|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تعتبر السرقات الشعرية وما يدخل في حكمها من أهم الإشكالات المستمرة في الأدب العربي ، منذ جاهليته وحتى تاريخه المعاصر ، ومن باب الإنصاف أن نؤكد أن هذه الإشكالية لا تختص بالأدب العربي فقط ، لكنها موجودة وبشكل شائك في كل الآداب الأجنبية القديمة والحالية 0 في كتابه الرائع ( العمدة ) يقول بن رشيق القيرواني (أن باب السرقات واسع جداً، لا يقدر أن يدّعي أحدٌ من الشعراء السلامة منه. وفيه أشياء غامضة، وأُخر فاضحة) ويصنف بن رشيق السرقات على عدة أشكال منها : الاصطراف والاجتلاب والانتحال والاهتدام والإغارة والمرافدة والاستلحاق، وكلها قريبٌ من قريب كما يقول 0 عندما نفتح ملف السرقات الشعرية ، نجد أن هناك الكثير من الأسماء الكبيرة المتورطة في هذه القضية ، لكن بعض الشعراء ، وحتى الأدباء والنقاد ، لا يرون أن هناك مشكلة في السرقة إذا ما ستطاع الشاعر أن يطور في الفكرة ويضيف لها ، ومن ذلك رأي بن المعتز في كتابه طبقات الشعراء بأن الشاعر معذور في السرقة إذا زاد في إضاءة المعنى ، ولذلك نجد أن شاعرا كبيرا وعظيما مثل الفرزدق يجاهر بذلك قائلا : ( أن ضوال الشعر أحب إلي من ضوال الابل) ولذلك ليس من المستغرب أن يدور لغط كبير حول الكثير من أبيات الفرزدق ومدى صحة نسبتها له ، حيث أنه كان يستغل مكانته وسلطته الشعرية بأخذ ما يعجبه من أشعار الآخرين بالقوة ، ومن ذلك أنه عندما سمع جميل بن معمر ( جميل بثينة) يقول ترى الناس ما سِرْنا يسيرون خلْفنا ... وإنْ نحنُ أومأنا إلى الناسِ وَقَّفو ) ؟؟ عندما سمعه الفرزدق قال هذه الصفة تليق بقبيلتي ، وهذا الشعر يليق بي ، ووالله أما أن تدعه لي ، أو لتدعنّ لي عرضك ، ويقول بعض الأدباء أنه قال هذا التهديد في سرقة أخرى ، وهذا ما يسمى بالإغارة ، وهو أخذ المعنى واللفظ معا 0 ولعل في هذه القصة إن صدقت تأكيدا لمقولة أحد المهتمين بالشعر ، عندما قال : إن الشاعر العادي يتأثر بسواه من الشعراء أما الشاعر الكبير فيسرقهم! وقائمة الشعراء المتهمين بالسرقات تطول ، لتصل إلى راس هرم الشعر أبو الطيب المتنبي ، بالإضافة إلى البحتري وأبو نواس والأخطل وفي العصور اللاحقة حدث ولا حرج 0 ولكن هل كل هذه الأسماء ضالعة في السرقات الشعرية فعلا؟ من وجهة نظري لا ، وأن هناك مشكلة تقع بالدرجة الأولى على الرواة ، الذين يخلطون بين الأشعار ، ويدخلونها في بعضها ، وبالتالي يدخلون الشعراء في نطاق السراق دون وجه حق 000 في الشعر الشعبي نجد أن الكثير من الأسماء الخالدة في تاريخ هذا الشعر ، وعبر عصور مختلفة ، قد تواصلت معرفيا مع القصيدة الفصحى ، ونستطيع أن نطلق على هؤلاء مصطلح الشعراء المثقفين الذين نجد النفس الفصيح ، وحتى المعنى أو اللفظ في بعض الأحيان في بعض قصائدهم ، فنجد أن أسماء كبيرة تأثروا بمن سبقوهم من شعراء الفصيح ، وكانت قصائدهم أما خليط من الشعبي والفصيح ، أو شعبي بمضامين وأفكار فصحى 00 أما في الوقت الحالي فقد تطور الوضع كثيرا ، وأصبح الشاعر يتفنن في طريقة إعادة صياغة ما يقرأه من شعر اقرأنه و كتابته بشكل آخر ، وفي غالب الأحيان بقيمة شعرية أقل ، وهذا ما يفسر حالة عدم تفاعل المتلقي غالبا مع كثير من النصوص الشعرية ، لأنه في عقله الباطن ، قد سمعها من شعراء آخرين وبالتالي تنتفي صفة الإدهاش التي هي عمود الشعر وركيزته الأهم 0 بشكل عام ، سنطرح سؤال مهم ونحاول الإجابة عليه : : لماذا يلجأ الشاعر للسرقة ؟ وهل هناك إشكاليات حول هذا المفهوم؟ والجواب هو أن هناك عدة أسباب منها : أولا / قد لا تكون هناك سرقة أصلا ، لكن المشكلة تكمن في أغاليط الرواة ونقلهم الخاطئ – كما ذكرنا - لا سيما أن الأدب العربي ظل شفهيا إلى وقت قريب ولم يعرف التدوين إلا في العصر العباسي ، ومن هنا قد يأتي الخلط بين شاعر وآخر على سبيل المثال ، هم يروون هذا البيت لطرَفة بن العبد : وقوفاً بها صحبي عليّ مطيّهم يقولون لا تهلك أسى وتجلّد وفي هذه الحالة – وعلى ذمة هذه الرواية - يكون طرَفة سارق للبيت من امرئ القيس الذي سبقه زمنيا بفترة طويلة والذي يقول : وقوفاً بها صحبي عليّ مطيّهم يقولون لا تهلك أسى وتجمّل فتجد أن الفرق هو مفردة تجلد عند طرفة ، وتجمل عند امرئ القيس ، وفي غالب ظني أن القضية مجرد توهم ، وخلط ، وانحال من قبل الراوي لا أكثر ، لأن طرَفة هو من يقول : و لا أغير على الأشعار أسرقها -- غنيتُ عنها وشرّ الناس من سرقا ثانيا : قد يقع البعض في السرقة دون قصد ، أو معرفة منه ، ولأن الشاعر السابق لم يترك لمن بعده شيء من المعاني المخترعة ، وبقي على الأخير التوليد من هذه المعاني بحسب مقدرته ، ولذلك يتسآل عنترة بن شداد : (هل غادر الشعراء من متردَّم ) بمعنى هل تركوا لنا شيئا جديدا لنقوله ؟ ولاحظ أن عنترة قال هذا البيت في الجاهلية ، ولك أن تتخيل طوفان الشعر الذي أتى بعده ، وكم تكرر ما قيل بأشكال مختلفة ، ومن هذا المنطلق يقول المتنبي : الشعر جادة ، وربما وقع الحافر على الحافر 0 وهذا الشيء كان قد تنبه له كعب بن زهير في قوله : ما أرانا نقولُ إلا رجيعاً - ومعاداً من قولنا مكرورا أو كما قال الشعبي : ما به جديد وكل ما قيل ينعاد = نفس الكلام اللي نقوله نعيده أو كما عبر احدهم ليس هُناك شعر جديد، هُناك فقط شعراء جدد، ثالثا / الاتهام بالسرقة شيء مسيء ، ولذلك يلجأ بعض الشعراء إلى هذا الاتهام في إطار مخاصماتهم ونقائضهم للتقليل من شأن منافسيهم ولذلك قال جرير للفرزدق في النقائض : ستعلم من يكون أبوه قيناً .......... ومن كانت قصائده اجتلاباً ليرد عليه الفرزدق بأنه هو من يسرق قصائده وينسبها لنفسه0 رابعا / في بعض الأحيان يكون لكتاب التاريخ الأدبي ، ونقاده ، مواقف شخصية مع بعض الشعراء تجعلهم يصمونهم بالسرقة أو يبالغون كما فعل الأصمعي الذي يقول أن تسعة أعشار شعر الفرزدق مسروق ، ولا شك أن في هذا تجن كبير ، ومجانية كبيرة في الطرح ، وتصفية حسابات أكثر من كونها قناعة أدبية خالصة 0 منقول مع اعادة الصياغة
__________________
![]() مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |