|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() شُرُوطُ مَا قَبْلِ الصَّلَاةِ يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف قَالَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله: [شُرُوطُهَا قَبْلُهَا؛ مِنْهَا: الْوَقْتُ، وَالطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ]. هُنَا بَدَأ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله الْكَلَامَ عَنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ. وَقَدْ ذَكَرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي ذَكَر الشُّرُوطِ أَمْرًا مُهِمًّا، وَهُوَ قَوْلُهُ: (شُرُوطُهَا قَبْلُهَا)، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا فِي الْفَرْقِ الثَّانِي مِنَ الْفُرُوقِ الَّتِي بَيْنَ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ: أَنَّ الشُّرُوطَ تَتَقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَتَسْتَمِرُّ إِلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا؛ وَلَهَذَا قَالَ فِي (الرَّوْضِ): "وَبِهَذَا الْمَعْنَى فَارَقَتِ الْأَرْكَانَ"[1]، أَي: بِوُجُوبِ اسْتِمْرَارِ الشُّرُوطِ فِيهَا فَارَقَتِ الأركانَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ اسْتِمْرَارُ الْأَرْكَانِ فِيهَا، أَمَّا الشُّرُوطُ فَإِنَّهَا لِا تَسْتَمِرُّ فِي الصَّلَاةِ[2]. الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ: الْإِسْلَامُ، وَالْعَقْلُ، وَالتَّمْيِيزُ: وَهَذِهِ الشُّرُوطُ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ، إِلَّا التَّمْيِيزُ فِي الْحَجِّ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا كَثِيرٌ مِنَ الْأَصْحَابِ هُنَا[3]. الشَّرْطُ الرَّابِعُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: الْوَقْتُ: وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (مِنْهَا: الْوَقْتُ). وَقَدْ جَاءَ فِي عِبَارَةِ صَاحِبِ الْمُقْنِعِ: (دُخُولُ الْوَقْتِ)[4]، وَلَعلَّهَا أَصَحُّ وَأدَقُّ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ رحمه اللههُنَا: (الْوَقْتُ)، وَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْنَ رحمه الله فِي (الْمُمْتِعِ) إِلَى أنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ لِلْمُؤَلِّفِ رحمه الله فِيْهِ تَسَاهُلٌ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ بَلِ الشَّرْطُ: دُخُولُ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّنَا لَوْ قُلْنَا: إِنَّ الشَّرْطَ هُوَ الْوَقْتُ؛ لَزِمَ أَنْ لَا تَصِحَّ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تَصِحُّ بَعْدَ الْوَقْتِ لِعُذْرٍ[5]. وَالدَّلِيلُ عَلَى اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78]، قَالُ ابْنُ سَعْدِيٍّ رحمه الله: "فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ: ذَكَرَ الْأَوْقَاتَ الْخَمْسَةَ لِلصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْمُوقَعَةَ فِيْهِ فَرَائِضُ لِتَخْصِيصِهَا بِالْأَمْرِ، وَفِيهَا: أَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَأَنَّهُ سَبَبٌ لِوُجُوبِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَمْرَ بِإِقَامَتِهَا لِهَذِهِ الْأَوْقَاتِ"[6]. وَالْأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا: • حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا تَطْلُعْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ[7]. • حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عليه السلام- عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ -يَعْنِي: فِي أَوَّل الْوَقْتِ وَفِي آخِرِهِ -؛ فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَتْ قَدْرَ الشِّرَاكِ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِيَ -يَعْنِي: الْمَغْرِبَ- حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ[8]. • حَدِيثُ جَابِرٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ جَاءَهُ الْعَصْرَ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ - أَوْ قَالَ: صَارَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ -، ثُمَّ جَاءَهُ الْمَغْرِبَ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ جَاءَهُ الْعِشَاءَ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ جَاءَهُ الْفَجْرَ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ - أَوْ قَالَ: حِينَ سَطَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ جَاءَهُ مِنَ الْغَدِ لِلظُّهْرِ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ جَاءَهُ لِلْعَصْرِ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَهُ لِلْمَغْرِبِ، وَقْتًا وَاحِدًا لَمْ يَزُلْ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَ لِلْعِشَاءِ، حِينَ ذَهَبَ نِصْفُ اللَّيْلِ - أَوْ قَالَ: ثُلُثُ اللَّيْلِ - فَصَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَهُ لِلْفَجْرِ حِينَ أَسْفَرَ جِدًّا، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ»[9] أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ, وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: "قَالَ مُحَمَّدٌ -يَعْنِي: الْبُخَارِيُّ: أَصَحُّالْأَحَادِيثِعِنْدِيفِيالْمَوَاقِيتِ: حَدِيثُجَابِرِبْنِعَبْدِاللَّهِ، وحَدِيْثُ أَبِيْ مُوْسَىْ"[10]. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ؛ لَكِنْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: بِهَذَا أُمِرْتُ»[11]. وَإِمَامَةُ جِبْرِيلَعليه السلام بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ[12]. وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ قَبْلَ الْوَقْتِ، قَالَ فِي (الْإِنْصَافِ): "وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلاةَ إِنَّما تَجِبُ بِدُخولِ الْوَقْتِ بِالاتِّفاقِ، فَإِذَا دخَلَ وَجَبتْ، وَإِذَا وجَبَتْ وجَبتْ بِشُرُوطِهَا الْمُتَقَدِّمةِ عَلَيْهَا؛ كَالطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا"[13]. فَائِدَةٌ: قَالَ فِي (الرَّوْضِ): "فَالْوَقْتُ سَبَبُ وُجُوبِ الصَّلَاة؛ لِأَنَّهَا تُضَافُ إلَيْهِ، وتَتَكرَّرُ بِتَكرُّرِهِ"[14]. إذًا: فَدُخُولُ الْوَقْتِ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، وَشَرْطٌ لِلصِّحَّةِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الشُّرُوطِ؛ فَإِنَّهَا شُرُوطٌ لِلصِّحَّةِ فَقَطْ، وَيَتَّضِحُ هَذَا الْكَلَامُ إِذَا عُلِمَ مَعْنَى السَّبَبِ، وَالشَّرَطِ، وَبَيَانُهُ كَمَا يَلِي[15]: أَمَّا الشَّرْطُ: فَهُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، ولا يَلْزَمُ مِنْ وَجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ؛ فَمَثَلًا: إِذَا لَمْ تُوجَدِ الطَّهَارَةُ: لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ، وَإِذَا وُجِدْتِ الطَّهَارَةُ: فَقَدْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ لِوُجُودِ الشُّرُوطِ الْأُخْرَى، وَقَدْ لَا تَصِحُّ لِفِقْدَانِ شَرْطٍ آخَرَ. أَمَّا السَّبَبُ: فَهُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ وَجُودِهِ الْوُجُودُ، وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ؛ مِثْلُ: دُخُولِ الْوَقْتِ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الصَّلَاةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وكُلَّمَا تَكرَّرَ وَجُودُهُ تَكَرَّرَ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُضَافُ إلَيْهِ. وَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا: تَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ قَدِ اجْتَمَعَ فِيْهِ السَّبَبُ وَالشَّرَطُ؛ فَهُوَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ، وَشَرْطٌ لِصِحَّتِهَا؛ حَيْثُ إِنَّهُ إِذَا دَخَلَ الْوَقْتُ: وَجَبْتِ الصَّلَاةُ، فَإِذَا صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ: صَحَّتْ صَلَاتُهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي (الْإِنْصَافِ): "السَّببُ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الشَّرطِ،وَإِنْ كَانَ ينْفَكُّ عَنْهُ، فَهُوَ هُنَا سَبَبٌ للوُجوبِ وشَرْطٌ للوُجوبِِ وَالْأَدَاءِ، بخِلافِ غَيْرِهِ مِنَ الشُّروطِ؛ فَإِنَّهَا شُرُوطٌ لِلأَدَاءِ فَقَطْ"[16]. الشَّرْطُ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ: الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثَيْنِ: وَهَذَانِ ذَكَرَهُمَا بِقَوْلِهِ: (وَالطَّهَارَة مِنَ الْحَدَث، وَالنَّجِس). وَقَدْ تقدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنَ الْحَدَثَيْنِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ: • مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: «لَاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»[17]، وَهَذَا نصٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ. • ومَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عِنْدَ مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ»[18]. وَقَدْ أَجْمَع الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى مُحْدِثًا مَعَ إِمْكَانِ الْوُضُوءِ؛ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ[19]. وَأَمَّا الطَّهَارَةُ مِنَ النَّجِسِ فَسَيَأْتِي الْكَلَام عَنْهَا -إِنْ شَاءَ اللَّهُ -. فَائِدَةٌ: قَالَ فِي (الْمُقْنِعِ): "وَالصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ خَمْسٌ: الظُّهْرُ، وَهِي الأُوْلَى"[20]، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: عَدَدُ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ: وَهَذِهِ ذَكَرَهَا صَاحِبُ (الْمُقْنِع) بِقَوْلِهِ: "وَالصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ: خَمْسٌ". وَهَذَا بِالْإِجْمَاع[21]. وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ: • حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام قَال: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ»[22]. • وَحَدِيثُِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام قَالَ لِمُعَاذٍ رضي الله عنه حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ»[23]. ولا يَجِبُ غَيْرُهَا إلَّا لِعَارِضٍ؛ كَالنَّذَرِ؛ لِمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَال: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ؛ ثَائِرُ الرَّأْسِ، نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ، وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ؛ فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ...؛ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ، لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»[24]. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا هِي الصَّلَاةُ الأُوْلَى؟ وَهَذِهِ ذَكَرهَا صَاحِبُ (الْمُقْنِعِ) بِقَوْلِهِ: "الظُّهْرُ، وَهِيَ الأُوْلَى". وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلِينِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ هِي الأُوْلَى. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[25]. قَالُوا: لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْخَمْسِ افْتِرَاضًا، وَبِهَا بَدَأَ جِبْرِيلُ عليه السلام حِينَ أَمَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْبَيْتِ، وَبدَأ بِهَا الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم حِينَ سُئِلُوا عَنِ الْأَوْقَاتِ[26]. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ هِي الأُوْلَى. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَدِيمِ[27]، وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رحمه الله، وَقَالَ: "بَدَأَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا كَالْخِرَقِيِّ، وَالْقَاضِي فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَغَيْرِهِمَا بِالظُّهْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ بَدَأَ بِالْفَجْرِ كَابْنِ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَالْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ، وَهَذَا أَجْوَدُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْوُسْطَى إذَا كَانَ الْفَجْرُ الْأَوَّلَ"[28]. [1] الروض المربع (ص68). [2] ينظر: حاشية الروض المربع (1/ 461). [3] ينظر: الروض المربع (1/ 205). [4] المقنع في فقه الإمام أحمد (ص43). [5] الشرح الممتع (2/ 96). [6] تفسير السعدي (ص465). [7] صحيح مسلم (612). [8] مسند أحمد (3322)، سنن أبي داود (393)، واللفظ له، سنن الترمذي (149)، وحسنه (150)، وصححه ابن خزيمة (325)، والحاكم (693). [9] مسند أحمد (14538)، سنن الترمذي (150). ورواه النسائي (526)، وصححه ابن حبان (1472). [10] علل الترمذي الكبير (ص68). [11] أخرجه البخاري (521)، ومسلم (610)، ولكن من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه. [12] ينظر: معرفة السنن والآثار (2/ 190)، ونظم المتناثر (ص73، 74). [13] الإنصاف، للمرداوي (3/ 124). [14] الروض المربع (ص68). [15] ينظر: قواطع الأدلة في الأصول (2/ 272، وما بعدها). [16] الإنصاف، للمرداوي (3/ 124). [17] صحيح البخاري (6954)، صحيح مسلم (225). [18] صحيح مسلم (224). [19] ينظر: المجموع، للنووي (2/ 67)، وحاشية الروض المربع (1/ 265). [20] المقنع في فقه الإمام أحمد (ص43). [21] ينظر: اختلاف الأئمة العلماء (1/ 79). [22] أخرجه أحمد (22693)، وأبو داود (1420)، والنسائي (461). [23] أخرجه البخاري (1395)، ومسلم (19). [24] صحيح البخاري (46)، صحيح مسلم (11). [25] ينظر: درر الحكام (1/ 115)، ومواهب الجليل (1/ 383)، والحاوي الكبير (2/ 12)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 124، 125). [26] ينظر: الإنصاف، للمرداوي (3/ 125). [27] ينظر: البحر الرائق (1/ 257)، والمجموع، للنووي (3/ 24)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 125). [28] الفتاوى الكبرى (5/ 319).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |