سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل تمهيد: الحمد لله الذي جعل العلماء ورثة الأنبياء، وأقامهم على معالم دينه أدلاء، فبين بهم السبيل، وهدى بهم السائرين، وأقام بهم الحجة، وجعلهم أئمة يهدون بأمره لما صبروا وكانوا بآياته يوقنون، فقضوا حياتهم في صبر ويقين ، وتعلم وتعليم ، وجهاد لإعلاء الدين، بذلوا لله حياتهم ؛ فهاجرت إليه قلوبهم، وساروا في الطريق مشمرين، عاقدين العزم على بلوغ الغاية، وإن بعدت الشقة، وعظمت المشقة، وجرت عليهم محن وابتلاءات فيها للسائلين عبر وآيات، أبانت عن ثبات ويقين، وإيمان وتسليم، واتباع للهدى المستقيم، فشكر الله سعيهم، ورفع ذكرهم، وأودع محبتهم في قلوب أوليائه، يحبونهم ويدعون لهم بخير، ما تطاول بهم الزمان، وتناءى عنهم المكان، فآثارهم مذكورة ، وآلاؤهم مشكورة، وسيرهم نبراس للمؤتسين، ولا تزال سنة الله ماضية، والأحداث متشابهة ، ولهم علينا فضل السبق والفوز، ونحن -طلاب العلم- لا نزال في دار الابتلاء ولا ندري ما يختم لنا به، وما سبق علينا به الكتاب، نسأل الله تعالى أن نكون ممن سبقت لهم منه الحسنى ، وأن يقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، فلا يكاد يبتلى أحدنا بأمر إلا وقد ابتلي بأعظم منه بعض الصالحين قبلنا، فكيف صنعوا حتى نجوا ؟! ، وكيف أبقى الله لنا أخبارهم عبرة وذكرى، وتثبيتاً وسلوى ؟! حتى إن أحدنا ليشتد به الأمر حتى تضيق نفسه وتضيق به أرضه، فما هو إلا أن يقرأ سيرة علم من الأعلام فإذا به قد تعرض لبلاء أشد من بلائه، فصبر فيه صبراً أعظم من صبره، وظفر من خير الدنيا والآخرة بثواب لا يحد، وفضل لا يستقصى {إن هذا لهو الفضل المبين} فتصحو نفسه من سكرتها، وتثوب من غفلتها، وتعلم أن السنة ماضية، والأمر جد، وسوق الوعد والوعيد قائم، ورياح التوفيق والخذلان تتناوشه من حيث يدري ولا يدري، {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم}. قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: (سبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب التي تخلفت من المصنفات فليكثر من المطالعة فإنه يرى من علوم القوم وعلو هممهم ما يشحذ خاطره، ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة، وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا ترى فيهم ذا همة عالية فيقتدي به المبتدئ ولا صاحب ورع فيستفيد منه الزاهد، فالله الله، وعليكم بملاحظة سير السلف ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم، والاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم) وروى البيهقي في شعب الإيمان عن أحمد بن سعيد الدارمي قال: سمعت من علي بن المديني كلمة أعجبتني، قرأ علينا حديث الغار ثم قال: (إنما نقلت إلينا هذه الأحاديث لنستعملها لا لنتعجب منها). وروى البيهقي أيضاً في شعب الإيمان عن عبد الله بن محمد بن منازل قال: سئل حمدون القصار: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟! قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس ورضى الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفس وطلب الدنيا وقبول الخلق. وقال حمدون القصار أيضاً فيما نقله الشاطبي في الاعتصام: (من نظر في سير السلف عرف تقصيره ، وتخلفه عن درجات الرجال). فقراءة سير السلف الصالح من العلماء وأئمة الدين تثبت السائرين، وتشحذ عزائم المتهاونين، وتبصر الإنسان بمعرفة قدر نفسه، فتعينه على مداواة ما في نفسه من آفات لو استمرت به لأضرته وربما أردته من العجب والغرور والوهن والفتور، واستصعاب معالي الأمور، وكم من سيرة استنزلت عَبرة، وأورثت عِبرة، وتسلى بها محزون، وتبصر بها غافل فتذكّر وانتفع. وإن من مهمّ ما يحتاجه طالب كلّ علم أن يتعرّف سير أعلامه من العلماء الأجلاء الذين قام بهم عموده، واستنار بهم سبيله، تعلّموه فأحسنوا تعلّمه، ورعوه حقّ رعايته، وأدّوا أمانة تبليغه؛ فرفع الله درجتهم، وشرّف منزلتهم، فمن رام أن يُعدّ منهم وأن يُحشر في زمرتهم؛ فليسلك سبيلهم، وليتدرّج مدارجهم، وليتعرّف سيرهم وأخبارهم، فإذا عرفهم حقّ المعرفة، وتبصّر بهديهم وآثارهم أحبّهم حبّ الغريب المشتاق لأهله، وارتبط بهم ارتباط الفرع بأصله، ومتى صحّت المحبّة قويت العزيمة، وهانت الصعاب، وشمّر المحبّ عن ساعد الجدّ، فسار على دربهم، واهتدى بهديهم، والتحق بزمرتهم. وقد عقدت لطلاب برنامج إعداد المفسّر دورة مطوّلة في تدارس سير أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين؛ كان غرضها الأكبر تعرّف طرائقهم في تعلّم التفسير وتعليمه، وأسباب رفعتهم وبركة علمهم، وأن نعرف من أخبارهم وآثارهم ما يبصّرنا في أمور ديننا، ويعرّفنا بسبيل النجاة فيما يعترضنا من الفتن، ويثبّت محبّتهم في قلوبنا رجاء أن يشملنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المرء مع من أحبّ). ثمّ رأيت مراجعتها وتهذيبها وتتميمها لتخرج في كتاب كبير يكون مرجعاً شاملاً لسير هؤلاء الأعلام، والعزيمة معقودة بإذن الله تعالى على عمل مختصر له يتمكن الطالب من دراسته في مدّة وجيزة. والله المستعان وبه التوفيق، ولا حول ولا قوة إلا به. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif مقاصد دراسة سير أعلام المفسرين : من مقاصد دراسة سير أعلام المفسرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين أن يتبصّر طالب علم التفسير بأحوال الطبقة العليا من أئمة المفسرين، وأن يعرف قدراً صالحاً من سيرهم وأخبارهم وآثارهم وطرقهم في تعلّم التفسير وتعليمه، وحرصهم على الاهتداء بهدى القرآن، وأخذه بقوّة، وحسن التذكير بالقرآن، وإفادة طلاب العلم والعامّة بما فقهوه من معاني كلام الله تعالى. وأن يتبيّن الآثار السلوكية لما تعلّمه الصحابة رضي الله عنهم من معاني القرآن، وكيف كان هذا العلم حياة لقلوبهم ونوراً لدروبهم، وعُدّة لهم في الفتن والمحن، وميراثاً نافعاً خلّفوه لمن بعدهم. وقد حمل علمَ التفسير بعد الصحابة رضي الله عنهم أئمة من التابعين؛ فكانوا خير قرن حمل هذا العلم بعد الصحابة؛ وأقربهم منهم فقهاً وعلماً وهدياً وسمتاً، وتجلّى للمتوسّمين في سيرهم وأخبارهم ما ينبغي أن يكون عليه حامل القرآن والعالم بمعانيه؛ وما يجب أن تثمر فيه تلك المعارف من السّمت والثبات والسلوك بتوفيق الله تعالى. وانظر كيف أعلى الله درجاتهم، ورفع ذكرهم، فمضت مئات السنين، والناس ينتفعون بعلمهم، ويذكرون فضلهم، ويثنون عليهم، ويدعون لهم بخير، وما نالوا ذلك إلا بإحسانهم اتّباع الصحابة رضي الله عنهم؛ واجتنابهم ما يخالف هديهم، وهكذا ينبغي أن نكون في هذا القرن؛ فالسعيد الموفّق من أحسن اتّباعهم، والشقي المفتون من اتّبع غير سبيلهم. وانظر بعد ذلك إلى أحوال قومٍ يدّعون أنّهم يأتون في تفسير القرآن بما لم يعرفه الصحابة رضي الله عنهم ولا من بعدهم من التابعين، وليس هو من طريقتهم، ولا يرجع إلى شيء من أصولهم، كالذين يتكلفون تفسير القرآن بمناهج خاطئة، وطرق واهية، يكون في بعض ما يذكرون ما يفتن الناس من حق قليل مغمور في باطل كثير، لا يفيد يقينا ولا يهدي سبيلاً، وغاية ما يريدون أن يصلوا إليه الإبهارُ والإدهاش بما عرفوه من دقائق المسائل التي تدلّ بزعمهم على إعجاز القرآن، ويغفلون عن مقاصده العظمى، وإذا فُتّش كثير مما ذكروه وُجد فيه خطأ كثير؛ فأشغلوا الناس بطرقهم ومناهجهم وأوجه عنايتهم عن ورود المنهل الصافي العذب الذي يفيد اليقين، ويهدي إلى الحق، ويجد المؤمن فيه من دلائل الإصابة والتوفيق، وحسن الأثر على قلبه ونفسه ما يتبيّن به أنه هو المنهج الحقّ في تعلّم تفسير كتاب الله تعالى. وكلّ علم يُؤخذ عن أئمّته، ولا ينبغي أن يكون لدى طالب علم التفسير أدنى تردد في اعتقاد أن هؤلاء الأعلام من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وأرضاهم هم الطبقة العليا من أئمة المفسّرين، وأنّ من اتّبع سبيلهم، وسار على منهاجهم، واهتدى بهديهم أصاب الطريق الصحيح الموصل إلى العاقبة الحسنة والفوز العظيم. وأن من اتّبع غير سبيلهم واهتدى بغير هديهم ضلّ وفُتن، ولو وجد مما يغرّه ويظنّه صواباً أموراً مبهرة ومدهشة؛ فليس العبرة في العلم بالإبهار والإدهاش، فإن المسيح الدجال يأتي بأشدّ ما يبهر الناس ويدهشهم، وإنما العبرة بإصابة الحق الذي أراده الله، واتّباع الهدى الذي أمر الله به. فمن عرف المقصد الأعظم من إنزال القرآن الكريم تبيّن له أنّ الصحابة رضي الله عنهم خير من أدرك هذا المقصد، وخير من اعتنى به وسعى لتحقيقه. فوائد دراسة سير أعلام المفسّرين: لدراسة سير أعلام المفسرين في القرون الفاضلة فوائد جليلة سبقت الإشارة إلى بعضها وهذا تلخيصها: 1: أنها تعرّف بفضل أولئك الأعلام الأجلاء؛ فيعرف الطالب قدرهم، ومنزلتهم، وسابقتهم في الدين، وإمامتهم في التفسير؛ فإذا بلغه بعد ذلك تفسيرهم من طريق صحيح عرف قدره وأحسن تلقّيه. 2: أنها تبصّره بما لاقوه في سبيل تحصيل ما حصّلوه من العلم، وما امتازوا به من خصال كانت سبباً في رفعتهم وحسن تحصيلهم. 3: أنها تُبيّن لطالب العلم أن الصحابة قد تبوؤوا المنزلة العليا في فهم القرآن وتفسيره ؛ فلا يُدرك شأوهم، ولا سبيل لفهم القرآن غير سبيلهم، لما خصّهم الله به من صحبة نبيّه وشرف التلقّي منه وإدراك عصر لغة القرآن، ومعرفة وقائع التنزيل، وأحوال المخاطبين ودلائل الخطاب. 4: أنّها تبيّن للطالب شيئاً من مناهج الصحابة والتابعين وهديهم في تعلّم التفسير وتعليمه، وشيئا من معالم أصول التفسير. 5: أنها تجلّي له عنايتهم بالتفسير رواية ودراية ورعاية. 6: يدرك الطالب بها خطر الدعاوي التي يراد منها الإعراض عن تفسير الصحابة والتابعين، وما يعبّر عنه بعض المحْدَثين بالمطالبة بإعادة قراءة التفسير، ويريدون بذلك إعادة النظر في تفسير القرآن لينطلق في تفسيره من منطلقات منطقية أو فلسفية مقطوعة الصلة عن الصحابة الذين نزل الوحي بلسانهم وبما يعهدون من فنون الخطاب، وعاصروا التنزيل، وتلقّوا معاني القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم كما تلقّوا ألفاظه مع زكاة نفوسهم، وجودة قرائحهم، ورضى الله تعالى عنهم؛ فمن له بفهمٍ أحسن من فهمهم؟! وتوفيق أقرب من توفيقهم؟! |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
|
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
|
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
اسمه ولقبه أما اسمه ففيه قولان مشهوران وقول خطأ: القول الأول: اسمه عتيق، وهو قول ابن سيرين، والزهري، وابن إسحاق، والبخاري، ويعقوب بن سفيان. - قال بكر بن الهيثم الأهوازي: حدثنا عبد الرزاق بن همام، عن معمر، عن ابن سيرين قال: (اسم أبي بكر عتيق بن عثمان). رواه البلاذري في أنساب الأشراف، ورواية معمر عن ابن سيرين فيها نظر. - وقال حجاج بن يوسف ابن أبي منيع: حدثني جدي عبيد الله بن أبي زياد عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري قال: «اسم أبي بكر الصديق عتيق بن أبي قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر». رواه أبو بشر الدولابي في الكنى، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني. - وقال أحمد بن محمد بن أيوب: حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال: «اسم أبي بكر الصديق عتيق». رواه أبو بشر الدولابي في الكنى. - وقال البخاري في تاريخه: (اسم أبي بكر الصديق عتيق). - وقال يعقوب بن سفيان: (واسم أبي بكر عتيق بن أبي قحافة). القول الثاني: اسمه عبد الله، وعتيق لقبه، وهو قول ابن أبي مليكة وهو من قرابته، فأبو مليكة هو زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي ابن عمّ أبي بكر الصديق. وقال به: يحيى بن معين، والبلاذري، وابن حبان. - قال سعيد بن منصور: حدثنا طلحة بن موسى قال: حدثنا معاوية [بن إسحاق]، عن عائشة ابنة طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: «اسم أبي بكر الذي سماه أهله عبد الله بن عثمان، ولكن غلب عليه عتيق». رواه أبو بشر الدولابي. - قال أبو موسى إسحاق الفروي: حدثنا المعافَى بن عمران، عن المغيرة بن زياد، عن ابن أبي مليكة قال: (اسم أبي بكر عبد الله بن عثمان، ولقبه عتيق). رواه البلاذري في أنساب الأشراف. - وقال بقية بن الوليد: حدثتني ابنة الحارث بن كعب عن عبد الله بن أبي أوفى أن أبا بكر الصديق كتب: «من عبد الله أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من يقرأ عليه كتابي هذا». رواه أبو بشر الدولابي في الكنى. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا محمد بن شريك المكي، قال: حدثني ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير قال: (سمّيتُ باسم جدي أبي بكر، وكُنيت بكنيته). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ، والبخاري في التاريخ الكبير. - وقال العباس بن محمد الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: «أبو بكر الصديق اسمه عبد الله بن عثمان، وعثمان هو أبو قحافة، ولقبه عتيق؛ لأنَّ وجهه كان جميلاً فسمي عتيقاً». رواه الدولابي. - وقال البلاذري، وابن حبان: اسمه عبد الله، وعتيق لقبه. وأما القول الخطأ فهو ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب، قال: (كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، هذا قول أهل النسب الزبيري وغيره). والعجيب أنه ذكر ذلك عن ابنه عبد الرحمن أيضاً ونسبه القول به إلى أهل السيرة. ولا أعلم لذلك أصلاً إلا أبياتاً يظهر لي أنها مصنوعة نُسبت إلى أمّه، ذكرها ابن ظفر في سيرته. والذين رُوي أنّهم سُمّوا عبد الكعبة ثم غيّر النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم إلى عبد الرحمن جماعة منهم: 1. عبد الرحمن بن عوف، روى البغوي في معجم الصحابة والطبراني في الكبير من طريق معمر عن أيوب عن ابن سيرين (أن عبد الرحمن [ يريد ابن عوف ] كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة). وإسناده إلى ابن سيرين صحيح إلا أنه مرسل. 2. وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب العبشمي(ت:50هـ)، ذكر ذلك عنه ابن سعد في الطبقات. 3. وعبد الرحمن بن العوام بن خويلد الأسدي أخو الزبير، ذكر ذلك الزبير بن بكار عن عمّه مصعب كما في الإصابة لابن حجر. 4. وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، ذكر ذلك ابن حجر في الإصابة. سبب تلقيبه بعتيق في سبب تلقيبه بعتيق أقوال: القول الأول: لقّب بذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم له: أنت عتيق الله من النار. - قال زياد بن سعد الخراساني، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال: (كان اسم أبي بكر عبد الله بن عثمان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنت عتيق الله من النار)) فسمي عتيقاً). رواه ابن حبان، والبزار، والدولابي في الكنى، وابن الأعرابي في معجمه، كلهم من طريق حامد بن يحيى البلخي عن سفيان بن عيينة عن زياد به، ورجاله ثقات، لكن قال ابن أبي حاتم في العلل: قال أبي: هذا حديث باطل. - وقال معن بن عيسى القزاز: حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمه إسحاق بن طلحة، عن عائشة (أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أنت عتيق الله من النار»؛ فيومئذ سمّي عتيقاً). رواه الترمذي، لكن إسحاق بن يحيى متروك الحديث. وللحديث طرق أخرى واهية. القول الثاني: - قال أبو أيوب سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله: حدثني أبي عن جدي موسى بن طلحة قال: سألت أبي طلحة بن عبيد الله قلت له: يا أبت لأي شيء سمي أبو بكر عتيقا؟ قال: (كانت أمه لا يعيش لها ولد فلما ولدته استقبلت به البيت وقالت: اللهم إن هذا عتيقك من الموت فهبه لي). رواه أبو بشر الدولابي في الكنى. القول الثالث: - قال مصعب الزبيري: (سمّي أبو بكر عتيقاً لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به). ذكره أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. القول الرابع: - قال البلاذري: (وقال بعض الرواة: اسم أبي بكر عبد الله، وإنما لقب عتيقا لكرم أمهاته، وكرمه). القول الخامس: - قال أبو المنذر بن هشام ابن الكلبي: (سمي عتيقاً لرقة حسنه وجماله). ذكره البلاذري في أنساب الأشراف. - وقال البلاذري أيضاً: (لقب بذلك لرقّة حسنه). - وقال يحيى بن معين: (لقبه عتيق؛ لأنَّ وجهه كان جميلاً فسمي عتيقاً». - وقال أبو حفص عمرو بن علي الفلاس: (أبو بكر الصديق هو عبد الله بن عثمان، ولقبه عتيق، وإنما لقب عتيقاً لعتاقة وجهه). رواه أبو علي الغساني في "ألقاب الصحابة والتابعين". القول السادس: - قال حمدويه محمد بن أحمد بن عبد الله الخوارزمي: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: (اسم أبي بكر الصديق رضي الله عنه عبد الله بن عثمان، ولقبه عتيق، وإنما سمى عتيقا لأنه عتيق قدم في الخير). رواه أبو علي الغساني في ألقاب الصحابة والتابعين. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 1: سيرة أبي بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر التيمي القرشي رضي الله عنه. نسبه وأما نسبه فهو أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي. - قال يعقوب بن سفيان: (وأبو قحافة اسمه عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، حدثنا بذلك الحجاج بن أبي منيع عن جده عن الزهري بذلك). وهذا الأثر رواه الحاكم في المستدرك أيضاً. - وقال عمرو بن خالد: حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة قال: (اسم أبي بكر عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن تيم بن مرة). رواه يعقوب بن سفيان، والطبراني في الكبير. قلت: سقط اسم "سعد" وقد اتفقوا على ذكره. يلتقي نسب أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب، وله صلة قرابة بعمر بن الخطاب من جهة أمّ أبيه أبي قحافة وهي قيلة بنت أذاة بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رَزاح بن عدي بن كعب بن لؤي. وأذاة عمّ نُفيل جدّ عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
|
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 1: سيرة أبي بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر التيمي القرشي رضي الله عنه. أعماله الجليلة في أوّل الإسلام كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه أعمال جليلة في أوّل الإسلام: منها: مسارعته إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في كلّ ما يخبر به. ومنها: أنه كان يؤازر النبي صلى الله عليه وسلم وينصره، ويجابه المشركين دونه. ومنها: أنه كان ينفق من ماله في سبيل الله في وقت لم يكن للمسلمين مالٌ يكفي لنفقات الدعوة. ومنها: أنه أعتق أنفساً ممن كان المشركون يعذّبونهم ليردوهم عن الإسلام. ومنها: اجتهاده في الدعوة إلى الإسلام حتى أسلم عليه يديه جماعة من كبار المهاجرين. - قال بسر بن عبيد الله: حدثني أبو إدريس الخولاني، قال: سمعت أبا الدرداء، يقول: كانت بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر فانصرف عنه عمر مغضبا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو الدرداء ونحن عنده: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما صاحبكم هذا فقد غامر». قال: وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقصَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر. قال أبو الدرداء: وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل أبو بكر يقول: (والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل أنتم تاركون لي صاحبي؟! هل أنتم تاركون لي صاحبي؟! إني قلت: يا أيها الناس! إني رسول الله إليكم جميعاً، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت)). رواه البخاري. قال أبو عبد الله البخاري: " غامر: سبق بالخير " - وقال الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم، عن عروة بن الزبير، قال: سألت عبد الله بن عمرو عن أشدّ ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (رأيت عقبةَ بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي؛ فوضع رداءه في عنقه؛ فخنقه به خنقاً شديداً، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه، فقال: {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم}). رواه البخاري. - وقال هناد بن السري، عن عبدة، عن هشام، عن أبيه، عن عمرو بن العاصي، أنه سئل: ما أشد شيء رأيت قريشا بلغوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: مرّ بهم ذات يوم؛ فقالوا له: أنت الذي تنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟ قال: «أنا». فقاموا إليه فأخذوه بمجامع ثيابه، قال: فرأيت أبا بكر محتضنه من ورائه يصرخ، وإن عينيه تنضحان، وهو يقول: {أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله} الآية). رواه النسائي. - وقال محبوب بن محرز القواريري، عن داود بن يزيد الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدا يكافئه الله به يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن صاحبكم خليل الله». رواه الترمذي. - وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر»، قال: «فبكى أبو بكر» فقال: (هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله؟!). رواه ابن أبي شيبة، وابن ماجة. ورواه أحمد من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش به، إلا أنه قال في آخره: (فبكى أبو بكر، وقال: (وهل نفعني الله إلا بك؟ وهل نفعني الله إلا بك؟ وهل نفعني الله إلا بك؟). - قال أحمد بن محمد بن أيوب: حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال: (أسلم أبو بكر بن أبي قحافة؛ فأظهر إسلامه ودعا إلى الله وإلى رسوله، وكان أبو بكر رجلاً مألفاً؛ فأسلم على يديه فيما بلغني عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم؛ فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا فأسلموا وصلوا). رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه، وابن بطة في الإبانة. - وقال ابن عبد البر: (وأسلم على يد أبي بكر: الزبير، وعثمان، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف). - وقال أبو أسامة الكوفي عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي، قال: «أسلم أبو بكر وله أربعون ألف درهم». رواه ابن أبي شيبة، وابن سعد، وابن بطة العكبري في الإبانة وزاد: (فأنفقها كلها في ذات الله تعالى). - وقال الحميدي: حدثنا سفيان حدثنا هشام عن أبيه: (أسلم أبو بكر وله أربعون ألفاً، فأنفقها في سبيل الله، وأعتق سبعة كلّهم يعذب في الله، أعتق بلالاً، وعامر بن فهيرة، ونذيرة، والنهدية، وابنتها، وجارية بني المؤمل، وأم عبيس). رواه يعقوب بن سفيان كما في الإصابة لابن حجر. - وقال أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: (أعتق أبو بكر مما كان يعذب في الله سبعة: عامر بن فهيرة، وبلالاً، ونذيرة، وأم عبيس، والنهدية، وأختها، وحارثة بن عمرو بن مؤمل). رواه ابن أبي شيبة. هجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم تقدّمت الإشارة إلى حديث ابن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة في خبر هجرة أبي بكر الصديق مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خبر طويل رواه البخاري في صحيحه بطوله. - وقال زهير بن معاوية: حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب، يقول: جاء أبو بكر رضي الله عنه إلى أبي في منزله؛ فاشترى منه رحلاً، فقال لعازب: ابعث ابنك يحمله معي. قال: فحملته معه، وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكر! حدثني كيف صنعتما حين سريتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: (نعم، أسرينا ليلتنا ومن الغد، حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمرّ فيه أحد...). ثم ذكر الحديث بطوله وهو في الصحيحين. - قال همام، عن ثابت، عن أنس، عن أبي بكر رضي الله عنه، قال: نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه، فقال: «يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما». رواه البخاري ومسلم. جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم شهد أبو بكر المشاهد كلّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأحاديث والآثار في ذكر أخباره في تلك المشاهد كثيرة يتعسّر حصرها. ففي بدر كان أقرب الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي أحد كان في أوّل أمن فاءَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم لمّا أصعد في الجبل ودعا المؤمنين إليه. وكان ممن استجاب لله وللرسول في غزوة حمراء الأسد - قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم} قالت لعروة: يا ابن أختي! كان أبواك منهم: الزبير وأبو بكر، لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد، وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا، قال: «من يذهب في إثرهم» فانتدب منهم سبعون رجلا، قال: كان فيهم أبو بكر، والزبير). رواه البخاري ومسلم. وله في عامّة المشاهد التي شهدها مع النبي صلى الله عليه وسلم مواقف صدق مذكورة. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
|
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
سبقه بالأعمال الصالحة - قال ابن شهاب الزهري: أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة)). فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة؛ فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم». رواه مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم. - وقال الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن عمر بن الخطاب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذاك في الأمر من أمر المسلمين، وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه؛ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرجنا معه، فإذا رجل قائم يصلي في المسجد، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع قراءته، فلما كدنا أن نعرفه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سرَّه أن يقرأ القرآن رطباً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد». قال: ثم جلس الرجل يدعو، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: «سل تعطه، سل تعطه». قال عمر قلت: (والله لأغدون إليه فلأبشرنَّه). قال: (فغدوت إليه لأبشره، فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره، ولا والله ما سبقته إلى خير قط إلا سبقني إليه). رواه أحمد، وابن خزيمة. وقد رواه أحمد وغيره من طريق شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود، ومن طريق عاصم عن زرّ عن ابن مسعود. إنفاقه في سبيل الله - قال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: سمعت عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدّق؛ فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً. قال: فجئتُ بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟» قلت: مثله. قال: فأتى أبو بكر بكلّ ما عنده. فقال: «يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟» فقال: (أبقيت لهم الله ورسوله). فقلت:(لا أسابقك إلى شيء أبداً). رواه الدارمي، وأبو داوود، والترمذي. زهده وورعه - قال الأعمش، عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب، عن رافع بن أبي رافع الطائي قال: «رافقت أبا بكر في غزوة ذات السلاسل، وعليه كساء له فدكي يخله عليه إذا ركب ونلبسه أنا وهو إذا نزلنا». رواه أحمد في الزهد. - وقال يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أُحسِنُ الكهانة إلا أني خدعته؛ فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلتَ منه؛ فأدخل أبو بكر يده فقاءَ كلَّ شيءٍ في بطنه). رواه البخاري في صحيحه. - وقال محمد بن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: (كان لأبي بكر غلام، فكان إذا جاء بغلته، لم يأكل من غلته حتى يسأله ، فإن كان شيئا مما يحب أكل، وإن كان شيئا يكره لم يأكل قال: فنسي ليلة، فأكل ولم يسأله ثم سأله فأخبره أنه من شيء كرهه، فأدخل يده فتقيأ حتى لم يترك شيئاً). رواه أحمد في الزهد. - وقال سفيان الثوري، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: رأيت أبا بكر رضي الله عنه آخذا بلسانه يقول: «هذا أوردني الموارد». رواه أحمد في الزهد. - وقال عبد العزيز بن محمد الدراوردي: حدثنا زيد بن أسلم، عن أبيه أن عمر رأى أبا بكر وهو مدل لسانه آخذه بيده، فقال: «ما تصنع يا خليفة رسول الله؟» فقال: «وهل أوردني الموارد إلا هذا». رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه. - وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «والله، ما ترك أبو بكر دينارا ولا درهما ضرب لله سكته». رواه أحمد. - وقال عبد الله بن عمر العمري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن أبا بكر رضي الله عنه حين حضرته الوفاة قال لعائشة: " إني لا أعلم في آل أبي بكر من هذا المال شيئا إلا هذه اللقحة وهذا الغلام الصقيل كان يعمل سيوف المسلمين ويخدمنا، فإذا مت فادفعيه إلى عمر رضي الله عنه، فلما بعثت به إلى عمر قال: يرحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده ". رواه أحمد في الزهد. - وقال عبد الله بن داود الخريبي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: «مات أبو بكر فما ترك دينارا ولا درهما، وكان قد أخذ قبل ذلك ماله فألقاه في بيت المال». رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه. - وقال وكيع: حدثنا مسعر، عن أبي عون الثقفي، عن عرفجة السلمي رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: «ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا». رواه أحمد في الزهد. أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة - قال محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: «هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين». رواه الترمذي، والطحاوي في شرح مشكل الآثار. - وقال عمر بن يونس اليمامي، عن عبد الله بن عمر اليمامي، عن الحسن بن زيد بن حسن، حدثني أبي، عن أبيه، عن علي، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو بكر، وعمر، فقال: ((يا علي! هذان سيدا كهول أهل الجنة وشبابها بعد النبيين والمرسلين)). رواه أحمد. وروي من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وابن عباس، وأبي جحيفة السوائي رضي الله عنهم. حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على الاقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما - قال سليمان بن المغيرة: حدثنا ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم، وتأتون الماء إن شاء الله غداً» فذكر الحديث بطوله، وفيه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أصبح الناس فقدوا نبيهم»، فقال أبو بكر، وعمر: رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدكم، لم يكن ليخلفكم، وقال الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيديكم، فإن يطيعوا أبا بكر، وعمر يرشدوا ». رواه مسلم في صحيحه، ورواه أحمد من طريق حماد بن سلمة عن ثابت به، ولفظه: « وإن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا ». قالها ثلاثاً. - وقال عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوساً فقال: «إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم، فاقتدوا باللذين من بعدي، وأشار إلى أبي بكر وعمر، وتمسكوا بعهد عمار، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه» رواه أحمد، وروى ابن أبي شيبة والترمذي بعضه. - وقال وكيع، عن سالم أبي العلاء المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إني لا أدري ما بقائي فيكم، فاقتدوا باللذين من بعدي» وأشار إلى أبي بكر وعمر). رواه الترمذي. - وقال ابن شهاب الزهري: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب؛ فأخذ منها شاةً فطلبه الراعي؛ فالتفت إليه الذئبُ؛ فقال: "من لها يوم السَّبُع، يوم ليس لها راع غيري؟!! وبينما رجل يسوق بقرةً قد حملَ عليها، فالتفتت إليه فكلّمته، فقالت: إني لم أُخلق لهذا!! ولكني خُلقت للحرث». قال الناس: سبحان الله! قال النبي صلى الله عليه وسلم:« فإني أومن بذلك أنا، وأبو بكر، وعمر».رواه البخاري ومسلم. وفي رواية في صحيح البخاري من طريق سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة به، وقال أبو سلمة: (وما هما يومئذ في القوم). وذكر أبي بكر وعمر مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لمجرد التعريف بسرعة تصديقهما لخبره صلى الله عليه وسلم، وإنما لتحقق فقههما في الدين، وصدق إيمانهما قولاً وعملاً، وعملهما لما خُلقا له، والتنويه بهما في ذلك ليتخذا أسوة صالحة بعده صلى الله عليه وسلم. - قال سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد المكي قال: (سمعت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إذا سئل عن شيءٍ هو في كتاب الله قال به، وإذا لم يكن في كتاب الله وقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به، وإن لم يكن في كتاب الله ولم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قال به، وإلا اجتهد رأيه). رواه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن الكبرى، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، من طرق عن سفيان. - وقال عاصم بن سليمان الأحول، عن أبي العالية الرياحي، عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى: {الصراط المستقيم} قال: «هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه» قال عاصم: فذكرنا ذلك للحسن - أي البصري - فقال: «صدق والله ونصح، والله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما». رواه الحاكم موقوفاً على ابن عباس وصححه، ورواه محمد بن نصر المروزي في السنة مقطوعاً على أبي العالية. طول صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم - قال عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إني لواقف في قوم، فدعوا الله لعمر بن الخطاب، وقد وضع على سريره، إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي، يقول: رحمك الله! إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك، لأني كثيراً ما كنتُ أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كنت وأبو بكر وعمر، وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر» فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما، فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب). رواه البخاري ومسلم. الإجماع على أنه أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم - قال عبد الله بن نمير، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، قال: قال رجل، لعمر بن الخطاب: ما رأيت مثلك، قال: «رأيت أبا بكر؟». قال: لا. قال: (لو قلت: نعم إني رأيته لأوجعتك ضرباً). رواه ابن أبي شيبة. - وقال شعبة، عن حصين بن عبد الرحمن، عن ابن أبي ليلى قال: تداروا في أمر أبي بكر وعمر، فقال رجل من عطارد: عمر أفضل من أبي بكر. فقال الجارود: بل أبو بكر، أبو بكر أفضل منه. قال: فبلغ ذلك عمر، قال: فجعل ضرباً بالدِّرَّة حتى شغر برجليه، ثم أقبل إلى الجارود فقال: إليك عني. ثم قال عمر: (أبو بكر كان خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا وكذا). قال: ثم قال عمر: (من قال غير هذا أقمنا عليه ما نقيم على المفتري). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال هشيم بن بشير: حدثنا حصين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: خطب عمر بن الخطاب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (ألا إنَّ خير هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، فمن قال سوى ذلك بعد مقامي هذا فهو مفترٍ، عليه ما على المفتري). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وأبو القاسم اللالكائي في شرح أصول السنة. قلت: عبد الرحمن بن أبي ليلى ولد لستّ سنين بقيت من خلافة عمر، واختلف في سماعه منه، والجارود ذكر ابن كثير أنه الجارود بن المعلّى العَبْدي، وهو صحابيّ استشهد في أواخر خلافة عمر. - وقال جامع بن أبي راشد، حدثنا أبو يعلى، عن محمد ابن الحنفية، قال: قلت لأبي أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «أبو بكر». قلت: ثم من؟ قال: «ثم عمر». وخشيت أن يقول: عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: «ما أنا إلا رجل من المسلمين» رواه البخاري وأبو داوود. - وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن عامر الشعبي، عن أبي جحيفة السَّوائي رضي الله عنه قال: سمعت علياً يقول: (خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، ولو شئت لحدثتكم بالثالث). رواه أحمد في مسنده وفي فضائل الصحابة. وهذا الأثر متواتر عن عليّ رضي الله عنه؛ فقد روي عنه من طرق كثيرة منها: - طرق عدة عن عبد خير الهمداني، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. - وطريق وقاء بن إياس الأسدي، عن علي بن ربيعة الوالبي، عن علي. - وطريق أبي موسى الفراء عن عمرو بن حريث عن عليّ. - وطريق عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي. - قال أبو عبد الله الذهبي: (هذا والله العظيم قاله علي، وهو متواتر عنه، لأنّه قاله على منبر الكوفة؛ فلعن الله الرافضة ما أجهلهم). - وقال يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم». رواه البخاري. - وقال وكيع، عن هشام بن سعد، عن عمر بن أسيد، عن ابن عمر، قال: كنا نقول في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الناس أبو بكر ثم عمر). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأبو بكر الخلال في السنة. - وقال يزيد بن أبي حبيب، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: (كنا نفاضل بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنقول: إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس؛ فيسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره علينا). رواه الحارث في مسنده كما في بغية الباحث. - وقال سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: (كنا نعدّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيّ، وأصحابه متوافرون: أبو بكر، وعمر، وعثمان ثم نسكت). رواه أحمد، وابن أبي شيبة، وابن حبان، وقد رواه عن سهيل جماعة، وله طرق أخر. - وقال يوسف بن يعقوب ابن الماجشون، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نعدل به أحدا، ثم نقول: «خير الناس أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم لا نفاضل». رواه أبو يعلى. ثناء علماء الصحابة عليه، وعرفانهم بفضله وإمامته في الدين - قال سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، قال: قال عمر: «لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إليَّ من أن أتقدّم قوما فيهم أبو بكر». رواه ابن أبي شيبة. وقد روي في معناه حديث عن عائشة لكنه لا يصح. - قال نصر بن عبد الرحمن الكوفي: حدثنا أحمد بن بشير، عن عيسى بن ميمون الأنصاري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمّهم غيره). رواه الترمذي. قال الذهبي: (تفرّد به عيسى بن ميمون عن القاسم وهو متروك الحديث). - وقال محمد بن جحادة، عن سلمة بن كهيل، عن هزيل بن شرحبيل قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو وزن إيمان أبي بكر رضي الله عنه بايمان أهل الأرض لرجح بهم). رواه إسحاق بن راهويه في مسنده، وأبو بكر القطيعي في فضائل الصحابة للإمام أحمد، وأبو بكر الخلال في السنة، وابن بطة العكبري في الإبانة. وقد روي مرفوعاً من حديث عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر. - وقال عبد العزيز بن أبي سلمة، عن محمد بن المنكدر، أخبرنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كان عمر يقول: «أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا يعني بلالا». رواه البخاري، وابن أبي شيبة. - وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن عمر بن الخطاب، قال: «أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه الترمذي. - وتقدّم قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما سُئل أيّ الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبو بكر. - وقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (كان أبو بكر أعلمنا). - وقول ابن عمر: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نعدل به أحداً، ثم نقول: خير الناس أبو بكر) ، وهذا فيه نسبة هذا القول لعامّة الصحابة رضي الله عنهم من غير نكير من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا اختلاف بين أصحابه. ثناء الأمة المستفيض عليه. ثناء علماء الأمة على أبي بكر الصديق كثير مستفيض لا يستقصى، وقد ألّفت في فضائله وسيرته مؤلفات، وفي كتب أهل الحديث أبواب كثيرة في فضائله ومناقبة. وسأورد بعض الآثار من باب الإشارة والتنبيه. - قال سفيان بن عيينة، عن خالد بن سلمة، عن الشعبي، قال: «حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة». رواه ابن أبي شيبة. وروي عن مسروق نحوه. - وقال يعقوب بن محمد الزهري، عن ابن أبي حازم، عن أبيه قال: قيل لعلي بن الحسين: كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: (كمنزلتهما اليوم وهما ضجيعاه). رواه أبو القاسم اللالكائي في شرح أصول السنة. - وقال عبد الله بن شبيب بن خالد: حدثنا يحيى العتكي، قال: قال هارون الرشيد لمالك: كيف كان منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: (كقرب قبرهما من قبره بعد وفاته). قال: (شفيتني يا مالك). رواه أبو القاسم اللالكائي في شرح أصول السنة. - وقال حرملة بن يحيى التجيبي: سمعت عبد الله بن وهب يقول: سألت مالك بن أنس: من أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: (أبو بكر وعمر). رواه أبو بكر الخلال في السنة. - وقال ابن وهب: قال مالك «ما أدركت أحداً ممن اقتدي به يشك في تقديم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما». رواه أبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ. - وقال حماد بن زيد: حدثنا أيوب، قال: «دخلت المدينة والناس متوافرون، القاسم بن محمد وسليمان وغيرهما، فما رأيت أحدا يختلف في تقديم أبي بكر وعمر وعثمان». رواه أبو بكر الخلال في السنة. - وقال أبو بكر البيهقي: روينا عن أبي ثور، عن الشافعي أنه قال: (ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصحابة). - وروى ابن عبد الحكم والربيع، عن الشافعي قال: (أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي). https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
علمه وفقهه علمه بالكتاب والسنة كان أبو بكر رضي الله عنه من أعلم الناس بمعاني القرآن ولطائف خطابه، ومن دلائل تقدّم أبي بكر رضي الله عنه في فهم فحوى الخطاب وفنونه ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من طرق عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنَّ الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده؛ فاختار ما عند الله» فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه. قال أبو سعيد: فقلت في نفسي ما يبكي هذا الشيخ؟ إن يكن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله. قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أبا بكر لا تبك، إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر» - وقال فليح بن سليمان: حدثني سالم أبو النضر، عن بسر بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الناس وقال: «إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبدُ ما عند الله». قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أنْ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبدٍ خُيّر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخيَّر، وكان أبو بكر أعلمَنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أمنّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنتُ متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذتُ أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودّته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر».رواه البخاري ومسلم. - قال ابن القيم رحمه الله: (كان أبو بكر الصديق أفهم الأمة لكلام الله ورسوله، ولهذا لما أشكل على عمر مع قوة فهمه قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: "إنكم تأتونه وتطوفون به" فأورده عليه عام الحديبية؛ فقال له الصديق: "أقال لك: إنك تأتيه العام؟" قال: لا، قال: "فإنك آتيه ومطوف به"). وكان ربما سأل أصحابه عن بعض معاني القرآن ثم يرشدهم ويعلّمهم. - قال عبد الله بن إدريس الأودي: أخبرنا أبو إسحاق الشيباني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن الأسود بن هلال المحاربي، قال: قال أبو بكرٍ: " ما تقولون في هذه الآية: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}؟ قال: فقالوا ربنا الله، ثم استقاموا من ذنبٍ. قال: فقال أبو بكرٍ: (لقد حملتم على غير المحمل، قالوا: ربنا الله ثم استقاموا فلم يلتفتوا إلى إلهٍ غيره). رواه ابن جرير، والحاكم. - وقال سعيد بن نمران: قرأت عند أبي بكر الصديق: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} قلت: يا خليفة رسول الله! ما استقاموا؟ قال: (استقاموا على ألا يشركوا) رواه سفيان الثوري وابن وهب. - وقال إسماعيل بن أبي خالد: سمعت قيس بن أبي حازم، يحدث عن أبي بكر الصديق أنه خطب فقال: يا أيها الناس! إنكم تقرأون هذه الآية، وتضعونها على غير ما وضعها الله: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلَّ إذا اهتديتم} سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ الناس إذا رأوا المنكر بينهم، فلم ينكروه يوشك أن يعمّهم الله بعقاب)). رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان. - قال كثير بن هشام الكلابي، عن جعفر بن بُرْقَان، عن ميمون بن مَهْران قال: كان أبو بكر الصِّدِّيق إذا ورَدَ عليه حكمٌ؛ نَظَرَ في كتاب اللَّه تعالى، فإن وَجَد فيه ما يقضي به قضى به، وإن لم يجد في كتاب اللَّه نَظَر في سنة رسول اللَّه -رضي اللَّه عنه- فإن وَجَد فيها ما يقضي به قضى به، فإن أعياه ذلك سأل الناسَ: هل علمتم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَضَى فيه بقضاء؟ فربما قام إليه القومُ فيقولون: قضى فيه بكذا وكذا، فإن لم يجد سُنَّةً سَنَّها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جَمَع رؤساء الناس فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيُهم على شيء قضى به. وكان عمر يفعل ذلك، فإذا أعياه أن يجدَ ذلك في الكتاب والسنة سأل: هل كان أبو بكر قضى فيه بقضاء؟ فإن كان لأبي بكر فيه قَضاءٌ قضى به، وإلا جَمَعَ علماء الناس واستشارهم، فإذا اجتمع رأيُهم على شيء قضى به). رواه أبو عبيد في كتاب القضاء كما في إعلام الموقعين لابن القيم. علمه بالأنساب - قال محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اهجوا قريشاً فإنّه أشدّ عليها من رشق بالنبل» فأرسل إلى ابن رواحة فقال: «اهجهم» فهجاهم فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه، قال حسان: (قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه). فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينَّهم بلساني فري الأديم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإنَّ لي فيهم نسباً، حتى يلخص لك نسبي» فأتاه حسان، ثم رجع فقال: يا رسول الله قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين. قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لحسان: «إن روح القدس لا يزال يؤيدك، ما نافحت عن الله ورسوله»، وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هجاهم حسان فشفى واشتفى». رواه مسلم في صحيحه. علمه بعبارة الرؤيا كان أبو بكر الصديق من أعبر الناس للرؤى، وكان يعبر أحياناً والنبي صلى الله عليه وسلم حاضر. - وقال محمد بن سيرين: (كان أبو بكر أعبر هذه الأمة لرؤيا بعد النبي صلى الله عليه وسلم). - قال حماد بن زيد، عن هشام بن حسان قال: سمعت محمداً [ابن سيرين ] يقول: (كان أبو بكر رضي الله عنه أعبر هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم). رواه مسدد بن مسرهد كما في إتحاف الخيرة. - قال مالك، عن يحيى بن سعيد، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجرتي» فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق، قالت: فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفن في بيتها، قال لها أبو بكر: (هذا أحد أقمارك وهو خيرها). رواه مالك في الموطأ، وروي من حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، ومن حديث يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عائشة. فراسته - قال ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: (إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقاً من ماله بالغابة؛ فلما حضرته الوفاة، قال: والله يا بنية ما من الناس أحدٌ أحبّ إلي غنى بعدي منك، ولا أعزّ عليَّ فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً؛ فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله. قالت عائشة: فقلت: يا أبت! والله لو كان كذا وكذا لتركته، إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ فقال: ذو بطن بنت خارجة، أراها جارية). رواه مالك في الموطأ، وعبد الرزاق في مصنفه. - وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر حين تفرس في عمر فاستخلفه، والتي قالت: {استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين}، والعزيز حين قال: لامرأته: {أكرمي مثواه} ). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأبو بكر الخلال في السنة، والطبراني في المعجم الكبير، والحاكم في مستدركه. ورواه ابن سعد في الطبقات من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: (أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر في عمر، وصاحبة موسى حين قالت: استأجره، وصاحب يوسف). - قال ابن القيم رحمه الله: (كان الصديق رضي الله عنه أعظم الأمّة فراسة، وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه). https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
خلافته للنبي صلى الله عليه وسلم - قال صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: (( ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً؛ فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)). رواه مسلم، والنسائي في الكبرى. - وقال إبراهيم بن سعد الزهري: أخبرني أبي، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ قال أبي: كأنها تعني الموت - قال: «فإن لم تجديني فأتي أبا بكر». رواه البخاري، ومسلم. - وقال ابن شهاب الزهري: أخبرني ابن المسيب، سمع أبا هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له ضعفه، ثم استحالت غرباً؛ فأخذها ابن الخطاب فلم أرَ عبقرياً من الناس ينزع نزع عمر، حتى ضرب الناس بعطن». رواه البخاري ومسلم. - وقال وهب بن جرير، حدثنا صخر، عن نافع، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما أنا على بئر أنزع منها، جاءني أبو بكر، وعمر، فأخذ أبو بكر الدلو، فنزع ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم أخذها ابن الخطاب من يد أبي بكر، فاستحالت في يده غرباً، فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريه، فنزع حتى ضرب الناس بعطن». قال وهب: " العطن: مبرك الإبل، يقول: حتى رويت الإبل فأناخت ". رواه البخاري. - وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا الأشعث [بن عبد الملك الحمراني] عن الحسن، عن أبي بكرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: «من رأى منكم رؤيا؟» فقال رجل: (أنا، رأيت كأن ميزانا نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ووزن عمر وأبو بكر، فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان، فرجح عمر ثم رفع الميزان، فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه أبو داوود والترمذي والنسائي في الكبرى والحاكم. ورواه أبو داوود الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، وزاد فيه: (فاستاء لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: خلافة نبوة ثم يؤتي الله الملك من يشاء). - قال هشام بن عروة: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها فذكر حديث السقيفة وفيه أنّ أبا بكر رضي الله عنه قال: بايعوا عمر، أو أبا عبيدة بن الجراح، فقال عمر: (بل نبايعك أنت، فأنت سيّدنا، وخيرُنا، وأحبّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم). فأخذ عمر بيده فبايعه، وبايعه الناس. رواه البخاري مطولاً، والترمذي وابن حبان مختصراً. - وقال عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر فقال: (ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟! فأيّكم تطيب نفسُه أن يتقدَّم أبا بكر؟!). قالوا: (نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر). رواه أحمد وابن أبي شيبة والنسائي. - وقال محمد بن يزيد الواسطي: حدثنا إسماعيل بن خالد عن زر، عن عبد الله بن مسعود، قال: كان رجوع الأنصار يوم سقيفة بني ساعدة بكلام قاله عمر، قال: (نشدتكم بالله! هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟ قالوا: اللهم نعم. قال: (فأيكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: (كلنا لا تطيب نفسه، نستغفر الله). رواه ابن الأعرابي في معجمه. - وقال أبو بكر بن عياش: أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن؛ لأن في القرآن في المهاجرين: {أولئك هم الصادقون}، فمن سماه الله صادقاً لم يكذب، هم سموه وقالوا: يا خليفة رسول الله. خطبته حين تولَّى الخلافة - قال محمد بن إسحاق: حدثني الزهري، حدثني أنس بن مالك قال: لما بويع أبو بكر في السقيفة، وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر، وقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: (أيها الناس! إني قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهداً عهده إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني كنت أرى أنَّ رسول الله سيدبر أمرنا - يقول: يكون آخرنا - وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم ; صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثاني اثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه. فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة، ثم تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه، إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه، إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله). رواه ابن إسحاق في السيرة كما في البداية والنهاية لابن كثير. - قال ابن كثير: ( وهذا إسناد صحيح؛ فقوله رضي الله عنه: "وليتكم ولست بخيركم" من باب الهضم والتواضع، فإنهم مجمعون على أنه أفضلهم وخيرهم رضي الله عنهم). - وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الخطب والمواعظ: حدثنا علي بن هاشم عن هشام بن عروة عن أبيه قال: خطب أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد فإني وليت أمركم ولست بخيركم، ولكنه نزل القرآن، وسنّ النبي صلى الله عليه، وعلمنا فعلمنا، واعلمُنَّ أيها الناس أنَّ أكيس الكيس التقى - أو قال الهدى -، وأعجز العجز الفجور، وأن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه، وأن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق، أيها الناس! إنما أنا متبع ولست بمبتدع؛ فإن أنا أحسنتُ فأعينوني، وإن أنا زغت فقوّموني، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم). - قال أبو عبيد: حدثنا علي بن هاشم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم أو غيره، عن أبي بكر نحو ذلك. وروى نحوه ابن سعد في الطبقات قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا هشام بن عروة، قال عبيد الله: أظنه عن أبيه. - وقال معمر بن راشد في جامعه، عن رجل، عن الحسن، أن أبا بكر الصديق خطب فقال: « أما والله ما أنا بخيركم، ولقد كنت لمقامي هذا كارها، ولوددت لو من يكفيني فتظنون أني أعمل فيكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذاً لا أقوم لها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعصم بالوحي، وكان معه ملك، وإنَّ لي شيطاناً يعتريني، فإذا غضبت فاجتنبوني، لا أوثر في أشعاركم ولا أبشاركم، ألا فراعوني؛ فإن استقمت فأعينوني، وإن زغت فقوموني ». قال الحسن: «خطبة والله ما خطب بها بعده». وهذا الأثر على انقطاعه فيه رجل مجهول. - قال معمر: وحدثني بعض أهل المدينة، قال: خطبنا أبو بكر فقال: «يا أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن ضعفت فقوموني، وإن أحسنت فأعينوني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، الضعيف فيكم القوي عندي حتى أزيح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالفقر، ولا ظهرت - أو قال: شاعت - الفاحشة في قوم إلا عممهم البلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله». https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
بعض أخباره في خلافته - قال خليفة بن خياط: (في سنة إحدى عشرة بويع أبو بكر بيعة العامة يوم الثلاثاء، من غد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم). - وقال هشام الدستوائي: أخبرنا عطاء بن السائب قال: لما استُخلف أبو بكر أصبح غادياً إلى السوق، وعلى رقبته أثواب يتّجر بها؛ فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح؛ فقالا له: أين تريد يا خليفة رسول الله؟ قال: السوق. قالا: تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ قالا له: انطلق حتى نفرض لك شيئاً؛ فانطلق معهما ففرضوا له كل يومٍ شطر شاة وماكسوه في الرأس والبطن. فقال عمر: (إليَّ القضاء). وقال أبو عبيدة: (وإليَّ الفيء). قال عمر: (فلقد كان يأتي عليَّ الشهر ما يختصم إلي فيه اثنان). رواه ابن سعد في الطبقات. - وقال محارب بن دثار: (لما ولي أبو بكر ولى أبا عبيدة بيت المال وولى عمر القضاء فمكث سنة لا يختصم إليه أحد). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب العلل لأبيه. - وقال عفان بن مسلم: أخبرنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: لما ولي أبو بكر قال أصحاب رسول الله: افرضوا لخليفة رسول الله ما يغنيه. قالوا: نعم، بُرداه إذا أخلقهما وضعهما وأخذ مثلهما، وظهره إذا سافر، ونفقته على أهله كما كان ينفق قبل أن يستخلف. قال أبو بكر: (رضيت). رواه ابن سعد في الطبقات. - وقال معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: لما ولي أبو بكر قال: (قد علم قومي أنَّ حرفتي لم تكن لتعجز عن مؤونة أهلي، وقد شغلت بأمر المسلمين، وسأحترف للمسلمين في مالهم، وسيأكل آل أبي بكر من هذا المال). رواه ابن سعد في الطبقات، وابن زنجويه في الأموال. - وقال أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن أبا بكر حين استخلف ألقى كل دينار ودرهم عنده في بيت مال المسلمين وقال: (قد كنت أتجر فيه، والتمس به؛ فلما وليتهم شغلوني). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق. - وقال أحمد بن عبد الله بن يونس: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال: لما أستخلف أبو بكر جعلوا له ألفين؛ فقال: زيدوني فإنَّ لي عيالاً، وقد شغلتموني عن التجارة. قال: فزادوه خمسمائة. قال: (إما أن تكون ألفين فزادوه خمسمائة، أو كانت ألفين وخمسمائة؛ فزادوه خمسمائة). رواه ابن سعد. - وقال عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن أبا بكر حين حضره الموت قال: (إني لا أعلم عند أبي بكر من هذا المال شيئاً غير هذه اللقحة، وغير هذا الغلام الصيقل، كان يعمل سيوف المسلمين ويخدمنا؛ فإذا متّ فادفعيه إلى عمر). فلما دفعته إلى عمر قال: (رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده). رواه ابن سعد. أعماله الجليلة في خلافته كان لأبي بكر الصديق أعمال جليلة في خلافته؛ ومنها: 1. تسيير جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما - قال أبو أسامة الكوفي: حدثنا هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: (ومرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول في مرضه: «أنفذوا جيش أسامة، أنفذوا جيش أسامة». قال: فسار حتى بلغ الجرف، فأرسلت إليه امرأته فاطمة بنت قيس، فقالت: لا تعجل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيل، فلم يبرح حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى أبي بكر، فقال: (إنّ رسول الله بعثني وأنا على غير حالكم هذه، وأنا أتخوّف أن تكفر العرب، فإن كفرت كانوا أوّل من يقاتل، وإن لم تكفر مضيت، فإن معي سروات الناس وخيارهم). قال: فخطب أبو بكر الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (والله لأن تخطفني الطير أحبُّ إليَّ من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم). قال: (فبعثه أبو بكر إلى أبنى، واستأذن لعمر أن يتركه عنده). قال: (فأذن أسامة لعمر). قال: (فساروا؛ فلما دنوا من الشام أصابتهم ضبابة شديدة، فسترهم الله بها حتى أغاروا، وأصابوا حاجتهم). قال: (فقُدم بنعي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هرقل وإغارة أسامة في ناحية أرضه خبراً واحداً؛ فقالت الروم: ما بالى هؤلاء بموت صاحبهم أن أغاروا على أرضنا). قال عروة: (فما رئي جيش كان أسلم من ذلك الجيش). رواه ابن سعد بأطول من هذا السياق. - وروى عباد بن كثير عن أبي الزناد عن أبي الأعرج عن أبي هريرة في خبر طويل أنّ ذلك الجيش كان سبباً في تثبيت قبائل العرب التي مروا بها في طريقهم على الإسلام. 2. قتال المرتدين حتى دانت قبائل جزيرة العرب بالإسلام. - قال ابن شهاب الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله)). فقال: (والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة؛ فإنَّ الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه). فقال عمر: «فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق». رواه البخاري ومسلم. - وقال عبد الواحد بن أبي عون، عن القاسم بن محمد , عن عائشة , أنها كانت تقول: « توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزل بأبي بكر ما لو نزل بالجبال لهاضها، اشرأبّ النفاق بالمدينة، وارتدت العرب؛ فوالله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بحظها وعنائها في الإسلام ». وكانت تقول مع هذا: «ومن رأى عمر بن الخطاب عرف أنه خلق غناء للإسلام، كان والله أحوذياً نسيج وحده، قد أعدّ للأمور أقرانها» رواه ابن أبي شيبة، وأحمد في فضائل الصحابة، والطبراني في المعجم الأوسط. 3. تجييش الجيوش لفتح العراق والشام. - قال محمد بن إسحاق: حدثني العلاء بن عبد الرحمن عن رجل من بني سهم عن ابن ماجدة السهمي أنه قال: (حجّ علينا أبو بكر في خلافته سنة ثنتي عشرة؛ فلما قفل أبو بكر من الحج جهز الجيوش الى الشام: عمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة). رواه يعقوب بن سفيان كما في تاريخ دمشق لابن عساكر. - وقال بكر بن يونس عن ابن إسحاق قال: (لما قفل أبو بكر عن الحج بعث عمرو بن العاص قبل فلسطين، ويزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة، وأمرهم أن يسلكوا على البلقاء). رواه خليفة بن خياط. 4. جمع القرآن بين اللوحين وهو أوّل من جمع القرآن في مصحف واحد بعد أن استحر القتل بالقراء في وقعة اليمامة. - قال إبراهيم بن سعد الزهري: حدثنا ابن شهاب، عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة؛ فإذا عمر بن الخطاب عنده». قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!. قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: (إنك رجل شابّ عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتتبع القرآن فاجمعه). فوالله لو كلّفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: (هو والله خير). (فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُب، واللِّخافِ، وصدور الرجال). رواه البخاري في صحيحه. - وقال قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان الثوري، عن السدي، عن عبد خير قال: سمعت علياً يقول: «أعظم الناس أجراً في المصاحف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أوّل من جمع بين اللوحين» رواه ابن أبي داوود في كتاب "المصاحف"، والقطيعي في زياداته على فضائل الصحابة للإمام أحمد، وخيثمة بن سليمان. ورواه الآجري في الشريعة، وأبو الفضل الزهري من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان الثوري به. - قال ابن كثير رحمه الله: (وهذا من أحسنِ وأجلِّ وأعظمِ ما فعله الصديق رضي الله عنه). https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
صفاته وشمائله - قال عمر بن شبة: حدثني محمد بن يحيى، وهو أبو غسان المدني، حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن أبيه، عن عمر بن سعد، عن ابن شهاب قال: (كان أبو بكر الصديق أبيض لطيفاً جعداً، كأنما خرج من صدع حجر، مشرف الوركين، لا يثبت إزاره على وركيه). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه. - وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، عن أبي جعفر الأنصاري، قال: «رأيت أبا بكر لكأنَّ رأسه ولحيته كأنهما جمر الغضى». رواه ابن أبي شيبة. - وقال وكيع، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، عن أبي جعفر الأنصاري قال: (رأيت أبا بكر في غزوة السلاسل كأن رأسه ولحيته جمر الغضا). رواه أبو القاسم البغوي. - وقال علي بن الجعد: أخبرنا شعبة عن حميد عن أنس: (أن أبا بكر كان يخضب بالحناء والكتم). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال أبو خيثمة: حدثنا جرير، عن حصين، عن المغيرة بن شبيل عن قيس بن أبي حازم قال: (رأيت أبا بكر كأن رأسه ولحيته ضرام عرفج). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. وفاته - قال وهيب بن خالد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخلت على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: «في ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة». وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: «يوم الإثنين». قال: فأي يوم هذا؟ قالت: «يوم الاثنين». قال: (أرجو فيما بيني وبين الليل). فنظر إلى ثوبٍ عليه، كان يمرض فيه به ردع من زعفران، فقال: (اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيها). قلت: إنَّ هذا خَلَق. قال: (إنَّ الحي أحقّ بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة؛ فلم يتوفَّ حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح). رواه البخاري. - وقال مجاهد بن وردان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كنت عند أبي بكر حين حضرته الوفاة فتمثلت بهذا البيت من لا يزال دمعه مقنعا ... يوشك أن يكون مرة مدّفعا فقال: يا بنية لا تقولي هكذا، ولكن قولي: {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد}.ثم قال: في كم كفن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: في ثلاثة أثواب. فقال: (كفنوني في ثوبي هذين واشتروا إليهما ثوباً جديداً؛ فإنَّ الحيَّ أحوج إلى الجديد من الميت، وإنما هي للمهلة). رواه ابن حبان في صحيحه، وجماعة من أهل الحديث واختلفوا في ضبط البيت، وهذا أشبه بالصواب. - وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن عبد الله البهي مولى الزبير، عن عائشة، قالت: " لما حضر أبو بكر قلت كلمة من قول حاتم: لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر فقال: (لا تقولي هكذا يا بنية، ولكن قولي {وجاءت سكرة الموت بالحق، ذلك ما كنت منه تحيد}، انظروا ملاءتي هاتين، فإذا مت فاغسلوهما وكفنوني فيهما، فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت). رواه ابن سعد، وأحمد في الزهد. - وقال عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: حدثني الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب أن أبا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيرة أهديت لأبي بكر؛ فقال الحارث لأبي بكر: ارفع يدك يا خليفة رسول الله، والله إنَّ فيها لسمّ سنة، وأنا وأنت نموت في يوم واحدٍ، قال: (فرفع يده فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحدٍ عند انقضاء السنة). رواه ابن سعد. وهذا مرسل. - قال ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: (عاش أبو بكر بعد أن استخلف سنتين وأشهراً). رواه البخاري في التاريخ الصغير. - وقال الليث بن سعد: (توفي أبو بكر لليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال زياد البكائي عن محمد بن إسحاق قال: (كانت خلافة أبي بكر سنتين وثلاثة أشهر واثنتين وعشرين يوما توفي في جمادى الأولى). - وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «ما ترك أبو بكر ديناراً ولا درهماً ضرب الله سكته». رواه ابن سعد. سنّه عند وفاته - قال حكّام بن سلم الرازي: حدثنا عثمان بن زائدة، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك، قال: «قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وعمر وهو ابن ثلاث وستين». رواه مسلم. - وقال عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان الجعفي: حدثنا سلام أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، قال: كنت جالساً مع عبد الله بن عتبة، فذكروا سني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بعض القوم كان أبو بكر أكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله: «قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، ومات أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين». قال: فقال رجلٌ من القوم يقال له عامر بن سعد: حدثنا جرير، قال: كنا قعوداً عند معاوية فذكروا سني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال معاوية: «قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة، ومات أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين». رواه مسلم. - وقال شعبة: سمعت عامر بن سعد [البجلي]، يقول: سمعت جرير بن عبد الله، يقول: سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول وهو يخطب: ( توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، وتوفي أبو بكر رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين، وتوفي عمر وهو ابن ثلاث وستين). قال معاوية:(وأنا اليوم في ثلاث وستين). رواه أحمد، وأبو داوود الطيالسي. - وروى عبد الرزاق نحوه من طريق سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب. - وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: سمعت سعيد بن المسيب يقول: قال: قبض رسول الله وهو ابن ثلاث وستين، واستكمل أبو بكر بخلافته سن رسول الله صلى الله عليه وسلم».رواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن سعد، وأبو حفص الفلاس. ولفظ بعضهم: (استكمل أبو بكر في خلافته سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة). - وقال ابن سعد: (توفي رحمه الله وهو ابن ثلاث وستين سنة، مجمع على ذلك في الروايات كلها، استوفى سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر ولد بعد الفيل بثلاث سنين). - قال أبو حفص الفلاس: (وليس في سنّ أبي بكر اختلاف أنه مات ابن ثلاث وستين، وأنه مات ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الأولى، سنة ثلاث عشرة، ودفن ليلا، وصلى عليه عمر بن الخطاب، وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام). https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 1: سيرة أبي بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر التيمي القرشي رضي الله عنه. وصيته - قال إسماعيل بن أبي خالد عن زُبيد بن الحارث اليامي أن أبا بكر حين حضره الموت أرسل إلى عمر يستخلفه؛ فقال الناس: تستخلف علينا فظاً غليظاً، ولو قد ولينا كان أفظ وأغلظ؛ فما تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر. قال أبو بكر: أبربي تخوفونني؟! أقول: « اللهم استخلفت عليهم خير خلقك ». ثم أرسل إلى عمر فقال:« إني موصيك بوصية إن أنت حفظتها: إنَّ لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل، وإن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدي الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحق وثقله عليهم، وحُقَّ لميزانٍ لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفته عليهم، وحُقَّ لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفاً، وإن الله ذكر أهل الجنة بصالح ما عملوا، وأنه تجاوز عن سيئاتهم؛ فيقول القائل: ألا أبلغ هؤلاء، وذكر أهل النار بأسوإ ما عملوا، وأنه ردَّ عليهم صالح ما عملوا؛ فيقول قائل: أنا خير من هؤلاء، وذكر آية الرحمة وآية العذاب ليكون المؤمن راغباً وراهباً، لا يتمنى على الله غير الحق، ولا يلقي بيده إلى التهلكة؛ فإن أنت حفظت وصيتي لم يكن غائب أحبّ إليك من الموت، وإن أنت ضيعت وصيتي لم يكن غائب أبغض إليك من الموت، ولن تعجزه ». رواه ابن المبارك في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وابن شبة في تاريخ المدينة، وأبو داوود في الزهد، ورجال إسناده أئمة ثقات إلا أنّ فيه انقطاعاً لأنّ زبيداً لم يُدرك عمرَ بن الخطاب، وله شواهد ينجبر بها. - وقال صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: لما ثقل أبي دخل عليه فلان وفلان فقالوا: يا خليفة رسول الله! ماذا تقول لربك إذا قدمت عليه غداً وقد استخلفت علينا ابن الخطاب؟ فقال: « أجلسوني، أبالله ترهبوني؟! ». أقول: « استخلفت عليهم خيرهم ». رواه ابن سعد. رواة التفسير عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه روى عن أبي بكر مسائل التفسير جماعة من الصحابة والتابعين: فمن الصحابة: حذيفة بن اليمان، ومعقل بن يسار المزني، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، والمسور بن مخرمة الزهري، وطارق بن شهاب البجلي. ومن كبار التابعين الذين أدركوه وسمعوا منه: قيس بن أبي حازم البجلي، وسعيد بن نمران الناعطي. ومن الذين اختلف في سماعهم منه: مسروق بن الأجدع الهمداني، والأسود بن هلال المحاربي، وأبو رجاء عمران بن ملحان العطاردي. ومن الذين أرسلوا عنه ولم يدركوه: سعيد بن المسيب، وعامر بن سعد البجلي، وأبو بكر بن أبي زهير الثقفي، وعامر بن شراحيل الشعبي، ومرة بن شراحيل الهمداني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والحارث بن يعقوب الأنصاري، وأبو الضحى مسلم بن صبيح القرشي، ومجاهد بن جبر المكي، وعكرمة مولى ابن عباس؛ فهؤلاء روايتهم عنه مرسلة. مما روي عنه في التفسير: أ: قال سعيد بن نمران: قرأت عند أبي بكر الصديق: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}، قلت: يا خليفة رسول الله، ما استقاموا، قال: استقاموا على ألا يشركوا) رواه سفيان الثوري وابن وهب. ب: قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد البجلي، عن أبي بكر الصديق: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: (النظر إلى وجه ربهم). رواه ابن جرير. ج: قال قيس بن أبي حازم: سمعت أبا بكر الصديق، رضي الله عنه يقرأ هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه، والظالم فلم يأخذوا على يديه، فيوشك أن يعمهم الله منه بعقاب» رواه ابن جرير بهذا اللفظ. المؤلفات في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفضائله المؤلفات في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفضائله كثيرة، ومن أجودها: 1: دواوين السنة، وقد اشتملت على أحاديث وآثار كثيرة في فضائل أبي بكر ومناقبه وأخباره، وقد جمعت ما تيسّر منها. 2: كتب التاريخ المسندة، وقد أُفرد في عدد منها فصول مطوّلة في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. 3: فضائل الخلفاء الأربعة وغيرهم، لأبي نعيم الأصبهاني(ت:430هـ). 4: فضائل أبي بكر الصديق، لأبي طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي العُشاري(ت:451هـ). 5: فضائل أبي بكر الصديق، لأبي بكر البيهقي(ت:458هـ)، ذكره في كتابه "شعب الإيمان". 6: منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين، لموفق الدين ابن قدامة المقدسي(ت:620هـ). 7: الرياض النضرة في مناقب العشرة، لمحبّ الدين الطبري(ت:694هـ) 8: فضل أبي بكر الصديق، لشيخ الإسلام ابن تيمية(ت:728هـ). 9: فضل الخلفاء الراشدين، لشيخ الإسلام ابن تيمية(ت:728هـ). 10: تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصديق، لأبي القاسم علي بن بلبان المقدسي(ت:739هـ). 11: الروض الأنيق في فضل الصديق، للحافظ جلال الدين السيوطي(ت:911هـ). 12: تحفة أهل التصديق ببعض فضائل أبي بكر الصديق، لعبد القادر بن جلال الدين المحلي(ت:1033هـ). 13: سيرة العتيق أبي بكر الصديق، للشيخ موسى بن راشد العازمي. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...0f5aa36393.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ) اسمه ونسبه هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عديّ بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي. وأمّه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية. وقيل: حنتمة بنت هشام، وهو خطأ. - قال أبو بشر الدولابي: حدثني أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي قال: ثنا حجاج بن يوسف الرصافي قال: حدثني عبيد الله بن أبي زياد عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري قال: «عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر». - وقال يعقوب بن سفيان الفسوي: (عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر). مولده ونشأته ولد عمر قبل الهجرة بأربعين سنة، وذلك أنه صحّ عن معاوية وأنس بن مالك وغيرهما أنه مات وله ثلاث وستون سنة؛ فيكون مولده بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة. - قال محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه قال: أقبلنا مع عمر بن الخطاب قافلين من مكة حتى إذا كنّا بشعاب ضَجْنَان وقف الناس. قال محمد: مكاناً كثير الشجر والأشب. قال: فقال عمر: (لقد رأيتني في هذا المكان وأنا في إبل للخطاب، وكان فظاً غليظاً، أحتطب عليها مرة، وأختبط عليها أخرى، ثم أصبحت اليوم يضرب الناس بجنباتي، ليس فوقي أحد، قال: ثم مثل بهذا البيت: لا شيء فيما ترى إلا بشاشته ... يبقى الإله ويودي المال والولد). رواه ابن سعد. - وقال محمد بن سعد: سألت أبا بكر بن محمد بن أبي مرة المكي، وكان عالماً بأمور مكة عن منزل عمر بن الخطاب الذي كان في الجاهلية بمكة، فقال: (كان ينزل في أصل الجبل الذي يقال له اليوم جبل عمر، وكان اسم الجبل في الجاهلية العاقر، فنسب إلى عمر بعد ذلك، وبه كانت منازل بني عدي بن كعب). إسلامه - قال خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت: سمعت نافعاً يذكر عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم أعزّ الدين بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل بن هشام، أو عمر بن الخطاب)). فكان أحبهما إليه عمر بن الخطاب). رواه الترمذي وابن حبان. - وقال يونس بن بكير، عن النضر أبي عمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب» قال: فأصبح فغدا عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم). رواه الترمذي وقال: (هذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد تكلم بعضهم في النضر أبي عمر، وهو يروي مناكير). - وقال ابن وهب: حدثني عمر بن محمد قال: أخبرني جدي زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: بينما هو في الدار خائفاً إذْ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو، عليه حلة حَبِرة وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية، فقال له: ما بالك؟ قال: (زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت). قال: لا سبيل إليك. بعد أن قالها أمنت، فخرج العاص فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبا، قال: لا سبيل إليه؛ فكرَّ الناس. رواه البخاري. - وقال سفيان بن عيينة: سمعته [أي: عمرو بن دينار] يقول: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبا عمر وأنا غلام، فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: قد صبا عمر فما ذاك، فأنا له جار. قال: فرأيت الناس تصدعوا عنه. فقلت: من هذا؟ قالوا: (العاص بن وائل). رواه البخاري في صحيحه. - وقال وهب بن جرير: حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يقول: حدثنا نافع عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لم تعلم قريش بإسلامه، فقال: أي أهل مكة أنشأ للحديث؟ فقالوا: جميل بن معمر الجمحي، فخرج إليه وأنا معه أتبع أثره، أعقل ما أرى وأسمع، فأتاه فقال: يا جميل! إني قد أسلمت. قال: فوالله ما ردّ عليه كلمة حتى قام عامداً إلى المسجد؛ فنادى أندية قريش، فقال: يا معشر قريش! إنَّ ابن الخطاب قد صبأ. فقال عمر: كذب، ولكني أسلمت وآمنت بالله، وصدقت رسوله؛ فثاوروه؛ فقاتلهم حتى ركدت الشمس على رؤوسهم، حتى فتر عمر وجلس، فقاموا على رأسه. فقال عمر: افعلوا ما بدا لكم؛ فوالله لو كنا ثلاث مائة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم؛ فبينما هم كذلك قيام عليه، إذ جاء رجل عليه حلة حرير وقميص قومسي، فقال: ما بالكم؟ فقالوا: إن ابن الخطاب قد صبأ!! قال: فمه! امرؤ اختار ديناً لنفسه؛ أفتظنون أن بني عدي تسلم إليكم صاحبهم؟! قال: فكأنما كانوا ثوباً انكشف عنه. فقلت له بعد بالمدينة: يا أبت! من الرجل الذي ردَّ عنك القوم يومئذ؟ فقال: (يا بُني! ذاك العاص بن وائل). رواه ابن حبان. - وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي: حدثنا قيس [هو ابن أبي حازم]، قال: قال عبد الله [بن مسعود]: «مازلنا أعزة منذ أسلم عمر». رواه البخاري. ورواه ابن سعد في الطبقات من طريق محمد بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد به وزاد: «لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر؛ فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا نصلي». - وقال مسعر بن كدام، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله بن مسعود: «كان إسلام عمر فتحاً، وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة، لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر؛ فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا». رواه ابن سعد في الطبقات، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة. - وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في مسجد الكوفة يقول: «والله لقد رأيتني، وإنَّ عمر لموثقي على الإسلام، قبل أن يسلم عمر، ولو أنَّ أحداً ارفضَّ للذي صنعتم بعثمان لكان». رواه البخاري في صحيحه. وفي رواية في الصحيح: «لو رأيتني موثقي عمر على الإسلام، أنا وأخته، وما أَسْلَمَ، ولو أنَّ أحداً انقضَّ لما صنعتم بعثمان لكان محقوقا أن ينقضّ». - وقال إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق قال: (فلما قدم عبد الله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص، على قريش ولم يدركوا ما طلبوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وردهم النجاشي بما يكرهون، أسلم عمر بن الخطاب، وكان رجلا ذا شكيمة، لا يرام ما وراء ظهره، امتنع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحمزة بن عبد المطلب، حتى غزا قريشا، فكان عبد الله بن مسعود يقول: ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر بن الخطاب، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه، وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه. - وقال عبد الله بن إدريس الأودي، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، قال: «أسلم عمر بن الخطاب بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة». رواه ابن أبي شيبة. - وقال الواقدي: أخبرنا محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: «أسلم عمر بعد أربعين رجلا وعشرة نسوة، فما هو إلا أن أسلم عمر فظهر الإسلام بمكة». رواه ابن سعد. - وقال أبو عبد الله الذهبي: (أسلم في السنة السادسة من النبوة، وله سبع وعشرون سنة). https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ) هجرته هاجر عمر قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لهجرته شأن عند المسلمين، فقد تقدّم قول ابن مسعود رضي الله عنه: (كان إسلام عمر فتحاً، وكانت هجرته نصراً). - قال شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: أول من قدم علينا مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم وكانا يقرئان الناس، فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء، فرحهم به). رواه البخاري. - وقال ابن إسحاق: حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: (لما اجتمعنا للهجرة اتّعدت أنا، وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل، وقلنا: الميعاد بيننا التناضب من أضاة بني غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها؛ فقد حُبس فليمض صاحباه، فأصبحتُ عنده أنا وعياش بن أبي ربيعة، وحبس عنا هشام وفتن فافتتن، وقدمنا المدينة؛ فكنا نقول: ما الله بقابل من هؤلاء توبة، قوم عرفوا الله وآمنوا به، وصدقوا رسوله ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا، وكانوا يقولونه لأنفسهم، فأنزل الله عز وجل فيهم: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} إلى قوله: {مثوى للمتكبرين}. قال عمر رضي الله عنه: فكتبتها بيدي كتاباً، ثم بعثت بها إلى هشام، فقال هشام بن العاص: فلما قدمت علي خرجت بها إلى ذي طوى، فجعلت أصعّد بها وأصوب لأفهمها، فقلت: اللهم فهّمنيها، وفرقت أنما أنزلت فينا لما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا، فرجعت فجلست على بعيري بفلحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: (فقتل هشام شهيدا بأجنادين في ولاية أبي بكر رضي الله عنه). رواه البيهقي في دلائل النبوة. وقد روي في شأن هجرته أخبار أخر في إسنادها ضعف. جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم شهد عمر جميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له في كثير منها مواقف جليلة، فيها تثبيت للمؤمنين، وإغاظة للمشركين. والحديث عن مواقفه في تلك المشاهد يطول به المقام، وهي مدوّنة في دواوين السنّة وكتب السيرة. إنفاقه في سبيل الله عزّ وجلّ كان عمر كثير الإنفاق في سبيل الله، سريع الاستجابة حين يدعو النبي صلى الله عليه وسلم للإنفاق في أمر تتعلق به مصلحة المسلمين، حتى إنه تصدّق مرة بنصف ماله ليسبق أبا بكر، لكنّه وجده قد سبقه. - قال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: سمعت عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدّق؛ فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً. قال: فجئتُ بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟» قلت: مثله. قال: فأتى أبو بكر بكلّ ما عنده. فقال: «يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟» فقال: (أبقيت لهم الله ورسوله). فقلت:(لا أسابقك إلى شيء أبداً). رواه الدارمي، وأبو داوود، والترمذي. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
|
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
|
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
|
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ) مناقبه وفضائله فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومناقبه كثيرة، وقد تقدّم في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ذكر أحاديث تشتمل على فضل عمر رضي الله عنه لاقترانهما في كثير من الفضائل؛ وقد دلّت تلك الأحاديث على أنّ عمر رضي الله عنه خير هذه الأمة وأحبّ رجالها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبي بكر رضي الله عنه، وأنهما سيدا كهول أهل الجنة، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهما، وحسن بلائهما في الإسلام. وما بقي من الأحاديث والآثار في فضله ومناقبه فرأيت أن أفرّقه في سيرته لارتباط كثير منها ببعض أعماله وخصاله ومواقفه المأثورة. بشارته بالجنّة - قال عثمان بن غياث الراسبي: حدثنا أبو عثمان النهدي، عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «افتح له وبشره بالجنة» ففتحت له، فإذا أبو بكر، فبشرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «افتح له وبشره بالجنة»، ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، ثم استفتح رجل، فقال لي: «افتح له وبشره بالجنة، على بلوى تصيبه»؛ فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم قال: (الله المستعان). رواه البخاري. - وقال ابن شهاب الزهري: أخبرني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال: (( بينا أنا نائم رأيتني في الجنة؛ فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب. فذكرت غيرته فوليت مدبراً؛ فبكى عمر، وقال: (أعليك أغار يا رسول الله؟!). رواه البخاري ومسلم. - وقال محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " رأيتني دخلت الجنة؛ فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة، وسمعت خشفة، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال، ورأيت قصرا بفنائه جارية؛ فقلت: لمن هذا؟ فقال: لعمر، فأردت أن أدخله فأنظر إليه، فذكرت غيرتك؛ فقال عمر: (بأبي وأمي يا رسول الله! أعليك أغار؟!). رواه البخاري ومسلم. أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به - قال عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوساً فقال: «إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم، فاقتدوا باللذين من بعدي، وأشار إلى أبي بكر وعمر، وتمسكوا بعهد عمار، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه» رواه أحمد، وروى ابن أبي شيبة والترمذي بعضه. - وقال سليمان بن المغيرة: حدثنا ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم، وتأتون الماء إن شاء الله غداً» فذكر الحديث بطوله، وفيه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أصبح الناس فقدوا نبيهم»، فقال أبو بكر، وعمر: رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدكم، لم يكن ليخلفكم، وقال الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيديكم، فإن يطيعوا أبا بكر، وعمر يرشدوا ». رواه مسلم في صحيحه. - وقال خالد بن معدان: حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحجر بن حجر، قالا: أتينا العرباض بن سارية، وهو ممن نزل فيه: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه} فسلمنا، وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال العرباض: صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة». رواه أحمد وأبو داود، وله طرق أخرى. وهو مع ذلك داخل فيما زكّى الله به أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم وذكر رضاه عنهم، وبيّن أنّ من آمن بمثل ما آمنوا به فقد اهتدى، وتوعّد من اتّبع غير سبيلهم. - قال الله تعالى: {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا} ، وعمر من أولى من يدخل في الخطاب بهذه الآية؛ فهو مهتدٍ ومحلّ للاقتداء. - وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}. - وقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)}. علمه وفقهه وتديّنه - قال ابن شهاب الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، أن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الريَّ يخرج في أظفاري، ثم أعطيتُ فضلي عمر بن الخطاب». قالوا: فما أوَّلته يا رسول الله؟ قال: «العلم». رواه البخاري، ومسلم. - وقال ابن شهاب الزهري: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف، أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينا أنا نائم رأيت الناس يُعرضون عليَّ وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرّه». قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: «الدين». رواه البخاري، ومسلم. - وقال حسين بن علي الجعفي، عن زائدة بن قدامة، عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن وهب، قال: قال عبد الله بن مسعود: (ما أظنُّ أهل بيت من المسلمين لم يدخل عليهم حزن عمر يوم أصيب عمر إلا أهل بيت سوء، إنَّ عمر كان أعلمنا بالله، وأقرأنا لكتاب الله، وأفقهنا في دين الله). رواه ابن أبي شيبة. - وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، قال: قال عبد الله بن مسعود: (لو وضع علم أحياء العرب في كفة، ووضع علم عمر في كفة لرجح بهم علم عمر). رواه ابن أبي شيبة، وابن سعد. - وقال أسد بن موسى: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: قال عبد الله: «لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان، ووضع علم أهل الأرض في كفة لرجح علمه بعلمهم». قال وكيع: قال الأعمش: فأنكرت ذلك، فأتيت إبراهيم فذكرته له، فقال: وما أنكرت من ذلك؟!! فوالله لقد قال عبد الله أفضل من ذلك، قال: «إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهب يوم ذهب عمر رضي الله عنه». رواه الطبراني في المعجم الكبير. ورواه أبو خيثمة في كتاب العلم من طريق جرير بن حازم عن الأعمش بنحوه. ورواه البيهقي في المدخل إلى السنن من طريق عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش بنحوه. - وقال عبد الملك بن عمير: حدثني قبيصة بن جابر قال: «ما رأيتُ رجلاً أعلم بالله، ولا أقرأ لكتاب الله، ولا أفقه في دين الله من عمر» رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة وابن أبي شيبة في مصنفه. - وقال هشيم بن يشير: قال: أنا العوام، عن مجاهد قال: (إذا اختلف الناس في شيء، فانظروا ما صنع عمر فخذوا به). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال أبو إسحاق الشيباني عن أبي الضحى عن مسروق، قال: كتب كاتب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "هذا ما أرى اللهُ أميرَ المؤمنين عمرَ"؛ فانتهره عمر رضي الله عنه، وقال: (لا، بل اكتب: "هذا ما رأى عمر؛ فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر). رواه أبو جعفر الطحاوي في شرح مشكل الآثار، والبيهقي في الكبرى. عبادته وهديه - قال حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج ليلة؛ فإذا هو بأبي بكر رضي الله عنه يصلي يخفض من صوته، قال: ومرَّ بعمر بن الخطاب، وهو يصلي رافعاً صوته، قال: فلما اجتمعا عند النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «يا أبا بكر! مررتُ بك وأنت تصلي تخفض صوتك»، قال: قد أسمعتُ من ناجيتُ يا رسول الله! قال: وقال لعمر: «مررتُ بك، وأنت تصلي رافعاً صوتك». قال: فقال: يا رسول الله! أوقظ الوسنان، وأطرد الشيطان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئاً» وقال لعمر: «اخفض من صوتك شيئاً». رواه أبو داوود في سننه، وابن خزيمة في صحيحه بهذا السياق، ورواه الترمذي مختصراً. - وقال مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أنه قال: (كان عمر يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله بالصلاة، يقول لهم: الصلاة الصلاة! ويتلو هذه الآية: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى}). رواه أبو داوود في الزهد. - وقال أبو سهيل بن مالك الأصبحي، عن أبيه؛ أنه قال: (كنا نسمع قراءة عمر بن الخطاب عند دار أبي جهم بالبلاط). رواه مالك في الموطأ. ورواه النسائي في السنن الكبرى من طريق سليمان بن بلال عن أبي سهيل بن مالك، عن أبيه أنه كان يسمع قراءة عمر بن الخطاب وهو يؤم الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار أبي جهم). - وقال ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عمر كان إذا رأى أبا موسى قال: (ذكّرنا يا أبا موسى، فيقرأ عنده). رواه ابن سعد، وهو منقطع لكن يعضده ما رواه شعبة، عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد الأزدي، عن أبي نضرة العبدي قال: قال عمر لأبي موسى: (شوّقنا إلى ربنا) فقرأ، فقالوا: الصلاة، فقال عمر: (أولسنا في صلاة؟). وقد أخرجه ابن سعد أيضاً، وأحمد في الزهد. - وقال حزم بن أبي حزم القطعي: سمعت الحسن بن أبي الحسن [البصري] يقول: تزوَّج عثمان بن أبي العاص امرأةً من نساء عمر بن الخطاب؛ فقال: والله، ما نكحتها رغبة في مال ولا ولد، ولكني أحببتُ أن تخبرني عن ليل عمر؛ فسألتها، فقال: كيف كان صلاة عمر بالليل؟ قالت: كان يصلي صلاة العشاء، ثم يأمرنا أن نضع عند رأسه توراً فيه ماء فيتعارّ من الليل فيضع يده في الماء فيمسح وجهه ويديه، ثم يذكر الله عز وجل حتى يغفي، ثم يتعارّ حتى تأتي الساعة التي يقوم فيها). رواه أحمد في الزهد. - وقال أبو خلدة خالد بن دينار التميمي: حدثنا أبو العالية قال: أكثر ما كنت أسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «اللهم عافنا واعف عنا». رواه أحمد في الزهد. زهده وورعه - قال محمد بن سيرين، عن الأحنف بن قيس قال: كنا جلوساً بباب عمر فمرّت جارية، فقالوا: سرية أمير المؤمنين! فقالت: ما هي لأمير المؤمنين بسرية وما تحل له، إنها من مال الله. فقلنا: فماذا يحلّ له من مال الله؟ فما هو إلا قدر أن بلغت وجاء الرسول فدعانا، فأتيناه، فقال: ماذا قلتم؟ قلنا: لم نقل بأساً، مرّت جارية فقلنا: هذه سرية أمير المؤمنين، فقالت: ما هي لأمير المؤمنين بسرية، وما تحل له، إنها من مال الله؛ فقلنا: فماذا يحل له من مال الله؟ فقال: (أنا أخبركم بما أستحلّ منه، يحلّ لي حلتان، حلّة في الشتاء، وحلّة في القيظ، وما أحجّ عليه وأعتمر من الظهر، وقوتي وقوت أهلي كقوت رجل من قريش، ليس بأغناهم ولا بأفقرهم، ثم أنا بعد رجلٌ من المسلمين، يصيبني ما أصابهم). رواه ابن سعد، وعمر بن شبة. - وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن حارثة بن مضرب قال: قال عمر بن الخطاب: «إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف». رواه ابن سعد. ورواه أيضاً من طريق الأعمش عن أبي وائل عن عمر. - وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عاصم بن عمر قال: أرسل إليَّ عمر يرفأ فأتيته وهو في مصلاه عند الفجر أو عند الظهر، قال: فقال: «والله ما كنت أرى هذا المال يحلّ لي من قبل أن أليَه إلا بحقه، وما كان قطّ أحرمَ عليَّ منه إذ وليته، عاد أمانتي، وقد أنفقت عليك شهراً من مال الله ولست بزائدك، ولكني معينك بثمر مالي بالغابة فاجدده فبعه، ثم ائت رجلاً من قومك من تجارهم فقم إلى جنبه، فإذا اشترى شيئاً فاستشركه فاستنفق وأنفق على أهلك». رواه ابن سعد في الطبقات، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة. - وقال مصعب بن سعد بن أبي وقاص: قالت حفصة لعمر: (ألا تلبس ثوبا ألين من ثوبك، وتأكل طعاماً أطيب من طعامك! فقد فتح الله عليك الأرض، ووسع عليك الرزق) فقال: « سأخاصمك إلى نفسك ». فجعل يذكّرها ما كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كانت فيه من الجهد حتى أبكاها، فقال: « قد قلت لك: إنه كان لي صاحبان سلكا طريقاً، وإني إن سلكت غير طريقهما سلك بي غير طريقهما، وإني والله لأشاركنهما في مثل عيشهما لعلّي أن أدركَ معهما عيشهما الرخي ». رواه عبد الله بن المبارك في الزهد، وابن سعد في الطبقات، وإسحاق بن راهويه في مسنده، وابن أبي شيبة في مصنفه، والنسائي في السنن الكبرى، والحاكم في المستدرك، وفي سماع مصعب من حفصة خلاف. - وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي: أخبرني سعيد بن أبي بردة، عن يسار بن نمير قال: سألني عمر: ( كم أنفقنا في حجتنا هذه؟). قلت: (خمسة عشر ديناراً). رواه ابن سعد في الطبقات. - وقال هشيم بن بشير: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال: (حججت مع عمر، فما رأيته ضرب فسطاطاً حتى رجع). قلت: كيف كان يصنع؟ قال: (كان يستظل بالنطع والكساء). رواه أبو داوود في الزهد، ورواه ابن أبي شيبة من طريق عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد بنحوه. - وقال يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال أن حفص بن أبي العاص كان يحضر طعام عمر فكان لا يأكل، فقال له عمر: «ما يمنعك من طعامنا؟» قال: إن طعامك جشب غليظ، وإني راجع إلى طعام لين قد صنع لي فأصيب منه. قال: أتراني أعجز أن آمر بشاة فيلقى عنها شعرها، وآمر بدقيق فينخل في خرقة، ثم آمر به فيخبز خبزاً رقاقاً، وآمر بصاعٍ من زبيب فيقذف في سِعْنٍ ثم يصبّ عليه من الماء فيصبح كأنه دم غزال؟ فقال: إني لأراك عالماً بطيّب العيش. فقال: (أجل والذي نفسي بيده، لولا أن تنتقض حسناتي لشاركتكم في لين عيشكم). رواه ابن سعد في الطبقات، وحفص بن أبي العاص هو أخو عثمان بن أبي العاص الثقفي، مختلف في صحبته، ورجّح ابن حجر شهوده حجَّة الوداع، والسِّعن وعاء من جلد شبيه بالقِربة. - وقال حبان بن هلال قال: حدثنا مبارك بن فضالة قال: حدثنا الحسن قال: حدثني حفص بن أبي العاص قال: كان عمر رضي الله عنه يغدينا بالخبز والزيت والخل، والخبز واللبن، والخبز والقديد، وأول ذلك اللحم الغريض، يأكل وكنا نعذر، وكان يقول: لا تنخلوا الدقيق فكله طعام، وكان يقول: ما لكم لا تأكلون؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، إنا نرجع إلى طعام ألين من طعامك..). رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة، وذكر بقية الأثر بنحو ما تقدم. - وقال وهب بن جرير بن حازم: حدثنا أبي قال: سمعت الحسن، يقول: قدم وفد أهل البصرة مع أبي موسى الأشعري على عمر رضي الله عنه قال: فكان له في كل يوم خبز يُلَتّ؛ فربما وافقناها مأدومة بزيت، وربما وافقناها مأدومة بسمن، وربما وافقناها مأدومة بلبن، وربما وافقناها القدائد اليابسة قد دُقَّت ثم غلي بها، وربما وافقنا اللحم الغريض، وهو قليل، فقال لنا يوماً: ( إني والله قد أرى تقذيركم وكراهيتكم طعامي، أما والله لو شئت لكنت أطيبكم طعاماً وأرقكم عيشاً، أما والله ما أجهل عن كراكر وأسنمة، وعن صلاء وصناب وصلائق، ولكني سمعت الله عيَّر قوماً بأمر فعلوه فقال: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}). رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة. - وقال عبد الله بن وهب: أخبرني يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لما استخلف عمر رضي الله عنه أكل هو وأهله من المال، واخترق في مال نفسه». رواه عمر بن شبة. قوله: (اخترق في مال نفسه) أي: ترك القيام عليه بما يصلحه وينميه كما ينبغي حتى لا ينافس المسلمين في تجارتهم، ويدلي عليهم بسلطانه فيحابوه في البيع والشراء. - وقال مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: «كان البرّ لا يعرف في عمر ولا في ابنه حتى يقولا أو يفعلا». رواه ابن سعد في الطبقات، وأبو داوود في الزهد. قلت: يريد أنهما لم يكونا متماوتين، ولا متخاشعين، ولا متزيين بزيّ يعرف به تنسّكهما. - وقال مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه قال: قال أنس بن مالك: (رأيت عمر بن الخطاب وهو يومئذ أمير المؤمنين، وقد رقع بين كتفيه أراه أربع رقاع، بعضها فوق بعض). رواه أبو داوود في الزهد. - وقال سليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: « رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه». رواه ابن أبي شيبة، وابن سعد. - وقال مهدي بن ميمون: أخبرنا سعيد الجريري، عن أبي عثمان النهدي قال: «رأيت عمر بن الخطاب يطوف بالبيت عليه إزار فيه اثنتا عشرة رقعة إحداهن بأديم أحمر». رواه ابن سعد. - وقال وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: لما قدم عمر الشام استقبله الناس وهو على بعيره فقالوا: يا أمير المؤمنين! لو ركبتَ برذونا يلقاك عظماء الناس ووجوههم؛ قال: فقال عمر: «ألا أراكم هاهنا، إنما الأمر من هاهنا، وأشار بيده إلى السماء، خلوا سبيل جملي». رواه ابن أبي شيبة. - وقال أبو أسامة الحافظ عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: لما قدم عمر الشام أُتي ببرذون فقيل له: اركب يا أمير المؤمنين فيراك عظماء أهل الأرض. قال: فقال: (وإنكم لهنالك!! إنما الأمرُ من هاهنا وأشار بيده إلى السماء- خلوا سبيلي). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق. - وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: لما قدم عمر الشام أتته الجنود وعليه إزار وخفان وعمامة وأخذ برأس بعيره يخوض الماء؛ فقالوا له: يا أمير المؤمنين! تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على هذا الحال؟!! قال: فقال عمر: «إنا قوم أعزنا الله بالإسلام؛ فلن نلتمس العزّ بغيره». رواه ابن أبي شيبة، وابن عساكر في تاريخ دمشق. - وقال عبد الله بن إدريس الأودي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن سعيد بن أبي بردة، قال: كتب عمر إلى أبي موسى: «أما بعد، إن أسعد الرعاة من سعدت به رعيته، وإن أشقى الرعاة عند الله من شقيت به رعيته، وإياك أن ترتع فيرتع عمالك؛ فيكون مثلك عند الله مثل البهيمة، نظرت إلى خضرة من الأرض؛ فرتعت فيها تبتغي بذلك السمن، وإنما حتفها في سمنها، وعليك السلام». رواه ابن أبي شيبة. - وقال محمد بن عمرو بن علقمة الليثي: حدثنا أبو سلمة [بن عبد الرحمن] قال: قال سعد بن أبي وقاص: «أما والله ما كان بأقدمِنا إسلاماً، ولكن قد عرفت بأي شيء فضلنا، كان أزهدنا في الدنيا يعني عمر بن الخطاب». رواه ابن أبي شيبة. - وقال يونس بن عبيد: كان الحسن ربما ذكر عمر، فيقول: «والله ما كان بأوَّلهم إسلاماً ولا بأفضلهم نفقة في سبيل الله، ولكنه غلب الناس بالزهد في الدنيا، والصرامة في أمر الله، ولا يخاف في الله لومة لائم». رواه ابن أبي شيبة. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ) محاسبته لنفسه كان عمر رضي الله عنه شديد المحاسبة لنفسه، عظيم الورع، بصيراً بمداخل الشيطان، وأحوال النفس. - قال مالك بن أنس، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: سمعت عمر بن الخطاب، يوما وخرجت معه حتى دخل حائطا فسمعته يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط: «عمر بن الخطاب أمير المؤمنين!! بخ! والله بُنيَّ الخطاب لتتقينَّ الله أو ليعذبنك». رواه مالك في الموطأ، وابن سعد في الطبقات، وأبو داوود في الزهد. إلهامه وتحديثه - قال إبراهيم بن سعد الزهري، عن أبيه سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: « قد كان يكون في الأمم قبلكم محدَّثون؛ فإن يكن في أمتي منهم أحد؛ فإنَّ عمر بن الخطاب منهم». رواه البخاري ومسلم واللفظ له، وزاد: قال ابن وهب: (تفسير محدَّثون: ملهمون). - وقال زكريا بن أبي زائدة، عن سعد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم « لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يُكَلَّمون من غير أن يكونوا أنبياء؛ فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر». رواه البخاري. - وقال حيوة بن شريح الحضرمي: حدثنا بكر بن عمرو [المعافري] أن مشرح بن هاعان أخبره أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو كان من بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطاب)). رواه أحمد. موافقته لبعض ما في القرآن قبل نزوله كان عمر من أعلم الصحابة وأفقههم، وأعرفهم بمراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان ملهماً محدّثاً، وموفقاً مسدداً، ربما نزل الوحي بتأييده وتصديق قوله. - قال حميد الطويل: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (وافقت ربي في ثلاث: فقلت يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت لهن: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن)، فنزلت هذه الآية). رواه أحمد والبخاري من طرق عن حميد. - وقال جويرية بن أسماء: أخبرنا عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال عمر: « وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر ». رواه مسلم. - وقال عبيد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: لما توفي عبد الله بن أبي، جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه؛ فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله تصلي عليه، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنما خيرني الله فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة}، وسأزيده على السبعين)). قال: إنه منافق! قال: فصلَّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا، ولا تقم على قبره}). رواه البخاري، ومسلم. - وقال الليث بن سعد: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول دُعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبتُ إليه، فقلت: يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا: كذا وكذا؟!! قال: أعدد عليه قوله؛ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «أخّر عني يا عمر». فلما أكثرت عليه قال: «إني خيرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها». قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} إلى قوله {وهم فاسقون}. قال: (فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم). رواه البخاري. - وقال عبد العزيز بن محمد الدراوردي: أخبرني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه )). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه، وابن حبان في صحيحه. - وقال أبو عامر العقدي: حدثنا خارجة بن عبد الله الأنصاري، عن نافع عن ابن عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عزّ وجلّ جعل الحق على قلب عمر ولسانه)). وقال ابن عمر: (ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال عمر بن الخطاب إلا نزل القرآن على نحو مما قال عمر). رواه أحمد والترمذي وابن حبان. - وقال محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن غضيف بن الحارث، قال: مررتُ بعمر ومعه نفر من أصحابه، فأدركني رجلٌ منهم؛ فقال: يا فتى! ادع الله لي بخير بارك الله فيك. قال: قلت: ومن أنت رحمك الله؟ قال: أنا أبو ذر. قال: قلت: يغفر الله لك! أنت أحق!! قال: إني سمعت عمر يقول: (نعم الغلام) وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ الله وضع الحق على لسان عمر يقول به». رواه أحمد بهذا السياق، ورواه ابن أبي شيبة وأبو داوود وابن ماجة ويعقوب بن سفيان مختصراً. - وقال هارون بن إسحاق الهمداني: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان بن الغاز، ومحمد بن إسحاق، عن مكحول، عن غضيف، عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل جعل الحق على لسان عمر يقول به)). رواه أبو القاسم البغوي. - وقال ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن، عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: كانت تحتي امرأة أُحبّها، وكان أبي يكرهها، فأمرني أن أطلقها؛ فأبيتُ فأتى النبي صلي الله عليه وسلم؛ فذكر ذلك له، فأرسل إليّ، فقال: "يا عبد الله، طلق امرأتَك"، فطلقتُها). رواه أحمد، وأبو داوود الطيالسي، وغيرهما. شدّته في أمر الله وهيبة الناس له كان لعمر رضي الله عنه من الشدة في أمر الله تعالى، والقوّة والمهابة ما عرف به واشتهر حتى كانت شياطين الإنس والجن تفرق منه، وكان الناس يهابونه هيبة شديدة. - قال خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ألا وإن لكل أمة أمينا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح». رواه أبو داوود الطيالسي، وأحمد، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي في السنن الكبرى. - وقال يعقوب بن إبراهيم الزهري: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد، أن محمد بن سعد بن أبي وقاص، أخبره أن أباه سعد بن أبي وقاص، قال: استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، قال: «عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب». قال عمر: فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن! ثم قال: أي عدوات أنفسهن! أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك». رواه البخاري، ومسلم. - وقال زيد بن الحباب الكوفي: أخبرني خارجة بن عبد الله قال: أخبرنا يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فسمعنا لغطا وصوت الصبيان، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا حبشية تزفن والصبيان حولها فقال: يا عائشة " تعالي فانظري، فجئت فوضعت ذقني على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه فقال لي: «أما شبعت؟» فجعلت أقول: « لا » لأنظر منزلتي عنده إذ طلع عمر فارفض الناس عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر». قالت: «فرجعت». رواه الترمذي والنسائي. - وقال علي بن الحسين بن واقد: حدثني أبي قال: حدثني عبد الله بن بريدة، قال: سمعت أبي بريدة، يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا». فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها، ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف». رواه الترمذي. ورواه البيهقي في السنن الكبرى من طريق علي بن الحسن بن شقيق عن الحسين بن واقد بنحوه. ورواه أحمد وابن حبان من طريق أبي تميلة يحيى بن واضح عن حسين بن واقد به مختصراً من غير ذكر دخول عمر. - وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: أخبرني عبيد بن حنين، أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما، يحدث أنه قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجا فخرجت معه، فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له، قال: فوقفت له حتى فرغ ثم سرت معه، فقلت: يا أمير المؤمنين! من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه؟ فقال: (تلك حفصة وعائشة). قال: فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة، فما أستطيع هيبة لك. قال: (فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبرتك به). رواه البخاري ومسلم. فرار الشيطان منه تقدّم في ذلك أحاديث سعد بن أبي وقاص، وعائشة، وبريدة بن الحصيب رضي الله عنهم. - قال زيد بن الحباب: حدثني حسين بن واقد، حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني لأحسب الشيطان يفر منك يا عمر)). رواه ابن حبان. خشيته ووقوفه عند آيات الله مما عرف عن عمر شدّة خشيته من الله تعالى، ووقوفه عند آياته، وسرعة استجابته لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم - قال ابن شهاب الزهري: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر؛ فنزل على ابن أخيه الحرّ بن قيس بن حصن، وكان من النفر الذين يُدنيهم عمر، وكان القراء أصحابَ مجلس عمر ومشاورته، كهولاً كانوا أو شباناً، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي! هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عباس: فاستأذنَ لعيينة؛ فلما دخل، قال: "يا ابن الخطاب! والله ما تعطينا الجزل، وما تحكم بيننا بالعدل"؛ فغضب عمر حتى همَّ بأن يقع به، فقال الحر: يا أمير المؤمنين! إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}، وإنَّ هذا من الجاهلين؛ «فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله». رواه البخاري في صحيحه. علمه بالقضاء كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوّل قاضٍ للمسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد ولاه أبو بكر القضاء، وولّى أبا عبيدة بن الجراح الفيء، ولما تولى عمر الخلافة كان يقضي في المدينة، ويولّي القضاء في الأمصار؛ فكان القضاة يرفعون إليه ما يشكل عليهم؛ فيقضي فيه. - قال هشام الدستوائي: أخبرنا عطاء بن السائب قال: لما استُخلف أبو بكر أصبح غادياً إلى السوق، وعلى رقبته أثواب يتّجر بها؛ فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح؛ فقالا له: أين تريد يا خليفة رسول الله؟ قال: السوق. قالا: تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ قالا له: انطلق حتى نفرض لك شيئاً؛ فانطلق معهما ففرضوا له كل يومٍ شطر شاة وماكسوه في الرأس والبطن. فقال عمر: (إليَّ القضاء). وقال أبو عبيدة: (وإليَّ الفيء). قال عمر: (فلقد كان يأتي عليَّ الشهر ما يختصم إليَّ فيه اثنان). رواه ابن سعد في الطبقات. - وقال عبد الله بن إدريس، عن مسعر بن كدام، عن محارب بن دثار قال: (لما ولي أبو بكر ولى أبا عبيدة بيت المال وولى عمر القضاء فمكث سنة لا يختصم إليه أحد). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب العلل لأبيه. - وقال محمد بن فضيل بن غزوان الضبي، عن أشعث بن سوار، عن عامر الشعبي، قال: (إذا اختلف الناس في أمر فانظر كيف قضى فيه عمر، فإنه لم يكن يقضي في أمر لم يقض فيه قبله حتى يشاور). رواه ابن سعد. - وقال أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين قال: سألت عَبيدة عن شيء من الجد، فقال: ما تريد إليه؟! لقد حفظت فيه مِئَة قضية عن عمر. قلت: كلها عن عمر؟ قال: (كلها عن عمر). رواه ابن سعد. فراسته - قال ابن وهب: حدثني عمر، أن سالماً حدَّثه عن عبد الله بن عمر، قال: ما سمعت عمر، لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس إذ مرَّ به رجلٌ جميل، فقال: لقد أخطأ ظني أو إنَّ هذا على دينه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم، عليَّ الرجل؛ فدعي له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيتُ كاليوم استُقبل به رجلٌ مسلم، قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني. قال: كنت كاهنَهم في الجاهلية. قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيتك؟! قال: بينما أنا يوماً في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع؛ فقالت: ألم تر الجنَّ وإبلاسها؟! ويأسها من بعد إنكاسها؟! ولحوقها بالقلاص وأحلاسها؟! قال عمر: صدق بينما أنا نائم عند آلهتهم إذ جاء رجلٌ بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخاً قطّ أشدّ صوتاً منه يقول: يا جليح! أمرٌ نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله، فوثب القوم. قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول لا إله إلا الله؛ فقمت، فما نشبنا أن قيل: (هذا نبي). رواه البخاري. وشيخ ابن وهب في هذا الحديث هو عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، نزيل عسقلان. - وقال القاسم بن الفضل الحداني: حدثني معاوية بن قرة، عن الحكم بن أبي العاص الثقفي قال: كنت قاعداً مع عمر بن الخطاب، فأتاه رجلٌ فسلّم عليه، فقال له عمر: «بينك وبين أهل نجران قرابة؟ ». قال الرجل: لا. قال عمر: « بلى ». قال الرجل: لا. قال عمر: « بلى والله، أنشد الله كلَّ رجل من المسلمين يعلم أنَّ بين هذا وبين أهل نجران قرابة لما تكلم ». فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين! بلى، بينه وبين أهل نجران قرابة من قبل كذا وكذا. فقال له عمر: « مه، فإنا نقفو الآثار ». رواه ابن سعد. - وقال مسعر بن كدام، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: إن كان الرجل ليحدث عمر بن الخطاب بالحديث، فيكذب فيقول: «احبس هذه»، ثم يحدّث بالحديث فيكذب الكذب؛ فيقول: «احبس هذه» ، فيقول الرجل: (كلّ ما حدّثتك به حق إلا ما أمرتني أن أحبسه). رواه أبو بكر الخرائطي في مساوئ الأخلاق. - قال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية: (ولله فراسة من هو إمام المتفرسين، وشيخ المتوسمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي لم تكن تخطئ له فراسة، وكان يحكم بين الأمة بالفراسة المؤيدة بالوحي). - وقال ابن القيم أيضاً في مدارج السالكين: (وكان الصديق رضي الله عنه أعظم الأمة فراسة، وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووقائع فراسته مشهورة؛ فإنه ما قال لشيء أظنه كذا إلا كان كما قال، ويكفي في فراسته موافقته ربه في المواضع المعروفة). كراماته - قال ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيوب، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أنَّ عمر بن الخطاب بعث جيشاً وأمَّر عليهم رجلاً يدعى سارية، قال: فبينا عمر يخطب قال: فجعل يصيح وهو على المنبر يا سارية! الجبل، يا سارية! الجبل. قال: فقدم رسول الجيش؛ فسأله؛ فقال: يا أمير المؤمنين! لقينا عدونا فهزمونا، وإنَّ الصائح ليصيح: يا سارية! الجبل، يا سارية! الجبل، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل؛ فهزمهم الله. فقيل لعمر: (إنك كنت تصيح بذلك). رواه البيهقي في دلائل النبوة، وفي الاعتقاد، وأبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين، وأبو نعيم في دلائل النبوة، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وهذا إسناد جيد، وقد روي في شأن هذه روايات باطلة بأسانيد واهية؛ فلا يلتفت إليها. |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ) صفاته وشمائله - قال حسين بن محمد المرّوذي: حدثنا جرير بن حازم، عن أبي رجاء العطاردي، قال: كان عمر بن الخطاب رجلاً طويلاً جسيماً، أصلعَ شديد الصلع، أبيضَ شديدَ الحمرة، في عارضيه خفة، سبلته كبيرة، وفي أطرافها صهبة). رواه ابن أبي الدنيا كما تاريخ ابن عساكر، وزاد ابن عساكر في رواية له من غير طريقه: ( وكان إذا حزبه الأمر فَتَلَها). - وقال معن بن عيسى: أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: «كان عمر رضي الله عنه إذا غضب فتل شاربه». رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني. - وقال إسحاق بن عيسى الطباع: رأيت مالك بن أنس وافر الشارب، لشاربه ذنبتان؛ فسألته عن ذلك؛ فقال:(حدثني زيد بن أسلم، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه أنَّ عمر بن الخطاب كان إذا كربه أمر فتل شاربه ونفخ؛ فأفتاني بالحديث). رواه أحمد في العلل. - وقال سفيان بن عيينة، أخبرنا عمرو بن دينار قال: سمعت عبيد بن عمير يقول: (كنتُ إذا رأيتُ عمر في قوم رأيته مشرفاً عليهم يفوقهم بهذه)، وأشار سفيان بيده فوضعها على شاربه. رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق. - وقال معمر، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش قال: خرج أهل المدينة في مشهد لهم؛ فإذا أنا برجلٍ أصلع أعسر أيسر، قد أشرف فوق الناس بذراع، عليه إزار غليظ، وبرد غليظ قطن، وهو متلبب به وهو يقول: (يا أيها الناس هاجروا، ولا تهجروا ولا يحذفن أحدكم الأرنب بعصاة أو بحجر، ثم يأكلها وليذكّ لكم الأسل: الرماح، والنبل). فقلت: من هذا؟ فقالوا: (عمر بن الخطاب رضي الله عنه). رواه عبد الرزاق. - وقال شعبة بن الحجاج: سمعت عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، قال: كنت بالمدينة فإذا رجل آدم أعسر أيسر ضخم أجلح مشرف على الناس كأنه على دابة، يعني: عمر بن الخطاب رضي الله عنه). رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني. - وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا الحجاج، حدثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، قال: رأيت عمر بن الخطاب أعسر أيسر أصلع آدم، قد فرع الناسَ كأنه على دابة). قال يعقوب: فذكرت هذه الصفة لبعض ولد عمر، قال: سمعنا مشايخنا يذكرون أنَّ عمر كان أبيضَ، وإنما رآه من رآه في هذه الصفة عام الرمادة، وكان قد أجهد نفسه، وشحب وتغير لونه رحمة الله عليه). - وقال شعبة، عن سماك، عن عبد الله بن هلال، قال: «رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رجلاً ضخماً كأنه من رجال بني سدوس». رواه ابن أبي عاصم. - وقال هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، قال: سئل أنس رضي الله عنه عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لم يكن شابَ إلا يسيراً، ولكن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما خضبا بالحناء والكتم». رواه ابن أبي عاصم. - وقال علي بن الجعد: أخبرنا شعبة وزهير، عن حميد، عن أنس قال: (كان عمر يخضب بالحناء). رواه أبو القاسم البغوي. - وقال حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال: «كان عمر يخضب بالحناء». رواه ابن سعد. استفاضة ثناء الصحابة والأمة عليه - قال صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: لما ثقل أبي دخل عليه فلان وفلان فقالوا: يا خليفة رسول الله! ماذا تقول لربك إذا قدمت عليه غداً وقد استخلفت علينا ابن الخطاب؟ فقال: « أجلسوني، أبالله ترهبوني؟! ». أقول: « استخلفت عليهم خيرهم ». رواه ابن سعد. - وقال الليث بن سعد: كتب إليَّ هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال أبو بكر رضي الله عنه يوماً: (والله ما على وجه الأرض رجلٌ أحبُّ إليَّ من عمر). فلما خرج رجع فقال: كيف حلفتُ أي بنية؟ فقلت له، فقال: (أعزُّ عليَّ، والولدُ أَلْوَط). رواه البخاري في الأدب المفرد. وألْوَط: أي أَلْصَق بالقلب. - وقال عبد الملك بن سلع الهمداني، عن عبد خير قال: سمعت علياً يقول: « قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على خير ما قبض عليه نبي من الأنبياء». قال: ( ثم استخلف أبو بكر فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسنته، ثم قبض أبو بكر على خير ما قبض عليه أحد، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها، ثم استُخلف عمر فعمل بعملهما وسننهما، ثم قبض على خير ما قبض عليه أحد، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها وبعد أبي بكر). رواه ابن أبي شيبة، وعبد الله بن الإمام أحمد في المسند وفي فضائل الصحابة لأبيه، والآجري في الشريعة. - وقال عاصم، عن زر بن حبيش، عن علي، قال: «ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر». رواه معمر بن راشد. - وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: قال علي على المنبر: ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر). رواه ابن أبي شيبة، وعبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه، والبيهقي في المدخل إلى السنن، وغيرهم. وروي أيضاً من طرق عن الشعبي عن وهب بن عبد الله السوائي عن عليّ. - وقال شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: «كنا نتحدث أن السكينة تنزل على لسان عمر». رواه ابن أبي شيبة، والطبراني في المعجم الكبير. - وقال يزيد بن هارون: أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الواحد بن أبي عون، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، أنها كانت تقول: (من رأى عمر بن الخطاب عرف أنه خُلق غناءً للإسلام، كان والله أحوذياً، نسيج وحده، قد أعدّ للأمور أقرانها). رواه أحمد في فضائل الصحابة، والطبراني في المعجم الصغير، والبيهقي في السنن الكبرى. - وقال عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن عبد الله بن مسعود قال: (إذا ذكر الصالحون فحيَّ هلاً بعمر، إنَّ إسلامه كان نصراً، وإن إمارته كانت فتحاً، وايم الله ما أعلم على الأرض شيئاً إلا وقد وجد فقد عمر حتى العضاه، وايم الله إني لأحسب بين عينيه ملكاً يسدده ويرشده). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والطبراني في المعجم الكبير. - وقال سفيان الثوري، عن واصل الأحدب، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: «ما رأيت عمر رضي الله عنه إلا وكأن بين عينيه ملكا يسدده». رواه ابن أبي شيبة، والبيهقي في المدخل إلى السنن. - وقال أبو نعيم الحلبي: حدثنا عبيد الله بن عمرو [الرقي]، عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن وهب، قال: كنت في حلقة في المسجد فيها أناس من القراء؛ فاختلف رجلان في قراءة آية؛ فبينا هما كذلك إذ دخل عبد الله بن مسعود من أبواب كندة؛ فقاما إليه يسألانه عنها، وقمت معهما أنظر ما يرجع إليهما. قال: فاحتبساه في صحن المسجد وهو قائم؛ فقالا: آية اختلفنا في قراءتها؛ فأحببنا أن نعلم موضعها. فقال لأحدهما: اقرأه؛ فلما قرأ قال: (من أقرأكها؟). قال: أقرأنيها معقل بن مقرن المزني. ثم قال للآخر: اقرأه؛ فلما قرأ قال: (من أقرأكها؟) قال: أقرأنيها عمر بن الخطاب. فلما ذكر عمر بكى حتى نشج، وحتى رأيت في الحصا من دموعه أثراً، ثم قال: (إنَّ عمر كان أعلمنا بالله، وأفقهنا في دين الله، وأقرأنا لكتاب الله؛ فاقرأها كما أقرأكها عمر؛ فوالله لهي أبين من طريق السيلحين، وبالله ما من أهل بيت لم يدخل عليهم حزن عمر يوم أصيب إلا أهل بيت سوء، إنَّ عمر كان حصناً حصيناً يدخل الإسلام فيه ولا يخرج منه). رواه ابن عساكر. وقد رويت هذه الحكاية مختصرة ومبسوطة من طرق عن عبد الملك بن عمير. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى قوله: (لهي أبين من طريق السيلحين) قال: (يعني أنَّ هذا أمر بيّن يعرفه الناس). والسَّيْلَحُون موضع بين الكوفة والقادسية، له طريق بيّن يعرفه أهل الكوفة، وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه بالكوفة. - وقال سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش قال: سمعت حذيفة يقول: « ما كان الإسلام في زمان عمر إلا كالرجل المقبل ما يزداد إلا قرباً، فلما قتل عمر كان كالرجل المدبر ما يزداد إلا بعداً ». رواه ابن سعد، وابن أبي شيبة، والحاكم. - وقال حسين بن علي الجعفي، عن زائدة بن قدامة، عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن وهب، قال: قال عبد الله بن مسعود: (ما أظنُّ أهل بيت من المسلمين لم يدخل عليهم حزن عمر يوم أصيب عمر إلا أهل بيت سوء، إنَّ عمر كان أعلمنا بالله وأقرأنا لكتاب الله، وأفقهنا في دين الله). رواه ابن أبي شيبة. - وقال حميد الطويل: قال أنس بن مالك: لما أصيب عمر بن الخطاب قال أبو طلحة: « ما من أهل بيت من العرب حاضر ولا باد إلا قد دخل عليهم بقتل عمر نقص». رواه ابن سعد، وابن أبي شيبة. - وقال سفيان الثوري، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: قالت أم أيمن لما قتل عمر: « اليوم وَهَى الإسلام». رواه ابن أبي شيبة في المصنف، وإسحاق بن راهويه في المسند، وابن الأعرابي في معجمه، والطبراني في المعجم الكبير، وغيرهم. - وقال عبد الله بن وهب: حدثني عمر بن محمد أن زيد بن أسلم، حدثه عن أبيه، قال: سألني ابن عمر عن بعض شأنه - يعني عمر -، فأخبرته فقال: «ما رأيت أحداً قطّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين قبض كان أجدّ وأجودَ حتى انتهى من عمر بن الخطاب». رواه البخاري. - وقال حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: «وماذا أعددت لها». قال: (لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم). فقال: «أنت مع من أحببت». قال أنس: فما فرحنا بشيء، فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت مع من أحببت». قال أنس: «فأنا أحبّ النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم». رواه البخاري. - وقال أيوب السختياني، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، قال: لما طعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس وكأنه يجزّعه: يا أمير المؤمنين! ولئن كان ذاك، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون. قال: «أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه، فإنما ذاك من من الله تعالى منَّ به علي، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه، فإنما ذاك من من الله جل ذكره منَّ به علي، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك، والله لو أنَّ لي طلاع الأرض ذهباً لافتديتُ به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه». رواه البخاري. - وقال غسان بن الربيع: حدثنا ثابت بن يزيد، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي عن ابن عباس أنه دخل على عمر حين طعن، فقال: أبشر يا أمير المؤمنين، أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كفر الناس، وقاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض، ولم يختلف في خلافتك رجلان، وقتلت شهيداً؛ فقال: أعد، فأعاد. فقال: (المغرور من غررتموه، لو أنَّ لي ما على ظهرها من بيضاء وصفراء لافتديت به من هول المطلع). رواه ابن حبان، والبيهقي في شعب الإيمان. ورواه الحاكم في المستدرك من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن داوود بن أبي هند به. واختلف على داوود فيه؛ فرواه أبو معاوية الضرير وابن أبي عدي وعلي بن عاصم عن داوود عن الشعبي مرسلاً. ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب المتمنين من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي مرسلاً بنحوه. - وقال المعتمر بن سليمان: قال أبي: قال أبو عثمان: (إنما كان عمر ميزاناً، لا يقول كذا ولا يقول كذا). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه. - وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، قال: «ما أظنّ رجلاً ينتقص أبا بكر وعمر يحبّ النبي صلى الله عليه وسلم». رواه الترمذي. - وقال الحسن بن صالح بن حي: سمعت جعفر بن محمد الصادق يقول: (أنا برئ ممن ذكر أبا بكر وعمر إلا بخير). رواه ابن عساكر. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ) وفاته شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالشهادة - قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله، قال: «اثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صدّيق أو شهيدان». رواه البخاري. - وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم عن ابن عمر قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثوبا أبيض، فقال: ((أجديد قميصك أم غسيل؟)). فقال: بل جديد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( البس جديداً، وعش حميداً، ومت شهيداً)). رواه أحمد، وابن ماجه، والنسائي في السنن الكبرى. سؤاله الشهادة - قال حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت أباها يقول: ( اللهم ارزقني قتلا في سبيلك، ووفاة في بلد نبيك). قالت: قلت: وأنى ذلك؟ قال: (إن الله يأتي بأمره أنى شاء). رواه ابن سعد في الطبقات، وابن شبة في تاريخ المدينة. - وقال مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، أن عمر بن الخطاب كان يقول في دعائه: «اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، ووفاة ببلدة رسولك». رواه ابن سعد، وهو مرسل. رؤياه قبل استشهاده - قال قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، أن عمر بن الخطاب خطب يوم الجمعة؛ فذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أبا بكر قال: (إني رأيتُ كأنَّ ديكاً نقرني ثلاث نقرات، وإني لا أراه إلا حضور أجلي، وإنَّ أقواماً يأمرونني أن أستخلف، وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولا خلافته ولا الذي بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فإنْ عجل بي أمر؛ فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ). رواه مسلم. - قال ابن أبي عاصم: (خطب يوم الجمعة، وأصيب يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة). - وقال يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول: لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح. ثم كوم كومة بطحاء، ثم طرح عليها رداءه واستلقى، ثم مد يديه إلى السماء فقال: (اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي؛ فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط). ثم قدم المدينة فخطب الناس، فقال: (أيها الناس. قد سنت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً، وضرب بإحدى يديه على الأخرى، ثم قال: (إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، أن يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله؛ فقد رجم رسول الله ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله لكتبتها: [الشيخ والشيخة فارجموهما البتة] فإنا قد قرأناها). رواه مالك في الموطأ، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة، قال مالك: قال يحيى بن سعيد: قال سعيد بن المسيب: (فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رحمه الله). ما رؤي فيه قبل استشهاده - قال حماد بن سلمة: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (رأيت كأني أخذت جواداً كثيرة فجعلت تضمحل حتى بقيت جادة واحدة، فسلكتها حتى انتهت إلى جبل؛ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقه، وإلى جنبه أبو بكر رضي الله عنه، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى عمر رضي الله عنه). فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! مات والله أمير المؤمنين. فقلت: ألا تكتب بهذا إليه؟ فقال: (ما كنت لأنعي له نفسه). رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة. خبر استشهاده - قال أبو عوانة، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن ميمون، قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف، قال: (كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟). قالا: حملناها أمراً هي له مطيقة، ما فيها كبير فضل. قال: (انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق). قال: قالا: لا. فقال عمر: (لئن سلَّمني الله، لأدعنَّ أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبداً). قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب. قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مرَّ بين الصفين قال: (استووا)، حتى إذا لم يرَ فيهنَّ خللاً تقدَّم فكبَّر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل، أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس؛ فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني - أو أكلني - الكلب، حين طعنه فطار العلج بسكّين ذات طرفين لا يمرّ على أحدٍ يميناً ولا شمالاً إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجلٍ من المسلمين طرح عليه برنساً؛ فلما ظنَّ العلج أنه مأخوذ نحر نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدَّمه، فمن يلي عمر؛ فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله! سبحان الله! فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة؛ فلما انصرفوا قال: (يا ابن عباس! انظر من قتلني). فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة. قال: الصنع؟ قال: نعم. قال: (قاتله الله، لقد أمرتُ به معروفاً، الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام، قد كنتَ أنت وأبوك تحبّان أن تكثر العلوج بالمدينة). وكان العباس أكثرهم رقيقاً. فقال: إن شئت فعلت، أي: إن شئت قتلنا. قال: (كذبت، بعد ما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم). فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه، وكأنَّ الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه، فأُتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه، ثم أتيَ بلبن فشربه فخرج من جرحه، فعلموا أنه ميت؛ فدخلنا عليه، وجاء الناس؛ فجعلوا يثنون عليه، وجاء رجل شابّ، فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة، قال: (وددت أن ذلك كفاف لا عليَّ ولا لي). فلما أدبر إذا إزاره يمسّ الأرض؛ قال: ردّوا عليَّ الغلام، قال: (يا ابن أخي! ارفع ثوبك، فإنه أبقى لثوبك، وأتقى لربّك، يا عبد الله بن عمر! انظر ما عليَّ من الدَّين). فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه. قال: (إن وفى له مال آل عمر فأدّه من أموالهم، وإلا فسلْ في بني عدي بن كعب، فإن لم تفِ أموالهم فسلْ في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم؛ فأدّ عني هذا المال، انطلق إلى عائشة أم المؤمنين، فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين؛ فإني لستُ اليوم للمؤمنين أميراً، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه؛ فسلَّم واستأذن، ثم دخل عليها، فوجدها قاعدة تبكي؛ فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه؛ فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرنَّ به اليوم على نفسي؛ فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: (ارفعوني). فأسنده رجل إليه، فقال: (ما لديك؟) قال: الذي تحبّ يا أمير المؤمنين! أذنت، قال: (الحمد لله، ما كان من شيء أهمَّ إليَّ من ذلك، فإذا أنا قضيتُ فاحملوني، ثم سلّم، فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردَّتني ردّوني إلى مقابر المسلمين). وجاءت أمّ المؤمنين حفصة والنساء تسير معها؛ فلما رأيناها قمنا، فولجت عليه، فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال، فولجَتَ داخلاً لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين! استخلف. قال: (ما أجد أحداً أحقَّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ). فسمَّى عليا، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعدا، وعبد الرحمن. وقال: (يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء - كهيئة التعزية له - فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، وإلا فليستعنْ به أيُّكم ما أُمّر، فإني لم أعزله عن عجز، ولا خيانة). وقال: (أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً {الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} أن يُقبل من محسنهم وأن يُعفى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً؛ فإنهم ردء الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدو، وأن لا يُؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيراً؛ فإنهم أصل العرب، ومادّة الإسلام، أن يؤخذ من حواشي أموالهم، ويردّ على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلا طاقتهم). فلما قبض خرجنا به؛ فانطلقنا نمشي؛ فسلَّم عبد الله بن عمر، قال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه؛ فأُدْخِل، فوضع هنالك مع صاحبيه). رواه البخاري. - وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عمرو بن ميمون قال: صليت يوم قتل عمر الصبح؛ فما منعني أن أقوم مع الصف الأول إلا هيبة عمر قال: (فماج الناس؛ فقدموا عبد الرحمن بن عوف؛ فقرأ {إذا جاء نصر الله والفتح}، و{إنا أعطيناك الكوثر}). رواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة. - وقال وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون قال: كنت أدع الصف الأول هيبة لعمر، وكنت في الصف الثاني يوم أصيب؛ فجاء فقال: (الصلاةَ عبادَ الله! استووا). قال: فصلَّى بنا؛ فطعنه أبو لؤلؤة طعنتين أو ثلاثاً. قال: وعلى عمر ثوب أصفر. قال: فجعله على صدره، ثم أهوى وهو يقول: {وكان أمر الله قدرا مقدورا}؛ ومال على الناس فقتل وجرح بضعة عشر؛ فمال الناس عليه فاتكأ على خنجره فقتل نفسه). رواه ابن سعد، وابن أبي شيبة. - وقال الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون قال: (رأيت عمر لما طعن عليه ملحفة صفراء قد وضعها على جرحه وهو يقول: «كان أمر الله قدراً مقدوراً». رواه ابن سعد. - وقال أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال: (لما طعن عمر ماج الناس بعضهم في بعض حتى كادت الشمس أن تطلع؛ فنادى منادٍ: الصلاة؛ فقدموا عبد الرحمن بن عوف فصلَّى بهم؛ فقرأ بأقصر سورتين في القرآن: {إنا أعطيناك الكوثر}، و{إذا جاء نصر الله}؛ فلما أصبح دخل عليه الطبيب وجرحه يسيل دماً؛ فقال: أي الشراب أحب إليك؟ قال: النبيذ؛ فدعا بنبيذ؛ فشربه؛ فخرج من جرحه؛ فقال له الطبيب: (أوصه فإني لا أظنك إلا ميتاً من يومك أو من غد). رواه ابن أبي شيبة. - وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن المسور بن مخرمة قال: دخلت أنا وابن عباس على عمر بعدما طُعن وقد أغمي عليه؛ فقلنا: لا ينتبه لشيء أفزع له من الصلاة؛ فقلنا: الصلاة يا أمير المؤمنين! فانتبه وقال: « ولا حظ في الإسلام لامرئ ترك الصلاة؛ فصلى وجرحه ليثعب دماً». رواه ابن أبي شيبة. وصاياه عند موته - وقال وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي أن عمر بن الخطاب لما حُضر قال: (ادعوا لي علياً، وطلحة، والزبير، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعداً). قال: فلم يكلم أحداً منهم إلا علياً وعثمان؛ فقال: (يا علي! لعلَّ هؤلاء القوم يعرفون قرابتك وما آتاك الله من العلم والفقه، واتق الله، وإن وليت هذا الأمر؛ فلا ترفعنَّ بني فلان على رقاب الناس). وقال لعثمان: (يا عثمان! إنَّ هؤلاء القوم لعلهم يعرفون لك صهرك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنَّك وشرفك؛ فإن أنت وليت هذا الأمر فاتق الله، ولا ترفع بني فلان على رقاب الناس). فقال: (ادعوا لي صهيباً). فقال: (صلّ بالناس ثلاثاً، وليجتمع هؤلاء الرهط فليخلوا؛ فإن أجمعوا على رجل فاضربوا رأس من خالفهم). رواه ابن أبي شيبة. وروى ابن سعد من طريق الواقدي قال: حدثني محمد بن موسى، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى أبي طلحة الأنصاري قبيل أن يموت بساعة، فقال: « يا أبا طلحة! كن في خمسين من قومك من الأنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشورى، فإنهم فيما أحسب سيجتمعون في بيت أحدهم، فقم على ذلك الباب بأصحابك، فلا تترك أحداً يدخل عليهم، ولا تتركهم يمضي اليوم الثالث حتى يؤمّروا أحدهم، اللهم أنت خليفتي عليهم». - قال جرير بن عبد الحميد: حدثنا حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن ميمون الأودي، قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: (يا عبد الله بن عمر! اذهب إلى أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقل: يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام، ثم سلها أن أُدفن مع صاحبيَّ). قالت: كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي. فلما أقبل، قال: له ما لديك؟ قال: أذنت لك يا أمير المؤمنين. قال: (ما كان شيء أهمّ إليَّ من ذلك المضجع؛ فإذا قُبضت فاحملوني، ثم سلموا، ثم قل: يستأذن عمر بن الخطاب؛ فإن أذنت لي فادفنوني، وإلا فردّوني إلى مقابر المسلمين، إني لا أعلم أحداً أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، فمن استخلفوا بعدي فهو الخليفة؛ فاسمعوا له وأطيعوا). فسمّى عثمان، وعلياً، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وولج عليه شابّ من الأنصار، فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله، كان لك من القدم في الإسلام ما قد علمت، ثم استخلفت فعدلت، ثم الشهادة بعد هذا كله، فقال: ليتني يا ابن أخي وذلك كفافاً لا عليَّ ولا لي، أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين خيراً، أن يُعرف لهم حقهم، وأن يحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً الذين تبوَّأوا الدار والإيمان أن يُقبل من محسنهم، ويُعفى عن مسيئهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم). رواه البخاري في صحيحه. - وقال علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه فبدت لهم قدم؛ ففزعوا وظنوا أنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم؛ فما وجدوا أحداً يعلم ذلك حتى قال لهم عروة: « لا والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم، ما هي إلا قدم عمر رضي الله عنه». رواه البخاري. احتضاره مكث عمر بجراحته ثلاثة أيام كان الناس يعودونه فيها، ويدعون له بخير، ويثنون عليه، وهو يوصيهم، ويرشدهم، على ما به من أثر الطعن، ولذلك كثرت الآثار في شأن وفاته. - قال مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، عن أبيه، قال: قال عثمان بن عفان: (أنا آخركم عهداً بعمر، دخلت عليه ورأسه في حجر ابنه عبد الله بن عمر، فقال له: ضع خدي بالأرض، فقال: هل فخذي والأرض إلا سواء؟ قال: ضعْ خدي بالأرض لا أمَّ لك في الثانية أو الثالثة، ثم شبَّك بين رجليه فسمعته يقول: (ويلي وويل لأمّي إنْ لم يغفر الله لي حتى فاضت نفسه). رواه أبو داوود في الزهد. - وقال محمد بن عمر بن علي المقدمي: حدثنا سعيد بن عامر، عن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رأس عمر في حجري، فقال: يا عبد الله! ضع رأسي بالأرض. قال: فجمعت ردائي فوضعته تحت رأسه؛ فقال: (ضع رأسي بالأرض لا أمَّ لك). ثم قال: (ويل عمر! وويل أمّه! إن لم يغفر الله له). رواه أبو داوود في الزهد. تاريخ استشهاده - قال قتادة عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة في حديثه قال: (أصيب عمر رضى الله عنه يوم الأربعاء لأربع ليالٍ بقين من ذي الحجة). رواه البخاري في التاريخ الكبير، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. . - وقال أبو نعيم: (مات سنة ثلاث وعشرين). - وقال خليفة بن خياط: (استشهد بالمدينة في آخر سنة ثلاث وعشرين في ذي الحجة). سنّه عند وفاته - قال حكّام بن سلم الرازي: حدثنا عثمان بن زائدة، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك، قال: «قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وعمر وهو ابن ثلاث وستين». رواه مسلم. - وقال عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان الجعفي: حدثنا سلام أبو الأحوص، عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عتبة قال: «قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، ومات أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين». قال: فقال رجلٌ من القوم يقال له عامر بن سعد: حدثنا جرير، قال: كنا قعوداً عند معاوية فذكروا سني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال معاوية: «قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة، ومات أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين». رواه مسلم. - وقال شعبة: سمعت عامر بن سعد [البجلي]، يقول: سمعت جرير بن عبد الله، يقول: سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول وهو يخطب: ( توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، وتوفي أبو بكر رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين، وتوفي عمر وهو ابن ثلاث وستين). قال معاوية:(وأنا اليوم في ثلاث وستين). رواه أحمد، وأبو داوود الطيالسي. - وقال عبد العزيز الدراوردي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: (قتل عمر وهو ابن خمسٍ وخمسين). رواه البخاري في التاريخ الكبير. - وقال أبو سعيد الأشج: سمعت أبا أسامة يقول: قال عبيد الله عن نافع قال: (قتل عمر وله سبع وخمسون). رواه أبو القاسم البغوي. غسله وتكفينه - وقال أحمد بن منصور المروزي: سمعت يحيى بن بكير يقول: (ولي غسل عمر ابنه عبد الله بن عمر، وكفنه في خمسة أثواب). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: حدثني مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر أن (عمر غُسِّل وكُفِّنَ وصُلِّيَ عليه، وكان شهيداً). رواه أبو القاسم البغوي. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ) مواعظه ووصاياه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه مواعظ نافعة، ووصايا قيمة، تدلّ على ما يختزن وراءها من العلم المتين، والفقه في الدين، وسأذكر منتخبات منها، وإن كانت لجديرة بالجمع والدراسة والتأمل. - قال سفيان بن عيينة: حدثنا جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، قال: قال عمر بن الخطاب: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنَّ أهونَ عليكم في الحساب غداً أن تحاسِبوا أنفسكم، تزيَّنوا للعرض الأكبر يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية». رواه أحمد في الزهد، وأبو نعيم في الحلية. - وقال هشام بن حسان عن الحسن قال: كتب عمر إلى أبي موسى: (أما بعد؛ فإن القوة في العمل ألا تؤخر عمل اليوم لغد؛ فإنكم إذا فعلتم ذلك تداركت عليكم الأعمال فلم تدروا بأيها تأخذون فأضعتم، وإن الأعمال مؤداة إلى الأمير ما أدَّى الأميرُ إلى الله؛ فإذا رتع الأميرُ رتعوا). رواه أبو عبيد في الخطب والمواعظ. - وقال شعبة عن قتادة قال: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: أتانا كتاب عمر بن الخطاب، ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد: (أما بعد: فائتزروا وارتدوا، وانتعلوا، وألقوا الخفاف، وألقوا السراويلات، وعليكم بالشمس؛ فإنها حمّام العرب، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل، وإياكم والتنعم، وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا، واخلولقوا، واقطعوا الركب، وانزوا نزوا، وارموا الأغراض). رواه علي بن الجعد في مسنده، وأبو عوانة في المستخرج، والبيهقي في شعب الإيمان. وفي رواية عندهم من طريق عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه نحوه، وزاد فيه: "وتعلموا العربية ". - وقال أبو رجاء محمد بن سيف الحداني: سألت الحسن عن المصحف ينقط بالعربية قال: أوما بلغك كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن «تفقهوا في الدين، وأحسنوا عبارة الرؤيا، وتعلموا العربية». رواه عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، والبيهقي في شعب الإيمان. - وقال ابن لهيعة: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عراك بن مالك، عن عروة بن الزبير، عن أبي البختري، عن الباهلي قال: إن عمر رضي الله عنه قام في الناس خطيباً، مدخلَهم الشام بالجابية، فقال: (تعلموا القرآن تُعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وإنه لن يبلغ منزلة ذي حقّ أن يطاع في معصية الله تعالى، واعلموا أنه لا يقرّب من أجلٍ، ولا يبعد من رزق قولُ بحقّ وتذكير عظيم، واعلموا أن بين العبد وبين رزقه حجاب، فإن صبر أتاه رزقه، وإن اقتحم هتك الحجاب، ولم يدرك فوق رزقه، وأدبوا الخيل، وانتضلوا، وانتعلوا وتسوكوا، وتمعددوا، وإيّاكم وأخلاق العجم، ومجاورة الجبارين، وأن يرى بين أظهركم صليب، وأن تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر). رواه ابن أبي عمر كما في المطالب العالية، وابن لهيعة متكلّم فيه من جهة ضبطه وطريقة روايته، وهذا الأثر رواه عنه بشر بن السريّ وهو ثقة متقن، وليس فيه ما ينكر. - وقال سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، قال: كتب عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح أن (علموا غلمانَكم العَوْم، ومقاتلتكم الرمي). رواه أحمد، وابن الجارود، والطبراني في فضل الرمي، والبيهقي في السنن الكبرى. - وقال بكير بن عبد الله بن الأشج، عن معمر بن أبي حبيبة، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، قال: قال عمر: (إنَّ العبد إذا تواضع لله رفع الله حكمته، وقال: انتعش نعشك الله؛ فهو في نفسه صغير، وفي أنفس الناس كبير، وإنَّ العبد إذا تعظم وعدا طوره رهصه الله إلى الأرض، وقال: اخسأ أخسأك الله؛ فهو في نفسه كبير، وفي أنفس الناس صغير، حتى لهو أحقر عنده من خنزير). رواه ابن أبي شيبة. - قال شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر، عن عمر، قال: (من لا يَرحم لا يُرحم، ولا يُغفر لمن لا يَغفر، ولا يُتاب على من لا يتوب، ولا يُوقى من لا يَتَوقَّى). رواه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داوود في الزهد. رواة التفسير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه روى مسائل التفسير عن عمر جماعة من الصحابة والتابعين: فمن الصحابة: علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وابن عباس، وفضالة بن عبيد، والنعمان بن بشير، وطارق بن شهاب. ومن كبار التابعين الذين أدركوه وسمعوا منه: قيس بن أبي حازم، وعلقمة بن وقاص الليثي، ومولاه أسلم العدوي، وعمرو بن ميمون الأودي، وشريح القاضي، وزر بن حبيش، وأبو ميسرة عمرو بن شراحيل الهمداني، ومعدان بن أبي طلحة اليعمري، وأبو عثمان النهدي، وعبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة، وحسان بن فائد العبسي، وجماعة كثيرون. ومن الذين اختلف في سماعهم منه: سعيد بن المسيب، وعبيدة بن عمرو السلماني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. ومن الذين أرسلوا عنه: يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، ومرة بن شراحيل الهمداني، وعامر الشعبي، وأبو عبد الرحمن السلمي، وزيد بن أسلم، والحسن البصري، ومجاهد بن جبر، وعكرمة مولى بن عباس، وسعيد بن جبير؛ ومسلم بن يسار، فهؤلاء روايته عنه مرسلة. مما روي عنه في التفسير: أ: شعبة بن الحجاج عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب أن عمر أتاه ثلاثة نفر من أهل نجران؛ فسألوه وعنده أصحابه، فقالوا: أرأيت قوله: {وجنة عرضها السموات والأرض} فأين النار؟ فأحجم الناس، فقال عمر: «أرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار؟ وإذا جاء النهار أين يكون الليل؟» فقالوا: نزعت مثلها من التوراة). رواه ابن جرير. ب: وقال سماك بن حرب: سمعت النعمان بن بشير , يقول سمعت عمر بن الخطاب , يقول في قوله تعالى: {وإذا النفوس زوجت} قال: «يقرن بين الرجل الصالح مع الصالح في الجنة، ويقرن بين الرجل السوء مع السوء في النار، فذلك تزويج الأنفس». رواه عبد الرزاق في التفسير، وسعيد بن منصور، والحاكم في المستدرك. ج: وقال أبو إسحاق الهمداني عن حسان بن فائد العبسي، عن عمر بن الخطاب، قال: (الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان). رواه سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وعلّقه البخاري في صحيحه. د: وقال عكرمة بن خالد، عن مالك بن أوس بن الحدثان، أن عمر بن الخطاب قال: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} حتى بلغ {عليم حكيم} ثم قال: هذه لهؤلاء، ثم قرأ: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} ثم قال: هذه لهؤلاء، ثم قرأ: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} حتى بلغ {والذين جاءوا من بعدهم} ثم قال: « هذه استوعبت المسلمين عامة؛ فلئن عشت ليأتين الراعي وهو بسرو حِمْيَر نصيبه منها، لم يعرق منها جبينه». رواه عبد الرزاق. المؤلفات في سيرته وفضائله وفضائل عمر كثيرة، كتب فيها جماعة من أهل العلم، وأفردت فيها مؤلفات، ومن أجود ما كتب في سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفضائله: 1: دواوين السنة، والأحاديث والآثار المروية فيها عن عمر وسيرته ومناقبه كثيرة جداً، وقد جمعت منها ما تيسّر لي مما ليس فيه ضعف ولا نكارة. 2: فصل طويل في ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد. 3. فصل طويل في أخباره في تاريخ المدينة لعمر بن شبة النميري. 4: فصل طويل في فضائله وأخباره وزهده في كتاب الزهد لأبي داوود السجستاني. 5: كتاب فضائل عمر من كتاب الشريعة للآجري. 6: فضائل الخلفاء الأربعة وغيرهم، لأبي نعيم الأصبهاني. 7: فضائل عمر الفاروق، لأبي بكر البيهقي، ذكره في كتاب شعب الإيمان. 8: ترجمة مطولة له في تاريخ دمشق لأبي القاسم ابن عساكر 9: مناقب عمر بن الخطاب، لأبي الفرج ابن الجوزي. 10: فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، للحافظ عبد الغني المقدسي. 11: منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين، لموفق الدين ابن قدامة المقدسي. 12: الرياض النضرة في مناقب العشرة، لمحبّ الدين الطبري. 13: فضل الخلفاء الراشدين، لشيخ الإسلام ابن تيمية. 14: فصل طويل في فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتاب منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية. 15: ترجمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تاريخ الإسلام، وسير أعلام النبلاء كلاهما لأبي عبد الله الذهبي. 16: محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، لجمال الدين ابن المبرد، وهو من أوسع الكتب في سيرته، وقد اشتمل على مئة باب. 17: الغرر في فضائل عمر، للحافظ جلال الدين السيوطي. 18: السيرة العمرية، للشيخ موسى بن راشد العازمي. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...0f5aa36393.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 3: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة الأموي القرشي (ت:35هـ) العناصر: ● اسمه ونسبه ● مولده ونشأته وإسلامه ● مصاهرته للنبي صلى الله عليه وسلم ● هجرته إلى الحبشة ثم إلى المدينة ● مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم ● علمه وفقهه - خشيته وبكاؤه - زهده وتواضعه ● صفاته وشمائله - حياؤه - فراسته ● فضائله ومناقبه - بشارته بالجنة - بشارته بالشهادة - الثناء على جوده وإنفاقه في سبيل الله تعالى - ما روي أنه نزل فيه من القرآن ● استفاضة ثناء الصحابة والأمة عليه ● خلافته - خبر توليته الخلافة - جمعه القرآن على رسم واحد - عمارة المسجد الحرام والمسجد النبوي - سعة الأرزاق وكثرة العطايا في عهده - اتساع الفتوحات في عهده - التعليم في عهده - سقوط خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من يده ● فتنة مقتله - وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان في الفتنة - خبر مقتله - ورع عثمان وكفّه عن القتال ● مواعظه ووصاياه ● بعض ما قيل فيه من الرثاء ● رواة القراءة والتفسير عن عثمان رضي الله عنه ● مما روي عنه في التفسير https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 3: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة الأموي القرشي (ت:35هـ) اسمه ونسبه هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، يلتقي نسبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف. وله صلة قرابة أخرى بالنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أمّه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وهي بنت أم حكيم واسمها البيضاء بنت عبد المطلب عَمّة النبي صلى الله عليه وسلم، والبيضاء هي توأم عبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم. - قال أبو عيسى الترمذي: (له كنيتان، يقال: أبو عمرو، وأبو عبد الله). وكذلك قال أبو إسحاق ابن خزيمة في كتاب التوحيد. مولده ونشأته وإسلامه وُلد عثمان بعد عام الفيل بستّ سنين، ونشأ بمكة، وكان من السابقين الأولين إلى الإسلام، أسلم قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم. - قال إبراهيم بن سعد الزهري عن محمد بن إسحاق قال: (أسلم أبو بكر بن أبي قحافة؛ فأظهر إسلامه ودعا إلى الله وإلى رسوله، وكان أبو بكر رجلاً مألفاً؛ فأسلم على يديه فيما بلغني عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم؛ فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا فأسلموا وصلوا). رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه، وابن بطة في الإبانة، وروى نحوه زياد البكائي عن ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام، ويونس بن بكير عن ابن إسحاق كما في دلائل النبوة للبيهقي. مصاهرته للنبي صلى الله عليه وسلم تفرّد عثمان رضي الله عنه بفضيلة لم يُذكر أنّ أحداً من لدن آدم يشاركه فيها، وهي أنه تزوّج بنتي نبيّ، واحدة بعد الأخرى، ولذلك لُقّب بذي النورين، وكان لقبه هذا مأثوراً في كتب بني إسرائيل. زوّجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقيّة قبل الهجرة بعشر سنين؛ فمكثت عنده نحو ثنتي عشرة سنة، وماتت عقيب غزوة بدر، ثم زوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته الأخرى أمّ كلثوم، وبقيت عنده إلى أن توفيت سنة تسع للهجرة. ولدت له رقية ابنه عبد الله قبل الهجرة بسنتين، ومات في السنة الرابعة من الهجرة، وله ست سنتين، ولم تلد له أم كلثوم. - قال محمد بن سيرين، عن عقبة بن أوس السدوسي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما قال: وجدت في بعض الكتب يوم غزونا يوم اليرموك: (أبو بكر الصديق أصبتم اسمه، عمر الفاروق قرن من حديد أصبتم اسمه، عثمان ذو النورين أوتي كفلين من الرحمة لأنه قتل مظلوماً أصبتم اسمه). رواه نعيم بن حماد في الفتن، وابن أبي شيبة في مصنفه، وأحمد في فضائل الصحابة، وابن أبي عاصم في السنة. - قل شيبان بن فروخ الأبلّي: حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن البصري، قال: «إنما سمي عثمان ذا النورين لأنه لا يعلم أحد أغلق بابه على ابنتي نبي لله صلى الله عليه وسلم غيره». رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة. - قال أبو بكر الآجري: (إنما يسمى عثمان ذا النورين؛ لأنه لم يجمع بين ابنتي نبي في التزويج واحدة بعد الأخرى من لدن آدم عليه السلام إلا عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فلذلك سمّي ذا النورين؛ فهذه أحد مناقبه الشريفة). - وقال أبو حفص ابن شاهين: (تفرّد عثمان بن عفان بهذه الفضيلة، ولم يتزوج ابنتي نبي غيره؛ فلذلك سمي ذا النورين، ولم يشركه فيها أحد). وأما ما رواه أبو مروان محمد بن عثمان بن خالد العثماني قال: حدثنا أبي، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر ابنته الثانية التي كانت عند عثمان، فقال: «ألا أبا أيم! ألا أخا أيم يزوّجها عثمان فلو كنّ عشراً لزوجتهن عثمان، وما زوجته إلا بوحي من السماء». فقد أخرجه الطبراني في الكبير، وابن أبي عاصم في السنة، وفيه عثمان بن خالد متروك الحديث، وقد روي نحوه من طرق لا تخلو من مقال، وليس فيها ما يعتمد عليه. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 3: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة الأموي القرشي (ت:35هـ) هجرته إلى الحبشة ثم إلى المدينة لقي عثمان رضي الله عنه أذى من قومه في أوّل الإسلام؛ فصبر على ما أصابه في سبيل الله حتى أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة؛ فهاجر ومعه رقية في جماعة من المسلمين قبل جعفر وأصحابه. ثمّ عاد إلى مكة، وهاجر إلى المدينة بأهله، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أوس بن ثابت النجاري أخو حسان وزيد، ووالد شداد بن أوس وقد استشهد بأحد. وكان بيت عثمان في وِجَاه بيوت النبي صلى الله عليه وسلم. - قال ابن شهاب الزهري: أخبرني عروة، أن عبيد الله بن عدي بن الخيار، أخبره أن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، قالا: ما يمنعك أن تكلم عثمان لأخيه الوليد فقد أكثر الناس فيه، فقصدت لعثمان حتى خرج إلى الصلاة، قلت: إن لي إليك حاجة، وهي نصيحة لك، قال: (يا أيها المرء أعوذ بالله منك). فانصرفت، فرجعت إليهم إذ جاء رسول عثمان فأتيته، فقال: ما نصيحتك؟ فقلت: إن الله سبحانه بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكنتَ ممن استجاب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فهاجرت الهجرتين، وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيت هديه، وقد أكثر الناس في شأن الوليد. قال: أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: لا، ولكن خلص إليَّ من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها. قال: (أما بعد، فإنَّ الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآمنت بما بعث به، وهاجرت الهجرتين كما قلتَ، وصحبتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعته، فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله عز وجل، ثم أبو بكر مثله، ثم عمر مثله، ثم استُخلفت، أفليس لي من الحقّ مثل الذي لهم؟ قلت: بلى. قال: (فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ أما ما ذكرت من شأن الوليد، فسنأخذ فيه بالحقّ إن شاء الله، ثم دعا علياً، فأمره أن يجلده فجلده ثمانين). رواه أحمد والبخاري. - وقال بشار بن موسى الخفاف: حدثنا الحسن بن زياد البرجمي إمام مسجد محمد بن واسع، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: خرج عثمان رضي الله عنه مهاجراً إلى أرض الحبشة ومعه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فاحتبس على النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم، وكان يخرج يتوكَّف عنهم الخبر؛ فجاءته امرأة فأخبرته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صحبهما الله، إن عثمان أوّل من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط». رواه الطبراني في الكبير، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني. لكن بشار بن موسى مختلف فيه؛ فكان الإمام أحمد يروي عنه ويثني عليه لقيامه بالسنة، وقال علي بن المديني: ما رأيت ببغداد أصلب بالسنة منه، وقال يحيى بن معين: من الدجالين، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة. والحسن بن زياد البرجمي مجهول الحال، فالحديث ضعيف الإسناد، قد روي نحوه من حديث زيد بن ثابت، وحديث ابن عباس، ومرسل محمد بن إبراهيم التيمي، لكنها روايات ضعيفة جداً لا تصلح للاعتبار. مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم تجهّز عثمان لشهود بدر مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنّ النبي صلى الله عليه وسلم خلَّفه على ابنته رُقيَّة لما اشتدّ بها مرضها، وضرب له بسهمه، وأخبره أنّ له أجر من شهدها. وزوَّجه النبي صلى الله عليه وسلم بأمّ كلثوم بعد رقية فسُمّي ذا النورين. وشهد عامّة المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا غزوتين فيما ذكر أهل السير لم يشهدهما استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم فيهما على المدينة، وهما غزوة ذي أَمَرّ، وغزوة ذات الرقاع على خلاف فيها. وكان هو سببَ بيعة الرضوان لما أشيع خبر مقتله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أرسله إلى أهل مكة لما حصروهم عن البيت؛ فبايع الصحابةُ وأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيد نفسه وقال: هذه عن عثمان، فبايع عنه، فكانت بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه منقبة من مناقبه. - قال عثمان بن موهب عن ابن عمر أنه قال في عذر عثمان لما تغيّب عن بدر وعن بيعة الرضوان: (وأما تغيّبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة)، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا، وسهمه» وأما تغيبه عن بيعة الرضوان، فلو كان أحد أعزَّ ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: «هذه يد عثمان». فضرب بها على يده، فقال: «هذه لعثمان»رواه أحمد والبخاري والترمذي. علمه وفقهه كان عثمان رضي الله عنه من علماء الصحابة وقرائهم وفقهائهم وموسريهم، ومن دلائل سعة علمه أمور: أولها: أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم وطالت صحبته له، وصاهره، وجاوره في منزله، وكان من خاصة أصحابه فاستفاد منه علماً غزيراً مباركاً، ثم صحب أبا بكر وعمر وكان من وزرائهما وأعوانهما وخاصتهما، حتى روي أنه هو الذي كتب عهد أبي بكر لعمر بالخلافة؛ فاستفاد من علومهما وهديهما. وثانيها:أنه قرأ القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع القرآن في عهده، وشهد كثيراً من وقائع التنزيل، فكان من أعلم الناس بالقرآن. وقد يُسّرت له تلاوة القرآن؛ فكان سريع القراءة، كثير التلاوة، طويل التهجد، حتى روي عنه أنه ربما قرأ القرآن كلّه في ليلة، وله في ذلك أخبار مأثورة. وثالثها: أنه كان ممن يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم، بل روي عنه أنه أوّل من خطّ المفصّل. ورابعها: أنه كان يفصل بين اختلاف القراء في زمان خلافته لما جمع القرآن على رسم واحد، وما كان يتهيّأ له ذلك إلا بعلم وإتقان للقراءة، ومعرفة بما يلزم من علوم القرآن. وخامسها: أنه كان ممن يُعلّم القرآن، وقد قرأ عليه جماعة من التابعين قبل أن يتولى الخلافة؛ فلما تولى الخلافة شغل بأمر المسلمين، وممن قرأ عليه: المغيرة بن أبي شهاب المخزومي، وأبو عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش، وأبو الأسود الدؤلي. وكان مع كل ذلك يتوقّى الإكثار من رواية الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم من الوعيد الشديد لمن قال عليه ما لم يقل؛ فلذلك آثر السلامة. - قال شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت عباد بن زاهر أبا رُوَاع، قال: سمعت عثمان يخطب، فقال: (إنا والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، فكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير، وإن ناساً يعلموني به، عسى أن لا يكون أحدهم رآه قط). رواه أحمد في المسند. - وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، قال: سمعت عثمان بن عفان، يقول: ما يمنعني أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون أوعى أصحابه عنه، ولكني أشهد لَسَمِعْتُه يقول: « من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار». رواه أحمد في المسند، والبخاري في التاريخ الكبير، والبزار في مسنده. - قال محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: لما قدم المصريون دخلوا على عثمان رضي الله عنه؛ فضرب ضربة على يده بالسيف، فقطر من دم يده على المصحف وهو بين يديه يقرأ فيه على {فسيكفيكهم الله} قال: وشدَّ يده وقال: «إنها لأول يد خطَّت المفصل»). رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة. - وقال ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: (لما ضَرب الرَّجلُ يدَ عثمان قال: «إنها لأول يد خطت المفصل»). رواه الطبراني وابن أبي عاصم. - وقال عبد الرحمن بن عثمان التيمي: « قمت خلف المقام وأنا أريد أن لا يغلبني عليه أحد تلك الليلة، فإذا رجلٌ يغمزني فلم ألتفت، ثم غمزني فنظرت، فإذا [هو أمير المؤمنين] عثمان بن عفان فتنحيت، فتقدَّم فقرأ القرآن في ركعة، ثم انصرف» رواه ابن سعد، وعبد الرزاق والشافعي والدارقطني وغيرهم من طرق متعددة عن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، وهو ابن أخي طلحة بن عبيد الله، أسلم يوم الفتح وهو في عداد الصحابة رضي الله عنهم. - وقال يوسف بن يعقوب الماجشون: سمعت ابن شهاب يقول: (لو هلك عثمان بن عفان وزيد بن ثابت في بعض الزمان لهلك علم الفرائض إلى يوم القيامة، ولقد جاء على الناس زمان وما يعلمها غيرهما). رواه أحمد في فضائل الصحابة، والدارمي في سننه، والبيهقي في السنن الكبرى. - وقال معاذ بن معاذ العنبري، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين قال: (كانوا يرون أن أعلم الناس بالمناسك عثمان بن عفان، وبعده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما). رواه ابن أبي شيبة، والبيهقي في المدخل إلى السنن. ورواه ابن سعد من طريق سليم بن أخضر البصري عن ابن عون به. خشيته وبكاؤه - قال القاضي هشام بن يوسف الصنعاني: حدثني عبد الله بن بحير القاصّ، عن هانئ مولى عثمان، قال: كان عثمان إذا وقف على قبر بكى، حتى يبلّ لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (( القبر أول منازل الآخرة، فإن ينج منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه، فما بعده أشد منه)). قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما رأيتُ منظراً قطّ إلا والقبر أفظع منه)). رواه البخاري في التاريخ الكبير، وعبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه، وابن ماجه، والحاكم في المستدرك. زهده وتواضعه - قال أبو جعفر الرازي، عن يونس بن عبيد، عن الحسن البصري، قال: «رأيت عثمان قائلاً في المسجد في ملحفة، ليس حوله أحد، وهو أمير المؤمنين». رواه أحمد في فضائل الصحابة، وأبو نعيم في الحلية. - وقال ثابت بن يزيد الأحول، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي أنَّ عبداً للمغيرة بن شعبة تزوج، فدعا نفراً وعثمان بن عفان، فلما جاء وسّع له وقيل: أمير المؤمنين، فأخذ بسجفي الباب وقال: «إني صائم، ولكني أحببت أن أجيب الدعوة، وأدعو بالبركة». رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 3: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة الأموي القرشي (ت:35هـ) صفاته وشمائله - قال عثمان بن أبي شيبة: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أم موسى جارية عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قالت: (كان عثمان من أجمل الناس). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه. - وقال المسيب بن رافع الأسدي، عن موسى بن طلحة بن عبيد الله، عن حمران قال: (كان عثمان بن عفان يغتسل كل يوم مرة منذ أسلم).رواه أحمد في المسند وفي فضائل الصحابة. - وقال حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن موسى بن طلحة «أن عثمان كان يغتسل في كل يوم مرة». رواه ابن أبي شيبة. - وقال ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن سعد مولى الأسود بن سفيان، قال: «رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يبني الزوراء، على بغلة شهباء مصفراً لحيته». رواه ابن سعد، وأبي شيبة، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، وأبو حفص الفلاس في تاريخه، رووه من طرق عن ابن أبي ذئب به. - وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن أبي عبد الله مولى شداد بن الهاد قال: « رأيت عثمان بن عفان على المنبر يوم الجمعة وعليه إزار عدني غليظ قيمته أربعة دراهم أو خمسة دراهم، وريطة كوفية ممشقة ضرب اللحم طويل اللحية حسن الوجه». رواه عبد الله بن المبارك في الزهد عن ابن لهيعة، والحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة به، والطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية من طريق أسد بن موسى عن ابن لهيعة به. - وقال عبد الله بن المبارك، عن الزبير بن عبد الله الأموي، قال: حدثتني جدتي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه «كان لا يوقظ أحدا من أهله في الليل إلا أن يجده يقظان، فيدعوه فيناوله قلة وضوئه، وكان يصوم الدهر». رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه. وجدة الزبير يقال لها: رهيمة، وكانت خادمة لعثمان بن عفان. حياؤه - قال محمد بن أبي حرملة، عن عطاء وسليمان ابني يسار، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي، كاشفا عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدَّث، ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، فتحدَّث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوى ثيابه؛ فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال: «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة»رواه مسلم في صحيحه والبخاري في الأدب المفرد. - وقال الليث بن سعد: حدثني عقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، عن يحيى بن سعيد بن العاص، أن سعيد بن العاص، أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان حدثاه أن أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه، لابس مرط عائشة، فأذن لأبي بكر وهو كذلك، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو على تلك الحال فقضى إليه حاجته، ثم انصرف. قال عثمان: ثم استأذنت عليه فجلس، وقال لعائشة: «اجمعي عليك ثيابك» فقضيت إليه حاجتي، ثم انصرفت، فقالت عائشة: يا رسول الله مالي لم أرك فزعت لأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، كما فزعت لعثمان؟!! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنَّ عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلي في حاجته». رواه أحمد في المسند، ومسلم في الصحيح، وزاد أحمد: (قال الليث: وقال جماعة الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: (( ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة )). - وقال خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أرحم أمَّتي بأمَّتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينا، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وزاد "وأقضاهم عليّ بن أبي طالب"، ومن أهل العلم من أعلّه بالرواية المرسلة. فراسته - قال ابن القيم في الطرق الحكمية: (ودخل رجل على عثمان رضي الله عنه؛ فقال له عثمان: (يدخل علي أحدكم والزنا في عينيه! فقال: أوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: (لا؛ ولكن فراسة صادقة) ومن هذه الفراسة: أنه رضي الله عنه لما تفرس أنه مقتول ولا بد أمسك عن القتال، والدفع عن نفسه، لئلا يجري بين المسلمين قتال، وآخر الأمر يقتل هو، فأحب أن يقتل من غير قتال يقع بين المسلمين). فضائله ومناقبه روي في فضل عثمان أحاديث وآثار كثيرة فرّقتُ أكثرها في سيرته، وتقدم ذكر بعضها في سيرة أبي بكر وعمر، ويتلخص منها: 1: بشارته بالجنة وقد روي في ذلك أحاديث: - قال صدقة بن المثنى: سمعت جدي رباح بن الحارث، عن سعيد بن زيد بن نفيل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عثمان في الجنة». رواه أحمد، وابن أبي شيبة، والنسائي في الكبرى، وهو جزء من حديث العشرة المبشرين بالجنة، وله طرق عن سعيد بن زيد، وعن غيره. - وقال أبو عثمان النهدي، عن أبي موسى رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة»، فإذا أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة»، فإذا عمر، ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال: «ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه»، فإذا عثمان بن عفان). رواه أحمد والبخاري ومسلم من طرق عن أبي عثمان، ورواه البخاري في صحيحه من طريق سعيد بن المسيب عن أبي موسى مطولاً. 2: بشارته بالشهادة - قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن أنس بن مالك رضي الله عنه، حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحُداً، وأبو بكر، وعمر، وعثمان فرجف بهم، فقال: «اثبت أحد فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان» رواه أحمد والبخاري وأبو داوود والترمذي والنسائي في الكبرى. - وقال الحسين بن واقد المروزي: حدثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً على حراء ومعه أبو بكر وعمر وعثمان؛ فتحرك الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اثبت حراء؛ فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد)). رواه أحمد " 3: الثناء على جوده وإنفاقه في سبيل الله تعالى وقد كان رضي الله عنه جزل الإنفاق في سبيل الله، له في ذلك مواقف محمودة مشكورة أثنى فيها عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فمنها ما بشّر بها بالجنة، ومنها ما بشّر بها برفع المؤاخذة عنه في جميع أعماله، ومن أشهر تلك النفقات: أ-أنه جهز جيش العُسرة من ماله. ب- أنه اشترى مربداً مجاوراً لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وضمّه إلى المسجد ووسّعه، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالمغفرة. ج- أنه اشترى بئر رومة، وكان ليهودي في المدينة يبيع ماءه، وليس في المدينة ماء يُستعذب غيره، فشقّ ذلك على المسلمين، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لمن يشتريه ويجعل دلوه مع دلاء المسلمين، فاشتراه عثمان وجعله سقاية للمسلمين. - قال عبد الله بن شوذب، عن عبد الله بن القاسم، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين جهز جيش العُسْرَة فنثرها في حجره. قال عبد الرحمن: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلّبها في حجره ويقول: (( ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )) مرتين. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه. - وقال أبو إسحاق السبيعي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، أن عثمان رضي الله عنه حين حوصر أشرف عليهم، وقال: أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « من حفر رومة فله الجنة»؟ فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال: «من جهز جيش العسرة فله الجنة؟» فجهَّزتُهم قال: (فصدقوه بما قال). رواه البخاري في صحيحه مختصراً، وله روايات وطرق أخرى مفصلة. - وقال يحيى بن أبي الحجاج المنقري، عن سعيد الجريري، عن ثمامة بن حزن القشيري قال: شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان، فقال: أنشدكم بالله وبالإسلام، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة؟ فقال: (( من يشتري بئر رومة؛ فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟)) فاشتريتها من صلب مالي فجعلت دلوي فيها مع دلاء المسلمين، وأنتم اليوم تمنعوني من الشرب منها حتى أشرب من ماء البحر، قالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم بالله والإسلام، هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم بالله والإسلام، هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟» فاشتريتها من صلب مالي فزدتها في المسجد، وأنتم تمنعوني أن أصلي فيه ركعتين!! قالوا: (اللهم نعم). رواه الترمذي والنسائي، وله طرق أخرى. 4: ما روي أنه نزل فيه من القرآن وهو على صنفين؛ صنف يصح أن يُحمل على أنه من أسباب النزول أو أحواله، وصنف من باب التفسير، وتنبيه بعض الصحابة على أنّ عثمان رضي الله عنه ممن يشمله ما ذكر في الآية، لا أنه سبب نزولها. - قال عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إبراهيم بن عكرمة بن يعلى بن أمية، عن ابن عباس في قوله تعالى: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا} قال: (نزلت في رجل من قريش وعبده، وفي قوله: {مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء} إلى قوله: {وهو على صراط مستقيم}قال: «هو عثمان بن عفان». قال: «والأبكم الذي أينما يوجه لا يأت بخير، ذاك مولى عثمان بن عفان، كان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المئونة، وكان الآخر يكره الإسلام ويأباه، وينهاه عن الصدقة والمعروف، فنزلت فيهما». رواه ابن جرير. ورواه ابن سعد، وابن أبي شيبة، والبخاري في تاريخه، والضياء المقدسي في المختارة مختصراً. - وقال عبد الله بن عيسى الخزاز: حدثنا يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر قرأ: {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} قال ابن عمر: (ذاك عثمان بن عفان رضي الله عنه). رواه ابن أبي حاتم. قال ابن أبي حاتم: (وإنما قال ابن عمر ذلك، لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان بالليل وقراءته حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة). - وقال شعبة: حدثني أبو بشر، عن يوسف بن سعد المكي، عن محمد بن حاطب قال: سمعت علياً يخطب يقول: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} منهم عثمان). رواه أحمد في فضائل الصحابة وابن جرير في تفسيره والطحاوي في شرح مشكل الآثار. ورواه ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم لكن وقع عندهم يوسف بن ماهك بدل يوسف بن سعد. - وقال شعبة، عن أبي عون قال: سمعت محمد بن حاطب قال: (سألت علياً عن عثمان، فقال: «هو من الذين آمنوا ثم اتقوا ثم آمنوا ثم اتقوا» ولم يختم الآية). رواه أحمد في فضائل الصحابة. استفاضة ثناء الصحابة والأمة عليه استفاض ثناء الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ومن تبعهم على عثمان رضي الله عنه، ولم يطعن فيه إلا أصحاب الأهواء الذين آل بهم الأمر إلى فتن عظيمة، ومحن جسيمة. - قال عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لا نفاضل بينهم»رواه البخاري وأبو داوود. - وقال يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم»رواه البخاري. - وقال عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة بن عبيد الله، أنّ عائشة رضي الله عنها قالت: (لَعُثمان كان أتقاهم للرب عز وجل، وأحصنهم للفرج، وأوصلهم للرحم). رواه أحمد في فضائل الصحابة وعبد الرزاق في فضائل الصحابة، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة، ورُوي نحوه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. - وقال أحمد بن سنان الواسطي: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول: (كان لعثمان شيئان ليس لأبي بكر ولا عمر مثلهما: صبره على نفسه حتى قتل مظلوماً، وجمعه الناس على المصحف). رواه أبو نعيم في الحلية. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 3: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة الأموي القرشي (ت:35هـ) خلافته تولّى عثمانُ الخلافة بعد عمر في آخر ليلة من سنة 23هـ، وكان الصحابة يرون أنهم ولَّوا أفضل من بقي منهم، وبقي في الخلافة ثنتي عشرة سنة، وقتل مظلوماً يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة 36هـ. - قال ابن أبي أويس عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب: (ولي ثنتي عشرة سنة حجها كلها إلا سنتين). رواه البخاري في التاريخ الكبير. - وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: (بويع له بالخلافة يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وقتل رحمه الله يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين بعد العصر، وكان يومئذ صائما، ودفن يوم السبت بين المغرب والعشاء في حش كوكب بالبقيع، وقتل وهو ابن اثنتين وثمانين سنة). رواه ابن أبي خيثمة. خبر توليته الخلافة - قال أبو عوانة اليشكري، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن ميمون الأودي في خبر مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فذكره بطوله ثم قال: فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين استخلف. قال: (ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر، أو الرهط، الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فسمّى علياً، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعداً، وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء - كهيئة التعزية له - فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله عن عجز، ولا خيانة). قال: فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر، فنجعله إليه والله عليه والإسلام، لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إليَّ، والله علي أن لا آلِ عن أفضلكم؟ قالا: نعم. فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن، ولتطيعن، ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه، فبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه). رواه البخاري. - وقال وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي أن عمر بن الخطاب لما حُضر قال: (ادعوا لي علياً، وطلحة، والزبير، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعداً). قال: فلم يكلم أحداً منهم إلا علياً وعثمان؛ فقال: (يا علي! لعلَّ هؤلاء القوم يعرفون قرابتك وما آتاك الله من العلم والفقه، واتق الله، وإن وليت هذا الأمر؛ فلا ترفعنَّ بني فلان على رقاب الناس). وقال لعثمان: (يا عثمان! إنَّ هؤلاء القوم لعلهم يعرفون لك صهرك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنَّك وشرفك؛ فإن أنت وليت هذا الأمر فاتق الله، ولا ترفع بني فلان على رقاب الناس). فقال: (ادعوا لي صهيباً). فقال: (صلّ بالناس ثلاثاً، وليجتمع هؤلاء الرهط فليخلوا؛ فإن أجمعوا على رجل فاضربوا رأس من خالفهم). رواه ابن أبي شيبة. - وقال الليث بن سعد، عن عبيد الله بن عمر، أن ابن شهاب حدَّثه عن المسور بن مخرمة قال: لما كانت الليلة التي في صبيحتها يفرغ النفر الذين استخلفهم عمر بن الخطاب عليه السلام من الخلافة صليت العشاء، ثم انصرفت إلى ستر لي فنمت عليه، فأيقظني من النوم صوت خالي عبد الرحمن بن عوف رحمة الله عليه: أيا مسور قال: فخرجت مشتملا بثوبي فقال: أنمت؟ قلت: نعم , قد نمت , قال: خذ عليك ثوبك ثم الحقني إلى المسجد ففعلت قال: " اذهب فادع لي الزبير وسعدا أو أحدهما قال: فانطلقت فدعوته فلما انتهيت به إليه قال: استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا قال: ففعلت شيئا يسيرا , ثم قال: ادع الآخر فلما انتهيت به إليه قال: استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا. قال: فتناجيا شيئاً يسيراً، ثم نادى: يا مسور اذهب فادع لي علياً؛ فذلك حين ذهبت فحمة العشاء. قال: فجئت بعلي. قال: استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا. قال: فلم يزالا يتكلمان من العشاء حتى كان السحر إلا أني أسمع من نجيهما ما أظني أنهما قد اقتتلا؛ فلما كان السحر ناداني وعلي عنده؛ فقال: اذهب فادع لي عثمان. قال: ففعلت فتناجيا وأذّن المؤذن بالصبح. قال: فتفرقوا للوضوء، وقد علم الناس أنها صبيحة الخلافة؛ فاجتمعوا للصبح كما يجتمعون للجمعة فأمر عبد الرحمن النفر أن يجلسوا بين يدي المنبر؛ فلما أبصر الناس بعضهم بعضاً وطلعت الشمس قام عبد الرحمن إلى جنب المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: (يا أيها الناس قد علمتم الذي كان من وفاة أمير المؤمنين واستخلافه إيانا أيها النفر، ورضي أصحابي أن ألي ذلك لهم؛ فأختار رجلاً منهم، وهؤلاء بين أيديكم). ثم استقبلهم رجلاً رجلاً، ثم قال: (أي فلان عليك عهد الله وميثاقه لتسمعن ولتطيعن لمن وليت ولترضين ولتسلمن). فيقول: نعم، رافعاً صوته، يسمع الناس، حتى فرغ منهم رجلاً رجلاً، من عثمان، وعلي، والزبير، وسعد. قال: أما طلحة فأنا حميلٌ برضاه. ثم قال: (إني لم أزل دائباً منذ ثلاث أسألكم عن هؤلاء النفر، ثم سألتهم عن أنفسهم؛ فوجدتكم أيها الناس وإيّاهم اجتمعتم على عثمان، قم يا عثمان). فلم يقل رجلٌ من المهاجرين والأنصار ولا وفود العرب ولا صالحي التابعين إنك لم تستشرنا ولم تستأمرنا؛ فرضوا وسلموا؛ فلبثوا ستَّ سنين لا يعيبون شيئاً. قال: كان طائفة منهم يفضّلونه على عمر، يقول: (العدل مثل عمر، واللين ألين من عمر). رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده. - وقال حماد بن سلمة: حدثنا عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل أن عبد الله بن مسعود سار من المدينة إلى الكوفة ثمانياً حين استخلف عثمان بن عفان، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد، فإنَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مات، فلم ير يومٌ أكثرَ نشيجاً من يومئذ، وإنا اجتمعنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلم نألُ عن خيرنا ذا فُوق؛ فبايعنا أمير المؤمنين عثمان، فبايعوه). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن سعد في الطبقات، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ. - - قال الأصمعي: (قوله: "ذا فوق" يعني السهم الذي له فُوق، وهو موضع الوتر، وإنما نراه قال: "خيرنا ذا فوق" ولم يقل: "خيرنا سهما" لأنه قد يقال له: سهم، وإن لم يكن أُصلح فُوقُه، ولا أُحكم عملُه؛ فهو سهم وليس بتامّ كامل؛ حتى إذا أُصلح عمله، واستحكم؛ فهو حينئذ سهمٌ ذو فُوق؛ فجعله عبد الله مثلاً لعثمان رضي الله عنه يقول: إنه خيرنا سهماً تاماً في الإسلام والسابقة والفضل فلهذا خصّ ذا الفُوق). رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث. - وقال عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة قال: خطبنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين استخلف عثمان فقال:(أمَّرْنا خير من بقي، ولم نَأْلُ).رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن سعد في الطبقات، ويعقوب بن سفيان في المعرفة، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في المدخل إلى السنن، وغيرهم، وله طرق أخرى. جمعه القرآن على رسم واحد من أجلّ أعمال عثمان وأعظمها بركة على أمة الإسلام جمعه الناسَ على مصحف إمام، وكان ذلك في عام 25ه، ثم استننسخ من المصحف الإمام مصاحف بعث بها إلى الأمصار ليقوّموا مصاحفهم عليها فاشتهرت المصاحف العثمانية، وألغي ما سواها. وكانت الفتوحات قد اتّسعت في عهده واختلف الناس في القراءات، ونُقل عن بعض الناس التكذيب ببعض القراءات والتنازع الشديد فيها؛ فاجتمع رأيه ورأي علماء الصحابة رضي الله عنه على جمع الناس على مصحف واحد؛ نصحاً للأمّة ودرءا للاختلاف والتنازع في كتاب الله تعالى، فأمر بالمصحف الذي جمعه أبو بكر فأُحضر، وكان عند حفصة بنت عمر بعد موت أبيها، فأمر زيد بن ثابت ومعه رهط من القرشيين بكتابة المصاحف فكتبوها، وبعث لكل مصر من الأمصار مصحفاً، وأبقى مصحفاً عنده، وردّ إلى حفصة المصحف الذي كان قد جمعه أبو بكر. وكان جمع القرآن عن إجماع من الصحابة رضي الله عنهم لما رأوه من الاختلاف فجمعوا الناس على مصحف واحد، وما كان من خلاف ابن مسعود في أوّل الأمر فإنّه رجع عنه. عمارة المسجد الحرام والمسجد النبوي - قال أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي: أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، قال: كان المسجد الحرام ليس عليه جدرات محاطة، إنما كانت الدور محدقة به من كل جانب، غير أن بين الدور أبوابا يدخل منها الناس من كل نواحيه؛ فضاق على الناس، فاشترى عمر بن الخطاب رضي الله عنه دوراً فهدمها، وهدم على من قرب من المسجد، وأبى بعضهم أن يأخذ الثمن، وتمنَّع من البيع، فوضعت أثمانها في خزانة الكعبة حتى أخذوها بعد، ثم أحاط عليه جداراً قصيراً، وقال لهم عمر: (إنما نزلتم على الكعبة فهو فناؤها، ولم تنزل الكعبة عليكم). ثم كثر الناس في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه فوسَّع المسجد، واشترى من قوم، وأبى آخرون أن يبيعوا، فهدم عليهم فصيَّحوا به فدعاهم، فقال: « إنما جرأكم عليَّ حلمي عنكم، فقد فعل بكم عمر هذا فلم يصح به أحد؛ فاحتذيت على مثاله فصيَّحتم بي» ، ثم أمر بهم إلى الحبس حتى كلَّمه فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد فتركهم). رواه أبو الوليد الأزرقي في أخبار مكة. - وقال صالح بن كيسان: حدثنا نافع أن عبد الله بن عمر أخبره أن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنيا باللَّبِن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل؛ فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشباً، ثم غيَّره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج). رواه أحمد، والبخاري، وأبو داوود. - - قال أبو داوود: (القصة: الجص). - وقال ابن وهب: أخبرني عمرو [بن الحارث] أن بكيراً حدّثه أن عاصم بن عمر بن قتادة حدثه أنه سمع عبيد الله الخولاني، أنه سمع عثمان بن عفان يقول عند قول الناس فيه حين بنى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم: إنكم أكثرتم، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( من بنى مسجداً - قال بكير: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله - بنى الله له مثله في الجنة)). رواه البخاري ومسلم. سعة الأرزاق وكثرة العطايا في عهده - قال خلف بن الوليد الجوهري: حدثنا مبارك بن فضالة، قال: سمعت الحسن [البصري] يقول: (أدركتُ عثمان وأنا يومئذ قد راهقت الحلم فسمعته يخطب، وما من يوم إلا وهم يقسمون فيه خيراً، يقال: يا معشر المسلمين اغدوا على أرزاقكم، فيغدون ويأخذونها وافرة: يا معشر المسلمين اغدوا على كسوتكم، فيجاء بالحلل فتقسم بينهم، قال الحسن: حتى والله سمع أوس يقال: اغدوا السمن والعسل، قال الحسن: والعدو ينفر، والعطيات دارة، وذات البين حسن، والخير كثير، ما على الأرض مؤمن يخاف مؤمناً). رواه عمر بن شبّة. - وقال عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، قال: «أدركت زمن عثمان رضي الله عنه وما من نفس مسلمة إلا ولها في مال الله حق». رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة. اتساع الفتوحات في عهده اتّسعت مساحة بلاد الإسلام في عهد عثمان بن عفان اتّساعاً كبيراً: ففي الشرق: فتحت الرَّي التي تسمّى طهران اليوم، وهمذان، وسابور، وأرجان، وداربجرد، وأذربيجان، وأصبهان، وإصطخر، وأرمينية، وجرجان، وسجستان، وسرخس، وطالقان، وفارياب، وجوزجان، وطبرستان، واستكملت فتوح بلاد خراسان والسند حتى بلغ المسلمون حدود الصين، وقتل يزدجرد ملك الفرس في عهد عثمان. وبعض تلك الأقاليم كان أول فتحها في عهد عمر ثم استكمل فتحها في عهد عثمان، وبعضها انتقض أهلها ففتحت مرة أخرى في عهد عثمان. وفي الشمال: استكملت الفتوح حتى حدود الترك، وقتل في الترك مقتلة عظيمة. وفي الغرب: غزوا البحر في أول خلافة عثمان وفتحت قبرص، وفتحت بلاد النوبة، والحبشة، وأفريقيا الوسطى، ثم توسعوا حتى بلغوا أقصى أفريقيا ولله الحمد والمنة. - قال هشام [بن عمار]: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني مرزوق بن أبي الهذيل قال: حدثني ابن شهاب، عن عروة أنه حدثه قال: (استُخلف عثمان بن عفان ففتح الله عليه إفريقية وخراسان؛ فعزل عمير بن سعد عن حمص، وجمع الشام لمعاوية، ونزع عمرو بن العاص عن مصر، وأمّر عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح - أحد بني عامر بن لؤي). رواه أبو زرعة الدمشقي. - وقال إبراهيم بن سعد الزهري: حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك حدثه أنَّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشأم في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق).رواه البخاري في صحيحه. التعليم في عهده كان تعليم القرآن وإقراؤه وتدارسه في عهد عثمان على الطريقة المعهودة من قبله؛ فقد تابع بعث المعلمين إلى الأمصار، وزاد ببعث المصاحف إلى الأمصار ليجتمع الناس على رسم واحد. سقوط خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من يده - قال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثني أبي، عن ثمامة، عن أنس رضي الله عنه قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده، وفي يد أبي بكر بعده، وفي يد عمر بعد أبي بكر؛ فلما كان عثمان جلس على بئر أريس. قال: (فأخرج الخاتم فجعل يعبث به فسقط). قال: (فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان؛ فنزح البئر فلم يجده). رواه البخاري. - وقال عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: «اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من وَرِق؛ فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر، ثم كان في يد عمر، ثم كان في يد عثمان حتى وقع منه في بئر أريس، نقشه محمد رسول الله». رواه البخاري ومسلم. - وقال أبو أسامة الكوفي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب، وجعل فصه مما يلي بطن كفه، ونقش فيه محمد رسول الله، فاتخذ الناس خواتم الذهب، فلما رآهم قد اتخذوها رمى به، وقال: «لا ألبسه أبداً» ثم اتخذ خاتما من فضة، نقش فيه: "محمد رسول الله"، ثم لبس الخاتم بعده أبو بكر، ثم لبسه بعد أبي بكر عمر، ثم لبسه بعده عثمان، حتى وقع في بئر أريس). رواه البخاري وأبو داوود، واللفظ له. - وقال المغيرة بن زياد الموصلي: حدثنا نافع، عن ابن عمر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتماً من ذهب ثلاثة أيام، فلما رآه أصحابه فشت عليهم خواتيم الذهب، فرمى به، فلا يدرى ما فعل، ثم أمر بخاتم من فضة، فأمر أن ينقش فيه: "محمد رسول الله" فكان في يد النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات، وفي يد أبي بكر حتى مات، وفي يد عمر حتى مات، وفي يد عثمان ست سنين من عمله، فلما كثرت عليه الكتب دفعه إلى رجل من الأنصار؛ فكان يختم به، فخرج الأنصاري إلى قليب لعثمان، فسقط، فالتمس فلم يوجد، فأمر بخاتم مثله، ونقش فيه محمد رسول الله». رواه النسائي. - قال أبو داود: «ولم يختلف الناس على عثمان حتى سقط الخاتم من يده». - وقال ابن حجر العسقلاني: (قال بعض العلماء: كان في خاتمه صلى الله عليه وسلم من السرّ شيءٌ مما كان في خاتم سليمان عليه السلام؛ لأنَّ سليمان لما فقد خاتمه ذهب ملكه، وعثمان لما فقد خاتم النبي صلى الله عليه وسلم انتقض عليه الأمر، وخرج عليه الخارجون، وكان ذلك مبدأ الفتنة التي أفضت إلى قتله، واتصلت إلى آخر الزمان). - وقال الليث بن سعد، عن عبيد الله بن عمر، أن ابن شهاب حدَّثه عن المسور بن مخرمة في خبر تولية عثمان الخلافة، قال: (فلبثوا ستَّ سنين لا يعيبون شيئاً). قال: كان طائفة منهم يفضّلونه على عمر، يقول: (العدل مثل عمر، واللين ألين من عمر). رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 3: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة الأموي القرشي (ت:35هـ) فتنة مقتله وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان في الفتنة عهد النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان عهداً أبلغه فيه بما سيصيبه من البلوى والقتل، وأوصاه بوصايا تمسّك بها عثمان حتى قتل شهيداً مظلوماً رضي الله عنه. - قال إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: (( وددت أن عندي بعض أصحابي )) قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك أبا بكر فسكت، قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك عمر فسكت، قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك عليا فسكت، قلنا: ألا ندعو لك عثمان قال: بلى. فأرسلنا إلى عثمان فجاء فخلا به، فجعل يكلمه، ووجه عثمان يتغير. قال قيس: فحدثني أبو سهلة – مولى عثمان - أن عثمان قال يوم الدار: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليَّ عهداً، وأنا صابر عليه ). قال قيس: (كانوا يرون أنه ذلك اليوم). رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وابن حبان. - وقال الوليد بن سليمان بن أبي السائب: حدثني ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن عامر [اليحصبي]، عن النعمان بن بشير، عن عائشة قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبلت إحدانا على الأخرى؛ فكان من آخر كلام كلمه أن ضرب منكبه، وقال: (( يا عثمان! إن الله عزَّ وجل عسى أن يلبسك قميصاً؛ فإن أرادك المنافقون على خلعه، فلا تخلعه حتى تلقاني، يا عثمان! إن الله عسى أن يلبسك قميصاً؛ فإن أرادك المنافقون على خلعه، فلا تخلعه حتى تلقاني)). فقلت لها: يا أم المؤمنين! فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيته، والله فما ذكرته. قال: (فأخبرته معاوية بن أبي سفيان؛ فلم يرض بالذي أخبرته حتى كتب إلى أمّ المؤمنين أن اكتبي إليَّ به، فكتبت إليه به كتاباً). رواه أحمد في مسنده. - وقال هشام بن حسان القردوسي، عن محمد بن سيرين، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر فتنة فقرَّبها، ثم مرَّ رجل مقنَّع، فقال: «هذا يومئذٍ على الهدى» قال: فاتَّبعْتُه حتى أخذت بضَبعيه؛ فحوَّلتُ وجهَه إليه، وكشفتُ عن رأسِه؛ فقلت: هذا يا رسول الله؟ قال: «نعم، هذا» فإذا هو (عثمان بن عفان رضي الله عنه). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن أبي شيبة، وابن ماجه، والترمذي، وروي نحو هذا الخبر عن مرة بن كعب البهزي وعبد الله بن حوالة رضي الله عنهما. - وقال سنان بن هارون البرجمي، عن كليب بن وائل، عن ابن عمر، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمرَّ رجل، فقال: «يقتل هذا المقنع يومئذ مظلوماً» قال: فنظرت فإذا هو (عثمان بن عفان رضي الله عنه). رواه أحمد، والترمذي، وصححه ابن حجر. - وقال حماد بن زيد: حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كنت مع عثمان في الدار وهو محصور، وكنَّا ندخل مدخلاً إذا دخلناه سمعنا كلام من على البلاط، قال: فدخل عثمان يوما لحاجة، فخرج إلينا منتقعاً لونه، فقال: (إنهم ليتوعدوني بالقتل آنفا). قلنا: يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين. فقال: وبم يقتلوني؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إنه لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زني بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير نفس )) (فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام، ولا تمنيت بدلاً بديني منذ هداني الله عز وجل، ولا قتلت نفسا؛ فبم يقتلوني؟!). رواه أحمد وابن سعد وأبو داوود والترمذي وابن ماجه والنسائي، وله طرق أخرى. خبر مقتله أصابته البلوى التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، فصبر صبراً عجيباً، وكفَّ الناسَ عن القتال، وأمر كلَّ من أراد أن ينصره أن يكفّ سلاحه ويده لئلا يراق بسببه دم امرئ مسلم، وناظر البغاة، ثمّ حاصروه في بيته، ثمّ قَتلوه مظلوماً وهو صائم، يوم الجمعة لثمان عشرة من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة. وكان - وهو محصور - قد استخلف ابن عباس على الحجّ أميراً ؛ فخطب فيهم في عرفة وفسّر لهم القرآن تفسيراً حسناً كان غاية في الحسن والتشويق، ولما انصرف إلى المدينة بلغه خبر مقتل عثمان وهو في الطريق. - وقال أبو جعفر الرازي، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن عثمان أصبح يحدث الناس قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة في المنام، فقال: يا عثمان أفطر عندنا) فأصبح وقتل من يومه. رواه ابن أبي شيبة، والحاكم، وصححه، وروي خبر هذه الرؤيا من طرق متعددة عن عثمان رضي الله عنه. ورع عثمان وكفّه عن القتال - قال جرير بن حازم: سمعت يعلى بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: " استشارني عثمان رضي الله عنه وهو محصور فقال: ما ترى فيما يقول المغيرة بن الأخنس؟ قلت: ما يقول؟ قال: يقول: إن هؤلاء القوم إنما يريدون أن تخلع هذا الأمر وتخلي بينهم وبينه. فقلت: إن أنت فعلت، أمخلف أنت في الدنيا؟ قال: لا. قلت: أفرأيتَ إن لم تفعل، هل يزيدوا على أن يقتلوك؟ قال: لا. قلت: فيملكون الجنة والنار؟ قال: لا. قلت: (فإنّي لا أرى أن تسنَّ هذه السنة في الإسلام، كلما أسخطوا أميراً خلعوه، ولا أن تخلع قميصاً ألبسكه الله عز وجل). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال أبو أسامة الكوفي: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، قال: سمعت أبا ليلى الكندي قال: رأيت عثمان رضي الله عنه أشرف على الناس وهو محصور فقال: (يا أيها الناس لا تقتلوني واستعتبوني، فوالله لئن قتلتموني لا تصلون جميعاً أبداً، ولتختلفن حتى تصيروا هكذا - وشبك بين أصابعه - {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد}). قال: وأرسل إلى عبد الله بن سلام رضي الله عنه فسأله فقال: (الكفَّ الكفَّ، فهو أبلغ لك في الحجة). قال: (فدخلوا عليه فقتلوه وهو صائم). رواه ابن سعد في الطبقات، وابن أبي شيبة في مصنفه، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة، وأبو بشر الدولابي في الكنى، وابن الأعرابي في معجمه. - وقال الأعمش: حدثنا أبو صالح قال: قال عبد الله بن سلام لما حصر عثمان في الدار قال: «لا تقتلوه؛ فإنه لم يبق من أجله إلا قليل؛ والله لئن قتلتموه لا تصلون جميعاً أبداً». رواه ابن أبي شيبة، وأحمد في فضائل الصحابة. - وقال عبد الله بن إدريس: أخبرنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين قال: جاء زيد بن ثابت إلى عثمان فقال: هذه الأنصار بالباب يقولون: إن شئت كنا أنصارا لله مرتين، قال: فقال عثمان: «أما القتال فلا». رواه ابن سعد. - وقال هشام بن عروة: حدثني أبي، عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان يوم الدار: قاتلهم، فوالله لقد أحلَّ لك قتالهم؛ فقال له: (والله لا أقاتلهم أبداً). قال: (فدخلوا عليه فقتلوه وهو صائم).رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال عبد الله بن إدريس الأودي، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر قال: سمعت عثمان يقول: «إن أعظمكم عندي غنى من كف سلاحه ويده». رواه ابن أبي شيبة. - وقال روح بن عبادة: حدثنا ابن عون، عن نافع أنَّ ابن عمر لبس يومئذ الدرع مرتين، يعني يوم الدار. رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، قال: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: «هاتان رجلاي فإن وجدتم في كتاب الله أن تضعوهما في القيد فضعوهما». رواه أحمد في فضائل الصحابة، وأبو نعيم الأصبهاني في الإمامة. مواعظه ووصاياه - قال سفيان بن عيينة: حدثنا إسرائيل بن موسى قال: سمعت الحسن [البصري] يقول: قال عثمان رضي الله عنه: (لو أنَّ قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا، وإني لأكره أن يأتي عليَّ يوم لا أنظر في المصحف). رواه البيهقي في الاعتقاد، وابن عساكر في تاريخه. - وقال معتمر بن سليمان: سمعت إسماعيل [بن أبي خالد] قال: سمعت نافع بن يحيى، قال: سمعت عثمان بن عفان، يقول: (من عمل عملاً كساه الله رداءه، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر). رواه أبو داوود في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان. ورواه أحمد في فضائل الصحابة بنحوه من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن عثمان. - وقال مالك بن أنس، عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه أنه سمع عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول في خطبته: (لا تكلّفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب؛ فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها، ولا تكلفوا الصغير الكسب؛ فإنه إن لم يجد يسرق، وعفّوا إذ أعفكم الله عز وجل، وعليكم من المطاعم ما طاب منها). رواه مالك في الموطأ، والشافعي كما في الأم، وأبو جعفر الطحاوي في شرح مشكل الآثار، والبيهقي في السنن الكبرى. - وقال معمر، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه، قال: سمعت عثمان يقول: (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم يتعبد فعلقته امرأة غوية، فأرسلت إليه جاريتها فقالت له: أنا أدعوك للشهادة فانطلق مع جاريتها، فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي أو تشرب من هذه الخمر كأسا أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقيني من هذا الخمر كأساً، فسقته كأسا، فقال: زيدوني فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر؛ فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلا أوشك أن يخرج أحدهما صاحبه). رواه النسائي. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 3: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة الأموي القرشي (ت:35هـ) بعض ما قيل فيه من الرثاء رثاه جماعة منهم حسان بن ثابت وكعب بن مالك رضي الله عنهما - فقال حسان فيما قال: ضحوا بأشمط عنوان السجود بــــه ... يقطّع الليل تسبيحـــــــاً وقرآنــــــــــــــــــــــــا صبرا فدى لكم أمي ومــــا ولدت ... قد ينفع الصبر في المكروه أحيانــــــــــا ليسمعن وشيكـــــــــــــا في ديـــــــــــارهم ... الله أكبر يا ثـــــــــــــارات عثمانــــــــــــــــــــــا فكــــــف يديــــــــــــــــــــــــه ثم أغلق بابــــــــــــــه ... وأيقـــــــــــــــــــــن أن الله ليس بغافـــــــــــــــــــل وقــال لأهــــــــــــــــــل الدار لا تقتلوهــــــــــم ... عفــــــــــــــــــا الله عن كل امرئ لم يقاتـــــــل فكيف رأيت الله صب عليهم الـــــــــــــــ ... عداوة والبغضــــــــــــــــاء بعد التواصــــــــــل وكيف رأيت الخيـــــــــــر أدبــــــــــــــر بعــــــــــده ... عن الناس إدبار النعــــام الجوافـــــــــــــل رواة القراءة والتفسير عن عثمان رضي الله عنه قرأ عليه: أبو الأسود الدؤلي، وزر بن حبيش، وأبو عبد الرحمن السلمي، والمغيرة بن أبي شهاب المخزومي، ويقال: قرأ عليه ابن عامر، ولا يصح. وروى عنه في التفسير جماعة منهم: ابن عمر، وابن عباس، ومحمود بن لبيد، وسعيد بن العاص، وقيس بن أبي حازم، وأبو عثمان النهدي، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعبد الرحمن بن حاطب، وسعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبو عيسى يحيى بن رافع الثقفي، وكنانة بن نعيم العدوي، ومولاه حمران بن أبان الفارسي. وأرسل عنه: الحسن البصري، ومجاهد، وأبو مجلز لاحق بن حميد، وطاووس بن كيسان، وعبد الله بن موهب. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...0f5aa36393.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 4: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب الهاشمي القرشي (ت:40هـ) رضي الله عنه العناصر:● اسمه ونسبه ● مولده ونشأته ● إسلامه ● هجرته ● زواجه بفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ● جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم ● انتداب النبي صلى الله عليه وسلم له في المهمات ● فضائله ومناقبه ● أحاديث في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ● علمه وفقهه ... - علمه بالقرآن ونزوله وتفسيره ... - علمه بالقضاء ... - علمه بالفرائض ... - فراسته ... - فصاحته ومنطقه ● زهده وورعه ● صفاته وشمائله ● خلافته ● ظهور الخوارج في عهده ● مقتله ● سنّه عند وفاته ● مواعظه ووصاياه ● رواة التفسير عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ● مما روي عنه في التفسير https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
اسمه ونسبه هو عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب القرشي، ابن عمّ النبي صلى الله عليه وسلّم وصهره، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة. - قال عبد الله بن الإمام أحمد: قال أبي رحمه الله: (علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب، واسم عبد المطلب شيبة بن هاشم، واسم هاشم عمرو بن عبد مناف، واسم عبد مناف المغيرة بن قصي، واسم قصي زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر). وأمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أسلمت وتوفيت بالمدينة، وهي أوّل هاشمية وَلدت لهاشمي. مولده ونشأته ولد بمكة قبل البعثة بنحو عشر سنين على أرجح الأقوال، وكان أصغرَ ولدِ أبي طالب، ونشأ في مكة في كنف أبيه في أوّل الأمر، ثمّ روي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم وسلم كفله في حياة أبيه لما أصابت قريش أزمة، ثم إنّ عليّاً أسلم وهو صبيّ، ولزم النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجر معه إلى المدينة، وزوّجه النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة، وجعل له حجرة بين حجرات النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكان مجاوراً للنبي صلى الله عليه وسلم، وملازماً له. واختلف في مولده؛ فذكر ابن إسحاق: أنه أسلم وهو ابن عشر سنين، وهذا يقتضي أنه ولد قبل البعثة بعشر سنين. وذكر قتادة عن الحسن وغيره ما يقتضي أنه ولد قبل البعثة بخمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة. وقد تقدم إسناد ذلك في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. - وقال يحيى بن بكير: أخبرني الليث بن سعد: أن أبا الأسود حدثه قال عروة: (إنَّ علياً أسلم وهو ابن ثمان سنين). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال عمرو بن محمد الناقد: حدثنا سفيان [بن عيينة] قال: قال جعفر [الصادق]: (قتل عليّ وهو ابن ثمان وخمسين). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. وهذا خبر معضل، وهو يقتضي أن يكون مولده قبل البعثة بخمس سنين، وهذا يعارض ما ذكر من أنه أوّل من أسلم من الصبيان. وأرجح الأقوال وأوسطها قول ابن إسحاق. - وقال محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج قال: (كان من نعمة الله على عليّ بن أبي طالب، ومما صنع الله له وأراده به من الخير أنَّ قريشا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيالٍ كثيرٍ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمّه - وكان من أيسر بني هاشم -: (يا عباس إنَّ أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد أصابَ الناس ما ترى من هذه الأزمة؛ فانطلق بنا إليه؛ فلنخفّف عنه من عياله، آخذ من بنيه رجلاً، وتأخذ أنت رجلاً، فنكفلهما عنه). فقال العباس: نعم؛ فانطلقا حتى أتيا أبا طالب؛ فقالا له: (إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه). فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلاً؛ فاصنعا ما شئتما فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً، فضمّه إليه، وأخذ العباس جعفراً فضمّه إليه؛ فلم يزل عليّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبيا، فاتبعه عليّ رضي الله عنه وآمن به وصدّقه، ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه). ذكره ابن إسحاق في السيرة، ورواه من طريقه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في دلائل النبوة، وإسناده إلى مجاهد جيّد إلا أنّ مجاهداً لم يدرك عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. إسلامه تقدم في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ذكر الخلاف في أوّل من أسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأنّ أوّل من آمن به من الصبيان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وصحّ عن عليٍّ أنه أوّل رجلٍ صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن هذا لا يقتضي أنّه أوّل من أسلم لأن الصلاة إنما فرضت بعد البعثة بمدة. - قال شعبة، عن سلمة بن كهيل قال: سمعت حبة العرني قال: سمعت علياً يقول: (أنا أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن أبي شيبة ولفظه (أول رجل صلى). قلت: لفظ "أوّل رجل" لا يقتضي تقدّمه في الصلاة على خديجة رضي الله عنها. - وقال أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمر بن ميمون، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وكان أول من أسلم - يعني علي بن أبي طالب - بعد خديجة ابنة خويلد).رواه ابن أبي خيثمة. وذهب الحسن البصري ومحمد بن كعب القرظي وابن إسحاق إلى أنه أولّ من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 4: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب الهاشمي القرشي (ت:40هـ) رضي الله عنه هجرته لَزِمَ عليٌّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بمكة، وكان من أقرب الناس إليه، وبات على فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليلة هجرته، وبقي بعده ثلاثة أيام ليؤدّي عن النبي صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده، ثم لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار جعل علياً معه. - قال معمر بن راشد: أخبرني عثمان الجزري، أن مقسماً مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس: في قوله {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك} ، قال: (تشاورت قريش ليلةً بمكة، فقال بعضهم: إذا أصبح؛ فأثبتوه بالوثاق، يريدون النبي صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: بل اقتلوه. وقال بعضهم: بل أخرجوه. فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك؛ فبات عليٌّ على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون علياً، يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحوا ثاروا إليه؛ فلما رأوا علياً ردَّ الله مكرهم؛ فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري. فاقتصوا أثره؛ فلما بلغوا الجبل خلط عليهم، فصعدوا في الجبل؛ فمروا بالغار، فرأوا على بابه نسج العنكبوت؛ فقالوا: لو دخل هاهنا، لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال). رواه أحمد، وابن جرير الطبري، وأبو جعفر الطحاوي. وعثمان الجزري قال فيه أحمد: (روى أحاديث مناكير، زعموا أنّه ذهب كتابه). - وقال ابن كثير: (وهذا إسناد حسن، وهو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار). - وقال محمد بن إسحاق: أخبرني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة قال: حدثني رجالٌ قومي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فذكر الحديث في خروج النبي صلى الله عليه وسلم، قال فيه: (فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ثلاث ليالٍ وأيامها حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه البيهقي في السنن الكبرى. زواجه بفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم تزوّج عليّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر، وقبل غزوة أحد، وكان بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم. - قال يونس بن بكير عن ابن إسحق قال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن علي قال: خطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لي مولاة لي: هل سمعت أن فاطمة قد خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: لا. قالت: فقد خُطبت، فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزوجك. فقلت: وعندي شيء أتزوج به؟! فقالت: إنك إن جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوَّجك؛ فوالله ما زالت ترجيني حتى دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جلال وهيبة، فلما قعدت بين يديه أفحمت، فو الله ما استطعت أن أتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جاء بك؟ ألك حاجة؟! فسكت. فقال: ما جاء بك؟ ألك حاجة؟ فسكت. فقال: لعلك جئت تخطب فاطمة؟ فقلت: نعم. فقال: وهل عندك من شيء تستحلها به؟ فقلت: لا والله يا رسول الله. فقال: ما فعلت درعٌ سلحكتها، فوالذي نفس علي بيده إنها لحطمية ما ثمنها أربعة دراهم. فقلت: عندي. فقال: قد زوجتكها فابعث بها إليها فاستحلها بها؛ فإن كانت لصداق فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم). ورواية مجاهد عن عليّ منقطعة. - وقال ابن شهاب الزهري: أخبرني علي بن حسين، أن حسين بن علي رضي الله عنهما أخبره أن علياً قال: «كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفاً من الخمس؛ فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واعدت رجلاً صواغاً من بني قينقاع أن يرتحل معي؛ فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين، وأستعين به في وليمة عرسي». رواه البخاري ومسلم. - وقال زائدة بن قدامة: حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن علي قال: (جهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خَميل، وقِرْبَة، ووسادة أدم حشوها ليفُ الإذخِر). رواه أحمد. - وقال يونس بن بكير: سمعت ابن إسحاق قال: (فولدت فاطمة لعلي: الحسن، والحسين، ومحسن، فذهب محسن صغيراً، وولدت له: أم كلثوم وزينب). - وقال زائدة، عن أبي حصين، عن سعد بن عبيدة، قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان، فذكر محاسن عمله، قال: لعل ذاك يسوءك؟ قال: نعم. قال: فأرغم الله بأنفك. ثم سأله عن علي؛ فذكر محاسن عمله، قال: (هو ذاك بيته، أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم). ثم قال: لعل ذاك يسوءك؟ قال: أجل. قال: (فأرغم الله بأنفك، انطلق فاجهد عليَّ جهدك). رواه البخاري. جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم شهد عليّ المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليها إلا غزوة تبوك خلّفه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ليصلي بالناس وينوب عنه في مصالح المسلمين، وقال له: (( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )). وكان له في عامة المشاهد التي شهدها مع النبي صلى الله عليه وسلم مواقف مأثورة - ففي غزوة بدر كان أحد المبارزين، وقاتل فيها قتال الأبطال. - وفي غزوة أحد كسر جفن سيفه لما فرّ من فرّ ودخل في القوم يقاتل قتالاً شديداً حتى لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم في الجبل، ثمّ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في آثار المشركين لينظر خبرهم، ثم تولى مداواة النبي صلى الله عليه وسلم هو وفاطمة رضي الله عنهما. - وفي غزوة الخندق: بارز عمرو بن عبد ودّ العامري وقتله، وكان من شجعان قريش المذكورين، وخبر مقتل عمرو بن عبد ود مبارزة مروي من طرق متعددة مراسيل حسان منها مرسل الزهري، ومرسل محمد بن إسحاق، ومرسل عروة بن الزبير، ومرسل عاصم بن عمر بن قتادة، ومرسل محمد بن كعب القرظي. - وشهد بيعة الرضوان، وكان هو كاتب صحيفة الصلح بالحديبية. - وشهد خيبر وهو الذي أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية فيها، وفتح الله له. - وشهد فتح مكة، وكانت له فيه مواقف مأثورة. - وشهد حنين، وثبت مع من ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 4: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب الهاشمي القرشي (ت:40هـ) رضي الله عنه انتداب النبي صلى الله عليه وسلم له في المهمات كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتدب علياً رضي الله عنه في الأمور المهمة، والقضايا المشكلة، - ففي أوّل الإسلام كان كالحاجب له. - وفي الهجرة أمره أن ينام على فراشه، ويمكث ثلاثة أيام ليؤدي عنه الودائع. - وبعثه عام خيبر في سرية لها شأن ففتح الله له. - وبعثه بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه عام تسع من الهجرة في الحجة التي قبل حجة الوداع ليؤذن في الناس بسورة براءة. - وبعثه ليدي القتلى الذين قتلهم خالد بن الوليد خطأ؛ ويرضي القوم. - وبعثه مرة أن لا يدع تمثالاً إلا طمسه، ولا قبراً مشرفاً إلا سواه. - وفي غزوة العسرة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه لا بد من أن أقيم أو تقيم) فخلّفه على المدينة حتى عاد من غزوته. - قال روح بن عبادة: أخبرنا عوف بن بندويه، عن ميمون، عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا: (لما كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: «إنه لا بد من أن أقيم أو تقيم» فخلَّفه، فلما فصل رسول الله صلى الله عليه وسلم غازياً، قال ناس: ما خلَّف علياً إلا لشيء كرهه منه، فبلغ ذلك علياً فاتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليه؛ فقال له: «ما جاء بك يا علي؟!» قال: (لا يا رسول الله إلا أني سمعت ناساً يزعمون أنك إنما خلَّفتني لشيء كرهته مني). فتضاحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: « يا علي! أما ترضى أن تكون مني كهارون من موسى غير أنك لست بنبي». قال: بلى يا رسول الله. قال: «فإنه كذلك». رواه ابن سعد في الطبقات. - وبعثه إلى اليمن قاضياً يحكم بينهم فيما اختلفوا فيه، ومقسّماً للفيء. - وبعثه إلى أهل نجران مصدقاً. - وبعثه إلى همْدان فأسلموا جميعاً. - وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الذي تولّى غسله، والإذن عليه، وكان معه عمه العباس وابنيه الفضل وقثم، وأسامة بن زيد. فضائله ومناقبه اجتمعت في عليّ رضي الله عنه خصال حسنة؛ ومناقب فاضلة؛ في العلم والدعوة والجهاد والقضاء وحسن الرأي في المعضلات مع ما تقدّم ذكره من كونه من أوائل السابقين إلى الإسلام. - فكان مجاهداً بطلاً، لم يُذكر عنه أنه غُلب في مبارزة قطّ. - وكان من كتّاب النبي صلى الله عليه وسلم، وممن كتب له الوحي. - وكان ممن جمع القرآن؛ فقد حَبَس نفسه على جمع القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى جمعه. - وكان من أعلم الناس بالقرآن ونزوله، وأفقههم لأحكامه، وأعلمهم بالقضاء، يُفزع إليه في حلّ المعضلات، والجواب عن المشكلات، والاجتهاد في النوازل. - وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم رديفاً لأبي بكر سنة 9هـ، ليؤذّن في الحجّ ببراءة، وأن لا يحجّ بعد ذلك العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. - ثمّ بعثه في رمضان من السنة العاشرة للهجرة أميراً على سريّة إلى اليمن؛ ففتح الله له، وأسلم أكثرهم طواعية، فمكث فيها إلى أن حضر موسم الحجّ فحجّ مع النبي صلى الله عليه وسلم حجّة الوداع. - وكان بعد النبي صلى الله عليه وسلّم وزيراً للخلفاء الراشدين الثلاثة ونصيراً لهم، يستشار في النوازل، ويُرجع إليه في المعضلات. وفضائله كثيرة جداً، أفردها بعض أهل العلم في مؤلفات، ومن أشهرها كتاب "خصائص عليّ" لأبي عبد الرحمن النسائي صاحب السنن. أحاديث في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه روي فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أحاديث كثيرة جمع الإمام أحمد في فضائل الصحابة منها قدر جزءٍ كبير، وأفرد كثيراً منها أبو عبد الرحمن النسائي صاحب السنن في كتاب سمّاه "خصائص عليّ"، ومن الأحاديث المروية في فضله: 1. قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: (( أنت مني، وأنا منك )). رواه البخاري والترمذي والنسائي في الكبرى وغيرهم. 2. وقال الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر، قال: قال علي: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي: «أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق» رواه أحمد وأبي أبي شيبة، ومسلم، والترمذي، والنسائي في الكبرى وغيرهم. 3. وقال الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم علياً). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وروي نحوه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. 4. وقال أبو حازم سلمة بن دينار: أخبرني سهل رضي الله عنه، يعني ابن سعد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: «لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله» فبات الناس ليلتهم أيهم يعطى، فغدوا كلهم يرجوه، فقال: «أين علي؟» فقيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: «انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النعم» رواه البخاري ومسلم، ولهذا الحديث طرق أخرى كثيرة. 5. وقال شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد عن سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي». رواه البخاري ومسلم. 6. وقال إسماعيل بن رجاء الزبيدي، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال: كنا جلوساً ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلينا قد انقطع شسع نعله، فرمى بها إلى علي فقال: «إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله». فقال أبو بكر: أنا؟ قال: «لا» قال عمر: أنا؟ قال: «لا، ولكن صاحب النعل» رواه الإمام أحمد، وابن أبي شيبة، والنسائي في الكبرى، وأبو يعلى والطحاوي، وابن حبان وغيرهم من طرق عن إسماعيل به. وهذا الخبر من دلائل النبوة؛ فإنّ الخوارج ظهروا في عهده فقاتلهم. 7. وقال بكير بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن عبيد الله بن أبي رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحرورية لما خرجت - وهو مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه- قالوا: "لا حكم إلا لله"، قال علي: "كلمة حق أُريد بها باطل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناساً، إني لأعرف صفتهم في هؤلاء: «يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم، - وأشار إلى حلقه - من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود إحدى يديه طِبْي شاة أو حلمة ثدي» ". فلما قتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: انظروا، فنظروا فلم يجدوا شيئا، فقال: ارجعوا فوالله، ما كَذبت ولا كُذبت، مرتين أو ثلاثا، ثم وجدوه في خربة، فأتوا به حتى وضعوه بين يديه). رواه مسلم والنسائي في السنن الكبرى وابن حبان، ولهذا الخبر طرق كثيرة. 8. وقال أبو إسحاق السبيعي، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غُفِرَ لك، مع أنه مغفور لك: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين)). رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة والنسائي في الكبرى وابن حبان وابن أبي عاصم وغيرهم. 9. وقال أبو حيان يحيى بن سعيد بن حيان التيمي: حدثني يزيد بن حيان، قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً!! رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً!! حدثنا يا زيد ما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: يا ابن أخي! والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما حدّثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه. ثم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خمّا بين مكة والمدينة؛ فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكّر، ثم قال: ((أما بعد، ألا أيّها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به)) فحثَّ على كتاب الله ورغّب فيه، ثم قال: « وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي». فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: (نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده). قال: ومن هم؟ قال: (هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس). قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: (نعم). رواه أحمد، ومسلم، والدرامي، والنسائي في السنن الكبرى، وغيرهم. 10: وقال الأعمش، عن سعد بن عبيدة السلمي، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كنت وليّه فعليٌّ وليه )). رواه ابن أبي شيبة. 11. وقال عطاء بن السائب، عن سعد بن عبيدة، قال: سأل رجل ابن عمر، فقال: أخبرني عن علي، قال: « إذا أردت أن تسألَ عن عليٍّ؛ فانظر إلى منزله من منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا منزله، وهذا منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم». قال: فإني أبغضه. قال: «فأبغضك الله». رواه ابن أبي شيبة. 12. وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن ناجية بن كعب الأسدي عن علي رضي الله عنه قال: لما مات أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقلت: يا رسول الله! إنَّ عمّك الشيخ الضالّ قد مات. قال: فقال: «انطلق فواره، ثم لا تحدثنَّ شيئاً حتى تأتيَني». قال: (فواريته ثم أتيته فأمرني فاغتسلت، ثم دعا لي بدعوات ما أحبّ أنَّ لي بهن ما على الأرض من شيء).رواه ابن أبي شيبة. 13. وقال هشام بن سعد عن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد عن ابن عمر قال: قال عمر بن الخطاب أو قال: أبي: (لقد أوتي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليَّ من حمر النعم: زوجه ابنته فولدت له، وسد الأبواب إلا بابه، وأعطاه الحربة يوم خيبر). رواه ابن أبي شيبة. 14. وقال سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان على جبل حراء فتحرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اسكن حراء فما عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد» وعليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، رضي الله عنهم ». رواه أحمد، ومسلم، والنسائي في الكبرى. 15: وقال هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم التميمي، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، قال: (أشهد أنَّ علياً من أهل الجنة). قلت: وما ذاك؟ قال: هو في التسعة، ولو شئت أن أسمي العاشر سميته، قال: اهتزَّ حراء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اثبت حراء؛ فإنَّه ليس عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد». قال: ( رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعلي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وأنا [يعني سعيد نفسه]). رواه أحمد وابن أبي شيبة، وأبو داوود، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي في السنن الكبرى. 16. وقال قتيبة بن سعيد: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت، فقال: «أين ابن عمك؟» قالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني، فخرج، فلم يقل عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: «انظر أين هو؟» فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه، ويقول: «قم أبا تراب، قم أبا تراب». رواه البخاري. 17. وقال عبد الله بن مسلمة: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه أن رجلاً جاء إلى سهل بن سعد، فقال: هذا فلان، لأمير المدينة، يدعو علياً عند المنبر. قال: فيقول: ماذا؟ قال: يقول له: أبو تراب!! فضحك، قال: (والله ما سماه إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان له اسم أحب إليه منه!!). فاستطعمت الحديث سهلاً، وقلت: يا أبا عباس كيف ذلك؟ قال: دخل عليٌّ على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين ابن عمك؟ قالت: في المسجد. فخرج إليه فوجد رداءَه قد سقط عن ظهره، وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح التراب عن ظهره؛ فيقول: «اجلس يا أبا تراب مرتين». رواه البخاري. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 4: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب الهاشمي القرشي (ت:40هـ) رضي الله عنه علمه وفقهه كان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه من أعلم الصحابة وأفقههم، بل كان ممن يُرجع إليه في المعضلات، والمسائل التي تشكل على الخلفاء والقضاة. - قال سفيان بن عيينة: أخبرنا يحيى بن سعيد [الأنصاري] عن سعيد بن المسيب قال: (كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن). رواه ابن سعد، وعبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال عثمان بن أبي شيبة: حدثنا سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد قال: أراه عن سعيد بن المسيب قال: (لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سلوني إلا علي). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة وقال: (ورواه غيره عن سفيان عن يحيى بن سعيد بغير شك). - وقال شعبة، عن سماك بن حرب قال: سمعت عكرمة يحدث عن ابن عباس قال: «إذا حدثنا ثقة عن عليّ بفتيا لا نعدوها». رواه ابن سعد. - وقال ابن جريج: حدثنا أبو حرب بن أبي الأسود [الدؤلي]، عن أبي الأسود، قال: سئل علي عن نفسه؛ فقال: (إني أحدث بنعمة ربي، كنت والله إذا سألتُ أُعطيت، وإذا سكتّ ابتُديت، فبين الجوانح مني علم جم). رواه أحمد في فضائل الصحابة، والنسائي في خصائص علي، وقال: ابن جريج لم يسمع من أبي حرب. وروي نحو هذا الأثر من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن علي، ومن طريق الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي، ومن طريق قيس بن الربيع عن أبي إسحاق السبيعي عن هبيرة بن يريم عن علي في خبر طويل في سؤال أصحاب عليّ إياه عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. علمه بالقرآن ونزوله وتفسيره كان عليّ من قراء الصحابة رضي الله عنهم، وكان من كتبة الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن أعلم الصحابة بنزل القرآن وتأويله، وقد حفظ قدراً حسناً من القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جمعه في أوّل عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. - قال وهب بن عبد الله الكوفي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: شهدت علياً وهو يخطب ويقول: (سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار وأم في سهل، أم في جبل). رواه عبد الرزاق في تفسيره، وابن سعد في الطبقات، وابن عساكر في تاريخ دمشق. - وقال يزيد بن هارون: أخبرنا ابن عونٍ، عن محمّد [بن سيرين]، قال: لمّا استُخلف أبو بكرٍ قعد عليٌّ في بيته؛ فقيل لأبي بكرٍ؛ فأرسل إليه: (أكرهت خلافتي؟) قال: لا، لم أكره خلافتك، ولكن كان القرآنُ يزاد فيه، فلمّا قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلتُ عليّ أن لا أرتدي إلاّ لصلاةٍ حتّى أجمعه للنّاس، فقال أبو بكرٍ: (نعم ما رأيتَ). رواه ابن أبي شيبة. وهذا مرسل جيد رجاله أئمة ثقات، غير أنّ محمّد بن سيرين لم يدرك عليّ بن أبي طالب. وقد رواه ابن الضريس من طريق هوذة بن خليفة قال: (حدثنا عوف، عن محمد بن سيرين، عن عكرمة فيما أحسب .. ) فذكره بنحوه. ورواه أيضا من طريق النضر بن شميل عن عوف عن ابن سيرين عن عكرمة (من غير شك). وقد ورى نحو هذا الأثر عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة قال: (لما بويع لأبي بكر تخلَّف عليٌّ في بيته فلقيَه عمر فقال: "تخلفت عن بيعة أبي بكر؟ " فقال: "إني آليتُ بيمين حين قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أرتدي برداء إلا إلى الصلاة المكتوبة حتى أجمع القرآن؛ فإنّي خشيتُ أن يتفلَّت القرآن" ثم خرج فبايعه). علمه بالقضاء - قال الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا شاب، فقلت: يا رسول الله، تبعثني إلى قوم أقضي بينهم ولا علم لي بالقضاء؟! فقال: «ادن»؛ فدنوت، فضرب يده على صدري فقال: «اللهم اهد قلبه، وسدد لسانه» ، قال: (فما شككت في قضاء بين اثنين). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن أبي شيبة في مصنفه. - وقال سماك بن حرب، عن حنش بن المعتمر، عن علي رضي الله عنه، قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قلت: تبعثني وأنا حديث السنّ لا علم لي بكثير من القضاء؟ فقال: «إذا أتاك الخصمان؛ فلا تقض للأول حتى تسمع ما يقول الآخر؛ فإنك إذا سمعت ما يقول الآخر عرفت كيف تقضي، إنَّ الله عز وجل سيثبّت لسانك، ويهدي قلبك». قال علي: (فما زلت قاضياً بعد). رواه أحمد، وأبو داوود، والترمذي، وغيرهم من طرق عن سماك بن حرب. - وقال إسرائيل: حدثنا سماك، عن حنش، عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد بنوا زِبْية للأسد فبينا هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجلٌ فتعلَّق بآخر، ثم تعلَّق رجلٌ بآخر، حتى صاروا فيها أربعة فجرَّحهم الأسد، فانتدب له رجل بحربة فقتله، وماتوا من جراحتهم كلهم، فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر، فأخرجوا السلاح ليقتتلوا، فأتاهم عليٌّ على تفيئة ذلك، فقال: (تريدون أن تَقَاتَلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيّ، إني أقضي بينكم قضاء إن رضيتم فهو القضاء، وإلا حجز بعضكم عن بعض حتى تأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون هو الذي يقضي بينكم، فمن عدا بعد ذلك فلا حق له: «اجمعوا من قبائل الذين حفروا البئر ربع الدية، وثلث الدية، ونصف الدية، والدية كاملة، فللأول الربع لأنه أهلك من فوقه، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية» ، فأبوا أن يرضوا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند مقام إبراهيم فقصّوا عليه القصة، فقال: ((أنا أقضي بينكم )) واحتبَى؛ فقال رجل من القوم: (إنَّ علياً قضى فينا) قال: (فقصّوا عليه فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي: حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، ألا وإن لكل أمة أمينا، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح». رواه ابن ماجه بهذا اللفظ ورجاله ثقات، لكن رواه سفيان الثوري ووهيب بن خالد عن خالد الحذاء به عند أحمد وغيره من غير قوله: (وأقضاهم عليّ). - وقال وهب بن جرير بن حازم: أخبرنا شعبة، عن حبيب بن الشهيد الأزدي، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، قال: قال عمر: «أقضانا عليّ، وأقرؤنا أبيّ». رواه ابن سعد، وهذا إسناد صحيح إلى عمر رضي الله عنه. - وقال حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال عمر رضي الله عنه: (عليٌّ أقضانا، وأبي أقرؤنا، وإنا لندع كثيراً من لحن أبي، وأبيّ يقول: "سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أدعه لشيء"، والله تبارك وتعالى يقول: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}). رواه أحمد، وابن سعد، وأصله في صحيح البخاري. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: أخبرنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال عمر: «عليّ أقضانا، وأبيّ أقرؤنا، وإنا لنرغب عن كثيرٍ من لحنِ أبيّ». رواه ابن سعد. - وقال شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن يزيد عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كنا نتحدث أن أقضَى أهل المدينة علي بن أبي طالب). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، والحاكم في المستدرك، وابن بطة في الإبانة الكبرى. ورواه ابن سعد بلفظ: (من أقضى أهل المدينة). علمه بالفرائض كان عليّ من أعلم الصحابة بالفرائض والمواريث، وكان علماء الصحابة يعرفون له تقدّمه في معرفة أحكام الفرائض. - قال أبو إسحاق السبيعي ، عن سعيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (ما تقولون؟ إن أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب). رواه أحمد في فضائل الصحابة. فراسته كان عليّ رضي الله عنه كيّساً فطناً، ذا فراسة وذكاء. - قال ابن نمير: حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال: أتى رجل علياً يمدحه، وقد كان يقع فيه، فقال علي: (ما أنا كما تقول، وإني لخيرٌ مما في نفسك). رواه أحمد في فضائل الصحابة. فصاحته ومنطقه اشتهر عليّ رضي الله عنه بفصاحته، وحسن منطقه، وله أقوال سائرة، ومواعظ حسنة. - قال أبو بكر بن عياش، عن نصير بن أبي الأشعث، عن سليمان بن ميسرة الأحمسي، عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: «والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت، وأين نزلت، وعلى من نزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولاً، ولساناً طلقاً». رواه ابن سعد في الطبقات، وأبو نعيم في الحلية. وسيأتي ذكر شيء من مواعظه وأقواله رضي الله عنه، لكن مما ينبغي أن يُعلم أنه قد نسب إلى عليّ رضي الله عنه كلام كثير لا يصحّ عنه. وألّف الشريف المرتَضَى عليّ بن حسين الموسوي(ت:436هـ) - وهو رافضي معتزليّ - كتاب "نهج البلاغة"، ونسب ما فيه إلى عليّ رضي الله عنه، وقيل: ألّفه أخوه الرضيّ، وقيل: اجتمعا عليه. - قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (أكثر الخطب التي ينقلها صاحب " نهج البلاغة " كذب على عليّ، وعليٌّ رضي الله عنه أجلّ وأعلى قدراً من أن يتكلم بذلك الكلام، ولكن هؤلاء وضعوا أكاذيب وظنوا أنها مدح، فلا هي صدق ولا هي مدح). - وقال شمس الدين الذهبي في ترجمة الشريف المرتضى : (وقد اختلف في كتاب " نهج البلاغة " المكذوب على علي عليه السلام، هل هو وضْعُه، أو وَضْع أخيه الرضي). - وقال أيضاً: (هو جامع كتاب "نهج البلاغة" المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي رضي الله عنه، ولا أسانيد لذلك، وبعضها باطل، وفيه حق، ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها، ولكن أين المنصف؟! وقيل: بل جمع أخيه الشريف الرضي). https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 4: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب الهاشمي القرشي (ت:40هـ) رضي الله عنه زهده وورعه كان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إماماً في الزهد والورع ذا تعفف وصيانة، ودين متين، وعلم واسع، وفقه فيما يأتي ويذر. - قال محمد بن قيس، عن علي بن ربيعة الوالبي، عن علي بن أبي طالب قال: جاءه ابن التياح فقال: يا أمير المؤمنين! امتلأ بيت مال المسلمين من صفراء وبيضاء، قال: الله أكبر، قال: فقام متوكياً على ابن التيّاح حتى قام على بيت مال المسلمين فقال: هذا جناي وخياره فيه، وكل جان يده إلى فيه، يا ابن التياح، علي بأشياخ الكوفة، قال: فنودي في الناس، فأعطى جميع ما في بيت المسلمين وهو يقول: يا صفراء، يا بيضاء، غرّي غيري، ها وها، وهو يقول: يا صفراء! يا بيضاء! غرّي غيري، ها وها، حتى ما بقي فيه دينار ولا درهم، ثم أمر بنضحه وصلَّى فيه ركعتين). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: «ما رزأ عليٌّ من بيت مالنا حتى فارقنا إلا جبة محشوة وخميصة درابجردية». رواه ابن أبي شيبة. - وقال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حبشي قال: خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي فقال: (لقد فارقكم رجل أمس، ما سبقه الأولون بعلم، ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح له، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم أهله). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال يحيى بن اليمان: أخبرني مجالد، عن الشعبي قال: (ما ترك علي إلا سبعمائة درهم من عطائه، أراد أن يشتري بها خادماً). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال وكيع، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن قيس الملائي قال: (رئي على علي ثوب مرقوع، فعوتب في لباسه فقال: يقتدي المؤمن، ويخشع القلب). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال وكيع، عن شريك، عن عثمان الثقفي، عن زيد بن وهب، أن بعجة عاتب علياً في لباسه، فقال: (يقتدي المؤمن، ويخشع القلب). رواه أحمد في فضائل الصحابة. وبعجة بن جعدة كان من رؤوس الخوارج في زمن عليّ رضي الله عنه. صفاته وشمائله وبعض أخباره - قال يزيد بن هارون: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: (رأيت علياً، وكان عريض اللحية، وقد أخذت ما بين منكبيه، أصلع على رأسه زغيبات). رواه ابن سعد. - قال إسماعيل بن أبي خالد: حدثنا عامر [الشعبي] قال: (ما رأيت رجلا أعظمَ لحيةً من عليٍّ، قد ملأت ما بين منكبيه بيضاء، وفي الرأس زغبات). رواه أبو حفص الفلاس. - قال الحسين بن حماد سجادة: حدثنا علي بن عابس، عن أبي إسحاق قال: قال أبي: يا بني! تريد أن أريك أمير المؤمنين؟ يعني علياً. قلت: نعم؛ فرفعني على يديه، فإذا أنا برجل أبيض الرأس واللحية، أصلع، عظيم البطن، عريض ما بين المنكبين). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي سعد التيمي قال: كنا نبيع الثياب على عواتقنا، ونحن غلمان في السوق، فإذا رأينا علياً قد أقبل قلنا: بوذا شكب أمذ!! فقال علي: ما يقولون؟ فقيل له: يقولون: عظيم البطن. قال: (أجل! أعلاه علم، وأسفله طعام). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه أبي إسحاق قال: (رأيت علياً فقال لي أبي: قم يا عمرو فانظر إلى أمير المؤمنين؛ فقمتُ إليه فلم أره يخضب لحيته، ضخم اللحية). رواه ابن سعد. - وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق قال: (رأيت علياً أبيض الرأس واللحية). - وقال شهاب بن عباد العبدي: أخبرنا إبراهيم بن حميد عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي قال: (ما رأيت رجلاً قط أعرضَ لحية من علي، قد ملأت ما بين منكبيه، بيضاء). رواه ابن سعد. - وقال شيبان بن فروخ: حدثنا أبو هلال، قال: حدثنا سوادة بن حنظلة قال: (رأيت علياً أصفر اللحية). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه. - وقال أبو عمر البزاز عن محمد ابن الحنفية قال: (خضب علي بالحناء مرة ثم تركه). رواه ابن سعد. - وقال سفيان الثوري، عن سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة، أن عليا كانت له امرأتان، كان إذا كان يوم هذه اشترى لحما بنصف درهم، وإذا كان يوم هذه اشترى لحماً بنصف درهم). رواه أحمد في فضائل الصحابة. خلافته تولّى عليّ الخلافةَ بعد عثمان بمبايعة كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بايعه طلحة والزبير وغيرهما، واستوسقت له البيعة ولم ينازعه أحد في استحقاق الخلافة، وإنما كانت المنازعة في مسألة قتلة عثمان، وجرت بسببها فتنة عظيمة بين المسلمين، وكان عليٌّ ومن معه أقرب الطائفتين إلى الحق، وخرجت الخوارج في عهده؛ فدعاهم إلى التوبة والفيئة إلى جماعة المسلمين؛ وناظرهم فاستجاب له بعضهم، وعاندت طائفة منهم فقاتلهم وكسر قرنهم. وسار على طريقة أسلافه الخلفاء في تعليم القرآن وإقرائه وتدارسه، وكان رضي الله عنه قد قرأ القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ممن يكتب الوحي، وجمع القرآن في خلافة أبي بكر، وكان من أعلم الصحابة بالقضاء والتفسير، وفضائله كثيرة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بأنه سيلقى جهداً بعده، وأنه سيقتل، وأخبره ببعض ما يكون له من الأجر العظيم في قتل الخوارج. - قال أحمد بن يونس: حدثنا محمد بن فضيل، عن أبي حيان التيمي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: «أما إنك ستلقى بعدي جهداً» قال: في سلامة من ديني؟ قال: «في سلامة من دينك». رواه الحاكم في المستدرك. - وقال عبد الملك بن أبي سليمان، عن سلمة بن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد، عن محمد ابن الحنفية قال: كنت مع علي، وعثمان محصور، قال: فأتاه رجل فقال: إن أمير المؤمنين مقتول، ثم جاء آخر فقال: إن أمير المؤمنين مقتول الساعة، قال: فقام علي، قال محمد: فأخذت بوسطه تخوفاً عليه، فقال: خلِّ لا أمَّ لك، قال: فأتى عليٌّ الدارَ، وقد قُتِلَ الرجل، فأتى داره فدخلها، وأغلق عليه بابه، فأتاه الناس فضربوا عليه الباب، فدخلوا عليه فقالوا: إنَّ هذا الرجل قد قتل ولا بد للناس من خليفة، ولا نعلم أحداً أحقَّ بها منك؛ فقال لهم علي: (لا تريدوني، فإني لكم وزير خير مني لكم أمير). فقالوا: لا والله، ما نعلم أحداً أحقَّ بها منك. قال: (فإن أبيتم عليَّ فإنَّ بيعتي لا تكون سراً، ولكن أخرج إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني بايعني). قال: (فخرج إلى المسجد فبايعه الناس). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال محمد بن راشد البصري: حدثني عوف قال: كنت عند الحسن، فذكروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن جوشن الغطفاني: يا أبا سعيد! إنما أزري بأبي موسى اتباعه علياً، قال: فغضب الحسن حتى تبين الغضب في وجهه! قال: (فمن يتبع؟!! قُتل أمير المؤمنين عثمان مظلوما، فعمد الناس إلى خيرهم فبايعوه، فمن يتبع؟!! حتى ردها مراراً). رواه أحمد في فضائل الصحابة. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 4: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب الهاشمي القرشي (ت:40هـ) رضي الله عنه ظهور الخوارج في عهده لما ظهرت فرقة الخوارج في عهده وكانوا يجادلون بالقرآن؛ وبلغ عليّا ما نقموا عليه، أمر أن يؤذّن بأن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن؛ فلما أن امتلات الدار من قراء الناس، دعا بمصحف إمام عظيم، فوضعه بين يديه، فجعل يصكّه بيده ويقول: أيها المصحف، حدّث الناس، فناداه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق، ونحن نتكلم بما روينا منه، فماذا تريد؟ قال: أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا، بيني وبينهم كتاب الله عز وجل، يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل. ونقموا علي أن كاتبت معاوية: كتب علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، حين صالح قومه قريشا، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الرحمن الرحيم» . فقال: سهيل لا تكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال: «كيف نكتب؟» فقال: اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فاكتب: محمد رسول الله " فقال: لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك. فكتب: هذا ما صالح محمد بن عبد الله قريشا، يقول: الله تعالى في كتابه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر}. ثم بعث إليهم عبدَ الله بن عباس، فلمّا توسّط عسكرهم قام ابن الكواء يخطب الناس، فقال: يا حملة القرآن، إن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرّفه من كتاب الله ما يعرفه به، هذا ممن نزل فيه وفي قومه: {قوم خصمون} فرُدّوه إلى صاحبه، ولا تواضعوه كتاب الله. فقام خطباؤهم؛ فقالوا: والله لنواضعنه كتاب الله، فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه، وإن جاء بباطل لنبكّتنه بباطله؛ فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب، فيهم ابن الكوَّاء، حتى أدخلهم على علي الكوفة). وخبرهم طويل قصّه عبد الله بن شداد بن الهاد على عائشة رضي الله عنها وكان قد شهد مناظرة ابن عباس للخوارج، والقصة مروية في مسند الإمام أحمد، ومسند أبي يعلى، ومستدرك الحاكم، وسنن البيهقي. مقتله استشهد عليّ رضي الله عنه في الكوفة سنة 40هـ. قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي من الخوارج، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عليّاً بذلك. - قال سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سبع: خطبنا علي قال: «لتخضبنَّ هذِهِ من هذا» يعني لحيته من رأسه. قالوا: أخبرنا به نقتله. قال: «إذا تالله تقتلون بي غير قاتلي». رواه أحمد وابن أبي شيبة، وعبد الله بن سبع مجهول الحال لم يرو عنه غير سالم، وله طرق أخرى يصحّ بها. - وقال يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عَبيدة السلماني، قال: قال علي: «ما يحبس أشقاها أن يجيء فيقتلني؟!! اللهم إني قد سئمتهم وسئموني، فأرحني منهم وأرحهم مني». رواه ابن أبي شيبة. - وقال شعبة، عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت عبيد الله بن أبي رافع قال: رأيت علياً حين ازدحموا عليه حتى أدموا رجله؛ فقال: «اللهم إني قد كرهتهم وكرهوني، فأرحني منهم وأرحهم مني». رواه ابن أبي شيبة. - وقال إبراهيم بن سعد، عن شعبة، عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي، عن أبي صالح الحنفي قال: رأيت علي بن أبي طالب أخذ المصحف فوضعه على رأسه حتى لأرى ورقه يتقعقع، ثم قال: (اللهم إنهم منعوني أن أقوم في الأمة بما فيه؛ فأعطني ثواب ما فيه)، ثم قال: (اللهم إني قد مللتهم وملوني، وأبغضتهم وأبغضوني، وحملوني على غير طبيعتي وخلقي وأخلاق لم تكن تعرف لي، فأبدلني بهم خيراً منهم وأبدلهم بي شراً مني، اللهم أمت قلوبهم ميت الملح في الماء). قال إبراهيم: (يعني أهل الكوفة). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ. - وقال علي بن مسهر، عن الأجلح، عن الشعبي قال: (اكتنف عبدُ الرحمن بن ملجم وشبيبُ الأشجعي علياً حين خرج إلى الفجر؛ فأما شبيب فضربه فأخطأه؛ وثبت سيفه في الحائط، ثم أحصر نحو أبواب كندة، وقال الناس: عليكم صاحب السيف؛ فلما خشي أن يؤخذ رمى بالسيف ودخل في عرض الناس، وأما عبد الرحمن فضربه بالسيف على قرنه، ثم أحصر نحو باب الفيل؛ فأدركه عريض أو عويض الحضرمي؛ فأخذه فأدخله على علي؛ فقال علي: «إن أنا متّ فاقتلوه إن شئتم أو دعوه؛ وإن أنا نجوت كان القصاص». رواه ابن أبي شيبة. - وقال معتمر بن سليمان: قال أبي: حدثني حريث بن مخشٍّ (أنَّ علياً قتل صبيحة إحدى وعشرين من شهر رمضان). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه. - وقال يحيى بن بكير المصري: أخبرني الليث بن سعد (أن عبد الرحمن بن ملجم ضرب علياً في صلاة الصبح على رأسه بسيف كان سمّه بالسم، ومات من يومه ودفن بالكوفة ليلاً). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال أحمد بن حنبل: حدثنا إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر قال: (قتل علي في رمضان يوم الجمعة في تسع عشرة ليلة من رمضان سنة أربعين، وكانت خلافته خمس سنين وثلاثة أشهر). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: (قتل علي رضي الله عنه في رمضان في تسع عشر خلت يوم الجمعة، ومات ليلة الأحد). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. فتنة الأمّة بعليّ رضي الله عنه اختلفت الأمّة في شأن عليّ رضي الله عنه؛ فكانت ثلاثة أصناف: الصنف الأول: اعتدلوا في شأنه؛ فأحبّوه ووالوه، ولم يغلوا فيه، ولم يجفوه؛ وهؤلاء هم أهل السنة والجماعة. والصنف الثاني: غلوا فيه غلوّاً منكراً؛ فكانوا على دركات في غلوّهم: - فمنهم من ادعى له العصمة. - ومنهم من اعتقد فيه شيئاً من خصائص الربوبية وصرف له بعض أنواع العبادة. - ومنهم ادّعى أنه أحقّ بالخلافة من أبي بكر وعمر، وأنه خير منهما، وهؤلاء - ومنهم من فضَّله على عثمان، ولم يفضلوه على أبي بكر وعمر، ولم يدّعوا له العصمة، ولا شيئاً من خصائص الألوهية، وهؤلاء أخفّ طوائف الشيعة في زمان السلف الصالح. والصنف الثالث: جفوه وأبغضوه وناصبوه العداء، ولذلك سمّوا النواصب. - قال وكيع، عن نعيم بن حكيم، عن أبي مريم قال: سمعت علياً يقول: (يهلك فيَّ رجلان: مفرِطٌ غالٍ، ومبغضٌ قالٍ). رواه أحمد في فضائل الصحابة لأبيه. - وقال أسود بن عامر الشامي: حدثنا إسرائيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري قال: (إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم علياً). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال وكيع، عن شعبة، عن أبي التياح، عن أبي السوار قال: قال علي: (لَيُحِبَّنّي قومٌ حتى يدخلوا النار في حبي، وليبغضَنِّي قومٌ حتى يدخلوا النار في بغضي). رواه ابن أبي شيبة، وأحمد في فضائل الصحابة. - وقال مالك بن مغول، عن أكيل مؤذن إبراهيم النخعي، عن الشعبي قال: لقيت علقمة. فقال: أتدري ما مثل علي في هذه الأمة؟ قال: قلت: وما مثله؟ قال: (مثل عيسى ابن مريم، أحبه قوم حتى هلكوا في حبه، وأبغضه قوم حتى هلكوا في بغضه). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال محمد بن عبد الله بن نمير: أخبرنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى قال: ذكر عنده قول الناس في علي فقال عبد الرحمن: (قد جالسناه، وحادثناه، وواكلناه، وشاربناه، وقمنا له على الأعمال، فما سمعته يقول شيئا مما تقولون، أولا يكفيهم أن يقولوا: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختنه، وشهد بيعة الرضوان، وشهد بدراً).رواه أحمد في فضائل الصحابة. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c065de7712.gif |
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...c47d901371.gif سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 4: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب الهاشمي القرشي (ت:40هـ) رضي الله عنه مواعظه ووصاياه وأقواله السائرة كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه فصيحاً نصوحاً، له مواعظ حسنة، ووصايا قيّمة، وأقوال سائرة، ومنها: 1. قال عمرو بن قيس، عن أبي إسحاق السبيعي قال: قال علي: (خمس كلمات احفظوهن، لو رحلتم المطي فيهن لأنضيتموهنّ قبل أن تدركوا مثلهن: لا يرجُ عبد إلا ربه، ولا يخف إلا ذنبه، ولا يستحيي من لا يعلم أن يتعلم، ولا يستحيي عالمٌ إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: "الله أعلم"، واعلموا أنَّ منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد؛ فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، وإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان). رواه ابن أبي شيبة، وابن مروان الدينوري في المجالسة. ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق معمر عن ابن طاووس عن عكرمة بن خالد عن عليّ. ورواه الزبير بن عدي في نسخته عن الحارث الأعور عن علي. ورواه عبد الرزاق في مصنفه، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، من طريق معمر عن الحكم بن أبان العدني عن عكرمة عن عليّ. 2. وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن زبيد، عن المهاجر العامري، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (إنما أخاف عليكم اثنتين: طول الأمل، واتباع الهوى؛ فإنَّ طول الأمل ينسي الآخرة، وإنَّ اتباع الهوى يصدّ عن الحق، وإنَّ الدنيا قد ترحّلت مدبرة، وإنَّ الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون؛ فكونوا من أبناء الآخرة؛ فإنَّ اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل). رواه أحمد في فضائل الصحابة وابن أبي شيبة. ورواه البيهقي في شعب الإيمان من طريق وكيع، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، وعلّقه البخاري في صحيحه. 3. وقال محمد بن طلحة، عن، زبيد، قال: قال علي: «خيرُ الناس هذا النمط الأوسط يلحق بهم التالي، ويرجع إليهم الغالي». رواه ابن أبي شيبة. 4. وقال معروف بن خربوذ المكي عن أبي الطفيل رضي الله عنه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله»رواه البخاري، والبيهقي في المدخل إلى السنن. 5. وقال موسى بن أيّوب الغافقي: سمعت عمّي إياس بن عامرٍ، يقول: أخذ عليّ بن أبي طالبٍ، بيدي، ثمّ قال: (إنّك إن بقيت سيقرأ القرآن ثلاثة أصنافٍ: فصنفٌ للّه، وصنفٌ للجدال، وصنفٌ للدّنيا، ومن طلب به أدرك). رواه الدارمي. 6. وقال سفيان بن عيينة، عن عمران بن ظبيان، عن أبي يحيى حكيم بن سعد قال: سمعت علياً يقول: (لا تكونوا عُجُلاً مذاييعَ بُذُراً، فإنَّ من ورائكم بلاءً مبرّحاً مُكْلِحاً، وأموراً متماحلةً رُدُحاً). رواه البخاري في الأدب المفرد. - قال أبو منصور الأزهري: (المتماحلة: المتطاولة، والرُّدُح: العظيمة، يعني الفتن، جمع رَدَاح) وقال في موضع آخر: (أراد فتناً يطول أيامها، ويعظم خطرها، ويشتد كَلَبُها). رواة التفسير عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه مما يدلّ على كثرة تعليمه التفسير وجوابه السائلين عن مسائله كثرة المرويات عنه في التفسير؛ فقد روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين: قرئَ عليه في المدينة وانتفع به، ثم خرج في أوّل خلافته إلى الكوفة، وانتُفع به هناك انتفاعاً عظيماً، وأكثر من حملَ علمه وأدّاه علماءُ أهل العراق. قرأ عليه: أبو الأسود الدؤلي، وأبو عبد الرحمن السلمي، وغيرهما. وروى عنه من الصحابة: ابن عباس، وأبناؤه الحسن والحسين، وابن أخيه عبد الله بن جعفر ، وأبو الطفيل عامر بن واثلة، وواثلة بن الأسقع، وغيرهم. ومن التابعين: ابنه محمد المعروف بابن الحنفية، وعَبِيدة السلماني، وأبو عبد الرحمن السلمي، وقيس بن أبي حازم البجلي، وعلقمة بن قيس النخعي، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وشريح القاضي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وزرّ بن حبيش، و خالد بن عرعرة التيمي، وأبو رجاء العطاردي، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو عمارة عبد خير بن يزيد الهمداني. وممن اختلف في روايته عنه: أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي، وعامر الشعبي، وأبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي. وممن أرسل عنه: أبو البختري سعيد بن فيروز الطائي، وقتادة بن دعامة السدوسي، والمسيب بن رافع، وعلي بن الحسين، وسلمة بن كهيل. وممن روى عنه ممن تكلم فيهم: أبو الصهباء صهيب البكري مولى ابن عباس، ضعفه النسائي، ووثقه ابن حبان. وممن روى عنه من الضعفاء والمتّهمين: الحارث الأعور، وجابر الجعفي. مما روي عنه في التفسير: 1. قال معتمر بن سليمان: سمعت أبي، قال: حدّثنا أبو مجلزٍ، عن قيس بن عُبادٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال: (أنا أوّل من يجثو بين يدي الرّحمن للخصومة يوم القيامة). قال قيسٌ: وفيهم نزلت: {هذان خصمان اختصموا في ربّهم}. قال: (هم الّذين بارزوا يوم بدرٍ عليٌّ وحمزة وعبيدة، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة). رواه البخاري. 2. وقال عبد الله بن إدريس الأودي: سمعت ليثاً، عن مجاهد، قال: قال علي رضي الله عنه: (آية من كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم، فكنت إذا جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تصدقت بدرهم، فنسخت فلم يعمل بها أحد قبلي {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة}). رواه ابن جرير. وروى سعيد بن منصور نحوه عن سفيان بن عيينة، عن سليمان الأحول، عن مجاهد مختصراً. 3: وقال سفيان الثوري، عن عاصم، عن زر بن حبيش، قال: قلنا لعَبيدة: سَلْ علياً عن صلاة الوسطى؛ فسأله؛ فقال: كنا نراها الفجر؛ فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول يوم الأحزاب: «شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قبورهم وأجوافهم ناراً». رواه النسائي في الكبرى. 4. وقال نعيم بن أبي هندٍ: حدّثني ربعيّ بن حراشٍ، قال: إنّي لعند عليٍّ رضي الله عنه جالسٌ، إذ جاء ابنٌ لطلحة فسلّم على عليٍّ رضي الله عنه، فرحّب به فقال: ترحّب بي يا أمير المؤمنين! وقد قتلت أبي، وأخذت مالي؟ قال: (أمّا مالك فهو ذا معزولٌ في بيت المال، فاغد إلى مالك فخذه، وأمّا قولك قتلت أبي، فإنّي أرجو أن أكون أنا وأبوك من الّذين قال الله عزّ وجلّ {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخوانًا على سررٍ متقابلين} فقال رجلٌ من همدان: إنّ الله أعدل من ذلك! فصاح عليه عليٌّ صيحةً تداعى لها القصر، قال: (فمن إذًا إذا لم نكن نحن أولئك؟). رواه الحاكم في المستدرك، وقد رويت هذه الحادثة عن عليّ رضي الله عنه من طرق متعددة. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...0f5aa36393.gif |
الساعة الآن : 01:12 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour