|
|||||||
| ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#10
|
||||
|
||||
|
سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: ((كل أمتي يدخلون الجنة)) الشيخ حسن حفني = الجزء العاشر نستكمل وقفة مع حديث: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)). الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على أشرف عباده الذين اصطفى، سيدنا ونبينا محمد، سيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد: أيها الأحبة في الله، ما زلنا نستكمل في هذه السلسلة المباركة شرح حديث: ((كل أمتي يدخلون الجنة...)). أيها الكرام: ننتقل بكم إلى نصيحة أخيرة مهمة جدًّا قبل ختام شرح الحديث. أيها المسلمون الفضلاء: ذكرنا في المقالة السابقة التحذير من نغمة قديمة، وأوضحنا فيها أن االنبي صلى الله عليه وسلم قد حذر منها منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان (أكثر من 1400 سنة)، ومن أراد معرفتها فليرجع للمقالة السابقة. واحذر من قول من يقولون: وهل لا ننتصر إلا بالتزامنا بالسنة النبوية، (مع اعتبار الأخذ بجميع الأسباب والوسائل)؟ وهذا صنف آخر خبيث كالذي ذكرناه سابقًا، وهم صنف يريدون ضياع السنن، وتزهيد الناس فيها أكثر مما هم فيه من زهد في السنة النبوية، وهذا من أقبح الجهل، والسبب في ذلك هو: سوء الفهم والإدراك والتعلم، وعدم تلقي العلم عن أهله المتحققين به من العلماء الأكابر الأفاضل، فعكف بعضهم على الكتب، وظن أنها وحدها تُعلم، ويا ليته يقرأ في كتب أهل العلم، لا؛ ولكن كلما وقع في يده كتابٌ، قرأه بغض النظر عمن كتبه وألفه. وصدق القائل: ومن رام العلوم بغير شيخ ![]() يضل عن الصراط المستقيمِ ![]() فاتَّهم نفسك، وعقلك، وفهمك، وقصدك، وذهنك، ولا تتهم الشرع؛ فأنت العليل لا الشرع. أيها الإخوة: إن الإمام الآجريَّ في كتاب الشريعة، وهو كتاب ماتع بوَّب بابًا يحذر فيه من طوائفَ يُعارضون سنن النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن، بل بالرأي، فاعلموا أن هذا الإنسان من أهل السوء، حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم، وأذكر هنا طرفًا من ذلك، وفي شرح الحديث القادم[1] إن شاء الله سأنقله لك كاملًا: فالله أمر نبيه بالبيان لكتاب الله فقال: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]. فأقام الله نبيه صلى الله عليه وسلم مقام البيان عنه، وأمر الخلق بطاعته، ونهاهم عن معصيته، وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه، فقال: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [الحشر: 7]. فالقرآن إنما ورد بجملة فروض: الصلاة والزكاة والحج والجهاد، دون تفصيل ذلك. وبيان آخر: وهو زيادة على حكم كتاب الله عز وجل؛ كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وكتحريم الحُمُر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع، إلى أشياء يطول ذكرها. وقد أمر الله عز وجل بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه أمرًا مطلقًا مجملًا، لم يقيد بشيء، ولم يقل: ما وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ والعناد والإلحاد في دين الله. قال حسان بن عطية من التابعين: "كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخبره جبريل عليه السلام بالسنة التي تُفسر ذلك". وقال رجل لمطرف بن عبدالله بن الشخير: "لا تحدثونا إلا بالقرآن، فقال له مطرف: والله ما نريد بالقرآن بدلًا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا"؛ يقصد السنة. وقال أبو قلابة: "إذا حدثت الرجل بالسنة فقال: دَعنا من هذا وهاتِ كتاب الله، فاعلم أنه زنديق". و قال الأوزاعي: "الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب"؛ أي: يريد أنها تبين المراد منه. و قال مكحول: "القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن". فالسنة تفسر الكتاب وتبيِّن ما أبهمه، وتفصِّل ما أجمله. وكما قال بعض السلف: الاعتصام بالسنة نجاة. وكان عمر بن الخطاب يقول في خطبة له: "ردوا الجهالات إلى السنة". وقال أيضًا: "إن ناسًا يجادلونكم بشبهات القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله". وقال البربهاري: "اعلم أن الإسلام هو السنة، وأن السنة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر". و قال عمران بن حصين لرجل: "إنك امرؤ أحمق، أتجد في كتاب الله تعالى الظهر أربعًا، لا يُجهر فيها بالقرآن، ثم عدَّد عليه الصلاة والزكاة ونحوها، ثم قال: أتجد هذا في كتاب الله مفسرًا؟ إن كتاب الله تعالى أحكم هذا، وإن السنة تفسر ذلك". وعارض رجل سعيد بن جبير لما ذكر حديثًا للنبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن فقال الرجل: إن الله تعالى قال كذا وكذا، فقال سعيد بن جبير: ألَا أراك تعارض حديث رسول الله بكتاب الله تعالى... رسول الله أعلم بكتاب الله"؛ أي: منا. وأقول كما قال ابن رجب رحمه الله: "فمن سار على طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهاجه وإن اقتصد، فإنه يسبق من سار على غير طرقه وإن اجتهد". فاعلموا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))[2]. وقال ابن القيم في النونية: فهو المطاع وأمره العالي على ![]() أمر الورى وأوامر السلطانِ ![]() وقال: أتحب أعداء الحبيب وتدَّعي ![]() حبًّا له؟ ما ذاك في الإمكانِ ![]() حق النبي صلى الله عليه وسلم كبير وعظيم: أيها الإخوة: ونحن نصل بكم إلى الختام، أذكِّركم بحق النبي صلى الله عليه وسلم، فحق النبي صلى الله عليه وسلم علينا كبير جدًّا، وفضله علينا عظيم، فيجب علينا طاعته بلا مناقشة ولا مماحكة ولا مجادلة، فهو رسول رب العالمين، ومخالفته جناية كبيرة تؤدي إلى أن تُحجب عن الجنة عياذًا بالله. ولقد ضرب الصحابة أروعَ الأمثلة في تعظيم أمر النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته، وأشرت إلى بعضها سريعًا، ولكن لنا وقفة خاصة لذكر تفصيل ذلك؛ لأن الوقت لا يسمح، والمجال لا يتسع، فقد كان المراد في هذه أن أختصر ما أستطيع، ولكن هذا رزق من الله عز وجل، فله الحمد والمنَّة على كل فضل. أصول وضوابط للفهم: لكن أيضًا لا أنسى أن أعلمك أصولًا سريعة لتضبط فهمك؛ حتى لا تقع في مخالفة طريق النبي صلى الله عليه وسلم: 1- فهم دلائل الكتاب والسنة تُؤخذ عن سلف الأمة، فهم أعلم الناس بمراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك انحراف وضلال. 2- كلما ابتعد المرء عن منهج الصحابة، ازداد انحرافه، و كثُر جهله وضلاله. 3- إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعلم أنه زنديق. 4- ليس لأحدٍ أن ينصب لهذه الأمة شخصًا يدعو إلى طريقته، يوالي عليها ويعادي، غير كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وما اجتمعت عليه الأُمة. أيها الأحِبة في الله: فكلُّ من خالف هذه الأصول، فإنما أُوتي من قِبل جهله بها. وصدق القائل: تصدر للتدريس كل مهوس ![]() جهول يسمى بالفقيه المدرسِ ![]() العلم مصباح: واعلموا أن العلم مصباح يُستضاء به في ظلمة الجهل والهوى، فمن سار في طريقه على غير مصباح، لم يأمن أن يقع في بئر بوار فيعطب؛ أي: يهلِك. قال ابن سيرين: "إن قومًا تركوا العلم واتخذوا محاريبَ، فصلُّوا وصاموا بغير علم، والله ما عمِل أحد بغير علم إلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح"؛ ا.هـ. صدق والله من قال: ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم ![]() على الهدى لمن استهدى أدلَّاءُ ![]() وهذا العلم الذي يُمدح به المرء هو كما قال القائل: العلم قال الله قال رسوله ![]() قال الصحابة ليس بالتمويهِ وقال بعضهم: كل العلوم سوى القرآن مشغلة ![]() إلا الحديث وإلا الفقه في الدينِ ![]() احذر، هذه مصيبة، مصيبة! أيها الأحباب الأفاضل، هذا هو العلم النافع، الكتاب والسنة الصحيحة، وما فهِمه سلف الأمة رضي الله عنهم، أما الجهل فكفى به ذمًّا وقبحًا أن يتبرأ منه من هو فيه؛ كما قال عليٌّ، وعلاجه بتعلم العلم النافع؛ قال ابن القيم: الجهل داء قاتل وشفاؤه ![]() أمران في التركيب متفقانِ فالجهل مصيبة عظيمة، لا يُحس بها إلا من كان في قلبه حياة؛ قال بعض السلف: "ما عُصيَ الله بذنب أقبحَ من الجهل". وقيل للإمام سهل: "يا أبا محمد، أي شئ أقبح من الجهل؟ قال: الجهل بالجهل"، قيل: صدق، لأنه يسد على نفسه باب العلم بالكلية فلا يتعلم. قال بعضهم: وفي الجهل قيل الموت موت لأهله ![]() وأجسامهم قبل القبور قبورُ ![]() وأرواحهم في وحشة من جسومهم ![]() وليس لهم حتى النشور نشورُ ![]() انظروا - أيها المسلمون - إلى أهل القبور، كيف يعذَّبون على جهلهم بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وبدين الله عز وجل، فالميت إذا وُضع في قبره يُسأل عن هذه الأمور الثلاثة كما جاء في الحديث. وقبل الختام: لا تنسَ أصل حديثنا الذي كنا نشرحه ونتكلم فيه؛ وهو: ((كل أمتي يدخلون الجنة، إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله، و من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)). وقل كما قال القائل: أحب رسول الله ![]() و أفعل مثله ![]() في كل ما يرضاه ![]() لا أعصى أمره ![]() للحديث بقية إن شاء الله تعالى. هذا، والله أعلى وأعلم، أسال الله تبارك وتعالى أن يعيننا على طاعته وطاعة رسوله، وأن يرزقنا حبه وحب رسوله، وأن يمتعنا بطول العمر في طاعته، والدفاع عن دينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يرزقنا الإخلاص في كل ما نقول ونعمل ونترك، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنا علمًا نافعًا، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، وهو مولانا ونعم النصير، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وأزواجه، وسلم تسليمًا مباركًا إلى يوم الدين. [1] في رسالة بعنوان: إيقاظ الوسنان بشرح حديث: ((إن العين نائمة والقلب يقظان)). [2] سبق تخريجه في المقدمة.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |