غزوة مؤتة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كلام القاضي ابن العربي في تحسين الصوت بالقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          البشرية وعبادة الشهوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          المجاهدة في ترك الذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          احترام كبار السن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          النعل الضائعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الهدايات المكنونة في يومك، لو أبصرتَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الرد الجميل المُجْمَل على شبهات المشكِّكِين في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          سوانح تدبرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 5471 )           »          ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-07-2024, 07:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,578
الدولة : Egypt
افتراضي غزوة مؤتة

غَزْوَةُ مُؤْتَةَ

أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

الخُطْبَةُ الأُوْلَى
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70، 71]، ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:
فَمَا زَالَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ - عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ «غَزْوَةِ مُؤْتَةَ».


وغَزْوَةُ مُؤْتَةَ - أَيُّهَا النَّاسُ - كَانَتْ أَعْظَمَ حَرْبٍ دَامِيَةٍ خَاضَهَا المُسْلِمُونَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ مُقَدِّمَةٌ وَتَمْهِيْدٌ لِفُتُوحِ بُلْدَانِ النَّصَارَى[1].

فَفِي جُمَادِ الأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ، بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَيْشًا قُوَامَهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ مُقَاتِلِ إِلَى الشَّامِ.

وَقَدْ عَيَّنَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدَ بْنَ حَارِثَةِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَإِنْ أُصِيْبَ فَجَعْفَرُ بْن أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَإِنْ أُصِيْبَ فَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - جَاءَ ذَلِكَ فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[2].

وَهَذِهِ - أَيُّهَا النَّاسُ - يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيْقِ الإِمَارَةِ بِشَرْطٍ، وَتَوَلَيَةِ عِدَّةِ أُمَرَاءَ بِالتَّرْتِيْبِ[3]، وَهَذِهِ هِيَ المَرَّةُ الأُوْلَى - أَيُّهَا النَّاسُ - الَّتِي يَتَّخِذُ الرَّسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ هَذَا الاحْتِيَاطِ، وَرُبَّمَا كَانَ مُتَوَقِّعًا أَنْ تَحُفَّ الأَخْطَارُ هَذِهِ الحَمْلَةَ لِوَجْهَتِهَا البَعِيْدَةِ، وَلِعَدَمِ وُقُوعِ احْتِكَاكٍ سَابِقٍ بِمَنَاطِقَ تَخْضَعُ لِنُفُوذِ دَوْلَةٍ قَوِيَّةٍ كَالأَمْبَرَاطُورِيَّةِ البِيْزَنْطِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ قَبَائِلُ الشَّامِ وَأَطَرْافُهَا مُوَالِيَةٍ لَهَا سِيَاسِيًّا.

وَقَدْ وَصَلَ الجَيْشُ - أَيُّهَا النَّاسُ - إِلَى مَعَّانِ عِنْدَمَا وَصَلَتُهُ أَخْبَارُ وُصُولِ هِرَقْلَ بِأَرْضِ مَآبٍ - وَهِيَ البَلْقَاءُ - فِي مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّوْمِ، وَمِائَةِ أَلْفٍ أُخْرَى مِنْ نَصَارَى العَرَبِ لَخَمَ وَجُذَامَ وَقُضَاعَةَ (بَهْرَاءَ، وَبَلَيَّ، وَبَلْقِين).

فَأَمْضَى المُسْلِمُونَ لَيْلَتَيْنِ يَتَشَاوَرُونَ فِي أَمْرِهِمْ، وَبَعْضُهُمْ يَرَى مُكَاتَبَةَ الرَّسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِخْبَارَهُ بِقُوَّةَ العَدُوِّ وَلِيَمُدَّهُمْ أَوْ يَأْمُرَهُمْ بِأَمْرِهِ، قَالَ: فَشَجَّعَ النَّاسَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَقَالَ: «يَا قَوْمِ، وَاَللَّهِ إنَّ الَّتِي تَكْرَهُونَ، لَلَّتِي خَرَجْتُمْ تَطْلُبُونَ الشَّهَادَةُ، وَمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ بِعَدَدِ وَلَا قُوَّةٍ وَلَا كَثْرَةٍ، مَا نُقَاتِلُهُمْ إلَّا بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي أَكْرَمَنَا اللهُ بِهِ، فَانْطَلِقُوا فَإِنَّمَا هِيَ إحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إمَّا ظُهُورٌ وَإِمَّا شَهَادَةٌ»[4].

وَأَحْدَثَتْ كَلِمَاتُهُ أَثَرَهَا فَدَبَّ الحَمَاسُ فِي الجَيْشِ، وَفَقَدَتْ أَرَاءُ المُتَرَيِّثِيْنَ قُوَّتَهَا، فَانْدَفَعَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِالنَّاسِ إِلَى مَنْطِقَةِ مُؤْتَةَ جَنُوبَ الكَرْكِ بِيَسِيْرِ؛ حَيْثُ آثَرَ الاصْطِدَامَ بِالرُّومِ هُنَاكَ، فَكَانَتْ مَلْحَمَةً سَجَّلَ فِيْهَا القَادَةُ الثَّلَاثَةُ بُطُولاَتٍ عَظِيْمَةً، انْتَهَتْ بِاسْتِشْهَادِهِمْ، فَشَاطَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَنْ رِمَاحِ الرُّوْمِ، فَاسْتُشْهِدَ، وَأَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَعَقَرَ فَرَسَهُ الشَّقْرَاءَ، وَقَاتَلَ بِالرَّايَةِ فَقُطِعَتْ يَمِيْنُهُ، فَأَمْسَكَهَا بِشِمَالِهِ، فَقُطِعَتْ فَاحْتَضَنَ الرَّايَةَ حَتَّى اسْتُشْهِدَ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَتَرَدَّدَ يَسِيْرًا، ثُمَّ انْدَفَعَ فَقَاتَلَ حَتَّى اسْتُشْهِدَ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ ثَابِتُ بْنُ أَرْقَمَ وَنَادَى فِي المُسْلِمِيْنَ أَنْ يَخْتَارُوا لَهُمْ قَائِدًا، فَاخْتَارُوا خَالِدَ بْنَ الوَلِيْدِ، وَقَدْ أَدْرَكَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيْد خُطُورَةَ المَوْقِفِ، فَأَعَادَ تَنْظِيْمَ جَيْشِهِ، وَبَدَّلَ المُيْسَرَةَ بِالمَيْمَنَةِ، وَجَعَلَ قِسْمًا مِنَ الجَيْشِ يَتَقَدَّمُونَ مِنَ الخَلْفِ وَكَأَنَّهُمْ أَمْدَادٌ جَدِيْدَةٌ، لِإيْهَامِ الرُّوْمِ، وَتَمَكَّنَ مِنْ خِلاَلِ ذَلِكَ مِنَ القِيَامِ بِانْسِحَابٍ مُنَظَّمٍ لَمْ يُفْقِدْهُ إِلَّا اليَسِيْرَ مِنْ جُنْدِهِ، حَيْثُ سَمَّتِ المَصَادِرُ ثَلاَثَةَ عَشَرَ شَهِيْدًا.

وَيُعْتَبَرُ هَذَا الانْسِحَابُ المُنُظَّمُ النَّاجِحُ - أَيُّهَا النَّاسُ - فَتْحًا عَظِيْمًا، حَيْثُ تَمَكَّنَ خَالِدُ مِنْ انْقَاذِ جَيْشِهِ، مِنْ بَحْرٍ مُتَلَاطِمِ الأَمْوَاجِ وَمِنْ فَيَالِقَ تَرْبُوْ عَلَيْهِمْ سَبْعِيْنَ ضِعْفًا بِخَسَائِرَ طَفِيْفَةٍ مَعَ الإِثْخَانَ فِي الرُّوْمِ وَإِصَابَتِهِمْ بِقَتْلَى وَجَرْحَى.

وَلاَ شَكَّ أَنَّ اسْتِبْسَالَ المُسْلِمِيْنَ - أَيُّهَا النَّاسُ - وَشَجَاعَتَهُمُ النَّادِرَةِ، وَحِرْصَهُمْ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالإِضَافَةِ إِلَى عَبْقَرِيَّةِ خَالِدٍ العَسْكَرِيَّةِ هُوَ الَّذِي مَكَّنَ لَهُمْ بِعَوْنِ اللهِ مِنَ الخَلاَصِ مِنَ المَأْزَقِ.

لَقَدْ وُجِدَ فِي جَسَدِ جَعْفَرَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَكْثَرَ مِنْ تِسْعِيْنَ إِصَابَةً بِالرِّمَاحِ وَالسِّهَامِ، جَاء ذَلِكَ فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[5]، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - وَكَانَ حَاضِرًا، وَمَا أَقْعَدَهُ ذَلِكَ عَنِ القِتَالِ حَتَّى الرَّمَقِ الأَخِيْرِ.

وَيُحَدِّثُنَا خَالِدُ بْنُ الوَلِيْدِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كَمَا فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[6]، بِقَوْلِهِ: «لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ».

وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَخْبَرَ أَصْحَابَهُ باسْتِشْهَادِ القَادَةِ الثَّلَاثَةِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ الدُّمُوعَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الرَّسُولُ بِالخَبَرِ، وَأَخْبَرَهُمْ بِاسْتِلَامِ خَالِدٍ الرَّايَةَ وَبَشَّرَهُمْ بِالفَتْحِ عَلَى يَدَيْهِ، فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[7] مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ، حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ».

وَالمُرَادُ بِالفَتْحِ فِي هَذَا الحَدِيْثِ - أَيُّهَا النَّاسُ - إِمَّا ِالاِنْسِحَاب المُنُظَّمُ النَّاجِحُ، وَإِمَّا مَا أَوْقَعَهُ المُسْلِمُونَ بِالرُّومِ مِنْ خَسَائِرِ رُغْمَ تَفَوُّقِهِمُ العَدَدِيُّ الكَبِيْرُ، وَقَدْ بَيَّنَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَانَةَ شُهَدَاءِ مُؤَتَةَ عِنْدَ اللهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِقَوْلِهِ كَمَا فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [8]، مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَسُرُّنَي - أَوْ قَالَ: مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا؛ أَيْ: لِمَا نَالَهُمْ مِنْ عَظِيْمِ التَّكْرِيْمِ»[9].

وَقَدْ أَبْدَلَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - جَعْفَر بِيَدَيْهِ جَنَاحَيْنَ فِي الجَنَّةِ، فَفِي «سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ» وَ«مُسْتَدْرَكِ» الحَاكِمِ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «الصَّحِيْحَةِ»[10]، مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَأَيْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مَلِكًا يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلائِكَةِ بِجَنَاحَيْنِ».

وَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[11] عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: «السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ».

وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

[1] «الرَّحِيْقُ المَخْتُومِ» (394).

[2] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4261).

[3] «فَتْحُ البَارِيِّ» (7/513).

[4] «ابْنُ إسْحَاقَ» دُونَ إِسْنَادٍ، انْظُرْ : «سِيْرَةُ ابْنِ هِشَام» (3/430).

[5] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4265).

[6] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4262).

[7] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (2798).

[8] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (2798).

[9] انْظُرْ : «السِّيْـرَةُ الَّبَوِيَّة الصَّحِيْحَةِ» لِلعِمَرِي بَاب: غَزْوَةُ مُؤْتَة، فَقَدْ أَفَدُّتُ مِنْهُ كَثِيْرًا.

[10] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيِّ (3763)، وَالحَاكِمِ (4935)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «الصَّحِيْحَةِ» (1226).

[11] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3709).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.01 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]