التحذير من الإسراف في الماء والهدر الغذائي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 618 - عددالزوار : 24896 )           »          الأخطاء الطبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          إصدارات لتصحيح المسار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 10468 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 41 - عددالزوار : 25639 )           »          حديث أبي ذر.. رؤية إدارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 156 )           »          أسبـــاب هـــلاك الأمـــم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 490 - عددالزوار : 203860 )           »          قراءة سورة الأعراف في صلاة المغرب: دراسة فقهية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          دلالة الربط ما بين الحب ذي العصف والريحان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أقسام الشرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 18-04-2025, 01:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,823
الدولة : Egypt
افتراضي التحذير من الإسراف في الماء والهدر الغذائي

التَّحْذِيْرُ مِنَ الإِسْرَافِ فِيْ المَاءِ، وَالهَدْرِ الغِذَائِيِّ

الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

الخُطبَةُ الأُولَى
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُم عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

1- عبَادَ اللَّهِ: لقَدْ أَسْبَغَ الله عَلَيْنَا نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً، مِنَ الْأَكْلِ وَالشَّرَابِ وَاللِّبَاسِ وَالْمَسْكَنِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ نِعَمِهِ الَّتِي تعد، ولَا تُحْصَى.

2- وَمِنْ هَذِهِ النِّعَمِ هَذَا الْمَاءُ الَّذِي نَشْرَبُهُ وَتَقُومُ عَلَيْهِ جَمِيعُ شُؤُونِ حَيَاتِنَا مَا جَاءَ بِحَوْلِنَا وَلَا بِقُوَّتِنَا.

3- قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴾ [الواقعة: 68، 69].

4- فَالْمَاءُ جعله الله عِمَادٌ مِنْ أَعْمِدَةِ الْبَقَاءِ فِي الْحَيَاةِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُعْتَبَرُ أَسَاسَهَا، وَمِنْ مُقَوِّمَاتِ الْعَيْشِ عَلَى الْأَرْضِ لِكُلِّ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ، قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ [الأنبياء: 30].

5- فَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَتَخَيَّلَ الْحَيَاةَ بِدُونِ مَاءٍ، فَبِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَنِعَمِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى يُنْزِلُ الْمَاءَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَهَذَا الْمَاءُ الْمُبَارَكُ مِنْ أَغْلَى مَا تَمْلِكُ الْبَشَرِيَّةُ لِاسْتِمْرَارِ حَيَاتِهَا بِإِذْنِ اللَّهِ.

6- فَالْمَاءُ نِعْمَةٌ رَبَّانِيَّةٌ، يَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بِتَرْشِيدِ اسْتِخْدَامِهِ فِي كَافَّةِ صُوَرِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي حَيَاتِنَا الْيَوْمِيَّةِ، حَتَّى فِي الوُضُوءِ وَالذِي هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ يَجِبُ الِاقْتِصَادُ فِي الماءِ.

7- وَنَهَى اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عن التَّبْذِيرِ وَالإسْرَافِ فِيهَا؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].

8- عِبَادَ اللَّهِ: يَجِبُ نَشْرُ الْوَعْيِ بَيْنَ النَّاسِ بِعَدَمِ الْإِسْرَافِ وَيَجِبُ تَرْبِيَةُ الصِّغَارِ عَلَى ذَلِكَ.

9- والدَّوْلَةُ بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا، تَبْذُلُ الأَمْوَالَ الطَّائِلَةَ لِتَوْفِيرِ المِيَاهِ لِلنَّاسِ فِي مَنَازِلِهِمْ وَمَسَاجِدِهِمْ، وَتَجْلُبُهَا مِنْ مَسَافَاتٍ بَعِيدَةٍ، وَتَعْمَلُ عَلَى تَحْلِيَةِ الْمِيَاهِ وَتَنْقِيَتِهَا، فَفِيهَا مَشَارِيعُ عِمْلاقَةٌ؛ لِتَسْخِيرِ جَمِيعِ الإِمْكَانَاتِ لِتَلْبِيةِ حَاجَةِ النَّاسِ مِنْ الماءِ، وَالذِي يُعْتَبَرُ الشِّرْيَانَ الأَعْظَمَ لِلْحَيَاةِ.

10- نَحْنُ نَعِيشُ فِي بِلَادِنَا، وَلِلَّهِ الَحمْدُ فِي أَمْنٍ وَأَمَانٍ وَرَغَدِ عَيْشٍ مُقَارَنَةً بِبَقِيَّةِ بُلْدَانِ العَالَمِ.

11- فبِلَادَنَا صَحْرَاوِيَّةٌ شَحِيحَةُ الِميَاهِ إِذْ تَعْتَمِدُ بَعْدَ اللَّهِ عَلَى الأَمْطَارِ: فَلا بُدَّ مِنْ الِاقْتِصَادِ فِي اسْتِخْدَامِ المَاءِ حَتَّى نُوَفِّرَ مِنْهُ لِأَنْفُسِنَا، وَمُجْتَمَعِنَا، وَأُمَّتِنَا.

12- فَلا بُدَّ لَنَا جَمِيعًا أَنْ نَسْتَشْعِرَ هَذِهِ المَسْؤُولِيَّةَ تِجَاهَ أَنْفُسِنَا وَتَجَاهَ مُجْتَمَعِنَا، عَلَيْنَا أَيُّهَا المُسْلِمُونَ أَنْ نُحَافِظَ عَلَى المِيَاهِ.

13- وَلَا نُسْرِفَ فِي اسْتِخْدَامِهَا فَالإِسْرَافُ لا يَلْزَمُ أَنْ يُصَاحِبَهُ شُحُّ المَصْدَرِ، فَقَدْ أُمِرْنَا بِعَدَمِ الإِسْرَافِ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا، فَكَيْفَ إِذَا قَلَّتْ الميَاهُ.

14- فَيَجِبُ عَلَى النَّاسِ جَمِيعًا عَدَمُ هَدْرِ المِيَاهِ؛ سَوَاءً فِي مَنَازِلِهِمْ، أَوْ مَسَاجِدِهِمْ، أَوْ مَدَارِسِهِمْ، أَوْ مَزَارِعِهِمْ، فَيَلْزَمُنَا جَمِيعًا المحَافَظَةُ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ، لِنَتَّقِيَ بِالتَّرْشِيدِ مَغَبَّةَ الجَفَافِ.

15- وَشُحَّ الميَاهِ وَنَقْصَهَا فِي بَاطِنِ الأَرْضِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 18].

16- عِبَادَ الله: وَالْإِسْرَافُ الَّذِي نَخْشَى مِنْ عَوَاقِبِهِ؛ لَيْسَ فِي الْمِيَاهِ فَقَطْ؛ فَفِي الْأَكْلِ أَظْهَرَ وَأَشْهَرَ؛ فَعَلَيْنَا تَقْوَى اللَّهِ، وَالْخَوْفُ مِنْهُ، وَتَرْكِ هَذَا الْخُلُقِ الذَّمِيمِ الَّذِي يَكْفِي فِي التَّنْفِيرِ مِنْهُ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ﴾ [الإسراء: 27].

17- فَعَلَيْكَ أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي نَفْسِكَ وَفِي أَهْلِكَ؛ فَعِنْدَ الانْتِهَاءِ مِنَ الْأَكْلِ سَوَاءً فِي الْمَنْزِلِ أَوِ الْمَطْعَمِ الاحْتِفَاظُ بِبَقَايَا الطَّعَامِ لِوَقْتٍ آخَرٍ، أَو التَّصَدُّقِ بِهِ؛ فَعِنْد مُغَادَرَةِ المَطْعَمِ خُذِ الْبَقَايَا وَلَا تَتَكَبَّرَ، أَوْ تَتَحَرَّج مِنْ أَخْذِهِ، فَالْخَوْفُ مِنْ اللهِ يَرْفَعُ كُلُّ حَرَجٍ أَوْ كِبَرٍ.

18- وَمِنْ الْإِسْرَافِ الظَّاهِرِ: الْإِسْرَافُ فِي الْمَلَابِسِ، وَهَذَا يَنْدَى لَهُ الْجَبِينُ؛ فَعَلَيْنَا تَقْوَى اللهِ فِي أَنْفُسِنَا، وَالْبُعْدِ عَنِ الْإِسْرَافِ فِي كَافَّةِ صُوَرِهِ وَأَشْكَالِهِ. وَعَنْ عَبْد الله بْنُ عَمْرُو بن العَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: (كُلُوا، واشرَبُوا، وتصدَّقُوا، والبَسُوْا فِيْ غَيْرِ إِسْرافٍ وَلَا مَخِيلةٍ).

19- عِبَادَ الله: وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَعَاوَنَ مَعْ هَذِهِ الْجَمْعِيَّات الْمُرَخَّصَةِ الَّتِي تَعْتَنِي بِحِفْظِ النِّعْمَةِ، خَاصَّةً فِي الْمُنَاسَبَاتِ الْكُبْرَى كَالْزَّوَاجَاتِ، وَاللِّقَاءَاتِ الْأُسَرِيَّةِ الَّتِي تَكُوْنُ فِيهَا زَوَائِدٌ مِنَ الْطَّعَامِ.

20- وَيُقَوْمُ بِالِاتِّصَالِ بِهَا، وَالتَّنْسِيقِ مَعَهَا قَبْلَ مَوْعِدِ المُنَاسَبَاتِ بِوَقْتٍ كَافٍ، حَتَّى تَتَمَكَّنَ هَذِهِ الْجَمْعِيَّةُ مِنَ التَّخْطِيطِ، وَالتَّنْسِيقِ، وَتَسْلِيمِ هَذِهِ الْوَجَبَاتُ بِصُورَةٍ مِنْ صُوَرِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْنِّعَمِ، وَالتَّخَلُّصِ مِنَ الْهَدْرِ الْغِذَائِيِّ.

21- كَذَلِكَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْنَا عِنْدَمَا يَتَبَقَّى بَقَايَا طَعَامٍ يَصْعُبُ عَلَيْنَا تَوْصِيلِهَا لِتِّلْكَ الْجِهَاتِ إِمَّا بِسَبَبِ بُعْدِ الْمَكَان، أَوْ أَنَّ تِلْكَ الْبَقَايَا لَا تُعَدُّ بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْجَمْعِيَّاتِ وَجَبَاتٌ تُعَادِلُ مَا تَكَلَّفَتْ بِهِ تِلْكَ الْجَمْعِيَّاتُ مِنْ تَجْهِيزَاتٍ وَغَيْرِهَا، فَعَلَيْنَا أَنْ نَقُومَ بِأَنْفُسِنَا بِوَضْعِهِ بِأَوَانِي نَظِيفَةٍ، وَتَهْيِئَتِهِ بِشَكْلٍ مُرِيحٍ لِلْعَيْنِ، وَيُقَامُ بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمُحْتَاجِينَ.

22- كَذَلِكَ لَابُدَّ أَنْ يَعْتَنِي الْجَارُ بِجَارِهِ، فَإِذَا زَادَ شَيْئًا مِنْ وَجَبَاتِهِ أَنْ يَقُومَ بِتَسْلِيمِهَا لَهُ.

23- كَذَلِكَ أَلَّا يُطْلَبُ أَطْعِمَةً مِنَ الْمَطَاعِمِ فَوْقَ حَاجَتِهِ، وَحَاجَةِ أُسْرَتِهِ.

24- كَذَلِكَ عَلَيْنَا أَلَّا نَقُوْم بِصُنْعِ طَعَامٍ فَوْقَ الحَاجَةِ.

25- وَبِذَلِكَ نُحَافِظُ عَلَى تِلْكَ النِّعَمِ، وَنُوَرِّثُ لِأَوْلَادِنَا بِأَنَّ هَذِهِ النِّعَمِ يَجِبُ أَنْ نَشْكُرَ اللهَ عَلَيْهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112]

26- وَمِنْ شُكْرِ النِّعْمَةِ أَلَّا تُرْمَى، وَأَلَّا يُسْرَفُ فِيْهَا، وَأَلَّا نَتَجَاوَزُ مَا أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْنَا. أَعَانَنَا اَللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَوَفَّقَنَا لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًَا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًَا كَثِيرًَا.

أمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

27- عِبَادَ اَللَّهِ: اِتَّقُوا اَللَّهَ حَقَّ اَلتَّقْوَى، وَاعْلَمُوا بِأَنَّ اَلْمَسْؤُولِيَّةَ اَلْمُلْقَاةُ عَلَى عَوَاتِقِنَا عَظِيمَة، مَسْؤُولِيَّة حِمَايَةِ أَبْنَائِنَا، وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِنَا مِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْفِكْرِيَّةِ وَالْعَقَدِيَّةِ، وَمِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْأَخْلَاقِيَّةِ، فَعَلَى كُلٍّ مِنَّا أَنْ يَقُومَ بِمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ، بِحِمَايَةِ هَذِهِ اَلنَّاشِئَةِ مِنْ جَمِيعِ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. أَوْ تَضُرُّ بِبِلَادِهِمْ، جَعَلَهُمْ رَبِّي قُرَّةَ أَعْيُنٍ لَنَا.

28- عِبادَ اللهِ: إِنَّ مِن أَعظَمِ المَظاهِرِ: الإِسراف، وأَشَدّها خَطَرًا، وأَكثَرِها أَلَمًا، المُباهَاة في الاحتِفالاتِ، والمُبالَغَة في تَجهيزاتِها، فَلا يُهِمُّ صاحِب الوَليمَةِ إِلَّا المُباهَاةُ، وتَصويرُ هذا الإِسرافِ، الَّذي لا يُحِبُّهُ اللهُ.

29- إِنَّ المَناظِرَ المُؤذِيَةَ الَّتي تَقشَعِرُّ مِن هَولِها الأَبدانُ، تِلكَ المُباهَاةُ، والمَظهَرِيَّةُ الجَوفاءُ في إِعدادِ الوَلائِمِ، فيُعَدُّ لأَلفِ شَخصٍ، ما يَكفي لِمِئَةِ أَلفِ شَخصٍ، وما يَكفي لِشَخصٍ، لِأَلفِ شَخصٍ.

30- بَل رَأَينا مِنَ المُباهَاةِ، في الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ، الإِسراف في إِعدادِ قُصورِ الأَفراحِ، فَتُنفَقُ المَلايينُ مِن أَجلِ زَواجٍ واحِدٍ، ويُصَوَّرُ بِشَكلٍ مُحزِنٍ أَعدادٌ هائِلَةٌ مِنَ العامِلينَ والعامِلاتِ، لِتَقديمِ خَدماتٍ لِلضُّيوفِ، يُعَدُّونَ بِالمِئاتِ، كُلٌّ مِنهُم يَحمِلُ مِنَ الأَطعِمَةِ، ما قَد يَفوقُ عَدَدَ الحُضورِ، أَلَا يَخشَونَ هؤُلاءِ مِن سَخَطِ اللهِ عَلَيهِم، وَعَلَى مُجتَمَعاتِهِم؟ أَلَا يَخشَونَ أَن يُحِلَّ بِقَومِهِم دارَ البَوارِ!

31- عبادَ اللهِ: إِنَّ هذَا الإِسْرَافَ وَالتَّبْذِيرَ، لَهُ أَضْرَارٌ عَظِيمَةٌ، اقْتِصَادِيَّةٌ، وَدِينِيَّةٌ، وَاجْتِمَاعِيَّةٌ؛ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ للهِ وَلِرَسُولِهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –، وَهَدْرٌ لِلْمَالِ، وَتَبْدِيدٌ لِلثَّرْوَةِ الحَيَوَانِيَّةِ فِي غَيْرِ مَنْفَعَةٍ، وَإِشْغَالٌ لِلذِّمَمِ بِالدُّيُونِ فِي غَيْرِ طَائِلٍ، وَهُوَ سَبَبٌ فِي تَكَلُّفِ مَا لاَ يُطَاقُ، وَفِي انْهِدَامِ بُنْيَانِ التَّرَاحُمِ وَالتَّكَافُلِ بَيْنَ النَّاسِ. فَكَيْفَ يَرْضَى المُؤْمِنُ أَنْ يُبَاهِيَ بِمَا يُغْضِبُ اللهَ؟! وَكَيْفَ يُسْرِفُ فِي مَالِهِ، وَفِي الأُمَّةِ فَقِيرٌ لاَ يَجِدُ قُوتَ يَوْمِهِ؟! أَفَلاَ يَتَّقِي اللهَ مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟!

32- إِذا كانَ الإِنسانُ سَيُسأَلُ عَن نَعيمٍ يَسيرٍ، فَكَيفَ بِهذِهِ النِّعَمِ، الَّتي فاقَتِ الوَصفَ، وتَعَدَّتِ التَّخَيُّلاتِ؟ فَلا يَتَصَوَّرُ إِنسانٌ أَنَّ وَليمَةَ عُرسٍ كَلَّفَت مَلايينَ مِنَ الأَموالِ، كافِيَةٌ لِبِناءِ مَساجِدَ، أَو إِسكانٍ لِمُعوزٍ أَو مُحتاجٍ، أَو مُعالَجَةِ مَرضى، أَو بِناءِ مُستَشفَياتٍ.

33- إِنَّ عَلَى المُجتَمَعِ جَميعًا التَّحذيرَ مِن هذِهِ الاحتِفالاتِ، وَلَو بِعَدمِ حُضورِها، حَتّى لا يُشَجِّعُوا أَصحابَها عَلَى هذِهِ المَعاصِيَ الواضِحَةِ، والمُنكراتِ الفاضِحَةِ، رَزَقَنا اللهُ الخَوفَ مِنهُ في السِّرِّ والعَلَنِ.

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِـمَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلَا تُعَامِلْنَا بِـمَا نَـحْنُ أَهْلُهُ، أَنْتَ أَهْلُ الْـجُودِ وَالْكَرَمِ، وَالْفَضْلِ والإِحْسَانِ, اللَّهُمَّ اِرْحَمْ بِلَادَكَ, وَعِبَادَكَ, اللَّهُمَّ اِرْحَمْ الشُّيُوخَ الرُّكَّعَ، وَالْبَهَائِمَ الرُّتَّعَ اللَّهُمَّ اِسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَـجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِيـنَ، اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، يَا ذَا الجـلَالِ، والإِكْرامِ, يَا ذَا الجـلَالِ، والإِكْرامِ، أَكْرِمْنَا وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ, اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ, اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَمْكُمُ الله.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 83.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.19 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.05%)]