تفسير سورة الفجر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4954 - عددالزوار : 2057147 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4529 - عددالزوار : 1325232 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52119 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45898 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64246 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155312 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-01-2025, 01:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير سورة الفجر

سُورَة ُالفَجْرِ

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف


سُورَةُ الْفَجْرِ: سورَةٌ مَكِّيَّةٌ[1]، وَآيُهَا ثَلاثُونَ آيَةً.

الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ لِلسُّورَةِ:
حَوَتْ هَذِهِ السُّورَةُ الْكَثِيرَ مِنَ الْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي الْعَظِيمَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ[2]:
تَسْلِيَةُ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم بِضَرْبِ الْمَثَلِ لِمُشْركِيْ أَهْلِ مَكَّةَ فِي إِعْراضِهِمْ عَنْ قَبُولِ رِسَالَةِ رَبِّهِمْ بِمِثْلِ عَادٍ وَثَمودَ وَقَوْمِ فِرْعَوْنَ.


إِبْطالُ غُرُورِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعيمِ عَلَامَةٌ عَلَى أنَّ اللهَ أَكْرَمَهُمْ، وَأَنَّ مَا فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْخَصاصَةِ عَلَامَةٌ عَلى أَنَّ اللهَ أَهَانَهُمْ.


حُصولُ النَّدَمِ يَوْمَ الْقِيامَةِ لِمَنْ لَمْ يُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْأَعْمالِ مَا يَنْتَفِعونَ بِهِ.


شَرْحُ الْآيَاتِ:
قَوْلُهُ: ﴿ وَالْفَجْر ﴾، أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِالْفَجْرِ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ النَّهَارِ[3].

قَوْلُهُ: ﴿ وَلَيَالٍ عَشْر ﴾، أَيْ: عَشْر ذِيْ الْحِجَّةِ[4]. وَالْمُرَادُ بِالْعَشْرِ: الْأَيَّامُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذي عَلَيْهِ جُمْهورُ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ[5]، بِدَلِيْلِ: حَديثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْعَشْرَ عَشْرُ الْأَضْحَى، وَالْوِتْرَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّفْعَ يَوْمُ النَّحْرِ»[6].

قَوْلُهُ: ﴿ وَالشَّفْعِ ﴾، أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِكُلِّ مَا هُوَ زَوْجِيُّ الْعَدَدِ، كَيَوْمِ النَّحْرِ الَّذِي هُوَ الْيَوْمُ العَاشِرُ[7]، ﴿ وَالْوَتْر ﴾، أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِكُلِّ مَا هُوَ فَرْدِيُّ الْعَدَدِ كَيَوْمِ عَرَفَةَ الَّذي هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ[8].

وَقالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: ﴿ وَالْوَتْر : هُوَ اللهُ تَعَالَى؛ لِحَديثِ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّصلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ»[9]، ﴿ وَالشَّفْعِ : الْمَخْلُوقَات كُلّهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون [سورة الذاريات:49][10].


قَوْلُهُ:﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر ،أَيْ: إِذَا يَمْضِي[11]، كَقَوْلِهِ: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَر [سورة المدثر:33]، وَقَوْلِهِ: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَس [سورة التكوير:17][12].


قَوْلُهُ:﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ ، اِسْمُ الْإِشارَةِ يَعُودُ إِلى تِلْكَ الْأَشْياءِ الَّتِي أَقْسمَ اللهُ تَعَالَى بِهَا، وَالْمَعْنَى: أَلَيْسَ فِيهَا مَقْنَعٌ وَمُكْتَفًى[13]، ﴿ قَسَمٌ لِّذِي حِجْر ، أَيْ:لِصَاحِبِ عَقْلٍ؛ وَسُمِّيَ بِذَلكَ لِأَنَّهُ يَحْجُرُ صاحِبَهُ، وَيَمْنَعُهُ عَنِ ارْتِكابِ مَا لَا يَنْبَغِيْ، كَمَا سُمِّيَ عَقْلًا لِأَنَّهُ يَعْقِلُ صَاحِبَهُ عَنِ ارْتِكَابِ السَّيِّئاتِ[14].


وَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ: مَحْذُوفٌ وَتَقْدِيْرُهُ: لَتُعَذَّبُنَّ، بِدَلِيْلِ قَوْلِهِ: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد وَالتَّقْدِيْرُ: وَحَقّ هَذِهِ الْمَخْلُوْقَاتِ لَتُعَذَّبُنُّ -أَيُّهَا الْكَافِرُوْنَ- كَمَا عُذِّبَ الذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ، مِثْلُ عَادٍ وَثَمُوْدَ وَفِرْعَوْنَ[15].


قَوْلُهُ: ﴿ أَلَمْ تَرَ ، أَيْ: أَلَمْ تَعْلَمْ يا مُحَمَّدُ[16]، ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد ﴾وَهُمْ قَوْمُ نَبِيِّ اللهِ هُودٍ عليه السلام ؛ سُمُّوْا بِاسْمِ أَبِيْهِمْ كَمَا سُمِّيَ بَنُوْ هَاشِمٍ بِاسْمِهِ[17].

قَوْلُهُ: ﴿ إِرَمَ [18]، هِيَ قَبيلَةُ عَادٍ؛ سُمِّيَتْ بِاسْمِ أَحَدِ أَجْدَادِهَا[19]، وَقِيلَ: إِنَّهُ اسْمُ بَلْدَةِ عَادٍ[20]، ﴿ ذَاتِ الْعِمَاد ، أَيْ: صَاحِبَةِ الْخِيامِ الَّتِي تُرْفَعُ بِالْأَعْمِدَةِ الشِّدَادِ[21].


قَوْلُهُ: ﴿ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَد ،الضَّمِيْرُ فِيْ قَوْلِهِ: (مِثْلِهَا) يَعُوْدُ عَلَىْ عَادٍ، أَيْ: لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُ عَادٍ في قُوَّتِهِمْ، وَطُولِ أَجْسَامِهِمْ[22].


قَوْلُهُ: ﴿ وَثَمُودَ ، وَهُمْ قَوْمُ نَبِيِّ اللهِ صَالِحٍ عليه السلام،﴿ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ ، أَيْ:قَطَعُوا الصَّخْرَ -جَمْعُ صَخْرَةٍ- وَاتَّخَذُوهَا بُيُوتًا[23]، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا [سورة الشعراء:149][24]،﴿ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَاد هُوَوَادِيْ الْقُرَىْ شَمَالَ غَرْبِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ[25].


قَوْلُهُ: ﴿ وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَاد ، أَيْ: صَاحِبَ الْأَوْتادِ، والأَوْتَادُ: جَمْعُ وَتَدٍ، وَهُوَ الْحَبْلُ، أيْ: صَاحِب الْحِبَال الَّتِي يُعَذِّبُ بِهَا النَّاسَ، وَيُعَلِّقُهُمْ بِها وَيَشُدُّهُمْ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ يَمُوتُوا، وَقيلَ: الْأَوْتادِ: جُنُودُهُ الَّتي تُعَضِّدُهُ وَتَشُدُّ مُلْكَهُ[26]، وَالْمَعْنى الْأَوَّلُ أَظْهَرُ.


قَوْلُهُ: ﴿ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلاَد ﴾أَيْ: الذِيْنَتَجَاوَزُوْا الْحَدَّ في الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ فِيْ الْبِلَادِ[27].

قَوْلُهُ:﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَاد ، أَيْ: بِالْكُفْرِ وَالظُّلْمِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي[28].


قَوْلُهُ:﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ ، أيْ: أَنْزَلَ وَأَفْرَغَ عَلَيْهِمْ، ﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَاب ﴾أَيْ: نَصِيْبًا مِنَ الْعذَابِ، هُوَ غَايَةُ الْعَذَابِ وَشِّدّتهِ[29].


قَوْلُهُ:﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد ،أَيْ: يَرْقُبُ الْعَاصِينَ، ويرْصُدُ أَعْمَالَهُمْ، وَلَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ مِنْهَا، وَيُمْهِلُهُمْ ثُمَّ يَأْخُذُهُمْ أَخْذَ عَزيزٍ مُقْتَدِرٍ[30].


قَوْلُهُ:﴿ فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ ، أَيْ: فَإِنَّ مِنْ طَبْعِهِ وَسَجِيَّتِهِ أَنَّهُ إِذَا اخْتَبَرَهُ رَبُّهُ بِالْغِنَى وَالْيُسْر، ﴿ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ ، أَيْ: بِالْجَاهِ وَالْمَالِ وَالصِّحَةِ، ﴿ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَن ، أَيْ: فَضَّلَنِيْ بِمَا أَعْطَانِيْ[31].


قَوْلُهُ:﴿ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ، أَيْ:فَضَيَّقَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ، ﴿ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَن ،فَهُوَ يَرَى أَنَّ الْهَوَانَ في قِلَّةِ حَظِّهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَهَذِهِ صِفَةُ الْكَافِرِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَالْكَرامَةُ عِنْدَهُ أَنْ يُكْرِمَهُ اللهُ بِطَاعَتِهِ، وَالْهَوانُ أَنْ يُهِينَهُ بِمَعْصِيَتِهِ[32].


قَوْلُهُ:﴿ كَلاَّ : كَلِمَةُ رَدْعٍ لِلْإنْسانِ عَنْ تِلْكَ الْمَقالَةِ[33]، أَيْ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُكْرِمُ مَنْ أَكْرَمَ بِكَثْرَةِ الرِّزْقِ، وَلَا يُهِيْنُ منْ أَهَانَ بِتَضْيِيقِهِ، وَإِنَّمَا الْإِكْرامُ بِطَاعَةِ اللهِ، وَالْإِهَانَةُ بِمَعْصِيتِهِ[34].


ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى بَعْضَ أَفْعالِ الْكُفَّارِ، وَهِيَ:
قَوْلُهُ: ﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيم أَيْ: بَلْ هُنَاكَ شَرٌّ مِن هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَهُوَ أَنَّكُمْ لَا تُحْسِنُونَ إِلَى الْيَتيمِ، وَلا تُعْطونَهُ حَقَّهُ معَ غِناكُمْ[35].


قَوْلُهُ: ﴿ وَلاَ تَحَاضُّونَ ،أَيْ: وَلَا يَحُثُّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا،[36].﴿ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين

قَوْلُهُ: ﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ ، أَيْ: الْمِيرَاثَ،﴿ أَكْلاً لَّمًّا ، أَيْ: شَدِيدًا بِنَهَمٍ وَشَرَهٍ، فَلا تَسْأَلونَ عَنْهُ أَحَلالٌ هُوَ أَمْ حَرامٌ[37].


قَوْلُهُ: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ، أَيْ: كَثِيرًا عَظِيمًا[38].


قَوْلُهُ: ﴿ كَلاَّ : رَدْعٌ لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَإنْكارٌ لِفِعْلِهِمْ، أَيْ: لَا ينْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَالُكُم كَمَا ذُكِرَ،﴿ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ ،أَيْ: حُرِّكَتْ حَرَكَةً شَديدَةً، وَزُلْزِلَتْ زِلْزَالًا قَوِيًّا[39]، حَتَّى تَهَدَّمَ كُلُّ بِنَاءٍ عَلَيْهَا[40]، وَسُوِّيَتْ وَبُسِطَتْ[41]، كَمَا قالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَة [سورة الحاقة:14]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلاً [سورة المزمل:14]. ﴿ دَكًّا دَكًّا ، أَيْ: حَصَلَ ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ[42]، بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنَ الْأَرْضِ شَيْءٌ إِلَّا دُكَّ حَتَّى صَارَتْ هَبَاءً مَنْثُورًا[43].


قَوْلُهُ: ﴿ وَجَاء رَبُّكَ للْفَصْلِ بَيْنَ الْعِبَادِ[44]،﴿ وَالْمَلَكُ ﴾، أَيْ: الْمَلائِكَةُ،﴿ ﳏ ﳐﳑ ﴾، ﴿ وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾أَيْ: صُفُوفًا كَثِيرَةً، لَا يَتَكَلَّمُونَ في هَذا الْمَوْقِفِ الْعَظيمِ؛ إِجْلالًا للهِ تَعَالَى وَخَوْفًا مِنْهُ وَخُضُوعًا لَهُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ اللهُ تَعَالَى، كَمَا قالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفًّا لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا [سورة النبأ:38].


قَوْلُهُ: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ، كَمَا في حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِصلى الله عليه وسلم: «يُؤْتَىْ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَها»[45][46].


﴿ يَوْمَئِذٍ ، أَيْ: يَوْمَ يُجَاءُ بِجَهَنَّمَ، ﴿ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ ،أَيْ: يَتَذَكَّرُ مَعَاصِيَهُ فَيَنْدَمُ عَلَيْها، وَلَا يَنْفَعُهُ النَّدَمُ[47]، بِدَلِيلِ:﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى اِسْتِفْهامٌ بِمَعْنى النَّفْي، أَيْ: لَا يَنْفَعُهُ تَذَكُّرُهُ ذَلِكَ[48]؛ لِأَنَّ هَذَا التَّذَكُّرَ فَاتَ أَوَانُهُ وَذَهَبَ زَمَانُهُ[49]، وَهَذَا الْيَوْمُ هُوَ يَوْمُ الْجَزاءِ وَالْحِسَابِ عَلَىْ الْأَعْمَالِ، وَلَيْسَ يَوْمَ التَّذَكُّرِ وَالتَّوْبَةِ وَالنَّدَمِ.


قَوْلُهُ: ﴿ يَقُولُ مَعَ تَذَكُّرِهِ نَادِمًا مُتَحَسِّرًا عَلَىْ تَفْريطِهِ فِيْ طَاعَةِ اللهِ،﴿ يَالَيْتَنِي لِلتَّنْبِيهِ، ﴿ قَدَّمْتُ في الدُّنْيا أَعْمَالًا صِالحَةً، ﴿ ﱏﱐ ﴾ ﴿ يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي البَاقِيَةِ فِي الْآخِرَةِ[50].


قَوْلُهُ: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ ،أَيْ: في يَوْمِ الْقِيامَةِ، ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَد أَيْ: لَا يُعَذِّبُ أَحَدٌ كَتَعْذِيْبِ اللهِ[51].


قَوْلُهُ: ﴿ وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَد ، أَيْ: وَلَا يُقَيِّدُ بالسَّلاسِلِ وَالْأَغْلالِ لِلْعَذَابِ أَحَدٌ كَتَقْييدِ اللهِ تَعَالَى[52].


قَوْلُهُ: ﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة ، أَيْ: الْمُطْمَئِنَّة بِالْإِيمَانِ، الْمُصَدِّقَةُ بِالْبَعْثِ وَالثَّوَابِ[53].


قَوْلُهُ: ﴿ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ، أَيْ: إِلى جِوَارِ اللهِ وَجَنَّتِهِ وَنَعيمِهِ الَّذِي أَعْلَاهُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ الْكَريِمِ[54]، ﴿ رَاضِيَةً بِمَا آتَاهَا اللهُ تَعَالَى،﴿ مَّرْضِيَّة عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى[55].


قَوْلُهُ: ﴿ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ، أَيْ: فِي جُمْلَةِ عِبادِي الصَّالِحِينَ[56].

قَوْلُهُ: ﴿ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾، وَالَّتِيْ أَعْدَدْتُهَا لَهُمْ، وَفي إِضَافَتِهَا إِلَيْهِ تَعَالَى تَشْريفٌ وَتَعْظيمٌ لَهَا[57].

بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَةِ مِنَ الْآيَاتِ:
فَضْلُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَيَالٍ عَشْر ﴾: بَيَانُ فَضْلِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
الأوَّل: أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَقْسَمَ بِها فَقَالَ: ﴿ وَلَيَالٍ عَشْر ﴾، وَلَا يُقْسِمُ تَعَالَى إِلَّا بِعَظيمٍ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ اللهَ لَا يُقْسِمُ إِلَّا بِأَعْظَمِ الْمَخْلوقَاتِ، كَالسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَا يُقْسِمُ إِلَّا بِأَعْظَمِ الْأَزْمانِ كَالْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، وَلَا يُقْسِمُ إِلَّا بأَعْظَمِ الْأَمْكِنَةِ، كَالْقَسَمِ بِمَكَّةَ، وَلَهُ أَنْ يُقْسِمَ مِنَ خَلْقِهِ بِما يَشَاءُ، وَلا يَجوزُ لِخَلْقِهِ أَنْ يُقْسِمُوا إِلَّا بِهِ، فَالْقَسَمُ بِهَا يَدُلُّ عَلَىْ عَظَمَتِهَا، وَرِفْعَةِ مَكَانَتِهَا، وَتَعْظيمِ اللهِ لَهَا.


الثاني: أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَرَنَهَا بِأَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ، وَالْقَرِيْنُ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِيْ، فَقَدْ قَرَنَهَا بِالْفَجْرِ وَبِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَبِاللَّيْلِ.


وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ هَذِهِ الْأَيَّامِ:مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ، قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ»[58]، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ -يَعْنِي: أَيَّامَ الْعَشْرِ-، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»[59]، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَىْ عِنْدَ اللَّهِعزوجل وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى...»[60].


فَكُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ تَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي عَشْرِ الْحِجَّةِ الَّتِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا[61].


تَوْجِيهُ كَثْرَةِ الْإِقْسَامِ بِاللَّيْلِ:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر [سورة الفجر:4]: أَقْسَمَ اللهُ بِاللَّيْلِ كَثِيرًا؛ لِعِدَّةِ أُمُورٍ، مِنْهَا:
الأول: أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ إِلَّا اللهُعزوجل، كَمَا قَالَ اللهُ تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلاَ تَسْمَعُون [سورة القصص:71].


الثاني: أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ؛ مِثْلُ: إِمْسَاكِ الصَّائِمِ، وَدُخُولِ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَهُمَا حُكْمَانِ شَرْعِيَّانِ عَظِيمَانِ، وَدُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَهَمُّ، أَيْ: أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ نُرَاعِيَ الْفَجْرَ مِنْ أَجْلِ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِمَّا نُرَاعِيهِ مِنْ أَجْلِ الْإِمْسَاكِ فِي حَالَةِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّنَا في الْإِمْسَاكِ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ فِي الصِّيَامِ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّنَا أَخْطَأْنَا فَإِنَّنَا بَنَيْنَا عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ بَقَاءُ اللَّيْلِ، لَكِنْ فِي الصَّلاةِ لَوْ أَخْطَأْنَا وَصَلَّيْنَا قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ نَكُنْ بَنَيْنَا عَلَى أَصْلٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ وَعَدَمُ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؛ وَلِهَذَا لَوْ أَنَّ الْإِنْسَانَ صَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِدَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ فَصَلَاتُهُ نَفْلٌ، وَلَا تَبْرَأُ بِهَا ذِمَّتُهُ.


الثالث: لِمَا في اللَّيْلِ مِنَ الْآيَاتِ الْعَظِيمَةِ وَالْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ، إِذْ هُوَ أَفْضَلُ وَقْتٍ لِصَلاةِ النَّافِلَةِ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلى الْإِخْلَاصِ؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ خُلْوَةٍ وَانْفِرَادٍ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلى مُرَاقَبَةِ الرَّبِّ تَعَالَى، إِذْ لَا يَرَاهُ وَلَا يَسْمَعُهُ وَلَا يَعْلَمُ بِحَالِهِ إِلَّا اللهُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَىْ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَإِلَىْ إِعْطَاءِ السُّؤَالِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، إِذْ يَقُولُ الرَّبُّ في آخِرِهِ: «هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَىْ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟»[62].


اتِّعَاظُ أَصْحَابِ الْعُقُولِ بِالْآيَاتِ وَالدَّلَائِلِ الرَّبَّانِيَّةِ:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْر [سورة الفجر:5]: دِلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَىْ أَنَّ أَصْحَابَ الْعُقُوْلِ النَّيِّرَةِ وَالْفِطَرِ السَّلِيْمَةِ يَقْتَنِعُوْنَ وَيَكْتَفُوْنَ بِمَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا يَعْدِلُونَ عَنْهُمَا، وَأَنَّ صَاحِبَ الْعَقْلِ السَّلِيمِ يَفْهَمُ كَلَامَ اللهِ وَيَعْلَمُ مُرَادَهُ.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-01-2025, 01:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير سورة الفجر

الْتَّنْبِيْهُ إِلَىْ الْاِعْتِبارِ بِسُوءِ عَاقِبَةِ الْمُفْسِدِينَ:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَاد * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَد * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَاد * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَاد * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلاَد * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَاد * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَاب * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد [سورة الفجر:6-14]: عِبَرٌ وَعِظَاتٌ، مِنْهَا:
أَنَّ اللهَ تَعَالَى خَوَّفَ مُشْرِكِي مَكَّةَ بِذِكْرِ ثَلَاثِ أُمَمٍ كَذَّبَتْ وَطَغَتْ وَأَكْثَرَتْ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ، فَأَهْلَكَهُمُ اللهُ تَعَالَى، وَهُمْ عَادٌ وَثَمُودُ وَفِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ، وَقَدْ كَانُوا أَشَدَّ قُوَّةً مِنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ:
فِي ذِكْرِ قَصَصِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ تَخْوِيفٌ لِلْكُفَّارِ مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَتَذْكِيرٌ لَهُمْ بِالْعَوْدَةِ إِلَى الْحَقِّ.

أَنَّ الْخَلْقَ مَهْمَا أُوتُوا مِنْ قُوَّةٍ وَمَنَعَةٍ فَإِنَّهُمْ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ عَذَابِ اللهِ تَعَالَى.
أَنَّ اللهَ تَعَالَى تَوَعَّدَ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ وَارْتَكَبَ نَهْيَهُ بِأَنَّهُ تَعَالَى يَرْقُبُهُ وَيُمْهِلُهُ وَيُحْصِي أَعْمَالَهُ، وَلَا يَفُوتُهُ مِنْهَا شَيْءٌ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ أَخْذًا أَلِيمًا.
أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَ الْعِبْرَةَ وَالْعِظَةَ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ، وَيَبْتَعِدَ عَنِ الصَّفَاتِ الَّتِي اتَّصَفَ بِهَا هَؤُلَاءِ الْقُوْمُ؛ كَالتَّكْذِيبِ وَالطُّغْيَانِ وَالْفَسَادِ؛ حَتَّى لَا يَحِلَّ بِهِ مَا حَلَّ بِهِمْ.
إِبْهَامُ الْعَذَابِ الْوَاقِعِ بِالْأُمَمِ السَّابِقَةِ:
في قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَاب ﴾: لَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ الْعَذابِ، وَذَكَرَ في سُورَةِ الْقَمَرِ وَغَيْرِهَا بَيَانَ مَا أُبْهِمَ في هَذِهِ السُّورَةِ؛ فَقَالَ تَعَالَىْ فِيْ عَادٍ: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِر * تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِر [سورة القمر:19-20]،وَقَالَ في ثَمُودَ: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر [سورة القمر:31]، وَقَالَ تَعَالَى في فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ: ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِين [سورة القصص:40].


بَيَانُ حَقِيقَةِ الدُّنْيَا وَأَنَّهَا دَارُ ابْتِلاءٍ:
في قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَن [سورة الفجر:15]:أَنَّ الدُّنْيَا لِلِامْتِحَانِ وَالِابْتِلَاءِ، وَلَيْسَتْ لِلتَّكْرِيمِ كَمَا يَتَصَوَّرُ بَعْضُ النَّاسِ، فَسَعَةُ الْمَالِ أَوْ تَضْيِيقُهُ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ ابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ لِلْإِنْسَانِ، وَسَعَةُ الرِّزْقِ وَتَضْيِيقُهُ صَادِرٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى؛ لِحِكَمٍ إِلَهِيَّةٍ يَعْلَمُهَا سُبْحَانَهُ، فَرُبَّمَا وُسِّعَ عَلَى الْكَافِرِ إِمْلَاءً وَاسْتِدْرَاجًا لَهُ، وَضُيِّقَ عَلَى الْمُؤْمِنِ زِيَادَةً لِأَجْرِهِ[63].

التَّكْرِيمَ الْحَقِيقِيَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَفِّقَهُ اللهُ تَعَالَى لِتَقْوَاهُ وَطَاعَتِهِ:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَن ﴾:أَنَّ التَّكْرِيمَ الْحَقِيقِيَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَفِّقَهُ اللهُ تَعَالَى لِتَقْوَاهُ وَطَاعَتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [سورة الحجرات:13]؛ وَلِهَذَا يُعْطِي اللهُ تَعَالَى الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَأَمَّا الدِّينُ وَالْإِيمَانُ فَلَا يُعْطِيهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، كَمَا في حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: «إِنَّ اللهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ»[64]، وَفيْ رِوَايَةٍ: «إِنَّ اللهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ، كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللهَعزوجل يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَّا لِمَنْ أَحَبَّ، فَمَنْ أَعْطَاهُ اللهُ الدِّينَ، فَقَدْ أَحَبَّهُ...»[65]؛ فاللهَ تَعَالَى إِذَا أَنْعَمَ عَلَى الْإِنْسَانِ وَوَسَّعَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى رِضَا اللهِ عَنْهُ، فَالْأُمَمُ السَّابِقَةُ كَعَادٍ وَثَمُودَ وَغَيْرِهِمْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ بِالْقُوَّةِ وَالْمَنَعَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ أَهْلَكَهُمُ اللهُ وَعَذَّبَهُمْ.


تَنَكُّر الإِنْسَانِ لِنِعْمَةِ المال بِعَدَمِ أَدَاءِ مَا يَجِبُ فِيْهَا؛ مِنْ إِكْرَامِ الْيَتِيْم وَإِطْعَام الْمِسْكِيْن:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيم * وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين [سورة الفجر:17-18]: أَنَّهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ يُكْرِمُ الْإِنْسَانَ بِالْمَالِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ، فَلَا يُكْرِمُ الْيَتِيمَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَكَفَالَتِهِ وَإِعَانَتِهِ، وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ لَا عَيْنًا وَلَا قَوْلًا، مَعَ أَنَّ الْإِسْلَامِ قَدِ اعْتَنَىْ بِالْيَتَامَى وَالْفُقَرَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ، وَحَثَّ عَلَى إِعْطَائِهِمْ.


التَّرْهِيْبُ الْشَّدِيْدُ مِنْ عَدَمِ إِكْرَامِ الْيَتِيمِ وَإِطْعَامِ الْمِسْكِينِ:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيم * وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين [سورة الفجر:17-18]: التَّرْهِيبُ الشَّدِيدُ مِنْ عَدَمِ إِكْرَامِ الْيَتِيمِ، وَهَذَا الْوَعِيدُ في عَدَمِ إِكْرَامِهِ؛ فَكَيْفَ بِمَنْ يَأْخُذُ مَالَهُ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ-؟، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [سورة النساء:10]. وَفيْ الآيَتَيْنِ أَيْضًا: التَّرْهِيبُ الشَّدِيدُ مِنْ عَدَمِ الْحَضِّ عَلَى إِطْعَامِ الْفُقَرَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين [سورة الماعون:1-3]، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى في صِفَاتِ مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ: ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوه * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوه * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوه * إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيم * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين [سورة الحاقة:30-34].

التَّحْذِيرُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْمِيرَاثِ:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا [الفجر: ١٩-٢٠]: أَنَّ الْكَافِرَ يَجْمَعُ الْمَالَ مِنْ هُنَا وَهُنَاكَ، فَيَأْتِي إِلَى مِيرَاثِ الضُّعَفَاءِ وَالْيَتَامَى الَّذِينَ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ، فَيَحْوِي هَذَا الْمِيرَاثَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيَجْمَعُهُ وَيَلُمُّهُ لَمًّا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، فَلَا يَلْتَفِتُ إِلى حَرَامٍ أَوْ إِلَى حَلَالٍ[66]، وَيَضَعُ أَمْوَالَهُ في الْبُنُوكِ الرِّبَوِيَّةِ ثُمَّ يَقُولُ: رَبِّي أَكْرَمَنِي.

إِثْبَاتُ صِفَةِ الْمَجِيءِ للهِ تَعَالَى:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [سورة الفجر:22]: إِثْبَاتُ صِفَةِ الْمَجِيءِ للهِ تَعَالَى عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِهِ سُبْحانَهُ؛ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَأَخْطَأَ مَنْ فَسَّرَ الْمَجِيءَ هُنَا بِمَجِيءِ أَمْرِهِ[67]؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا أَضَافَهُ اللهُ جل وعلا لِنَفْسِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ أَنَّهُ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَلَا يُضَافُ لِغَيْرِهِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لِغَيْرِهِ.

حَقِيقَةُ الدُّنْيَا وَالنَّدَمُ عَلَى التَّفْرِيطِ فِيهَا:
في قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي [سورة الفجر:24]: الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْحَيَاةَ الْحَقِيقِيَّةَ الدَّائِمَةَ الَّتِي لَا مَوْتَ فِيهَا هِيَ حَيَاةُ الْآخِرَةِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون [سورة العنكبوت:64]، فَيَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يُؤْثِرَ الْحَيَاةَ الْبَاقِيَةَ عَلَى الْحَيَاةِ الْفَانِيَةِ؛ حَتَّىْ لا يَنْدَم كَمَا يَنْدَمُ الْكَافِرُ وَالْعَاصِي عَلَى مَا فَرَّطَ فِي حَيَاتِهِ وَأَضَاعَ مِنْ فُرَصٍ لِطَاعَةِ اللهِ.

التَّهْدِيْدُ والْوعِيْدُ الشَّدِيْدُ لِلْكُفَّارِ وَالْعُصَاة:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَد * وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَد [سورة الفجر:25-26]: أَشَدَّ الْوَعِيدِ وَالتَّهْديدِ لِلْكَفَرَةِ وَالْعُصَاةِ، وأَنَّ الْكَافِرَ يَنْتَظِرُهُ مِنَ الْعَذَابِ الشّدِيدِ مَا لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَصَوَّرَهُ أَحَدٌ مِنَالْبَشَرِ.


النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ وَمَا يُعِينُ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى مَرْتَبَتِهَا:
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة [سورة الفجر:27-28]: أَنَّ النَّفْسَ الرَّاضِيَةَ عَنْ رَبِّهَا في الدُّنْيَا مَرْضِيَّةٌ عَنْدَ رَبِّهَا في الْآخِرَةِ. وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُعِينُ الْمُؤْمِنَ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ الْعَظِيمَةِ: كَثْرَةُ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ؛ فَالصَّلَاةُ تُعِينُ عَلَى مَنْعِ النَّفْسِ مِنَ الْفَوَاحِشِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون [سورة العنكبوت:45].

وَأَمَّا الذِّكْرُ: فَهُوَ الْعَاصِمُ لَهَا مِنْ تَسَلُّطِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهَا، كَمَا في حَدِيثِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ نَبِيَّ اللهِصلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللهِعزوجل كَثِيرًا، وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، فَأَتَىْ حِصْنًا حَصِيْنًا فَتَحَصَّنَ فِيهِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ أَحْصَنُ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذَا كَانَ فِي ذِكْرِ اللهِعزوجل »[68].

وَبِقَدْرِ مَا يُجَاهِدُ الْعَبْدُ نَفْسَهُ في التَّمَسُّكِ بِالطَّاعَاتِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْمَنْهِيَّاتِ؛ يَزْدَادُ إِيمَانُهُ؛ حَتَّى تَكُونَ نَفْسُهُ مُطْمَئِنَّةً خَاضِعَةً للهِ، رَاضَيَةً بِحُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ وَالْقَدَرِيِّ.
=====================================
[1] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 476)، التحرير والتنوير (30/ 311).
[2] ينظر: مصاعد النظر بالإشراف على مقاصد السور (3/ 190)، التحرير والتنوير (30/ 311-312).
[3] ينظر: تفسير الطبري (24/ 344)، أحكام القرآن لابن عربي (4/ 385).
[4] ينظر: تفسير البغوي (8/ 412).
[5] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 390-391).
[6] أخرجه أحمد (14511)، والنسائي في الكبرى (11608)، والحاكم في المستدرك (7517) وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".
[7] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 309)، تفسير النسفي (3/ 637).
[8] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 391).
[9] أخرجه البخاري (6410)، ومسلم (2677).
[10] ينظر: تفسير البغوي (8/ 416)، بصائر ذوي التمييز (3/ 328).
[11] ينظر: معاني القرآن للزجاج (3/ 225).
[12] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 309)، تفسير أبي السعود (9/ 153).
[13] ينظر: تفسير الطبري (24/ 358)، تفسير البغوي (8/ 417).
[14] ينظر: تفسير البغوي (8/ 417)، تفسير ابن كثير (8/ 394).
[15] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 309)، تفسير النسفي (3/ 638)، التفسير الوسيط لطنطاوي (15/ 385).
[16] ينظر: تفسير الجلالين (ص806)، تفسير القاسمي (9/ 466).
[17] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 309), تفسير النسفي (9/ 154).
[18] مُنِعَ صَرْفُهُ لِلْعَلَمِيَّةِ والتَّأْنِيثِ. ينظر: تفسير القرطبي (20/ 44)، تفسير البيضاوي (5/ 309).
[19] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 45).
[20] ينظر: زاد المسير (4/ 440).
[21] ينظر: تفسير الطبري (24/ 366)، تفسير الرازي (31/ 151).
[22] ينظر: الوجيز للواحدي (ص1200)، تفسير ابن كثير (8/ 395).
[23] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 47).
[24] ينظر: تفسير الطبري (24/ 368)، تفسير ابن كثير (8/ 396).
[25] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 48)، تفسير البيضاوي (5/ 310).
[26] ينظر: تفسير الطبري (24/ 370، 372)، تفسير القرطبي (20/ 48).
[27] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 49).
[28] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 310)، تفسير ابن كثير (8/ 397).
[29] ينظر: تفسير القرطبي (8/ 420)، فتح القدير (5/ 531).
[30] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 50)، تفسير السعدي (ص923).
[31] ينظر: التفسير الوسيط للواحدي (4/ 483)، تفسير البيضاوي (5/ 310).
[32] ينظر: الوجيز للواحدي (ص1200)، تفسير البغوي (8/ 421).
[33] ينظر: تفسير الرازي (31/ 157).
[34] ينظر: التفسير الميسر (ص593).
[35] ، أَيْ: اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَعَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَينظر: تفسير البغوي (8/ 421).
[36] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 399).
[37] ينظر: تفسير الطبري (24/ 379-381)، تفسير البغوي (8/ 422).
[38] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 398).
[39] ينظر: تفسير الطبري (24/ 383).
[40] ينظر: تفسير الجلالين (ص807).
[41] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 480)، تفسير ابن كثير (8/ 399).
[42] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 54).
[43] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 311)، تفسير الألوسي (15/ 342).
[44] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 399)، تفسير القاسمي (9/ 471-472).
[45] أخرجه مسلم (2842).
[46] ينظر: تفسير الطبري (24/ 389)، تفسير البغوي (8/ 422).
[47] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 311).
[48] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 400)، تفسير الجلالين (ص807).
[49] ينظر: تفسير السعدي (ص924).
[50] ينظر: تفسير الطبري (24/ 390)، تفسير النسفي (3/ 642)، تفسير السعدي (ص924)، التحرير والتنوير (30/ 339).
[51] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 400).
[52] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 56).
[53] ينظر: تفسير الطبري (24/ 398).
[54] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 400).
[55] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 311)، تفسير النسفي (3/ 642).
[56] ينظر: تفسير الطبري (24/ 397)، تفسير البغوي (8/ 424).
[57] ينظر: تفسير العثيمين – جزء عم (ص208).
[58] أخرجه البخاري (969).
[59] أخرجه أبو داود (2438).
[60] أخرجه الدارمي (1815).
[61] ينظر: لطائف المعارف (ص266-267).
[62] أخرجه البخاري (1145)، ومسلم (758) واللفظ له، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[63] ينظر: تفسير البغوي (8/ 421)، التفسير القيم (ص75).
[64] أخرجه الحاكم في المستدرك (94) وقال: "صحيح الإسناد".
[65] أخرجه أحمد (3672). وقال الدارقطني في "العلل" (5/ 269): "الصحيح موقوف".
[66] ينظر: تفسير السمعاني (6/ 222)، تفسير البغوي (8/ 422).
[67] ينظر: تفسير البغوي (8/ 422)، تفسير القرطبي (20/ 55)، تفسير الجلالين (ص807)، فتح القدير (5/ 535).
[68] أخرجه أحمد (17170) واللفظ له، والترمذي (2863) وقال: "حديث حسن صحيح غريب". وصححه ابن خزيمة (1895).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 99.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 97.20 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]