَةً تَرَاءَتْ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ. وَالْخُيَلَاءُ وَالْمَخِيلَةُ مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُحَرَّمَةِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لُقْمَانَ:18)؛ أَيْ: مُخْتَالٌ مُعْجَبٌ بِنَفْسِهِ، فَخُورٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَهَذَا الصِّنْفُ مِنَ النَّاسِ لَا يُحِبُّهُمُ اللَّهُ، وَلَا يَرْضَى عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَكَبِّرُونَ عَلَى النَّاسِ؛ وَلِذَا يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ -تعالى-؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الِاخْتِيَالُ الَّذِي يُبْغِضُ اللَّهُ -عزوجل-: الْخُيَلَاءُ فِي الْبَاطِلِ»، وَهَذِهِ الصفات تَسْلُبُ صَاحِبَهَا الْفَضَائِلَ، وَتُكْسِبُهُ الرَّذَائِلَ، وَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ. من أدب الحديث قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي، ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه؛ بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه، وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث، وإدخالُ السرور عليه، وسلامتك من العجب بنفسك، وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
__________________
|
#116
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1269 الفرقان أخلاقيات الطالب الجامعي أخلاقيات الطالب الجامعي المسلم تتضمن مجموعة من الصفات والسلوكيات التي يجب أن يتحلى بها، والتي تعكس التزامه بتعاليم الإسلام وتطلعه ليكون قدوة حسنة في مجتمعه، وتشمل هذه الأخلاقيات الإخلاص في طلب العلم، والتحلي بالأخلاق الحميدة، والاجتهاد في الدراسة، واحترام المعلمين والزملاء، والمحافظة على الوقت، واجتناب المحرمات وغيرها من الأخلاق الحسنة الحميدة. (1) الإخلاص: مما لاشك فيه أن دراسة العلم النافع من أفضل الأعمال والقربات إلى الله -سبحانه وتعالى-، ولكن الأمر يحتاج إلى النية الصادقة الخالصة لله -عز وجل-، قال -تعالى-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى». (2) التفوق في الدراسة: المسلم الحقّ لا يمكن أن يكون فاشلا في دراسته وعلمه؛ فديننا يحث على التفوق ويرغب فيه؛ ولذلك فإن من الواجب عليك أن تسعى بجد ونشاط في تحصيل دروسك وأداء مهامك على أكمل وجه وأفضل طريقة. (3) التحلي بأخلاق الإسلام في التعامل مع الآخرين: على طالب الجامعة أن يتحلى بأخلاق الإسلام في تعاملاته مع الآخرين، وعليه أن يكون حريصًا على أخلاق الإسلام سواء مع مدرسيه أو زملائه أو مع غيرهما. (4) غض البصر: وهو أمر في غاية الخطورة والأهمية؛ فعلى الطالب أن يكون حريصًا عليه؛ فالحق -تبارك وتعالى- يقول: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}، ويقول -تعالى-: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}. (5) المحافظة على الوقت: اهتم الإسلام بالوقت أيما اهتمام! وقد أقسم الله به في آيات كثيرة فقال الله -تعالى-: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»؛ لذلك على طالب الجامعة إدارة الوقت واستغلاله لتحقيق أهدافه بكفاءة. فضل العلم والعلماء إنَّ المتأمل لفضل العلم والعلماء في ديننا ليشعر بالفخر من هذا التكريم الرائع، وهذا الأجر الكبير الذي يحظى به العلماء في شريعتنا، ومعرفة هذه الفضائل لعلها تكون دافعا على السعي والجد في دراستك ولعلها تصلح من نيتك؛ فالعلم أساس التقرب إلى الله، وسبب لرفعة الدرجات في الدنيا والآخرة، والعلم نور يضيء للإنسان طريقه، ويهديه إلى الصواب، ويقيه من الضلال والجهل، كما أن العلماء هم ورثة الأنبياء، ومصابيح الهدى للأمة، والعلم يرفع صاحبه في الدنيا والآخرة، قال -تعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، والعلم هو طريق الجنة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة». الحذر من أصدقاء السوء! إن أهم ما يجب على الطالب ولا سيما في المرحلة الجامعية الحذر من صحبة أصدقاء السوء؛ فصحبتهم خزي وعار، وذلة وشنار، لا خير فيهم، ولا نفع يرجى من ورائهم؛ إذ كيف ينفعوك وهم لم ينفعوا أنفسهم؟، قال -تعالى-: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، وصحبة الأشرار -وإن لبسوا أثواب البر- سبب الضياع والانحراف عن الاستقامة، والوقوع في الكبائر. ![]() الحرص على أداء العبادات إن الطالب الجامعي قد يكون مشغولا بمحاضراته فيفوته الكثير من العبادات؛ فلذلك عليه أن يكون حريصا على أداء الصلاة في أوقاتها فلا يضيعها مهما كانت الظروف، كما عليه أن يكون حريصًا على قراءة ورده من القرآن وأن يخصص لذلك وقتا معينا بناء على ظروفه، كما عليه المحافظة على أذكار الصباح وأذكار المساء؛ لما لها من ثواب عظيم عند الله -سبحانه وتعالى-، وأن يكون دائم الاستغفار والذكر لله -سبحانه وتعالى- والصلاة والسلام على رسول الله، سواء في جلوسه في الجامعة أو أثناء سيره أو ركوبه فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى الرجل الذي اشتكى له كثرة شرائع الإسلام؛ فقال له: لا يزال لسانك رطبا بذكر الله. ثواب من طلب العلم ليحيي به الإسلام ![]() من ملامح تميِّز المرحلة الجامعية إنَّ نجاح الإنسان في حياته لا يتوقَّف على مرحلة معيَّنة، ولا شكَّ أنَّ هناك ملامحَ تميِّز المرحلة الجامعية في حياة الإنسان، فهي مرحلة حماسة وفاعلية، وتأثر وتأثير، كما أنَّها مرحلة تثقل قدراته، وتنمِّي ملكاتِه الإبداعية، كما إنَّ المرحلة الجامعية مرحلة تطور وانطلاق، وتعلُّم وتفاعل، ومسؤولية والتزام، فالطالب الجامعيُّ خرج من بيئة معرفية محدودة إلى مجتمع ثقافي مفتوح، وعند هذه اللحظة، فإنَّه يقف على أبواب مستقبل يمكن أن يصنعَ له السعادة الأبدية، وإن اضطربتْ أولوياته، وانحرفتْ أهدافه، فإنَّه يضرُّ حاضره ومستقبله؛ وذلك لأنَّ الإنسان حينما تتحوَّل حياتُه إلى اللهو والعبث، فإنَّه يفقد قيمتَه بوصفه إنسانا أوجده الله على الأرض لعظائمِ الأمور، ورسالةُ طالِب الجامعة أسمى مِن أن تكون بلا فائدة. الحياة الجامعية الحياة الجامعية هي مرحلة حاسمة في تكوين شخصية الطالب وتحديد مساره المستقبلي، إلى جانب التحصيل العلمي واكتساب المعرفة، وتلعب الأخلاقيات دورًا جوهريًا في بناء شخصية الطالب الجامعي وتأهيله ليصبح مواطنًا صالحًا ومسؤولًا. بركة الاستعانة بالله والتوكل عليه ![]() من الأخطاء التي يقع فيها طلبة الجامعة
__________________
|
#117
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1270 الفرقان الصدق من أجلِّ الأخلاق وأعظمها إن الصدق من أجَلِّ الأخلاق وأعظمها التي ينبغي للشباب التحلي بها ، وهو منبع كثير من الفضائل الخُلقية؛ لذا كان محل عناية القرآن؛ للدلالة على أن المجتمع المسلم يجب أن يتَّصف بهذه الصفة الرائعة صفة الصدق؛ لأنها مفتاح كل خير، فقال -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة:199). وعد الله الصادقين بأجزل المثوبة فقال -سبحانه-: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} (الأحزاب:24)، وبيّن لهم أن عاقبته في الدنيا خير، فقال -تبارك وتعالى-: {فَإذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ} (محمد:21)، ونَوَّه بأثره في الآخرة فقال: {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} (المائدة:199)، والصدق هو الخُلق البارز الذي اتصف به الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل بعثته حتى لُقِّب بالصادق الأمين، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائمًا ما يحث المسلمين على الصدق في أقوالهم وأفعالهم فيقول: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً»، وللصدق فضائل عظيمة يسعد بها العبد الصادق في الدنيا، وينال بسببها من البركة والقبول والصلاح في الدنيا والأجر العظيم والثواب الجزيل في الآخرة. الرسول قدوتنا في كمال الأخلاق الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، قدوتنا في كمال الأخلاق وعلى رأسها الصدق، حيث كان - صلى الله عليه وسلم - أصدق الناس وأبرهم وأكملهم علمًا وعملاً وإيمانًا ويقينًا، وكان معروفًا بالصدق في قومه، وقد كان ذلك فيه بمثابة السّجيّة والطّبع فعرف بذلك حتّى قبل البعثة، ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يلقّب بالصّادق الأمين، واشتهر بهذا وعرف به بين أقرانه، وبعد البعثة المباركة كان تصديق الوحي له مدعاة لأن يطلق عليه أصحابه «الصّادق المصدوق»، وصدق الله- عزّ وجلّ- إذ قال: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم). مرتبة عباد الله الصادقين لقد وعَد الله الصادقين بأعظم الجزاء، وأفضل الثواب؛ وما ذلك إلا لعِظَم هذه الخَصلة التي تحلَّوْا بها، والصفة التي اتصَفوا بها، بل إن اللهَ جعَل مرتبة الصِّديقين بعد مرتبة النبيين، وجعَلهم من المنعَم عليهم الذين وعَد اللهُ أهلَ طاعتِه وطاعةِ رسوله برفقتِهم في الجنة؛ فقال -تعالى-: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِـحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} (النساء:69)، والصِّدِّيقون كما يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي: «هم الذين كمُل تصديقُهم بما جاءت به الرسلُ، فعلِموا الحقَّ وصدَّقوه بيقينهم وبالقيام به؛ قولاً وعملاً وحالاً ودعوةً إلى الله»، {وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} بالاجتماع بهم في جنات النعيمِ، والأنس بقربِهم في جوارِ رب العالمين». الشباب وقيمة الصدق ![]() حقيقة محبة النبي صلى الله عليه وسلم ![]() الرجولة الحقيقية ![]() القدرة على ضبط النفس والعفو إن قدرة الشاب على ضبط نفسه والعفو عند المقدرة ومقابلة الإساءة بالإحسان، تعكس عمق الإيمان وقوة الشخصية لديه، وتُسهم في بناء مجتمع تسوده المحبة والاحترام المتبادل، وقيمة ضبط النفس مع العفو هي من أعظم القيم والتي تعد جزءًا من قيمة مقابلة الإساءة بالإحسان، اختصها الله بإعطاء الجزاء عنها ومكافأة عباده بها، فقال عن العفو: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (الشورى: 40). قيم تربوية في قوله -تعالى-: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} تحمل الآية الكريمة {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} العديد من القيم التربوية، منها:
المؤمن لا يكذب أبدًا! سُئِل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المسلم هل يكون كاذبًا؟ فقال: لا، فقد قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال: (نعم)، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلًا؟ فقال: (نعم)، فقيل له: أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال: لا». هذا الحديث يؤكد على أهمية الصدق والبعد عن الكذب في حياة المؤمن، فالإيمان الحق يتنافى مع الكذب، والمؤمن الحق يحرص على الصدق في أقواله وأفعاله.
__________________
|
#118
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1271 الفرقان رجولة الشباب بين المظهر والمضمون اعلموا يا شباب أن الرجولة الحقيقية تعني القوة والمروءة والكمال، وقد وصف الله بذلك الوصف أشرف الخلق فقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى}، وهي صفة أهل الوفاء مع الله الذين باعوا نفوسهم لربهم: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا}. وصفة أهل المساجد الذين لم تشغلهم العوارض عن الذكر والآخرة {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}، فالرجولة وصف يمس الروح والنفس والخلق أكثر مما يمس البدن والظاهر؛ فرب إنسان أوتي قوة في الجسم وصحة في البدن يطيش عقله فيغدو كالهباء، ورب رجل قعيد البدن وهو مع ذلك يعيش بهمة الرجال؛ فالرجولة مضمون قبل أن تكون مظهرًا، فابحث عن الجوهر ودع عنك المظهر؛ فإن أكثر الناس تأسرهم المظاهر ويسحرهم بريقها، فمن يُجلّونه ويقدرونه ليس بالضرورة أهلا للإجلال والتوقير، ومن يحتقرونه ويزدرونه قد يكون من أولياء الله وعباده الصالحين، وقد ثبت عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنه قال: مر رجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ما تقولون في هذا؟» قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: «ما تقولون في هذا؟» قالوا: حري إن خطب ألا ينكح، وإن شفع ألا يشفع، وإن قال ألا يسمع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا خير من ملء الأرض مثل هذا»، وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره». مفاهيم غير صحيحة عن الرجولة كثيرون هؤلاء الذين يحبون أن يُمدحوا بوصف الرجولة ولكن لا يسعفهم رصيدهم منها فيلجؤون إلى أساليب ترقع لهم هذا النقص وتسد لهم هذا الخلل، ومن هذه الأساليب:
من مقومات الرجولة إن الرجولة نعت كريم لا يستحقه الإنسان حتى يستكمل مقوماته ويتصف بمواصفاته، ومن هذه المقومات: 1- الإرادة وضبط النفس: أول ميدان تتجلى فيه الرجولة أن ينتصر الإنسان على نفسه الأمارة بالسوء؛ فالرجل الحق هو الذي تدعوه نفسه للمعصية فيأبى ، وتبدو أمامه الفتنة فلا يستجيب لها. 2- علو الهمة: وهي أن يعمل على الوصول إلى الكمال الممكن في العلم والعمل؛ فالهمة مقدمة الأشياء فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من الأعمال. 3- النخوة والعزة والإباء: الرجال هم أهل الشجاعة والنخوة والإباء، فقد ربى الإسلام أبناءه على الشجاعة والعزة والحمية، وهذب معانيها في نفوس أتباعه وضبطها فهي ليست مجرد ميدان للفخر والخيلاء. 4- الوفاء: الوفاء من شيم الرجال، التي يمدحون بها، ومن أمثلة وفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - موقفه يوم الهجرة وإبقاء علي - رضي الله عنه - لرد الأمانات إلى أهلها. قالوا عن الرجولة ![]()
الواجب على جميع الشباب ![]() من معالم الـرجولة ![]() الرجولة في القرآن والسُنَّة الذي يتتبع معنى الرجولة في القرآن الكريم والسُنَّة النبويَّة، يعلم أن أعظم من تتحقق فيهم سمات الرجولة الحقة هم الذين يستضيئون بنور الإيمان ويحققون عبادة الرحمن، ويلتزمون التقوى في صغير حياتهم وكبيرها كما قال -تعالى-: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وعندما سُئل - صلى الله عليه وسلم -: «من أكرم الناس؟ قال:أتقاهم لله». الشباب رجال الغد اعلموا يا شباب أنكم رجال الغد، وآباء المستقبل، وعليكم مهمة تربية الأجيال القادمة، وإليكم تؤول قيادة الأمة في مختلف مجالاتها، وفي صلاحكم صلاح للأمة، ولقد كان أكثر حملة الإسلام الأوائل في أول زمن البعثة من الشباب فهذا علي - رضي الله عنه - لم يكن تجاوز العاشرة، وكذلك بقية العشرة -رضي الله عنهم- كانوا شبابًا، وجماعة كثيرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا شبابًا، قام عليهم الدين، وحملوه على أكتافهم حتى أعزهم الله ونصرهم . حال الشباب في العهد النبوي من الصور الرائعة لحال الشباب في العهد النبوي ما رواه أبو سليمان مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن شبَبَة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رفيقًا، فظن أنا قد اشتقنا أهلنا، فسألَنَا عمن تركنا من أهلنا، فأخبرناه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم ومروهم، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم».
__________________
|
#119
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1272 الفرقان حُبّ الخير للآخرين من كمال الإيمان يقول الله -تعالى-: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} (الأنبياء:92)، وقد أكد نبينا - صلى الله عليه وسلم - هذا المعنى وشدد عليه حين قال: «المسلم أخو المسلم»، «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا»، «مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر». وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، لقد ربى الإسلام أبناءه على استشعار أنهم كيان واحد، وأمَّة واحدة، وجسد واحد: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات:10)، ورباهم على محبة الخير لإخوانهم المسلمين كما يحبونه لأنفسهم، وجعل ذلك من علامات كمال الإيمان، فمن لم يكن كذلك فقد نقص إيمانه، ويؤكد هذا المعنى -أن محبة الخير للآخرين من علامات الإيمان- ما رواه أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا»، ويؤكده أيضًا أن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أفضل الإيمان؟ فقال: «أفضل الإيمان أن تحب لله، وتبغض لله، وتعمل لسانك في ذكر الله» قال: وماذا يا رسول الله؟ قال: «أن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تقول خيرا أو تصمت»، وهذه الصفة سبب لكل خير، فهي من أعظم أسباب سلامة الصدر، ثم إن هذه الصفة من أعظم أسباب دخول الجنة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه». الأنصار أكثر الناس محبة للخير لقد خلّد الله ذكر الأنصار ومدحهم بهذه الصفة ألا وهي حبّ الخير للآخرين؛ فقال -تعالى-: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر:9)، فمع أنهم هم الذين آووا المهاجرين وواسوهم، وقاسموهم الأموال وأعانوهم، فقد نصروا الرسول وبذلوا أموالهم وأرواحهم لنصرة هذا الدين، ولم يجدوا في صدورهم شيئا حين فضل الله المهاجرين، وفوق ذلك لما أخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المهاجرين تركوا ديارهم وأموالهم، قالوا: هذه أموالنا، اقسمها بيننا وبين إخواننا المهاجرين، اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، فرفض النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يعمل المهاجرون ويشتركوا مع الأنصار في الثمر. الشباب وحُبّ الخير للآخرين حبُّ الخير للشباب قيمة إنسانية وأخلاقية عظيمة؛ فهو يشمل الرغبة في رؤية الخير والسعادة للآخرين، والسعي لتحقيق ذلك من خلال الأفعال والمواقف الإيجابية؛ فالشباب -بفطرتهم المتجددة والحيوية- هم القوة الدافعة لنشر هذه القيمة في المجتمع، وتحويلها إلى واقع ملموس. الصدق في القصد والقول والعمل الصدق الحقيقي غير قاصر على صدق القول فقط، بل يكون في القصد والقول والعمل:
![]() الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين يُعد حب الخير للآخرين من كمال الإيمان؛ إذ يعكس روح التعاون والتعاطف، ويعزز قيم الإنسانية والمشاركة، في الإسلام، وهذه القيمة ليست مجرد فكرة عابرة، بل هي جوهر يسهم في تعزيز التعاون والتراحم بين الناس، وحب الخير للآخرين يُعد جهادًا نفسيا؛ إذ يعكس قوة الإيمان والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين؛ فعندما يتجاوز الفرد الأنانية ويُفضل الآخرين، يحتاج إلى إرادة وصبر، وعندما يتحلى بالتعاطف ويفهم معاناة الآخرين، يصبح شخصًا إنسانيا محبا للخير. حقيقة التوكل ![]() الدعوة إلى الخير ![]() ![]() من فضائل الصحابة -رضي الله عنهم- من فضائل الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم خير هذه الأمة بعد نبيها، فقد صحبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وآمنوا به وناصروا دعوته، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيل الله -تعالى-، وقد أثنى الله عليهم في القرآن الكريم ووعدهم بالجنة والمغفرة، كما أنهم كانوا أصحاب همم عالية، وزهد في الدنيا، وحب للآخرة. الأمر بالتعاون على البر والتقوى قال الشيخ العلامة محمد رشيد رضا في تفسير المنار: «أما الأمر بالتعاون على البر والتقوى فهو من أركان الهداية الاجتماعية في القرآن؛ لأنه يوجب على الناس إيجابا دينيا أن يعين بعضهم بعضا على كل عمل من أعمال البر التي تنفع الناس أفرادا وأقواما في دينهم ودنياهم، وكل عمل من أعمال التقوى التي يدفعون بها المفاسد والمضار عن أنفسهم، فجمع بذلك بين التحلية والتخلية، ولكنه قدم التحلية بالبر، وأكد هذا الأمر بالنهي عن ضده؛ وهو التعاون على الإثم بالمعاصي وكل ما يعوق عن البر والخير». من يكره حب الخير؟! لا يكره الخير للمسلمين إلا رجل يسخط على قضاء الله، ولا يطمئن لعدالة تقديره -سبحانه-؛ فهو يريد أن يقسم رحمة ربه بحسب شهوته وهواه، ولو اتبع الحق هواه لما أذن هذا الكاره للخير لغيره أن يتنسم نسيم الحياة: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْأِنْفَاقِ وَكَانَ الْأِنْسَانُ قَتُوراً} (الاسراء:100)، نعم لو كان الأمر لهؤلاء ضعاف النفوس ضعاف الإيمان لحجبوا عن الناس كل خير.
__________________
|
#120
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1273 الفرقان الوفاء.. قيمة أساسية في حياة الشباب الوفاء بالعهد قيمة أساسية في حياة الشباب؛ فهي تساهم في بناء شخصياتهم وتعزيز علاقاتهم الاجتماعية، وتساعدهم على تحقيق أهدافهم الشخصية والمهنية؛ فيجب على الشباب أن يحرصوا على التحلي بهذه القيمة النبيلة، وأن يجعلوا منها جزءًا لا يتجزأ من سلوكهم اليومي؛ فهو صفة من صفات النفوس الشريفة. ولن يترقى المسلم في مراتب الإيمان إلا إذا كان وفيًّا، قال الله -عزوجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (المائدة:1)، ويقول -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} (الصف:3)، كما إن الوفاء من أعظم الصفات الإنسانية، فمن فُقِد فيه الوفاء فقد انسلخ من إنسانيته، ولولا الوفاء لتنافرت القلوب، ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سيد الأوفياء ومن نبع وفائه - صلى الله عليه وسلم - أنه لم ينس ما قدمه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لنصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والإسلام، فعن علي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر»، كما أنه - صلى الله عليه وسلم - كان وفيًا مع زوجاته، ولا سيما السيدة خديجة -رضي الله عنها- التي واسته بمالها وحسبها ونصرته - صلى الله عليه وسلم -، فما نسي النبي لها ذلك الجميل، فعمَّها بوفائه في حياتها وبعد مماتها -رضي الله عنها-، فمن وفائه - صلى الله عليه وسلم - معها، أنه كان يكرم صديقاتها بعد موتها. رحماء بينهم عن سفيان بن حسين قال: «ذكرت رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية، فنظر في وجهي، وقال: أغزوتَ الرومَ؟ قلت: لا، قال: فالسِّند والهند والترك؟ قلت: لا، قال: أفَتسلَم منك الروم والسِّند والهند والترك، ولم يسلَمْ منك أخوك المسلم؟! قال: فلَم أعُد بعدها»، هذا من فطنته وجميل نُصحه، ولربما كان بعض الناس أقسى من ذلك «يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان»، وقد وصف الله المؤمنين بقوله: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح: 29) وقوله: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (المائدة: 54). قيمة إنسانية نبيلة الوفاء بالعهد قيمة إنسانية نبيلة، ولا سيما للشباب، حيث يسهم في بناء الثقة بالنفس والمجتمع، ويعكس الالتزام بالمسؤولية والأخلاق الحميدة، ويعد الوفاء بالعهد من أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الشباب؛ لما له من أثر إيجابي على حياتهم الشخصية والاجتماعية. لنكن صورة مشرفة للإسلام من الواجب على الشباب أن يكونوا صورةً مشرفةً للإسلام، وأن يكونوا أوفياء مع الناس جميعًا، لا فرق في الوفاء بين قريب أو بعيد، صديق أو عدو، مؤمن أو كافر؛ فالأخلاق في الإسلام لا تتلوَّن، وإنما هي ثابتة لا تحابي أحدًا على حساب أحد وقال -عزَّ مِن قائل-: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ} (الرعد). الوفاء مع الوالدين ![]() الوفاء بالوعد واجب ![]() محبّة النبيّ صلى الله عليه وسلم من أعظم الطّاعات ![]() وفاء الطالب لمعلّمه وفاء الطالب لمعلمه هو تقديره لجهوده وتأثيره الإيجابي عليه، ويشمل ذلك إظهار الاحترام والتقدير، والاعتراف بفضل المعلم في تعليمه وتوجيهه، كما يتجلى الوفاء في السعي لتحقيق النجاح الدراسي والتميز في الحياة؛ مما يعكس أثر المعلم الإيجابي على الطالب؛ فالمعلم شخص مر علينا في أيام حياتنا فأعاننا على الوصول إلى ما قد وصلنا إليه، والسلف -رحمة الله عليهم- قدموا نماذج عظيمة في ذلك، يقول أبو حنيفة: ما مددت قدمي تجاه بيت حماد وإن بيني وبينه سبع سكك إجلالاً له، وقال: والله ما صليت صلاة منذ أن مات حماد إلا ودعوت له مع والدي، برا بشيخي، وكذلك الإمام أحمد مع الشافعي -رحمه الله-، ومن صور الوفاء للمعلم ذكره وتمجيده في المحافل وزيارته وتقبيل رأسه إذا رأيناه بين الناس، ومن لم يكن له خير مع معلميه فلا خير له مع غيرهم. الفراغ من أهم مشكلات الشباب قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ»، إن مشكلة الفراغ أنه يولد الأعمال غير النافعة بدعوى قتل الوقت، من الجلوس في المقاهي دون داعٍ، أو النوم نهارًا والسهر ليلاً، وفي هذا انقلاب على النواميس الكونية؛ حيث جعل الله الليل لباسًا والنهار معاشًا، والشباب يجعلون الليل لهوًا والنهار نومًا، فلا يكتسبون معاشًا لا في الليل ولا في النهار، وبعضهم يقع في الغيبة والنميمة، وآخرون لا يعطون الطريق حقه كما أمر الإسلام بغضِّ البصر ورد السلام وإزالة الأذى؛ فالله الله في الحفاظ على الوقت؛ فإنما الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |