|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() ![]() رأيت من البلاء العجاب أن المؤمن يدعو فلا يجاب , فيكرر الدعاء وتطول المدة , ولا يرى أثراً للإجابة , فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى صبر . وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرض يحتاج إلى طب . ولقد عرض لي من هذا الجنس . فإنه نزلت بي نازلة , فدعوت وبالغت , فلم أر الإجابة , فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده . فتارة يقول : الكرم واسع والبخل معدوم , فما فائدة تأخير الجواب ؟ فقلت له : اخسأ يا لعين , فما أحتاج إلى تقاضٍ , ولا أرضاك وكيلاً . ثم عدت إلى نفسي فقلت : إياك ومساكنة وسوسته , فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدر في محاربة العدو لكفى في الحكمة . قالت : فسلني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة . قلت : قد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك , وللمالك التصرف بالمنع والعطاء , فلا وجه للاعتراض عليه . والثاني : أنه قد ثبت حكمته بالأدلة القاطعة , فربما رأيت الشيء مصلحة والحق أن الحكمة لا تقتضيه , وقد يخفي وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر ويقصد بها المصلحة فلعل هذا من ذاك . والثالث : أنه قد يكون التأخير مصلحة , والاستعجال مضرة , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال العبد في خير ما لم يستعجل , يقول دعوت فلم يستجب لي ) . والرابع : أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك فربما يكون في مأكولك شبهة , أو قلبك وقت الدعاء في غفلة , أو تزاد عقوبتك في منع حاجتك لذنب ما صدقت في التوبة منه . فابحث عن بعض هذه الأسباب لعلك توقن بالمقصود , كما روي عن أبي زيد - رضي الله عنه - : أنه نزل بعض الأعاجم في داره , فجاء , فرآه فوقف بباب الدار , وأمر أصحابه فدخل , فقلع طيناً جديداً قد طينه , فقام الأعجمي وخرج , فسئل أبو زيد عن ذلك فقال : هذا الطين من وجه فيه شبهة , فلما زالت الشبهة زال صاحبها . وعن إبراهيم الخواص - رحمه الله عليه - أنه خرج لإنكار منكر , فنبحه كلب له فمنعه أن يمضي , فعاد ودخل المسجد , وصلى ثم خرج , فبصبص الكلب له فمضى , وأنكر فزال المنكر , فسئل عن تلك الحال فقال : كان عندي منكر , فمنعني الكلب , فلما عدت تبت من ذلك , فكان ما رأيتم . والخامس : أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب , فربما كان في حصوله زيادة إثم , أو تأخير عن مرتبة خير , فكان المنع أصلح . وقد روي عن بعض السلف أنه كان يسأل الله الغزو , فهتف به هاتف : إنك إن غزوت أسرت , وإن أسرت تنصرت . والسادس : أنه ربما كان فقد ما تفقدينه سبباً للوقوف على الباب واللجأ , وحصوله سبباً للاشتغال به عن المسئول . وهذا الظاهر بديل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجأ . فالحق عز وجل علم من الخلق اشتغالهم بالبر عنه , فلذعهم في خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه , يستغيثون به , فهذا من النعم في طيء البلاء . وإنما البلاءالمحض ما يشغلك عنه , فأما ما يقيمك بين يديه , ففيه جمالك . وقد حكي عن يحيى البكاء أنه رأى ربه عز وجل في المنام , فقال : يا رب كم أدعوك ولا تجيبني ؟ فقال : يا يحيى إني أحب أن أسمع صوتك . وإذا تدبرت هذه الأشياء تشاغلت بما هو أنفع لك , من حصول ما فاتك من رفع خلل , أو اعتذار من زلل , أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب . التعديل الأخير تم بواسطة الفراشة المتألقة ; 07-07-2009 الساعة 07:13 AM. سبب آخر: تكبير الخط لتسهل القراءة وتحصل الفائدة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |