|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() البركة مع الأكابر الشيخ عبدالله بن محمد البصري أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]. أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِمَّا يُمَيِّزُ مُجتَمَعَ المُسلِمِينَ أَنَّهُ مُجتَمَعٌ مُنَظَّمٌ مُرَتَّبٌ، وَاضِحَةٌ عَلاقِةُ الفَردِ فِيهِ مَعَ رَبِّهِ وَمَعَ غَيرِهِ، بَل وَمَعَ نَفسِهِ الَّتي بَينَ جَنبَيهِ، وَبِقَدرِ مَا تَكُونُ هَذِهِ العِلاقَاتُ قَوِيَّةً مَتِينَةً، شَدِيدَةَ العُرَى مُحكَمَةَ الفَتلِ، مُتَّبَعًا فِيهَا أَمرُ الشَّرعِ وَمَا رَغَّبَ فِيهِ، مُجتَنَبًا نَهيُهُ وَمَا حَذَّرَ مِنهُ، فَإِنَّ العَبدَ تَستَقِيمُ حَيَاتُهُ وَيَنتَظِمُ أَمرُهُ، وَيَطمَئِنُّ قَلبُهُ وَتَهدَأُ نَفسُهُ، وَيَنشَرِحُ صَدرُهُ وَيَرتَاحُ بَالُهُ، وَيَكُونُ لَهُ شَأنٌ وَمَنزِلَةٌ وَمَكَانَةٌ، فَيُحِبُّهُ رَبُّهُ وَخَالِقُهُ، وَيَألَفُهُ مِنَ الخَلقِ مَن حَولَهُ، فَيُثنَى عَلَيهِ وَيُدعَى لَهُ، وَتَتَيَسَّرُ أُمُورُهُ وَيُوَفَّقُ وَيُسَدَّدُ، وَيَكُونُ في غَالِبِ حَيَاتِهِ في سِترٍ وَعَافِيَةٍ. وَالفَردُ المُسلِمُ في مُجتَمَعِهِ يَكُونُ بَينَ وَالِدَينِ وَإِخوَةٍ وَأَعمَامٍ، وَأَقَارِبَ وَأَصهَارٍ وَأَرحَامٍ، وَجِيرَانٍ وَأَصحَابٍ وَزُمَلاءَ، وَزَوجَةٍ وَأَبنَاءٍ وَحَفَدَةٍ، وَلِكُلٍّ مِن هَؤُلاءِ حَقٌّ يَجِبُ أَن يُعطَاهُ مِن غَيرِ مَنٍّ وَلا أَذًى، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُم وَاجِبٌ لا بُدَّ أَن يُؤَدِّيَهُ اتِّبَاعًا لِلحَقِّ لا جَريًا وَرَاءَ الهَوَى، وَفي صَحِيحِ البُخَارِيِّ أَنَّ سَلمَانَ الفَارِسِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ لأَبي الدَّردَاءِ لَمَّا زَارَهُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيكَ حَقًّا، وَلِنَفسِكَ عَلَيكَ حَقًّا، وَلأَهلِكَ عَلَيكَ حَقًّا، فَأَعطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "صَدَقَ سَلمَانُ". وَإِنَّ مِنَ الحُقُوقِ الَّتي خَصَّ الشَّرعُ بِهَا فِئَةً مِنَ المُجتَمَعِ، وَرَغَّبَ فِيهَا وَجَعَلَهَا في مَكَانٍ عَالٍ وَمَنزِلَةٍ رَفِيعَةٍ، حُقُوقَ كِبَارِ السِّنِّ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِنَّ مِن إِجلالِ اللهِ إِكرامَ ذِي الشَّيبَةِ المُسلِمِ، وَحَامِلِ القُرآنِ غَيرِ الغَالي فِيهِ وَالجَافي عَنهُ، وَإِكرَامَ ذِي السُّلطَانِ المُقسِطِ"؛ رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وفي الصَّحِيحَينِ عَن عَبدِاللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءَنِي رَجُلانِ، أَحَدُهُما أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنهُمَا، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلى الأَكبَرِ مِنهُمَا"، وَفَيهِمَا عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ، والمارُّ عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ"، وَفِيهِمَا مِن حَدِيثِ مَالِكِ بنِ الحُوَيرِثِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤذِّنْ أَحَدُكُم، وَلْيؤُمَّكُم أَكبَرُكُم"، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الصَّغِيرَ وَالكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ وَالمَرِيضَ..."؛ الحَديثَ رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَن لم يَرحَمْ صَغِيرَنَا وَيُجِلَّ كَبِيرَنَا، فَلَيسَ مِنَّا"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ، وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَإِكرَامُ الكِبَارِ لَيسَ بِصَعبٍ وَلا عَسِيرٍ، بَل هُوَ في الوَاقِعِ سَهلٌ يَسِيرٌ؛ لأَنَّ الغَالِبَ أَنَّ كَثِيرًا مِنهُم يَقنَعُونَ بِالقَلِيلِ مِنَ الجَمِيلِ، لَكِنَّ الشَّيطَانَ هُوَ الَّذِي يَحُولُ بَينَ بَعضِ الفِتيَةِ وَالشَّبَابِ وَبَينَ هَذِهِ الطَّاعَةِ الجَلِيلَةِ، وَيُثقِلُهَا عَلَى نُفُوسِهِم، وَيَغُرُّهُم بِشَبَابِهِم وَقُوَّتِهِم وَفُتُوَّتِهِم، وَيُنسِيهِم أَنَّ أُولَئِكَ الكِبَارَ الَّذِينَ قَدِ اشتَعَلَت رَؤُوسُهُم وَلِحَاهُم شَيبًا، كَانُوا قَبلَ عِدَّةِ عُقُودٍ شَبَابًا أَقوِيَاءَ أَصِحَّاءَ، لَكِنَّهَا سُنَّةُ اللهِ في خَلقِهِ، يُولَدُ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ثُمَّ يَقوَى، ثُمَّ يَعُودُ فَيَكبَرُ وَيَشِيبُ وَيَضعُفُ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54]. أَجَل أَيُّهَا الفِتيَانُ وَالشَّبَابُ، إِنَّ مَن تَرونَهُمُ اليَومَ مِن كِبَارِ السِّنِّ مِنَ الآبَاءِ وَالأَعمَامِ وَالأَخوَالِ وَالجِيرَانِ، كَانُوا مِثلَكُم شَبَابًا، بَل رُبَّمَا كَانَ بَعضُهُم أَقوَى مِنكُم وَأَشَدَّ وَأَذكَى، وَمَا ضَعُفَ مِنهُم مَعَ كِبَرِ السِّنِّ إِلاَّ أَبدَانُهُم، وَأَمَّا عُقُولُهُم وَأَفكَارُهُم فَقَد زَكَت وَنَضِجَت، وَأَمَّا نَظرَتُهُم لِلحَيَاةِ فَقَد اكتَمَلَت وَاتَّزَنَت، فَلا يُزَهِّدَنَّكُم فِيهِم أَن قَصُرَت أَبصَارُهُم أَو ثَقُلَ سَمعُهُم، فَإِنَّ لَدَيهِمُ العِلمَ وَالبَصِيرَةَ وَالحِكمَةَ، وَالتَّجرِبَةَ وَالدِّرَايَةَ وَالخِبرَةَ، كَلامُهُم دُرَرٌ، وَقِصَصُهُم عِبَرٌ، وَلَدَيهِمُ الخَبَرُ، فَاستَفِيدُوا مِنهُم وَشَاوِرُوهُم، وَأَنصِتُوا لِنَصَائِحِهِم وَأَطِيعُوهُم، وَخُذُوا بِتَوجِيهِهِم وَلا تُخَالِفُوهُم، وَابدَؤُوهُم بِالسَّلامِ وَأَفسِحُوا لَهُمُ الطَّرِيقَ، وَلا تَمشُوا أَمَامَهُم، وَلا تَتَقَدَّمُوا في المَجَالِسِ بِرَأيٍ بَينَ أَيدِيهِم، وَاخفِضُوا أَصوَاتَكُم عِندَهُم وَلا تُجَادِلُوهُم. أَجَل يَا مَعشَرَ الفِتيَانِ وَالشَّبَابِ والأَبنَاءِ، اِحرِصُوا عَلَى إِكرَامِ كِبَارِكُم، وَلا تُضِيعُوا فُرصَةَ وُجُودِهِم بَينَ أَيدِيكُم، فَإِنُّهُ سيَأتِي عَلَى أَحَدِكُم يَومٌ يَلتَفِتُ فِيهِ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا هَذَا مَجلِسُ أَبِيهِ، وَتِلكَ غُرفَةُ أُمِّهِ، وَهُنَا كَانَ عَمُّهُ، وَثَمَّ كَانَت خَالتُهُ، وَسَيَذكُرُ كِبَارًا كَانَ في يَومٍ مَا يَتَبَرَّمُ مِن مَطَالِبِهِم، وَيَتَمَحَّلُ الأَعذَارَ لِئَلاَّ يَجلِسَ مَعَهُم، قَصَّرَ في خِدمَتِهِم وَإِكرَامِهِم، وَزَهِدَ فِيهِم وَلَم يَحرِصْ عَلَى إِدخَالِ السُّرُورِ عَلَيهِم، ثم ذَهَبَت بِهِمُ الأَيَّامُ وَرَحَلُوا، فَيَوَدُّ حِينَئِذٍ لَو بَذَلَ مِمَّا في يَدِهِ شَيئًا كَثِيرًا وَأَنَّهُ يَرَاهُم وَيَسعَدُ مِنهُم بِدَعوَةٍ خَالِصَةٍ، أَو نَصِيحَةٍ صَادِقَةٍ، أَو تَوجِيهٍ يَعرِفُ بِهِ وِجهَتَهُ، وَحِينَذَاكَ سَيَعلَمُ إِذَا لم يُكرِمْهُ مَن هُوَ أَصغَرُ مِنهُ أَنَّ ما وَجَدَهُ في كِبَرِهِ، هُوَ نَتِيجَةُ مَا بَذَرَهُ في صِغَرِهِ، فَمَن بَرَّ بُرَّ بِهِ، وَمَن أَكرَمَ أُكرِمَ، وَمَن أَعطَى أَخَذَ، وَالبِرُّ لا يَبلَى، وَالإِثمُ لا يُنسَى، وَالدَّيَّانُ لا يَمُوتُ، فَلْيَكُنِ المَرءُ كَمَا شَاءَ، فَكَمَا تَدِينُ تُدَانُ، وَهَل جَزَاءُ الإِحسَانِ إِلاَّ الإِحسَانُ. الخطبة الثانية أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤمِنُونَ، وَقَدِّمُوا الخَيرَ تَجِدُوهُ، وَابذُرُوا البِرَّ تَحصُدُوهُ، وَاغرِسُوا الإِحسَانَ تَجنُوا ثَمَرَتَهُ، وَتَأَمَّلُوا في وَصِيَّةِ اللهِ لِلأَبنَاءِ بِالوَالِدَينِ، وَمَا وَرَدَ مِن تَذكِيرِهِ لَهُم بِكِبَرِهِمَا وَاحتِيَاجِهِمَا بِسَبَبِ ذَلِكَ لَلرَّحمَةِ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].فَكُلَّمَا كَبِرَ الوَالِدَانِ كَانَ وَاجِبُ البِرِّ بِهِمَا أَكبَرَ، وَكُلَّمَا ضَعُفَا كَانَ الإِحسَانُ إِلَيهِمَا أَوجَبَ، وَالغَالِبُ أَنَّهُمَا قَد شَبِعَا مِنَ الدُّنيَا وَقَنِعَا، فَلا يُرِيدَانِ إِلاَّ كَلِمَةً طَيِّبَةً وَقَولًا كَرِيمًا، وَعِبَارَةً لَيِّنَةً وَدُعَاءً وَثَنَاءً، فَانتَبِهْ لِذَلِكَ أَيُّهَا الفَتَى أَوِ الشَّابُّ، وَإِذَا رَأَيتَ ضَعفَ وَالِدَيكِ، فَاذكُرْ ضَعفَكَ في صَغِرِكَ، وَإِذَا مَلَلتَ مِن خِدمَتِهِمَا لِعَجزِهِمَا، فَاذكُرْ عَجزَكَ عَن نَفسِكَ في صِغَرِكَ، وَكَيفَ أَنَّهُمَا حَمَلاكَ وَرَبَّيَاكَ، وَمَنَحَاكَ وَأَعطَيَاكَ، وَصَبَرَا عَلَيكَ وَأَحسَنَا إِلَيكَ، فَلَو كَانَ ذَلِكَ مِن غَيرِهِمَا لَكَانَ كَافِيًا في وُجُوبِ الوَفَاءِ وَرَدِّ الجَمِيلِ، فَكَيفَ بِمَن أَنتَ جُزءٌ مِنهُمَا، وَبَضعَةٌ مِن أَجسَادِهِمَا، وَقِطعَةٌ مِن قُلُوبِهِمَا؟! فَاللهَ اللهَ يَا ذَوِي الأَلبَابِ وَأَصحَابَ العُقُولِ، أَكرِمُوا الشُّيُوخَ وَأَجِلُّوا الكُهُولَ، وَاغتَنِمُوا وَقتَ وَجُودِهِم فَإِنَّهُ لَن يَطُولَ، وَاعلَمُوا أَنَّ الفُرَصَ تَمضِي وَتَزُولُ، وَأَنَّ مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يُعدَمْ حُسنَ الجَزَاءِ... مَن يَفعَلِ الخَيرَ ![]() لا يُعدَمُ جَوَازِيَهُ ![]() لا يَذهَبُ العُرفُ ![]() بَينَ اللهِ وَالنَّاسِ
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |