مخاطر العلاقات المحرّمة وآثارها في زمن التواصل الرقمي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 112 - عددالزوار : 16037 )           »          التيمّم وجمع الصلوات للمريض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حُكم إعطاء الأخت الزكاة لأختها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          التوحيد .. أساس النهضة وسرّ الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الوصية الواجبة.. في ميزان الشريعة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          السُنَّة النبوية منهج حياة وصمام أمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مخاطر العلاقات المحرّمة وآثارها في زمن التواصل الرقمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          وسائل فضّ المنازعات في ضوء الهدي القرآني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 94 )           »          من مكتبة التراث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 440 )           »          الأوقاف المقدسية حول العالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 685 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 03:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,537
الدولة : Egypt
افتراضي مخاطر العلاقات المحرّمة وآثارها في زمن التواصل الرقمي







مخاطر العلاقات المحرّمة وآثارها في زمن التواصل الرقمي


  • تقوم العلاقات الاجتماعية في الإسلام على رابطة العقيدة التي تجعل المؤمنين كالجسد الواحد في توادّهم وتراحمهم
  • أدت الثورة التكنولوجية إلى تغيير طبيعة العلاقات الاجتماعية حيث أسهمت تطبيقات التعارف في تسهيل التواصل غير الشرعي وإلى تسليع العلاقات الإنسانية وتسهيل تكوين علاقات محرمة عبر الحدود
  • ينبغي إدماج موضوع العفّة والحياء وتنظيم العلاقات بين الجنسين في المناهج الجامعية والمدرسية والبرامج الإعلامية بلغة معاصرة تراعي حساسية الشباب
  • وضع الإسلام منظومة من الأحكام والآداب لتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة تجمع بين تكريم المرأة والرجل معاً وحماية المجتمع من الفتنة والفاحشة
  • سبق الإسلام العلم الحديث في رسم الطريق الأمثل للعلاقات الاجتماعية بما يحفظ الصحة النفسية والجسدية والنسل والمجتمع ويمنح الإنسان علاقة إنسانية نبيلة داخل إطار الزواج
  • يسعى منهج الدعوة الإسلامية دائما لوقاية المجتمع من جريمة الزنا ويركز على دور الإيمان والبيئة الطيبة والرفقة الصالحة وتيسير الزواج
  • الانخراط في العلاقات المحرّمة يعقّد حياة الفرد ويضعف شعوره بالطمأنينة ويشجّع على تجاوز الحدود وإضعاف الصلة بالله ويؤثر على أداء العبادات واتزان السلوك اليومي والأسري والاجتماعي
  • تشير الإحصاءات إلى نسب صادمة في معدلات الطلاق والعزوف عن الزواج وتكوين العلاقات غير الشرعية لدى كثير من المراهقين بسبب تأثير وسائل التواصل والعالم الرقمي
  • يجب إدراج مناهج توعوية تربط بين القيم الأخلاقية والحقائق الصحية والاقتصادية، وتقديم دورات في الذكاء العاطفي وإدارة العلاقات
تمثل العلاقات الاجتماعية في الإسلام نسيجاً متكاملاً، ينظم التفاعل البشري وفق منهج رباني يحفظ الكرامة الإنسانية، ويحقق المصالح العامة والخاصة، وفي عصر العولمة والانفتاح الرقمي، برزت تحديات جسام تهدد هذا النسيج، ولعل من أبرزها انتشار العلاقات المحرمة بأنواعها. ويرتكز هذا البناء الاجتماعي على أسس متينة، تستهدف حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وقد نظم الإسلام هذه العلاقات عبر التعارف والتعاون: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} (الحجرات: 13)، وعبر التراحم والتآلف، كما في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، وفي المقابل فإن العلاقات المحرمة تعد آفة مهددة لسلامة الفرد واستقرار الأسرة والمجتمع، وفقاً للنصوص الشرعية والبيانات الاجتماعية المعاصرة.
مجالات العلاقات المشروعة
تقوم العلاقات الاجتماعية في الإسلام على رابطة العقيدة التي تجعل المؤمنين كالجسد الواحد في توادّهم وتراحمهم، ويتفرع عنه نظام متكامل للعلاقات الأسرية من الأقارب والجيران وسائر فئات المجتمع، ويقوم هذا النظام على قيم مركزية مثل الإيمان، والتقوى، والعدل، والرحمة، والتكافل، مع ضبط الغرائز وتنظيمها في إطار الأسرة الشرعية، وتتسم العلاقات الاجتماعية في التصور الإسلامي بالوسطية؛ فلا رهبانية تعزل الإنسان عن الناس، ولا انحلال يطلق الشهوات بلا ضوابط؛ بل بتعايش منضبط يحقق عمارة الأرض، ويحفظ الدين والنفس والعرض والنسل والمال، ومن هنا جاءت التشريعات التفصيلية لصلة الرحم، وحقوق الجوار، وآداب التعامل بين الذكر والأنثى؛ بما يحقق المصلحة الشرعية، ويمنع كل ما يؤدي إلى الفاحشة أو يهدد كيان الأسرة، وتشمل العلاقات المشروعة في الإسلام مجالات عدة أبرزها: 1- العلاقة الزوجية: القائمة على المودة والرحمة، وهي التي جعلها الشارع الحكيم إطاراً حصريًا لإشباع الغريزة وحفظ النسل والنسب، وربطها بمقاصد السكن والاستقرار والتعاون على الطاعة. 2- علاقة القرابة وصلة الأرحام: وهي التي أمر القرآن بوصلها وحرّم قطيعتها، وربط بين قطع الرحم والفساد في الأرض والعقوبة الإلهية. 3- علاقة الجوار: حيث وجاءت السنة بتأكيد حق الجار حتى ظن الصحابة أنه سيورَّث؛ فالمحيط الاجتماعي الأقرب للأسرة جزء من منظومة الأمان الاجتماعي. 4- كما تشمل علاقة الأخوة العامة بين المؤمنين، وما ينبني عليها من نصرة وتكافل وإغاثة في الشدائد، لتتسع الدائرة من الأسرة إلى المجتمع بأسره.
تنظيم العلاقة بين الجنسين
وضع الإسلام منظومة من الأحكام والآداب لتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة، تجمع بين تكريم المرأة والرجل معاً، وحماية المجتمع من الفتنة والفاحشة، ومن ذلك: غضّ البصر كما في قوله -تعالى- : {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}، والحشمة في اللباس والكلام: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، ومنع الخلوة المحرمة: كما في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم»، ومنع التبرج والإثارة، وضبط الكلام والتواصل بين الجنسين في حدود الحاجة والاحترام. كما شرع الزواج وجعله ميسّراً، وحثّ على تيسير المهور وتخفيف التكاليف؛ حتى لا يصبح العزوف عن الزواج ذريعة لانفلات العلاقات وتفشي الفواحش، وقد ربط الفقهاء بين سدّ ذرائع الفتنة في بداياتها وبين حفظ الأعراض والأنساب، فكل وسيلة تقود غالباً إلى الحرام من اختلاط غير منضبط أو علاقات خفية جعلها الإسلام محرّمة وعدّها من مداخل الشيطان.
كيف ينظر الإسلام للعلاقات الاجتماعية؟
جاء الإسلام بمنظومة متكاملة لتنظيم العلاقة بين الجنسين، وتقوم هذه المنظومة على ثلاثة مبادئ رئيسية:
  • حفظ الكرامة الإنسانية: كما قال -تعالى-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (الإسراء: 70)، وبذلك لا بد أن تقوم العلاقات على الاحترام، وليس الاستغلال أو العبث.
  • سدّ الذرائع المؤدية للانحراف: قال -تعالى-: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى} (الإسراء: 32)؛ فالمنع هنا يشمل الفعل وأسبابه: كالخلوة غير المنضبطة، والتراسل الحميم، أو أي وضع يجرّ للفتنة.
  • تشجيع الزواج الشرعي: كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج»؛ فالإسلام لا يحارب الغريزة بل يوجّهها.
التحذير من العلاقات المحرّمة
تشمل العلاقات المحرّمة في الإسلام الزنا، والعلاقات العاطفية والجنسية خارج إطار الزواج، سواء كانت مباشرة أو عبر وسائل رقمية أو خلوات سرّية أو تبادل صور ورسائل فاحشة، كما يدخل فيها كل علاقة تقوم على خيانة الزوج أو الزوجة لشريك الحياة، أو تعدّي حدود الشرع في التواصل بين الرجال والنساء بما يفضي إلى انتهاك حرمة العِرض، ومن صور ذلك أيضًا العلاقات المثلية والشذوذ الجنسي، وكذلك ما يطلق عليه تبادل الأزواج!
وقد جاء تحريم الزنا والعلاقات المحرمة في القرآن والسنة تحريماً قطعيًّا، مع الأمر باجتناب مقدماتها، فليس المنع مقصوراً على الفعل النهائي، بل يشمل كل ما يمهّد له من تواصل سرّي، وإثارة، واختلاط غير منضبط، وأكدت النصوص أن هذه العلاقات ليست شأناً شخصيا محضاً؛ بل جريمة أخلاقية واجتماعية؛ لما يترتب عليها من ضياع الأنساب والفتن والأمراض والاعتداء على حق الأسرة والمجتمع.
مخاطر العلاقات المحرمة :
ولا شك أن لمثل تلك العلاقات المحرمة آثارًا عميقة على شخصية الفرد من جوانب عدة:
  • نفسيًا: ترتبط هذه العلاقات بمشاعر القلق والخوف من الفضيحة، وتأنيب الضمير، واضطراب الهوية، ولا سيما حين يعيش الشخص ازدواجية بين ظاهر ملتزم وباطن منحرف.
  • إيمانيًا: تضعف هذه الأفعال صلة القلب بالله، وتطفئ نور الإيمان، وتجرّ إلى الإصرار على المعصية، حتى عدّها أهل العلم من كبائر الذنوب التي تُظلم بها القلوب، وتستجلب العقوبات.
  • صحيّاً: تسهم العلاقات الجنسية غير المنضبطة في انتشار الأمراض المنقولة جنسياً، كالإيدز وأنواع من الالتهابات الخطيرة، وقد نبّهت دراسات شرعية وطبية إلى أن كثيراً من هذه الأوبئة ارتبط تاريخيا بتفشي الفاحشة في المجتمعات المعاصرة.
ووفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية فإن هنالك 374 مليون إصابة سنويا بالأمراض المنقولة جنسيا لدى الفئة بين 15-49 عامًا؛ وذلك نتيجة للعلاقات الجنسية غير المنضبطة.
  • اجتماعيًا: تؤدي العلاقات المحرمة إلى الإدمان العاطفي والجنسي، وإضعاف القدرة على بناء علاقة زوجية مستقرة؛ بسبب اعتياد المقارنات وتعدد الشركاء.
  • اقتصاديَا: تولّد الأزمة النفسية والصحية المترتبة على العلاقات المحرّمة تكاليف مباشرة (علاج طبي، واستشارات نفسية، وإجراءات قانونية) وغير مباشرة (تراجع الإنتاجية، وغياب عن العمل، وفقدان فرص وظيفية نتيجة السمعة السيئة)؛ ما يجعل لهذه العلاقات أثراً اقتصاديا ملموساً؛ كما إن تكاليف علاج الأمراض المنقولة جنسيا باهظة؛ حيث تقدر منظمة الصحة العالمية أن علاج الأمراض المنقولة جنسياً يكلف الاقتصاد العالمي حوالي 17 مليار دولار سنويًا.
أثر العلاقات المحرّمة على الأسرة
تُعدّ الأسرة أول المتضررين من العلاقات المحرمة؛ إذ تؤدي الخيانة والارتباطات خارج الزواج إلى تدمير الثقة، وتمزيق الروابط الزوجية، وزرع الكراهية والشك المتبادل، وترتبط الخيانة الزوجية بارتفاع معدلات الطلاق؛ حيث تشير الدراسات إلى نسب ملحوظة من حالات الطلاق التي يرتبط أحد أسبابها المباشرة أو غير المباشرة بالخيانة أو العلاقات غير الشرعية، سواء التقليدية أو الرقمية. كما تسهم مثل تلك العلاقات في اضطراب تربية الأبناء؛ إذ يعيش الأطفال في جو أسري متوتر أو في ظل انفصال، فينتج عن ذلك مشكلات سلوكية ونفسية وتعليمية، وغالباً ما يحمل الجيل الجديد آثاراً ممتدة من أخطاء الوالدين. ويُضاف إلى ذلك احتمال اختلاط الأنساب في حال ترتب على الزنا حمل يُنسب خطأ إلى زوج أو عائلة لا تمتّ له بصلة؛ بما يؤدي إلى ظلم في الميراث وانهيار لمفهوم القرابة الشرعية.
الآثار الاجتماعية والأخلاقية
تفضي العلاقات المحرّمة - على المستوى المجتمعي - إلى إضعاف مكانة الزواج الشرعي، وإلى تنامي ثقافة العلاقات العابرة؛ ما يقلل من قيمة الالتزام والوفاء، ويحوّل العلاقة بين الجنسين إلى عبث متبادل لا بناء أسري؛ كما تسهم في انتشار الجريمة المنظمة المرتبطة بالدعارة والاستغلال الجنسي والابتزاز الإلكتروني؛ بما يهدد أمن المجتمع واستقراره. وتشير تقارير اجتماعية إلى تزايد نسب الخيانة الزوجية والتعارف غير المنضبط عبر وسائل التواصل؛ حيث تقدر إحدى الدراسات نسباً تصل إلى ما بين 15% و27% في بعض الدول العربية خيانة فعلية أو رقمية، مع إقرار جزء من العينة بممارسة الخيانة صراحةّ! وتتقاطع هذه الأرقام مع ارتفاع ملحوظ في قضايا الطلاق والمنازعات الأسرية في عدد من البلدان العربية خلال السنوات الأخيرة، مع الإشارة الصريحة لدور وسائل التواصل والعلاقات غير الشرعية بوصفها أحد العوامل المؤثرة. وترتبط هذه الظواهر بارتفاع معدلات الطلاق في عدد من الدول العربية؛ إذ تسجل بعض الإحصاءات الرسمية والمدنية نسب طلاق تقارب أو تتجاوز 30-40% من حالات الزواج الجديدة خلال سنوات قليلة، مع رصد واضح لدور الخيانة والعلاقات غير الشرعية، وسوء استخدام التكنولوجيا ضمن الأسباب؛ حيث أشارت إحصاءات مجلس السكان العربي للعام 2023 أن 55% من حالات الطلاق في العالم العربي، مرتبطة بعلاقات خارج إطار الزواج، كما أظهرت دراسة للمركز العربي للأبحاث (2023) أن 70% من العلاقات المحرّمة في العالم العربي تبدأ عبر وسائل التواصل الإلكتروني. وتذكر دراسات متخصّصة في العلاقات المحرمة أنها - وإن كانت خفيّة - تحمل آثارًا نفسية واجتماعية مدمِّرة، وتستلزم برامج وقاية مكثفة على مستوى الأسرة والمؤسسات؛ كما تشير الدراسات إلى أن الخيانة الزوجية تمثل أحد أكثر ثلاثة أسباب تؤدي إلى الطلاق في المجتمعات الحديثة، وأنها تؤدي إلى ضياع الثقة وإضعاف النسيج الاجتماعي.
إحصاءات صادمة:
  • أدت الثورة التكنولوجية إلى تغيير طبيعة العلاقات الاجتماعية؛ حيث أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التعارف في تسهيل التواصل غير الشرعي، وإلى تحويل العلاقات الإنسانية ولا سيما بين الذكر والأنثى إلى سلعة بهدف الكسب ونشر الفساد، وإلى تسهيل تكوين العلاقات المحرمة عبر الحدود من خلال شبكة الإنترنت المظلم ووسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث زاد عدد مستخدمي تطبيقات المواعدة في العالم العربي بنسبة 40% خلال عام 2023 فقط (إحصاءات «ديجيتال ريبورت»).
  • كما أشارت دراسة للمركز العربي للأبحاث 2023 إلى أن نصف عدد المراهقين في العالم العربي اعترفوا بتكوين علاقات غير شرعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ كما أشار موقع «ويب تريكر» إلى أن 35% من المواد التي يتم تحميلها على الإنترنت هي مواد إباحية! وهذه مؤشرات خطيرة لمثل تلك الظواهر المجتمعية.
وتشير الدراسات النفسية إلى أن الأفعال السرّية، والعيش في حال قلق دائم حول الأسرار والعلاقات المزدوجة، يؤديان إلى اضطرابات نفسية عنيفة؛ فالشخص قد يعيش تناقضات داخلية تتضارب بين هويته الأخلاقية والفعل الذي يقوم به، ما يخلق عبئًا عاطفيا دائمًا، ويزيد خطر الاكتئاب والقلق واضطرابات ثقة الذات.
  • وقد أظهرت دراسة نشرت في «مجلة الصحة النفسية» (2022) أن 68% من المشاركين في علاقات غير شرعية عانوا من أعراض الاكتئاب الحاد؛ كما أشارت دراسة أجرتها «منظمة السلامة الرقمية» (2023) إلى أن 40% من جرائم الابتزاز الإلكتروني مرتبطة بعلاقات غير شرعية بدأت عبر الإنترنت، ومن صُور ذلك تهديد الفتيات بمقاطع مفبركة بقصد الحصول على مبالغ في مقابل عدم نشرها، وكذلك الإيهام بنيّة الزواج ويتبين بعد ذلك أنه مجرد تكوين علاقات سطحية بهدف استمالة الفتيات والتلاعب بهن.
  • كما أظهرت دراسة في «المجلة الدولية لعلم النفس» (2023) أن 75% من مدمني المواد الإباحية بدؤوا عبر علاقات غير شرعية من خلال شبكة الإنترنت.
أهم الخلاصات والتوصيات
  • العلاقات الاجتماعية في الإسلام تمثل صمام الأمان للمجتمع، وتحفظ كرامة الإنسان، وتحقق الاستقرار النفسي والاجتماعي؛ أما العلاقات المحرّمة فتمثل خطراً داهماً يهدد الأفراد والمجتمعات في دينهم ودنياهم.
  • الأسرة مؤسسة قائمة على الثقة والالتزام المتبادل، وأي خروقات لهذه الثقة كالخيانة أو الارتباطات السرية تهز استقرارها وتنخر في جذورها.
  • من أضرار العلاقات المحرّمة نفسيا: القلق والاكتئاب، والشعور الدائم بالذنب وتمزّق الهوية الأخلاقية، وصحيا: الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا !
  • ينبغي إدماج موضوع العفّة والحياء وتنظيم العلاقات بين الجنسين في المناهج الجامعية والمدرسية والبرامج الإعلامية، بلغة معاصرة تراعي حساسية الشباب.
  • تشجيع مؤسسات المجتمع - من جامعات ومساجد وجمعيات أسرية - على إعداد برامج دورية للإرشاد الأسري، والتأهيل للزواج، وعلاج حالات الإدمان على العلاقات المحرمة، حضوريا ورقميا.
  • دعم الدراسات الميدانية والإحصائية في المجتمعات الإسلامية لرصد حجم الظاهرة وتطورها، وربطها بعوامل اقتصادية وثقافية وإعلامية، وتوظيف نتائجها في رسم السياسات الشرعية والاجتماعية.
  • إطلاق حملات إعلامية توعوية تسلّط الضوء على كرامة الإنسان في الإسلام، وعلى خطورة تحويل العلاقات بين الجنسين إلى استهلاك عابر، مع تأكيد بدائل عملية؛ مثل تيسير الزواج، وتشجيع المبادرات الأسرية.
  • الانخراط في العلاقات المحرّمة يعقّد حياة الفرد، ويضعف شعوره بالطمأنينة، ويشجّع على تجاوز الحدود، وإضعاف الصلة بالله، ويؤثر على أداء العبادات واتزان السلوك اليومي والأسري والاجتماعي.
  • انحسار الوازع الديني الناتج عن ضعف التعليم الديني المتوازن، أو غياب الحوار الأسري حول العلاقات والحدود الأخلاقية يترك الشباب عرضة لتبني نماذج سلوكية دون نقدٍ أو وعي.
  • إدراج مناهج توعوية تربط بين القيم الأخلاقية والحقائق الصحية والاقتصادية، وتقديم دورات في الذكاء العاطفي وإدارة العلاقات والوقاية من المخاطر الرقمية.
  • تأسيس مراكز تقدم خدمات سرية وفعّالة للاستشارات الزوجية والجنسية والنفسية، مع برامج وقائية وعلاجية موجهة للشباب والأسر المتضررة.
  • يمكن قياس الآثار السلبية للعلاقات المحرّمة عبر مؤشرات محددة: معدلات الزواج والطلاق، وطلبات الاستشارات، وأعداد الإصابات المنقولة جنسيا، ومؤشرات الصحة النفسية بين الشباب.
المعالجة الإسلامية لظاهرة العلاقات المحرّمة
تناولت كثير من البحوث الشرعية المعاصرة منهج الدعوة الإسلامية في وقاية المجتمع من جريمة الزنا وغيرها من العلقات المحرّمة والشاذة، مركّزة على دور الإيمان، والبيئة الطيبة، والرفقة الصالحة، وتيسير الزواج، وضبط الإعلام، وتفعيل الخطاب الدعوي المواكب لواقع الشباب في الوقاية من تلك الآفات المحرّمة، وتبرز هذه الدراسات وظيفة الدعاة والعلماء في بيان الحكمة من التشريعات، وربط الشباب بالقيم والأخلاق الإسلامية، وتقديم نماذج عملية وخطوات منهجية بعيدًا عن الخطاب الوعظي المجرد؛ كما تؤكد الأدبيات الأسرية والنفسية المعاصرة على أن مواجهة العلاقات المحرّمة تتطلب برامج متكاملة تشمل: الإرشاد الأسري، والاستشارات النفسية، والتأهيل قبل الزواج، ومعالجة أسباب الحرمان العاطفي والجنسي داخل الإطار الشرعي، بما يمنع البحث عن الإشباع خارج المؤسسة الزوجية، وتوصي دراسات متخصصة في الوقاية من زنا المحارم باعتماد حزمة إجراءات متكاملة: تربية دينية وأخلاقية عميقة، ووعي مجتمعي، ورقابة أسرية متوازنة، ودعم علاجي وقانوني حازم مع الجناة. وقد شهدت السنوات الأخيرة توسعًا في برامج التأهيل الأسري والاستشارات الزوجية في عدد من البلدان العربية بهدف الحدّ من ظاهرة الطلاق ومسبباته، ومنها الخيانة والعلاقات غير المشروعة. ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:
  • وقائيًا: تعزيز التربية الإيمانية، وترسيخ خلق الحياء، وتيسير الزواج، وضبط الإعلام والمحتوى الرقمي، وتقوية دور الأسرة والمدرسة والمسجد في بناء الوعي بالعفّة وأهمية الزواج الشرعي.
  • تشريعيًا: تطبيق الحدود والتعزيرات المنضبطة بضوابط الفقه، مع اعتماد سياسات قانونية رادعة ضد الاستغلال الجنسي، والابتزاز، ونشر المواد الإباحية، وحماية القاصرين.
  • علاجيًا: يفتح الإسلام باب التوبة والاستقامة لكل من تورط في هذه العلاقات، مع الدعوة إلى توفير برامج إرشاد أسري ونفسي، ودورات لتأهيل المقبلين على الزواج، ومراكز استشارات لضبط الخلافات الأسرية قبل أن تصل إلى الانهيار، وتؤكد الدراسات الأسرية والاجتماعية أن الإرشاد المبكر، ومصارحة الذات، ودعم المؤسسات الدينية والمجتمعية، تقلل من احتمالات تكرار الخيانة وتساعد على ترميم بعض الزيجات المتضررة.
خاتمة القول:
يخلص التصور الإسلامي للعلاقات الاجتماعية إلى أن بناء شبكة العلاقات المشروعة القائمة على الإيمان بالله والتقوى في السرّ والعلن، وعلى الحياء والعفّة والنظافة والتكافل، تعدّ خط الدفاع الأول ضد الانحرافات والعلاقات المحرمة، وأن الفواحش -وعلى رأسها الزنا والخيانة بصورها المختلفة- ليست مجرد سلوكيات فردية، بل هي أمراض اجتماعية تصيب تماسك الأسرة والأمة وكرامة الإنسان وأمن المجتمع؛ حيث أصبحت العلاقات المحرّمة تهديداً وجوديا للمجتمعات، يتطلب منا إرادة قوية رادعة وإجراءات عملية فاعلة، وحماية تشريعية صارمة بهدف نشر القيم المجتمعية الفاضلة ومحاربة الظواهر الدخيلة والآفات الاجتماعية الضارة. وإننا حين نقرأ النصوص الشرعية في ضوء الإحصاءات العالمية، ندرك كيف سبق الإسلام العلم الحديث في رسم الطريق الأمثل للعلاقات الاجتماعية؛ بما يحفظ الصحة النفسية والجسدية والنسل والمجتمع، ويمنح الإنسان علاقة إنسانية نبيلة داخل إطار الزواج، بدل فوضى العلاقات التي تخلّف الألم أكثر مما تمنح اللذة.


اعداد: ذياب أبو سارة









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.24 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]