|
ملتقى الملل والنحل ملتقى يختص بعرض ما يحمل الآخرين من افكار ومعتقدات مخالفة للاسلام والنهج القويم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم سوف يكون هذا الموضوع موسوعة الفرق 52 فرق موضوع متكامل إخوان الصّـفاء في النّصف الثاني من القرن الرّابع الهجري (العاشر الميلادي) ظهرت جماعةٌ سياسيةٌ دينيةٌ ذات نزعات شيعيّة متطرفة، وربما كانت إسماعيلية على وجهٍ أصح. وأعضاء هذه الجماعة التّي اتّخذت البصرة مقرًا لها، كانوا يطلقون على أنفسهم "إخوان الصّفاء" لأن غاية مقاصدهم إنّما كانت السّعي إلى سعادة نفوسهم الخالدة، بتضافرهم فيما بينهم، وبغير ذلك من الطّرق، وخاصة العلوم التي تُطهّر النّفس. ولسنا نعرف شيئًا عن نشاطهم السّياسي. أمّا جهودهم في التّهذيب النظري، فقد أُنتِجَت سلسلةٌ من الرّسائل رُتبِّت ترتيبًا جامعًا لشِتَات العلوم، متمشّيًا مع الأغراض التي قامت من أجلها الجماعة. ويقال عادةً إنّ هذه الرّسائل قد جُمِعَت ونُشِرَت في أواسط القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) تقريبًا. وهي تبلغ 52 رسالة (تشمل طبعة بومباي 52 رسالة، وهي في هذا تتّفق مع ما وُرِدَ في فهرس الموضوعات المُثبّت في أوّلها، كما تتّفق مع آخر ما وُرِدَ في الرّسالة الأولى منها، ولكنّنا نستدلّ من الرّسائل الأخيرة من القسم الرابع منها أنَّ عددها 51 رسالة فقط). ويُذكَر من مُؤلّفيها: أبو سليمان محمد بن مشير البستي المشهور بالمقدسي، وأبو الحسن علي ابن هارون الزّنجاني، ومحمد بن أحمد النّهرجوري، والعوفي، وزيد بن رفاعة. ولا نستطيع أن نعرف الآن شيئًا أكثر من هذا، لأن إخوان الصّفاء كانوا يميليون إلى التّعبير عما يجول في نفوسهم بأسلوبٍ غير صريح. والآراء التي تضمّنتها هذه الرسائل – على قدر ما أمكننا تحقيقه– مستمدّة من مؤلفات القرنين الثامن والتاسع الميلاديين. ونزعتهم الفلسفية هي نزعة قدماء مُترجمي الحكمة اليونانية والفارسية والهندية وجامعيها. وتتردّد في هذه الرسائل أسماء هرمس وفيثاغورس وسقراط وأفلاطون أكثر من أرسطوطاليس. وهذا الأخير يعتبرونه منطقيًا ومؤلّفًا لكتاب "أثولوجيا" الأفلاطوني و"كتاب التّفاحة". ولا نجد في رسائل إخوان الصّفاء أثراً للفلسفة المشائية الحقيقية التي بدأت بظهور الكَندي. ومن خصائص نزعتهم الفلسفية أنهم لم يأخذوا شيئًا من الكَندي، ولو أنهم أخذوا من أحد تلاميذه الذين انحرفوا عن مذهبه، وهو المنجم البهرج أبو معشر المتوفّي عام 272هـ(885م). وليس معنى ذلك أنّهم لم يكونوا على درايةٍ بمصنّفات الكندي ومدرسته. وتدلّنا الترجمة اللاتينية التي كُتِبَت في القرون الوسطى للرّسالة الثالثة عشرة أنها من تأليف "محمد تلميذ الكندي". أُخِذَت هذه الرّسائل من كل مذهبٍ فلسفيّ بطرف. والمحور الذي تدور عليه هو فكرة الأصل السّماوي للأنفس وعودتها إلى الله. وقد صَدَر العالم عن الله، كما يصدر الكلام عن المُتكلّم أو الضوء عن الشمس؛ ففاض عن وحدة الله بالتّدرج: العقل، ومن العقل النّفس ثم المادة الأولى، ثم عالم الطّبائع، ثم الأجسام، ثم عالم الأفلاك، ثم العناصر، ثم ما يتركّب منها وهي المعادن والنّبات والحيوان. والمادة في هذا الفيض تبدو أساسًا للتّشخص ولكلّ شرّ ونقص. وليست النفوس الفردية إلاّ أجزاء من النّفس الكلية، تعود إليها مطهّرة بعد الموت، كما ترجع النفس الكلية إلى الله ثانيةً يوم المعاد. والموت، عند إخوان الصّفاء، يُسمّى البعث الأصغر؛ بينما تُسمّى عودة النفس الكليّة إلى بارئها البعث الأكبر. يذهب إخوان الصّفاء إلى أنّ الأديان كلّها، في جميع العصور وعند جميع النّاس، يجب أن تتّفق وهذه الحكمة. وغرض كلّ فلسفة وكلّ دين هو أنّ تتشبّه النّفس بالله بقدر ما يستطيعه الإنسان. وقد أوّلوا القرآن تأويلاً رمزيًا لكيّ يتمشّى مع هذا التّصور الرّوحي للأديان. كما أوّلوا بعض القصص غير الدّينية تأويلاً رمزيًا مثل قصص كتاب "كليلة ودمنة". وقد بيّن "جولد سيهر" كيف أن إسم "إخوان الصّفاء" قد أُخِذَ من قصّة (الحمامة المطوّقة) التّي تذهب إلى أن الحيوانات إذا صفت أخوتها وتبادلت المعونة فيما بينها تستطيع الفكاك من شباك الصّياد وغيرها من المخاطر. قد كُتِبَت هذه الرّسائل الإثنتان والخمسون في أسلوبٍ مُسهِبٍ، فيه تكرار وحض على الفضيلة. وهذه الرّسائل تشبه في الظاهر موسوعةً في العلوم المُختلفة. والجزء الأوّل من هذه الرّسائل يحتوي على أربع عشرة رسالة تعالج مبادىء الرّياضيات والمنطق. بينما يُعالج الجزء الثاني الذي يحتوي على سبع عشرة رسالةٍ العلوم الطّبيعية بما فيها علم النّفس. أمّا الرّسائل العشر التي يتضمّنها الجزء الثالث فتبحث، فيما بعد، الطّبيعة. وتتناول الرّسائل الإحدى عشرة الأخيرة التّصوف والتّنجيم والسِّحر. وقد فُصِلَ الكلام في الرّسالة الخامسة والأربعين من الجزء الرّابع عن نظام هذه الجماعة وطبيعة تكوينها. |
#2
|
||||
|
||||
![]() الآبـاء البيض (جمعية مُرسلي إفريقيا) هي جمعية إرساليّة تبشيريّة كاثوليكيّة، أسّسها المطران شارل ألمان لافيجري، في الجزائر عام 1868م. وكان لافيجري أسقف الجزائر منذ العام 1867 م. والقاصد الرّسولي للصحراء الغربية والسودان منذ 1868م. أمّا غاية هذه الجمعية فهو نشر المسيحية في القارة الإفريقية. أصل تسميتها بالآباء البيض الثوب الأبيض الذي اتّخذوه زيًا لهم انسجامًا مع الزّي التّقليدي الذي كان يرتديه سكان شمال إفريقيا. تضمّ جمعية الآباء البيض الكهنة والرّهبان والعُلمانيين. وهي غير مقيّدةٍ بقوانين الرّهبنات المعروفة، وإنما لها قوانينها الخاصّة بها. إنّ اهتمام هذه الجمعية التبشيرية الإفريقية لم يحل دون امتداد نشاطها إلى خارج القارة السّوداء. فقد وصلت دائرة اهتماماتهم إلى الشّرق الأوسط، فأنشأوا في فلسطين دير القديسة حنّة منذ 1878م وكان لهم مقرًا، ضمّ مركزًا لإعداد رجال الدّين الكاثوليك. كما كان لهم في لبنان مركزان: في رياق 1947م، وفي بيروت 1967م. وكانوا قد أسّسوا قبل ذلك، في كندا، أوّل مركز لهم عام 1901م في مدينة كيبيك، ثم تبعته المراكز في مونريال وأوتاوا وتورنتو. |
#3
|
||||
|
||||
![]() الإباضـية هذه الفرقة تحمل فكر الخوارج، وهي فرقةٌ موجودةٌ في عصرنا الحاضر. فقد قال بكير بن سعيد أعوشت- أحد علمائهم- إنّهم يوجَدون حاليًا في الجزائر وتونس وعمان وليبيا وزنجبار. مُؤسّس الإباضيّة: إنّهم يُنسَبون في مذهبهم، حسب ما تَذكُر مصادرهم، إلى جابر بن زيد الأزدي الذّي يقدّمونه على كل أحدٍ ويَرْوُون عنه مذهبهم، وهو مِن تلاميذ ابن عبّاس. وقد نُسبوا إلى عبد الله ابن إباض لشهرة موقفه مع الحكّام، واسمه عبد الله بن يحيى بن إباض المري، من بني مرّة بن عبيد، ويُنسب إلى بني تميم. وللإباضية صولةٌ وجولةٌ في باب الخروج على الإمام. فقد ثار يحيى بن عبد الله طالب الحق المُتقدّم اليمن ، وجمع حوله من الأتباع والأنصار، ما شجّعه على الخروج في وجه حكّام بني أميّة سنة128هـ. وهذا الشّخص أصله من حضرموت؛ تأثّر بدعوة أبي حمزة الشّاري، فخرج على مروان بن محمد واحتلّ حضرموت وصنعاء، فسيّر إليه مروان بن محمد قائده عبد الملك بن محمد بن عطية السّعدي فدارت معركةٌ، أَسفَرَتْ عن قَتلِ طالب الحقّ سنة130هـ. ذهب بعض العلماء من الإباضية إلى تحديد الوقت الذي استُعمِِلَت فيه تسمية "الإباضية" وأنّ ذلك كان في القرن الثّالث الهجري، وقبلها كانوا يُسمّون أنفسهم "جماعة المُسلمين" أو "أهل الدّعوة" أو "أهل الإستقامة" كما يذكر ابن خلفون من علمائهم. وذهب ابن حزم إلى القول إنّ الإباضية لا يعرفون ابن إباض وإنّه شخصٌ مجهولٌ. وهذا خطأ منه. فإنّ ابن أباض شخص يعرفه الإباضيون، ولهذا ردّ عليه عليّ يحيى معمر الإباضي، وذكر أنّ الإباضييّن يعرفون إبن إباض معرفةً تامّةً، ولا يتبرّؤن منه. علاقة الإباضية بالخوارج: اتّفقت كلمة علماء الفِرَق على عدّ الإباضية فرقةً من فِرَق الخوارج. وليس المُخالفون للإباضية فقط هم الذين اعتبروهم في عداد الخوارج، وإنّما بعض علماء الإباضية المُتقدّمون أيضًا، إذ لا يوجد في كلامهم ما يدلّ على كراهيتهم لعد الإباضية فرقةً من الخوارج. فقد قال مؤلّف كتاب الأديان، وهو إباضيّ، إنّ الإباضيّين هم أوّل من أنكر المُنكَر على مَن عَمل به وأوّل من أبصر الفتنة وعابها على أهلها. ويقول نور الدين السالمي إنّ إسم الخوارج في الزّمان الأوّل كان مدحًا لأنّه جمع خارجةً، وهي الطّائفة التّي تخرج للغزو في سبيل الله. تبرّأ الخوارج من الخليفة عثمان ومن خلافته وحكموا عليه بالإرتداد. وفي كتاب "كشف الغمّة" لمؤلّفٍ إباضيٍّ يوجد من السبّ والشّتم لعثمان ما لا يوصف. يوجد كذلك في كتابٍ "الأديان"، وكتاب آخر اسمه "الدّليل لأهل العقول" للورجلاني، أنواع من السّباب والشَّتم لعثمان ومدح لمن قتلوه. أمّا بالنسبة لموقفهم من الخليفة علي بن أبي طالب، فإنّه يتّضح بما جاء في كتاب "كشف الغمة"، تحت عنوان فصلٍ من كتاب الكفاية، قوله: "فإن قال ماتقولون في علي بن أبي طالب، قُلنا له إنّ عليًا مع المُسلمين في منزلة البراءة". وقال زعيم الإباضية عبدالله بن إباض نفسه في كتابه لعبد الملك عن معاوية ويزيد وعثمان، كما يرويه صاحب كشف الغمة: "فإنّا نشهد الله وملائكته أنّا براء منهم وأعداء لهم، بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا نعيش على ذلك ماعشنا ونموتُ عليه إذا متنا ونبعث عليه إذا بعثنا ونحاسَب بذلك عند الله". وصاحب كتاب "كشف الغمة الجامع لأخبار الأمّة" يشتمُ الحَسَن والحُسين وأوجب البراءة منهما بسبب ولايتهما لأبيهما على ظلمه، وكذلك بسبب قتلهما عبدالرحمن بن ملجم وتسليمهما الإمامة لمعاوية. وهذا الموقف نفسه الذي وقفه الخوارج عمومًا والإباضيّة أيضًا من الصّحابة السّابقين، وقفوه من طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام، وأَوجَبَ لهما الورجلاني النّار. عقائد الإباضية: الإباضية كغيرهم من أهل البِدَع؛ لهم عقائد خالفوا فيها منهج أهل السُّنة والجماعة ووافقوا فيها مَن على شاكلتهم من المُبتدعة. صفات الله: انقسم الإباضيون إلى فريقين في ما يتعلّق بصفات الله: فريق نفى الصّفات نفيًا تامًا خوفًا من التّشبيه بزعمهم. فهم كالجهميّة في ذلك؛ وفريق منهم يُرجِعُون الصّفات إلى الذّات، فقالوا إنّ الله عالم بذاته وقادر بذاته وسميع بذاته إلخ.. فالصّفات عندهم عين الذّات. وهذا، في الحقيقة، نفيٌ للصّفات ولكنه نفي مُغطّى بحيلة إرجاعها إلى الذّات وعدم مشابهتها لصفات الخلق. وقد شنّع الورجلاني منهم على الذّين يثبّتون الصّفات بأنّهم مشبهة كعباد الأوثان وأن مذهب أهل السُّنة هو- حسب قوله - تأويل الصّفات. فاليد النّعمة والقدرة والوجه الذات ومجيء الله مجيء أمره لفصل القضاء، لأنّ إثبات الصّفات لله هو عين التّشبيه كما يقول. وطريقة السّلف في إثبات كلّ صفةٍ لله أنّهم يقولون فيها إنّها معلومة المعنى مجهولة الكَيف، والسّؤال عن الكَيف بدعةٌ. استواء الله وعلوه: وتقول عقيدة الإباضية في استواء الله وعلوّه. ويزعم الإباضيون أنّ الله يستحيل أن يكون مختصًا بجهةٍ ما، بل هو في كلّ مكانٍ. ولهذا، فقد فسّر الإباضية معنى استواء الله على عرشه باستواء أمره وقدرته ولطفه فوق خلقه. رؤية الله: ذهبت الإباضية في باب رؤية الله تعالى إلى إنكار وقوعها لأنّ العقل -كما يزعمون- يحيل ذلك ويستبعده. كلام الله تعالى: ومن عقائد الإباضية، في كلام الله تعالى، القول بخلق القرآن، بل حَكَمَ بعض علمائهم، كإبن جميع والورجلاني أنّ مَن لم يقل بخلق القرآن فليس منهم. عذاب القبر: أنكر بعض الإباضية عذاب القبر وأثبته بعضهم. مُعتقدهم في الميزان: الميزان، عند السّلف والمُسلمين والذي جاءت به النّصوص، له كفّتان حسّيتان مشاهَدَتان، تُوزَن فيه أعمال العباد كما يُوزِن العامل نفسه. أمّا الإباضية، فتنكر هذا الوصف ويثبتون وزن الله للنّيات والأعمال، بمعنى تمييزه بين الحَسَنِ منها والسّيء؛ وإنّ الله يفصل بين النّاس في أمورهم ويقفون عند هذا الحد. الصّراط: أنكر الإباضية الصّراط وقالوا إنّه ليس بجسرٍ على ظهر جهنّم؛ وذهب بعضهم -وهم قلّة- إلى إثبات الصّراط. الإمام: ينظر الخوارج كافّةً إلى الإمام نظرةً حازمةً، هي إلى الرّيبة منه أقرب، ولهم شروط قاسية جدًا قد لاتتوفّر إلاّ في القليل النادر من الرّجال. وإذا صدر منه أيّ ذنبٍ فإمّا أن يعتدل ويعلن توبته وإلاّ فالسيف جزاؤه العاجل. التّقية: جَوّز الإباضية التّقية كإخوانهم الرّافضة. وقد أورد الرّبيع بن حبيب في مسنده رواياتٍ في الحثّ على التّقية. عقائد أخرى: قال أبو الحسن الأشعري: "الإباضية يقولون إن جميع ما افترض الله سبحانه على خلقه إيمان، وإنّ كلَّ كبيرةٍ فهي كفر نعمة، لا كفر شركٍ، وإنّ مُرتكبي الكبائر في النّار، خالدون فيها". وقال يزيد بن أنيسة، زعيم اليزيدية من الإباضية: "نتولّى مَن شهد لمحمد صلّى الله عليه وسلّم بالنّبوة من أهل الكتاب، وإن لم يدخلوا في دينه ولم يعملوا بشريعته...". وزعم أنهم بذلك مؤمنون. وقال الإباضية جميعًا إنّ الواجب أن يستتيبوا من خالفهم في تنزيلٍ أو تأويلٍ. فإن تاب وإلاّ قُتِلَ. كان ذلك الخلاف فيما يسع جهله أو فيما لايسع جهله. وقالوا: "مَن زنى أو سرق، أقيم عليه الحدّ ثم استتيب، فإن تاب وإلاّ قُتِلَ. وقالوا: "الإصرار على أيّ ذنبٍ كان كفرًا". |
#4
|
||||
|
||||
![]() الإسـماعيليّة
فرقة إسلامية تختلف عن الموسويّة والإثنى عشريّة بإثبات الإمامة لإسماعيل بن جعفر الصّادق، من ذرّية علي. قالوا، وبعد إسماعيل محمد بن إسماعيل السّابع التّام: "ولن تخلو الأرض قط من إمامٍ حيٍّ قاهرٍ، إمّا ظاهرٍ مكشوفٍ وإمّا باطنٍ مستورٍ. فإذا كان الإمام ظاهرًا يجوز أن تكون حجّته مستورة؛ وإذا كان الإمام مستورًا فلا بُدّ أن تكون حجّته ودعاته ظاهرين". مذهبهم أنّ مَن مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتةً جاهليّةً. وكذلك مَن مات ولم يكن في عُنقه بيعة إمامٍ، مات ميتةً جاهليّةً. وكانت لهم دعوةٌ في كلّ زمانٍ. ويُلقَّبون بالباطنية أيضًا لحكمهم بأنّ لكل باطنٍ ظاهرًا، ولكلّ تنزيلٍ تأويلاً، إلخ.. وَجَدَت هذه الفرقة كما وَجَدَت أخواتها الكثير من الإضّطهاد فاضّطرت إلى الهجرة إلى أقصى خراسان والعراق هربًا ممّا يحيق بها من خطرٍ؛ وأصبحت في القرن الثاني الهجري على وشك الإنحلال. إلاّ أنّه ظهر رجل اسمه عبد اللّه بن ميمون من فارس، فأعاد تأسيس هذه الفرقة التّي أصبحت تُعرَف بالإسماعيلية ورتّبها على تسعة رُتَبٍ، لا يُرَقّى أحد من رتبةٍ إلى ما فوقها إلاّ بالإستعداد والأهلية. الدّرجة الأولى: العامّة؛ وكان الدُّعاة الموجّهون من قبل ذلك الزّعيم يجتذبونهم بالسّفسطات والوعود في تفسير رموز الدّين، فيبدأوا بأن يقولوا لهم: "ما حكمة رمي الجمار في الحجّ، وما حكمة السّعي بين الصّفاء والمروة، ولماذا خلق اللّه العالم في ستّة أيام ولم يخلقها في ساعةٍ، وهو قادر على ذلك؟ ما هي روحك؟ من أين أتَت وإلى أين تذهب؟ إلخ.. من الأسئلة التي تشتاق لها العامة وتقبل فيها كل ما يُقال". ومتى هيج عند النّاس الميل لسماع الأجوبة، قيل لهم "لا تعجلوا، الدّين أغلى من أن تُبذَل حقائقه لمن لا يعيها ولا يصونها، ولا بُدّ مِن أخذ العهد والميثاق على كلّ مَن يريد أن يشاركنا في أسرارنا هذه بأن لا يكشف لنا سرًا ولا ينصُبُ لنا أحبولة وأن يصدّقنا ويدافع عنّا، إلخ.." فيأخذ على النّاس العهود ويأمرهم بالتّسليم المحض والخضوع التّام، ثم يتركهم وشكوكهم إلى حين. الدّرجة الثّانية: يُكاشفون المُستعدّين للتّرقي من أهل الدّرجة الأولى بأنّ الناس قد ضُلُّوا بتقليد الأئمّة الأربعة وأن الذي يقلّد في الحقيقة هو الإمام المعصوم. الدّرجة الثالثة: يكشفون له العقيدة في الأئمّة، وهي أنّهم سبعة والإمام الحاكم هو السّابع وأنه عالم بكل سرائر الدّين ورموزه. الدّرجة الرابعة: يقولون إنّه كما أنّ عدد الأئمّة سبعة كذلك عدد الرُّسل الذين جاؤوا بشرائع ناسخة وكان لكلّ منهم مساعد ولمُساعدهم مساعد إلى سبعةٍ أيضًا. كلٌّ من هؤلاء السّبعة المساعدون يُدعَى "الصّامت". وأمّا مُؤسّسو الأديان، فيُدعى كلٌّ منهم "النّاطق". والنّاطقون هم آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد، إلى إمام الوقت عبد اللّه، المُومأ إليه. سرّ هذه المزاعم هو تغيير عقيدة المُريد المُتّبع لهم من أنّه لا وحي بعد النّبي محمد، والإدّعاء بأن الوحي مستمرّ على توالي الأجيال في الأئمة المعصومين. ومن هنا يخرج المُريد عن الإسلام، شَعَر أم لم يشعُر. الدرجة الخامسة: يقولون للمُريد إنّ شريعة محمد ستُنسَخ، وينظرون للمريد، فإن كان فارسيًا ذكّروه بذلّه للعرب وخنوعه لهم وحمّسوه للتخلّص من نيرهم. وإن كان عربيًا هيّجوه على الفُرس وأروه سوء رغبةٍ تداخلهم في حكومته. الدّرجة السادسة: يرون المُريد عدم وجوب العبادات من صلاةٍ وصومٍ... ويزعمون أنّ كل هذه التّقاليد وُضِعَت لإخضاع العوام والسّيطرة عليهم من قِبَلِ من قالوا إنّهم أنبياء وإنّ الفلاسفة اليونانيين أكمل عقولاً وأوسع علمًا من أولئك النّبيين. ولكنهم لا يوصلون من المُريدين إلى هذه الدرجة وما بعدها ممّا يكشف السّر النهائي إلاّ نفرًا قليلين جدًا لأنّه لما كان غرض عبد اللّه بن ميمون هذا تأسيس مملكةٍ لذرّيته، كان من العقل والتّبصر أن يمسك العامة بدين يربطهم، لأنّهم لو ألحدوا لسعى كلّ منهم لشهوات نفسه دون غيره. كانوا ينتخبون الدّعاة من أصحاب اللُّسن، وكانوا يجتذبون الناس بالتأثير على عقولهم بطرقٍ لا يجاريهم فيها غيرهم. وبذلك استفحل أمر هذه الفرقة في القرن الثّاني والثالث والرابع والخامس، وصارت لهم جيوش وحصون. وكانت مملكة البحرين كلّها لهم. وحدث أنّ القرامطة، وهي فرقة منهم بالعراق، نمت وتكاثرت حتى صارت خطرًا على بلاد العرب. وحدث أنّها هاجمت الحجّاج في البيت الحرام، وقتلت منهم ألوفًا مؤلّفةً، قيل ثلاثين ألفًا وقيل سبعين ألفًا، وأخذوا الحجر الأسود وأتوا من الفظائع ما يقشعرّ له جسد الإنسان. ثم ردوا الحجر إلى محلّه. |
#5
|
||||
|
||||
![]() الأشـاعرة
الأشاعرة فرقةٌ كلاميّة إسلامية، تُنسَب لأبي الحسن الأشعري الذي خرج على المُعتزلة. وقد اتّخذت الأشاعرة البراهين والدّلائل العقلية والكلامية وسيلةً في محاججة خصومها من المعتزلة والفلاسفة وغيرهم لإثبات حقائق الدّين والعقيدة الإسلامية على طريقة ابن كلاّب. التّـأسـيس وأبـرز الشّـخصيـات: * أبو الحسن الأشعري: هو أبو الحسن علي بن إسماعيل، من ذرية أبي موسى الأشعري. وُلِدَ بالبصرة سنة 270هـ ومرّت حياته الفكرية بثلاث مراحل: - المرحلة الأولى: عاش فيها في كنف أبي علي الجيّائي شيخ المُعتزلة في عصره وتلقّى علومه حتّى صار نائبه وموضع ثقته. تزعّم أبو الحسن المعتزلة أربعين سنةٍ. - المرحلة الثّانية: ثار فيها أبو الحسن على مذهب الإعتزال الذي كان ينافح عنه، بعد أن اعتكف في بيته خمسة عشر يومًا، يُفكّر ويدرس ويستخير الله تعالى حتّى اطمأنّت نفسه وأعلن البراءة من الإعتزال، وخطّ لنفسه منهجًا جديدًا يلجأ فيه إلى تأويل النّصوص بما ظنّ أنّه يتّفق مع أحكام العقل. وفيها اتّبع طريقة عبد الله بن سعيد بن كلاّب في إثبات الصّفات السّبع عن طريق العقل: الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسّمع والبصر والكلام. أمّا الصّفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والسّاق فتأولها على ما ظنّ أنّها تتفق مع أحكام العقل؛ وهذه هي المرحلة التّي مازال الأشاعرة عليها. - المرحلة الثّالثة: إثبات الصّفات جميعها لله تعالى من غير تكييفٍ ولا تشبيهٍ ولا تعطيلٍ ولا تحريفٍ ولا تبديلٍ ولا تمثيل. وفي هذه المرحلة، كَتَب كتاب الإبانة عن أصول الدّيانة الذي عبّر فيه عن تفضيله لعقيدة السّلف ومنهجهم والذي كان حاملاً لوائه الإمام أحمد بن حنبل بثمانية وستين مؤلّفًا. بعد وفاة أبي الحسن الأشعري، أخذ المذهب الأشعري أكثر من طورٍ. فقد تعدّدت اجتهادات أئمّة المذهب ومناهجهم في أصول المذهب وعقائده، وما ذلك إلاّ لأن المذهب لم يُبنَ في البداية على منهجٍ مُؤصّلٍ، واضحةٌ أصوله الإعتقاديّة، ولا كيفية التّعامل مع النّصوص الشرعية، فتذبذبت مواقفهم واجتهاداتهم بين موافقة مذهب السّلف واستخدام علم الكلام لتأييد العقيدة والرّد على المُعتزلة. من أبرز مظاهر ذلك التّطور: - القرب من أهل الكلام والإعتزال. - الدّخول في التّصوف وإلتصاق المذهب الأشعري به. - الدخول في الفلسفة وجعلها جزءًا من المذهب. الأفكار والمُعـتقدات: * مصدر التّلقي عند الأشاعرة: الكتاب والسّنة على مُقتضى قواعد علم الكلام ولذلك، فإنّهم يقدّمون العقل على النّقل عند التعارض؛ صرّح بذلك الرازي في القانون الكلّي للمذهب في أساس التّقديس والآمدي وابن فورك وغيرهم. * عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة لأنّها لا تفيدُ العلم اليقيني ولا مانع من الإحتجاج بها في مسائل السّمعيات أو فيما لا يعارض القانون العقلي. والمُتواتر منها يجب تأويله. * مذهبُ طائفةٍ منهم: صوفيّتهم، كالغزالي والجامي في مصدر التّلقي، تقديم الكشف والذوق على النص، وتأويل النّص ليوافقه. ويسمّون هذا "العلم اللّدني" جريًا على قاعدة الصّوفية "حدَثني قلبي عن ربّي". * يَقسم الأشاعرة أصول العقيدة بحسب مصدر التّلقي إلى ثلاثة أقسامٍ: - قسمٌ مصدره العقل وحده وهو مُعظّم الأبواب ومنه باب الصّفات، ولهذا يسمّون الصّفات التي تُثبّت بالعقل "عقلية". وهذا القسم يحكم العقل بوجوبه من دون توقّف على الوحي عندهم . أمّا ما عدا ذلك من صفات خيرٍ دل الكتاب والسنة عليها فإنّهم يؤوّلونها. - قسم مصدره العقل والنّقل معًا، كالرّؤية (على خلافٍ بينهم فيها). - قسم مصدره النّقل وحده وهو السّمعيات ذات المغيبات من أمور الآخرة، كعذاب القبر والصّراط والميزان وهو ممّا لا يحكم العقل باستحالته. فالحاصل أنّهم في صفات الله جعلوا العقل حاكمًا، وفي إثبات الآخرة جعلوا العقل عاطلاً، وفي الرّؤية جعلوه مساويًا. * خالف الأشاعرة مذهب السّلف في إثبات وجود الله ووافقوا الفلاسفة والمُتكلّمين في الإستدلال على وجود الله بقولهم: "إنّ الكون حادث ولا بُدّ له من مُحدثٍ قديمٍ"؛ وأخصّ صفات القديم مخالفةً للحوادث وعدم حلوله فيها، ومن مخالفته للحوادث إثبات أنّه ليس بجوهرٍ ولا بجسمٍ ولا في جهةٍ ولا في مكانٍ. * التّوحيد عند الأشاعرة هو نفي التّثنية والتّعدد بالذات ونفي التّبعيض والتركيب والتّجزئة، أي نفي الكميّة المتّصلة والمنفصلة. وفي ذلك يقولون: "إنّ الله واحدٌ في ذاته لا قسيم له، واحد في صفاته لا شبيه له، واحد في أفعاله لا شريك له". وهكذا خالف الأشاعرة أهل السنة والجماعة في معنى التّوحيد حيث يعتقد أهل السّنة والجماعة أن التّوحيد هو أول واجب على العبد إفراد الله بربوبيّته وألوهيته وأسمائه وصفاته. إنّ أوّل واجبٌ عند الأشاعرة إذا بلغ الإنسان سنّ التّكليف وهو النّظر أو القصد إلى النّظر ثم الإيمان، ولا تكفي المعرفة الفطرية. الأشاعرة في الإيمان بين المُرجئة التي تقول: "يكفي النّطق بالشّهادتين دون العمل لصحّة الإيمان"، وبين الجهميّة التّي تقول: "يكفي التّصديق القلبي". ورجّح الشيخ حسن أيّوب من المعاصرين أنّ المُصدق بقلبه ناجٍ عند الله وإن لم ينطق بالشّهادتين. و مال إليه البوطي. الأشاعرة مضّطربون في قضية التّكفير؛ فتارةً يقولون: "لا تكفّر أحدًا"، وطورًا يقولون: "لا تكفّر إلاّ مَن كفّرنا"، وتارة أخرى يقولون بأمورٍ توجب التّفسيق والتّبديع أو بأمورٍ لا توجب التّفسيق. فمثلاً، يُكفّرون من يثبت علوّ الله الذاتي أو مَن يأخذ بظواهر النّصوص، حيث يقولون: "إنّ الأخذ بظواهر النّصوص من أصول الكفر". قولهم بأن القرآن ليس كلامُ الله على الحقيقة ولكنّه كلام الله النّفسي وإن الكتب -بما فيها القرآن- مخلوقةٌ. والإيمان والطّاعة بتوفيق الله، والكفر والمعصية بخذلانه. والتّوفيق عند الأشعري خَلق القدرة على الطّاعة، والخذلان، عنده، خلق القدرة على المعصية. وعند بعض أصحاب الأشعري تيسير أسباب الخير هو التّوفيق وضدّه الخذلان. يقول الأشاعرة: "كلّ موجودٍ يصحّ أن يُرى. والله موجودٌ يصحّ أن يُرى". وقد وُرِدَ في القرآن أنّ المؤمنين يرونه في الآخرة. حصر الأشاعرة دلائل النّبوة بالمُعجزات التّي هي الخوارق، موافقةً للمعتزلة وإن اختلفوا معهم في كيفية دلالتها على صدق النّبي بينما يرى جمهور أهل السّنة أنّ دلائل ثبوت النبوة للأنبياء كثيرة ومنها المعجزات. * صاحب الكبيرة إذا خرج من الدّنيا بغير توبةٍ حُكمه إلى الله تعالى؛ إمّا أن يغفر له برحمته وإمّا أن يشفع فيه النّبي. يعتقد الأشاعرة أن الفعل هو مِن خلق الله وهو كسب للعبد لوقوعه مقارنًا لقدرته. قالوا بنفي الحكمة والتّعليل في أفعال الله مُطلقًا. لكنهم قالوا: "إنّ الله يجعل لكلّ نبيٍ معجزة لأجل إثبات صدق النّبي". وافق الأشاعرة أهل السنة والجماعة في الإيمان بأحوال البرزخ وأمور الآخرة من: الحشر والنشر، الميزان، والصراط، الشّفاعة والجنّة والنّار، لأنّها من الأمور المُمكنة التّي أقرّ بها الصادق وأيّدتها نصوص الكتاب والسّنة. وبذلك جعلوها من النصوص السّمعية. كما وافقوا أهل السّنة في القول في الصّحابة على ترتيب خلافتهم، وأن ما وقع بينهم كان خطًا وعن اجتهادٍ منهم، ولذا الكف عن الطّعن فيهم، لأن الطّعن فيهم إما كفر أو بدعة أو فسق. كما يرون الخلافة في قُريش. فضلاً عن تصدّي الأشعري للمعتزلة ومحاجتهم بأسلوبهم الكلامي نفسه ليقطع شبهاتهم ويردّ حجتهم عليهم، تصدى أيضًا للرّد على الفلاسفة والقرامطة والباطنية والرّوافض وغيرهم. الأشعري في كتاب "الإبانة عن أصول الدّيانة" الذي هو آخر ما ألّف من الكُتُب على أصحّ الأقوال، رجع عن كثير من آرائه الكلاميّة إلى طريق السّلف في الإثبات وعدم التّأويل.. يقول: "وقولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها التّمسك بكتاب ربّنا عزّ وجل وبيّنة نبّينا عليه السّلام، وما رُوِيَ عن الصّحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك مُعتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته- قائلون، ولما خالف قوله مُخالفون". لا تزال مدرسة الأشعرية الفكرية مُهيمنة على الحياة الدينية في العالم الإسلامي. ولكنّها، كما يقول الشيخ أبو الحسن النّدوي: " فقدت حيويتها ونشاطها الفكري، وضعف إنتاجها في الزّمن الأخير ضعفًا شديدًا وبدت فيها آثار الهرم والإعياء". لماذا ؟ - لأن التّقليد طغى على تلاميذ هذه المدرسة وأصبح علم الكلام لديهم علمًا مُتناقلاً من دون تجديدٍ في الأسلوب. - لإدخال مُصطلحات الفلسفة وأسلوبها في الإستدلال في علم الكلام.. فكان لهذا أثر سيّئ في الفكر الإسلامي لأن هذا الأسلوب لا يفيد العلم القطعي.. ولهذا لم يتمثّل الأشاعرة بعد ذلك مذهب أهل السّنة والجماعة ومسلك السلف تمثّلاً صحيحًا لتأثّرهم بالفلاسفة، وإن هُم أنكروا ذلك.. حتّى الغزالي نفسه الذي حارب الفلاسفة في كتابه "تهافت الفلاسفة"، يقول عنه تلميذه القاضي ابن العربي: " شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة، ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر". الجـذور الفكريّـة والعقائديّـة: يرى أبو الحسن الأشعري في مرحلته الثّانية أنّ العقيدة الإسلامية، كما هي في الكتاب والسّنة وعلى منهج ابن كلاّب، هي الأساس في آرائه الكلاميّة وفي ما يتّفق مع أحكام العقل. تأثّر أئمّة المذهب بعد أبي الحسن الأشعري ببعض أفكارٍ ومُعتقداتٍ: الجُهمية من الإرجاء والتّعطيل وكذلك بالمعتزلة والفلاسفة في نفي بعض الصّفات وتحريف نصوصها ونفي العلو والصّفات الخبرية. كما تأثّروا بالجبرية في مسألة القَدَر. |
#6
|
||||
|
||||
![]() البـاطنيّة
هم الإسماعيلية، وإنّما لُقّبوا بهذا اللّقب لحكمهم بأنّ لكلّ ظاهرٍ باطنًا، ولكلّ تنزيلٍ تأويلاً. ولهم ألقاب كثيرة غير هذه، على حَسب البقاع التّي نشأوا بها والمقالات التي دعوا إليها. فهم بالعراق يُسَمّون الباطنية والقرامطة والمزدكية، وبخراسان يسمّون التعليمية والملحدة. وهم يقولون: "نحن إسماعيلية لأننّا تميّزنا من فرق الشّيعة بهذا الإسم وهذا الشّخص". والباطنية الأولى قد ألفوا لهم مذهبًا خلطوا فيه بين الفلسفة والتّصوف وصنّفوا فيه كُتُبًا كثيرةً، ولهم علماء وأئمّة مشهورون. قالوا في الخالق: "إنه موجود ولا عالم ولا قادر، إلخ". فإن الإثبات الحقيقيّ يقتضي شركةً بينه وبين سائر الموجودات. فلم يمكن الحكم بالإثبات المُطلق والنّفي المُطلق، بل هو إله المُتقابلين وخالق الخصمين والحاكم بين المتضادين. وروُوا عن محمد بن علي الباقر أنه قال: "لما وهب اللّه العلم للعالمين قيل هو عالم؛ ولما وهب القدرة للقادرين قيل هو قادر. فهو عالم وقادر بمعنى أنّه وهب العلم والقدرة". وقالوا "كذلك نقول في القِدَم إنّه ليس بقديمٍ ولا محدثٍ بل القديم أمره وكلمته، والمُحدث خلقه وفطرته، أبدع بالأمر العقل الأوّل الذي هو تام بالفعل، ثم بتوسّطه أبدع النّفس الثاني الذي هو غير تامٍ. ونسبة النفس إلى العقل، إمّا نسبة النّطفة إلى تمام الخلقة والبيض إلى الطّير؛ وإمّا نسبة الولد إلى الوالد والنتيجة إلى المُنتج؛ وإمّا نسبة الأُنثى إلى الذّكر والزّوج إلى الزّوج. قالوا: ولما اشتاقت النّفس إلى كمال العقل واحتاجت إلى حركةٍ من النّقص إلى الكمال، احتاجت الحركة إلى آلة الحركة، فحدّثت الأفلاك السّماوية وتحرّكت حركةً دوريّةً بتدبير النّفس، وحدّثت الطّبائع البسيطة بعدها، وتحرّكت حركةً استقامت بتدبير النّفس أيضًا؛ فتركّبت المركبات من المعادن والنّبات والحيوان والإنسان، واتّصلت النّفوس الجزئية بالأبدان. وكان نوع الإنسان متميّزًا عن سائر الموجودات بالإستعداد الخاص لفيض تلك الأنوار. وكان عالمه في مقابل العالم العُلويّ عقل ونفس كليّ. ووُجِبَ أن يكون في هذا العالم عقل شخص هو كلّ، وحكمه حكم الشخص الكامل البالغ يسمّونه الناطق وهو النبي ونفس مشخّصة هو كلّ أيضًا، وحكمها حكم الطفل النّاقص المتوجّه إلى الكمال أو حكم المنطقة المتوجّهة إلى التّمام أو حكم المُزدوج بالذكر ويسمونه الأساس. وقالوا كما تحرّكت الأفلاك بتحريك النّفس والعقل والطّبائع، كذلك تحرّكت النّفوس والأشخاص بالشّرائع بتحريك النبي والوصي. وفي كل زمانٍ دائر سبعة سبعة حتى ينتهي إلى الدور الأخير ويدخل زمان القيامة وترتفع التّكاليف وتضمحلّ السُّنن الشّرعية لتبلغ النّفس إلى حال كمالها بلوغها إلى درجة العقل واتحادها به ووصولها إلى مرتبته فعلاً وذلك هو القيامة الكبرى. فتنحلّ تراكيب الأفلاك والعناصر والمركبات، وتنشقّ السّماء وتتناثر الكواكب وتبدّل الأرض غير الأرض وتُطوَى السّماوات كطيّ السّجل للكتاب المرقوم فيه ويُحاسب الخلق ويتميّز الخير عن الشر والمطيع عن العاصي وتتّصل جزئيات الحق بالنّفس الكُليّ وجزئيات الباطل بالشّيطان المُبطل. فمن وقت الحركة إلى السّكون هو المبدأ، ومن وقت السكون إلى ما لا نهايةٍ له هو الكمال. ثم قالوا ما من فريضةٍ وسنةٍ وحكمٍ من أحكام الشّرع من بيع وإجارة وهبة ونكاح وطلاق وجراح وقصاص ودّية إلاّ وله ما يقابله من العالم عددًا في مقابلة حَكمٍ. فإن الشّرائع عوالم روحانية أمرية والعوالم شرائع جسمانية خلقية، وكذلك التّركيبات في الحروف والكلمات على ما يقابله من تركيبات الصّور والأجسام والحروف المُفردة، نسبتها إلى المركّبات من الكلمات كالبسائط المجرّدة إلى المركبات من الأجسام. ولكلّ حرفٍ وزان في العالم وطبيعة يخصّها وتأثير من حيث تلك الخاصية في النفوس. فعن هذا، صارت العلوم المُستفادة من الكلمات التّعليمية غذاء للنفوس، كما صارت الأغذية المستفادة من الطّبائع الخُلقية غذاء للأبدان. وقد قدّر اللّه أن يكون غذاء كلّ موجود بما خلقه منه. فعلى هذا الوزان صاروا إلى ذكر أعداد الكلمات والآيات، وأن التّسمية مُركّبة من سبعة واثني عشر وأن التّهليل مركّب من أربع كلماتٍ في إحدى الشّهادتين وثلاث كلمات في الشّهادة الثانية وسبع قطع حرفًا في الثانية، وكذلك في كلّ آية أمكنهم استخراج ذلك. وقد وضعوا في ذلك كُتبًا ودعوا أئمّتهم الذين هم عَرَفَة هذه الرسوم وكَشَفَة هذه المساتير. ثم لما أظهر الحسن بن الصّباح دعوته، ترك أحزابه هذه الدّعاوى وقصّروا دعوتهم إلى اتّخاذ إمامٍ صادقٍ معصومٍ في كلّ زمانٍ، وتعيين الفرقة النّاجية من فرق المُسلمين. وكان باطن الأمر قلب الحكومة والإستبداد بها. ولأجل نيل مأربهم عمدوا إلى المقاتلة، فصعد رئيسهم إلى قلعة الموت بالعراق وتحصّن بها سنة 383 هـ. وكان من أمرهم ما كان من العبث بالنّظام والعبث بالرّاحة العامة، حتى انتهى أمرهم بالإضمحلال. |
#7
|
||||
|
||||
![]() البريلوية
البريلوية فرقةٌ صوفيّة نشأت في شبه القارّة الهندية الباكستانية، في مدينة بريلي في ولاية أوترابراديش بالهند، أيّام الإستعمار البريطاني؛ وقد اشتهرت بمحبّة وتقديس الأنبياء والأولياء بعامةٍ والنّبي (ص) بخاصّة. مُؤسّس هذه الفرقة أحمد رضا خان تقي علي خان (1865-1921م). سمّى نفسه عبد المصطفى، وهذا لا يجوز في الإسلام لأنّ العبوديّة لله وحده. وُلِدَ في بريلي بولاية اترابرديش وتتلمذ على الميرزا غلام قادربيك. زار مكّة المكرّمة وقرأ على بعض المشايخ فيها عام 1295هـ، وكان نحيلاً حاد المزاج، مُصابًا بالأمراض المُزمنة، دائم الشّكوى من الصداع وآلام الظّهر، شديد الغضب، حاد اللسان، مع فطنةٍ وذكاءٍ. ومن أبرز كتبه: "أنباء المصطفى" و"خالص الإعتقاد" و"دوام العيش والأمن"؛ وله ديوان شعرٍ: "حدائق بخش". من أبرز رجالات البريلوية: - ديدارعلي بريلوي المولود في نواب بور بولاية ألور. من مؤلّفاته: "تفسير ميزان الأديان" و"علامات الوهّابية". - نعيم الدّين المراد آبادي (1883-1948م)، وهو صاحب المدرسة التي سمّاها الجامعة النّعيمية، ويُلقّب بصدر الأفاضل. من كتبه: "الكلمة العُليا في عقيدة علم الغيب". أمجد علي بن جمال الدّين بن خدابخش، وُلِدَ في كهوسي وتخرّج في المدرسة الحنفيّة بجونبور. له كتاب "بهار شريعت". - حشمت علي خان: وُلِدَ في لكهنو، وسمّى نفسه كلب أحمد رضا خان، مُعتزًا بهذه التّسمية. وله كتاب "تجانب أهل السنة"، ويُلقّب بـ"غيظ المُنافقين"، وكان موته سنة 1380هـ. - أحمد يار خان: كان شديد التّعصب للفرقة. ومن مؤلّفاته: "جاء الحق وزهق الباطل"، "سلطنة مصطفى". الأفكار والمُعتقدات: يعتقد أبناء هذه الطّائفة أنّ الرسول لديه قدرة يتحكّم بها في الكون. ويقول أحمد رضا خان: "يا غوث -أي يا عبد القادر الجيلاني- إنّ قدرة "كن" حاصلة لمحمد من ربّه، ومن محمد حاصلة لك، وكلّ ما يظهر منك يدلّ على قدرتك على التّصرف، وأنك أنت الفاعل الحقيقي وراء الحجاب". لقد غالوا في نظرهم إلى النّبي حتّى أوصلوله إلى قريبٍ من مرتبة الألوهية. يقول أحمد رضا خان في "حدائق بخش": "إي يا محمد صلى الله عليه وسلم لا أستطيع أن أقول لك الله، ولا أستطيع أن أفرّق بينكما، فأمرك إلى الله هو أعلم بحقيقتك". كما بالغوا في إضفاء الصّفات التي تخالف الحقيقة على النّبي حتى جعلوه عالمًا للغيب. لديهم عقيدة اسمها "عقيدة الشّهود" حيث إنّ النبي في نظرهم حاضر وناظر لأفعال الخلق الآن وفي كلّ زمانٍ ومكانٍ. ينكرون بشرية النّبي ويجعلونه نورًا من نور الله. يحثّون أتباعهم على الإستغاثة بالأنبياء والأولياء، ومَن يستنكر عليهم ذلك يرمونه بالإلحاد. يشيدون القبور ويعمرونها ويجصصّونها وينيرون فيها الشّموع والقناديل وينذرون لها النّذور ويتبرّكون بها ويقيمون الإحتفالات لأجلها، ويضعون عليها الزهور والورود والأرديّة والسّتائر، ويدعون أتباعهم للطّواف حول الضّريح تبرّكًا به. لديهم غلو شديد في تقديس شخصية عبد القادر الجيلاني، ويعظّمون باقي الأولياء من أئمّة المتصوّفة وينسبون إليهم أفعالاً خياليةً خارقةً للعادات، مُتّسمةً بالنّسيج الخرافي الأسطوريّ. ويقولون بالإسقاط وهي صَدَقة تُدفَع عن الميّت بمقدار ما ترك الصّلاة والصّيام وغيرها. ومقدار الصّدقة عن كلّ صلاةٍ أو صيامٍ تركه الميت هو مقدار صَدَقة الفطر المعروفة. أعظم أعيادهم هو ذكرى المولد النّبوي الشّريف، إذ ينفقون فيه الأموال الطائلة، وهو يومٌ مقدّس مشهور لديهم، ينشدون فيه الأناشيد التي تُمجّد الرّسول. الأعراس: هُم يُكفّرون المُسلمين من غير البريلوييّن لأدنى سببٍ. وكثيرًا ما يَرد في كتبهم، بَعدَ تكفير أيّ شخصٍ، عبارةُ: "ومَن لم يكفّره فهو كافر". وقد شمل تكفيرهم الدّيوبنديين وزعماء التّعليم والإصلاح ومحرّري الهند من الإستعمار. وهم يكفّرون أيضًا ابن تيميّة وينعتونه بأنّه مُختلّ وفاسد العقل ويدرجون معه تلميذه ابن القيم ويكرهون الإمام محمد بن عبد الوهاب ويرمونه بأشنع التّهم وأسوأ الألفاظ وما ذلك إلاّ لأنه وقف أمام الخرافات موقفًا حازمًا داعيًا إلى التّوحيد الخالص. الجذور الفكريّة والعقائدية: تُصنَّف هذه الفرقة، من حيث الأصل، ضمن جماعة أهل السّنة المُلتزمين بالمذهب الحَنَفي. وهذا خطأ، حيث يرى بعض الدارسين أن أسرة مؤسّس الفرقة كانت شيعية ثم أظهرت تسننّها تقيةً، لكنّهم مزجوا عقائدهم بعقائد أخرى ودأبوا على الإحتفال بالمولد النبوي على غرار الإحتفالات بعيد رأس السنة الميلادية ما ينسب إلى عيسى. بسبب عيشهم ضمن القارّة الهنديّة ذات الدّيانات المتعدّدة، انتقلت أفكار من الهندوسية والبوذية لتمازج عقيدتهم الإسلامية، وأضفوا على النّبي وعلى الأولياء صفات تماثل تلك الصّفات التي يضفيها الشّيعة على أئمّتهم المعصومين في نظرهم. كما انتقلت إليهم عقائد غلاة المتصوّفة والقبوريين وشركياتهم ونظريّاتهم في الحلول والوحدة والإتّحاد حتّى صارت هذه الأمور جزءًا من معتقداتهم. |
#8
|
||||
|
||||
![]() البهـائيّة
البابيّة أوالبهائية حركةٌ نبعت من المذهب الشّيعي الشيخي سنة 1260هـ. أهمّ ما يُؤمن به البهائيّون: * يعتقد البهائيون أنّ الباب هو الذي خلق كل شيء بكلمته وهو المبدأ الذي ظهرت عنه جميع الأشياء. * يقولون بالحلول والإتّحاد والتّناسخ وخلود الكائنات وإنّ الثواب والعقاب إنّما يكونان للأرواح فقط على وجهٍ يُشبه الخيال. * يُقدّسون العدد 19 ويجعلون عدد الشهور 19 شهرًا وعدد الأيام 19 يومًا. * يقولون بنبوة بوذا وكنفوشيوس وبراهما وزاردشت وأمثالهم من حكماء الهند والصين والفرس الأول. * يوافقون النّصارى في القول بصلب المسيح. * يؤوّلون القرآن تأويلات باطنيّة ليتوافق مع مذهبهم. * ينكرون معجزات الأنبياء وحقيقة الملائكة والجنّ، كما ينكرون الجنّة والنار. * يحرّمون الحجاب على المرأة ويحللّون المتعة وشيوعيّة النّساء والأموال. * يقولون إنّ دِين الباب ناسخ لشريعة محمد (ص). * يؤوّلون القيامة بظهور البهاء. أما قبلتهم فهي إلى البهجة بعكّا في فلسطين بدلاً من المسجد الحرام. * الصّلاة عندهم تؤدّى في تسع ركعاتٍ ثلاث مرّات والوضوء بماء الورد، وإن لم يوجد فالبسملة "بسـم الله" الأطهر خمس مرّاتٍ. * لا توجد صلاة الجماعة إلاّ في الصّلاة على الميت وهي ست تكبيرات تقول كلّ تكبيرةٍ (الله أبهى). * الصّيام عندهم في الشهر التاسع عشر شهر العلا فيجب فيه الإمتناع عن تناول الطّعام من الشروق إلى الغروب مدة تسعة عشر يومًا (شهر بهائيّ) ويكون آخرها عيد النيروز 21 آذار، وذلك من سن 11 إلى 42 فقط. * تحريم الجهاد وحمل السّلاح وإشهاره ضدّ الأعداء. * ينكرون أنّ محمدًا خاتمة الأنبياء، مُدّعين استمرار الوحي. وقد وضعوا كُتُبًا معارضة للقرآن الكريم مليئةً بالأخطاء اللّغوية والرّكاكة في الأسلوب. * يبطلون الحج إلى مكة وحجّهم حيث دُفِنَ بهاء الله في البهجة،بعكا بفلسطين. جذورهم العقائدية : * الرّافضة الإمامية. * "الشّيخية" أتباع الشيخ أحمد الإحسائي. أماكن الإنتشار: تقطن الغالبية العُظمى من البهائيين في إيران وقليل منهم في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلّة حيث مقرّهم الرّئيسي. وكذلك لهم وجود في مصر حيث أُغلِقت محافلهم بقرارٍ جمهوريٍ سنة 1960م؛ كما أنّ لهم عدة محافل مركزية في إفريقيا بأديس أبابا وفي الحبشة وكمبالا بأوغندا ولوساكا بزامبيا وجوهنسبرغ بجنوب إفريقيا وكذلك المحفلى الملّي بكراتشي في باكستان. ولهم أيضًا حضور في الدّول الغربية. فلهم في لندن وفيينا وفرانكفورت محافل وكذلك بسيدني في استراليا. ويوجد في شيكاغو بالولايات المتحدة أكبر معبدٍ لهم وهو ما يُطلق عليه مشرق الأذكار ومنه تَصدُر مجلة "نجم الغرب". وفي نيويورك لهم قافلة الشرق والغرب، وهي حركة شبابيّة قامت على المبادئ البهائية. ولهم كتاب دليل القافلة وأصدقاء العلم. ولهم تجمّعات كبيرة في هيوستن ولوس انجلوس وبروكلين بنيويورك حيث يُقدّر عدد البهائييّن بالولايات المتحدة بحوالى مليونيّ بهائيّ ينتسبون إلى 600 جمعية. |
#9
|
||||
|
||||
![]() الخلقيدونيون
خلقيدونة مدينة قديمة في آسيا الصغرى على البوسفور تدعى اليوم كاديكوي. عُقدت في هذه المدينة عدة مجامع كنسية أهمها المجمع المسكوني الرابع سنة 451م. وجاء هذا الاجتماع على خلفية انقسام النصارى حول طبيعة المسيح: هل هي طبيعة واحدة أم من طبيعتين. عُقد هذا المجمع المسكوني بأمر الملك مرقيان وزوجته بلخاريا بالتماس من البابا لاون الروماني الذي سبق أن أهملت رسالته في مجمع إفسس الثاني لاحتوائها على آراء نسطورية. حضر الاجتماع حوالى 500 أسقف في كنيسة القديسة أوفيمية وعُقدت الجلسة الأولى في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 451م. افتتح البابا ديوسقورس المجمع مخاطباً الحاضرين: "إنني اقبل عبارة من طبيعتين بعد الاتحاد"، مؤكداً بذلك ما كان القديس كيرلس قد ذهب إليه عن وجود الطبيعتين في الاتحاد وعدم امتزاجهما. ألغى المجمع الخلقيدوني قرارات مجمع أفسس الثاني الذي انعقد سنة 449م وعزل البابا ديسقورس الاسكندري لأسباب قانونية وإدارية، كما حرّم أوطيخا رئيس دير أيوب بالقسطنطينية الذي تبني عقيدة الطبعية الواحدة المتجسدة لكلمة الله. أكد الجانب الخلقيدوني في ما بعد موقفه من النسطورية وذلك في المجمع الخامس المنعقد في القسطنطينية عام 553م ووضع تعريفاً للإيمان بحيث يتضمن النص النهائي حول طبيعة المسيح بأنها "في طبيعتين" وليس "من طبيعتين". لم يكن هذا التعريف نسطوريا، بل ان المجمع في قراراته قد أكد حرم كل من النسطورية والأوطيخية . غير أن هذا التعريف لم يتضمن عبارة "الاتحاد الأقنومي" ولا عبارة "لا يمكن التمييز بين الطبيعتين إلا في الفكر فقط" وهي التي كان قد دعا إليها القديس كيرلس الكبير. وحرّم المجمع عقيدة الامتزاج بين الطبيعتين. رفض البابا ديوسقورس مجمع خلقيدونية، كذلك رفض مقرراته بعض مجموعات شرقية ومنها الكنيسة المصرية. ورغم محاولات التوفيق بين الفريقين: الخلقدوني واللاخلقدوني فإن الخلاف ظل حول عبارة "في طبيعتين" أو "من طبيعتين". جرت محاولات للتوفيق بين الجانبين في آواخر القرن الماضي انتهت بعقد اجتماع في دير الابنا بيشوي بمصر (1989م) وآخر في شامبيزي بسويسرا (1990م). وقبِل الجانبان التعبير اللاهوتي للآخر واتفقا على أن كلمة الله هو هو نفسه قد صار إنساناً كاملاً بالتجسد مساوياً لنا في الجوهر من حيث ناسوته، بلا خطيئة. واتفقا أن الاتحاد بين الطبائع في المسيح هو اتحاد طبيعي أقنومي حقيقي تام بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولا انفصال. وقال الجانبان إن السيدة العذراء هي "والدة الإله" وحرّما تعاليم نسطور وأوطيخا. |
#10
|
||||
|
||||
![]() القرامطة
القرامطة حركةٌ دينيّةٌ سياسيّةٌ تفرّعت من المباركية إحدى فرق الإسماعيلية. دُعِيَت بهذا الاسم نسبةً إلى مؤسّسها حمدان بن الأشعث قرمط الذي عاش في عهد الخليفة المعتضد العبّاسي، واتّبعت تنظيمًا سريًا دقيقًا. كانوا في الأصل على مقالة المباركية ثم خالفوهم وقالوا: "لا يكون بعد محمد (ص) غير سبعة من الأئمّة. ساعدت الأوضاع الفاسدة والتّهالك والإنحلال في جسم الدولة العباسيّة على نمو الحركات الثّورية المعارضة، ومنها الحركة الإسماعيلية-القرمطيّة التي انتشرت بصورةٍ عجيبةٍ في المشرق الإسلامي وولّدت انفجاراتٍ عسكريةً اقضّت مضاجع الخلافة العبّاسية وحرمتها لذيذ الرّقاد. اعتمدت الفرقة القرمطيّة على الجانب الإعلامي وبعث الدّعاة إلى الأقاليم، كاليمن والحجاز والهند ومصر وبعلبك وواسط وسلمية وعمان وخراسان، فاستطاعت بذلك جذب الأعداد الكبيرة من الموالين لها في تلك البلدان، ألّفوا في ما بعد القواعد الشّعبية التي مكّنتهم من تنظيم الجيوش والتّوجه لنشر عقائدهم. تميّزت الفرقة القرمطية بالسّرية التّامة وتكتّمها وإخفائها للحقائق التي تنطوي عليها والتّستر على كبار قادتها حتّى أخفوا شخصياتهم على المُقرّبين إليهم، ما مكّنهم من النفوذ إلى الكثير من المجتمعات وتعليمهم مذهبهم من دون الكشف عن هوياتهم. اهتمّ زعماء القرامطة بكلّ ما يخدم طموحاتهم ومخططاتهم الثّورية والإجتماعية بدرجةٍ أنّهم لم يعيروا اهتمامًا للإنتماء الإسمي أو الدّيني أو البحث عن الرّسالة ومَن هو الخليفة أو ورثته أو المهدي المُنتظَر. اتخذت القيادة القرمطيّة التدابير المالية بفرض ضرائب متعدّدةٍ لتحصل على رصيدٍ ماديٍ ضخمٍ يُمكّنها من تنفيذ مشاريعها وبرامجها، فطرحت أنواعًا من الضّرائب، كضريبة الفطرة وهي درهم على الرجال والنّساء والأولاد، وضريبة الهجرة وهي دينار عن كلّ مَن أدرك الحنث، وضريبة البلغة وهي سبعة دنانير، وضريبة الخمس وهي خمس الأرباح السنوية. وأسّست نظام الألفة وهي جمع الأموال في موضعٍ واحدٍ. كلّ هذا مكّنها لأن تبني كيانًا اقتصاديًا متينًا. اتّبع القرامطة نهج العنف وانحرفوا عن مسير الحركة الإسماعيلية، وكانوا توّاقين بعنفٍ إلى إمامٍ مهديٍ مُنتَظر يسارع في إنقاذهم من الفوضى الإقتصادية والقلق النّفسي، فأصرّوا على أن يباشروا فورًا في إعلان دولةٍ في بلاد الشّام. كان ابتداء أمر القرامطة أنّ رجلاً قدم من ناحية الأهواز إلى سواد الكوفة يُظهِرُ الزّهد والتّقشف، وأقام على ذلك فترةً. وكان إذا قعد إليه رجلٌ ذاكره أمر الدّين وزهده في الدنيا. ثمّ مرض فمكث على الطّريق مطروحًا. وكان في القرية رجل أحمر العينين حمل المريض إلى منزله واعتنى به حتى بَرِئَ ودعا أهل تلك النّاحية إلى مذهبه فأجابوه واتّخذ منهم اثني عشر نقيبًا أَمَرَهم أن يدعوا النّاس إلى مذهبهم، وقال: <<أنتم كحواري عيسى بن مريم (ع)>>. فاشتغل أهل كور تلك النّاحية عن أعمالهم بما رسم لهم من الصّلوات، وكان للهيصم في تلك النّاحية ضياع فرأى تقصير الأكرة في عمارتها، فسأل عن ذلك فأخبر بخبر الرّجل فأخذه وحبسه وأغلق باب البيت عليه وجعل مفتاح البيت تحت وسادته واشتغل بالشّرب، فرقّت إحدى الجواري للرّجل وأطلقت سراحه من دون أن يعلم الهيصم، وشاع ذلك في النّاس فافتتن أهل النّاحية وقالوا: رُفِعَ ثمّ ظَهَر في ناحيةٍ أخرى ولقي جماعةً من أصحابه وغيرهم ثم خرج إلى ناحية الشّام". وقيل غير ذلك، إنّ حمدان، بن الأشعث قُرمُط، هو الذي التقى بالرّجل الدّاعي ـأحد دعاة الباطنيةـ فالتزم حمدان سرّه ثم اندفع الداعي في تعليمه واستجاب له في جميع مَن دعاه ، ثم انتدب حمدان للدّعوة وصار أصلاً من أصول هذه الدّعوة فسمّى أتباعه القرامطية. وفي البحرين، ظهر رجلٌ من القرامطة يُعرَف بأبي سعيد الجنابي؛ فاجتمع إليه جماعةٌ من الأعراب وقوي أمره ثم سار إلى القطيف. وفي سنة 287 هـ، أغاروا على نواحي هجر وقرّب بعضهم من نواحي البصرة. أسّسوا لهم موضعًا سمّوه "دار الهجرة" يُهاجرون إليها ويجتمعون بها؛ وبنوا حولها سورًا مَنيعًا عَرضُهُ ثمانية أذرعٍ ومن ورائه خندق عظيم، وانتقل إليها الرّجال والنّساء من كلّ مكانٍ، وذلك سنة (277هـ)، فلم يبق حينئذٍ أحدٌ إلاّ خافهم لقوّتهم وتمكّنهم في البلاد. في سنة 289 هـ أحسّت الخلافة العباسية بخطر القرامطة وازدياد حشودهم، فأمرت عاملها في سورية، شبل الديلمي، فألّف جيشًا جرارًا وهاجم الجيوش القرمطيّة، لكنّهم دحروا هذه القوّة بعد أن قتلوا عددًا كبيرًا منها. تمكّن الحسين بن زكرويه أبو مهزول، المُلقّب بصاحب الخال، من تجهيز الجيوش وفتح الرّقة وحلب وحماة وحمص ودمشق وسلميّة، وحقّق الإنتصارات الباهرة وخطب على المنابر وأيّده أهلها. إلتبس على بعض كبار دعاة القرامطة الأمر في أنّ إمامهم هو عبيد الله المهدي، وكانوا ما يزالون يُدينون بالولاء والطّاعة للإمام محمّد بن إسماعيل الذي بذر بذور الدّعوة بينهم واعتبروه المهدي المُنتظر. ولم تفلح الحُجَج والبراهين التي اعتمدها الدّعاة في إقناعهم بأنّ الإمام عبيد الله المهدي بموجب النّص الذي أودعه الإمام محمد بن إسماعيل في عقبه. ويرجع هذا التّعنت من بعض دعاة القرامطة لإنقطاعهم في البادية ولعدم احتكاكهم الدّائم مع مركز الدّعوة الإسماعيلية في سلمية وتتبّعهم تطورات الدّعوة، فاعتبروا أنّ هذه التطورات خارجةٌ عن مفهوم التّعاليم الأولية التي لقّنوها. وفي سنة 317 هـ، هاجم القرامطة مكّـة المكرّمة ونهبوا الكعبة واقتلعوا الحجر الأسود. ولما بلغ ذلك الإمام الإسماعيلي والخليفة الفاطمي عبيد الله المهدي كتب إلى أبي طاهر ينكر ذلك ويلومه، ويقول: «حقّقت على شيعتنا ودُعاة دولتنا إسم الكفر والإلحاد بما فعلت»، وأمره أن يعيد الحجر الأسود إلى موضعه، فأعاده. أنكر القرامطة على الإسماعيلييّن والفاطميين سياسة المُلاينة التي اعتمدوها في كسب العناصر غير الإسماعيليّة؛ وقد جسّدوا معتقداتهم بالعنف والبطش واستحلّوا استعراض الناس بالسيف وقتلهم وأخذ أموالهم والشّهادة عليهم بالكفر. استغلّ القرامطة شعار الإنتساب إلى البيت العلوي الثّائر المُضطهد ونادوا بالعدالة الإجتماعية وطرحوا أنفسهم في قالبٍ دينيٍ ثوريٍ، ما أعطى لتحرّكهم الإطار الشّرعي. ولا يعرف التّاريخ الإسلامي مذهبًا ثوريًا لا يستندُ إلى أساسٍ روحيٍ أو حركةٍ ثوريةٍ عامةٍ لاترجع إلى الدّين. وكان من المألوف في العصور الإسلاميّة أن تظهر الجماعات الدّاعية إلى الثّورة السياسية مُستنيرةً بالمذهب الشّيعي في سبيل نشر رسالتها وتأليب رجالها إلى أن يستتبّ لها الأمر فتسفر عن حقيقة أمرها. قالوا: إنّ النبي (ص) نصَّ على إمامة علي بن أبي طالب، وإنّ عليًا نصّ على إمامة ابنه الحسن، وإنّ الحسن نصّ على إمامة أخيه الحُسين، وإنّ الحسين نصّ على إمامة ابنه علي، وإنّ عليًا نصّ على إمامة ابنه محمد الباقر، ونصّ محمّد على إمامة ابنه جعفر الصّادق، ونصّ جعفر على إمامة ابن ابنه محمد بن إسماعيل. وزعموا أنّ محمد بن إسماعيل حيّ إلى اليوم ولم يمت، ولن يموت حتّى يملك الأرض، وأنّه هو المهدي الذي تقدّمت البشارة به، واحتجّوا في ذلك بأخبارٍ روُوها عن أسلافهم يخبرون فيها أن سابع الأئمّة قائمهم. أثبتوا النّبوة ظاهرًا وأنكروا الوحي وهبوط الملائكة وأوّلوا المُعجزات فجعلوها رموزًا: فثُعبان موسى حجّته، والغمام أمره؛ وأنكروا كون عيسى من غير أب بل هو رمزٌ أخذ العلم من غير إمام وإحياء الموتى. وقالوا إنّ جميع الأشياء التي فرضها الله تعالى على عباده، ومنها نبيّه محمد (ص) وأمر بها لها ظاهر وباطن، وإن جميع ما استعبد الله به العباد في الظّاهر من الكتاب والسنة أمثال مضروبة وتحتها معانٍ هي بطونها وعليها العمل. وأقرّوا حصر ممتلكاتهم في بيت المال وسنّوا التّشريعات التي تحدّد صلاحية الفرد وتُبيّن حقوقه ضمن المجموع. وضمنوا حياة العاجز والعاطل والعامل والصّانع والفلاّح. واستحلّوا استعراض النّاس بالسّيف وقتلهم وأخذ أموالهم والشّهادة عليهم بالكفر. وزعموا أنّه يجب عليهم أن يبدأوا بقتل مَن قال بالإمامة مِمّن ليس على قولهم، وخاصةً مَن قال بإمامة موسى بن جعفر وولده مِن بعده. وقسّموا المجتمع إلى أربع طبقاتٍ، وهي: - الأولـى وهي طبقة الشّباب بين عمر 15-30 عامًا، ويُسمّون الأخوان الأبرار الرّحماء. - الثّـانية وتشمل مَن كانوا بين 30-40 عامًا وهُم الرّؤساء وذوو السّياسات؛ ويُسَمّون الأخيار الفضلاء. - الثـالثة وتشمل مَن كانوا بين 40-50 من العمر، وهُم أصحاب الأمر والنّهي ونصر الدّعوة. - الرّابعة وهي مَرتَبةُ مَن يزيد عمرهم على الخمسين سنة وهي الأعلى في نظرهم، ويُطلَق عليهم طبقة المُريدين، ثم المعلّمين، ثم القادة، ثم المقرّبين إلى الله. وقالوا إنّ محمد بن إسماعيل هو خاتم النّبييّن الذي حكاه الله في كتابه وأنّ الدّنيا اثنتا عشرة جزيرةٍ في كلّ جزيرة حَجّة، وأن ّالحجج اثنتا عشرة، ولكلّ داعيةٍ يد ويعنون بذلك أنّ اليد رجل له دلائل وبراهين يُقيمها. وحرّموا زيارة القبور وتقبيلها. انتشرت الفرقة القرمطيّة في الكوفة وواسط والبصرة من العراق، ثمّ ظهر دعاتهم في البحرين والقطيف. وعظُمَ أمرهم وأغاروا على نواحي هجر والإحساء والقطيف والطّائف، وبلغت دعوتهم إلى اليمن وتغلّبوا على سائر مدن اليمن وساروا إلى بعلبك وقتلوا عامّة أهلها ولم يبق منهم إلاّ اليسير. ثم ساروا إلى سلميّة وصالحوا أهلها وأعطوهم الأمان. واستولوا على دمشق عام 260 هـ، ومنها توجّهوا إلى مصر. واجتمع معهم خلق كثير من العرب والاخشيدية. وظهر أمرهم في المغرب وعمان، وفي بلاد الديلم حيث استطاع أبو حاتم نشر فكر القرامطة. وفي نيشابور تولّى الدعوة لهم الشّعراني. في سنة 326 هـ، فسد حال القرامطة وقتل بعضهم بعضًا. وسبب ذلك أنّه كان رجل منهم يُقال له "ابن سنبر" وهو من خواص أبي سعيد القرمطي والمُطلعين على سرّه؛ وكان له عدو من القرامطة اسمه ابو حفص الشّريك، فعمد ابن سنبر إلى رجلٍ من اصبهان وقال له: "إذا ملكت أمر القرامطة أريد منك أن تقتل عدويّ، أبا حفص". فأجابه إلى ذلك وعاهده عليه. فأطلعه عندها على أسرار أبي سعيد وعلامات كان يذكر أنّها في صاحبهم الذي يدعون إليه، فحضر عند أولاد أبي سعيد وذكر لهم ذلك. فقال أبو طاهر: "هذا هو الذّي يدعو إليه". فأطاعوه ودانوا له حتّى كان يأمر الرجل بقتل أخيه فيقتله. وكان إذا كره رجلاً يقول له إنّه مريض، يعني أنّه قد شك في دينه، ويأمر بقتله. وبلغ أبا طاهر أن الأصبهاني يريد قتله ليتفرّد بالمُلك، فقال لإخوته: "لقد أخطأنا في هذا الرجل وسأكشف حاله". فقال له: إنّ لنا مريضًا فانظروا إليه ليبرأ". فحضروا وأضجعوا والدته وغطّوها بإزارٍ، فلمّا رآها قال: "إنّ هذا المريض لا يبرأ فاقتلوه". فقالوا له: "كذبتَ هذه والدتك!". ثم قتلوه بعد أن قُتِلَ منهم خلقٌ كثيرٌ من عظمائهم وشجعانهم. لمّا انتشر القرامطة بسواد الكوفة، وجّه إليهم المعتضد شبلاً غلام أحمد بن محمد الطائي، وظفر بهم وأُخِذَ رئيسًا لهم يُعرَف بأبي الفوارس. فسيّره إلى المعتضد فأحضره بين يديه وقال له: "أخبرني، هل تزعمون أنّ روح الله تعالى وأرواح أنبيائه تحلّ في أجسادكم فتعصمكم من الزّلل وتوفّقكم لصالح العمل؟ فقال له: "يا هذا إن حلّت روح الله فينا فما يضرّك؟ وإن حلّت روح إبليس فما ينفعك؟ فلا تسأل عما لا يعنيك وسِل عما يخصّك". وبعد أن قُتِلَ رئيس القرامطة أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي، سنة 301 هـ، تولّى ابنه أبو طاهر سليمان الجنابي أمر القرامطة في البحرين، فأراد أن يستولي على البصرة فغزاها مرارًا. وكانت أشدّ غزواته سنة 311هـ، فقد سار إليها في 1800 رجل ودخلها وقتل حاميتها وأقام بها 17 يومًا وحمل ما قدر عليه من المال والنّساء والصّبيان وعاد إلى هجر. ثمّ توجّه إلى طريق الحج، فقطع الطّريق على الحُجّاج ونهب القوافل حتّى مات أكثرهم جوعًا وعطشًا. فكتب إليه المُقتدر يطلب منه أن يطلق من عنده مِنَ الأسرى، فأطلقهم وطلب منه أن يوليه على البصرة والأهواز فلم يجبه المُقتدر إلى طلبه. فسار إلى الكوفة وتغلّب على عسكر الخليفة. في سنة 339هـ، أعاد القرامطة الحجر الأسود إلى مكّة، وقالوا: "أخذناه بأمرٍ وأعدناه بأمرٍ". |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |