|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
تأملات في بعض الآيات (1) "بنات العمِّ والعمَّات، والخال والخالات" حكم بن عادل زمو النويري العقيلي الحمد لله الذي خلق الإنسان من آدمَ وحواءَ ابتداءً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق الإنسان في أحسن تقويم، فأبدع صنعًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله تزوَّج، فكان له ولد ونسلٌ، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين أصلًا وفرعًا؛ أما بعد: فلنتأمل في أصناف النساء التي أُحلَّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج منهن، واللاتي ذُكرن مفصلاتٍ في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 50]، وتحديدًا فيما ورد في تخصيص بنات الأقارب من أعمام وعمات، وأخوال وخالات. والسؤال الذي قد يتبادر إلى الأذهان: لماذا وردت كلمتا العمِّ والخال بصيغة الإفراد، بينما كلمتا العمات والخالات قد وردتا بصيغة الجمع؟! وللإجابة على هذا التساؤل، سنستعرض - أولًا - ما أوردته أمهات التفاسير في تفسير هذا الجزء من الآية الكريمة؛ وهو قوله تعالى: ﴿ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ ﴾ [الأحزاب: 50]؛ كما يلي: • ذكــر الإمام البـغـوي في تفسيره: "﴿ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ ﴾ [الأحزاب: 50]؛ يعـني: نسـاء قـريش، ﴿ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ ﴾ [الأحزاب: 50]؛ يعني: نساء بني زهرة". • وأورد الإمام ابــن كثـير في تفسـيره: "فوحَّد لفـظ الذَّكَـر لشـرفه، وجمـع الإنـاث لنقصهن؛ كـقـوله تعـالى: ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ ﴾ [النحل: 48]، وقوله تعالى: ﴿ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [البقرة: 257]، وقوله: ﴿ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾ [الأنعام: 1]، وله نظائر كثيرة"[1]. • أما الإمام ابن عاشور ذكر في تفسيره (التحرير والتنوير): "فأما لفظ (العمة)، فإنه لا يُراد به الجنس في كلامهم، فإذا قالوا: هؤلاء بنو عمة، أرادوا أنهم بنو عمة معينة، فجيء في الآية: ﴿ عَمَّاتِكَ ﴾ جمعًا؛ لئلا يُفهم منه بنات عمة معينة، وكذلك القـول في إفـراد لفـظ (الخال) من قـوله تعـالى: ﴿ بَنَاتِ خَالِكَ ﴾، وجمع الخالة في قـوله تعـالى: ﴿ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ ﴾". • وذكر الإمام ابن العربي في أحكام القرآن والحكمة: "أن العم والخال في الإطلاق اسم جنس، كالشاعر والراجز، وليس كذلك في العمة والخالة، وهذا عُرف لغويٌّ، فجاء الكلام عليه، بغاية البيان، لرفع الإشكال، وهذا دقيق، فتأملوه"، وهذا ما ذكره القرطبي في تفسيره أيضًا. • أما الإمام السعدي أورد في تفسيره: "قوله ﴿ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ ﴾ [الأحزاب: 50]، شمل العم والعمة، والخال والخالة، القريبين والبعيدين، وهذا حصر المحللات". • وذكر الشيخ الطنطاوي في تفسيره الوسيط في قوله تعالى: ﴿ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ ﴾ [الأحزاب: 50]، "وأحللنا لك - أيضًا - الزواج بالنساء اللائي تربطك بهن قرابة من جهة الأب، أو قرابة من جهة الأم". ثانيًا: بعد التأمل أجد أن الله هداني إلى حكمة في ذلك، ولله الحمد والمنة؛ وهي أن الأعمام أصلهم واحد من جهة الوالد والعائلة والقبيلة، وهذا يسري على ذريتهم من بنات، وعليه جُمع لفظ البنات لتنوعهن، وأُفرد لفظ الأعمام لوحدة أصلهم؛ في قوله تعالى: ﴿ وَبَنَاتِ عَمِّكَ ﴾ [الأحزاب: 50]، وأما العمات وإن كان أصلهن واحدًا مثل الأعمام، لكن هذا لا ينطبق على نسلهن من البنات؛ لأن البنت تتبع أصل أبيها لا أمها، وهنا جاء التنوع، وعليه تم ذكرهن بصيغة الجمع لتنوعهن، واختلاف أصولهن؛ في قوله تعالى: ﴿ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ ﴾ [الأحزاب: 50]، وهذا الحال ينطبق كذلك على بنات الأخوال والخالات؛ لذا تم ذكرهن في الآية بنفس النسق: ﴿ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ ﴾ [الأحزاب: 50]، وهذا التأمل والاستنتاج متسق كذلك مع قوله تعالى: ﴿ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ ﴾ [النور: 61]؛ إذ إن تلك البيوت مختلف بعضها عن بعض في الصفة والكيفية والمكان، ومختلفة كذلك من جهة الملَّاك، بغض النظر عن كون الملاك من أصل واحد، وعليه وجب جمع اللفظ للبيوت والملاك معًا، هذا والله أعلم. وفيما تقدم من قول وتأويل أجل الحكم من جهة البلاغة وملاءمة الحال، وعموم تطبيق الحكم على الأمة كافةً في كل زمان ومكان. أسأل الله أن يُفقِّهنا في دينه، وأن يمُنَّ علينا بحسن التدبر والفهم عنه، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم. آمــــــــــين. [1]قد يكون فيما أورده المفسر غفر الله له خروجًا بالمعنى لغير ما قُصِد منه؛ حيث أورد المفسر ثلاث آيات على سبيـل المثال: أولهن قــوله تعالى: ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ ﴾ [النحل: 48]، وهنا طريق اليمين هو طريق الحق والإيمان، طريقه واحد لا يتعدد، أما طرق الشمائل فهي طرق الغواية والضلال، وهي طرق شتى؛ لذا أورد اليمين مفردًا والشمائل بصيغة الجمع، وثانيهن قوله تعالى: ﴿ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [البقرة: 257]، كذلك الظلمات والغوايات متعددة، أما نور الحق وبلجته فهو واحد، وثالثهن قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾ [الأنعام: 1]، فإن الظلمات متعددة من ظلمة الليل والبحر، وغيرها من الظلمات الحسية، أما النور (نور الشمس) فيأتي كفلق الصبح يعُم الدنيا بضيائه ونفعه، كما أنه عز وجل ذكر في كتابه في أكثر من موضع المؤمنين والمؤمنات، وكذلك المسلمين والمسلمات، وغيرها من صفاتهم بصيغ الجمع لكلا الجنسين على التساوي، ولم يَعُدَّ نقص جنس عن الآخر معيارًا في التفضيل، هذا والله أعلم. * ذكره الدكتور فاضل السامرائي ضمن برنامج "روائع البيان القرآني".
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |