|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الحديث الثالث والثلاثون عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدعوَاهُمْ لادَّعَى رِجَالٌ أَمْوَال قَومٍ وَدِمَاءهُمْ، وَلَكِنِ البَينَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمينُ عَلَى مَن أَنكَر"(1) حديث حسن رواه البيهقي هكذا بعضه في الصحيحين الشرح: الحديث حديث عظيم أصل من أصول طرق الحكم وأصل في باب القضاء ، ومرجع للحكام ، وهو قاعدة عظيمة في القضاء وينتفع بها المصلح بين اثنين . لَو: في علم العربية: (لو) حرف امتناع لوجود. يُعطَى" المعطي هو من له حق الإعطاء كالقاضي مثلاً والمصلح بين الناس. "بِدَعوَاهُم" الدعوى بألف مقصورة، والدعوة بالتاء، والفرق بينهما: أن الدعوى المقصورة هي الادعاء والتقاضي، والدعوة بالتاء: هي الدعوة إلى الوليمة ونحوها.الدعوى تجمع على دعاوى، والدعوة للطعام تجمع على دعوات."بِدَعوَاهُم" أي بادعائهم الشيء،سواء كان إثباتاً أو نفياً. مثال الإثبات:أن يقول: أنا أطلب فلاناً ألف دينار. ومثال النفي:أن ينكر ما يجب عليه لفلان، مثل أن يكون في ذمته ألف دينار لفلان،ثم يدعي أنه قضاها، أو ينكر أن يكون له عليه شيء. "لادعى" هذا جواب "لَو" لادعَى رِجَال" لا ادعى رجال خصوا بالذكر لأن ذلك من شأنهم غالباوالمراد بهم الذين لا يخافون الله تعالى، لأن كل إنسان لا يخاف الله عزّ وجل لا يهمه أن يدعي الأموال والدماء وأما من خاف الله تعالى فلن يدعي ماليس له من مال أو دم. "أَموَال قَوم" أي بأن يقول هذا لي، هذا وجه. ووجه آخر أن يقول: في ذمة هذا الرجل لي كذا وكذا ، فيدعي ديناً أو عيناً. لأن كل إنسان غرس فيه حب المال ومتع الدنيا وما يستفاد منه فيها، فتجده من باب الأثرة والاستئثار بالشيء دون الغير قد يكذب في دعواه، قد يكذب فيقول: هذا المتاع لي، وهذه الدراهم لي، وهذه الأرض لي، فلو كل من قال: هذا لي يعطى لتطاول الناس على أملاك الغير وادعوها. "وَ دِمَاءهُم" بأن يقول: هذا قتل أبي، هذا قتل أخي وما أشبه ذلك، أو يقول: هذا جرحني، فإن هذا نوع من الدماء ،لكن القاعدة الشرعية: (البينة على المدعي، واليمين على من أنكر). "وَلَكِنِ البَينَةُ" البينة مأخوذة من البيان، والبينة كل ما يبين الحق ويفصله عن الباطل، وليست قاصرةً على الشهود أو الإقرار فقط، فقد تكون قرينة من القرائن أقوى من مائة شاهد، وقد يتواطأ الشهود على شهادة الزور، وقد يقر الإنسان إقراراً غير واقع، البينة: ما يبين به الحق، وتكون في إثبات الدعوى "عَلَى المُدَعي" الذي يدعي نقول له هات البينة، الدعوة لا تقبل إلا ببينة(هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ) سورة البقرة111،فإذا لم يجد بينة، وبينة مقبولة شرعاً لها شروط، والأصل فيها الشهادة(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ)(البقرة: الآية282هذه هي البينة ، وإلا لاتقبل الدعوى. وَاليَمين" أي دفع الدعوى "عَلَى مَنْ أَنكَر فهنا مدعٍ ومدعىً عليه، والتعريف العلمي للمدعي هو: من ادعى شيئاً على خلاف الأصل والمدعي : عليه البينة، إذا سكت ترك مع السلامة، والمدعى عليه هو: من كان معه البراءة الأصلية.عليه اليمين ليدفع الدعوى.وإذا سكت لم يترك ، بل يطالب ويطارد، بمعنى أن المدعي صاحب الحق لو أنه لم يطالب فإنه لا يقال له: لا بد من أن تطالب، بل له أن يطالب وله أن لا يطالب، فإذا سكت ترك.لكن المدعى عليه إذا سكت لا يترك، بل المدعي يلاحقه ويطالبه، فسكوته -أي: المدعى عليه- لا يحصل تركه به، وإنما الذي إذا سكت ترك هو المدعي، فليس لأحد أن يلزمه ويقول: لا بد من أن تخاصم، ولا بد من أن تدعي على فلان بكذا وكذا. فهو إن طالب أقام الدعوى وطلب منه الشهود، وإن لم يطالب فإنه يترك، لكن المدعى عليه لا يترك لو سكت لأنه مدعى عليه، فيطلب منه الحق إن أقر، وإن لم يقر وحصل الشهود فإنه يلزم بدفع الحق، وإن لم يكن هناك شهود فإنه يطلب منه اليمين، مثلاً: لو ادعى رجل على آخر ألف دينار، فذمة هذا الشخص غير مرتبطة بشيء، ومعها البراءة من هذه الدعوى.وهذا الذي يدعي الألف يدعي خلاف الأصل، لأن الأصل عدم شغل الذمة بحق الآخرين، فحينئذ لو أن القاضي قال لهذا: هات البينة! وقال: ما عندي، ثم قال له: احلف! فسيحلف، لأنه ما جاء يدعي إلا وهو مستعد لأن يأكل، فجانب المدعي دائماً أضعف من جانب المدعى عليه، كما يقولون: المدعى عليه بريء حتى تثبت إدانته. قد يقول المدعي: ما عندي بينة، جاءني منتصف الليل، وقال: أنا ظروفي الآن قاسية، أعطني ألف دينار فقال: نكتب سنداً، فقال له: ليل وما عندنا كاتب، فقال له: الله وكيلنا، خذ الألف واذهب، ومن الغد جاء وقال له: ليس بيننا شهود ولا كتابة، فاذهب اشتكي أينما تريد!فحينما يعجز هذا عن البينة، نقول لهذا المدعى عليه: يمين الله.المدعي جانبه ضعيف لأنه يدعي شيئاً ليس بيده، والمدعى عليه جانبه قوي لأنه يدعى عليه شيء أنه ليس له وهو بيده وفي حزته وفي ملكه وفي قبضته، فاشترط لصاحب الجانب الضعيف البينة التي هي أقوى، وطلب من المدعى عليه صاحب الجانب القوي ما لا يطلب من المدعى ، فجانب المدعي ضعيف يحتاج إلى من يدعمه بشهادة غيره، وجانب المدعى عليه هو الأقوى فاكتفي بيمينه. وَاليَمين عَلَى مَنْ أَنكَر" أي من أنكر دعوى المدعي. لأن الأصل أن من أنكر أن الذي بيده له، فيكتفى بيمينه، يقبل قوله لكن بيمينه، لتكون هذه اليمين في مقابل الدعوة، هناك احتمال أن يكون المدعي صادق في دعواه لكن ليست لديه بينة، فجعل في مقابل هذا الاحتمال اليمين، ولا يضيره أن يحلف ولا ينقصه أن يحلف إذا كان صادقاً . صيغة اليمين كما جاء في الأثر: (أن يقسم: والله! الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة). فالدعوى إذا أقيمت على المدعى عليه إن اعترف فحينئذٍ لا يحتاج إلى شهود أو يمين، لأن المدعى عليه اعترف وأقر، فإذا حصل منه الإقرار فإن الحق ثابت عليه بإقراره، وإن أنكر ولم يقر، طُلب من المدعي البينة. والبينة هي أي شيء يبين الحق ويوضحه ويدل عليه من شهود أو قرائن أو غير ذلك. القاضي يطالب المدعي بالبينة، فإن أتى المدعي بالبينة حكم على المدعى عليه وألزم بدفع المدعى بناء على البينة التي أقامها المدعي ،وإذا لم يستطع إقامة البينة ولم يحصل الإقرار من المدعى عليه فعند ذلك يطلب من المدعى عليه اليمين ، يطلب من المدعى عليه أن يحلف، فإن حلف برئت ساحته من الدعوى أمام القضاء، فلا يطالب بعدها بشيء. وإن لم يحلف ونكل عن اليمين حكم عليه وألزم بدفع المدعى عليه لأنه ما دافع عن نفسه باليمين، بل امتنع من اليمين ،قضي عليه وألزم وعليه أن يقوم بدفعه . كما أن البينة تكون مطلوبة في أمور الدنيا فإنها مطلوبة في أمور الدين، وذلك أن من يدعي محبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام لا تقبل دعواه دون أن يقيم البينة، والبينة هي اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن ادعى محبة الله ورسوله فالبينة التي تدل على صدقه أن يكون متابعاً للرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يكون سائراً على نهج الرسول عليه الصلاة والسلام، هذه هي البينة، ليس كل من يدعي أنه محب للرسول صلى الله عليه وسلم يكون صادقاً في ذلك؛ لأن من الناس من يدعي محبته صلى الله عليه وسلم، وعلامتها عنده ارتكاب أمور مبتدعة، أو أمور محرمة يعصي الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، فهذه ليست علامة المحبة.يحتفل بميلاده صلى الله عليه وسلم ويقول: أنا أحبه. وهذه ليست علامة المحبة، فالمحبة هي الاتباع، قال الله عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31] وهذه الآية يسميها بعض العلماء: آية الامتحان والاختبار، وهي أن من يدعي محبة الله ورسوله عليه أن يقيم البينة، والبينة هي الاتباع قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31] فالبينة والعلامة على محبته للرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون متبعاً له، سائراً على نهجه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه . وفي المعنى أحاديث كثيرة ففي الصحيحين عن الأشعث بن قيس قال كان بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهداك أو يمينه قلت إذا يحلف ولا يبالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين يستحق بها ما لا هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان فأنزل الله تصديق ذلك ثم قرأ هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) آل عمران. من فوائد هذا الحديث: 1- أن الدعوى تكون في الدماء والأموال، لقوله "أَموَال قَوم وَدِمَاءهُم" ، وتكون في الأموال الأعيان، وفي الأموال المنافع،كأن يدعي أن هذا أجره بيته لمدة سنة فهذه منافع، وتكون أيضاً في الحقوق كأن يدعي الرجل أن زوجته لا تقوم بحقه أو بالعكس، فالدعوى بابها واسع، لكن هذا الضابط، وذكر المال والدم على سبيل المثال، وإلا قد يدعي حقوقاً أخرى. 2- أن الشريعة جاءت لحماية أموال الناس ودمائهم عن التلاعب. والأصل براءة ذمة المعصوم ،فدم المعصوم وماله لا يُستحل ولا يُستحق بمجرد الدعوى، وكل دعوى لا دليل عليها لا تقبل إلا ببينة وأن البينة على المدعي. 3-البينة عامة في كل ما يبين الحق من شهود وقرائن، ومنها: الشهادة ، قال الله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ)(البقرة: الآية282 ومن البينة : ظاهر الحال فإنها بينة، مثال ذلك: رجل ليس عليه عمامة يلحق رجلاً عليه عمامة وبيده عمامة ويقول:يا فلان أعطني عمامتي. فالرجل الذي ليس عليه عمامة معه ظاهر الحال، لأن الملحوق عليه عمامة وبيده عمامة ولم تَجرِ العادة بأن الإنسان يحمل عمامة وعلى رأسه عمامة. فالآن شاهد الحال للمدعي، فهو أقوى، فنقول في هذه الحال: الذي ادعى أن العمامة التي في يد الهارب له هو الذي معه ظاهر الحال، لكن لا مانع من أن نحلفه بأنها عمامته.فإذاً القرائن بينة، وعليه فالبينات لا تختص بالشهود. ومن العمل بالقرائن قصة سليمان عليه السلام، فإن سليمان عليه السلام مرت به امرأتان معهما ولد، وكانت المرأتان قد خرجتا إلى البر فأكل الذئب ولد الكبرى، واحتكمتا إلى داود عليه السلام، فقضى داود عليه السلام بأن الولد للكبيرة اجتهاداً منه، لأن الكبيرة قد تكون انتهت ولادتها والصغيرة في مستقبل العمر.فخرجتا من عند داود عليه السلام وكأنهما - والله أعلم - في نزاع، فسألهما سليمان عليه السلام فأخبرتاه بالخبر، فدعا بالسكين وقال: سأشق الولد نصفين، أما الكبيرة فوافقت، وأما الصغيرة فقالت: الولد ولدها يا نبي الله، فقضى به للصغيرة(2) لأن هنا بينة وهي القرينة الظاهرة التي تدل على أن الولد للصغيرة لأنها أدركتها الشفقة وقالت: كونه مع كبيرة ويبقى في الحياة أحب إلي من فقده الحياة، والكبيرة لا يهمها هذا، لأن ولدها قد أكله الذئب. كذلك قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز لما قال الحاكم: (إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ*وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ*فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (يوسف:26-28) ومن ذلك أيضاً :امرأة ادعت على زوجها أن له سنة كاملة لم ينفق، والرجل يُشاهد هو يأتي للبيت بالخبز والطعام وكل ما يحتاجه البيت،وليس في البيت إلا هو وامرأته،وقال هو:إنه ينفق فالظاهر مع الزوج، فلا نقبل قولها وإن كان الأصل عدم الإنفاق لكن هنا ظاهر قوي وهو مشاهدة الرجل يدخل على بيته بالأكل والشرب وغيرهما من متطلبات البيت. 4- لو أنكر المنكر وقال لا أَحلف فإنه يقضي عليه بالنكول،ووجه ذلك أنه إذا أبى أن يحلف فقد امتنع مما يجب عليه،فيحكم عليه بالنكول،والله أعلم. النكول في المصطلح الشرعي هو امتناع من وجبت عليه أو له يمينوجاء في فتوحات الوهاب من كتب الشافعية: النكول الامتناع من الحلف عن اليمين المطلوبة منه شرعاً، أي التي جعلها الشارع في جانبه بحيث يخلص بها من الدعوى أو المراد المطلوب بطلب القاضي لأنه لا يُعد ناكلاً إلا بعد طلب القاضي لحلف. 5-براءة المدَّعى عليه بيمينه إذا لم تكن للمدعي بينة . (1)أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، ج10/ص252، (20990). وفي البخاري بمعناه – كتاب: التفسير، باب: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً)، (4552). ومسلم – كتاب: الأقضية، باب: اليمين على المدعى عليه، (1711)،(1). (2)أخرجه البخاري – كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب)، (3427). ومسلم – كتاب: الأقضية، باب: بيان اختلاف المجتهدين، (1720)،(20) |
#2
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك
__________________
.ربـعاوؤيّےـة
أأرهـأأبيـيےــة وأفـتُـخٌےـر |
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |