|
ملتقى الملل والنحل ملتقى يختص بعرض ما يحمل الآخرين من افكار ومعتقدات مخالفة للاسلام والنهج القويم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() المهـديـة
المهدية واحدة من أنشط حركات الإصلاح التي ظهرت في العالم العربي والإسلامي مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الميلادي. وهي ذات مضمون ديني وسياسي. أسس الحركة محمد أحمد المهدي. ولد محمد أحمد المهدي بن عبد الله سنة 1845م في جزيرة لبب جنوب مدينة دنقلة في السودان. يقال بأن نسبه ينتهي إلى الأشراف. حفظ القرآن وهو صغير ونشأ نشأة دينية متتلمذاً على الشيخ محمود الشنقيطي، سالكاً الطريق السمّانية القادرية الصوفية. ثم التحق بالشيخ القرشي وَدْ الزين في الجزيرة وجدد البيعة على يديه. ويلاحظ أن شيخيه الأول والثاني من أشهر مشايخ الطرق الصوفية آنذاك. استقر عام 1870م في جزير أبا حيث يقيم أهله والتزم أحد الكهوف مستغرقاً في التأمل والتفكير. وعندما توفي شيخ القرشي قام المهدي بتشييد ضريحه وتجصيصه وبناء القبة عالية، وصار خليفته من بعده حيث توافد عليه المبايعون مجددين الولاء للطريقة في شخصه. وفي عام 1881 أصدر فتواه بإعلان الجهاد ضد المستعمرين الإنكليز، وأخذ يعمل على بسط نفوذه في جميع أنحاء غرب السودان. وقابل قوة الحكومة التي أرسلت لإخماد حركته عام 1881م وأحرز عليها انتصاراً دعّم موقفه ودعواه. هاجر بعدها إلى جبل ماسة ورفع رايته هناك. التقى جيش المهدي بجيش القائد البريطاني غوردون في الخرطوم، وفي 26 يناير 1885م اشتدت المعركة وقتل غوردون الذي جُزّ رأسه وبعث إلى المهدي الذي كان يأمل إلقاء القبض عليه حياً ليبادل به أحمد عرابي الذي أجبر على مغادرة مصر إلى المنفى. وكان سقوط الخرطوم بين يدي المهدي آنذاك إيذاناً بانتهاء العهد العثماني على السودان. من يومها لم يبق للمهدي منافس حيث قام بتأسيس دولته مبتدئاً ببناء مسجده الخاص الذي تم إنهاء بنائه في 17 جمادى الأولى 1305هـ. توفي في يوم 9 رمضان/ يونيو 1885م بعد أن أسس أركان دولته الوليدة، وهي دولة لم تدم طويلاً. ففي عام 1896م قضى اللورد كتشنر الذي كان سرداراً لمصر على هذه الدولة ونسف قبة المهدي ونبش قبره وبعث بجمجمته إلى المتحف البريطاني انتقاماً لمقتل غوردون. كانت شخصية المهدي القوية والمعتقد الديني الذي يدعو إليه، والسخط العام الذي كان سائداً ضد الولاة الذين فرضوا الضرائب الباهظة على الناس، وتفشي الرشوة والمظالم، وسيطرة الأتراك والإنكليز، كان لذلك كله دور مهم في تجميع الناس حول هذه الدعوة بهدف التخلص من الوضع المزري الذي هم فيه إذ وجدوا في المهدي المنقذ والمخلّص. دعا المهدي إلى ضرورة العودة مباشرة إلى الكتاب والسنة دون غيرهما من الكتب التي يرى أنها تبعد بخلافاتها وشرورها عن فهم المسلم البيسط العادي، وأوقف العمل بالمذاهب الفقهية المختلفة، وحرّم الاشتغال بعلم الكلام، وفتح باب الاجتهاد في الدين، وأقر كذلك كتاب كشف الغمة للشعراني، والسيرة الحلبية، وتفسير روح البيان للبيضاوي، وتفسير الجلالين. ألغى المهدي جميع الطرق الصوفية وأبطل جميع الأوراد داعياً الجميع إلى نبذ الخلافات والالتفاف حول طريقته المهدية مؤلفاً لهم ورداً يقرأونه يومياً. ومن هذا الباب دخلت المهدية مرة أخرى في بوتقة الصوفية وانصهرت فيها. كان من أبرز ما في دعوة المهدي إلحاحه الشديد على موضوع الجهاد والقوة والفتوة. ويقول بأن مهديته قد جاءته بأمر من رسول الله، إذ يقول: "وقد جاءني في اليقظة ومعه الخلفاء الراشدون والأقطاب والخضر عليه السلام وأمسك بيدي وأجلسني على كرسيه وقال لي: أنت المهدي المنتظر ومن شك في مهديتك فقد كفر". ونسب إلى نفسه العصمة وذكر بأنه معصوم نظراً لامتداد النور الأعظم فيه من قبل خالق الكون إلى يوم القيامة. كان المهدي يلح على ضرورة التواضع وعدم البطر وتشديد النكير على الانغماس في الملاذ والبذخ والنعمة، ويعمل على التقريب بين طبقات المجتمع. وقد عاش حياته يلبس الجبة المرقعة هو وأتباعه. وحرّم الاحتفال بالأعراس والختان احتفالاً يدعو إلى النفقة والإسراف. ويسّر الزواج بتخفيف المهور وبساطة الولائم وتحريم الرقص والغناء وضرب الدفوف. كما منع البكاء على الأموات، وحرّم الاشتغال بالرقى والتمائم، وحارب شرب الدخان وزراعته والاتجار به، وشدد في تحريمه. وأقام حدود الشريعة في أتباعه كالقصاص وحيازة خمس الغنائم ومصادرته أموال السارقين والخمّارين، وصك العملة باسمه ابتداء من فبراير 1885م. أقام المهدي في المنطقة التي امتد إليها نفوذه نظاماً إسلامياً، ونظّم الشؤون المالية وعين الجباة لجمع الزكاة. وكانت مالية الدولة التي أقامها مكونة مما يجبى من زكاة وجبايات على القبائح ولمشروعات ولواق الغنائم الحربية والمحصولات والألقام. تأثر المهدي بالشيعة في ادعائه المهدية التي ستملأ الأرض عدلاً، وفي التأكيد على أهمية نسبه الممتد إلى الحسن بن علي، وفي فكرة العصمة والإمام المعصوم. وأخذ عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب قوله بضرورة الأخذ عن الكتاب والسنة مباشرة، وفتح باب الاجتهاد. كما أخذ عن جمال الدين الأفغاني وعن الإمام محمد عبده، الذي كان على صلة بأفكارهما، الدعوة إلى تحرير البلاد الإسلامية من الاستعمار الأوروبي وتوحيدها وضرورة تطبيق الشريعة في حياة المسلمين. ابتدأ المهدي دعوته من جزيرة أبا التي ما تزال مركزاً قوياً للمهدية إلى الآن، وقد وثّق صلته في القبائل في مختلف أنحاء البلاد. ومما لا شك فيه أن الثورة المهدية استطاعت أن تصهر السودانيين في بوتقة واحدة، وجعلت منهم شعباً واحداً جاهد مع قائده وزعيمه وحقق انتصارات باهرة على أعدائه. وقد أسقطت المهدية المذهبية وألغت الطرق الصوفية وأعلنت أنها سلفية تدعو إلى عقيدة السلف في التوحيد والاجتهاد وفق المصالح المتجددة. وقد اعتبرت الجهاد ضد الكفار مقدم على الفرائض الأخرى. وهي تعتبر من أبرز حركات اليقظة في العالم الإسلامي. |
#12
|
||||
|
||||
![]() الصفرية الزيادية
أصحاب زياد بن صفر. خالفوا: الازارقة والنجدات والابايضة في أمور منها: أنهم لم يكفوا القعدة عن القتال إذا كانوا موافقين في الدين والاعتقاد ولم يسقطوا الرجم ولم يحكموا بقتل أطفال المشركون وتكفيرهم وتخليدهم في النار. وقالوا: التقية جائزة قي القول دون العمل. وقالوا: ما كان من الأعمال عليه حد واقع فلا يتعدى بأهله الاسم الذي لزمه به الحد كالزنا والسرقة والقذف فيسمى زانياً سارقاً قاذفاً لا: كافراً مشركاً. وما كان من الكبائر مما ليس فيه حد لعظم قدره مثل: ترك الصلاة والفرار من الزحف فإنه يكفر بذلك. ونقل عن الضحاك منهم: أنه يجوز تزويج المسلمات من كفار قومهم في دار التقية دون دار العلانية. ورأى زياد ابن الأصفر جميع الصدقات سهماً واحداً في حال التقية. ويحكى عنه أنه قال: نحن مؤمنون عند أنفسنا ولا ندري! لعلنا خرجنا من الإيمان عند الله. وقال: الشرك شركان: شرك هو: طاعة الشيطان وشرك هو: عبادة الأوثان. والكفر كفران: كفر بإنكار النعمة وكفر بإنكار الربوبية. والبراءة براءتان: براءة من أهل الحدود سنة وبراءة من أهل الجحود فريضة. ولنختتم المذاهب بذكر تتمة رجال الخوارج: من المتقدمين: عكرمة وأبو هارون العبدي وأبو الشعثاء وإسماعيل بن سميع. ومن المتأخرين: اليمان بن رباب: ثعلبي ثم: بيهسي وعبد الله بن يزيد ومحمد بن حرب ويحيى بن كامل. ومن شعرائهم: عمران بن حطان وحبيب بن مرة صاحب الضحاك بن قيس. ومنهم أيضاً: جهم بن صفوان وأبو مروان غيلان بن مسلم ومحمد بن عيسى: برغوث وأبو الحسين كلثوم بن حبيب المهلبي وأبو بكر محمد بن عبد الله بن شبيب البصري وعلي بن حرملة وصالح قبة بن صبيح بن عمرو ومويس بن عمران البصري وأبو عبد الله بن مسلمة وأبو عبد الرحمن بن مسلمة والفضل بن عيسى الرقاشي وأبو زكريا يحيى بن أصفح وأبو الحسين محمد بن مسلم الصالحي وأبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن الخالدي ومحمد بن صدقة وأبو الحسين علي بن زيد الإباضي وأبو عبد الله محمد بن كرام وكلثوم بن حبيب المرادي البصري. والذين اعتزلوا إلى جانب فلم يكونوا مع علي رضي الله عنه في حروبه ولا مع خصومه وقالوا: لا ندخل في غمار الفتنة بين الصحابة رضي الله عنهم: عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة الأنصاري وأسامة ابن زيد حارثة الكلبي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال قيس بن حازم: كنت مع علي رضي الله عنه في جميع أحواله وحروبه حتى قال يوم صفين: " انفروا إلى بقية الأحزاب انفروا إلى من يقول: كذب الله ورسوله وأنتم تقولون: صدق الله ورسوله ". فعرفت أي شيء كان يعتقد في الجماعة: فاعتزلت عنه. |
#13
|
||||
|
||||
![]() الهشامية
أصحاب هشام بن عمرو الفوطي. ومبالغته في القدر أشد وأكثر من مبالغة أصحابه. وكان يمتنع من إطلاق إضافات أفعال إلى الباري تعالى وإن ورد بها التنزيل. منها قوله: إن الله لا يؤلف بين قلوب المؤمنين بل هم المؤتلفون باختيارهم وقد ورد في التنزيل: " ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ". ومنها قوله: إن الله لا يحبب الإيمان إلى المؤمنين ولا يزينه في قلوبهم وقد قال تعالى: " حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم ". ومبالغته في نفي إضافات: الطبع والختم والسد وأمثالها - أشد وأصعب وقد ورد بجميعها التنزيل قال الله تعالى: " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ". وقال: " بل طبع الله عليها بكفرهم ". وقال: " وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً ". وليت شعري! ما يعتقده الرجل إنكار ألفاظ التنزيل وكونها وحياً من الله تعالى فبكون تصريحاً بالكفر! أو إنكار ظواهرها من نسبتها إلى الباري تعال ووجوب تأويلها وذلك عين مذهب أصحابه ومن بدعه في الدلالة على الباري تعالى قوله: إن الأعراض لا تدل على كونه خالقاً ولا تصلح الأعراض دلالات بل الأجسام تدل على كونه خالقاً. وهذا أيضاً عجب. ومن بدعه في الإمامة قوله: إنها لا تنعقد في أيام الفتنة واختلاف الناس وإنما يجوز عقدها في حال الاتفاق والسلامة. وكذلك أبو بكر الأصم من أصحابه كان يقول: الإمامة لا تنعقد إلا بإجماع الأمة عن بكرة أبيهم. وإنما أراد بذلك الطعن في إمامة علي - رضي الله عنه إذ كانت البيعة في أيام الفتنة من غير اتفاق من جميع أصحابه إذ بقى في كل طرف طائفة على خلافة. ومن بدعه: أن الجنة والنار ليستا مخلوقتين الآن إذ لا فائدة في وجودهما وهما جميعاً خاليتان ممن ينتفع ويتضرر بهما وبقيت هذه المسألة منه اعتقاداً للمعتزلة. وكان يقول بالموافاة وأن الإيمان هو الذي يوافي الموت. وقال: من أطاع الله جميع عمره وقد علم الله أنه يأتي بما يحبط أعماله ولو بكبيرة لم يكن مستحقاً للوعد وكذلك على العكس. وصاحبه عباد من المعتزلة وكان يمتنع من إطلاق القول بأن الله تعالى خلق الكافر لأن الكافر: كفر وإنسان والله تعالى لا يخلق الكفر. وقال النبوة جزاء على عمل وإنها باقية ما بقيت الدنيا. وحكى الأشعري عن عباد أنه زعم: أنه لا يقال: إن الله تعالى لم يزل قائلاً ولا غير قائل. ووافقه الإسكافي على ذلك. قالا: ولا يسمى متكلماً. وكان الفوطي يقول: إن الأشياء قبل كونها: معدومة وليست أشياء وهي بعد أن تعدم عن وجود تسمى أشياء. ولهذا المعنى كان يمنع القول: بأن الله تعالى قد كان لم يزل عالماً بالأشياء قبل كونها فإنها لا تسمى أشياء. قال: وكان يجوز القتل والغيلة على المخالفين لمذهبه وأخذ أموالهم غصباً وسرقة لاعتقاده كفرهم واستباحة دمائهم وأموالهم. |
#14
|
||||
|
||||
![]() الحشّـاشـون
طائفة إسماعيلية فاطميّة نزاريّة مشرقيّة، انشقّت عن الفاطميين ودعت إلى إمامة نزار بن المُستنصر بالله ومَن جاء من نسله. أسّسها الحسن بن الصّباح الذي اتّخذ من قلعة «الموت» مركزًا لنشر دعوته وترسيخ أركان دولته. وقد تميّزت هذه الطائفة باحتراف القتل والإغتيال لأهدافٍ سياسيّةٍ ودينيّةٍ متعصّبة. وفي عام 471 هـ/ 1078 م، ذهب الحسن بن الصّباح إلى إمامه المُستنصر بالله حاجًا وعاد ليدعو لمذهبه؛ ثم مات الإمام المستنصر بالله وقام الوزير بدر الجمالي بقتل ولي العهد الابن الأكبر «نزار» لينقل الإمامة إلى الابن الأصغر المُستعلي الذي كان في الوقت نفسه ابن أخت الوزير. وبذلك انشقّت الفاطمية إلى نزارية مشرقية ومستعلية مغربيّة. وقد ظهروا في بلاد الشام، وامتلكوا عددًا من القلاع وقاوموا الزّنكيين وحاولوا اغتيال صلاح الدين الأيّوبي مرّات عديدة. وقد قضى عليهم الظّاهر بيبرس. تلتقي مُعتقداتهم مع الإسماعيلية عامةً من حيث ضرورة وجود إمامٍ معصومٍ ومنصوصٍ عليه، على أن يكون الإبن الأكبر للإمام السّابق. وإمام الحشّاشين بالشّام، رشيد الدّين سنان بن سليمان، قال بفكرة التّناسخ فضلاً عن عقائد الإسماعيلية التي يؤمنون بها. كما ادّعى أنه يعلَم الغيب. والحَسَن الثاني، بن محمد، أعلن قيام القيامة وألغى الشّريعة وأسقط التكاليف. والحج لديهم ظاهرًا إلى البيت الحرام وحقيقته إلى إمام الزّمان ظاهرًا أو مستورًا. وكان شعارهم في بعض مراحلهم: "لا حقيقةً في الوجود، وكلّ أمرٍ مباح". وكانوا يمتنعون في سلسلةٍ من القلاع والحصون، فلم يتركوا مكانًا مُشرفًا إلاّ وسيطروا عليه أو بنوا عليه حُصنًا. وهم لهم أتباع إلى الآن في سوريا وإيران وفي أواسط روسيا. |
#15
|
||||
|
||||
![]() الخوارج
كلُّ مَن خَرَج على الإمام الذّي اجتمعت عليه الأمّة يُسمّى خارجًا. وأوّل مَن خرج على أمير المُؤمنين على بن أبي طالب قومٌ مِمَّن كانوا في صفّين ضدّ معاوية، لمّا نازعه في الخلافة. وكانَ مِن أمرهم أنّ حزب معاوية، لمّا آنس من نفسه الضّعف ودعا حزب علي إلى التحكيم أبى عليّ ذلك وعَلِمَ أنّها خدعة، فعارضه هؤلاء الذين سُمُّوا خوارج، وقالوا: "القوم يدعوننا إلى كتاب اللّه وأنت تدعونا إلى السّيف.. لترجعن الأشتر عن قتال المُسلمين وإلاّ لنفعلنّ بك كما فعلنا بعُثمان". وكان الأشتر قائد علي قد هَزَم جموع معاوية ولم يبق لهم إلاّ بقيّة. فاضطرّ علي لإرجاع الأشتر. ثم حصل التّحكيم وجاء الحكم على ما لا يُرضي المُعارضين، فخرجت على عليّ طائفةً من المُسلمين بالنّهروان وكانوا إثنى عشر ألف رجلٍ فقاتلهم، فاستماتوا في القتال حتّى لم ينج منهم إلاّ أقلّ من عشرةٍ، فانهزم إثنان إلى عُمان وإثنان إلى كرمان وإثنان إلى سجستان وإثنان إلى الجزيرة وواحد إلى اليمن، فنشروا مذهبهم في هذه الأصقاع. كبار فِرَق الخوارج ستّة: الأزارقة والنّجدات والصّفرية والعجاردة و الابايضة والثّعالبة. والباقون فروعهم. ويجمعهم القول بالتّبرؤ من عثمان وعلي، ويكفّرون أصحاب الكبائر. كان خروج الخوارج في الصّدر الأوّل على أمرين: أحدهما رأيهم في الإمامة، إذ جَوزوا أن تكون الإمامة في غير قريش. وكلّ من يُنصّبونه برأيهم وسَلَك في النّاس بسيرة العَدل كان إمامًا. ومَن خرج عليه يُقاتل، وإن غيّر السيرة وعَدَل عن العدل وُجِبَ عزله أو قتله. وجوزوا ألاّ يكون في العالم إمام أصلاً، وإن احتيج إليه، يجوز أن يكون عبدًا أو حُرًا أو نبطيًا أو قُرَشيًا إلخ. |
#16
|
||||
|
||||
![]() الزّيـديـة
الزّيدية أقربُ فرق الشّيعة من أهل السُّنة بِحَيثُ تتّصف بالإعتدال والقصد والإبتعاد عن التّطرف والغلو. ترجع نسبتها إلى مؤسّسها زيد بن علي زين العابدين الذي صاغ نظرية شيعيّة مُتميّزة في السّياسة والحكم وجاهد من أجلها وقتل في سبيلها. قاد زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي ثورة شيعية في العراق ضدّ الأموييّن أيّام هشام بن عبد الملك. فقد دفعه أهل الكوفة لهذا الخروج ثمّ ما لبثوا أن تخلّوا عنه وخذلوه عندما علموا بأنّه لا يتبرأ من الشّيخين أبي بكر وعمر ولا يلعنهما، بل يترضّى عنهما، فاضطرّ لمقابلة جيش الأمويين، وما معه سوى 500 فارس حيث أُصيب بسهمٍ في جبهته قضى عليه. تنقّل في البلاد الشامية والعراقية باحثًا عن العلم أوّلاً وعن حقّ أهل البيت في الإِمامة ثانيًا. فقد كان تقيًا وَرِعًا عالمًا فاضلاً مُخلصًا شجاعًا وسيمًا مُهيبًا مُلمًا بكتاب الله وبِسُنّة رسوله. تلقّى العلم والرّواية عن أخيه الأكبر محمد الباقر الذي يُعَدّ أحد الأئمّة الإثنى عشر عند الشّيعة الإِمامية. اتّصل بواصل بن عطاء، رأس المعتزلة، وتدارس معه العلوم، فتأثّر به وبأفكاره التّي نقل بعضها إلى الفكر الزّيدي. تتلمذ عليه أبو حنيفة النّعمان وأخذ عنه العلم. من مؤلّفاته، كتاب المجموع في الحديث وكتاب المجموع في الفقه، وهُما في كتابٍ واحدٍ اسمه "المجموع الكبير"، رواهما عنه تلميذه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي الهاشمي بالولاء الذّي مات في الرّبع الثّالث من القرن الثّاني للهجرة. أمّا ابنه يحيى بن زيد، فقد خاض المعارك مع والده لكنّه تمكّن من الفرار إلى خُراسان حيث لاحقته سيوف الأموييّن، فقُتِلَ هناك سنة 125هـ. وفُوِّض الأمر بعد يحيى إلى محمد وإبراهيم. قُتِلَ الأوّل في المدينة وقُتِلَ الثّاني في البصرة، فتسلّم القيادة أحمد بن عيسى بن زيد حفيد، مُؤسّس الزيديّة، وأقام بالعراق وأخذ عن تلاميذ أبي حنيفة فكان مِمّن أثرى هذا المذهب وعمل على تطويره. مِن علماء الزّيدية: القاسم بن إبراهيم المُرسي بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب. تشكّلت لهُ طائفة زيديّة، عُرِفت بإسم القاسميّة. جاء من بعده حفيده الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين بن القاسم الذي عُقِدَت له الإِمامة باليمن، فكان مِمّن حارب القرامطة فيها. كما تشكّلت له فرقة زيدية عُرِفَت بإسم الهادوية مُنتشرةً في اليمن والحجاز وما والاها. ظهر للزّيدية في بلاد الديلم وجيلان إمام حُسينيّ هو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن زيد بن عمر بن الحسين بن علي، المُلقّب بالنّاصر الكبير، وعُرِفَ أيضًا بإسم الأطروش. فقد هاجر هذا الإِمام إلى هناك داعيًا إلى الإِسلام على مُقتضى المذهب الزّيدي فدخل فيه خلق كثير صاروا زيدييّن. ومنهم الدّاعي الآخر صاحب طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي والذي تكوّنت له دولة زيدية في جنوب بحر الخزر، سنة 250هـ. عُرِف مِن أئمّتهم محمد بن إبراهيم بن طباطبا الذي بعث بدعاته إلى الحجاز ومصر واليمن والبصرة. ومن شخصياتهم البارزة كذلك مقاتل بن سليمان ومحمد بن نصر؛ ومنهم أبو الفضل ابن العميد والصاحب بن عباد وبعض أمراء بني بُويه. خرجت عن الزّيدية أربعُ فرقٍ هي: 1- الجاروديّة: أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد. 2- السّليمانيّة: أصحاب سليمان بن جرير. 3- الصّالحيّة: أصحاب الحسن بن صالح بن حي. 4- البتريّـة: أصحاب كثير النّوى الأبتر. الفرقتان "الصّالحية" و"البترية" متّفقتان ومتماثلتان في الآراء. هذه الفِرَق بجملتها لم يَعُد لها مكانةٌ بارزةٌ عند الزّيدية المعاصرة التّي تقتفي نهج الإِمام زيد من حيث القصد والإعتدال. الأفـكار والمُعتقـدات: - يُجيز الزّيديون الإِمامة في كلّ أولاد فاطمة، سواء أكانوا من نسل الإِمام الحسن أم من نسل الإِمام الحُسين. - الإِمامة لديهم ليست بالنّص، إذ لا يشترط فيها أن ينصّ الإِمام السابق على الإِمام اللاحق، بمعنى أنّها ليست وراثيّة بل تقوم على البيعة. فمَن كان من أولاد فاطمة وفيه شروط الإِمامة كان أهلاً لها. - لا يجوز عندهم أن يكون الإِمام مَستورًا، إذ لابُدّ من اختياره من قِبَل أهل الحلّ والعقد. ولا يتمّ اختياره إلاّ إذا أعلن عن نفسه، مُبيّنًا أحقّيته بالإِمامة. - يجوز لديهم وجود أكثر من إمامٍ واحدٍ في وقتٍ واحدٍ في قطرين مختلفين. - تقول الزّيدية بالإِمام المفضول مع وجود الأفضل، إذ لا يُشترط أن يكون الإِمام أفضل الناس جميعًا، بل من المُمكن أن يكون هناك للمسلمين إمام على جانبٍ من الفضل مع وجود مَن هو أفضل منه، على أن يُرجَع إليه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا التّي يدلي برأيه فيها. - مُعظم الزيدية يقرّون خلافة أبي بكر وعمر ولا يلعنونهما كما تفعل فِرَق الشّيعة، بل يترضّون عنهما، ويقرّون بصحّة خلافة عثمان مع مؤاخذته على بعض الأمور. - يميلون إلى الإعتزال فيما يتعلّق بالذات والصفات والجبر والإختيار. ومُرتكبُ الكبيرة يعتبرونه في منزلةٍ بين المنزلتين كما تقول المُعتزلة ولكنّه غير مخلّدٍ في النّار إذ يُعذّب فيها حتّى يُطهّر من ذنبه ثم ينتقل إلى الجنّة. - يرفضون التّصوف رفضًا قاطعًا. - يخالفون الشيعة في زواج المتعة ويستنكرونه. - يتّفقون مع الشيعة في زكاة الخمس وفي جواز التّقية إذا لزم الأمر. - هُم متّفقون مع السّنة بشكلٍ كاملٍ في العبادات والفرائض، سوى اختلافات قليلة في الفروع، من مثالها: * يقولون "حي على خير العمل" في الأذان على الطّريقة الشّيعية. * صلاة الجنازة لديهم خمس تكبيرات. * يرسلون أيديهم في الصّلاة. * صلاة العيد تصحّ فرادى وجماعة. * يحكمون ببطلان الصّلاة خلف الفاجر. * فروض الوضوء عشرة. * تقليد أهل البيت أولى من غيرهم. * يقولون بوجوب الخروج على الإِمام الظّالم الجائر ولا تجب طاعته. * لا يقولون بعصمة الأئمّة عن الخطأ، كما لا يغالون في رفع أئمّتهم على غرار ما تفعله معظم فِرَق الشّيعة الأخرى. * لكن بعض المُنتسبين للزيدية قرّروا العصمة لأربعةٍ فقط من أهل البيت، هُم: علي وفاطمة والحسن والحسين. * لا يوجد عندهم مهدي مُنتظر. * يستنكرون "نظرية البداء" التي قال فيها المُختار الثّقفي الذي كان يسجع سجع الكهّان، فإذا جاء الأمر على عكس ما قال، علّل ذلك بأن يقول للناس: <<قد " بدا " لربّكم تغيير علمه>>. فالزّيدية تقرّر بأن عِلم الله أزلي قديم غير متغيّر وكل شيء مكتوب في اللّوح المحفوظ. * قالوا بوجوب الإِيمان بالقضاء والقدر مع اعتبار الإِنسان حرًا مُختارًا في طاعة الله أو عصيانه، ففصلوا بذلك بين الإِرادة وبين المحبّة أو الرّضا وهو رأي أهل البيت من الأئمّة. * مصادر الإستدلال عندهم كتاب الله ثمّ سنة رسول الله ثمّ القياس ومنه الإستحسان والمصالح المُرسلة، ثم يجئ بعد ذلك العقل. فما يقرّ العقل صحّته وحسنه يكون مطلوبًا وما يقرّ قبحه يكون منهيًا عنه. الجـذور الفـكريّة والعقائـديّة: - يتمسّك الزيديون بالعديد من القضايا التّي يتمسّك بها الشّيعة، كأحقّية أهل البيت في الخلافة وتفضيل الأحاديث الواردة عنهم على غيرها وتقليدهم وزكاة الخمس. فالملامح الشّيعية واضحة في مذهبهم. - تأثرت الزيدية بالمعتزلة فانعكست اعتزالية واصل بن عطاء عليهم وظهر هذا جليًا في تقديرهم للعقل وإعطائه أهمية في الإستدلال، إذ يجعلون له نصيبًا وافرًا في فهم العقائد وفي تطبيق أحكام الشّريعة وفي الحكم بحُسن الأشياء وقبحها، فضلاً عن تحليلاتهم للجبر والإختيار ومُرتكب الكبيرة والخلود في النّار. الإنتشـار ومواقـع النّفـوذ: قامت دولة للزّيدية أسّسها الحسن بن زيد سنة 250هـ في أرض الدّيلم وطبرستان. وأقام الهادي إلى الحق للزّيدين دولةً في اليمن في القرن الثّالث الهجري. انتشرت الزيدية في سواحل بلاد الخزر وبلاد الديلم وطبرستان وجيلان شرقًا، وامتدّت إلى الحجاز ومصر غربًا، وتركّزت في أرض اليمن حيث لا تزال تُشكّل أكثر من ثلثي السّكان فيها. |
#17
|
||||
|
||||
![]() السّـلفيّة
السّلفية نسبةً إلى السًلف، وهُم مَن تقدّم من صحابةٍ وتابعين وتابع التّابعين. أُطلِقَ وصف السّلفية على أتباع الإمام أحمد بن حنبل بعد محنة المُعتزلة، لأنّه هو الذي وقف في مواجهتهم، مُعارضًا منهجهم الكلامي في صفات الله، ومنها صفة الكلام التي أفضت بالمُعتزلة إلى القول بخلق القرآن الكريم. ومنهج السّلفية، قديمًا وحديثًا، هو الدّعوة إلى العودة للكتاب والسُّنة وما كان عليه الصّحابة في التّلقي لنصوصها والعمل بأحكامهما وإخضاع العقل للوحي فيهما. مذهب السلفية في قضايا التوحيد: يَقسمُ السّلفية التّوحيد إلى توحيد الرّبوبيّة وتوحيد الأسماء والصّفات وتوحيد الألوهية. وتوحيد الرّبوبية معناه أنّه لا خالق إلاّ الله تعالى، ولا شريك له في الخُلق والإيجاد. ثمّ جاء التّساؤل حول أفعال العباد: هل هي من خُلق الله في العبد أم إنّها من خلق العبد؟ يقول "السّلفية": لقد خلق الله في الإنسان أداة الإرادة وهي العقل، وأداة الإختيار وهي الجوارح، فهو يفعل ما يريد بلا إكراهٍ ولا إجبار. وإذا نُسِبَ عمل الإنسان إلى الله كما في قوله تعالى، فهو تحقيق لما جاء في الآية الكريمة: }والله خلقكم وما تعملون{. وإذا نُسِبَ العمل إلى الإنسان فمن جهةٍ أنّه هو الذي اختاره وفعله، ولذلك صحّ أن يحاسَبَ عليه، فهو يعمل العمل بعِلم الله ولكن باختياره هو. وأمّا توحيد الألوهية فمعناه تفريد الله في العبادة، وهي الطّاعة المُطلقة التّي لا يُرافقها تردّد أو تشكّك أو توقّف لقوله تعالى: }وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إياه{. وقال:}واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا{. فلا يجوز أن يُطاع غير الله تعالى طاعةً مطلقةً، وإنّما تكون طاعته مقيّدةً بما إذا لم تؤد طاعته إلى معصية الله. ومُقتضى توحيد الألوهية ثلاثة أمورٍ: الأوّل: أن لا نعبد غير الله تعالى دونه. الثّاني: أن لا نعبد غير الله تعالى معه. الثّالث: أن لا نعبد الله تعالى إلاّ بما شرّع لقوله: {فافعلوا ما تُؤمَرون}. |
#18
|
||||
|
||||
![]() الدّروز
الدّروز، ويطلقون على أنفسهم اسم الموحّدين، فرقة من الباطنيّة، لهم عقائد سرّية، وهم متفرّقون بين جبال لبنان وحوران والجبل الأعلى من أعمال حلب. لم يُكتَب عن الدّروز شيء يصحّ الإعتماد عليه، ولا هُمّ من الطّوائف العاملة على بثّ عقائدها حتّى يجد الباحث ما يعتمد عليه من مذهبها؛ فليس أمامنا إلاّ مصادر أجنبية عنهم. وربّما لا تخلو تلك المصادر من شيءٍ من التّحامل أو الخطأ. لذلك، نحن ننقل شيئًا من مذهبهم مع التحفظ. ظهر مذهب الدّروز في مصر، في القرن الحادي عشر الميلادي، على عهد الحاكم بأمر اللّه الخليفة الفاطميّ. ظهر به رجل اسمه محمد بن إسماعيل الدّرزي، قَدِمَ مصر من بلاد الفرس، فوافق الحاكم في دعواه الألوهيّة، ودعا الناس للإيمان به. وأضاف إلى هذا الدّين طائفةً من العقائد القديمة وعقائد غلاة الشّيعة، فلم تُصادف هذه الدعوة قبولاً في مصر، ففرّ صاحبها إلى الشّام، فوجد هنالك آذانًا مُصغيةً. ولكنّ الدّروز يُفضّلون الإنتساب إلى حمزة بن علي الأعجمي، المُلقّب بالهادي، وكان من خاصّة الحاكم بأمر اللّه. ظلّت مُعتقدات الدّروز في طيّ الخفاء حتّى استولى ابراهيم باشا بن محمد علي على معابدهم في جبل حاصبيا، ووجد في كُتبهم كُنه مذهبهم تفصيلاً. من مُعتقداتهم أن اللّه قد ظهر على الأرض عشرة مرّات، أوّلها في العلي ثمّ في الباز إلى أن ظهر عاشر مرّةٍ في الحاكم بأمر اللّه. ويعتقدون أنّ إبليس ظهر في جسم آدم ثم نوُح ثم إبراهيم ثم موسى، إلخ.. ويعتقدون بأنّ عدد الأرواح محدودٌ. فالرّوح التي تخرج من جسد الميّت تعود إلى الدُّنيا في جسد طفلٍ جديدٍ. وهم يعتقدون بالإنجيل والقرآن؛ فيختارون منهما ما يستطيعون تأويله ويتركون ما عداه. يعتقدون أن الحاكم بأمر اللّه تجلّى لهم في أوّل سنة 408هـ، فأسقط عنهم التّكاليف من صلاةٍ وصيامٍ وزُكاةٍ وحجٍّ وجهادٍ وولايةٍ وشهادةٍ. لدى الدّروز طبقة تُعرَفُ بالمُنزّهين، وهُمّ عباد أهل ورعٍ وزُهدٍ. ومنهم مَن لا يتزوّج ومَن يصوم الدّهر ومَن لا يذوقُ اللّحم ولا يشربُ الخَمر. تاريخهم بدأت دعوة الموحّدين، عام514هـ، على يد محمد بن تومرت الذّي ينتمي إلى قبيلة «هرغة»، أحد بطون قبيلة مصمودة التّي تنتشر في أغلب أراضي المغرب العربي. وبِقَول بن تومرت بالإنتساب إلى رسول الله، وقد سار إلى الشّرق ودرس العِلم هناك، ثم عاد إلى المغرب وأصبح يأمرُ بالمعروف وينهي عن المُنكَر. وقد أنكر على المرابطين سفور نسائهم، والتقى بعليّ بن يوسف بن تاشفين، وتناقشا وقد اختلفا. انتقل ابن تومرت إلى "أغمات" حيث أهله وقبيلته، وبدأ يعمل بدعوته وينتقد مفاسد المرابطين. وألّف جيشًا ضمّ عدّة قبائل، وكان مقرّه حصن «تينمل». ثم بدأ يُناوىء المُرابطين، فالتقى الطّرفان بمعركة البُحيرة التّي انتصر فيها المرابطون، وقُتِلَ فيها قائد جيش الموحّدين وعددٌ كبيرٌ مِمّن كان معه. بعد وفاة ابن تومرت، عام 524هـ، خلفه صديقه عبد المؤمن بن علي في قيادة الموحّدين، فاستطاع توحيد صفّ المُوحّدين من جديدٍ وقوى الجيش، واستولى على أكثر بلاد السّوس. ثم راح يلاحق المرابطين للقضاء عليهم، وقد تمّ له ذلك. فقضى على تاشفين بن علي عام539هـ، ثم تابع طريقه نحو مراكش وكان فيها ابنه إبراهيم وعمّه اسحق، فحاربهم وقضى عليهم، عام 541هـ. ثمّ سار إلى بني حماد في مدينة بجّاية، عام 547هـ، من آل زيري واستسلم يحيى بن عبد العزيز بن حماد، آخر ملوك بني حماد. ثم حارب صنهاجة وانتصر عليها واستطاع عبد المؤمن بن علي بسط سيطرته على المغرب كلّه، بعد أن فتح المهديّة عام554هـ، وكانت بِيَد النّورماندييّن منذ عام543هـ. وبعد أن انتهى من أمر المغرب، توجّه أمير الموحّدين عبد المؤمن بن علي اتّجاه الأندلس للجهاد ضدّ الإسبان. وتمكّن من استعادة مدينة المريّة من النصارى عام 552هـ، بعد أن حكموها عشر سنواتٍ. توفّي عبد المؤمن بن علي عام 558هـ وهو يستعدّ للإبحار إلى الأندلس للجهاد فيها، فخلفه ابنه الأكبر محمّد. غير أن أمره اضّطرب فاتّفق الموحّدون، على رأي أخويه يوسف وعمر، على خلعه وتولية يوسف بن عبد المؤمن. غير أنّ أخويه أبو عبد الله صاحب قرطبة وأبو محمد صاحب بجاية امتنعا عن ذلك وخالفاه مدّة سنةٍ ثمّ أعلنا الطّاعة والخضوع إليه. وقد سار يوسف بن عبد المؤمن على سياسة أبيه بالجهاد. نازعه«مرزدغ» الصّنهاجي فقضى على ثورته عام 559هـ. كما أرسل أخاه أبا حفص للجهاد في الأندلس، فسار على رأس عشرين ألفًا عام 565هـ، وغزا طُليطلة، وأحرز نصرًا كبيرًا. كما حدث قتالٌ بين يوسف وبين محمّد بن سعيد بن مردنيش الذّي كان قد حكم شرقي الأندلس. سار يوسف بن عبد المؤمن عام 580 هـ بجيشٍ كثيفٍ إلى الأندلس، فاستولى على المُدن في طريقه، واتّجه إلى أشبونة، غربي الأندلس، وحاصرها واستطاع المسلمون النّصر بعدما عدّلوا في الموازين، حيث انقلبت فيها المعركة لصالح المُسلمين. لكنّ يوسف توفّي في طريق العودة متأثّرًا بجراحه، وتولّى بعده ابنه يعقوب بن يوسف، فسار إلى الأندلس عام585، وأغار على أشبونة وحصل على غنائم كثيرةٍ. وطلب ألفونس، أمير النّصارى، هدنةً لمدّة خمس سنواتٍ، فأجابه يعقوب لطلبه. غير أنّ ألفونس نقض العهد عندما استعاد قوّته وأرسل إليه كتاب تهديدٍ. فلمّا وصله، جمع له جيوش المُسلمين وسار إلى الأندلس وخاض حربًا ضَروسًا مع ألفونس، ولم يخرج من الصّليبين في هذه المعركة إلاّ ألفونس وثلاثين فارسًا حيًا فقط، وذلك عام 591 هـ، ودخل يعقوب حصن الأرك. وعاد ألفونس وجمع حشوده وسار لقتال يعقوب الذي كان قد طلب المدد من المغرب والتقى الفريقان؛ وانتصر المسلمون انتصارًاً كبيرًا عام 592هـ. وقد كان على عهد يعقوب بن يوسف في الشّرق صلاح الدّين الأيّوبي. وكان قد حرّر القدس من الصّليبيين، فأرسل إلى يعقوب كتابًا وهدايا يطلب منه الدّعم لإيقاف الحملات الصّليبية ضد الأراضي المقدسة. غير أنّ يعقوب بن يوسف لم يكن بوسعه ذلك إذ لم تقُلّ الحروب الصليبية في الأندلس عن الحروب الصّليبية في الشّرق. ومع ذلك، فقد أرسل له مائة وثمانين سفينةٍ لتكون عونًا لأسطول المُسلمين في الشّرق ضد الأسطول الصّليبي. توفّي يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن عام595هـ ودُفنَ في تينمال وخَلَفَه ابنه محمد ولُقِّب النّاصر لدين الله. وقد سار محمد على خُطا أبيه في حرب النّصارى. وكان ألفونس يَغيِرُ على ثغور المسلمين دائمًا، فسار إليه النّاصر وقد جمع جيشًا كبيرًا وانتقل به إلى الأندلس عام 607 هـ، ووصل إلى اشبيليّة ثم سار إلى حصن «سلبطرة» فحاصره مدة ثمانية أشهرٍ حتّى تعب الجيش الإسلامي، فاستغلّ ألفونس ذلك وأغار على قلعة رباح وأخذها من الموحّدين؛ فاقتحم النّاصر عندئدٍ الحصن والتقى مع ألفونس في حصن العقاب، وانتصر ألفونس عام 609هـ، وكانت هذه الهزيمة ضربةً شديدةً على المُسلمين. وفي العام التّالي توفّي محمد النّاصر وتولّى مكانه ابنه يوسف الثاّني لكنّه كان صغيرًا، فطمع بالحكم بعض أفراد أسرته، فوُلّيَ بعده عم أبيه، عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن، وكان رجلاً كبيرًا فخُلِعَ وحلّ محله عبد الله بن المنصور، ولُقّب بالعادل. غير أنّه عُزِلَ بعد 13 يومًا وتوالى الحكّام بعد ذلك، إلى أن كان إدريس بن محمد بن عمر بن عبد المؤمن. وقد أمر الخارجين عليه وقتله بنومرين عام667هـ؛ فانقضى أمر الموحّدين بموته، بعد أن حكموا 152 سنة (515 ـ667 هـ). طقوسهم (الصداق والوصية وصلاة الجنازة) بما أن الصلاة على الجنازة هي المظهر العلني العام الوحيد لدى الطائفة الدرزية، ونظراً لأهمية ظهور بني معروف بمظهر لائق، منظّم موحّد، لا بد لنا من أن نشير إلى أمر مهمّ يتعلقّ بالتأبين. وتعدد الرحمات قد أدخله المصلّون، مع تمادي الأيام، على الصلاة القديمة النفسية فالصلاة هي لغة: دعاء لله تعالى واستغفار منه، وهي شرعاً، أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير لله ومختتمة بالتسليم، ولم تكن قط بمعنى المدح والثناء على الناس، أو تصنيف الأموات في الصلاح والهدى درجات درجات. |
#19
|
||||
|
||||
![]() الصّـابئـة
"صبأ": خرج من دينٍ إلى دين، وبابه خضع. و"صَبَأَ" أيضًا صار"صابئًا". و"الصّابئون" جنسٌ من أهل الكتاب. الصّابئون هُم مَن يتركون دينهم ويدينون بدينٍ آخرٍ. وهُم قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنّهم على ملّة نوح وقبلتهم مهبّ الشمال عند منتصف النّهار ويشبه دينهم دين النّصارى. قيل إنّهم طائفة من مُشركي العرب قبل البعثة الذين ساورهم الشّك فيما كان عليه قومهم من عبادة الأصنام، فبحثوا لأنفسهم عن عقيدةٍ يرتضونها فاهتدوا إلى التّوحيد. وقالوا إنهم يتعبّدون الحنيفيّة الأولى (ملّة إبراهيم)، واعتزلوا عبادة قومهم.. فقال عنهم المُشركون إنّهم صبأوا أي مالوا عن دين آبائهم ومن ثمّ سُمّوا صابئة. وهذا القول أرجح من القول بإنّهم عَبَدَة النّجوم. وقيل عنهم غير ذلك، فقد اختلفت الآراء حولهم. ولكنّ الصابئة بفِرَقِها المُتعدّدة قد تلاشت ولم يبق منها إلاّ فرقة واحدة هي الصّابئة المندائيّة والتّي تعتبر يحيى نبيًا لها، ويُقدّس أصحابها الكواكب والنّجوم. إنّ الصّابئين لا يُمكن اعتبارهم من أهل الكتاب أو من فرقةٍ من فِرَق أهل الكتاب وذلك بدلالة القرآن الكريم والسّنة النّبوية. أوّلاً: من القرآن الكريم، قال تعالى:}وهذا كتاب أنـزلناه مُبارك فاتبعوه واتقوه لعلّكم ترحمون{. }أن تقولوا إنّما أنـزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كُنّا عن دراستهم لغافلين{. فقد جاء في تفسير هاتين الآيتين في تفسير القرطبي: "وهذا كتاب -أي القرآن- مبارك، أيّ كثير الخيرات فاتبعوه، أي اعملوا بما فيه –واتّقوه- أي اتقوا تحريفه لعلّكم ترحمون. أن تقولوا -أي لئلا تقولوا- أو أنـزلناه كراهة أن تقولوا، فالمعنى: فاتقوا أن تقولوا يا أهل مكة، إنّما أُنـزِلَ الكتاب -أي التّوراة والإنجيل- على طائفتين من قبلنا أيّ على اليهود والنصارى، ولم ينـزل علينا كتاب". والظّاهر من هذا التفسير أنّه يشعر بأن المعروف عند أهل مكّة وغيرهم أن المقصود بأهل الكتاب هم اليهود والنّصارى بل وإنّ سياق الآية يُشعِرُ بذلك، فلا يدخل في مفهوم أهل الكتاب غيرهم كالصّابئين. ثانيًا: من السُّنة النّبوية: لم يَرِد في السنة النّبوية ما يدلّ على أن الصّابئين من أهل الكتاب، كما ورد بشأن المجوس. ولو كانوا مثل المجوس لورد لهم ذكر في السنة، إمّا باعتبارهم أنّهم من أهل الكتاب، وإما باعتبارهم ملحقين بأهل الكتاب ببعض الأحكام، كما ورد بشأن المجوس. يعتقد الصّابئون أن دينهم أقدم الأديان على وجه الأرض وأنه أُنـزِلَ بأمر ملك النور على آدم وحواء، وهو باق منذ تلك الأزمنة إلى يومنا هذا. ويعتقدون -من حيث المبدأ- بوجود الإله الخالق الواحد الأزليّ الذي لا تناله الحواس ولا يفضي إليه مخلوق، ولكنّهم يجعلون بعد هذا الإله 360 شخصًا خلقوا ليفعلوا أفعال الإله مِن رعدٍ وبرقٍ ومطرٍ وشمسٍ وليلٍ ونهارٍ.. وهؤلاء يعرفون الغيب ولكلٍ منهم مملكته في عالم الأنوار. بينهم وبين المسيحية عداء، لكن عداءَهم لليهود شديدٌ لدرجةٍ أنّهم يعتبرون موسى من رُسُل الرّوح الشّريرة. ليس من المُحتمل اعتبار العقيدة المندائية إحدى العقائد المسيحيّة المنشقة لأن العداء للكنيسة المسيحية بالذّات يبرهن العكس من ذلك. - المندي: هو معبد الصّابئة وفيه كتبهم المقدّسة، ويجري فيه تعميد رجال الدّين. - الصّلاة: تُؤدَّى ثلاث مراتٍ في اليوم؛ فيها وقوف وركوع وجلوس على الأرض من غير سجودٍ. - الصّوم: صابئة اليوم يحرّمون الصّوم لأنه من باب تحريم ما أحلّ الله، لكنهم يمتنعون عن أكل اللّحوم المُباحة لمدّة 36 يومًا متفرقةً على طول أيّام السّنة. - يعتقدون بصحّة التّاريخ الهجري ويستعملونه وذلك بسبب اختلاطهم بالمُسلمين ولأنّ ظهور النّبي كان مذكورًا في الكتب المقدّسة الموجودة لديهم. - يعتقد الصّابئة المندائيّون بأنّهم يتبعون تعاليم آدم ولديهم كتاب "الكنـزبدا" أي مصحف آدم. ثم جاء النّبي يحيى لتخليص الدّين من الأمور الدّخيلة، وهو لم يكن رسولاً بل نبيًا خاصًا بهم. كُتُب الصّابئة ليست مطبوعة. فلقد قام بنسخها باليد الكُتّاب الكهنوت طيلة قرونٍ عديدةٍ. وتحرُص الصّابئة على منع الغير من الاطلاع على كتبهم المقدّسة منعًا شديدًا، إضافةً إلى أنّها مكتوبةٌ باللّغة المندائية التي كان يتكلّم بها آدم كما يعتقدون. أمّا أهمّ كتبهم فهي: 1- "كتاب كنـزه ربه" أي الكنـز العظيم أو الكتاب العظيم، ويُقال له سدرا-آدم أيّ كتاب آدم. ولا يمكن اعتبار الكتاب مُتجانسًا، فهو مجموعةُ فقراتٍ غالبًا ما تتناقضُ. 2- "دراشه أديهيأ" أي تعاليم يحيى، وفيه تعاليم النّبي يحيى وحياته. 3- "سدرة إدنشماثا" وهو يدور حول التّعميد والدّفن والحداد وانتقال الرّوح من الجسد إلى الأرض ومن ثمّ إلى عالم الأنوار. 4- كتاب "أسفر ملواشه" أي سفر البروج لمعرفة حوادث السّنة المُقبلة عن طريق علم الفلك والتّنجيم. 5- كتاب الدّيونان ويسمّى كتاب "الديوان" وهو سفر ضخم من أنفس كُتُب الصّابئة كما أنّه كتاب نادر. ولهم كُتُب أخرى غير هذه. فرق الصّابئة المندائيون ينقسمون إلى قسمين مُتميّزين: الأوّل: هُم فئة النّامورييّن وهم مسؤولون عن حفظ الدّين وإقامة شعائره. الثّاني: هم المندائيون العامّة. أعياد الصّابئة: 1. العيد الكبير ويُسمّى عيد "ملك الأنوار" أو عيد "اليوم الجديد" ومدّته أربعة أيّامٍ، لا يشرب خلاله الكُهان والمُتّقوُن الشّاي الممزوج بالسّكر ولا يشربون الماء المُعقّم إنّما يشربون ماء النّهر مباشرةً. ويكون الكُهّان مُستعدّين لتعميد الرّاغبين من أبناء الطّائفة. 2. العيد الصّغير وهو العيد الصّغير الذي جمّد فيه جبرائيل الأرض بعد أن كانت غازًا، ومدّته الشّرعيّة يوم واحد، ويجري فيه تعميد المؤمنين ويكثرون من أعمال البِرّ والإحسان. 3. عيد البنجة ومدّته خمسة أيامٍ يُقام فيه أكبر عيدٍ عماديٍّ نهريٍ. والعيد هذا عيد احتفالٍ دينيٍ أكثر منه بهجة وفرح. 4. عيد النّبي يحيى. يقولون إنّ آدم عُمِّد في هذا اليوم. وفيه كانت ولادة يحيى. ينتشر الصّابئة على الضّفاف السّفلى من نهري دُجلة والفرات، ويسكنون في منطقة الأهواز وشطّ العرب، ويَكثرون في مُدُن العمارة والنّاصرية والبصرة وعددٌ آخرٌ من مدن العراق. كما ينتشرون في إيران على مدنها السّاحلية، كالمحمرة وناصرية الأهواز وشمشتر ودزبول. تهدّمت معابدهم في العراق ولم يبقَ لهم إلاّ معبدان كما أنّ مهارتهم في صياغة المينا دفعتهم إلى الرّحيل للعمل في بيروت ودمشق والإسكندرية، ووصل بعضهم إلى إيطاليا وفرنسا وأمريكا. |
#20
|
||||
|
||||
![]() الصّوفية
الصّوفيّة حركةٌ دينيّة انتشرت في العالم الإسلامي عقب اتّساع الفتوحات وازدياد الرّخاء الإقتصادي كردّة فعلٍ مضادةٍ للإنغماس في التّرف الحضاري، ما حمل بعضهم على الزّهد الذي تطوّر بهم حتّى صار لهم طريقة معروفة بإسم "الصّوفية". وقد اختُلِفَ في اشتقاق كلمة التّصوف أو الصّوفية، فقيل: "الصّوفية" نسبة إلى رجلٍ جاهليٍّ يُقالُ له "صوفة"، واسمه "الغوث بن مر". وقيل: مشتقّةٌ من "سوفيا" اليونانية، ومعناها الحكمة. وقيل: مُشتقّةٌ من "الصّوف" لاشتهارهم بالزّهد والتّقشف ولبس الصّوف؛ وقيل: من "الصّفة" أيّ صفة من مسجد رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم؛ وقيل: من "الصّفاء"؛ وقيل: من "الصّف الأوّل".. على كلّ حالٍ، فالتّصوف النّقي الحقيقيّ الخالي من الخُرافات والبِدَع يكوِّنُ الجزء الثّالث من الإسلام، وهو الإحسان }أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك{. ولا مشاحة في الإصطلاح كما يقول العُلماء. فالبعض سمّى هذا الجانب من الإسلام بالسّلوك، والبعض التّزكية، والبعض التّربية، والبعض -كالشّيخ محمد الغزالي الذّي سمّاه: "الجانب العاطفي من الإسلام". ومرَّ التّصوف بأدوارٍ كثيرةٍ، جَنَح خلالها بعضهم في المسار، حتّى تداخلت طريقتهم مع فلسفاتٍ هنديّةٍ وفارسيّةٍ ويونانيّةٍ مُختلفةٍ. من أصول التّصوف الإعتقاد بأنّ الدّين شريعةٌ وحقيقةٌ. ولا بُدّ في التّصوّف من التّأثير الرّوحي الذي لا يأتي إلاّ بواسطة الشّيخ الذي أخذ الطّريقة عن شيخه، وهكذا.. سندٌ مُتّصلٌ بالنّبي ولا بُدّ من الذّكر والتّأمّل الرّوحي وتركيز الذّهن في الملأ الأعلى. وأعلى الدّرجات لديهم هي درجة الوليّ. وهُمّ يؤكّدون على ضرورة الإلتزام بما أمر الشّرع. يقول سهل التّستّري: "أصول طريقنا سبعة: التّمسك بالكتاب والإقتداء بالسُّنة وأكل الحلال وكفّ الأذى وتجنّب المعاصي ولزوم التّوبة وأداء الحقوق". وعندهم درجاتٌ للسّلوك، أوّلها التّوبة والورع والزّهد والتّوكل والمحبّة والرّضا والأسوة الحسنة والأحوال والمقامات. هناك مدارس للصّوفية، منها: مدرسة الزّهد ومدرسة الكشف والمعرفة ومدرسة وحدة الوجود ومدرسة الإتّحاد والحلول. وهناك طرق للصّوفية كالقادريّة الرّفاعية والأحمدية والدّسوقية والأكبرية والشّاذلية والمَولوية والنّقشبندية وغيرها كثير... وكلّ تلك نسبةً إلى مشايخ مربّين، نُسِبَت إليهم الطّريقة. ولا شكّ أنّ التّصوف، وكتبه الموجودة، فيه الغَث وفيه السّمين. فعلى المُسلم أخذ ما صفى وترك ما كدر. وقد نادى الكثير من العلماء الكبار إلى الإستفادة ممّا عند الصّوفية من الزّهد والورع والتوبة ومحاسبة النفس وتزكيتها عن طريق التّحلي بالأخلاق الحسنة والعبادة وترك الأخلاق الذّميمة، وترك الأشياء الأخرى، ممّا وصل إليه بعضهم- وسجّلوه في كتبهم- كالإتّحاد والحلول الذي اشتهر به الحلاّج الذي حكم عليه صوفية أهل زمانه بالضّلال وسلوك طريق المُجاهدات الصّعبة الذي أتاهم من الهندوسية والجينية والبوذية والفلسفات المختلفة. ولقد كان التّصوف المُنحرف بابًا كبيرًا، دخلت منه كثيرٌ من الشّرور على المسلمين، مثل التّواكل والسّلبية وإلغاء شخصية الإنسان وتعظيم شخصية الشّيخ، فضلاً عن كثير من الضّلالات التي يُخرِجُ بعضُها صاحبَه من الإسلام. ولكنّ الحق يُقال، إنّ الطّرق الصّوفية عملت على نشر الإسلام في كثيرٍ من الأماكن التّي لم تفتحها الجيوش، وذلك بما لديهم من تأثيرٍ روحيٍ، مثل أندونيسيا. ولقد اعتمد الحكّام على أقطاب الصّوفية في التعبئة الرّوحية للجهاد؛ ولقد قام كثير من رجال التّصوف الكبار بتجديد التّصوف والعودة به إلى صَفائه الأوّل. |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |