مكانة إطعام الطعام في الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         عون المعبود شرح سنن أبي داود- الشيخ/ سعيد السواح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 732 - عددالزوار : 95419 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 449 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 381 - عددالزوار : 83297 )           »          إنها صلاة الضحى… صلاة الأوّابين. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          فضائل وآداب يوم الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          عيادة المريض: عبادة ورحمة وطريق إلى الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          لماذا لا نتغير بالقرآن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الغزو الفكري دسائس اليهود والنصارى ضد المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أمَّتَه من الفتن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          في ضرورة الهداية والسداد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > استراحة الشفاء , قسم الأنشطة الرياضية والترفيه > استراحة الشفاء , وملتقى الإخاء والترحيب والمناسبات
التسجيل التعليمـــات التقويم

استراحة الشفاء , وملتقى الإخاء والترحيب والمناسبات هنا نلتقي بالأعضاء الجدد ونرحب بهم , وهنا يتواصل الأعضاء مع بعضهم لمعرفة أخبارهم وتقديم التهاني أو المواساة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم يوم أمس, 11:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,618
الدولة : Egypt
افتراضي مكانة إطعام الطعام في الإسلام

مكانة إطعام الطعام في الإسلام

أشرف شعبان أبو أحمد
يرى الإسلام أن إطعام الطعام صنيع محبَّبٌ، فعندما ((سأل رجلٌ النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((تُطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرَفت ومن لم تعرف))؛ [متفق عليه]، وللعسقلاني في شرح هذا الحديث لفتة؛ حيث يقول: "لم يقل عليه الصلاة والسلام: (توكيل الطعام)؛ لأن لفظ الإطعام يشمل الأكل والشرب والذواق، والضيافة والإعطاء، وغير ذلك"[1].

بل يرى الإسلام أن إطعام الطعام من موجبات المغفرة واستحقاق نَيل نعيم الجنة؛ روى المقدام بن شريح عن أبيه عن جده قال: قلتُ: يا رسول الله، دُلَّني على عمل يدخلني الجنة، قال عليه الصلاة والسلام: ((إن موجبات المغفرة بذلُ الطعام، وإفشاء السلام، وحُسنُ الكلام))[2]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((أيما مؤمنٍ أطعم مؤمنًا على جوعٍ، أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة، وأيما مؤمن سقى مؤمنًا على ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن كسا مؤمنًا على عُريٍ، كساه الله من حُلَلِ الجنة))[3].

وقد اعتبر عبدالله بن المبارك إطعامَ صبيَّين جائعين أفضلَ من التقرب إلى الله بحجَّة هو ومن معه، فقد أعطاهم ما كان يدخِّره لنفقات الحج، ثم قفل عائدًا إلى بلده وقال: "هذا أفضل مما قصدناه"، فقد رأى أن صيانة طفلين من الجوع والعُري والتشرد أفضلُ من التنفل بالطواف بالبيت، والصلاة بالمسجد الحرام، والوقوف بعرفات.

وقد جاءت آيات القرآن الكريم تُنذر بالويل، وتُهدد بالعذاب في الدنيا والآخرة كلَّ من لا يطعم المسكين، أو يقسو على الفقير والمحروم؛ ففي سورة المدثر - وهي من أوائل ما نزل - يعرض لنا القرآن مشهدًا من مشاهد الآخرة، مشهد أصحاب اليمين من المؤمنين في جناتهم، يتساءلون عن المجرمين من الكفار والمكذبين، وقد أطبقت عليهم النار، فيسألونهم عما نزل بهم من العذاب، فكان من أسبابه ومن موجباته حسب إقرارهم إضاعةُ حق المسكين، وتركه لأنياب الجوع والعري تنهشه، وهم عنه معرضون؛ في ذلك يقول تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ﴾ [المدثر: 38 - 44].

ولم يكتفِ القرآن بالدعوة إلى إطعام المسكين ورعايته، والتحذير من إهماله وإضاعته، بل زاد على ذلك فجعل في عُنُقِ كلِّ مؤمن حقًّا للمسكين أن يحضَّ غيره على إطعامه والقيام بحقه، وجعل ترك هذا الحق قرينًا للكفر بالله العظيم، وموجِبًا لسخطه وعذابه في الآخرة في نار جهنم؛ فيقول تعالى في شأن أصحاب الشمال في سورة الحاقة: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾ [الحاقة: 25 - 29]، ثم يقضي فيه أحكم الحاكمين قضاءه العادل بالعذاب الذي يستحقه: ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ﴾ [الحاقة: 30 - 32]، ثم يذكر أسباب هذا الحكم الصارم فيقول: ﴿ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الحاقة: 33، 34]، أي: لا يحث غيره من أعضاء المجتمع على إطعام المسكين، وإشباع حاجاته.

وقد جعل الله تعالى من علامات التكذيب بالدين قهرَ اليتيم، وعدمَ الحض على إطعام المسكين؛ فقال عز وجل: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الماعون: 1 - 3]، وفي سورة الفجر خاطب الله تعالى المجتمع الجاهليَّ المتظالم؛ بقوله: ﴿ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الفجر: 17، 18]، والتحاضُّ "تفاعُل" من الحض، فمعنى "لا تحاضون"؛ أي: لا يحض بعضكم بعضًا، وفيه دعوة المجتمع كله إلى التعاون والحض، بل وإطعام المسكين.

وإذا كان أصحاب الشمال والجاهليون والمكذِّبون بالدين لا يحضون على طعام المسكين، ولا يُعنَون بأمره، فمن واجب المؤمنين والمصدقين بالدين إطعامُ المسكين والحض على إطعامه، وإذا بات فرد واحد جائعًا، فالأمة تبيت آثمةً ما لم تتحاضَّ على إطعامه؛ يقول عليه الصلاة والسلام: ((ما آمن بي من بات شبعانَ، وجاره إلى جانبه طاوٍ))؛ أي: جائع؛ [صحيح]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((أيما أهل عَرْصَةٍ أصبح فيهم امرؤ جائع، فقد برئت منهم ذمة الله))؛ [صحيح]، وقال: ((أي رجل مات ضياعًا بين أغنياء، فقد بَرِئت منهم ذمة الله ورسوله))؛ [صحيح].

فكل أهل بلد مسؤولون مسؤوليةً مباشرة عمن يتلفه الجوع، مسؤولية جنائية يؤدُّون فيها الدِّيَة بوصفهم قتلةً لذلك الذي أتلفه الجوع وهو بينهم مقيم؛ وروى ابن الجوزي المتوفى عام 597هـ في كتابه عن سيرة عمر، أن رجلاً أتى أهل ماءٍ فاستسقاهم فلم يُسقوه حتى مات عطشًا، فألزمهم الخليفة الفاروق دِيَةً؛ على أساس أنهم إذا منعوه عن حقه في ماء الله، قتلوا نفسًا زكية دون حق.

فمن اشتدَّ جوعه حتى عجز عن طلب القوت، ففرضٌ على كل من علِم به أن يُطعمه أو يدلَّه على من يطعمه، فإن امتنعوا عن ذلك، اشتركوا جميعًا في الإثم، فإذا جاع إنسان أو عطِش أو مرِض، بحيث أشرف على الهلاك، وجب على من يعلم بحاله أن يبادر إلى إنقاذه، فإن كان عنده فضلٌ من طعام أو شراب، أو دواء أو مال يُشترى به ما يدفع الهلاك عن ذلك الإنسان، وجب أن يدفعه إليه، فإذا امتنع كان لذلك المضطر أن يأخذه عَنوةً، ويقاتله عليه، فإن قُتل كان على المانع القصاصُ، وإن قَتل المانعَ، لم يكن على قاتله المضطر شيء؛ وعلى هذا اتفق العلماء.

قال ابن حزم: "من عطِش فخاف الموت، فرضٌ عليه أن يأخذ الماء حيث وجده، وأن يقاتل عليه، ولا يحل لمسلم اضطر أن يأكل ميتةً أو لحم خنزير، وهو يجد طعامًا فيه فضل عن صاحبه؛ لأن فرضًا على صاحب الطعام إطعام الجائع، فإذا كان ذلك كذلك، فليس بمضطر إلى الميتة ولا إلى لحم الخنزير، وله أن يقاتل عن ذلك، فإن قُتل الجائع، فعلى قاتله القَود - أي القصاص - وإن قتل المانعَ فإلى لعنة الله؛ لأنه منع حقًّا وهو طائفة باغية"؛ قال تعالى: ﴿ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الحجرات: 9]، ومانع الحق باغٍ على أخيه الذي له الحق.

ومعنى ذلك أن الإسلام أباح للفرد أن يقاتل ويقتل من في يده طعامه أو شرابه، إذا منعه عنه وهو في حاجة ماسَّة إليه؛ لأنه كحق الدفاع عن الحياة، وقد ذهب الإمام ابن حزم إلى أكثر من ذلك؛ حيث اعتبر أن أهل المحلَّة التي يموت فيها فرد من الجوع، كلهم قتلة له، تُؤخذ منهم دِيَتُه بوصفهم هذا؛ لأن الجماعة ملزمة بكفالة كل فرد فيها، وتوفير الكفاية المعيشية له عن طريق الإلزام لا عن طريق الإحسان.

والإنسان يأثم إذا ما فرط في توفير مقومات الحياة له من غذاء وكساء، حتى ولو اضطر في سبيل ذلك إلى القتل والقتال، فهو فائز بإحدى الحسنيين: إن انتصر كان مأجورًا بأدائه واجبًا شرعيًّا؛ هو الحفاظ على حياته، وإن قُتل فهو شهيد[4].

المالكية والظاهرية رأوا أن الفقراء ينبغي عليهم أن يطالبوا بحقهم في المال، فإذا لم يُعطوا ذلك الحقَّ، فلهم أن يثوروا؛ استنادًا إلى الحديث النبوي: ((إِذَا بَاتَ مُؤْمِنٌ جَائِعًا فَلَا مَالَ لِأَحَدٍ))؛ [رواه يحيى بن آدم]، وروى يحيى بن آدم في كتابه "الخراج" أن قومًا اشتكوا إلى عمر أعرابًا في الصحراء لم يُعطوهم دلوًا ولا رشاءً، ولم يدلوهم على الماء، فقال لهم عمر: "أفلا وضعتم فيهم السلاح؟"، وروى الفقيه أبو بكر أحمد بن علي المعروف بالجصاص المتوفى عام 370هـ، أن عمرًا كتب لعمَّاله يقول في جائع سرق من بيت المال: "ليس عليه قطع، له فيه نصيب"، ومنطق عمر في هذه السابقة أن بيت المال يملكه فقراء المسلمين، فكيف تُقطع يد فقيرٍ جائع إذا امتدت يده إلى نصيبه في بيت المال الذي يملكه وأمثاله من الجوعى والمساكين؟[5]

وبعد هذا الموجز المبسط عن مكانة إطعام الطعام في الإسلام، يتضح لنا أن موت العشرات أو حتى الآحاد يوميًّا من الجوع ليس من الإسلام في شيء، وسنأثم جميعًا لذلك.

[1] دراسة إسلامية في العمل والعمال، لبيب السعيد، ص77، 78.

[2] إحياء علوم الدين، لأبي حامد الغزالي، ج3، ص229.

[3] الحرمان والتخلف في ديار المسلمين، نبيل صبحي الطويل، ص62.

[4] الغزو الفكري وهم أم حقيقة، محمد عمارة، ص129.

[5] لا للفقر في ظل القرآن، أحمد سعيد، ص275، 276.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.38 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.45%)]