|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عن أبي هُرَيْرةَ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ صَخْرٍ رضي الله عنه قال : سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "ما نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجتَنبوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فإنَّماأَهْلَكَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ واخْتلاُفُهُمْ على أَنْبِيَائِهِمْ" رَواهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ. راوي الحديث،عبد الرحمن بن صخر. وكنّي بأبي هريرة لأنه كان معه هرّة قد ألفها وألفته،فلمصاحبتها إيّاه كُنّي بها. جعل الله لنا الأسلام دينا, وأرتضى أن يكون الدين الخاتم للبشرية الذي لا يُقبل من أحدٍ سواه وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ5 -آل عمران, وكان من سمات هذا الدين قوامه على الأوامر والنواهي ، فهو يأمر بكل فضيلة ، وينهى عن كل رذيلة . هذا الحديث عظيم ذو أهمية بالغة وفوائد جلية وهو من قواعد الدين وأركان الأسلام ، ومن جوامع الكَلِم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم، ويدخل فيه مالا يحصى من الأحكام. سبب الورود: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجّوا".فقال رجل : أَكُلَّ عام يا رسول الله ؟. فسكت، حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لو قلتُ نعم لوجبت، ولما استطعتم". ثم قال: "ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".فأرشد صحابته إلى ترك السؤال عما لا يُحتاج إليه . ولا يُفهم من النهي عن كثرة السؤال ، ترك السؤال عما يحتاجه المرء ، فليس هذا مراد الحديث ، بل المقصود منه النهي عن السؤال عما لايحتاجه الإنسان مما يكون على وجه الغلو أو التنطّع ، أو محاولة التضييق في أمرٍ فيه سعة . ولو تأملنا منهج الصحابة في طريقة أسئلتهم للنبي صلى الله عليه وسلم لوجدناها على قسمين: القسم الأول : كان الصحابة يسألون عما وقع لهم أوأشكل عليهم وهذه الأسئلة مأمور بها شرعا ؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد أمر عباده بسؤال أهلا لعلم ،فَاسْأَلُوا أَهْلَالذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.النحل: 43.فالصحابة رضوان الله عليهم ترجموا هذا الأمر عمليا ،فقد سألوا عن الفأرة التي سقطت في سمن ، وسألوا عن متعة الحج ، وسألوا عن حكم اللقطة. القسم الثاني : كانوا رضوان الله عليهم يسألون عما يتوقعون حصوله فعلا ، ومن ذلك : ما رواه الإمام مسلم عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنهسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا رسول الله إنا لاقوا العدو غدا وليس معنا مدى " فقال: ما أنهر الدم ، وذكر عليه اسم الله فكُل ، ليس السن والظفر.ومن ذلك أيضا سؤالهم عنالصلاة أيام الدجال ، عندما يكون اليوم كالسنة ، فأجابهم : اقدروا له قدره. مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوْهُ الجملة شرطية، فـ ما) اسم شرط، و:نهيتكم) فعلالشرط، و: (فاجتنبوه) جواب الشرط. النهي هو المنع أي منعتكم أوطلبت منكم الكَفَّ عن فعله "فاجتنبوه": وفي رواية فدعوه أي اتركوه . جاء التعبير بلفظةَ اجْتَنِبُوا لفظة تعطي معنى المباعدة ، أي ابتعدوا عنه فكونوا في جانب ، والمعاصي فيالجانب الآخر ؛ لذلك هي أبلغ في معنى الترك . وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ هذه الجملة أيضاًشرطية، فعل الشرط فيها:(أمرتكم به)وجوابه: (فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ يعني افعلوا منه مااستطعتم، أي ما قدرتم عليه. يعني إيجابا وندبا فأتوا منه، وفي رواية فافعلوا منه ما استطعتم وفي رواية فافعلوا منه ماأطقتم فالأستطاعة هي الإطاقة . أي ما قدرتم عليه وتيسر لكم فعله دون جهد و مشقة . والفرق بين المنهيات والمأمورات: أن المنهيّات قال فيها: فَاجْتَنِبُوهُ ولم يقل ما استطعتم، لأن النهي كف وكل إنسان يستطيعه، وأما المأمورات فإنها إيجاد قد يستطاع وقد لا يستطاع، ولهذا قال في الأمر: فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ؛ التعبير النبوي تعبير دقيق. وهذا الحديث مصداقا لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] . وقوله تعالى:لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا. وقوله تعالى:وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. ونحن نلاحظ كثير من المسلمين ، يجتهدون في فعل الطاعات ، وللأسف يتساهلون في ارتكاب المحرمات فمنهم من يصوم مع الناس إذا صاموا ، فإذا جنّ عليه الليل لم يتورّع عن مقارفة الذنوب وارتكاب المعاصي و رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:اتق المحارم تكن أعبد الناس:رواه الترمذي ،وقال الحسن البصري رحمه الله : " ما عبد العابدون بشيء أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه " . فإنَّما أَهْلَكَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ : فَإِنَّمَا إن)للتوكيد، وما) اسم موصول بدليل قوله: (كثرة) على أنها خبر(إن) أي فإن سبب هلاك الأمم السابقة الذين من قبلكم كثرة مسائلهم. ويجوز أن تكون إنما أداة حصر، ويكون المعنى: ما أهلك الذين من قبلكم إلا كثرة مسائلهم. الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ يشمل اليهود والنصارى وغيرهم، ،كما قال الله عزّ وجل: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ المائدة: الآية5فإن نظرنا إلى العموم قلنا المراد بقوله: مِنْ قَبْلِكُمْ جميع الأمم، وإن نظرنا إلى قرينة الحال قلنا المراد بهم: اليهود والنصاري. واليهود أشدّ في كثرة المساءلة التي يهلكون بها، ولذلك لما قال لهم نبيهم موسى عليهالسلام: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً البقرة: الآية67) جعلوا يسألون:ما هي؟ ومالونها؟ وما عملها ؟ . ذكرصلى الله عليه وسلم علتين لهلاكهم : 1 - كثرة المسائل التي لافائدة منها ولاحاجة اليها ولاضرورة. 2 - إختلافهم على أنبيائهم . فالدين أوامر ونواهي ومن رحمة الله ورسوله بنا جعل الأوامر باستطاعة المرء وكيفما يتيسر له , أما النواهي فيجب اجتنابها . ووردالنهي في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على معان منها: نهي التحريم : ما كان للتحريم يجبفيه الاجتناب،كما ورد في قتل النفس والربا والسرقة والزنا و.....وهذه محرمة بنص الكتاب والسنة الالضرورة شرعية وفق قيود وشروط .. ونهي الكراهة :ما كان للكراهية يستحب فيه الاجتناب،وهي الأمور التي يجوز فعلها لكن يفضل اجتنابها مثلكراهة أكل الثوم والبصل لمن يصلي جماعة في المسجد أو صلاة الجمعة تجنبا لأيذاء الملائكة والمصلين .فالذي نهى عنه -عليه الصلاة والسلام- نحنمأمورون بالانتهاء عنه، فإن كان محرما فالأمر بالانتهاء عنه أمر إيجاب، وإن كانمكروها فالأمر بالانتهاء عنه أمراستحباب. والأصل في المنهيات مانهى عنه صلى الله عليه وسلم في أمورالعبادات أنه للتحريم ، لأن الأصل في العبادات التوقيف، وإذا كان في أمور الآداب أنه للكراهية، فالأصل فيه أن يكون للكراهة. قال -عليه الصلاة والسلام- :مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوْهُ ولم يقيد بالاستطاعة، بل أوجب الاجتناب لأن الانتهاء عن المنهيات ليس فيه تحميل فوق الطاقة؛ بل المنهيات لا حاجة للعبد بها، يعني: لا تقوم حياته بها، بل إذااستغنى عنها تقوم حياته، فليس محتاجا ولا مضطراإليها. وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ الأوامر كثيرة، ليستكالمنهيات، ومنها ما قد لا يستطيعه العبد. قال -جل وعلا: لَا يُكَلِّفُاللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْرَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْعَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَاتُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ.وقال أيضا-: فَاتَّقُوا اللَّهَمَا اسْتَطَعْتُمْ. وقد استنبط أهل العلم قواعد شرعية منها قاعدة المشقة تجلب التيسير ,فديننا الحنيف جاء بالتيسير على العباد ورفع الحرج عنهم، قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ البقرة: 185. وقال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و قال صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الدِّينَ يُسْرٌ .. يَسِّروا ولا تعسروا"أخرجه البخاري وكذلك قاعدة "لا واجب مع العجز". يعني: أن المرء إذا عجز عن الشيء فلا يجب عليه، كما جاء في حديث عمران: صلِّ قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب. والمشقة قد تكون ملازمة للتكليف لاتنفك عنه كمشقة الصوم, الجوع والعطش مثلا هذه لاتعني ان المرء يفطر لأن في الصوم مشقة , وكذلك مشقة الحج فليس لمن ملك الإستطاعة المادية والبدنية أن يترك الحج لأن فيه مشقة , وقد تكونالمشقة غير ملازمة للتكليف وقد تنفك عنه ولكنها اما ان تكون مشقة خفيفة لاتؤثر في القيام بالواجبات كان يكون مرض خفيف أو خسارة مادية بسيطة أو سفر قصير فهذه مشقة خفيفة لاتؤثر.أما اذا كانت المشقة شديدة كمن قدر على الحج ولكن تعرض له خطورة في أهله أوماله أو علم بوجود قطاع طرق لم يأمن منهم , هنا قد تخفف التكاليف والله أعلم. فاذا حصل مشقة بالفعل ينتقل المسلم الى التيسير فالمريض مثلا الذي لايستطيع أن يصلي قائما يمكنه الصلاة جالسا , وإن لم يستطع الصلاة جالسا يصلي على جنب أو بالهيئة التي يقدر عليها ,والذي لايستطيع أن يتوضا أو قد يعرضه الوضوء للموت مثلا يمكنه التيمم , والمريض الذي يكون على سريره ولايستطيع أن يتوجه الى القبله لشدة مرضه يمكنه التوجه الى أي جهة فالمشقة تجلب التيسير . وقد تمر بالمسلم مواقف يصعب عليه تجنب المحظور أو قديهلك في تجنبه فهنا نجد شرع الله الحكيم، يخفف عن العباد، ويبيح لهم في هذه الحالة فعل ما كان محظوراً في الأحوال العادية، ويرفع عنهم المؤاخذه والإثم. قال الله تعالى: فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَبَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ البقرة: 173.والإباحة تكون بقدرما يندفع به الخطر، ويزول به الاضطرار،الضرورة تُقَدَّرُ بَقْدرِها.أخذاً من قوله تعالى: غير باغ ولا عادأي غير قاصد للمخالفة والمعصية،فالذي يضطر مثلا لأكل الميتة ليس له أن يشبع نفسه منهابل لقيمات تقمن صلبه وتدفع الخطر عنه فقط .والله جلا وعلا لم يحرم شيئا أو ينهي عنه الا وله فساد أكيد وضررمحتم. ونلاحظ أن الشريعة قد شددت في جانب المنهيات أكثر من المأمورات ، فعلقت تنفيذ الأوامر على الاستطاعة ، بخلاف النهي ، وذلك لأن الشريعة الغرّاء تسعى دائما للحد من وقوع الشر ، والحيلولة دون انتشاره ، ولا يكون ذلك إلابالابتعاد عما حرّم الله عزوجل ، ولذلك يقول الله تعالى في محكم تنزيله : يا أيها الذين آمنوا لا تتبعواخطوات الشيطان النور : 21، فحرّم الأسباب المؤدية إلى الوقوع في الحرام ،ومن باب أولى تحريم الحرامنفسه. هل منزلة النهي أعظم، أم منزلة الأمر؟ يعني: هل الانتهاء عن المنهيات أفضل، أم فعل الأوامروالإتيان بها الأفضل ؟ اختلف العلماء في هذا على قولين:- القول الأول:أن الانتهاء عن المنهيات أفضل من فعل الأوامر، واستدلوا عليه بأدلة منها هذا الحديث،بأنه أمر بالانتهاء مطلقا، وقالوا: الانتهاء فيه كلفة، لأنها أشياء تتعلق بشهوة المرء، حُفَّتْ الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات فالانتهاء عن المنهيات أفضل. القول الثاني: الأمرأفضل، يعني: امتثال الأمر أفضل وأعظم منزلة، واستدلوا عليه بأدلة منها: أن آدم -عليه السلام- أُمِرَتْ الملائكة بالسجود له، فلم يسجد إبليس، يعني: لم يمتثل الأمر، فخسر الدنيا والآخرة، فصار ملعونا إلى يوم يبعثون، وثم هو في النار أبد الآبدين، وهذا لعظم الأمر. قالوا: وآدم أكل من الشجرة التي نهي عنها، فغُفِرَ له بذلك، فذاك أمر بالأمر فلم يمتثل فخسر، وهذا فعل المنهي عنه ثم أعقبته توبة. وهذا القول الثاني هو الأرجح والأظهر في أن فعل الأوامرأعظم درجة. وأما المنهيات ارتكابها فإنه على رجاء الغفران. والله تعالى أعلى وأعلم. ثم بين الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، أن من أسباب هلاك الأمم واستحقاقها عذاب الله وعقابه هو: 1_ كثرةالأسئلة عما لا نفع فيه إن لم تكن مضرة،ولاضرورة ولاحاجة فيها فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قيل وقال،وكثرة السؤال، وإضاعة المال. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |