وصرخ الغلام بعزة! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         السخرية في سورة ( المنافقون) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الأخلاق في حياتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 19 )           »          وقفة تربوية مع التقوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          فتح مكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 29 - عددالزوار : 1774 )           »          فتنة المسلمين في الغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          معركة مرج الصفر شرقي شقحب بحوران (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          أبو مسلم الخراساني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 9 )           »          ابن العديم .. مؤرخ يعشق حلب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > روضة أطفال الشفاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

روضة أطفال الشفاء كل ما يختص ببراءة الأطفال من صور ومسابقات وقصص والعاب ترفيهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-05-2021, 02:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي وصرخ الغلام بعزة!

وصرخ الغلام بعزة!
عبدالكريم عبدالله باعبدالله


كثرةُ الحركة لدى الأطفال، وإصدار الأصوات "المزعجة لنا" - عادةٌ لا تتوقَّف، وتعرفها أغلب البيوت، وهي إلى السَّواء أقربُ منها إلى الاضطراب، إلا أن طفلَنا الصغير في هذه الحادثة الذي لم يبلغ الحادية عشرة من عمره - يجأر بصراخٍ مدوٍّ وفي مكان تملؤه السكينة والهدوء؛ في: المسجد!

في أحد الأيام، في صلاة الفريضة الجهرية، وبعد انتهاء الإمام من قراءة آخرِ آية من سورة الفاتحةِ، دوَّى طفلٌ صغير يقف خلف الإمام بأعلى صوته: (آآآآمييييين) ويمدها طويلًا، شذَّ بها عن أداء المصلين، ترنُّ صداها عبر "مكبرات الصوت"، تكرَّر فعل هذا الطفل في "التأمين" في عدة صلوات جهرية؛ فاشتكى الإمام وبعض المصلين من إزعاجِه، فنظروا في زجرِه أو تأديبه، فلم يفلحوا في الإمساك به عدَّة مرات؛ إذ ينصرف في كل مرة بعدَ التسليم فورًا.

وذات مرةٍ صلى بجواره أحدُ المصلين، وجذبه بعد الصلاة مباشرة قبل نهوضِه! فقال له معاتبًا: بُنيَّ، ألا تعرف كيف تصلِّي؟ وكيف يؤمِّن الرجل في الصلاة الجهرية؟! لِمَ كلُّ هذا الإزعاج الذي يصدر منك عند "التأمين"، لقد أذهبْتَ خشوع المصلين، وحرَمْتَهم السَّكِينة (العتاب مسيطر)؟!

الطفل في صمتٍ مُطبقٍ وإنصات حائر!
ألا تتكلَّم يا ولدي! لِمَ تفعل هذا؟!

فأخذ الطفلُ يخرج حروفه، ويسلسل عباراته، قال: يا عمِّ، بيتي الذي أسكن فيه بجوار المسجد، وأنا أخرج للصلاة وحدي، ويبقى والدي خلفي بالبيت لا يُصلِّي، ولا سبيل لي في نصحه، إلا أن أُسمِعَه صوتي عبر "مكبر الصوت"؛ لعله يسمعُه فيتحرك قلبه، ويرق لي فيأتي للصلاة!
وسأبقى على هذه الحال حتى أُسمِعَه!

طَأْطأ الرجل رأسه، وامتلأ خجلًا، ثم وعد الطفل بخيرٍ، ثم عزم مع المصلين وإمام المسجد على زيارة والده في بيتِه، وتفقُّده للصلاة.
سبحان الله!

تغيَّر حال الأب، فاستحال هجره للصلاة بعد تلك الزيارة المباركة إلى أن أصبحَ حمامةً في المسجد بعد علمه بحيلةِ ولده الصغير، وحرصه على هدايته.

وكأني بولده بعد ما كان يرمقُه من طرف البيت وكله شفقةٌ وصدق أن يرى أباه حيث فقَدَه في المسجد - ها هو الآن مبتهجٌ، تملؤه السعادة حين أصبح أبوه يأخذه بنفسه إلى هناك!

ما أعظَمَ أن ينشأ الطفل على الغَيْرةِ على دينه، ويعظُم حب الله في قلبه، ويعلو في حسِّه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! إنه امتثال حيٌّ لقوله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].

الاحتساب عبادةٌ مَنوطة بالمسلم، فيُسدي النُّصْح، ويَبذُلُ المعروف بالمعروفِ، ويسدُّ الخلل وينهى عن المنكر بلا منكر؛ لأنه واجب إن لم تَقُمِ الكفاية به.

من هذه القصة المرويَّة قديمًا عن أحد الدعاة، أشير إلى وقفات حول تربية أولادِنا على هذه الشعيرة العظيمة: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر):
إن أرَدْنا تنشئةَ جيل معتزٍّ بمبادئه وعقيدته الإسلامية، شامخ بقيمه، لا يقبل الدنيَّة في دينه، ولا الإقصاء ولا السلبية - يجبُ أن نُحييَ فيه معانيَ الأمة المسلمة، ومسؤوليته نحوَها، ونجنِّبَه سلوك الأنانيَّة المقيتة والانزواء، ونعلو به فوق دوائر الانتماءات الضيِّقة؛ كالقبيلة والعشيرة، كما ننأى به عن العيش في حيِّز المنافع الدنيوية والشخصية فقط، ونؤكِّد عليه ما جاء في قصة حديث "السفينة" الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ القائم في حدود الله والواقع فيها؛ كمثل قوم استهَموا على سفينة، فصار بعضُهم أعلاها، وبعضهم أسفلَها، وكان الذين في أسفلها إذا استَقَوْا من الماء مرُّوا على مَن فوقهم، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نصيبنا خرقًا، ولم نُؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجَوْا، ونَجَوْا جميعًا))؛ رواه البخاري.

علينا أن نؤصِّل لدى الأبناء معنى النصيحةِ، وحاجة كلِّ فرد في المجتمع إليها، قال صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة - ثلاثًا))، قلنا: لمن يا رسولَ الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامَّتِهم))؛ رواه مسلم، ودخول النصيحة في عموم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، متَّخذين من الحكمة والموعظة الحسنة سبيلًا ومنطلقًا لأساليب الاحتساب الثلاثة: (اليد، واللسان، والقلب).

وكذلك نقصُّ على أبنائنا عاقبةَ بني إسرائيل حين وقعوا في الكبائر، وفرَّطوا في شعيرة "الحِسْبة"، ولم يتناهوا عن منكراتهم؛ فعَمَّهم اللهُ بعقوبته، وعاجَلَهم بالعذابِ، مع ما ينتظرُهم من عذاب الآخرة ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79].

أن ندرِّب الأبناء على النقدِ البنَّاء وَفْق المعايير الشرعيَّة والأدبية، وبأساليب عمليَّة؛ ليكونوا فاعلين في الاحتساب؛ كأن يكتبوا رسائلَ تنبيهٍ وتصحيح لبعض الأخطاء والمنكرات الاجتماعيَّة التي يلحظونها، وسُبُل علاجها، ونساعدهم في إيصالها إلى المَعْنيِّ بها، وأن يرصدوا المواقع التي تتلبَّس ببعض المنكرات؛ فيسعوا بالوسيلة النافعة لمعالجتها.

أن يتمثَّل الوالدان في ابنهم حِكمةَ لقمان لولده ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾ [لقمان: 17]، وأن يَعِيَ الابن أن في طريق النصح والاحتساب مَن يعترض عليه ولا يريدُهما، ومَن قد يؤذيه فيهما ﴿ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27]؛ فعليه بالشجاعةِ في الحقِّ، وألا يأبَه بهم، ويبرِّئ ذمَّته أمام ربِّه الذي يحاسبه، ويصبر في ذلك.

ألَّا يُغفِل الآباءُ دَور المدرسة والأنشطة اللامنهجيَّة في غرس روح الاحتساب، وتمكين ابنِهم الطالب من بَذْل المعروف، وإنكار المنكر؛ باعتباره فردًا في مجتمعه المدرسي الذي يتطلَّب أن يحافظ فيه على مقوِّمات التربية الحسنة والتعليم الصحيح، ولا تخلو بيئة المدرسة من ممارسات خاطئة، وسلوكيات منحرفة؛ فيقوم بنُصْح زملائه الطلاب بصورة فردية، أو بالاستعانة بالمرشد الطلابي، أو بأحد مُعلِّميه، أو من خلال منبرِ المصلى أو منبر الإذاعة، وهذه القيمة التوكيدية - وهي الاحتساب - إذا اعتنى بها الآباء والمربُّون فهي السدُّ الأول الذي به يحمي الابنُ نفسَه بحول الله من الزَّلَل، ثم يحمي زملاءَه، كما أنه يحمل من حوله على احترامه وتقديره، ويحفظ حقَّ الله في العموم، ولا يتجرأ المخطئ على تَكراره - أقلها - بحضرته.

تعزيز كلِّ مبادرة تصدر من الابن في بذل النصيحة أو الاحتساب، ونُشِيدُ بها، ونوجِّهه للإخلاص لله تعالى، وألا يرجو بفعله مدحًا ولا حظوة دنيوية، أو حظًّا لنفسه، نقوم بتعزيز ينمِّي السلوك الخيِّر، ويزكِّي قلبه لله تعالى، مع الحثِّ على الانضباط ومراعاة الآداب الشرعية التي تجعل للنصيحة أثرًا مُثمِرًا في الفرد والمجتمع.

القدوة الوالديَّة للأبناء في الاحتساب؛ فهي الصورة الذهنيَّة الأولى والعميقة، فمَن رأى في والديه الإحسانَ للآخرين بالنصيحة لا بالفضيحة، وبالاحتساب لا بتضييع أمر الله في ذلك، فسيجد الأبناء أنفسهم غيورين على سيادة المعروف والخير في أنفسهم وذويهم ومجتمعهم.

إذا عَظُم حبُّ الله وحبُّ الدين في نفوس أبنائنا وشبابنا، فلن يبقى أمام ذلك أيُّ مشاعر مخذلة عن القيام بالواجب الاحتسابي، وتتهاوى شعارات الحريَّة الشخصية، التي يزعمُها دعاةُ الشهوات، فيعلم الناسُ بذلك أنهم محكومون بالشريعةِ، ولا خيار لهم عن طاعة الله وتبليغها، وإنكار ما يعطِّلها وإن قصروا فيها، والإعلام سخَّر - من حيث لا يشعر - بفجاجتِه وانحطاطه الأخلاقي شريحة كبيرة من المجتمع تمقته وتزري به، وتَذود عن حمى الدين والبلاد والعباد.


كلما جثمت الحضارة المادية بقساوتها على وعيِ المجتمع، وسلبَتْه أحاسيسه، واقتحمت عاداتها الصلفة طبائعَ الناس، وفتحت شهيتهم لفعل كل شيء، وتحصيل كل شيء دون وازعٍ من دين، ولا رادع من مروءة، ولا مانع من قيم وأخلاق، ولا اعتبار لحقوق وواجبات، أو حفاظ على كرامة - استوجب هذا حضور (الاحتساب) في الواقع على جميع المستويات والميادين بين الصغار والكبار، وبين الرجال والنساء؛ لا سيما إذا انحسر نظامُ الاحتساب المخوَّل بهذه المهمة، وتقلصت صلاحياته في المجتمع، فالأمل معقودٌ في أهل الغَيْرة من المسلمين رجالًا ونساء، لا ينحسر الاحتسابُ عن أرواحهم، كما لن ينحسرَ الخيرُ عن أمَّتهم المصطفاة ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.54 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]