|
|||||||
| ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وحمايته من شر الأعداء د. أحمد خضر حسنين الحسن لقد تبيَّن مما سبق كيف كانت عناية الله تعالى بخليله إبراهيم عليه السلام، والموازنة تقتضي أن أبيِّن كيف كانت عناية الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعصمته من شر أعدائه، فقد زاده جل وعلا أن جعل أتباعه أيضًا ممنوعين من شر الأعداء؛ لقد ورد ذلك في آيات: منها: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 64]، ومنها: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 129]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]، وقوله تعالى: ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137]، وغيرها. وسنقف مع آيتين منها: الأولى: قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾: قبل ذكر أقوال المفسرين أقول: واضح من الآية الكريمة أن الله تعالى كفى نبيه صلى الله عليه وسلم شرَّ أعدائه، وأدخل في هذه الكفاية أتباعه المؤمنين به، ولم يرد هذا في حق الخليل عليه السلام. قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان: ذكر فيها قولين، ثم رجَّح الثاني. الأول: قال بعض العلماء: إن قوله: ﴿ وَمَنِ اتَّبَعَكَ ﴾ في محل رفع بالعطف على اسم الجلالة، أي حسبك الله، وحسبك أيضًا من اتبعك من المؤمنين، وممن قال بهذا الحسن، واختاره النحاس وغيره، كما نقله القرطبي. القول الثاني: وقال بعض العلماء: هو في محل خفض بالعطف على الضمير الذي هو الكاف في قوله: ﴿ حَسْبَكَ ﴾ وعليه، فالمعنى حسبك الله؛ أي كافيك وكافي مَن اتَّبعك من المؤمنين، وبهذا قال الشعبي، وابن زيد وغيرهما، وصدر به صاحب الكشاف، واقتصر عليه ابن كثير وغيره. الترجيح: والآيات القرآنية تدل على تعيين الوجه الأخير، وأن المعنى كافيك الله، وكافي من اتبعك من المؤمنين لدلالة الاستقراء في القرآن على أن الحسب والكفاية لله وحده؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ﴾ [التوبة: 59]، فجعل الإيتاء لله ورسوله؛ كما قال: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ﴾ [الحشر: 7]. وجعل الحسب له وحدَه، فلم يقل: وقالوا: حسبنا الله ورسوله، بل جعل الحسب مختصًّا به... وقال: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ [الزمر: 36]؟ فخص الكفاية التي هي الحسب به وحده، وتمدح تعالى بذلك في قوله: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 62]، ففرَّق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده. وهذا القول رجَّحه السعدي أيضًا رحمه الله تعالى؛ حيث في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ ﴾؛ أي: كافيك، ﴿ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾؛ أي: وكافي أتباعك من المؤمنين، وهذا وعد من الله، لعباده المؤمنين المتبعين لرسوله بالكفاية والنصرة على الأعداء، فإذا أتوا بالسبب الذي هو الإيمان والاتباع، فلا بد أن يكفيهم ما أهَمَّهم من أمور الدين والدنيا، وإنما تتخلف الكفاية بتخلف شرطها. الآية الثانية: قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة:67]. قبل ذكر كلام أهل العلم أقول: في الآية عصمة لشخص النبي صلى الله عليه وسلم من القتل وعصمة لشرعه من التحريف والضياع، وهذه زيادة على عصمة إبراهيم الخليل عليه السلام. قال القرطبي رحمه الله تعالى: والله يَعصِمك من الناس فيه دليلٌ على نبوته؛ لأن الله عز وجل أخبر أنه معصوم، ومن ضمن سبحانه له العصمة، فلا يجوز أن يكون قد ترك شيئًا مما أمره الله به. وسببُ نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نازلًا تحت شجرة، فجاء أعرابي فاخترط سيفه، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: مَن يمنعك مني؟ فقال: الله، فذعرت يدُ الأعرابي وسقط السيف من يده، وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه، ذكره المهدوي، وذكره القاضي عياض في كتاب الشفاء قال: وقد رويت هذه القصة في الصحيح، وأن غَوْرَث بن الحارث صاحب القصة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه، فرجع إلى قومه وقال: جئتكم من عند خير الناس). وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال: "غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد، فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، فعلق سيفه بغُصن من أغصانها، قال: وتفرَّق الناس في الوادي يستظلون بالشجر، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن رجلًا أتاني وأنا نائم فأخذ السيف، فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صَلْتًا في يده، فقال لي: من يمنعك مني - قال - قلت: الله ثم قال في الثانية: من يمنعك مني - قال - قلت: ( الله )، قال فشام السيف، فها هو ذا جالس، ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ باختصار. قال أهل العلم: لقد أحاط الله تعالى نبيه محمدًا عليه الصلاة والسلام بحفظه ورعايته، وعصَمه من مكر المشركين أفرادًا وجماعات، رجالًا ونساءً، قبل الهجرة وبعدها، ورد كيدَهم عليهم، فانقلبوا خاسرين خائبين. وما يذكر في هذا المقام: أن أبا جهل كان أكثر الناس عداوةً للنبي عليه الصلاة والسلام، وحاول قتله غير مرة، فحال الله تعالى بينه وبين نيته الخبيثة، وذات مرة قال أبو جَهْلٍ: (هل يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بين أَظْهُرِكُمْ؟ فَقِيلَ: نعم، فقال: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذلك لَأَطَأَنَّ على رَقَبَتِهِ أو لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ في التُّرَابِ قال فَأَتَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يُصَلِّي زَعَمَ لِيَطَأَ على رَقَبَتِهِ، قال: فما فَجِئَهُمْ منه إلا وهو يَنْكُصُ على عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فَقِيلَ له: مالك؟ فقال: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا من نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا)؛ رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وروى عبد الله بنُ عَمْرِوٍ رضي الله عنهما: أن قريشا اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ يَوْمًا في الْحِجْرِ، فَذَكَرُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: ما رَأَيْنَا مِثْلَ ما صَبَرْنَا عليه من هذا الرَّجُلِ قَطُّ: سَفَّهَ أَحْلاَمَنَا وَشَتَمَ آبَاءَنَا وَعَابَ دِينَنَا، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَسَبَّ آلِهَتَنَا، لقد صَبَرْنَا منه على أَمْرٍ عَظِيمٍ، أو كما قالوا قال: فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إذا طَلَعَ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ يمشي حتى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ، فلما أَنْ مَرَّ بِهِمْ غَمَزُوهُ بِبَعْضِ ما يقول، قال: فَعَرَفْتُ ذلك في وَجْهِهِ ثُمَّ مَضَى، فلما مَرَّ بِهِمْ الثَّانِيَةَ غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا، فَعَرَفْتُ ذلك في وَجْهِهِ ثُمَّ مَضَى، ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ الثَّالِثَةَ فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فقال: تَسْمَعُونَ يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده لقد جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ، فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ حتى ما منهم رجلٌ إلا كَأَنَّمَا على رَأْسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ، حتى إن أَشَدَّهُمْ فيه وصاةً قَبْلَ ذلك ليَرفَؤُه بِأَحْسَنِ ما يَجِدُ مِنَ الْقَوْلِ، حتى إنه لَيَقُولُ: انْصَرِفْ يا أَبَا الْقَاسِمِ، انْصَرِفْ رَاشِدًا؛ فَوَالله ما كُنْتَ جَهُولًا)؛ رواه أحمد وصحَّحه ابن حبان. وفي السيرة النبوية والأحاديث الصحيحة نجد حماية الله تعالى له صلى الله عليه وسلم: من محاولة الأعداء قتله قبل الهجرة، وحماه تعالى عند الهجرة، وحماه تعالى بعد الهجرة، وحماه تعالى من محاولة اليهود قتلَه، وحماه من محاولة المنافقين قتله، وحماه تعالى محاولة الشياطين قتله.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |