|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#411
|
||||
|
||||
![]() فتنة الظهور الإعلامي عبدالله العمادي جهاز تلفاز قديم على طاولة خشبية، مع شاشة فارغة تعرض ضوضاء بيضاء. يوجد مصباح بجانبه ونبات في أصيص. خلفية الغرفة تحتوي على جدران مزخرفة. لا شك أن كل أحد منا معرّض للفتن، وكل أحد- تبعاً لذلك- قابل للسقوط أو الصمود. لكن وقوع العلماء، من بين كل فئات المجتمع، وقت الفتن والمحن، أشد ضررا على الأمة، وخاصة أننا في زمن الاتصالات وسرعة انتشار الخبر والمعلومة، وبالتالي الخطأ الذي يقع من شخصيات يثق العامة بها، لاسيما علماء الدين، ضرره كبير، مهما تكن محاولات التصحيح والترقيع بعده. إن كثرة الظهور الإعلامي وسيطرة شهوة نيل الشهرة والبقاء تحت الأضواء، أمر في غاية الخطورة لمن لا يحسن التعامل مع كل تلك الأمور بحكمة واعتدال، وأتحدث ها هنا عن كل النوعيات من البشر، سياسيين وفنانين ومفكرين ومعهم علماء دين أو دنيا كذلك. فإن تلك الأمور مثلما ترفع الشخص إلى مستويات ومراتب عليا، قادرة أن توقعه أسفل سافلين، فيفقد أكثر مما كسب وجمع. لقد ساعدت التقنية في الاتصالات والمعلومات اليوم على كشف الكثيرين، وساعدت على رصد كل ما كان منهم وما هو كائن الآن، وصار بالإمكان تسجيل وحصر ما كان عليه أحدهم قبل وبعد. وحديثي هاهنا تحديداً عن علماء أو مشتغلين بالدين، لأن سقوطهم كما أسلفنا، ضرره كبير، ليس عليهم فحسب، بل على الآلاف المؤلفة من العامة الذين وثقوا بهم وعلمهم في سالف الأيام، واحتمالية أن يكون هؤلاء العلماء أو المشتغلون بالدين، عامل تشكيك عند البعض في الدين نفسه، وهو الضرر الأكبر. ليس مطلوباً ولا واجباً ممن استهوتهم الشهرة الإعلامية، والظهور المستمر في المنصات الإعلامية المختلفة، التحدث في كل مجال، أو خوض بحار لا يجيدون السباحة فيها، وخصوصاً علماء الدين باعتبارهم ورثة الأنبياء، كما في حديث طويل «إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، إنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذَه أخذ بحظ وافر». وبالتالي يُفترض أنهم على منهج وسبيل الأنبياء يسيرون، أي الحرص كل الحرص على عدم فتح أي ثغرة يمكن أن يتسلل الشك منها إلى نفوس العامة بعدم خوض ما لا يجيدون فيه، وخاصة أننا نعيش عصر التخصص، بما في ذلك الدين. هذه نقطة أولى. النقطة الثانية أن من يقبل الظهور الإعلامي من علماء الدين والبقاء في الأضواء، رغبة في نشر العلم الشرعي وتثقيف الناس وتوعيتهم بأساسيات وفروع دينهم، ألا ينزلق في متاهات ودروب مجالات أخرى تتطلب علماً وفهماً ودراية ووعياً ومتابعة، وألا يتم استدراجه إلى مناطق يتم استنطاقه بطريقة وأخرى لأجل منفعة فئة معينة، ولو على حساب سمعته وشهرته ومستقبله. إن من يقبل الظهور الإعلامي المستمر من علماء دين أو غيرهم من الشخصيات العامة، عليه أن يكون حصيفاً ذكياً حكيماً، لا يخدعه مخادع من الإعلاميين أو المنصات الإعلامية التي تبحث عن الرواج والشهرة على حساب الآخرين. لا شيء أن يظهر أحدنا في المنصات الإعلامية، إن كان يملك فهماً ودراية بالموضوعات التي سيتحدث عنها، بشرط ألا يكون الظهور رضوخاً لضغوطات سياسية أو طمعاً في مكاسب مالية أو رغبة للتوافق والسير وفق المزاج العام السائد في المجتمع، فالكثرة لا تعني الصواب دوماً. الظهور الإعلامي له مكاسبه المتنوعة دون شك. فمن يكتسب شهرة إعلامية تجده ضيفاً دائماً على المنصات هنا وهناك، مع ما يصاحب ذلك من مكاسب مادية تزيد مع ازدياد الشهرة. لكن الخطورة هاهنا لمن لا يتنبه سريعاً لكثرة ظهوره، أن تلكم الكثرة تعني دفعه واقترابه نحو محرقة تنسف ماضيه وربما مستقبله، ما لم يقف ويهدأ حيناً من الدهر، وإلا ستبدأ شهرته فعلياً بالتآكل والضمور تدريجياً، وخاصة إن بدأت تصدر عنه آراء أو مواقف تتصادم مع المزاج العام أو تعمل على اختلاف وانشقاق الناس. نعم للظهور الإعلامي بشرط الثبات على الحق، ومع الحق في كل زمان ومكان، مهما بدا الباطل جذاباً أو مؤثراً، وهذا أمر أجده غاية في الصعوبة نظراً لاختلاف المواقف والتوجهات بين الحين والحين، ولأنه يحتاج قوة إيمان ووضوح رؤية وثباتا على المبادئ. وقلما تجد هذه النوعية من الثابتين في زمننا هذا، لأن أحدهم إما أن يكون من النوعية التي تخاف على نفسها وأهلها ومالها، وتظن أن قول الحق سيكلفها الكثير، فاختارت الصمت، باعتبار أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها. وإما من النوعية التي تثبت ولا تتزحزح عن الحق قيد أنملة، مهما اختلفت الظروف والمواقف والتوجهات وكانت الضغوط، وبالتالي تجدها إما أن أفواهها قد كُممت أو أقلامها كُسرت بصورة وأخرى، أو تجدها في غياهب السجون! والأمثلة عبر تاريخنا أكثر مما يمكن حصره وذكره في هذه المساحة. لكن الله غالبٌ على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
__________________
|
#412
|
||||
|
||||
![]() العمل الخيري في شهر الكرم العمل الخيري جزء من شخصية المسلم في كل أوقات العام، وخلال شهر رمضان المبارك، فهو يقوم به دون أدني انتظار لمنفعة مادية أو شكر من أحد، وإنما قيامه به في الأساس إرضاءً لله سبحانه وتعالى من منطلق عقدي واجتماعي، حيث يهدف المسلم من وراء هذه الأعمال إلى إضفاء ونشر البهجة على النفوس وإسعاد الناس، و الشهر الفضيل ضيف عزيز نراه ونستمتع به مرة كل عام؛ ولذلك فالعمل الخيري في رمضان يزيد من الخيرات في شهر الخير والبركة ومساعدة الغير وكسب الحسنات، حيث يسعى الإنسان إلى تحصيل الأجر والثواب المضاعف بشكل يختلف عن أيام السنة العادية. فمن أعظم السمات التي يتحلى بها الإنسان خلال هذا الشهر الكريم هو بذل المعروف والكرم، والعطاء، وحبّ الخير للناس، وهذا ليس غريباً عن ديننا فالرسول الكريم قدوتنا يضرب الأمثلة علي عمل الخير والعطاء والكرم، والعمل الخيري والتطوعي في مجمله هو بذل وعطاء وتقديم المعونة دون انتظار مقابل. فالصدقة، وتعليم العلم، وتحفيظ القرآن، وكافة أشكال الإغاثة، هي في حقيقة أمرها صورة من صور أعمال البر الخيري التي تتعدى الأعمال فوائدها وآثرها إلى شريحة أو أكثر من شرائح في المجتمع الإسلامي، سواء كانوا داخل قطر واحد أو في أقطار متعددة. فالعمل التطوعي هو مبادرة ذاتية من المتطوع نحو تقديمه خدمة للآخرين بما لا يلزم به شرعا لوجه الله تعالى دون مقابل، مساهمة منه في إسعاد الآخرين. وهو الركيزة الأساسية في بناء المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين طبقاته، والدليل الدامغ على حيويته، والمنفذ الوحيد للشعور بالراحة النفسية للمتطوع واعتزازه بنفسه، فالعمل التطوعي ممارسة إنسانية ترتبط بمعاني الخير والعمل الصالح لقوله تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}. وخلاصة القول أن العمل الخيري هو مطية الأنسان إلى الجنة في كل الأوقات خاصة في شهر رمضان المبارك الذي يزيد فيه رزق وحسنات المؤمن كلما قام بتقديم معروف أو إحسان لزميل أو صديق أو جار له فإن الله عز وجل يكافئه علي صنيعه بما يعلمه الحق تبارك وتعالي ويقدر قيمته ويكفينا العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبر العمل التطوعي في صورة إماطة الأذى شعبة من شعب الإيمان، وجعله سببا من أسباب دخول الجنة في صورة قطع الشجرة التي كانت تؤذي المسلمين في الطريق لقوله صلى الله عليه وسلم: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا، أَفْضَلُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْعَظْمِ عَنِ الطَّرِيقِ وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ» متفق عليه، وقوله أيضا صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ». (رواه مسلم). _______________________________________________ الكاتب: د. عبدالله بن معيوف الجعيد
__________________
|
#413
|
||||
|
||||
![]() رمضان في القرم .. فرصة فريدة لزيارة مسجد الجمعة الكبير ![]() وتُعد هذه المبادرة فرصةً مُميزة للراغبين في التعرف على الإسلام والمسلمين، ومشاهدة المسجد عن قُرب، ويستقبل المسجد الزوَّارَ مِن مختلف الجنسيات والخلفيات، لنشر المعرفة الإسلامية في المنطقة. وتوفِّر هذه الجولات تجربةً فريدة لاكتشاف العقيدة والثقافة الإسلامية، بالإضافة إلى الاستمتاع بجمال وعظمة المسجد وملحقاته، ومشاهدة التصاميم المعمارية الفريدة التي تُزين جوانب المسجد، وخلال الجولة سيُقدِّم المرشدون معلومات قيِّمة حول تاريخ بناء المسجد، والمواد المستخدمة في تشييده، وأهميته للمجتمع المسلم في شبه جزيرة القرم، كما سيتمكَّن الزوَّارُ من طرح الأسئلة والحصول على إجابات تفصيلية حول الثقافة الإسلامية. وتُتيح إدارةُ المسجد إمكانيةَ التسجيل المسبق للراغبين في الانضمام إلى الجولات الاستكشافية داخل المسجد، سواء بشكل فردي أو ضمن مجموعات، لضمان تنظيم الزيارات بطريقة سلسة ومريحة للجميع. ويُعد مسجد الجمعة الكبير في سيمفروبول - عاصمة شبه جزيرة القرم - أحد أهم المعالم الإسلامية في المنطقة؛ حيث يتميَّز بتصميم معماري يَعكس الطراز الإسلامي التقليدي، وبدأ بناء المسجد عام 2015، وأُقيمت فيه أول صلاة جماعية في ديسمبر 2023 بحضور مئات المصلين، وممثلي الإدارة الإسلامية بجمهورية شبه جزيرة القرم؛ المصدر: شبكة الألوكة.
__________________
|
#414
|
||||
|
||||
![]() سراييفو تحتفي برمضان: أمسية رمضانية بحضور شبابي كثيف شهِدت مدينة "سراييفو" عاصمة البوسنة والهرسك أُمسيةً رمضانية فريدة من نوعها في مركز الشباب التابع لمركز سكندريا الثقافي والرياضي، بتنظيم من مجلس الجالية الإسلامية في "سراييفو"، وسط حضور لافت من الشباب والعائلات المسلمة وعدد من الضيوف. ![]() وتضمَّنت الأمسيةُ محاضرةً دينية ألقاها الدكتور "حافظ عمار باشيتش" عضو مجلس الجالية الإسلامية بسراييفو، تطرَّق فيها إلى أهم مميزات الشهر الكريم، مؤكدًا كونَه فرصة للعودة إلى الله عز وجل؛ حيث تُفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار. وأكَّد الدكتور حافظ عمار باشيتش أهميةَ استثمار الشباب لشهر رمضان في الطاعات والأعمال الصالحة، داعيًا إلى اغتنام هذه الفرصة لتعزيز الإيمان والإسهام في خدمة المجتمع، كما شدَّد على دور العمل التطوعي والمشاركة في المبادرات الخيرية خلال الشهر الفضيل، لِما لذلك من أثرٍ إيجابي يَعُمُّ الأفراد والمجتمع بأسْره. وأشار المنظمون إلى أن هذه التجمعات تَهدف إلى تعزيز قيم التآخي خلال شهر رمضان المبارك، مؤكدين استمرار الفعاليات والأنشطة الرمضانية التقليدية خلال الشهر الفضيل، وشهِدت الأمسية تلاوات قرآنية وأداءً مميزًا قدَّمه القارئ "مصطفى إيساكوفيتش" الذي أضفى بصوته العذب أجواءً إيمانية على الأُمسية. وفي نهاية الأسبوع الجاري ستُقام برامجُ رمضانية وثقافية خاصة في مدرسة "هانيكا غازي خسرو بك"، بمشاركة كلٍّ من "أرمين مظفريا" و"إدين حسين بيغوفيتش"، إلى جانب نُشطاء من شبكة شباب سراييفو وعددٍ من طلاب المدينة، كما سيقدِّم كلٌّ من "عاصم زوكيتش" و"ميرزا غانيتش" برنامجًا مميزًا في منطقة "كورشومليا". ومن الجدير بالذكر أن مجلسَ الجالية الإسلامية في مدينة "سراييفو" كان قد أعلَن في وقتٍ لاحق عن بدءَ تنفيذ مشروع إنشاء مركز تعليمي إسلامي كبير بجوار مسجد الاستقلال في منطقة الجزيرة خلال شهر رمضان، ومن المقرَّر أن يَضُمَّ المركزُ قاعةً للوسائط المتعددة، وروضة للأطفال، وقاعة تعليمية للشباب، بالإضافة إلى مرافق للإقامة، وغُرفٍ مخصصة للعديد من البرامج الإسلامية والمجتمعية والثقافية؛ المصدر: شبكة الألوكة. يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
__________________
|
#415
|
||||
|
||||
![]() رمضان .. لماذا تُسرع الخُطى ؟ بسم الله الرحمن الرحيم رمضان الحبيب الغالى .. تمهّل علينا قليلا.. فقد كنا بالأمس ننتظرك ونرجو الله أن يلحقنا بك لنتشرف بمُصاحبتك وجوارك وأنسك وجمالك. فأكرمنا الله وأستجاب لنا رأفة بنا ورحمة فبلّغنا إياك، ثم ما أن لبثت فينا قليلا حتى وجدناك تسرع الخطى لتصل إلى ربع زمنك.. ماذا فعلنا بك أيها الحبيب حتى تسارع خٌطاك ؟؟؟ أمحزون أنت على غزة الحبيب؟ لاتحزن رمضان الحبيب.. فغزة منا ونحن منهم.. آلامهم آلامنا ومرضهم مرضنا وحاجتهم حاجتنا.. نبشرك رمضان الكريم بأن المسلمين ماقصّروا مع إخوانهم فى غزة.. فقد دعوا لهم – ومازالوا – بأن يرفع الله عنهم البلاء وأن يطعمهم ويسقيهم ويرحمهم وينزل عليهم سحائب الخير والرحمة والتثبيت والفرج من الأزمة. نبشرك يارمضان الحبيب أن أمة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم هى أمة الخير بل خير أمة أخرجت للناس، فقد طهّروا أموالهم ولو بالقليل ومنحوها لهم، فالمسلمون بخير لم يبخلوا ولم يتكاسلوا ولن تهدأ أنفسهم إلا بعد أن يزيح الله همّ غزة ومحنتها . ماذ فعلنا بك أيها الحبيب حتى تسارع خُطاك ؟ فالقرآن ألفناه وصاحبناه وعرفناه وقرأناه واستمتعنا به، وبدأت القلوب ترتاح لأحكامه وتنهض بأخلاقه فَصَهَرَنا القرآن ودرّبنا على تعلّم الكثير من الآداب والأخلاق فأمسكنا الألسن وغضضنا البصر وترقق القلب.. وعلمنا أن خلاصنا بالقرآن ورواجنا بالقرآن وسعادتنا بالقرآن ونهضة أمتنا لن تكون إلا بالقرآن.. فتمهّل علينا أيها الحبيب نريد أن نستزيد له فهما ونستشفى به شفاءا ونتنور به نورا ونتخلق به أخلاقا ونتمسك به منهجا.. تمهّل قليلا.. فهو الذى قد نزل فيك فزدت به شرفا وفخرا، واجتمعت الخيرات كلها فيك، خير نزول القرآن فيك وخير ليلة قدر شريفة عظيمة وخير رحمة وخير مغفرة وخير عتق من النيران. أبَعد هذه الخيرات التى ميّزك الله بها نراك مُصرّا على إسراع الخُطى... مهلا رمضان.. لاتحرمنا خيراتك. ماذا فعلنا بك أيها الحبيب حتى تسارع خطاك؟ فلذة التراويح أمتعتنا وكثرة الركعات أراحتنا ومزيد السجدات رفعتنا وطول الوقوف بين يدى الله أنسانا دنيانا ومشاغلنا. فلماذا تسرع الخطى؟ تمهّل أيها الحبيب فتراويحك جميلة فيها الراحة. ومعها السعادة وبها تتميز أيها الشهر الحبيب. تمهل ولو قليلا فقد عشقنا سماع قول الامام يصدح: صلاة القيام أثابكم الله. كلمات دغدغدت آذاننا، وأطربت مسامعنا، ولاندرى ماذا نفعل اذا رحلت وأسرعت خطاك؟ وصفوف المصلين فى التراويح تتزاحم والأكتاف تتلاحم والأقدام تلتصق والخشوع يهيمن والرحمة تتنزل والجنة أمام الأعين تتمايل، أعيننا فى موضع السجود وقلوبنا فى سبحات الله وأيدينا فوق الصدور وأرجلنا تتثبت لاتريد الخروج من الصلاة حتى تفوز بدعاء الامام ليختم به تراويحنا فيدعو ونؤمن ويرجو ونطلب ويرفع الأكف ولاينتهى من الدعاء الا بعد أن نكون قد استشعرنا اجابة الدعاء وانفتاح السماء وقبول الرجاء ولم لا؟ وهو صاحب العظمة وصاحب الجود والعطاء. تمهّل أيها الحبيب.. فأين نجد فى غيرك من الشهور تراويحاً.. اللهم أجرنا فى مصيبتنا وأخلفنا خيرا منها. ماذ فعلنا بك أيها الحبيب حتى تسارع خطاك؟ فوالله إن حروف إسمك من ذهب فأنت رمضان... راؤك رحمة وميمك مغفرة وألفك أمن وأمان ونونك نجاة ونجاح. لماذا تسرع الخطى؟ ونحن قد استشعرنا رحمة ربنا ولمسناها فى أمور كثيرة ونرجو دوامها والفوز دائما بها. لماذا تسرع الخطى؟ ونحن قد زاد طمعنا كل ليلة فى مغفرة ربنا وكلنا فيه ثقة وكلنا نظن فيه الظن الحسن ولم لا وهو القائل: أنا عند ظن عبدى بى. لماذا تسرع الخطى؟ ونحن قد وجدنا فى أنفسنا أمانا جَعلنا نرجو ربنا وندعوه أن يعم به على بلادنا وبلاد المسلمين أجمعين. لماذا تسرع الخطى؟ ونحن قد تلمسنا نجاحا وتوسمنا فى ربنا نجاة من نيرانه ومن عذابه ومن خزيه. ماذا فعلنا بك أيها الحيب حتى تسارع خُطاك ؟ ونحن الذين تعايشنا فيك مع المقصد العظيم منك وهو التزود بالتقوى. فأنت الهُدى للمتقين وانت الهدى للسالكين وانت الطريق لأصحاب الميامين. مهلا نريد أن نعيش حياة فيك مع التقوى التى جمّلَها أمام المتقين عليا رضى الله عنه وأرضاه بقوله: التقوى الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل. أمهلنا ايها الحبيب نريد أن نوثّق خوفنا من الله نريد أن ننتهى عما نهانا ونتدرب على برنامج الخوف من الجليل. أمهلنا أيها الحبيب نريد أن نعمل بتنزيل ربنا بقرآنه العظيم الذى نزل فيك، أمهلنا قيلا نعيد ختمه ونتشرب معانيه ونتزود بأخلاقه. أمهلنا أيها الحبيب نريد أن نتدرب فيك على أن نقنع بما يعطيه لنا ربنا ونعتقد أن ماأعطانا خالقنا ماهو الا المكتوب لنا وأن أهل الآرض لو اجتمعوا على أن يضرونا بشيء فلن يكون الا بالذى قد كتبه ربنا علينا ولو اجتمعوا على ان ينفعونا بشيء فلن يكون الا بالذى اراده لنا. أمهلنا أيها الحبيب نريد أن أن نتدرب فيك على برنامج الاستعداد ليوم الرحيل من دنيا لاتساوى عند الله شيئا، حقيرة ذليلة، من أرادها أعطاه الله إياها ومن تزهّد فيها ورغب فيما عند الله أعطاه الله خيرى الدنيا والآخرة. دعنا قليلا نستعد لتلك اللحظة الفارقة فى حياتنا والتى من بعدها سيتحدد المصير إما الى جنة – جعلنا الله والمسلمين جميعا من روادها – أو الى نار – اعاذنا الله وآبائنا وأمهاتنا وزوجاتنا وأبنائنا والمسلمين منها -. ماذ فعلنا بك أيها الحبيب حتى تسارع خطاك؟ فرُبّ كلمة بسيطة أو موعظة عابرة من إمام فى المسجد بعد الصلاة أو قبلها أو بينها – رب هذه الموعظة تحقق لنا آمالا وتسعدنا سنينا وتنجينا نجاة وتزحزحنا عن النار. فالخطباء والعلماء والوُعّاظ فيك يتحفونا برقائق، ويلهبوا مشاعرنا فى دقائق، ويأخذوا بأيدينا لنرى المصفوف من النمارق، ويصعدوا بنا الى السماء فوق الخلائق، ويقربونا زلفى الى الله الكريم الخالق. دعهم قليلا أيها الحبيب فمواعظهم فيك لها مذاق محسوس ملموس قد يختلف عن غيرك من الشهور فمجرد أن يصدح الواعظ بتوجيه أو يوجه بارشاد أو يُرهّب من نار أو يُرغّب فى جنه، تجد آذانا صاغية ونفوسا كلها طواعيه، وكأن الطير على الرؤوس وتجد الجميع يسرح مع رب عظيم كريم قدوس. ماذا فعلنا بك أيها الحبيب حتى تسارع خُطاك؟ فالنافلة فيك بفرض والفرض فيك بسبعين.. أنجد خيرا مثل ذلك فى غيرك من الشهور؟ بالطبع لا اذن حنانيك علينا صبرا قليلا.. نريد زيادة الرصيد ليوم الحساب ليوم الوعيد. نريد التمرّس فى هذه الروضة العجيبة من الحسنات المجيدة.. دعنا امهلنا انتظر قليلا. نراك عزيزا فى الوصول عزيزا عند الاستضافة وكأنك تعمل بالحكمة التى تقول: زُر غُبا تزدد حبا. أتريد أن نزداد لك حبا؟ نحن والله نحبك ونعشقك ونحب لياليك وفجرك وظهرك وعصرك ومغربك وعشاؤك.. لقد تيّمتنا فى حبك يارمضان.. ثم تفاجأنا هكذا بانصرام بعض أيامك... ألست أنت الذى قدمت حالا ومن ساعات قليلة تلقى علينا سلامك وتبهج أيامنا بعظيم مقامك وتسعد نفوسنا بجميل حنانك. أمّا وإن كان ولابد من رحيلك: فكن مطمئنا: * فنسنظل لك مُحبون وبك مُتيّمون. * سنظل بعهدنا معك على العدل والانصاف حتى من انفسنا. * سنحاسب انفسنا ونقومها ونهذبها ونربيها كى نعتقها من قيودها. * سيظل المسلمون يارمضان أخوة متحابون فيما بينهم، لمثلك يستعدون ومن معينك الصافى يستمدون. * عهدا سنكون لأمتنا أوفياء، بخلقها رحماء، لدعوتها نُصراء. * عهدا سنكون فى غيرك كما كنا فيك.. ربانيون ان شاء الله لا رمضانيون. * عهدا ان شاء الله سنحب الصلاة لنقيم بها الدين كما كنا فيك نحبها. * عهدا سنعض بالنواجذ على النوافل لنزداد بها من الله قربا وشبرا وذراعا. * عهدا سنعانق القرآن وسنأخذ منه البيان وسنحمله بأيدينا ومع سفرنا واقامتنا سنجعله لنا الرفيق وسنجتهد به فى التطبيق وسنُسعد به الدنيا ونخرجها باذن الله من كل ضيق. * عهدا سنحب الوعّاظ والخطباء والمصلحين وسنجلس بين أيديهم كما كنا فيك لينيروا لنا دربنا ويساعدونا على اصلاح أنفسنا.. نستسقى منهم الدواء ونستعين بهم على الشفاء.. ولم لا فهم ورثة الأنبياء. * عهدا سنكون للصومال أوفياء، ولن نوقف ألستنا لهم عن الدعاء، ولن يكون لهم باذن الله الا كل جميل منا وعظيم عطاء. * عهدا يارمضان سنجتهد أن يُشار لنا بالبنان كى نكون قمما وأئمة فى كل ميدان. * عهدا يارمضان.. لن نكون جاحدين لمن تفضلوا علينا بخير صَغُر أو كَبُر وسنحبهم ولن ننسى علينا فضلهم ولن ننكر لهم جميلهم.. ولن نكون كالمثل القائل: قططا تنكر من أطعمها. * عهدا ياحبيب.. سنجعل لربنا من دموعنا نصيبا، نسكبها له رغبة ألا تمسنا نيران ربنا. سنبكى بكاءا نصحح به مسارنا، لارياء فيه ولا اصطناع بل خالصٌ كله لربنا. * عهدا.. سنحيا بأخلاق نبيك فى غيرك من الشهور، نتواضع للناس، نكون ذوى احساس، نتأدب فى الاختلاف، ويعذر بعضا بعضا عند أى خلاف، لن نصاحب الا المؤمنين، ولن يأكل طعامنا الا المتقين، طائعين بذلك قدوتنا رحمة العالمين سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين عليه من الله صلاة وسلاما له وآله وصحبه اجمعين. وداعا أيها الحبيب: * إن كنا نعاهدك لاحساسنا بقرب رحيلك.. فرجاء كن لنا وفياً. * لاتنسى صحبتنا هناك عند باب الريان فأنت والقرآن تشفعان. * لاتنسى إمساك أيدينا فقد صمنا فيك وزُجنا زجا من بابك العظيم باب الريان. * لاتنسى الشفاعة لنا عند ربك، ألا تركنا فيك الطعام والشراب، ألا هجرنا فيك الملذات والشهوات، ألا صبرنا فيك، ألا أحببناك، ألا رافقناك؟ اذن اشفع لنا. __________________________________________________ ___ الكتاب: نبيل جلهوم
__________________
|
#416
|
||||
|
||||
![]() هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – والصحابة في شهر رمضان
أقبل رمضان فَفُتِّحت أبوابُ الجنان، وغُلِّقت أبواب النيران، وسلسلت الشياطين ومردة الجان، ونادى مناد من السماء: «يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر»، وغنائم ربِّ العالمين تدَّفق على عباده المقبلين المستجيبين، ذنوبٌ تُغفر، وعيوبٌ تُستر، رحمات من الملك الغفار، وعتق كل يوم من النار، دعاءٌ مُجاب، وإقبال على الخير قد طاب، حسنات وبركات، ومحو للسيئات والخطيئات، «وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَت الْكَبَائِرَ». ومع بداية هذا الشهر المبارك نقف مع قبس من حال النبي - صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضوان الله عليهم- والتابعين، وطرف من آثارهم، كيف استقبلوا هذا الشهر الكريم؟ كيف صاموه وقاموه؟ وكيف عاشوه وقضوا أيامه؟ فالوقوف على هديه - صلى الله عليه وسلم- وهديهم أحد ركني قبول كل عمل. استبشاره - صلى الله عليه وسلم- بقدوم رمضان كان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا ما حل ذلكم الشهر كان يقول لأصحابه: «قد جاءكم رمضان، شهر مبارك، افترض عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم وتُغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرِمَ خيرها فقد حرم»، إذا أشرقت شمس أول يوم رمضان فلا تسأل عن حال النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ربه ومناجاته له، وافتقاره بين يديه، كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يجد في ذلك من الأنس واللذة ما يجعله يواصل صومه اليوم واليومين بلا طعام ولا شراب، وكان ينهى أصحابه عن الوصال. ![]() حاله - صلى الله عليه وسلم- مع القرآن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزيد اعتناؤه بالقرآن مع رمضان، فكان يقضي نهاره ويحيي ليله مع كتاب ربه -عز وجل- تلاوةً وتفكراً ومراجعة وتدبراً، وكان - صلى الله عليه وسلم- يرق قلبه ويقشعر جلده وربما دمعت عينه عند تلاوة أو سماع آيات الرحمن {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}(الزمر:23)، وكان مع كثرة تلاوته - صلى الله عليه وسلم- للقرآن في هذا الشهر الكريم حريصاً على مراجعة محفوظه من التفلت والنسيان، فكان يدارس القرآن مع جبريل -عليه السلام- في رمضان مرة واحدة، وفي السنة التي قُبِضَ فيها دارسه مرتين. ![]() حاله - صلى الله عليه وسلم- مع قيام الليل قيام الليل شرف المؤمن وعزُّه، هذا ما بلغه أمين السماء جبريل -عليه السلام- لأمين الأرض محمد - صلى الله عليه وسلم- فقال: «واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزُّه استغناؤه عن الناس»، فكان -عليه الصلاة والسلام- يوصي أمته بقيام رمضان، فكان يقول: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»، ولما دخل رمضان قام - صلى الله عليه وسلم - أول ليلته يصلِّي في مسجده، فقام معه رجال يصلون بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع عدد أكثر من الليلة السابقة، فخرج عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بهم، فأصبح الناس يذكرون ذلك، حتى إذا كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، فلم يخرج إليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم-، خشي أن تُفرَض صلاة الليل على أمته فيعجزوا عنها. ![]() جوده - صلى الله عليه وسلم- في رمضان الكلام عن جود النبي - صلى الله عليه وسلم- يبدأ ولا ينتهي، هذا الجود هو من سجاياه التي فُطِر عليها، لم يكن يتكلفه أو يجاهده، فكان - صلى الله عليه وسلم- لا يرد سائلاً ولا يمنع محتاجاً، كان يعطي عطاءَ مَن لا يخشى الفقر، أعطى رجلاً غنماً بين جبلين، وأعطى رجلاً يتألف قلبه مئة من الغنم، ثم مئة، ثم مئة، فأسرع هذا الرجل إلى قومه فقال: «أسلموا، فإن محمداً يُعطي عطاءَ من لا يخشى الفقر»، بل حتى الثياب التي عليه، أعطاها لمن سأله إياها، وأنواع جوده - صلى الله عليه وسلم- لا تنحصر، تارة بماله، وتارة بطعامه، وتارة بلباسه، وكان يُنَوِّعُ في أصناف عطائه، تارة بالهبة، وتارة بالصدقة، وتارة يقترض الشيء فيرد أكثر منه وأفضل، هذا الجود وذلكم السخاء كان من رجل يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع، وكان تمر عليه ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في بيته نار، وكان ينام على الحصير حتى أثَّر ذلكم الحصير في جنبه. هديه - صلى الله عليه وسلم- في الإفطار كان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- في الصيام أنه يفطر على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء، وكان يقول عند فطره: «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت». وكان يقول أيضًا: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله»، وكان - صلى الله عليه وسلم- يستعجل الإفطار، وكان يقول: «لا يزال الدين ظاهرًا ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون»، وكان يحث الناس على تفطير الصائمين، فكان يقول: «من فطَّر صائمًا فله مثل أجره». وأما السحور: فلم يكن يدعه النبي - صلى الله عليه وسلم- وكان يسميه: «الغذاء المبارك»، وكان يقول: «تسحروا، فإن في السحور بركة»، ويقول أيضًا: «إن الملائكة يصلون على المتسحرين»، وكان يؤخر السحور إلى قبيل الفجر، وكان بين سحوره وقيامه لصلاة الفجر قدر خمسين آية. ![]() أمور متفرقه من هديه - صلى الله عليه وسلم-
![]() أحوال التابعين كان سفيان الثوري -رحمه الله- إذا دخل رمضان ترك العبادات جميعها، وأقبل على قراءة القرآن، وكان محمد بن إسماعيل البخاري -صاحب الصحيح- يختم في رمضان في النهار كلَّ يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كلَّ ثلاث ليال بختمة، وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين، وكان زبيد اليامي: إذا حضر رمضان أحضرَ المصحفَ وجمع إليه أصحابه، وكان الوليد بن عبدالملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة. وكان قتادة يختم القرآن في سبع، -أي كل سبع ليال يقرأ القرآن مرة-، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاثٍ، فإذا جاء العشر الأواخر ختم كل ليلةٍ، وكان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثاً، ويصلي ثنتي عشرة ركعة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر. وقال القاسم بن عليٍّ يصف أباه ابنَ عساكر صاحب (تاريخ دمشق): «وكان مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كلَّ جمعة، أو يختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية»، أي في جامع دمشق. قال ابن رجب الحنبلي، مبينا أفعال هؤلاء السلف، ولأن هناك نهيا عن القراءة في أقل من ثلاثة أيام، الإنسان إذا قرأ القرآن في أقل من ثلاثة أيام لا يفقهه، وهناك نهي عن ذلك، يقول ابن رجب: «وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث، على المداومة على ذلك، -أن يعيش عمره كله يقرأ القرآن في أقل من ثلاث- فأما في الأوقات المفضلة، كشهر رمضان، خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة، كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن، اغتناما للزمان والمكان، وهذا قول الإمام أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم»(من لطائف المعارف). حالهم في النفقة والجود والكرم أما حالهم -رضي الله عنهم- في النفقة والجود والكرم في رمضان، فحدث ولا حرج، قال ابن رجب: قال الشافعي - رضي الله عنه -: «أُحبُّ للرجلِ الزيادةَ بالجودِ في شهر رمضان، اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولحاجةِ الناس فيهِ إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّومِ والصلاةِ عن مكاسبهم»، فالجود في رمضان من أهل الجود والكرم مطلوب. وكان ابن عمر -رضي لله تعالى عنهما- يصوم، ولا يفطر إلاَّ مع المساكين، يأتي إلى المسجد فيصلي ثم يذهب إلى بيته ومعه مجموعة من المساكين، فإذا منعهم أهله عنه لم يتعشَّ تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه، أخذ نصيبه من الطعام، وقام فأعطاه السائل، فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفْنَةِ، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً. وكان حماد بن أبي سليمان يفطِّر في شهر رمضان خمسَ مائةِ إنسانٍ، -طيلة شهر رمضان هو مسؤول عنهم وعن تفطيرهم- وإنه كان يعطيهم بعد العيد لكلِّ واحدٍ منهم مائة درهم. وقال أبو العباس هاشم بن القاسم: «كنت عند المهتدي (أحد خلفاء الدولة العباسية) عشيَّةً -أي بعد العصر- في رمضان، «فقمت لأنصرف فقال: اجلس، فجلست، فصلى بنا، ودعا بالطعام، فأحضرَ طبقَ خِلافٍ -طبق كبير وفيه أطباق صغيرة- عليه أرغفةٌ، وآنية فيها ملحٌ وزيتٌ وخلٌّ، فدعاني إلى الأكل فأكلت أكل من ينتظر الطبيخ، -يعني هذه مشهيات ومقدمات- فقال: «ألم تكن صائماً؟!» قلت: «بلى» قال: «فكُل واستوفِ فليس هنا غير ما ترى!»، هذا طعام ولي أمر المؤمنين في زمانه، وإفطاره بعد أن جاع طول النهار. هدي الصحابة رضي الله عنهم والتابعين في رمضان لشهر رمضان منزلة عظيمة في نفوس المسلمين عامة؛ وذلك لما فيه من فضائل جمة ولما له من شمائل عدة، بيَّنها لنا الحبيب المصطفى -[-، ولذلك حرص الصحابة -رضوان الله عليهم- ومن بعدهم التابعين على اغتنام كل لحظة في هذا الشهر الفضيل حتى تربو الحسنات وترتفع الدرجات، فنراهم في رمضان قد انشغلوا بكثرة قراءة القرآن والصلاة فرضا ونفلا في الجماعات وبطول القيام، وبالذكر والدعاء والاستغفار باليل والنهار وبالأسحار، وبالصدقة والاعتكاف، ثم تراهم مع اجتهادهم يدعون بقلوب مشفقة أن يتقبل الله منهم ما كان في رمضان. حال الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم ذكر ابن رجب -رحمه الله- عن الشافعي -رحمه الله - أنه كان له ستون ختمة يختمها في غير الصلاة، بمعنى أنه يختم في الليل مرة وفي النهار مرة، وعن أبي بكر بن أبي طاهر قال: كان للشافعي في رمضان ستون ختمة لا يحسب منها ما يقرأ في الصلاة، وروي عن أبي حنيفة مثل ذلك أي ستون ختمة يختمها في غير الصلاة، وكان مالك بن أنس -رحمه الله- إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان الإمام مالك بن أنس لا يفتي ولا يدرس في رمضان، ويقول: «هذا شهر القرآن»، وكان الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- يغلق الكتب ويقول: هذا شهر القرآن. حال عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - في رمضان ومن أحوال الصحابة -رضي الله عنهم- ما ذكر عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنه -: أنه كان لا يفطر في رمضان إلا مع اليتامى والمساكين، وربما لا يفطر إذا علم أن أهله قد ردوهم عنه في تلك الليلة، وكان - رضي الله عنه - من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة، ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه قط، إنما كان يرسله إلى الفقراء والمساكين والسائلين، فقد رآه أيوب بن وائل الراسبي وقد جاءه أربعة آلاف درهم وقطيفة، وفي اليوم التالي رآه في السوق يشتري لراحلته علفاً بالدين، فذهب أيوب بن وائل إلى أهل بيت عبدالله وسألهم، فأخبروه: «إنه لم يبت بالأمس حتى فَرَّقَهَا جميعًا، ثم أخذ القطيفة وألقاها على ظهره وخرج، ثم عاد وليست معه، فسألناه عنها فقال إنه وهبها لفقير..»، وذكر نافع عن ابن عمر أنه كان ينام قليلا من الليل ويتهجد وكان يسأل نافعا هل أسحرنا (أي هل جاء وقت السَحر) فإذا قال نعم أوتر ثم جلس يستغفر. اعداد: وائل رمضان
__________________
|
#417
|
||||
|
||||
![]() جبر الخواطر أ. د. صالح بن علي أبو عراد أخي الصائم، تذكَّر أنه ليس هناك أجملُ ولا أفضلُ من التقرُّب إلى الله تعالى بصالح الأعمال والأقوال والنيَّات، ويأتي من أبرز تلك الأعمال والقُربات ما يُعرَفُ بجبْر الخواطر وإرضاء النفوس، ولعل أهلَك وأفراد أُسـرتك، ومَن هم حولك، أحقُّ الناس بذلك. واعلَم - بارك الله فيك - أن جبـرَ الخواطر خُلُقٌ جميلٌ، وطبعٌ كريمٌ، يتحققُ بالكلمة الحانية، والثناء الجميل، والعبارة اللطيفة، والتغاضي عن بعض الأمور اليسيـرة. وجبرُ الخواطِر عبادةٌ مَنسيةٌ في زماننا، وخُلق تربوي نبيلٌ قَلَّ مَن يعملُ به، مع أنه يدل على سُمو النفس، وعظمة الخُلُق، وسَلامة الصدر، ورَجاحة العقل؛ فما أجمل هذه العبادة التي لا تُكلِّف الإنسان شيئًا، وهي مع ذلك كثيـرةُ الأجر عظيمةُ الأثر؛ يقول الإمام سفيان الثوري: "ما رأيت عبادةً يَـتقَرَّبُ بها العبدُ إلى ربـه مثل جبـر خاطر أخيه المسلم".
__________________
|
#418
|
||||
|
||||
![]() في تجربة استثنائية.. جامعة ستانفورد تجمع طلابها حول موائد الإفطار نظَّمت جامعةُ ستانفورد في ولاية "كاليفورنيا" الأمريكية - إفطارًا مفتوحًا وصلاة التراويح، بمشاركة طلاب مسلمين وغير مسلمين، في إطار الاحتفاء بشهر رمضان المبارك، وتُنظَّم الفعاليةُ بدعمٍ من اتحاد الطلاب المسلمين، واتحاد الطلاب بجامعة ستانفورد. وتوافَد أكثر من 500 شخص من المسلمين وغيرهم إلى ساحة Old Union لحضور الإفطار المفتوح، بمشاركة بعض الهيئات المجتمعية الأخرى؛ حيث كان في استقبالهم عددٌ من المتطوِّعين الذين تولَّوْا تجهيز الطاولات، واستقبال المتحدِّثين، وتوزيع الوجبات، والتحضير للصلاة. بدأت الفعالية في الساعة الخامسة مساءً بكلمات ترحيبية وقراءة آيات من القرآن الكريم، أعقَبها رفعُ أذان المغرب وتناوُل وجبة الإفطار، بعدها تلا "براء عبد الغني" عضو اتحاد الطلاب المسلمين بجامعة ستانفورد دعاءَ الإفطار، وأشار إلى أهم الأنشطة الرمضانية والمجتمعية خلال شهر رمضان المبارك، ويأتي في مقدمتها تقديمُ وجبات الإفطار والسحور لنحو 300 طالب مسلم يوميًّا، وأشاد بمبادرات الجامعات الداعمة للطلاب المسلمين. ومن جانبها أكَّدت "أميرة اشتيوي" المديرة المشاركة للعلاقات العامة بجامعة ولاية ميشيغان - أن رمضان يُعد فرصة لتقوية الإيمان وتعزيز الروابط المجتمعية، وأوضحت أنها تُشرف على الاتصالات الخاصة بفعاليات رمضان بجامعة ولاية ميشيغان، من خلال نشرات إخبارية ورسائل يومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفي إطار تعزيز التواصل الطلابي أطلقَت "أميرة اشتيوي" مبادرة "رمضان حول العالم"، التي تَعرِض تجاربَ رمضان لمختلف الجنسيات داخل الجامعة، بهدف تعريف الطلاب بالثقافات الإسلامية المتنوعة. ولم يقتصِر الحضورُ على الطلاب المسلمين، بل شهِد الإفطار المفتوح مشاركةَ طلاب غير مسلمين، حرَصوا على التعرف على أجواء الشهر الفضيل والدين الإسلامي؛ حيث أشارت "بيتي ياو لو" الطالبة في السنة الأولى إلى أن فعالية الإفطار المفتوح في ستانفورد كانت أضخمَ من أي تجربة رمضانية سابقة خاضَتها، بينما حضرت زميلتها "ساشا تشانج" دون معرفة مسبقة عن رمضان، مُعربة عن رغبتها في التعرف أكثر على العقيدة والثقافة الإسلامية. كما شارَك الطالب "خورخي راموس" في الإفطار برُفقة صديقه وزميله في السكن "مرتضى إحساني"، وعلَّق قائلًا: "أحببتُ رؤية هذا الجانب مِن هُوية إحساني، وكان الجميع مرحِّبين للغاية، بالتأكيد سأحضر المزيد من فعاليات رمضان مستقبلًا"؛ المصدر: شبكة الألوكة. يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
__________________
|
#419
|
||||
|
||||
![]() شهر رمضان وتهذيب النفس الشيخ نشأت كمال قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾[البقرة: 183]، وقوله تعالى: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾؛ لأن الصيام وصلة إلى التقى؛ إذ هو يكف النفس عن كثير مما تتطلع إليه من المعاصي. ومن أسمى المعاني في الصيام: أنه تهذيب للنفس وليس تعذيبًا لها. النفس تحتاج إلى تهذيب عن طريق قطع مألوفاتها وضبط شهواتها؛ لأن إطلاق عنان الشهوات وعدم كبحها والانخراط والتوسع فيها من أوسع أودية الهلاك وأسباب العذاب. قال تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 14، 15]. وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 27، 28]. وفي الذين اتبعوا الشهوات أقوال: قيل إنهم الزناة، أو اليهود والنصارى، أو اليهود خاصَّة، وقيل: أهل الباطل. وفي المراد بضَعْف الإنسان أقوال: منها: أنه الضعف في أصل الخلقة، وهو أنه خُلق من ماءٍ مهين. وقيل: قلة الصبر عن الشهوات، وضعف العزم عن قهر الهوى؛ لأن الإنسان خُلِق ضعيفًا أمام رغباته وشهواته، إلا من استعلى على نفسه وأهوائه وشهواته بالإيمان. وقوله: ﴿ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27]، هذا شأن المنحرفين دائمًا: يريدون أَن يكون الناس على طريقتهم، حتى يسلموا من ذمهم ولومهم، كما في قوله تعالى: ﴿ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾ [القلم: 9]، وقوله تعالى: ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾ [النساء: 89]. ومعصية آدم عليه السلام نُسِبت لشهوة الإنسان من وجهين: طعام، وشراب، وإنصات لكلام امرأته حواء كما قيل. ومن مظاهر عظمة يوسف عليه السلام الاستعلاء على الشهوات، وترفُّعه عن داعية الخبث والهوى والفحش، وهو ما أوصله لدرجة الإحسان، وقد تكرر ذكر الإحسان في سورة يوسف أكثر من مرة، كما في قوله: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 22]، وفي قوله: ﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 36]، وفي قوله: ﴿ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 78]. ويرد هنا حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله عز وجل الجنة قال: يا جبريل، اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر فقال: يا رب، وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حفَّها بالمكاره، ثم قال: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر فقال: يا رب، وعزتك لقد خشيت ألا يدخلها أحد، فلما خلق النار، قال: يا جبريل، اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: يا رب، وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فحَفَّها بالشهوات، ثم قال: يا جبريل، اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها فقال: يا رب، وعزتك لقد خشيت إلا يبقى أحد إلا دخلها»؛ رواه أحمد والترمذي. وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حُفَّت الجنة بالمكاره[1]، وحُفَّت النار بالشهوات[2]». وهذا من جوامع الكلم وبديع البلاغة في ذم الشهوات والنهي عنها، والحض على طاعة الله، وإن كرهتها النفوس وشق عليها؛ لأنه إذا لم يكن يوم القيامة غير الجنة والنار ولم يكن بد من المصير إلى إحداهما، فواجب على المؤمنين السعي فيما يدخل إلى الجنة وينقذ من النار، وإن شق ذلك عليهم؛ لأن الصبر على النار أشق، فخرج هذا الخطاب منه صلى الله عليه وسلم بلفظ الخبر، وهو من باب النهي والأمر. وهو من بديع الكلام وجوامعه الذي أوتيه عليه السلام من التمثيل الحسن، فإن حفاف الشيء جوانبه، فكأنه أخبر عليه السلام أنه لا يوصل إلى الجنة إلا بتخطِّي المكاره وكذلك الشهوات، وما تميل إليه النفوس، وأنَّ اتِّباع الشهوات يلقي في النار ويُدخِلها، وأنه لا ينجو منها إلا من تجنب الشهوات. فيه تنبيه على اجتنابها. وفائدة هذا التمثيل: أن الجنة لا تنال إلا بقطع مفاوز المكاره، وبالصبر عليها، وأن النار لا يُنجى منها إلا بترك الشهوات وفطام النفس عنها. وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه مثل طريق الجنة وطريق النار بتمثيل آخر، فقال: «طريق الجنة حزن بربوة، وطريق النار سهل بسهوة». والحزن: هو الطريق الوعر المسلك، والربوة: المكان المرتفع، وأراد به أعلى ما يكون من الروابي. والسهوة، بالسين المهملة، وهي الموضع السهل الذي لا غلظ فيه، ولا وعورة، وهذا أيضًا تمثيل حسن واقع موقعه. وأما الشهوات المباحة فلا تدخل في هذه لكن يكره الإكثار منها مخافة أن يجر إلى المحرمة أو يقسي القلب، أو يشغل عن الطاعات، أو يحوج إلى الاعتناء بتحصيل الدنيا. [1] أي: أحيطت بالمكاره، وذلك أن المكاره هي ما يكرهه الآدمي من خروج مال عن يده في صدقة، أو فجعة بحميم له، أو خروج نفسه بالجهاد في سبيل الله أو ذهاب عرضه مع من يعظه، أو صبر على لذة محرمة لأجل الله، أو احتساب طعام وشراب وفراق زوجة في صيام لأجل الله تعالى، أو رغبة من وطء وأهل بقصد إلى الحج، أو صبر على برد ماء في إسباغ وضوء في شدة برد لأجل الله تعالى، إلى غير ذلك. [2] أي: أحيط بها بالشهوات، فجُعِل جانب منها يدخل إليه من شهوة الزنا، وجانب يدخل إليه بأكل الربا، وجانب منها بشرب الخمر، وجانب منها بالغدر، وجانب بالنميمة، وجانب بالغيبة إلى غير ذلك.
__________________
|
#420
|
||||
|
||||
![]() رمضان في ميلتون.. موائد إفطار جماعية ومبادرات خيرية مع حلول شهر رمضان المبارك يُجسِّد المجتمعُ الإسلامي بمدينة "ميلتون" في مقاطعة "أونتاريو" الكندية - القِيمَ الإسلامية والعطاء والصدقة، والأنشطة الخيرية والاجتماعية، والتواصل خلال هذا الشهر الفضيل، ويشكِّل رمضان فرصةً لتعزيز الترابُط المجتمعي بين المسلمين وبعضهم، وبين المسلمين وغيرهم؛ حيث تنظِّم الجمعيات والهيئات الإسلامية في مدينة "ميلتون" ومنطقة "هالتون" - العديدَ من الفعاليات المتنوعة. وقبل رمضان تستعدُّ المساجدُ والمراكز الإسلامية في منطقة "هالتون" لاستضافة عددٍ من الفعاليات الرمضانية؛ حيث يتم تنظيمُ موائد الإفطار والأنشطة الإسلامية والاجتماعية، وفي هذا السياق يلعَب المركزُ الإسلامي المجتمعي في مدينة "ميلتون" دورًا بارزًا في دعم المجتمع خلال الشهر الكريم. ويستضيف المركزُ الإسلامي المجتمعي في مدينة "ميلتون" وجبات إفطار جماعية أيام الجمعة والسبت والأحد، مقدِّمًا أطباقًا من المطبخ الجنوب آسيوي والعالمي، ضمن أجواء رمضانية مميزة، كما وجَّه المركز دعوةً مفتوحة إلى جميع أفراد المجتمع للحضور والتعرف على الإسلام عن قُرب، والإجابة عن أيةِ تساؤلاتٍ قد تكون لديهم. في مدينة "بيرلينجتون" المجاورة لمدينة "ميلتون"، تعمَل جمعية هالتون الإسلامية على دعم الأُسَر المحتاجة، من خلال حملات جمْع التبرعات، وتوزيع صناديق الطعام الرمضاني التي تحتوي على مواد غذائية أساسية، كما توفِّر الجمعية مركزًا لجمع التبرعات في مسجد هالتون لاستقبال المساعدات الغذائية ومستلزمات النظافة. وبالنسبة "لنصرت قلندري" أحد سكان مدينة "ميلتون"، يُمثل رمضان فرصة لتوطيد العلاقات الأُسرية والمجتمعية؛ حيث يقول: "طول الشهر الكريم نستضيف الأهل والأصدقاء والجيران خلال وجبات الإفطار؛ مما يجعل التحضير والطهي جزءًا أساسيًّا من يومنا"، ويشمَل الإفطارُ أطباقًا متنوعة؛ مثل الباكورا والكاتشوري، والسمبوسة ولفائف الدجاج، بالإضافة إلى الحلويات كفطائر التمر. وأشارت "فاطمة باتيل" بمدينة "ميلتون" إلى أن رمضان يمثِّل فرصةً لتعزيز القيم الإنسانية، وتقول: "يعلِّمنا رمضان ضبطَ النفس والتعاطف مع الغير، فهو ليس مجرَّدَ امتناعٍ عن الطعام، بل هو شهرٌ للتقرب إلى الله، والبُعد عن السلوكيات السيئة، ومدِّ يد العون للآخرين"؛ المصدر: شبكة الألوكة. يُرجَى الإشارة إلى المصدر عند نقل الخبر؛ شبكة الألوكة.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |