|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() غدر الحديد.. موتى.. موتى .. ؟؟ ![]() يقتل الناس في السيارات مثلما يقتلون في ساحة المعركة..لقد كان الموت قريبا جدا منا الى الدرجة التي نمل فيها من النظر إليه. (ميلان كونديرا) في الدارجة الشعبية المغربية، ثمة غنى بلاغي لاحدود له، آسر ومكتنز بدلالات شعرية، عبر لهجة تمتح نسغها من الواقع ومفارقاته مدعمة بمخيال اجتماعي ضارب في القدم يستفيد من دربة الحياة وعركتها. من أمثلة ذلك مثلا عبارة ![]() من هذا السياق البلاغي الشعبي، استخدامهم لكلمة حديد، في اشارة الى مجموع السيارات، وما يتبع هذه التسمية من سخرية وإدانة، حيث السيارة المفردة تسمى بالحديدة، وحين يُرتكب حادث سير شنيع في غفلة ما، يقول أهل الهالك ![]() وفي ذلك المسمى والفعل، تتساوى حديدة 'الكورولا' قديمة الطراز، بحديدة الهمر الفارهة. في رواية (الساعة الخامسة والعشرون) للروائي المبدع كونستانتان جيورجيو، وهي رواية استشرافية عميقة،كتبت في بدايات القرن العشرين(من نوع الروايات التي لاتنسى أبدا). تذهب الرواية (فيما تذهب إليه) الى أن (الحديدة/ السيارة) سوف تقرر يوما مصير سائقها، إن كان سيصل الى هدفه سالما أم على شفى حفرة الموت. بمعنى هل سيلقي رأسه على مخدة وثيرة في بيته في الليل، أم على مخدة من صخر وتراب وحيدا في قبره. ألم نترك يوما عزيزا، وليس على وجهه أي من علامات الموت، لنستلم جثته بعد ساعة وهي ممزقة. ألم نودع يوما أصدقاء وهم بكامل عنفوانهم وطاقاتهم وأحلامهم، لنراهم بعد ساعات وهم على مشارف الموت أو يموتون منزوفين أمام أعيننا العاجزة. أنا شخصيا حدث عندي هذا الأمر مرارا، من ضمنها الرحيل المباغت لأخي الأكبر مبارك، الذي كنت آخر مودعيه في صباح يوم رمضاني مشمس، وكانت النظرة الأخيرة التي التصقت في ذهني الى الأبد، تودع شابا (حين مات أخي رحمه الله كان أصغر من عمري الحالي) ناصع الملامح يفيض حيوية واقبالا على الحياة ومستقبل يتشكل أمامه بهدوء العارف، وبسبب غفلة نعاس عابرة، لوحت به الحديدة) خارج مساره وأردته قتيلا. حدث ذلك في ساعات قليلة، في المسافة التي يقطعها المسافر بين منطقتي وادي عدي وصحم. التجارب كثيرة في هذا السياق، ولكن يبدو وكأن الناس يفقدون عقولهم بعد كل تجربة، ويزدادون ثقة بالحديدة، مع إغراءات قوتها وميزاتها التي مافتىء الإعلام الدعائي يعكسها على أنها أسطورة تتحدى حتى الموت،وتقفز برشاقة على الصخور وتقتحم متاهات الجبال. ولكن في سهوة عابرة، يمكنها وبسهولة أن تردي راكبها أرضا وتنفيه من الحياة. ولابد وأن في سجلات شرطة الحوادث، الكثيرمن السيارات الصقيلة والفارهة في هيئتها وصناعتها ولكنها تساوت في طلب الموت لصاحبها مع سيارات أقل منها شأنا. تتساوى جميع السيارات في أنها لها دواسات بنزين، ولراكبها الخيار في أن يثق بحديدته و(يدوس) على هواه، أو أن يحذق لمخاتلات هذه الحديدة التي لن تتوانى في أي لحظة سهو أو غفلة في أن ترديه قتيلا هو وعائلته بأعمارهم وأجناسهم وكل من شاءت له الصدف بأن يكون متواجدا في الطريق . أولئك الذين يستجيبون لرنات الهواتف وهم يقودون سياراتهم، تثير مناظرهم الشفقة والسخرية في آن، وأكثر منهم أولئك الذين يردون على الرسائل وهم يقودون السيارات بيد وعين واحدة على الطريق، ويد وعين أخرى الشاشة الصغيرة للهاتف وأزراره. تصوروا معي أي وضع للتركيز سيكون عليه الشارع والحالة هذه، الرسائل بكل حميمتها وتأملاتها ووقفاتها وصمتها، يكتبونها وهم يقودون شيئا آخر كبير يحتاج الى تركيز ويحمل مصائرهم ومصائر كل من في الشارع. وكأن السيارة هي من ستتكفل الى ايصاله الى حيث يريد وماعليه سوى أن يكون شهما ومبادرا في الرد على الرسالة في حينها ووقتها، لانحتاج الى اثبات قوي لنقول بأن القلب والعقل لايلبث وأن يعتريهما السهو والزوغان اذا انشغلا بأمرين في وقت واحد. فما بالك ان كان أحد هذين الأمرين هو مصير الكائن وحياته ، ناهيك عن سيل المشاغل والهموم التي تحاصر حياتنا سلفا.. كيف نرمي حياتنا عبثا في رياح حديدة غادرة. هذا السيل المتدفق من الضحايا، أحياء تحولوا في غمضة عين الى نوم أبدي تحت التراب، تتوالى عليهم الظلمات والليالي، في صمتهم المكين بلا أنيس أو صاحب، شباب وأطفال وصبية في ورود الحياة وميعتها، ذهبوا بأحلامهم الى الأبد. ضحايا السيارات، ضحايات الحديدة الغادرة، أولئك الذين رحلوا أو أعيقوا،ألا يحتاجون من قارىء هذه السطور الى وقفه متفرسة. وقفة يبدأها مع نفسه لتنطلق بعيدا وهي تتصادى عابرة ومتماهية بشغاف القلوب وشرائح الذاكرة.
__________________
![]() |
#2
|
||||
|
||||
![]() السلام عليكم و رحمة الله. أخي الكريم: إذا غابت واندثرت أخلاق المهن والحرف،وإذا سلمت الأمور إلى غيرأهلها فانتظر الساعة. الساعة= المشاكل و المصائب وغيرها. في حفظ الله. |
#3
|
|||
|
|||
![]() ![]()
__________________
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |