طفلي لا يضع عينه في عيني

[ابوالوليد المسلم]

طفلي لا يضع عينه في عيني


أ. زينب مصطفى



السؤال
السلام عليكم.
جُزيتُم خيرَ الجزاء على هذه الشبكة الرائعة.
أرسلتُ إليكم استشارةً سابقًا وأراحَتْني إجابتُكم جدًّا؛ لذلك أرغَبُ في أنْ أسألكم بعضَ الأسئلة في التربية.

لديَّ طفلٌ وحيدٌ عمره ٤ سنوات، لم يشأ الله أنْ يأتي غيرُه، يُتعبني جدًّا؛ وأحيانًا يبكي ولا أدري ما السبب ولا كيف أتصرَّف معه؟ وسأُعطيكم نبذةً عنه:
١- عندما أتكلَّم معه، مستحيلٌ أنْ يضع عينه في عيني، مُتشتِّت هنا وهناك، حاولت مِرارًا عندما أتكلَّم معه أن أقول له: انظُر إليَّ لأرى عينَيْك الحلوتين، دون فائدة، ينظُر إليَّ ثانيةً أو ثانيتين فقط.
٢- لا يرغَبُ في الاعتماد على نفسه في أيِّ شيءٍ؛ لا أكل، ولا لبس، ولا لعب، دائمًا يطلب مساعدتي، كان يرغب في الاعتماد على نفسه عندما كان عمره سنتين، وللأسف لم أُساعِدْه واعتبرتُه صغيرًا، والآن أنا في ورطة.
٣- كثير الحركة - ما شاء الله - من المستحيل أنْ يجلس ولو لربع ساعة، إلا إذا كان أمام تلفاز أو سوني.
٤- سابقًا عندما كان في (حضانة)، كان عندما يَراني يركُض ليأخُذ ضمَّةً، أمَّا الآن بعدما التَحَقَ بالروضة، فلا يُريد أنْ أذهب، وأضمه ويضمني بخجلٍ، وينظُر إلى أصحابه، وأيضًا سابقًا كان يسألني كثيرًا، أمَّا الآن فالأسئلة نادرة.
٥- له ابنُ عمٍّ أكبر منه بسنتين، لاحظت أنَّه لا يُدافع عن نفسه مع مَن هم أكبر منه سِنًّا، يأمُره فلا ينفذ، ويضربه، وممكن أن يفرض رأيه في بعض المواقف، لكنَّه يظلُّ ساكتًا، بعكس الأمر إذا تعامَل مع أناسٍ أصغر منه سنًّا، يأخُذ حقَّه كاملاً.

آسِفةٌ للإزْعاج، كتبتُ بعضَ ما لديَّ مرَّة واحدة، وأنا بحاجةٍ لكم - بعد الله - للردِّ على كلِّ نقطةٍ، أحببت أنْ ألفت نظرَكم إلى أنِّي أمٌّ مثقفة، أحبُّ أنْ أقرأ كتبًا عن التربية كثيرًا، وسياسيَّة مع ابني، لكنِّي أحيانًا أضربُه، لكن ليس ضربًا مبرحًا، أتحدَّث معه، أقرأ له القصص المفيدة، لا أعرف فيمَ أنا مُقصِّرة؟ التربية صَعبةٌ، أعانَنا الله وإيَّاكم على إنشاء جيلٍ صالح، وجُزِيتُم خيرَ الجزاء في الدنيا والآخِرة.


الجواب
أختي الحبيبة،,
بارَك الله فيك لعِنايتك واهتمامك بطفلك، وسؤالك عمَّا يحيِّرُك، ثقافتك وقِراءتك في التربية ستفيدُ ابنَكِ كثيرًا، وستجعلُكِ على درايةٍ بالأمور الطبعيَّة وغير الطبعيَّة، واللهَ أسألُ أنْ نكون نفعًا لك ولغيرك من المسلمين.

هناك عِدَّةُ نِقاطٍ اجتمعَتْ في ابنِك؛ مثل: عدَم نظَرِه لك، وتشتُّت انتباهه الدائم وعدم التركيز، وكثرة حركته الزائدة عن الطبعي، هذه تحتاجُ لمزيدٍ من الشرح أو للتشخيص من مختصٍّ يراه؛ لأنَّ هناك في علم نفس الطفل ما يُسمَّى بـ(فرط الحركة وتشتُّت الانتباه)، تحتاجُ لتمريناتٍ تفعلينها معه تزيدُ من تركيزِه؛ مثلاً: (تمسكين كأسًا وتعطينه قرشًا، وتحرِّكين الكأس بخفَّة، وعليه أنْ يُدخِل القرشَ فيه)، فيزيد من محاولته للتركيز، قد يكتفي الأمر عند احتياجه لتمريناتٍ تفعلينها معه، وقد يتعدَّى ليحتاج إلى عِلاجٍ بالدَّواء وجلسات، لا أستطيعُ تحديدَ ذلك لكونك لم تكتُبِي تفاصيلَ أكثر عنه، اقرَئِي عن المرض، أو خُذيه لمرشدٍ نفسي أفضل.

هذه بعض أعراضه التي تظهَرُ في هذه السن الأطفال ما بين سِنِّ الثلاث إلى خمس سنوات:
1- الطفل في حالة حركة مستمرَّة، ولا يهدأ أبدًا.
2- يجدُ صُعوبةً بالغة في البَقاء جالسًا حتى انتهاء وقت تناوُل الطعام.
3- يلعَبُ لفترةٍ قصيرة بلعبِه، وينتقل بسرعة من عمل إلى آخَر.
4- يجدُ صُعوبةً في الاستجابة للطلبات البسيطة.
5- يلعبُ بطريقةٍ مزعجة أكثر من بقيَّة الأطفال.
6- لا يتوقَّف عن الكلام ويُقاطع الآخَرين.
7- يجدُ صُعوبةً كبيرةً في انتظار دورِه في أمرٍ ما.
8- يأخُذ الأشياء من بقيَّة الأطفال دُون الاكتراث بمشاعرهم.
9- يُسِيء التصرُّف دائمًا.
10- يجدُ صُعوبةً في الحِفاظ على أصدقائه.
11- يصفُه المدرِّسون بأنَّه صعبُ التعامُل.
أمَّا عن عدم اعتمادِه على نفسه، وفي نفس الوقت خجله من تقبيله لك، فهو يحتاجُ منك أنْ تُعامِليه ككبيرٍ في البيت، وتُعوِّديه بالتشجيع والصبر على الاعتماد على نفسه، وأشعِريه بأنَّه قد كبر، هذا سيُسعِده؛ لأنَّه بحاجةٍ ليَشعُر أنَّه ليس طفلاً فتضمِّيه في الحضانة، إذا ذهبتِ فأَشعِريه بثقتك في قُدرته على الاعتماد على نفسه، الطفل الذَّكَرُ يحتاج أنْ يَشعُر أنَّه قد كبر، ولكن علِّميه ذلك بحبٍّ وثقةٍ، وعندما يمتلكُ تلك الثقة التي ستَزرعِينَها فيه، ستزيدُ ثقتُه بنفسه عند تعامُله مع مَن هم حولَه، سواء أكانوا أكبر أم أصغر؛ فليست مشكلةً كبيرةً عدمُ أخذِه حقَّه من الأكبر منه، هو ما زال صغيرًا، ويَبنِي ثقتَه بنفسه بِمَن هم أصغر منه ثم مَن هم أكبر، فقط عليك العناية ببناء شَخصيَّته وزرْع الثقة فيه بالمدح والتشجيع والحزْم في بعض الأحيان؛ ليتعلَّم كيف يعتمدُ على نفسه.

وفَّقكِ الله، ويسَّر لك حُسنَ التربية، وجعَلَه من الأبناء الصالحين.