|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أسباب الحقد والطرق المؤدية له شعيب ناصري بسم الله الرحمن الرحيم؛ أما بعد: فالحقد في الإنسان لا يُعد من الصفات الحميدة، ولا من الأخلاق المتينة، بل هو من الصفات العدوانية، فالغَيرة والحسد لهما علاقة بالفطرة الإنسانية، وأما الحقد فلا؛ لأنه لا خير فيه؛ وقد قال الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله: "من الأفعال الحيوانية فأن يكون حقودًا"؛ [الفراسة له ص (26)]؛ فصفة الحقد – إذًا - هي خاصة بالحيوان أكرمكم الله، وهي صفة ناشئة من الكراهية ومحبة الانتقام فالكراهية فطرة كباقي الفِطر؛ وقد قال بعضهم: "وإذا كثرت الملاحاة تمكَّن الحقد"؛ [النوادر والنتف للأصبهاني ص (128)]، قال بعض اللغويين: "أي كثرة الجدال"، وقال الشيخ حاج عيسى الجزائري: "بغضك الشيء يُعمي ويُصم"؛ [الرد النفيس له ص (163)]، والبغض هو الكره الشديد فيُعمي صاحبه من معرفة الحق واتباعه، وهذا من جانب التدين، وأما تجاه الأشخاص فيُعمي صاحبه من معرفة الحقوق، والاعتراف بها عند أصحابها، ومن هذا البغض ينشأ الحقد، ويتكون تدريجيًّا في القلب كالسحاب، ثم يمطر منها بسهام الانتقام وطعنات الغدر تحت غطاء الخيانة؛ فإن الحقد هو تمني الانتقام ممن يبغضه، ويجوز في حالة واحدة، وهو الانتقام من أعداء الله، سواء في جهاد غزو أو جهاد دفع، وإن كان فالجهاد له شروط عند أهل العلم؛ حتى لا يكون جهادًا عشوائيًّا. أما الحقد بين المسلمين، فهو يقتل الاحترام ويُحرق الحياء بناره، وكذلك فهو يأكل الأخلاق الحسنة كما تأكل النارُ الحطبَ، وتبقي له رمادها، فينكشف عن كل خلق سيئ فيه، ولا يستطيع ستر عيوبه حينها، فالحقد ينقسم إلى قسمين: فالقسم الأول هو حقد جاء من أثر الكُره ثم اشتد الكره فأصبح بغضًا، فيحقد الصاحب على صاحبه، أو الأخ على أخيه، أو الجار على جاره، ومن أسباب هذا الكره إما التفريق بين الإخوة بالمحبة والعطية من طرف الوالدين، أو عدم مشاركة الجار أو الصديق في بعض المنافع الدنيوية، فتسبب لهم داء الحقد لمن عندهم ضعف في الشخصية. والقسم الثاني فهو الحقد الذي يأتي من أثر محبة الانتقام من الأشخاص، وهذا النوع لا يكون إلا بعد الظلم؛ مثل: شخص يظلم شخصًا آخر، فيحقد المظلوم على الظالم، فينتظر الفرصة من أجل الانتقام منه، وهذا النوع من الانتقام ينقسم إلى أقسام؛ ومنها الانتقام من أعداء الله الكفار والمشركين، وهذا يكون من باب الجهاد مع الأمير كما كان أسلافنا يفعلون، والنوع الثاني بين المسلمين، وهذا بين المحرم شرعًا؛ كمن يقتل من باب الغدر بسبب الميراث أو السرقة لمن ضاع حقه منها، وبين ما يكون موافقًا للعدل؛ مثل القيام بالشكوى، ويكون الانتقام منه في العدالة الدنيوية وفق قانون البلد الذي يعيش هو فيه، حتى يهدأ قلبه من نار الألم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الناس بخيرٍ ما لم يتحاسدوا))؛ [رواه الطبراني]، فهذا عن الحسد فما بالك بالحقد؟ وإن كان الحسد هو تمني زوال نعمة من شخص ما، والغَيرة تمني امتلاك مثل ما يمتلكه هو، والحقد فهو تمني الانتقام، فالحقد باب الجريمة والقتل العمد، الذي يعتبر من أكبر الكبائر إثمًا وعقوبة في الآخرة، وهو مفتاح طريق السحر فيتحول الإنسان الحاقد إلى ساحر فجأة؛ بسبب ضعف الإيمان، هذا إن كان هو من أهله، فأحيانًا وجود الشر هو الذي يظهر الخير في الصادق، ويتبين أمر الكاذب بين الناس في هذه الحياة، وتكون العدالة الإلهية بين الظالم والمظلوم، فلولا الشر ما عرفنا صدق الصادق، وكذب الكاذب، فنميز حينها حسد الحاسدين، وحقد الحاقدين، فمن فرح بمعاناتك فلا ترجُ منه صداقة ولا محبة ولا أخوة بعد ذلك، فهناك من يتحدث معنا بنار الحقد، وغازات الكراهية تظهر في عينيه، والله المستعان، وهناك منهم من ينصحنا بتلك النصيحة المليئة بالجبن، وكأنه يترجَّانا بالتوقف عن أحلامنا وطموحاتنا؛ فيقول لك: "أنت لست لها"، أو "أنت لا تستطيع"، أو "أنت تضيع وقتك"، وقد قال الكاتب فهد عامر الأحمدي: "من الحجج والأعذار التي تصادفك يقف خلفها أحد ثلاثة: جاهل أو عاجز أو حاسد"؛ [نظرية الفستق الجزء الأول له ص (269)]. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود))؛ [السلسلة الصحيحة]، فالحاسد قد يتحول إلى حاقد إذا اشتد ألمه في قلبه، والحقد لا يأتي إلا بالمصائب على صاحبه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |