الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 480 - عددالزوار : 165252 )           »          توحيد الأسماء والصفات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضل الأذكار بعد الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          أنج بنفسك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          وصايا نبوية غالية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ذم الحسد وآثاره المهلكة في الفرد والمجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          بر الوالدين: (وزنه، كيفية البر في الحياة وبعد الممات، أخطاء قاتلة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ألق بذر الكلمة؛ فربما أنبتت! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          بين النبع الصافي والمستنقع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          صحابة منسيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 5181 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-05-2022, 04:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,047
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب النكاح]
صـــــ 248 الى صــــــــ
262
الحلقة (198)



كتاب الطلاق
تعريفه
-معناه في اللغة حل القيد، سواء كان حسياً، كقيد الفرس، وقيد الأسير. أو معنوياً، كقيد النكاح، وهو الارتباط الحاصل بين الزوجين، فيقال لغة: طلق الناقة، بتخفيف اللام، طلاقاً إذا حل قيدها وسرحها مثل أطلقها طلاقاً، وكذا يقال: طلقت المرأة بتخفيف اللام، مضمومة ومفتوحة، إذا بانت، فالطلاق مصدر طلق - بفتح اللام. وضمها مخففة - كالفساد، أما التطليق فهو مصدر طلق المشدد، كسلم تسليماً، وكلم تكليماً، وهو يستعمل كالطلاق في حل القيد، سواء كان حسياً، أو معنوياً، ثم إن الطلاق مع كونه مصدر طلق بالتخفيف، فإنه يستعمل اسم مصدر لطلق بالتشديد، فيقال: طلق الرجل امرأته، بالتشديد، طلاقاً فالطلاق اسم المصدر، وهو التطليق.
وإذا علمت ذلك فإنه يتضح لك أن اللغة تستعمل لفظ الطلاق أو التطليق في حل عقدة النكاح كما تستعمله في حل القيد الحسي. فالطلاق كانوا يستعملونه في الجاهلية في الفرقة بين الزوجين. فلما جاء الشرع أقر استعماله في هذا المعنى بخصوصه. مع تفاوت يسير في بعض عبارات الفقهاء. لما يترتب على ذلك من تفاوت في بعض الأحكام. ولهذا عرف في الاصطلاح بأنه إزالة النكاح. أو نقصان حله بلفظ مخصوص. ومعنى إزالة النكاح رفع العقد بحيث لا تحل له الزوجة بعد ذلك. وهذا فيما لو طلقها ثلاثاً. وقوله: أو نقصان حله معناه نقص عن الطلاق الذي يترتب عليه نقص حل الزوجة. وهذا كما إذا طلقها طلقة رجعية فإنها تنقص حلها. فبعد أن كانت تحل له مطلقاً. ويملك ثلاث طلقات. أصبحت لا تحل له بعد طلقتين، ولا يملك إلا طلقتين، وهو معنى قول بعضهم في تعريف الطلاق: إنه رفع قيد النكاح أو بعضه، لأن غرضه رفع بعض القيد بطلقة رجعية، فإن القيد يرتفع كله بثلاث طلقات، فيرتفع بعضه بواحدة.
والحاصل أن الطلاق الرجعي لا يرفع عقدة النكاح (1) . وإنما ينقص عدت الطلقات الذي يترتب عليه نقصان الحل على الوجه الذي عرفته، فلذا يحل للمطلق رجعياً أن يطأ زوجته المطلقة ما دامت في العدة، ويعتبر وطؤه رجعة، فلا يشترط أن يراجعها بلفظ خاص قبل أن يطأها، كما سيأتي في مباحث الرجعة، كما لا يشترط أن ينوي (2) رجعتها بالوطء، فكان من الضروري زيارة قيد في تعريف الطلاق يدخل به الطلاق الرجعي.

أركان الطلاق
-للطلاق أركان أربعة (3) : أحدها الزوج، فلا يقع طلاق الأجنبي الذي لا يملك عقدة النكاح لأنك قد عرفت أن الطلاق رفع عقدة النكاح، فلا تتحقق ماهية الطلاق إلا بعد تحقق العقد، فلو علق الطلاق على زواج الاجنبية، كما لو قال: زينب طالق إن تزوجتها، ثم تزوجها، فإن طلاقه لا يقع (4) لقوله صلى الله وعليه وسلم: "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق فيما لا يملك ولا طلاق فيما لا يملك" رواه أحمد. وأبو داود والترمذي وحسنه.
ثانيها: الزوجة، فلا يقع الطلاق على الأجنبية، كما عرفت. ومثلها الموطوءة بملك اليمين، فلو طلق جاريته لا يقع طلاقه لأنها ليست زوجة، ولو قال: هند بنت فلان طالقة قبل أن يتزوجها ثم تزوجها فإن طلاقه الأول يكون ملغى، ويكون مالكاً للطلقات الثلاث، ويلحق بالأجنبية امرأته التي طلقها طلاقاً بائناً ولم يجدد عليها عقداً، فإنه إذا طلقها ثانياً فإن طلاقه لا يعتبر لأنها ليست زوجة له، أما امرأته التي طلقها رجعياً فإنه طلقها وهي في العدة طلاقاً ثانياً فإنه يلحق بالأول، لأن الطلاق الرجعي لم يخرجها عن كونها زوجة له.
ثالثها: صيغة الطلاق، وهي اللفظ الدال على حل عقدة النكاح صريحاً كان، أو كناية.
رابعها: القصد، بأن يقصد النطق بلفظ الطلاق، فإذا أراد أن ينادي امرأته باسمها طاهرة، فقال لها: يا طالقة خطأ لم يعتبر طلاق ديانة، كما ستعرفه في الشروط.

شروط الطلاق
-طلاق المكره - طلاق السكران - الطلاق بالإشارة، والكتابة - طلاق الهازل، والمخطئ - طلاق الغضبان. يشترط للطلاق شروط: بعضها يتعلق بالزوج المطلق، وبعضها يتعلق بالزوجة، وبعضها يتعلق بالصيغة، فيشترط في المطلق أمور:
أحدها: أن يكون عاقلاً، فلا يصح طلاق المجنون، ولو كان جنونه متقطعاً يأتيه مرة، ويزول عنه مرة أخرى، فإذا طلق حال جنونه لا يعتبر ولا يحسب عليه بعد الإفاقة.
والمراد بالجنون من زال عقله بمرض، فيدخل المغنى عليه. والمحموم الذي غيبت عقله الحمى فصار يهذي. ومن زال عقله بسبب صداع شديد أو مرض مخي. أما الذي لم يزل عقله ولكنه يغطي ويستتر بسبب تناول مسكر من خمر. وحشيش. وأفيون. وكوكايين. ونحو ذلك من المخدرات التي تغطي العقل، فإن تناولها الشخص وهو عالم بأنها تزيل العقل ليسكر ويطرب، فذهب عقله وطلق امرأته فإن طلاقه يقع عليه، وإن تناولها وهو يعتقد أنها لا تسكر. أو تناولها لتوقف إزالة مرضه عليها، فغاب عقله وطلق فإن طلاقه لا يقع.
وحاصل ذلك أن كل ما يأثم الإنسان بتناوله من المسكرات، فإنه إذا غاب به وطلق زوجته وهو لا يدري فإن طلاقه يقع عليه زجراً ولأمثاله الذين ينتهكون حرمات الدين، أما الذي لا يأثم بتناوله فإنه لا يحسب عليه لأنه معذور.
ولا فرق في وقوع طلاق السكران المعتدي بسكره بين أن يصل إلى حد يشبه فيه المجنون (5) ، فلا يفرق بين السماء والأرض، ولا بين الرجل والمرأة أو لا، فطلاقه يقع سواء كان في أول سكره، أو في نهايته القصوى، ثانيها: أن يكون بالغاً، فلا يقع طلاق الصغير الذي لم يبلغ، ولم مراهقاً مميزاً (6) ، ولا يحسب عليه طلاقه حال الصغر مطلقاً ولو كبر. ثالثها: أن يكون مختاراً فلا يصح طلاق المكره على تفصيل في المذاهب (7) .
ويشترط في الزوجة أمور:
الأول: أن تكون باقية في عصمته، فإذا بانت منه وطلقها وهي في العدة فلا يقع طلاقه لأنها وإن كانت زوجته باعتبار كونها في العدة، ولكن لما طلقها طلاقاً بائناً لم يكن له عليها ولاية.
الثاني: أن لا تكون موطوءة بملك اليمين، فإذا طلق أمته فلا يقع عليه، كما تقدم.
الثالث: أن تكون زوجته بالعقد الصحيح، فإذا عقد على معتدة. أو عقد على أخت امرأته. أو نحو ذلك من العقود الباطلة التي تقدمت فإنه لا يقع عليه طلاقها لأنها ليست زوجة له.
ويشترط في الصيغة أمران أحدهما: أن تكون لفظاً يدل على الطلاق صريحاً، أو كناية، فلا يقع الطلاق بالأفعال، كما إذا غضب على زوجته فأرسلها إلى دار أبيها، وأرسل لها متاعها ومؤخر صداقها بدون أن يتلفظ بالطلاق، فإن ذلك لا يعتبر طلاقاً، وكذا لا يقع بالنية. بدون لفظ، فلو نوى الطلاق. أو حدث به نفسه (8) فإنه لا يقع.
وهل الإشارة والكناية من الأخرس أو من غيره يقومان مقام اللفظ، أو لا؟ في الجواب عن ذلك تفصيل المذاهب (9) .
ثانيهما أن يكون اللفظ مقصوداً، فإذا أراد أن يقول لامرأته: أنت طاهرة، فسبق لسانه وقال لها: أنت طالق فإن طلاقه لا يقع بينه وبين الله تعالى، أما في القضاء فإنه يعتبر لأنه لا اطلاع للقاضي على ما في نفسه، ويقال لمن وقع منه ذلك: مخطئ.
__________
(1) (الشافعية - قالوا: الطلقة الرجعية ترفع قيد النكاح. كالطلاق البائن. فلا يحل للمطلق أن يطأها أو يتمتع بها قبل أن يراجعها بلفظ يشعر بالرجعة صريحاً كان، أو كناية.

فالصريح كقوله: رددتك إلي، ورجعتك، وارتجعتك، ونحو ذلك، والكناية كقوله: تزوجك وأنكحتك، ونحو ذلك، لأن ذلك صريح في العقد، فيكون كناية في الرجعة، ويسن أن تكون الرجعة أمام الشهود، فإذا تمتع بها قبل الرجعة وهو عالم بأن هذا حرام استحق التعزير، إلا إذا كان كتابياً وكان في دينه أن الرجعة تجوز بالوطء والاستمتاع فإنه يقر على ذلك.
ولهذا عرف الشافعية الطلاق بأن حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه، ثم إن كان المراد بالنكاح العقد كانت الإضافة بيانية، والمعنى حل عقد هو النكاح، أو بعبارة أخرى رفع النكاح، وإن كان المراد بالنكاح الوطء كانت الإضافة حقيقية، ومعناه رفع العقد المبيح للوطء) .
(2) (المالكية - قالوا: إذا وطئها من غير أن ينوي الرجعة فإنه لا يكون رجعة، فالوطء لا يكون رجعة إلا إذا كان بنية، أما الوطء بنية الرجعة فإنه يكون رجعة، وعلى هذا لا يكون الطلاق الرجعي رافعاً للعقد، لأنه لو كان رفعاً للعقد لما حل للزوج وطؤها.
ولهذا عرف المالكية الطلاق بأنه صفة حكمية ترفع حلية تمتع الزوج بزوجته بحيث لو تكررت منه مرتين حرمت عليه قبل التزوج بغيره، وهذا التعريف لا يتنافى مع تعريف الحنفية والحنابلة المذكور في أعلى الصحيفة، فلا خلاف بين المالكية وبينهم إلا في أن الرجعة بالوطء لا تتحقق إلا بالنية عند المالكية دون الحنفية والحنابلة. أما الطلاق الرجعي فلا يرفع عقد النكاح بلا خلاف، والمراد بالصفة في قول المالكية صفة حكمية الخ الحدث القائم بالشخص، وهو مدلول التطليق، لأنه قائم بالفاعل ووصف له ومعنى حكمية غير وجودية. بل صفة اعتبارية. لأن الحدث أمر اعتباري والتطليق هو حل قيد النكاح وهو أمر معنوي محتاج إلى لفظ يدل عليه. فلهذا زاد الحنفية والحنابلة بلفظ مخصوص. ولا ريب أن هذا لا يخالف فيه المالكية. أما قول المالكية. بحيث لو تكررت منه مرتين حرمت عليه الخ. فمعناه أن حلها له لا يرتفع إلا بتطليقها ثلاثاً. وذلك لأن التكرار يستلزم سبق واحدة، وقد صرح بمرتين، وهذا القيد هو كقيد الحنفية والحنابلة - أو نقصان حله - لأن الغرض من القيدين إدخال الطلاق الرجعي فإنه لا يرفع حل النكاح) .
(3) (الحنفية، والحنابلة - قالوا: إن ركن الطلاق أمر واحد، وهو الوصف القائم بالمطلق أعني
التطليق، كما تقدم في التعريف. ولما كان التطليق لا يمكن تحققه إلا بالعبارة الدالة عليه قالوا: إن ركن الطلاق هو الصيغة الدالة على ماهيته، سواء كانت لفظاً صريحاً، أو كناية، أما عدا الأمور الأربعة المذكور أركاناً للطلاق فغير ظاهر. لأن الزوج والزوجة جسمان محسوساً، والطلاق وصف اعتباري، فلا معنى لعدهما أجزاء لماهيته، وأما الصيغة فهي صفة أيضاً للمتكلم بها، ويمكن عدها ركناً للضرورة، لأنها دالة على ماهية الطلاق، وماهية الطلاق - وهي الحدث القائم بالمطلق - وصف حكمي لا يتحقق إلا بلفظ يدل عليه، فلذا قالوا: إن ركن الطلاق هو اللفظ الدال عليه تسامحاً، وأما القصد فهو أمر عارض للشخص أيضاً، ولكنه خارج عن ماهية الطلاق، فثبت أن هذه الأربعة كلها خارجة عن ماهية الطلاق، فلا يصح أن تكون من أركانه، لأن ركن الشيء ما كان داخلاً في ماهيته.
وأجيب بأن المراد بالركن ما تتوقف عليه الماهية لا ما كان داخلاً فيها توسعاً ثم أصبح ذلك حقيقة عرفية عند بعضهم، ألا ترى أنهم عدوا الصيغة ركناً للطلاق مع أنها ليست هي الماهية) .
(4) (المالكية، الحنفية - قالوا: إذا علق طلاق امرأة على زوجها فإن طلاقه يعتبر، ويقع عليه إذا تزوجها، فلو قال: إن تزوجت فاطمة بنت محمد تكون طالقة يقع عليه الطلاق بمجرد العقد، ومثل ذلك ما إذا قال: كلما تزوجت امرأة فهي طالق، وقالوا: إنه لا حجة في الحدث المذكور على نفي هذا، لأن الطلاق معلق على ملك بضع المرأة. فإذا وجد الملك وقع الطلاق، فلم يقع الطلاق في صورة التعليق قبل الملك. ومثل ذلك حديث: "لا طلاق إلا بعد النكاح" رواه الترمذي وصححه. فإن معناه أن الطلاق لا يقع إلا بعد وجود العقد. وهم يقولون ذلك، لأن الطلاق المعلق عندهم لا يقع إلا بعد العقد، وقد يقال: إن المالكية، والحنفية قرروا أن طلاق الأجنبية في غير صورة التعليق ملغى لا قيمة له، إذ لا ولاية للزوج عليه، وهذا يقتضي أن عبارة الزوج قبل العقد ملغاة لا معنى لها بدون فرق بين التعليق وغيره، فقوله: إن تزوجتك فأنت طالقة عبارة فاسدة لا قيمة لها، كقوله: أنت طالق) .
(5) (الحنفية - قالوا: حد السكر عند الإمام هو سرور يزيل العقل، فلا يفرق صاحبه بين السماء والأرض، ومعنى هذا أن السكران الذي يصل إلى حد يشبه المجنون يقع طلاقه، ومن باب أولى ما إذا لم يصل إلى هذا الحد، أما الصاحبان فإنهما يقولان: إن حد السكر سرور يغلب على العقل فيجعل صاحبه يهذي في كلامه بحيث يكون غالب كلامه هذياناً، فلو كان نصف كلامه هذياناً ونصفه مستقيماً
فإنه لا يكون سكران، بل يعامل معاملة الصاحي في كل أحواله، على أن من زاد على هذا الحد بأن اختلط عقله فأصبح لا يفرق بين السماء والأرض، ولا بين الرجل والمرأة، فإن طلاقه يقع أيضاً.
وعلى هذا لا يكون للخلاف في حد السكران فائدة بالنسبة لوقوع الطلاق، لأنه واقع في الحالتين على رأي أبي حنيفة، ورأي صاحبيه.
أما الأول: فلأنه يعتبر الهاذي في كلامه فقط كالصاحي الذي يقع طلاقه، بلا نزاع.
وأما الثاني: فلأن الصاحبين يقولان بوقوع طلاقه إذا وصل للحد الأعلى زجراً له.
نعم، تظهر فائدته بالنسبة لإقامة الحد على السكران، فأبو حنيفة يقول: إن السكران لا يحد إلا إذا وصل إلى حالة لا يفرق معها بين السماء والأرض، وبين الرجل والمرأة، وهو الحد الأعلى للسكران، فإذا نقص عنه كان النقص شبهة تدرأ عنه الحد، والصاحبان يقولان: متى هذى في كلامه استحق الحد، على أن بعض المحققين من الحنفية قال: إن الإمام متفق معهما على أن حد السكر الموجب لإيقاع الطلاق هو الهذيان، فلا خلاف بينهما في ذلك، بل الخلاف مقصور على حد الشرب، فلا يحد إلا إذا وصل إلى هذه الحالة عنده دونهما ولكن التحقيق أن السكر بالمعنى الثاني هو المعتبر في كل الأبواب، سواء كان في باب الإيمان، أو الطهارة أو الحد، وهو المفتى به. والدليل على ذلك قول الإمام علي كرّم الله وجهه: من سكر هذى، ومن هذى فقد افترى، ومن افترى استحق جلد ثمانين، فاعتبر الإمام الهذيان سكراً يوجب الحد، ويعتبر الهذيان كالافتراء، أو القذف الذي يوجب الحد بالجلد ثمانين. ثم السكر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يكون ناشئاً من تناول شيء مباح ليس فيه ما يسكر عادة كاللبن الرائب، وعصير القصب، والفواكه قبل تخمرها، فإن تناول من ذلك شيئاً كثيراً، أثر على مزاجه فأسكره، أو تناوله بعد أن تخمر، وهو لا يدري، فسكر وطلق فإن طلاقه لا يقع اتفاقاً.
القسم الثاني: أن يكون السكر ناشئاً من تناول شيء يسكر كثيره لا قليله، وهي الأشربة المتخذة من الحبوب، والعسل، والفواكه. وهذه فيها خلاف، فالإمام وأبو يوسف يقولان: إن من تناول منها وسكر وطلق لا يقع طلاقه، ومحمد يقول: إنه يقع، وقد تقدم في الجزء الثاني في باب ما يحل شربه أن قول محمد هو الصحيح المفتى به، فكما أن شربها لا يحل، وكذلك إذا شربها وسكر وطلق وقع عليه طلاقه.
والقسم الثالث: أن يسكر من الخمر المتفق على تحريم تناوله وهو المتخذ من العنب، والزبيب والتمر، الخ ما تقدم في الجزء الثاني، فمن شرب من ذلك وطلق، فإن طلاقه يقع باتفاق.
ويلحق بالخمر الحشيش، والأفيون فمن أخذ منهما شيئاً بقصد اللهو والسرور فغاب عقله وطلق وقع عليه الطلاق، أما إذا أخذ شيئاً بقصد التداوي فسكر فطلق فإن طلاقه لا يقع. ومثل ذلك البنج
ونحوه من المخدرات كالمورفين والكوكايين - فإن أشار بها الطبيب للتداوي فإنها تكون في حكم تناول المباح، وإلا كانت محرمة تحريماً باتاً.
وإذا شرب خمراً، أو حشيشاً، أو نبيذاً فأصابه صداع فإنه ينظر إن كان الخمر الذي تناوله شديداً يسكر ويستر العقل ويجعل صاحبه يهذي فإن طلاقه يقع، لأن القدر الذي أخذه كاف وحده في ذهاب العقل، أما إذا كان يسيراً لا يغيب العقل به، فإنه لا يقع الطلاق لأن الطلاق لم يستند إلى ذهاب العقل بالخمر بل إلى ذهابه بالصداع، والصداع مرض طبيعي لا يترتب على غياب العقل به وقوع الطلاق، وإن كان سببه محرماً، ألا ترى أنه إذا شرب حشيشاً وجن جنوناً تاماً فإن طلاقه لا يقع.
المالكية - قالوا: السكر الذي يترتب عليه وقوع الطلاق هو أن يختلط الرجل فيهذي في قوله. كما هو في الصحيح عند الحنفية، فمن سكر ووصل إلى هذا الحد وقع طلاقه، أما السكر الذي لا يفرق به صاحبه بين السماء والأرض ولا يعرف الرجل من المرأة بحيث يكون كالمجنون، فإنه لا يترتب عليه وقوع الطلاق اتفاقاً.
ويشترط في وقوع طلاق السكران أن يتناول شيئاً عالماً بأنه يغيب العقل أو شاكاً فيه، وفي هذه الحالة يكون تناوله حراماً، بلا فرق بين أن يكون خمراً. أو لبناً رائباً. أو غير ذلك أما إذا تحقق أنه غير مسكر أو غلب على ظنه أنه كذلك وشربه فسكر وطلق فإنه طلاقه لا يقع) .
(6) (الحنابلة - قالوا: يقع طلاق المميز الذي يعرف ما الطلاق وما يترتب عليه من تحريم زوجته، ولو كان دون عشر سنين، ويصح أن يوكل غيره بأن يطلق عنه كما يصح للغير أن يوكله في الطلاق) .
(7) (الحنفية - قالوا: طلاق المكره يقع خلافاً للأئمة الثلاثة، فلو أكره شخص آخر على تطليق زوجته بالضرب، أو السجن، أو أخذ المال وقع طلاقه، ثم إن كانت الزوجة مدخولاً بها فلا شيء للزوج، وإلا فإنه يرجع على من أكرهه بنصف المهر، ويشترط أن يكون الإكراه على التلفظ بالطلاق فإذا أكرهه على كتابة الطلاق فكتبه فإنه لا يقه به الطلاق وكذلك إذا أكرهه على الإقرار بالطلاق فأقر فإنه لا يقع، فلو أقر بدون إكراه كاذباً أو هازلاً فإنه لا يقع ديانة بينه وبين ربه، ولكنه يقع قضاء لأن القاضي له الظاهر ولا اطلاع له على ما في قلبه، وهذا بخلاف ما إذا طلقها هازلاً، فإذا كان يمزح مع شخص بطلاق زوجته فإنه يقع قضاء وديانة، والفرق بين الأمرين أنه في الأول أقر بالطلاق كاذباً أو هازلاً، وفي الثاني أنشأ الطلاق هازلاً نعم هو لا يقصد بإنشاء الطلاق ما يترتب على صيغة الطلاق من حل عقدة النكاح لا حقيقة ولا مجازاً، ولكنه قصد إنشاء الطلاق ليمزح به فعومل به.
هذا، والحنفية يقولون: إن هناك أشياء أخرى تصخ مع الإكراه، منها الإيلاء فإذا أكره شخص
آخر على أن يحلف بأن لا يطأ زوجته أربعة أشهر ففعل فإنه يصح، فإذا مضت أربعة أشهر ولم يقربها بانت منه. وإن لم يكن قد دخل بها رجع بنصف المهر على من أكرهه.
ومنها الظهار، فإذا أكرهه على أن يظاهر من زوجته فإنه يقع وعليه الكفارة الآتي بيانها في باب الظهار.
ومنها الرجعة، فإذا أكره الأب ابنه على رجعة زوجته المطلقة فإنه يصح.
ومنها العفو عن القصاص، فلو وجب لشخص على آخر قصاص في نفس أو عضو دونها فأكره على العفو بالتهديد بالضرب أو الحبس فعفا فإن عفوه يصح ولا ضمان على الجاني، ولا على من أكرهه وهذا بخلاف ما إذا أكرهه على أن يبرئه من مال له عليه فأبرأه فإن البراءة تكون باطلة ويبقى له حقه، ومنها أن يكرهه على نذر أو يمين، فإنه يجب عليه أن يبر بها، وإن لم يفعل أثم، سواء كان المحلوف عليه طاعة أو معصية، ومنها أن تكرهه على الرجوع إلى زوجته في الإيلاء، فلو رجع إليها مكرهاً قبل أربعة أشهر صح رجوعه، ولم تبن منه عند انقضاء أربعة أشهر، ومنها الإكراه على الصلح عن دم القتل عمداً فلو كان لشخص دم عند آخر وهدده بالقتل أو الإيذاء إن لم يصطلح معه على مال كذا ففعل، فإنه يصح، ولا يبقى له حق قبل الجاني ومنها إكراه المرأة على أن تدفع مالاً في نظير أن يطلقها زوجها، فإذا قبلت أن تدفع مالاً مكرهة وطلقها وقع طلاقه، ولا شيء له عليها من المال فالذي يصح في هذه الحالة هو الطلاق، أما إذا أكره الرجل على أن يطلق امرأته في نظير مال يأخذه منها فطلقها فإن طلاقها يصح، ويجب عليها أن تدفع المال الذي حددته له، ومنها الإكراه على الإسلام فإنه يصح ويعتبر المكره مسلماً تجري عليه أحكام الإسلام، ومنها الإكراه على الصدقة فإنها تجب عليه كما يجب عليه النذر.
فهذه الأمور تصح مع الإكراه، وقد عدوا أموراً أخرى يترتب عليها أحكام مع الإكراه عليها منها ما إذا أكره امرأة على أن ترضع طفلاً فإنه يترتب على هذا الرضاع حرمة المصاهرة كما لو أرضعته مختارة، ومنها أن يكرهه على الخلوة بامرأة أو إتيانها، فإنه يترتب على ذلك تقرر الصداق لها جميعه، ومنها أن
يكرهه شخص على إتيان جارية فتحمل منه، فإن الولد يلحق به، وإن كان مكرهاً على وطئها، وسيأتي لذلك مزيد في مباحث الإكراه إن شاء الله.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-06-2022, 05:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,047
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب الطلاق]
صـــــ 315 الى صــــــــ
322
الحلقة (207)





مبحث إضافة الطلاق إلى الزمان أو إلى المكان
-إذا أضاف الطلاق إلى الزمان، كما إذا قال: أنت طالق يوم كذا، أو في شهر كذا، أو أضافه إلى المكان، كما إذا قال لها أنت طالق في بلدتك. أو في مصر، فإن طلاقه يلزم على تفصيل المذاهب (1) .

__________
(1) (الحنفية - قالوا: الزمن الذي يضاف إليه الطلاق، تارة يكون مستقبلاً، وتارة يكون حاضراً،وتارة يكون ماضياً، وقد تكون الإضافة إلى زمن واحد، وقد تكون إلى زمنين. فمثال الإضافة إلى الزمان المستقبل أن يقول لزوجته: أنت طالق غداً، وفي هذه الحالة تطلق منه عند حلول أول جزء من الغد، وهو طلوع الصبح، فإذا قال: إنه نوى آخر النهار لا يصدق قضاء ويصدق ديانة، وهذا بخلاف ما إذا قال لها: أنت طالق في الغد، فإنه إذا ادعى انه نوى طلاقها في آخر النهار يصدق قضاء وديانة، وذلك لأن كلمة - في - تفيد طلاقها في جزء من الغد، وهذا يصدق بالجزء الأخير من النهار. ومثال الإضافة إلى زمنين حاضر ومستقبل، أن يقول لها: أنت طالق غداً اليوم بدون عطف، وفي هذه الحالة يعتبر اللفظ الأول ويلغى الثاني، فتطلق في الغد ولو قال لها: أنت طالق اليوم، غداً طلقت منه في نفس اليوم، وإذا قال لها: أنت طالق اليوم وغداً بحرف العطف فإنه يقع به واحدة فقط، وذلك لأن العطف وإن كان يقتضي المغايرة ولكن لما ابتدأ طلاقها باليوم كانت طالقاً منه في الغد، لأن التي تطلق اليوم تطلق غداً، فلا معنى لإيقاع طلاق آخر في الغد، أما إذا عكس فقال: أنت طالق غداً واليوم، فإنها تطلق طلقتين لأنه لا يلزم من تطليقها في الغد تطليقها في اليوم، وكذا إذا قال لها: أنت طالق بالليل والنهار فإنها تطلق واحدة، وذلك لن التي تطلق في الليل تطق في النهار الذي بعده، فإذا قال لها وهو بالليل: أنت طالق بالنهار والليل يلزمه ثنتان لأنه لا يلزم من تطليقها بالنهار تطليقها بالليل الذي قبله، وكذا إذا قال لها: أنت طالق اليوم ورأس الشهر، فإنها تطلق واحدة، لما عرفت من أن طلاقها اليوم منه طلاقها في الوقت الذي بعده.
والحاصل أنه إذا أضاف الطلاق إلى وقتين حاضر، ومستقبل، وبدأ بالحاضر اتحد الطلاق فلا يتعدد، كاليوم والغد، والليل الذي طلق فيه والنهار الذي بعده، أما إذا بدأ بالمستقبل فإنه يلزمه طلاقان لأن طلاقها في المستقبل لا يستلزم طلاقها في الحاضر، على أنه إذا قال لها: أنت طالق اليوم وإذا جاء غد لزمه طلاقان: أحدهما في الحال والثاني عند مجيء الغد، وذلك لأنه لما قال: إذا جاء فقد علق طلاقها على شرط المجيء، وقد عطفه على أنت طالق اليوم، والمعطوف غير المعطوف عليه وبذلك يكون قد أتي بطلاقين: أحدهما منجز، والآخر معلق على مجيء الغد، فلا يمكن أن يكون طلاقاً واحداً، وهو طلاقها في اليوم، لأن الطلاق المنجز لا يصح تعليقه ولا يمكن أن يكون طلاقاً واحداً، لأن المعطوف غير المعطوف عليه، فتعين كونه طلاقين: أحدهما منجز والآخر معلق على مجيء الغد. وإذا قال لها: أنت طالق، لا بل غداً يقع طلاقان أيضاً: أحدهما للحال. والثاني في الغد، لأن قوله: أنت لزمه به الطلاق، ولا يملك إبطاله بقوله: لا وقوله: بل غداً لزمه به الطلاق آخر.
ومثال الإضافة إلى الزمن الماضي أن يقوا لها: أنت طالق أمس، أو أنت طالق قبل أن أتزوجك، وكان قد تزوجها اليوم، وحكم هذا أنه يلغو ولا يعتبر، لأنه أضاف الطلاق إلى زمن لا يملك فيه العصمة، وهذا بخلاف ما إذا قال لها: طلقتك أمس، وكان قد تزوجها بالأمس، أو تزوجها فبل الأمس فإنه يقع طلاقه، لأنه في هذه يكون قد طلقها في وقت يملك فيه عصمتها والإنشاء في الماضي إنشاء في الحال، ولو قال لها: أنت طالق أمس واليوم تعدد الطلاق بناء على القاعدة المتقدمة وهي أنه إذا أضاف الطلاق إلى زمنين، وبدأ بغير الزمن الحاضر تعدد الطلاق وقد يقال: أنهم قد عللوا ذلك بأن إيقاع الطلاق في الزمن المستقبل لا يلزم منه إيقاعه في الزمن الحاضر، فلو قال: أنت طالق غداً واليوم لزمه ثنتان لأنه لا يلزم من تطليقها في الغد تطليقها في اليوم بخلاف عكسه، وهنا لا يتأتى هذا التعليل، فلو قال لها: أنت طالق أمس واليوم فيه أن الواقع أمس واقع اليوم فيكون عكس أنت طالق غداً واليوم فيقع به واحدة، أم عكسه، وهو أنت طالق اليوم وأمس فإنه يقع به ثنتان، لأن إيقاع الطلاق اليوم لا يستلزم إيقاعه بالأمس، على أن الأمس قبل اليوم، فهو بالنسبة له حاضر: والقاعدة الماضية تقتضي أن البدء بالحاضر يستلزم اتحاد الطلاق لا تعدده، فالمثل الذي معناه وهو أنت طالق أمس اليوم قد بدئ فيه بالزمن الحاضر فلا يتعدد الطلاق.
فإن قلتم: إن الطلاق الواقع في اليوم لا يكون واقعاً في الأمس فيلزم طلاقان، طلاق في اليوم وطلاق في الأمس.
قلنا: إنه على هذا التأويل لا يكون فرق بين أنت طالق أمس واليوم، وبين أنت طالق اليوم وأمس لأن كلاً منهما يقال فيه: إن الواقع اليوم غير الواقع بالأمس على أن الإشكال لا يزال باقياً بالنسبة للبدء بالأمس فإنه بدء بالحاضر ومقتضاه عدم تعدد الطلاق فالحق أنه إذا قال لها: أنت طالق أمس واليوم يقع به طلقة واحدة لأن التي تطلق بالأمس تطلق اليوم وإذا قال لها: أنت طالق اليوم والأمس تطلق ثنتان فكأنه قال: أنت طالق واحدة اليوم قبلها واحدة أمس أما القاعدة المذكورة فإنها بالنسبة للحاضر والمستقبل كاليوم والغد فإذا أضاف الطلاق إلى زمن مبهم في الماضي كما
إذا قال لها: أنت طالق قبل أن أخلق أو قبل أن تخلقي، أو طلقتك وأنا صبي فإنه يلغو ولا يقع به شيء. كذا إذا قال لها: طلقتك وأنا نائم، أو طلقتك وأنا مجنون فإنه يلغو ولا يقع به شيء، لأن معناه إنكار طلاقها إذ لا طلاق لهؤلاء. وكذا إذا قال: أنت طالق مع موتي، أو مع موتك فإنه يلغو ولا يقع به شيء، لأنه نسب الطلاق إلى زمن لا تكون المرأة محلاً فيه للطلاق ولا يكون هو أهلاً.
وإذا قال لها: أنت طالق قبل موتي بشهرين، أو أكثر، فإذا مات قبل مضي شهرين من وقت الحلف فإنها لا تطلق، لأنه قد اشترط لوقوع الطلاق مضي شهرين قبل موته، وهو قد مات قبل تحقق الشرط فلا يقع. أما إذا مات بعد مضي شهرين، ففي المسألة خلاف، فأبو حنيفة يقول: إنها تطلق منه، ولكن لا يقتصر الوقوع على الموت، فلا يثبت الطلاق عند الموت فقط، بل الوقوع مستند إلى المدة التي عينها قبل الموت، فالحكم بالطلاق وإن كان عند الموت ولكن مستند إلى أول المدة التي عينها من وقت الحلف فالاستناد في اصطلاح الأصوليين هو ثبوت الحكم في الحال مستنداً إلى ما قبله بشرط بقاء المحل كل المدة.
ونظير ذلك الزكاة في النصاب فإن النصاب تجب فيه الزكاة عند الحول. ولكن الوجوب عند الحول مستند إلى وجوده من أول الحول فثبوت الحكم وهو وجوب الزكاة في النصاب مستند إلى مضي الزمن بحيث لو لم يمض عليه حول فإنه لا يجب فيه الزكاة، أما صاحباه فإنهما يقولان أنها تطلق طلاقاً مقتصراً على وقت الموت بدون استناد إلى الزمن الأول الذي عينه، ثم في وقت الموت لا يكون الرجل أهلاً للطلاق فيلغو، ولا يقع به شيء، والاقتصار مقابل للاستناد. فهو عبارة عن ثبوت الحكم في الحال بدون نظر إلى الزمن الذي قبله. هذا، ولم تظهر لهذا الخلاف ثمرة، نعم قال بعضهم: إن المرأة - على رأي الإمام - لا ترث لأنه قد اعتبر طلاقها من أول المدة، فعند موته يكون قد مضى على طلاقها شهران على الأقل فتكون عدتها قد انقضت، لأنها قد تحيض ثلاث حيض في شهرين، وبذلك يموت عنها بعد انقضاء عدتها، فلا يكون لها الحق في ميراثه، ولكن هذا القول غير سديد، لأن الذي يطلق امرأته بهذه الحالة يكون فاراً بطلاقها من الميراث، سواء طلقها وهو مريض، أو طلقها وهو صحيح، أما الأول فظاهر، لأنه يكون قد طلقها في المرض الذي مات فيه، فلا يسقط ميراثها، وأما الثاني فلأننا إذا فرضنا أن عدتها تبتدئ من أول الوقت الذي عينه بالحلف ثم مات بعد شهرين فإن عدتها لا تنقضي بموته، إذ المعلوم أن عدة امرأة الفار أبعد الأجلين فتعتد عدة الوفاة، وهي أربعة أشهر وعشر، فيبقى لها بعد موته في العدة شهران وعشرة أيام فترثه، على أن الإمام قال: إن عدتها تبتدئ من وقت الموت لا تبتدئ من أول المدة التي عينها بالحلف، لأن سبب العدة، وهو وقوع الطلاق مشكوك فيه، إذ قد يموت قبل انقضاء الشهرين، فلا يقع، والعدة لا تثبت مه الشك في سببها، وبهذا يتضح أنها ترث على كل حال.
وإذا قال لها: أنت طالق كل يوم، فإنه يلزمه طلاق واحد إذا لم تكن له نية، أما إذا نوى تطليقها كل يوم طلقة، فإنها تطلق منه ثلاث طلقات في ثلاثة أيام، وهذا بخلاف ما إذا قال لها: أنت طالق في كل يوم، فإنه يلزمه ثلاث طلقات في ثلاثة أيام، وهذا بخلاف ما إذا قال لها: أنت طالق في كل يوم، فإنه يلزمه ثلاث طلقات في ثلاثة أيام نوى أو لم ينو، والفرق أن قوله: أنت طالق كل يوم بدون نية معناه أن كل يوم يتصف فيه طلاقها بالوقوع، فكأنه قال: طلاقك واقع في هذا اليوم وفي اليوم الذي بعده، وهكذا، ووصف الطلاق بالوقوع كل يوم لا يلزم منه تعدده كل يوم، فإذا نوى تعدده كل يوم صحت نيته، أما قوله: أنت طالق في كل يوم فمعناه أن كل يوم ظرف لوقوع الطلاق، فكأنه قال: في كل يوم وقوع الطلاق فيتعدد الوقوع كل يوم.
وإذا قال لها: أنت طالق كل جمعة، ولم ينو شيئاً لزمه طلاق واحد، وكذا إذا نوى بالجمعة الأسبوع كله فإنها لا تلزمه إلا واحدة، أما إذا نوى يوم الجمعة بخصوصه فإنه يلزمه ثلاث طلقات بمضي ثلاث جمع لوجود الفاصل بين أيام الجمع التي أرادها فتطلق منه في أول جمعة ثم يقع الفصل بينها وبين الجمعة التي تليها بالسبت والأحد الخ، ومتى وجد الفاصل تعدد الطلاق، فإذا قال لها: أنت طالق في كل جمعة لزمه الثلاث في ثلاث جمع وإن لم ينو، كما تقدم في قوله: أنت طالق في كل يوم، وإذا قال لها: أنت طالق كل شهر طلقت واحدة وإن لم ينو طلاقها في كل شهر، فإن نوى لزمه ثلاث في ثلاثة أشهر، أما إذا قال لها: أنت طالق في كل شهر فإنه يلزمه الثلاث وإن لم ينو. وإذا قال لها: أنت طالق رأس كل شهر لزمه ثلاث عند أول كل شهر طلقة وإن لم ينو، وذلك لأن رأس الشهر أوله، وقد عينه باللفظ الدال عليه، وهو - رأس - فبين رأس الشهر الأول ورأس الشهر الثاني الفاصل بالأيام التي تليه، ومتى وجد الفاصل تعدد الطلاق، كما عرفت، وهذا بخلاف قوله: أنت طالق كل شهر، فإن الشهر متصل واحد، ومعناه أن الطلاق متصف بالوقوع كل شهر، وهو كذلك ما لم ينو، كما تقدم في اليوم.
هذا إذا أضاف الطلاق إلى الزمان، أما إذا أضافه إلى المكان، كما إذا قال لها: أنت طالق في مصر أو في مكة، أو في بلدك، أو في الدار، أو في الظل، أو الشمس، فإنه تطلق في الحال فإذا قال: أردت التعليق، أعني إذا دخلت مصر، أو مكة، فإنه لا يصدق قضاء، ويصح ديانة بينه وبين الله.
أما تعليق الطلاق على الزمان الماضي، أو المستقبل إن كان ممكناً، أو واجباً، أو مستحيلاً عقلاً، أو شرعاً، أو عادة، فاقرأ حكمه مفصلاً في الجزء الثاني.
المالكية - قالوا: إذا أضاف الطلاق إلى الزمان فإن ذلك يكون على وجوه:
أحدها: أن يضيفه إلى الزمان الماضي، كما إذا قال لها: أنت طالق أمس، ونوى بذلك إنشاء طلاقها، وفي هذه الحالة تطلق منه في الحال، وإذا ادعى أنه قال ذلك هازلاً، وهو يريد الإخبار بطلاقها كذباً لا يصدق قضاء، ولكن يصدق عند المفتي، فله أن يفتيه بعدم الوقوع بينه وبين الله. وإذا أضافه إلى وقت موته، أو موتها، كما إذا قال لها: أنت طالق يوم موتي، أو يوم موتك، فإنها تطلق منه في الحال، وذلك لأنه أضاف الطلاق إلى أمر محقق الوقوع، وهو حصول الموت له أو لها، فإن لم تطلق منه الآن كانت حلالاً له مدة معينة، ومدة حياتها، فيكون ذلك شبيهاً بنكاح المتعة المحدد له زمن معين، وهو باطل، ومن باب أولى أن يقول لها: أنت طالق قبل موتي سواء قدر زمناً أو لا، فإنها تطلق منه حالاً، ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق بعد سنة، أو بعد شهر، أو بعد جمعة، فإنها تطلق منه حالاً للعلة المذكورة، أما إذا قال لها: أنت طالق بعد موتي، أو بعد موتها فإنها لا تطلق بذلك، ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق إن مت، أو إذا مت، أو متى مت، أو إن مت أنت الخ، فإنه لا شيء عليه، وهذا بخلاف ما إذا قال: أنت طالق بعد موت زيد، أو إن مات زيد، أو يوم موته، أو بعد موته فإنها في هذه الحالة تطلق عليه حالاً، وإذا قال لها: طلقتك وأنا صبي، أو وأنا مجنون وكانت زوجة له وهو متصف بذلك، فإنه لا يقع عليه شيء، وإذا علق الطلاق على فعل ماضي يستحيل وجوده عقلاً، أو عادة، أو شرعاً، فإن طلاقه يقع على الفور، كما إذا قال: الطلاق يلزمني، لو جاء زيد أمس لجمعت بين وجوده وعدمه، فالجمع بين الوجود والعدم مستحيل عقلاً، وهو وإن كان قد امتنع لامتناع مجيء زيد، وامتناعه ليس مستحيلاً، بل واجباً، ولكن الطلاق بحسب الظاهر مرتبط بالجمع بين الوجود والعدم، فلذا وقع منجزاً، وكذا إذا علقه
على فعل مستحيل عادة، كما إذا قال: يلزمني الطلاق لو جاء زيد أمس لوضعته في سماء الدنيا، فإن ذلك مستحيل عادة، فيقع طلاقه فوراً، وكذا إذا علقه على فعل واجب شرعاً، كقوله: لو جاء زيد أمس لقضيته دينه، فإنه في كل ذلك يقع فوراً، وإذا عليقه على فعل جائز شرعاً، كقوله يلزمني الطلاق لو جئتني أمس لتعشيت معك، أو لأطعمتك فاكهة، ففيه خلاف، بعضهم يرى وقوع الطلاق فوراً بهذا، وهو ضعيف. والمعتمد أنه لا يقع به شيء إن كان جازماً بالفعل، بحيث أنه حلف وهو جازم بأنه لو جاءه حقيقة لأطعمه، أما إن كان كاذباً فيما يقول: فإن طلاقه يقع.
وإذا علقه على فعل ماض واجب فإنه لا يحنث، سواء كان واجباً عقلاً، أو شرعاً، أو عادة، فمثال الأول أن يقول: عليه الطلاق لو جاءه أمس لم يجمع بين وجوده وعدمه، ومثال الثاني أن يقول: لو كنت غير نائم أمس لصليت الظهر، ومثال الثالث أن يقول: لو رأيت أسداً أمس لفررت منه فإن الفرار من الأسد واجب عادة. وإذا علق على فعل مستقبل ممتنع عقلاً، أو عادة، أو شرعاً فإنه لا يحنث، مثال الأول أن يقول لها: أنت طالق إن جمعت بين الضدين، ومثال الثاني أن يقول لها أنت طالق إن لمست السماء ومثال الثالث أن يقول لها: إن زنيت فأنت طالق، لأنه علق الطلاق على الزنا في المستقبل، وهو ممتنع شرعاً، وهذا بخلاف ما إذا قال لها إن لم أجمع بين الضدين فأنت طالق، أو إن لم ألمس السماء فأنت طالق، أو إن لم تزن فأنت طالق، فإن الطلاق يقع منجزاً في الحال ويقع للصيغة الأولى: صيغة بر، وللثانية صيغة حنث.
هذا وقد تقدم ما يوضح ذلك في كتاب الإيمان. أول الجزء الثاني.
الشافعية - قالوا: إذا أضاف الطلاق إلى الزمان المستقبل فإنه يقع عند أول جزء من ذلك الزمان. فإذا كان في شهر شعبان مثلاً. وقال: أنت طالق في شهر رمضان طلقت منه في أول جزء من ليلة أول يوم في رمضان. فإذا كان أول رمضان يوم الخميس تطلق بغروب شمس يوم الأربعاء الذي قبله. ولو رأى الهلال قبل غروب الشمس، ومثل ما إذا قال لها: أنت طالق في غرته أو أوله، أو رأسه. أما إذا قال لها: أنت طالق في نهار شهر شعبان، أو في أول يوم منه فإنه تطلق في فجر أول يوم منه، وإذا قال لها: أنت طالق في آخره تطلق في آخر جزء من أيامه.
هذا إذا كان في شهر شعبان، فإن قال لها: أنت طالق في رمضان بعد أن مضى خمسة أيام من رمضان مثلاً، فإنها تطلق في أول جزء من رمضان في السنة الآتية، وبعضهم يقول: بل تطلق منه في الحال، وهذا بخلاف ما إذا قال لها: أنت طالق شهر رمضان، أو شعبان، فإنه يقع حالاً، سواء كان في الشهر الذي عينه أو لا، وإذا قال لها، وهو في الليل: أنت طالق إذا مضى يوم تطلق بغروب شمس الغد، وإذا قال لها ذلك، وهو في النهار تطلق بغروب شمس اليوم التالي، أما إذا قال لها: إذا مضى اليوم فأنت طالق، وكان في أول اليوم نهاراً، فإنها تطلق بغروب شمس ذلك اليوم، أما إذا قال لها: أنت طالق بمضي ذلك اليوم، وهو في الليل، فإنه يكون لغواً، ولا يقع به شيء، لأنه لم يكن في اليوم، بل كان في الليل، فلا معنى لقوله: أنت طالق اليوم، وهذا بخلاف ما لو قال لها: أنت طالق اليوم، فإنه يقع حالاً، سواء كان في الليل، أو في النهار. وذلك لأنه أوقع الطلاق في الوقت الذي هو فيه، وتسميته نهاراً وهو في الليل لا تؤثر في ذلك.
وإذا قال لها: أنت طالق بمضي شهر، أو سنة تطلق إذا مضى شهر كامل وسنة كاملة غير الشهر الذي هو فيه، وغير السنة التي هو فيها، أما إذا قال لها: أنت طالق إذا مضى الشهر أو السنة فإنه يقع في أول الشهر الذي يليه وفي أول السنة التي تلي السنة التي هو فيها، فيقع في أول يوم من المحرم.
أما إذا أضاف الطلاق إلى الزمن الماضي، كما إذا قال لها: أنت طالق أمس أو الشهر الماضي، فإنه يقع حالاً، سواء قصد إيقاعه حالاً، أو قصد إيقاعه أمس، أو لم يقصد شيئاً.
هذا، وقد عرفت مما تقدم في مباحث الإيمان - في الجزء الثاني - أن المحلوف عليه إن كان واجباً عقلاً، أو عادة، كقوله: عليه الطلاق ليموتن، أو لا يصعد إلى السماء، فإنه لا ينعقد ويكون لغواً، وإن كان ممكناً عقلاً، وعادة فإنه ينعقد، كما إذا قال: عليه الطلاق ليدخلن هذه الدار، أو لا يدخلها، فإن دخولها وعدم دخولها ممكن عقلاً وعادة، وكذا ينعقد إذا كان مستحيلاً عادة، كقوله: عليه الطلاق ليصعدن إلى السماء، أو ليحملن الجبل ويقع الطلاق في الحال زجراً لصاحبه الخ ما هو مفصل هناك. فارجع إليه.
الحنابلة - قالوا: إذا أضاف الطلاق إلى الزمن الماضي، فقال لها أنت طالق أمس، أو أنت طالق قبل أن أتزوجك، فإنه إذا نوى به الطلاق في الحال وقع الطلاق في الحال، فإن لم ينو وقوعه في الحال بأن أطلق ولم ينو شيئاً. أو نوى إيقاعه في الماضي لم يقع الطلاق وذلك لأن الطلاق رفع لحل الاستمتاع، وهو لا يملك رفع الحل في الزمن الماضي، لأنه وجد بالفعل وانقضى، فلا معنى لرفعه، وإن كانت متزوجة بزوج قبله وطلقها، فقال: إنه أراد الإخبار عن طلاق زوجها الأول فكأنه قال: أنت طالق من زوجك الأول، فإنه يقبل قوله، ومثل ذلك ما إذا كان قد تزوجها هو ثم طلقها ثم تزوجها ثانياً وقال: إنه أراد الإخبار عن الطلاق الأول، فإنه يقبل منه، إلا إذا وجدت قرينة تمنع إرادة ذلك، كما إذا كانا في حالة غضب أو سألته الطلاق فإنه في هذه الحالة لا يصدق في قوله.
وإذا قال لها: أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم زيد قبل انقضاء الشهر فإنها لا تطلق بل لا بد في طلاقها من انقضاء الشهر قبل قدومه، حتى لو قدم مع بقاء آخر جزء من الشهر لا تطلق، ومن حلف على زوجته بمثل هذا اليمين فإنه يجب عليه أن لا يقربها بعد ذلك، فإذا فعل حرم عليه إذا كان الطلاق بائناً، وللزوجة النفقة حتى يتبين وقوع الطلاق، فإن قدم بعد انقضاء شهر وجزء يسع وقوع الطلاق فإنه يقع الطلاق في ذلك الجزء، ويتبين أيضاً أن وطأه إياها في أثناء هذا الشهر حرام، ويلزمه به مهر مثلها بما نال من فرجها إن كان الطلاق بائناً، فإن كان رجعياً فلا يكون محرماً وتحصل به رجعتها.
وإذا أضاف الطلاق إلى الزمن المستقبل وقال لها: أنت طالق غداً فإنها تطلق عند طلوع فجر الغد ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق يوم السبت، أو أنت طالق في رجب فإنها تطلق في أول جزء منه، وله في هذه الحالة أن يطأ زوجته قبل حلول وقت الطلاق، وإذا قال أردت آخر لغد أو آخر رجب، فإنه لا يسمع قوله لا ديانة ولا قضاء.
وإذا قال لها: أنت طالق اليوم طلقت في الحال، ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق في هذا الشهر الذي هو فيه فإنها تطلق حالاً، فإذا قال إنه أراد آخر الوقت، فإنه يصدق ديانة وحكماً.
وإذا قال: أنت طالق في أول رمضان أو رأسه طلقت في أول جزء منه، ولا يصدق في قوله: إنه أراد وسطه، أو آخره. أما إذا قال: في غرة رمضان، إنه أراد اليوم الأول، أو الثاني، أو الثالث فإنه يصدق، لأن الثلاثة الأول من الشهر تسمى غرراً، وإن قال: بانقضاء رمضان، أو بآخره، أو في انسلاخه طلقت في آخر جزء منه، وإن قال: أنت طالق اليوم، أو غداً طلقت في الحال، وإن قال: أنت طالق غداً، أو بعد غد طلقت في الغد، لأنه هو السائل، وإذا قال لها: أنت طالق اليوم وغداً وبعد غد طلقت واحدة بأنت طالق اليوم، لأن التي تطلق اليوم تطلق غداً، وبعد غد، بخلاف ما إذا قال: أنت طالق في اليوم، وفي غد، وبعد غد، فإنها تطلق ثلاثاً، وذلك لأنه في الصورة الأولى لم يكرر لفظ - في -، أما في الصورة الثانية فقد كررها وتكرارها دليل على أنه يريد تكرار الطلاق وإذا قال لها: أنت طالق كل يوم لزمه طلاق واحد، بخلاف ما إذا قال: أنت طالق في كل يوم، فإنه يلزمه ثلاث طلقات في ثلاثة أيام لتكرار في. وإذا قال لها: أنت طالق قبل موتي أو موتك بشهر، فإنه إن مات أحدهما قبل مضي الشهر لم تطلق، وإذا مات بعد الحلف بشهر وساعة يمكن فيها إيقاع الطلاق وقع الطلاق، ولا ترث المرأة في هذه الحالة إن طلاقها بائناً، لأنه لا يتصور في هذا اليمين الفرار من الميراث، إلا أن يكون الطلاق رجعياً فإنه لا يمنع التوارث ما دامت في العدة.
وإذا قال لها: أنت طالق قبل موتي، أو موتك، أو موت زيد، ولم يقيد بزمن فإنها تطلق في الحال، وإن قال: قبيل موتي يقع الطلاق في آخر وقت من حياته، أي في الزمن الذي وقع بعده موته مباشرة، وإذا قال: أنت طالق بعد موتي، أو مع موتي لم تطلق لأنها لا تكون محلاً للطلاق في هذه الحالة.
وإذا علق طلاقها على فعل مستحيل عقلاً، أو عادة. كقوله: إن جمعت بين الضدين فأنت طالق أو إن طرت إلى السماء فأنت طالق أو إن شربت ماء فأنت طالق لا يقع بذلك شيء بخلاف ما إذا علق الطلاق على عدم الفعل المستحيل، كقوله: هي طالق إن لم أشرب ماء هذا الكوز ولا ماء فيه، فإنها تطلق في الحال، أو إن لم أصعد إلى السماء، أو إن لم أجمع بين الضدين، وقد تقدم مزيد لذلك في الأيمان في الجزء الثاني، فارجع إليه) .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 144.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 142.06 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]