تدوين السنة النبوية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح مسلم الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 599 - عددالزوار : 70608 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 16827 )           »          بين الوحي والعلم التجريبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          غزة في ذاكرة التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 9126 )           »          حين تتحول الحماسة إلى عبء بين الجاهل والعالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          نعمة الأمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 32333 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 2923 )           »          منهجية القاضي المسلم في التفكير: دروس من قصة نبي الله داود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          واجبات الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-11-2020, 11:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,183
الدولة : Egypt
افتراضي تدوين السنة النبوية

تدوين السنة النبوية
- العلامة محمد إسماعيل المقدم





تفريغ المحاضرة بتصرف يسير:

تدوين السنة النبوية



الحمد لله و كفى، و سلام على عباده الذين اصطفى، لا سيما عبده و رسوله المصطفى، و على آله المستكملين الشرفا، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، و أحسن الهدي هدي محمد – صلى الله عليه و سلم –، و شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار. ثم أما بعد:

فنتوقف اليوم مع قضية علمية؛ من علم الحديث، وهي المتعلقة بتدوين السنة النبوية الشريفة. و مسألة تدوين السنة النبوية أحيانا تكون مجالا للطعن في حجية سنة الرسول – صلى الله عليه و سلم – من قبل المستشرقين و أذنابهم.

بادئ ذي بدء نبيّن أن الرسول – صلى الله عليه و سلم – قد أذن بكتابة السنة، و ثبت ذلك الإذن عنه – صلى الله عليه و سلم –، إذ أنه أباح الكتابة في أوقات مختلفة، و لمواضيع عدة، و في مناسبات كثيرة خاصة و عامة. من الأحاديث التي تدل على ذلك ما رواه أبو الطفيل، قال سئل علي بن أبي طالب – رضي الله عنه –: "أخصّكم رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بشيء؟"، فقال: "ما خصنا رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بشيء لم يعمّ به الناس كافّة، إلا ما كان في قراب سيفي هذا"، فأخرج صحيفة مكتوبا فيها: "لعن الله من ذبح لغير الله، و لعن الله من سرق منار الأرض، و لعن الله من لعن والده، و لعن الله من آوى محدثا". رواه مسلم. و واضح من هذا الحديث من قول أمير المؤمنين علي – رضي الله عنه –: "ما خصنا رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بشيء لم يعم به الناس كافة، إلا ما كان في قراب سيفي هذا" فهذا يبطل قول الشيعة – قبحهم الله – الذين يزعمون أن هناك علما اختص به من يزعمونهم الأئمة و أهل البيت، حتى إنهم كانوا يزعمون أن جبريل كان ينزل على فاطمة – رضي الله عنها – بعد وفاة النبي – صلى الله عليه و سلم –... إلى آخر خزعبلاتهم و خرافاتهم.

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه لما فتح الله على رسوله – صلى الله عليه و سلم – مكة، قام رسول الله – صلى الله عليه و سلم – و خطب في الناس، فقام رجل من أهل اليمن يقال له: أبو شاه، فقال: "يا رسول الله، اكتبوا لي"، فقال – صلى الله عليه و سلم –: "اكتبوا لأبي شاه". رواه الإمام أحمد و الشيخان. و كان هذا في السنة الثامنة في عام فتح مكة.

و قال أبو عبد الرحمن – و هو عبد الله بن الإمام أحمد – قال: ليس يروى في كتابة الحديث شيء أصح من هذا الحديث لأن النبي – صلى الله عليه و سلم – أمرهم، قال: "اكتبوا لأبي شاه". و هذا الحديث في بحث تدوين السنة؛ حديث من الأحاديث الأساسية، و هو مشهور بحديث أبي شاه، و فيه أمره المباشر: "اكتبوا لأبي شاه".

و عن مجاهد و المغيرة بن حكيم، قالا: سمعنا أبا هريرة – رضي الله عنه – يقول: "ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله – صلى الله عليه و سلم – مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – فإنه كان يكتب بيده، و يعي بقلبه، و كنت أعي و لا أكتب. استأذن رسول الله – صلى الله عليه و سلم – في الكتابة؛ فأذن له". رواه الإمام أحمد و البيهقي، و حسنه الحافظ ابن حجر – رحمه الله –. و طبعا؛ معلوم أن إسلام أبي هريرة متأخر، و هذا الحديث يدل على أن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – كان يكتب الحديث بعد إسلام أبي هريرة – رضي الله عنه –. سمعنا أبا هريرة – رضي الله عنه – يقول: "ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله – صلى الله عليه و سلم – مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – فإنه كان يكتب بيده، و يعي بقلبه" كان يضم إلى الحفظ: التدوين و الكتابة، وهذا محل الشاهد. يقول أبو هريرة: "و كنت أعي و لا أكتب. استأذن رسول الله – صلى الله عليه و سلم – في الكتابة؛ فأذن له".

وعن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: "كنت أكتب كل شيء سمعته من رسول الله – صلى الله عليه و سلم – أريد حفظه" كل ما كان يريد أن يحفظه كان يقيده و يثبته كتابة، قال: "فنهتني قريش، و قالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله – صلى الله عليه و سلم –، و رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بشر يتكلم في الغضب و الرضا. فأمسكت عن الكتابة، و ذكرت ذلك لرسول الله – صلى الله عليه و سلم –، فأومأ بإصبعه إلى فيه، قال: اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق". "اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق". وهذا الحديث رواه أبو داود و الحاكم، و صححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وقال الحاكم: هو أصل في نسخ الحديث عن رسول الله – صلى الله عليه و سلم –. وهذا الحديث عام، لا سبيل إلى تخصيصه، فبهذا الإذن – بل الأمر – النبوي الصريح استأنف عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – كتابته للحديث النبوي، حتى اجتمع له من هذا كتب ثلاثة، وكانت الصحيفة التي معه كانت مشهورة باسم الصحيفة الصادقة التي كان يكتب فيها و هي أشهر هذه الكتب، و الثانية قضاء رسول الله – صلى الله عليه و سلم – و بعض أحواله، أما الثالثة فمجموعة ما يكون من الأحداث إلى يوم القيامة.

و عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رجلا من الأنصار شكى إلى النبي – صلى الله عليه و سلم –، فقال: إني أسمع منك الحديث ولا أحفظه. فقال – صلى الله عليه و سلم –: "استعن بيمينك، و أومأ بيده للخط". "استعن بيمينك" يعني اكتب وقيد العلم حتى لا تنساه، "استعن بيمينك، و أومأ بيده للخط". وهذا رواه البيهقي و الترمذي وغيرهما.

و عن عطاء عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما –، قال: "قلت يا رسول الله، أأقيد العلم؟"، قال: "قيد العلم". قال عطاء: و ما تقييد العلم؟ قال: كتابته. و في رواية، قال: "يا رسول الله، وما تقييده؟" قال: "الكتاب". طبعا الكتاب هنا مصدر، ولذلك سيأتي لفظ آخر في حديث أنس – رضي الله عنه – مرفوعا: "قيدوا العلم بالكتاب"، ولا شك أن الظاهر من السياق هنا: "يا رسول الله، أأقيد العلم؟"، المراد من العلم هنا: خصوص الحديث الشريف، بالذات أحاديث الرسول – صلى الله عليه و سلم –. وعن أنس – رضي الله عنه – مرفوعا: "قيدوا العلم بالكتاب" و صححه الألباني – رحمه الله –.

وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: لما اشتد بالنبي – صلى الله عليه و سلم – وجعه، قال: "ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده"، قال عمر: "إن النبي – صلى الله عليه و سلم – غلبه الوجع، و عندنا كتاب الله حسبنا"، فاختلفوا، و كثر اللغط، قال: "قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع". وهذا الحديث رواه الإمام أحمد و الشيخان و غيرهم. و في هذا الحديث أنه – صلى الله عليه و سلم – هم بأن يكتب شيئا غير القرآن، و ما كان سيكتبه لا شك أنه كان سيكون من السنة، و عدم كتابته لمرضه لا ينسخ أنه قد همّ به، و الرسول – صلى الله عليه و سلم – لا يهمّ إلا بما هو مشروع، و كان ذلك قبل وفاته – صلى الله عليه و سلم – بأيام، فإذا أضفنا إلى ذلك أن أبا هريرة – رضي الله عنه – أسلم سنة سبع من الهجرة، و أن حديث أبي شاه كان في السنة الثامنة قبل الفتح؛ علمنا تأخر الأحاديث المبيحة للكتابة في الزمن، و فيه رد على صاحب المنار، و للأسف الشديد الشيخ رشيد رضا – رحمه الله – تأثر بصورة أو بأخرى بكلام مدرسة الشيخ محمد عبده في موقفه من السنة، و هو موقف مدخول ليس نقيا، فللأسف الشيخ رشيد رضا – رحمه الله – تأثر بالشيخ محمد عبده – رحمه الله، و عفا عنه – في بعض مواقفه من السنة، و كان من أشدها تجاسر الشيخ محمد عبده على رد بعض الأحاديث المتواترة، كأحاديث نزول المسيح – عليه السلام – إلى غير ذلك من خصائص المدرسة العقلية المعروفة، فمما ادعاه الشيخ رشيد رضا أن الإذن وقع أولا بالكتابة، ثم نسخ ذلك الإذن بالنهي عن الكتابة، لأن هناك أحاديث متعارضة في هذا الباب.

لكن هناك من الأدلة ما يدل على ثبوت إذنه بالكتابة في أواخر عمره – صلى الله عليه و سلم –، سواء قبل موته بثلاثة أيام في حديث عمر الآنف الذكر، أو في قصة أبي شاه، أو في حديث أبي هريرة، فدل ذلك على أن الناسخ هو أحاديث الإذن بالكتابة، و أما المنسوخ فهو أحاديث المنع من الكتابة كما سنبينها.

وكان الشيخ رشيد رضا – رحمه الله – كما هو معروف عنه أنه كان كلما أمعن في تقدم السن و العمر؛ كان كلما يقترب من السلفية أكثر، واضح؟ و مع ذلك هو له جهود مشكورة في خدمة الكتاب و السنة على فهم السلف، له جهود مشكورة حتى لقب بأبي السلفيين في مصر، لأنه كان له دور تأسيسي في نصرة المذهب السلفي هنا في مصر، فهذا جهد لا يجحد له، و نسأل الله أن يغفر له ما اجتهد فيه فأخطأ من القضايا العلمية.

ثبت أن النبي – صلى الله عليه و سلم – كتب كتبا كثيرة، في بيان ديات النفس و الأطراف والفرائض و غير ذلك من الأحكام، كما وقع لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران، ومعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن، و غيرهما – رضي الله عنهما –، كذلك كتب إلى ملوك عصره و أمراء جزيرة العرب كتبا يدعوهم فيها إلى الإسلام، وكان ينفذ مع بعض أمراء سراياه كتبا و يأمرهم ألا يقرؤوها؛ إلا بعد أن يجاوزوا موضعا معينا.

إذا ما الحكمة في أن هناك أحاديث فيها أمر النبي – صلى الله عليه و سلم – بكتابة القرآن وحده؟ هناك أحاديث يأمر فيها بكتابة القرآن فقط دون السنة، ما الحكمة في ورود هذا الأمر؟

لا يختلف اثنان من علماء السنة في أن القرآن الكريم قد لقي من عناية رسول الله – صلى الله عليه و سلم – والصحابة – رضي الله عنهم – ما جعله محفوظا في الصدور و مكتوبا في الرقاع و السعف و الحجارة و غيرها، حتى إذا توفي رسول الله – صلى الله عليه و سلم – كان القرآن محفوظا مرتبا لا ينقصه إلا جمعه في مصحف واحد. أما السنة المشرفة؛ فلم يكن شأنها كذلك، رغم أنها أصل هام من أصول الشريعة، و هي تتفق مع القرآن في كونها حجة أيضا شرعية، و لم يختلف أحد في أنها لم تدون تدوينا رسميا كما دون القرآن في عهد رسول الله – صلى الله عليه و سلم –. يعني تدوين السنة في حياة الرسول – صلى الله عليه و سلم – لم يكن مماثلا لتدوين القرآن، القرآن كان فيه اهتمام بالغ بتدوينه و حفظه في الألواح، العظام، الجلد، الرقاع، الجريد و هكذا... فحصل اهتمام شديد و بليغ في تدوين القرآن الكريم، و كان القرآن قد رتب ترتيبا توقيفيا، فلم يتبق سوى أن يجمع القرآن الكريم في مصحف واحد، و قد جاء من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن الرسول – صلى الله عليه و سلم – قال: "لا تكتبوا شيئا عني إلا القرآن، و من كتب عني شيئا فليمحه". واضح؟ و في هذا الحديث: "و حدثوا عني و لا حرج". فهذه كانت مرحلة من المراحل، ليس فقط فيها عدم الإذن بتدوين السنة؛ بل الاقتصار في التدوين على القرآن الكريم، و محو ما كان بخلاف القرآن الكريم. "لا تكتبوا شيئا عني إلا القرآن، و من كتب عني شيئا فليمحه"، و إن كان بعض الأئمة يضعفون هذا الحديث. طبعا القول في نفس هذا الحديث: "و حدثوا عني و لا حرج" يفهم منه الحث على تبليغ السنة، و هناك حديث: "نضر الله امرأ سمع مني حديثا فحفظه، فبلغه كما سمعه"... إلى آخر الحديث.

و قد نشر الصحابة – رضي الله عنهم – السنة و بذلك بلغتنا، غير أنهم بالصفة الأساسية نشروا السنة و بلغوها عن طريق حفظها في الصدور، ثم نقلها بالتحديث إلى الأجيال التالية، بخلاف القرآن الكريم؛ فإنه حفظ في الصدور و حفظ في السطور، {إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون}، فالقرآن الكريم أولا كان محفوظا في اللوح المحفوظ، و بعد ذلك نزل فحفظ في الصدور.

فمن ثم أخذ بعض العلماء حجية ما كانت تنتهجه المناهج القديمة – للأسف الشديد التي حرمنا من منهجها الآن – يعني الطالب حينما يتعلم أو الصبي الصغير حينما يتعلم لا يتعلم فقط أن يحفظ؛ بل يحفظ حفظ الصدور و يحفظ حفظ السطور، فكان علم تدوين القرآن و طريقة كتابة القرآن الكريم علما مستقلا، و كان يهتم به اهتماما بليغا، وكانوا في الكتاب لا يحفظ الطالب هكذا كما يحصل الآن، بل يذهب كل طالب و معه اللوح و الطباشير و يكتب عليه حزب يومه و يحفظه و في نفس الوقت يتعلم كيفية كتابة القرآن الكريم، فطبعا هذا من التقصير الموجود الآن، و هو إهمال علم رسم القرآن و كيف تكتب حروفه.
نعود إلى السؤال: ما الحكمة في أمر النبي – صلى الله عليه و سلم – بكتابة القرآن الكريم وحده؟ طبعا الحكمة هي بيان ترتيب الآيات ووضع بعضها بجانب بعض، فإنه توقيفي بالاتفاق، فترتيب سور القرآن الكريم من حيث ترتيب السور بالنسبة لبعضها أو ترتيب الآيات بالنسبة للسورة الواحدة فهذا ترتيب توقيفي، و لن تأخذ الصورة الكاملة المطلوبة إلا بالتدوين حتى يحفظ أن السورة الأولى هي الفاتحة، يليها البقرة فآل عمران... إلخ، فإذا الحكمة في أمره بكتابة القرآن؛ هي حتى يبين لهم النبي – صلى الله عليه و سلم – ترتيب الآيات، و وضع بعضها بجانب بعض فإنه توقيفي بالاتفاق، نزل به جبريل – عليه السلام – في آخر زمنه – صلى الله عليه و سلم –. فكانت هناك حاجة إلى هذا، و قد كان القرآن ينزل من قبل حسب الوقائع. و كذا بيان ترتيب السور فإنه توقيفي على الراجح.
فموضوع الاحترام و الالتزام بترتيب القرآن شيء أساسي جدا لأنه توقيفي، مع أن ترتيب السور بحسب نزولها يختلف عن ترتيب القرآن من حيث وجودها في المصحف الشريف. قال الشيخ محمد بن إسماعيل: و لم يخالف في هذا المنهج في كتب التفسير سوى تفسير لعالم من علماء الشام و اسمه تقريبا: محمد عزت زرودة، وهو الوحيد الذي صنع تفسيرا للقرآن الكريم بترتيب نزول السور، وهذا مخالف لمنهج العلماء كافة في الالتزام بالترتيب التوقيفي لسور القرآن الكريم.
أيضا، كتابة القرآن كانت لزيادة التأكيد، فإن الكتابة وسيلة من وسائل الإثبات، و هي و إن كانت أضعف من السماع – يعني الكتابة من حيث القوة و الإثبات أضعف من السماع فضلا عن التواتر اللفظي –، فإنها إذا انضمت إلى ما هو أقوى منها في الإثبات؛ زادته قوة على قوة، يعني الكتابة أضعف من السماع، و السماع أقوى منها، و التواتر اللفظي أقوى و أقوى، لما تنضم لما هو أقوى منها في الإثبات فإنها تزيده قوة على قوة.

و بالنسبة لموضوع أن الكتابة أضعف من السماع، نرى مظهر ذلك جليا حينما نرى علماء الأصول: إذا تعارض حديث مسموع، و حديث مكتوب، فماذا يرجحون؟ يرجحون الحديث المسموع. و إنما احتيج إلى زيادة التأكيد في القرآن الكريم، لكونه كتاب الله تعالى، و أعظم معجزات رسول الله – صلى الله عليه و سلم –، و لكونه المعجزة الباقية إلى يوم الدين، و لتبقى دليلا ساطعا على نبوته، و برهانا قاطعا على رسالته – صلى الله عليه و سلم –، و لكونه أساس الشريعة الإسلامية، و به ثبتت جميع العقائد الدينية التي لابد منها، و أمهات الأحكام الفرعية، و لكونه قد تعبدنا الله بتلاوة لفظه في الصلاة و غيرها، و لم يجز لنا أن نبدل حرفا منه بحرف آخر، فهذه خصائص القرآن التي تؤكد حتمية الاهتمام بكتابته و تدوينه بخلاف السنة، و لذلك لا يجوز أبدا لإنسان أن يروي القرآن الكريم بالمعنى، السنة فيها خلاف: يجوز أم لا يجوز؛ فمن مانع مطلقا ومن مجيز بشروط، أما القرآن فلا يمكن، يعني لا يجوز أن يقول أحد ما: وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم ما معناه كذا و كذا، أو تذكر الآية و تقول: أو كما قال الله تعالى، و لكن يمكن أن تقال في الحديث احتياطا، لكن في القرآن لا يجوز، إما أن تذكر نص الآية و إما لا تقل شيئا، أما أن تحكي آية بالمعنى فهذا لا يجوز في القرآن الكريم.
فإذا لكون القرآن الكريم مشتملا على هذه الأمور الجليلة العظيمة الخطر اهتم الشارع بأمره أعظم اهتمام، و أحاطه بعنايته أجل حياطة، فأثبته للناس إلى يوم الدين بكل الطرق الممكنة التي يتأتى بها الإثبات مهما تفاوتت مراتبها في القوة للمحافظة على لفظه و نظمه.

أما الأحاديث النبوية الشريفة فليست بهذه المثابة، فلا ترتيب بين الأحاديث بعضها مع بعض، بخلاف القرآن فلا بد من مراعاة ترتيب الآيات مع بعضها البعض، أما السنة و الأحاديث فلا ترتيب بين الأحاديث بعضها مع بعض، ثم إن الأحاديث ليست بمعجزة يتحدى بها، و لم يتعبدنا الله بتلاوة لفظها لا في الصلاة و لا خارج الصلاة، فلا ترتل أو تتلى كما يتلى القرآن، و المقصود بالتلاوة هنا التلاوة المعروفة الموعود عليها بالثواب، وليس معنى ذلك أن ختم البخاري أو مسلم مثلا ليس بعبادة! فهذه عبادة من أجل العبادات: قراءة الأحاديث، وجاز لنا روايتها بالمعنى بشروطها لأنه هو المقصود منها، لأن السنة المقصود منها أساسا توصيل المعنى، أما القرآن فالمقصود اللفظ و المعنى معا لأن في هذا إعجازا و في ذاك أيضا إعجاز.

و قد عاش رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بين أصحابه – رضي الله عنهم – ثلاثا و عشرين سنة، فكان تدوين كلماته و أعماله و معاملاته تدوينا محفوظا في الصحف والرقاع من العسر بمكان لما يحتاج ذلك من تفرغ أناس كثير من الصحابة – رضي الله عنهم – لهذا العمل الشاق، و من المعلوم أن الكاتبين الذين يحسنون الكتابة كانوا قلة نادرة في حياة رسول الله – صلى الله عليه و سلم –، فلذلك كان الأولى أن يتوفر هؤلاء القلة على كتابة القرآن دون السنة، و لأن القرآن كان ينزل شيئا فشيئا، أما السنة بأقسامها فهي لا تكاد تنقطع خلال الثلاث و عشرين سنة كلها تشريع، كلها أفعال للرسول – صلى الله عليه و سلم – و أقوال وتقريرات، كلها تشريع، بجانب أن أدوات الكتابة كانت عزيزة و لا سيما ما يكتب فيه، لم هناك ورق بالصورة الموجودة من بعد، و لكن كان الأمر فيه نوع من الصعوبة، و كان الصحابة – رضي الله عنهم – محتاجين إلى السعي في مصالحهم، فكانوا في المدينة منهم من يعمل في حائطه، ومنهم من يبايع في الأسواق، فكان التكليف بالكتابة شاقا.

و قد كان العرب أمة أمية، يعتمدون على ذاكرتهم وحدها فيما يودون حفظه و استظهاره، و هذه من خصائص العرب، من خصائصهم الذاكرة القوية جدا في حفظ الأشعار و هذه الأشياء، فتركيزهم على الحفظ بجانب الملكات الفطرية عندهم كان الحفظ عندهم شيئا مدهشا، الإنسان لما يعتمد على الذاكرة كثيرا، ويشغلها أكثر فإنها تحتد، كلما شغلتها أكثر كلما تقوى أكثر، فهم ما كانوا يعتمدون على الكتابة، لأنه ممكن الإنسان حتى لو أنه يحضر درس علم مثلا و يسجل بالكتابة ربما لم يركز في كلام الشيخ على أمل أنه لما يرجع إلى منزله سيجد الكلام مكتوبا، واضح؟ فربما أدى ذلك إلى نقص في انتباهه، لكن لو تأكد أن هذه هي الفرصة الوحيدة، لوفاته السماع المركز فسيفوته هذا العلم ولن يستطيع تحصيله، فالشاهد أن هذا أدى بهم إلى التركيز. فمثلا بعض الناس ممن يكونون بصيرين بقلوبهم لا بأعينهم نجد عندهم الذاكرة في الغالب تكون قوية جدا لأنه لم يتشتت مع شيء آخر لأن تركيزه هي الوسيلة الوحيدة للتحصيل، لذلك تجد الذاكرة – ما شاء الله – في غاية القوة، ولذلك رأينا علماء كثيرين من فطاحل العلماء ممن هم بصراء بقلوبهم بسبب تعويض الله – سبحانه و تعالى – إياهم في حدة الذاكرة. فالشاهد أن العرب لما كانوا أمة أمية يعتمدون على الذاكرة وحدها فيما يودون حفظه و استظهاره، فإذا التوفر على حفظ القرآن مع نزوله منجما على آيات و سور قصيرة ميسور لهم، وداعية إلى استذكاره في صدورهم، فلو دونت السنة كما دون القرآن و هي واسعة الأرجاء كثيرة النواحي شاملة لأعمال رسول الله – صلى الله عليه و سلم – التشريعية و أقواله منذ بدء الرسالة إلى أن لحق بربه؛ للزم انكبابهم على حفظ السنة مع حفظ القرآن، و فيه من الحرج ما فيه، مع أنه لا يؤمن حينئذ اختلاط بعض الأحاديث بالقرآن سهوا من غير عمد في وقت كانوا حديثي عهد بالقرآن و أسلوبه، فكان لا يؤمن أن يختلط شيء من السنة بشيء من القرآن الكريم لأنه ما كان ترسخ الأسلوب القرآني بالذات في المرحلة الأولى بحيث يحصل التمييز.

أما السنة فقد تكفل الله بحفظها أيضا، لأن تكفله سبحانه بحفظ القرآن يستلزم تكفله بحفظ بيانه الذي هو السنة {إنا نحن نزلنا الذكر} تشمل القرآن و السنة، لكن هناك أسباب للحفظ تختلف في السنة عن القرآن، فالمقصود هو بقاء الحجة فيها قائمة على الناس، و بقاء الهداية بحيث ينالها كل من يطلبها، فحفظ الله السنة في صدور الصحابة و التابعين حتى كتبت و دونت، فحفظ الله – سبحانه و تعالى – السنة منقولة شفاها عن طريق الرواية و التحمل في صدور الصحابة ثم في صدور التابعين إلى أن كتبت و دونت فيما بعد.

يقول بعض العلماء: "المعول عليه في المحافظة على ما هو حجة و صيانته من التبديل و الخطأ هو أن يحمله الثقة العدل حتى يوصله لمن هو مثله في هذه الصفة وهكذا، سواء أكان الحمل له على سبيل الحفظ للفظه أو بالكتابة له أو الفهم لمعناه فهما دقيقا مع التعبير عن ذلك المعنى بلفظ واضح الدلالة عليه بدون لبس ولا إبهام". يعني ما المقصود أساسا في موضوع المحافظة على السنة؟ هو ألا يحصل فيها تبديل ولا خطأ، و تنقل من جيل إلى جيل عن طريق العدول الثقات، العدل الضابط عن مثله، سواء كان الحفظ عن طريق حفظ اللفظ ثم تأديته، أو عن طريق التدوين و الكتابة، أو عن طريق الفهم الدقيق لمعنى الحديث مع التعبير عنه بمعنى واضح الدلالة عليه بدون لبس ولا إبهام. فأي نوع من هذه الأنواع الثلاثة يكفي في الصيانة مادامت صفة العدالة متحققة، فإذا اجتمعت هذه الثلاثة مع العدالة؛ كان ذلك الغاية و النهاية في المحافظة، و إذا اجتمعت و انتفت العدالة لم يجد اجتماعها نفعا، ولم يغن فتيلا، ولن نأمن حينئذ من التبديل و العبث بالحجة. و من باب أولى إذا انفردت الكتابة عن الحفظ و الفهم و عدالة الكاتب أو الحامل للمكتوب فإنا لا نثق حينئذ بشيء من المكتوب. ألا ترى أن اليهود و النصارى كانوا يكتبون التوراة و الإنجيل؟ و مع ذلك وقع التبديل و التغيير فيهما لما تجردوا من صفة العدالة حتى لا يمكننا أن نجزم و لا أن نظن بصحة شيء منهما، بل قد نجزم بمخالفة أصلهما، قال الله تعالى: {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، فويل لهم مما كتبت أيديهم، و ويل لهم مما يكسبون}.

بعض الناس يثير شبهة فيقول: كون السنة لم تكتب يدل على أنها ليست بحجة، إذ لو كانت السنة حجة؛ لأمر النبي – صلى الله عليه و سلم – بكتابتها. فالجواب على هذه الشبهة: هو أن الكتابة ليست من لوازم الحجية، بمعنى أنه إذا كان المهم في المحافظة على الحجة عدالة الحامل لها – وهذا أهم شيء، أن يكون الحامل عدلا ضابطا – على أي وجه كان الحمل، سواء كان يتحمل عن طريق اللفظ الشفاهي، أو تحمل عن طريق الكتابة، أو الفهم. فإذا كان المهم في المحافظة على الحجة عدالة الحامل لها على أي وجه كان حملها؛ تحققنا أن الكتابة ليست من لوازم الحجية، و أن صيانة الحجة غير متوقفة عليها، و أنها ليست السبيل الوحيد لذلك، أضف إلى ذلك أن النبي – صلى الله عليه و سلم – كان يرسل سفراءه من الصحابة إلى الآفاق ليدعوا الناس إلى الإسلام، و يعلمونهم أحكامه،و يقيموا بينهم شعائره، ولم يكن يزودهم بمكتوب يقيم الحجة على جميع الأحكام التي يبلغها السفير للمرسل إليه، و ما ذاك إلا لأن النبي – صلى الله عليه و سلم – كان يرى في عدالة السفير و حفظه لما حفظ من القرآن و السنة الذين لم يكتبهما لكن وثق في عدالته وفي حفظه و أنه سينقل القرآن و السنة، فكان يرى في ذلك الكفاية في إقامة الحجة على المرسل إليهم و إلزامهم اتباعه.

أيضا، الصلاة و هي الركن الثاني في الإسلام، لا يمكن للمجتهد أن يهتدي إلى كيفيتها من القرآن وحده، بل لا بد من بيان رسول الله – صلى الله عليه و سلم –، ولم يثبت أنه – صلى الله عليه و سلم – أمر بكتابة كيفيتها التي شرحها بقوله و فعله، فلو كانت الكتابة من لوازم الحجية لما جاز أن يتركها النبي – صلى الله عليه و سلم – دون أن يأمر بكتابتها التي تقنعهم بالحجية، فدل ذلك على أن الكتابة ليست من لوازم الحجية، بل هناك وسائل أخرى لنقل العلم و ثبوت الحجة.
أيضا، ثبتت حجية السنة الشريفة قطعا، و أنها ضرورة دينية، و مع ذلك لم يأمر النبي – صلى الله عليه و سلم – أمر إيجاب بكتابة كل ما صدر منه، فلو كانت الحجية متوقفة على الكتابة لما ترك النبي – صلى الله عليه و سلم – الأمر بها و إيجابها على الصحابة – رضي الله عنهم –.

نتوقف قليلا عند ملكة الحفظ عند العرب، وكيف أن الله – سبحانه و تعالى – اختص العرب بهذه الملكة العجيبة في الحفظ بما لا يعرف في أمة غير العرب، فقد تلقى المسلمون الأوائل دعوة النبي – صلى الله عليه و سلم – كما يتلقى الظمآن الماء الزلال، فما يكاد – صلى الله عليه و سلم – يفعل فعلا، أو يفرغ من قول حتى ينطبع ذلك في نفوسهم، فتعيه ذاكرتهم، و تحفظه أذهانهم. ولا عجب في ذلك فقد كان العرب أمة يضرب بها المثل في الذكاء و صفاء الطبع، و حسبك أن تعلم أن رؤوسهم كانت دواوين شعرهم، فالآن تجد مئات دواوين الشعر في المكتبات، فهل هناك من يحفظها؟ فلو وجد واحدا يحفظ المعلقات السبع فإنه يكون قد جاوز القنطرة! أما هم فكانت دواوين شعرهم في رؤوسهم، و كانت أذهانهم سجل أنسابهم، و صدورهم أوعية تاريخهم و وقائع أيامهم، فلما جاء الإسلام أرهف فيهم هذه القوى، فصقل طباعهم، وطهر قلوبهم، و نور عقولهم، فكانوا على أوفر حظ من صفاء الذهن وقوة الحفظ، لا سيما إذا كان ما يسمعونه هو أفضل الحديث و أحسنه: كتاب الله – عز وجل – و ما يرونه أو يسمعونه هو خير الهدي: هدي محمد – صلى الله عليه و سلم –.

من أخبار العرب في ذلك أن عمر بن أبي ربيعة المخزومي أنشد عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – قصيدته:

أمن آل نعم أنت غاد فمبكر غداة غد أم رائح فمهجر



...هذه القصيدة تقرب من سبعين بيتا، وكان نافع بن الأزرق الخارجي يسمع، فلما انتهى عمر بن أبي ربيعة من إنشاد قصيدته قال ابن الأزرق: لله أنت يا ابن عباس، أيضرب الناس إليك أكباد الإبل يسئلونك عن الدين، و يأتيك غلام من قريش ينشدك سفها فتسمعه؟ قال ابن عباس – رضي الله عنهما –: تالله ما سمعت سفها. قال ابن الأزرق: أما أنشدك:

رأت رجلا أما إذا الشمس قابلت فيهدى، و أما بالعشي فيخــســـر



قال ابن عباس: ما هكذا قال! إنما قال:

رأت رجلا أما إذا الشمس قابلت فيضحى، و أما بالعشي فيخصر



فقال ابن الأزرق: أوتحفظ الذي قال؟ قال ابن عباس: و الله ما سمعتها إلا ساعتي هذه، ولو شئت أن أردها لرددتها. قال نافع: فارددها. فأنشدهم ابن عباس القصيدة – وهي سبعون بيتا – من ذاكرته سمعها مرة واحدة – رضي الله عنه –.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 130.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 128.84 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.31%)]