فقه التعامل بين الزوجين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5033 - عددالزوار : 2183159 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4614 - عددالزوار : 1463930 )           »          شرح صحيح مسلم الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 599 - عددالزوار : 70643 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 16867 )           »          بين الوحي والعلم التجريبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          غزة في ذاكرة التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 9142 )           »          حين تتحول الحماسة إلى عبء بين الجاهل والعالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          نعمة الأمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 32377 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 2930 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-11-2020, 03:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,183
الدولة : Egypt
افتراضي فقه التعامل بين الزوجين

فقه التعامل بين الزوجين(1)


د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان




مقدمة:
الحمدُ لله الذي شرع لنا سُنن الهدى، وفَضَّلَنا بهذا الدِّين على سائِر الورى، وحقق لنا به مصالح الآخرة والأولى.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له ما في السموات وما في الأرض، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزي الذي أحسنوا بالحسنى.

وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، نبي الرحمة والهدى، والرسول المجتبى، والقدوة المُثْلى، أكمل الناس خلقًا، وأتقاهم لربِّه سرًّا وجهرًا، وأرعاهم لحُقُوق العباد ظاهرًا وباطنًا - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه مناراتِ الهُدى، ومصابيح الدُّجى، ومَن سار على نَهْجِهم واقتفى.


أمَّا بعدُ: فقد أَخْبَرَنَا اللهُ تعالى في محكم كتابه أنه لم يخلقنا عبثًا، ولم يتركنا سُدى، بل خَلَقَنَا لغايةٍ عظيمةٍ، وحكمةٍ جليلةٍ، ألا وهي طاعته وإخلاص العبودية له وحده: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[1]، {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ}[2].

ولكن هذه العبوديَّة لا تَتَحَقَّق وتظهر إلاَّ بالابتلاء بأنواع الخير والشر؛ ولهذا قال ربُّنا - عز وجل -: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}[3]، فدلتِ الآيةُ الكريمةُ على أن الإنسان إنَّما خُلق للابتلاء والامتحان، والابتلاء ليس مقصودًا لذاته، وإنَّما لما يترتَّب عليه من حصول العبودية أو عدمها، وقوتها أو ضعفها، وليتبين الصبور الشكور من الجزوع الكفور، والمؤمن الصادق من الدَّعيِّ المنافق، والمؤمن القوي منَ المؤمن الضعيف، ومن يراقب الله - تعالى - ويخافه ويرجوه، ممن لا يرجو ثوابه، ولا يخاف عقابه، ولا يوقِّر جنابه؛ ولهذا قال سبحانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[4].

فبَيَّنَ - عز وجل - أنه يبتلي عباده بالخير والشر، وما يحبون وما يكرهون امتحانًا واختبارًا لهم، وتمحيصًا لإيمانهم، وكشْفًا لِمَعَادِنهم، فالفتنة هي كير القلوب، ومسبار الاختبار، ومحكّ الإيمان، وبها يَتَبَيَّن الصادقُ من الكاذب، والبر منَ الفاجر، والمؤمن من الكافر، والطيب من الخبيث، وبها ينقسم المؤمنون إلى طبقات كثيرة، ومراتب مختلفة بحسب إيمانهم وجهادهم، وشكرهم وصبرهم؛ {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}[5]، {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}[6].

وإنَّ من أعظم صور الابتلاء، وأكثرها تَكَرُّرًا وملابسة للإنسان، ابتلاء الخلق بعضهم ببعض، كما قال ربنا - عز وجل -: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}[7]، {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ}[8]، {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[9]، {وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}[10].


فبَيَّنَ ربنا - تبارك وتعالى - أنه امتَحَنَ العبادَ بعضهم ببعض، وجعل بعضهم لبعض فتنة، فامتحن الوالد بولده، والولد بوالده، والزَّوج بزوجته، والزَّوجة بزوجها، والقريب بقريبه، والجار بجاره، والصَّاحب بصاحبه، والرَّاعي برعيَّته، والرعية براعيها، والعلماء بالجهال، والجهال بالعلماء، والمرسلين بالمرسل إليهم، والمرسل إليهم بالمرسلين، والمسلمين بالكافرين، والكافرين بالمسلمين، والصَّالحين بالفاسقين، والفاسقين بالصَّالحين، والآمرين بالمعروف بمَن يأمرونَهم، والمأمورين بهم، وامتحن الغني بالفقير، والفقير بالغني، والصغير بالكبير، والكبير بالصغير، والقوي بالضعيف، والضعيف بالقوي، والمعافى بالمبتلى، والمبتلى بالمعافى، والمرأة بالرجل، والرجل بالمرأة.

وهكذا فكل صنف منَ البَشَر مبتلى بمن يقابله، وممتحن بمن يعامله ويلابسه، هل يقوم بحقوقه، ويؤدي واجباته، ويحسن معاملته، وينصح له، ويكف الأذى عنه، ويتَّقي الله - تعالى - فيه؟ أو أنه يظلمه ويهضمه، أو يحسده ويبغضه، أو يحقره ويتجاهله، أو يخذله ويسلمه، أو يشق عليه ويحزنه، أو ينتهك حرماته، أو يقصر في القيام بحقوقه وواجباته؟

ومن أعْظَم صور امتِحان الخلق بعضهم ببعض: امتحان كلٍّ من الزَّوجين بالآخَر؛ لأن العلاقة بينهما من أقوى العلاقات، والصلة بينهما تُراد للدَّوام حتى الممات، حق كلٍّ منهما على الآخر كبيرٌ وكثيرٌ.

ولما كثرت الخلافات الزوجيَّة، والمشكلات الأسرية، وارتفعتْ نسب الطلاق والشِّقاق؛ بسبب ضعْف الإيمان، ورقَّة الدين، وقلَّة الفِقْه والبصيرة، واتِّباع الهوى، والانشِغال بالدنيا، كان الحديث عن فقه التَّعامل بين الزوجين، والتذكير بحق كل منهما على الآخر من الأمور الملحَّة، التي تمس الحاجة إلى معرفتها وبيانها، والتأكيد على أهميتها، وعظم شأنها، والترغيب في القيام بها، والتَّرْهيب من إهْمالِها، والتَّنكُّر لها.

ولهذا، فلم أقتَصِر على مجرَّد بيان هذه الحقوق وشرْحِها، بل سلكتُ طريقةَ القُرآن والسنَّة في مخاطَبة العقول والقلوب، والاهتِمام بالتَّرغيب والتَّرهيب، وبيان الثَّمرات المفيدة، والعواقب الحميدة، لمن قام بِها على الوجْه المأْمور به شرعًا، وبيان العواقب السيِّئة في الدُّنيا والآخرة لِمن أهْملها أو قَصَّر فيها.

كما قدمتُ لذلك بتمهيد، أرى أنَّه غاية في الأهمية، بَيَّنتُ فيه عظم شأن حسن الخلق، وأهمية معاملة الناس بالمعروف، والبر بهم قولاً وفعلاً، ومخالقتهم بخلق حسن، وأن ذلك من أجلِّ العبادات، وأفضل الأعمال وأحبها إلى الله، وأزكاها عنده، وأحظاها لديه، وأن أحق الناس بذلك، وأحوجهم إلى المخالقة الحسنة: هم أهل الإنسان وقرابته، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم))[11].

فبَيَّنَ فضل حسن الخلق مطلقًا، وأن أكمل الناس إيمانًا أحسنهم خلقًا، ثم بَيَّن أن أعلى الناس رتبة في الخير، وأحقهم بالاتصاف به هو من كان خيرَ النَّاس لأهله، فإن الأهل هم الأحقَّاء بالبِشْر، وطيب المعاملة، ودماثة الخلق، وحسن المعاشرة، وجلْب النَّفع ودفع الضُّر، فإذا كان الرَّجُل كذلك فهو خير النَّاس، وإن كان على العكْس من ذلك، فهو في الجانب الآخَر من الشَّرِّ.


وكثيرًا ما يقع الناس في هذه الورْطة، فترى الرَّجُل إذا لقي أهله كان من أسوأ الناس أخلاقًا، وأضيقهم عطنًا، وأكثرهم منًّا، وأشحِّهم نفسًا، وأقلهم خيرًا، وإذا لقي غير الأهل من الأجانب لانت عريكته، وانبسطت أخلاقه، وحسنت معاملته، وجادت نفسه، وكثُر خيره.

ومن كان كذلك كان محرومًا من التوفيق، وزائغًا عن سواء الطريق، وهو دليل على جهله وقلَّة فقهه.

والنَّاظر في أحوال كثيرٍ من المسلمين اليوم يَجد تناقُضًا ظاهرًا بين ما أوصاهم به ربهم من رعاية حقوقه، وحقوق عباده، وبين ما هم عليه من تفريط في جنب الله، وعدم رعاية لحقوق عباد الله.

بل كثيرٌ من الناس يظنُّون أن التقوى هي القيام بحقوق الله - تعالى - دون حقوق عباده، وأنَّ الدين يقتصر على معاملة الخالق دون المخلوق، فيهملون حقوق العباد بالكليَّة، أو يقصرون فيها، ويستهينون بظُلم الناس وبخسهم حقوقَهم.

ومَن تَأَمَّلَ النصوص الواردة في الحثِّ على حسن الخلق، فإنه لا ينقضي عجبه من عظم شأنه، وعلو مكانته، ويدهش لكثرة ما رتِّب عليه من الأجْر والثَّواب، وما لصاحبِه من المدْح والثَّناء، ورِفْعة المنزلة، وحسن العاقبة في الدُّنيا والآخرة.

كما أنَّه يعجب من غفلةِ كثيرٍ من النَّاس عن هذا الخير، وتفريطهم فيه، وحِرْمانهم إيَّاه، مع أنَّه لا يكلِّفهم شيئًا يذكر، وبه يحصِّلون خيرَي الدُّنيا والآخرة.

ويا ليتَ هؤلاء إذْ قصَّروا في القيام بحقوق العباد، ومخالقتهم بخلق حسن، كفُّوا أذاهم عنهم، وطهَّروا أيديَهم وألسنَتَهم من الاستطالة عليهم، وبَخْسهم أشياءهم، ولكنَّهم - لسوءِ حظِّهم وقلَّة توفيقهم - لا يتورَّعون عن ظُلْمِهم، والتعدِّي على مصالحهم، ومطْلهم حقوقهم، فجمعوا بين سيِّئَتين، واحتملوا جرْمَين عظيمين، ووقعوا في ظُلم العباد من جهتين: جهة إيذائهم والعدوان عليهم، وجهة التقصير في حقوقهم وما يجب لهم، ويغفلون عما يستوجبه ذلك من الإثم والشُّؤم، والعقوبات العاجلة والآجلة، وما ورد فيه من الوعيد الشديد الذي تقشعرُّ له الجلود المؤمنة، وترجُف له القلوب الحيَّة خشيةً ورهبةً.

وقد انتظم البحث في مقدِّمة، وخاتمة، وتمهيد، بعنوان: "الدين حسن المعاملة"، وأربعة مباحث على النَّحو التالي:
المبحث الأول: الحقوق المشتركة بين الزَّوجين.
المبحث الثاني: الحقوق الخاصَّة بالزَّوجة.
المبحث الثالث: الحقوق الخاصَّة بالزَّوج.
المبحث الرابع: نصائح أبويَّة غالية.


للموضوع تتمة

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 100.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 98.61 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.71%)]