|
|||||||
| الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [البقرة: 44] بدر شاشا إنَّ القرآن الكريم كتاب هداية، يضع الإنسان أمام مرآة صافية يرى فيها حقيقة نفسه، ومن بين الآيات التي تلامس القلب وتوقظ الضمير قول الله تعالى: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44]. هذه الآية نزلت في علماء بني إسرائيل الذين كانوا يأمرون الناس بالخير وينسون أنفسهم، يذكِّرون غيرهم بطاعة الله، لكنهم يقعون في المخالفة ويتركون ما يعلمون، فجاء الخطاب الإلهي شديدًا يُوبِّخهم: كيف تعظون وأنتم لا تتعظون؟ كيف تدعون إلى البرِّ وتتركونه؟ الرسالة الخالدة في الآية: الآية لا تخص بني إسرائيل وحدهم، بل هي موجَّهة لكل إنسان عبر العصور، فالعبرة ليست بكثرة الكلام أو جمال الموعظة، بل بصدق العمل ومطابقة القول للفعل، فالقدوةُ الصالحةُ أبلغُ أثرًا من ألف خطبة، والكلمة إذا لم تجد شاهدها في السلوك ضعفت وفقدت أثرها. خطورة التناقض بين القول والعمل: حين يأمر المرء غيره بالخير وهو لا يأتيه، يكون وَقْعُ كلامِه ضعيفًا، بل قد ينفر الناس منه؛ لأنهم يرون فيه تناقضًا صارخًا، وقد جاء في الحديث الشريف: "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه، فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان، ألست كنت تأمرنا بالمعروف، وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه". الجمع بين الأمر والإصلاح الذاتي: قد يتبادر إلى الذهن: هل يجب على المقصِّر أن يسكت عن نصح غيره؟ الجواب: لا، بل المطلوب أن يجمع بين الأمر بالخير واجتهاده في إصلاح نفسه، فمن الخطأ أن يترك الإنسان النصح بحجة أنه مُقصِّر، لكن الخطأ الأكبر أن يكتفي بالنصح دون أن يعمل. فالواجب هو الموازنة: أن يكون الإنسان قدوة، ويجاهد نفسه كما يوجِّه غيره. دعوة للتأمل: هذه الآية الكريمة دعوة مفتوحة لكل واحد منا أن يراجع نفسه: هل نطبِّق ما ننصح به أولادنا وطلابنا وأصدقاءنا؟ هل نعيش قيم الأمانة، والصدق، والصبر، والإحسان قبل أن نطالب بها غيرنا؟ وهل نضع القرآن دستورًا لحياتنا أم مجرد كلمات نُردِّدُها؟ إن أعظم ما يحتاج إليه المجتمع اليوم هو القدوة الحسنة، فبصلاح الفرد ينصلح الجمع، فلنبدأ بأنفسنا؛ نأمرها أولًا بالبرِّ، ونسعى أن نكون صورة حيَّة للقيم التي ندعو إليها؛ عندها يصبح كلامنا نورًا يهدي، ومواقفنا رسالةً صامتةً أبلغ من الخطب الطويلة.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |