إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله ) - الصفحة 36 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية .. بدائع الوقف الاجتماعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الدماغ الخفيّ داخل القلب .. اكتشاف علمي مـذهل لسر من أسرار القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          فِقه المآلات وحاجة الأمَّة إليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 61167 )           »          شَرْحُ مُخْتصر شُعَب الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 1461 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 120 - عددالزوار : 63817 )           »          ترجمان القرآن.. في الطائف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          ماذا يفعل من بلغته نميمة عن أحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تسوية الصفوف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          أقسام التوكل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #351  
قديم 16-09-2012, 10:02 AM
الصورة الرمزية نمضي كـ حلم
نمضي كـ حلم نمضي كـ حلم غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
مكان الإقامة: الحسيمة
الجنس :
المشاركات: 5,889
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله )

أساليب المشركين في مواجهة الدعوة دروس وعبر..

أجمع المشركون على محاربة الدعوة التي كشفت واقعهم الجاهلي، وعابت آلهتهم ومعتقداتهم، فاتخذوا العديد من الوسائل والمحاولات لإيقافها والقضاء عليها، أو تحجيمها وتقليل مجال انتشارها، ومع كثرة هذه الوسائل وتنوعها، إلا أن جميعها باءت بالفشل، لأن صوت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان أقوى من أصواتهم، ووسائله في التبليغ كانت أبلغ من وسائلهم، وثباته على دينه ودعوته، كان أعلى بكثير مما كان يتوقعه أعداؤه، فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يجلس في بيته، ليحمى نفسه من المشركين، بل كان يدعو أهل مكة للإسلام مع شدة ما يلاقيه منهم، ويخرج للوفود القادمة إلى مكة يدعوها إلى الله، ولذلك تعددت وتنوعت أساليب المشركين في مواجهة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودعوته ، ومن هذه الأساليب :
السخرية والاستهزاء والتكذيب :

وقصدوا بذلك تشكيك المسلمين، وإضعاف قواهم المعنوية، فرموا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتهم كثيرة، فكانوا ينادونه بالمجنون، ويصفونه بالسحر والكذب، ويتعرضون له ولأصحابه بالسخرية والاستهزاء، قال تعالى: { وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } (الحجر:6)، وقال: { وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } (ص:4) ..
ولم تقتصر وسائل المشركين على السخرية والتكذيب والاستهزاء، بل تعدت ذلك إلى الإيذاء البدني للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه، فأهل الباطل لا يستسلمون أمام الحق بسهولة، فكلما أخفقت لهم وسيلة من وسائل محاربة الحق، ومحاولة القضاء عليه، انتقلوا إلى وسائل أخرى، وهكذا يستمر الصراع، حتى يتحقق وعد الله، وينتصر رسل الله والمؤمنون، قال تعالى: { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } (غافر:51) .. وقال تعالى:{ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } (الروم: من الآية47).
لم تفلح هذه الوسيلة، فانتقلوا إلى وسيلة أخرى، ـ بلغة العصر أكثر دبلوماسية ـ وهي المساومة، فعرضوا على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عروضا لعله يرجع عما هو فيه، أو يتنازل عن بعض الحق الذي يدعوا إليه، فعرضوا عليه المال والشرف والملك ..
وهذه الفترة من سيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحتاج إلى وقفة تأمل وتدبر، لنستلهم منها بعض الدروس والعبر وهي كثيرة، منها :

صبر النبي صلى الله عليه وسلم :
لقد واجه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأذى والمحن الكثير في مواقف متعددة، وكان ذلك على قدر الرسالة التي حملها، ولذلك استحق المقام المحمود، والمنزلة الرفيعة عند ربه، وقد صبر على ما أصابه، إشفاقًا على قومه أن يصيبهم مثل ما أصاب الأمم الماضية من العذاب، وليكون قدوة للدعاة في كل زمان ومكان، فإذا كان الإيذاء قد نال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فلم يعد هناك أحد لكرامته أو علو منزلته أكبر من الابتلاء والمحن، وتلك سنة الله مع الأنبياء والمؤمنين ..
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه ـ قال: ( قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ) ( ابن ماجه ) ..
فلا ينبغي للمسلم أن يضعف إذا ما عانى شيئا من المشقة والابتلاء، في طريق سيره ودعوته إلى الله، فقد سبقه في ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وليعلم أنه كلما اشتد الظلام أوْشك طلوع الفجر، وكلما ازدادت المحن والابتلاءات، قرب مجيء النصر، قال الله تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } (البقرة:214).
والمسلم حينما يتعلم من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصبر على أساليب المشركين في محاربة الإسلام ودعوته، فإنه يتعلم كذلك :
الثبات أمام الإغراءات والمساومات :
حينما عرض المشركون عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ المال والشرف والملك، لعله يرجع عن الدين الذي جاء به، أو يتنازل عن بعض الحق الذي يدعو إليه، ثبت ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنه جبل أشم، أمام هذه الإغراءات والمساومات، ولم يناقشها، بل قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وضوح وحسم وثبات ـ كما ذكر ابن هشام في سيرته ـ : ( ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالة ربي، ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله، حتى يحكم الله بيني وبينكم )..
إن موقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الراسخ من هذه المساومات، وعدم قبولها أو مجرد مناقشتها، كان درسا تربويا للصحابة، تعلموا منه الثبات على العقيدة، والتمسك بالمبادئ، وعدم التفكير في المغريات التي تعرض عليهم لصرفهم عن دينهم ودعوتهم .. ومن ثم لم تفلح وسائل المشركين في إضعافهم، فإن أحدا منهم لم يرتد عن الدين الذي شرفه الله به، بل ازدادوا ثباتا وتمسكا وعزة، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رباهم على التمسك بدينهم، والصبر على الإيذاء، والتفاؤل وعدم تعجل النتائج، وهذا درس آخر.
التفاؤل وعدم اليأس والعجلة :
ظهر ذلك واضحا في قصة خباب بن الأرت ـ رضي الله عنه ـ، عندما جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقال له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا ؟، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، فلا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون ) ( البخاري ) ..
لقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يشعر بما يعانيه أصحابه من أذى وبلاء، ويتألم له، لكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يربي أصحابه على الصبر والثبات، والتفاؤل وعدم اليأس، والتأسي في ذلك بالأنبياء والمرسلين، والتعلق بما أعده الله للمؤمنين الصابرين في الجنة، والتطلع للمستقبل الذي ينصر الله فيه الإسلام، وهذا من الدروس الهامة في التربية، وفي مواجهة أساليب المشركين في الصد عن سبيل الله، ومحاربة الدعوة إلى الله، حتى تكون القلوب متفائلة ولا يتسرب اليأس إليها ، فاليأس قاتل للرجال وهازم للأبطال ..
ولذلك كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يبث التفاؤل والثقة في قلوب أصحابه، ويفيض عليهم مما أفاض الله عليه من أمل مشرق في انتصار الإسلام وانتشاره، وكان القرآن الكريم ينزل يؤكد هذا المعنى، كما قال تعالى: { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ.إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ.وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } (الصافات173:171)،وقال: { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } (غافر:51) ..

وفي أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثير من هذه المبشرات التي كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يزفها لأصحابه بين آونة وأخرى، يؤكد لهم ولنا من بعدهم، أن المستقبل للإسلام، ويشحذ همم المسلمين، ويقتلع القنوط من قلوب القانطين، فمن ذلك قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر ) ( أحمد ).
وسُئِل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أي المدينتين تفتح أولا، أقسطنطينية أو رومية؟، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : مدينة هرقل تفتح أولا )( أحمد ) يعني القسطنطينية ..
قال الشيخ الألباني : رومية هي روما الحالية عاصمة إيطاليا اليوم، وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح بعد ثمانمائة سنة من إخبار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله تعالى ولابد ...

إن الصراع بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، قصته واحدة، وإن اختلفت صوره وأساليبه على حسب الزمان والمكان، لكن العاقبة للمتقين، فما أحوج أمتنا في ظل هذا الواقع الذي تعيشه، أن تقف مع سيرة نبيها ـ صلى الله عليه وسلم ـ، لتعيش دروسها ومعانيها واقعا عمليا في حياتها.. نسأل الله تعالى أن يعيد للأمة عزها ومجدها ..
منقول
__________________
رد مع اقتباس
  #352  
قديم 16-09-2012, 10:09 AM
الصورة الرمزية نمضي كـ حلم
نمضي كـ حلم نمضي كـ حلم غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
مكان الإقامة: الحسيمة
الجنس :
المشاركات: 5,889
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله )

__________________
رد مع اقتباس
  #353  
قديم 16-09-2012, 10:15 AM
الصورة الرمزية نمضي كـ حلم
نمضي كـ حلم نمضي كـ حلم غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
مكان الإقامة: الحسيمة
الجنس :
المشاركات: 5,889
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله )

__________________
رد مع اقتباس
  #354  
قديم 16-09-2012, 10:17 AM
الصورة الرمزية نمضي كـ حلم
نمضي كـ حلم نمضي كـ حلم غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
مكان الإقامة: الحسيمة
الجنس :
المشاركات: 5,889
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله )

__________________
رد مع اقتباس
  #355  
قديم 16-09-2012, 10:23 AM
الصورة الرمزية نمضي كـ حلم
نمضي كـ حلم نمضي كـ حلم غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
مكان الإقامة: الحسيمة
الجنس :
المشاركات: 5,889
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله )

أدركوا المرأة..

عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : "لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى، حتى إذا كادت أن تُشرف على القتلى، فكره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تراهم، فقال: (المرأة المرأة) ، فتوسمت أنها أمي صفية ، فخرجت أسعى إليها فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى، فلدمت في صدري وكانت امرأة جَلْدَة، قالت: إليك لا أرض لك، فقلت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عزم عليك، فوَقَفَت وأخرجت ثوبين معها فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة ، فقد بلغني مقتله فكفّنوه فيهما، فجئنا بالثوبين لنكفّن فيهما حمزة فإذا إلى جنبه رجلٌ من الأنصار قتيل قد فُعل به كما فعل بحمزة ، فوجدنا غضاضة وحياءً أن نكفّن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له، فقلنا: لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب، فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر، فأقرعنا بينهما فكفّنّا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له" رواه أحمد .


معاني المفردات
فتوسّمت: تبيّن له أنها صفيّة بالفراسة والنظر.
فلدمت في صدري: أي دفعته بيدها في صدره.
امرأة جلدة: أي امرأة صلبة وقويّة النفس.
غضاضة: الذلة والمنقصة والعيب.


تفاصيل الموقف
انجلت معركة أحد، وفي القلوب انزعاج لا يُحتمل، وفي النفوس جراحٌ لا تندمل، فها هي الدائرة تدور على المسلمين الذين لم يحقّقوا أسباب النصر بمخالفتهم لأوامر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فاستحقّوا ما حصل لهم، لكن وَقْع الهزيمة عليهم أذهلهم عن جراحات أجسادهم، فقد خالط الأرواح شعورٌ بمرارة الهزيمة، وهجم على الناس داء الحزن والقهر فأضناهم وأثقل كاهلهم.


وتشتدّ النكبة وتعظم المصيبة بمقتل ثُلّة من خيرة أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وغرّة فرسانه، أولئك النجوم اللوامع التي صاغها الإيمان ورباها نبي الإسلام طيلة سنوات القهر المكّيّة، من مثل مصعب بن عُمير، وسعد بن الربيع، وعبدالله بن جحش، وحنظلة بن أبي عامر، وعبدالله بن عمرو بن حرام، وعمرو بن الجموح، وسيد الشهداء: حمزة بن عبدالمطلب ، رضي الله عنهم أجمعين.


ويحمل المشهد صورة القتلى وقد تناثروا في ساحة المعركة، والمسلمون وقد تحاملوا على أنفسهم ليُواروا جثامين الشهداء تحت الثرى، وبينما هم كذلك إذ أقبلت امرأة تحثّ الخطى من بعيد، حتى كادت من سرعتها أن تصل إلى ساحة المعركة وتُبصر ما بها من أهوال.


ويلمح النبي –صلى الله عليه وسلم- تلك المرأة وهي مقبلة نحوهم، فيخشى عليه الصلاة والسلام أن تُصدم بتلك المناظر البشعة التي رسمها القتال بلون الدم وأعبق أجواءها برائحة الموت، والنبي عليه الصلاة والسلام يعلم ما خُلقت عليه النساء من رقةٍ في الإحساس وإرهافٍ في الشعور، فلن تحتمل تلك المرأة مشاهدة ما قام به المشركون من تنكيل بالمسلمين وتمثيلٍ بجثثهم على نحوٍ يُعبّر عن بربريتهم وهمجيّتهم.


وهنا تنطلق الصيحة النبويّة: ( المرأة المرأة) وتتلقّفها أُذُنا الزبير بن العوام رضي الله عنه الذي كان أقرب الناس إليها، فانطلق كالسهم نحوها وأدركها قبل أن تصل إلى القتلى، فإذا بها أمّه صفيّة بنت عبدالمطلب رضي الله عنها، فوقف أمامها ليقطع عنها الطريق ويمنعها من المواصلة.


لكن صفيّة رضي الله عنها كانت بطبيعتها امرأة رابطة الجأش قويّة النفس، فدفعت ولدها في صدره لتنحّيه جانباً، واستمات الزبير رضي الله عنه في منع والدته وقال لها: " إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عزم عليك" فلما علمت أنه أمرٌ نبوي رضخت للأمر، وأخرجت ثوبين كانا بحوزتها، ثم طلبت من الزبير أن يجعلهما كفناً لأخيها حمزة رضي الله عنه.


أخذ الزبير الثوبين وانطلق بهما إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وعندما أشرفوا على حمزة رضي الله عنه وجدوا بجانبه أحد الأنصار وقد مثّل المشركون بجثّته كما مُثّل بأخيه حمزة ، فاستحيوا أن يُكفّنوا حمزة ويتركوا الأنصاري من غير كفن، فقالوا: " لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب"، فدُفن كلٌّ منهما بثوبه الذي صار له، والذي سيُبعث عليه يوم القيامة.


إضاءات حول الموقف
في الموقف النبوي بعدٌ تربوي عميق المعنى، شديد الأهميّة، ألا وهو الحديث عن أثر المشاهد الدمويّة التي تُخلّفها الحروب على نفوس مشاهديها من النساء والأطفال، خصوصاً إذا احتوت تلك المشاهد والصور على الأطراف المبتورة والأشلاء الممزقة والمجازر الرهيبة والإبادة الجماعيّة.


ويكمن الخطر في أن تلك المناظر تعرّض المشاهد لها إلى صدمة نفسيّة شديدة، يشتدّ أثرها إن كان من الأطفال، وتظهر عليهم في صورة اضطرابات عصبيّة، بحيث تكثر فيهم الرؤى المخيفة ويتكرّس لديهم الشعور بالخوف والقلق والاكتئاب، فضلاً عما قد يكتسبه المشاهد من سلوكٍ عدواني في المستقبل.


لذا نجد من الحكمة النبويّة، أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- للزبير بن العوام رضي الله عنه أن يمنع والدته من مشاهدة قتلى أحد، خوفاً عليها من الأثر السلبي الذي قد يحدث لها جرّاء المناظر البشعة.


وهذا يقودنا إلى الحديث عن أمرٍ آخر تُخطئ فيه الجهات الإعلاميّة التي تبثّ تلك الفواجع والكوارث مما لا يصلح للعرض، فبعيداً عن الأثر السلبي الذي ذكرناه، فإن في سياسة النشر المتّبعة انتهاكاً واضحاً لحرمة الأموات والجرحى خصوصاً من المسلمين، إذ الواجب ستر العورات لا انتهاك الخصوصيّات مهما كانت المبررات، والمطلوب ستر الميت لا نشر صور أشلائه!، حتى لو كان المقصود من تلك الصور والمشاهدات فضح أفعال المجرمين والقتلة؛ فإن القائم على أمر الإعلام يمكنه الاختيار والانتقاء، فيُحقق الرسالة الإعلامية المطلوبة من جهة، ويتجنب الوقوع في المحذور من جهة أخرى.


ويبقى في الموقف دروسٌ أخرى، منها: بيان صبر صفيّة رضي الله عنها وتجلّدها بالرغم من قتل أخيها، ثم ظهور سرعة استجابتها عندما علمت عزم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عليها بعدم التقدّم إلى ساحة المعركة، ومن الدروس كذلك: ظهور مبدأ المساواة في أبهى صوره حينما أخذ الصحابة بمبدأ القرعة بين عمّ الرسول عليه الصلاة والسلام وبين أخيه الأنصاري، فلم يؤثروا حمزة لمكانه من سيد الأوّلين والآخرين، وتلك ثمرةٌ من ثمار التربية النبويّة .
منقول
__________________
رد مع اقتباس
  #356  
قديم 16-09-2012, 10:26 AM
الصورة الرمزية نمضي كـ حلم
نمضي كـ حلم نمضي كـ حلم غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
مكان الإقامة: الحسيمة
الجنس :
المشاركات: 5,889
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله )

__________________
رد مع اقتباس
  #357  
قديم 16-09-2012, 10:32 AM
الصورة الرمزية نمضي كـ حلم
نمضي كـ حلم نمضي كـ حلم غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
مكان الإقامة: الحسيمة
الجنس :
المشاركات: 5,889
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله )

__________________
رد مع اقتباس
  #358  
قديم 16-09-2012, 10:38 AM
الصورة الرمزية نمضي كـ حلم
نمضي كـ حلم نمضي كـ حلم غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
مكان الإقامة: الحسيمة
الجنس :
المشاركات: 5,889
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله )

__________________
رد مع اقتباس
  #359  
قديم 16-09-2012, 10:40 AM
الصورة الرمزية نمضي كـ حلم
نمضي كـ حلم نمضي كـ حلم غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
مكان الإقامة: الحسيمة
الجنس :
المشاركات: 5,889
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله )

ألا هل برّكت؟

عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: "مرّ عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف رضي الله عنهما وهو يغتسل، فقال: لم أر كاليوم ولا جِلدَ مُخبّأة، فما لبث أن لُبِطَ به، فأتي به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقيل له: أدرك سهلاً صريعاً، قال : ( من تتهمون به؟) ، قالوا: عامر بن ربيعة ، فقال: ( علام يقتل أحدكم أخاه؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ) ، ثم دعا بماء، فأمر عامراً أن يتوضأ، فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، وركبتيه وداخلة إزاره، وأمره أن يصب عليه" رواه ابن ماجة .


وفي رواية للطبراني وغيره: "فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس".


معاني المفردات
جِلدَ مُخبّأة: المخبّأة هي الجارية التي في خدرها لم تتزوج بعد.
لُبِطَ به: صُرِع بسببه وسقط على الأرض.
فليدع له بالبركة: فليقل له بارك الله فيك.
وداخِلَة إزاره: طرفه وحاشيته من الداخل.


تفاصيل الموقف
بين مهاجري وأنصاري استحكمت عُرى المحبّة وتشابكت أغصان الأخوة حتى غدت جنّة وارفة الظلال، أما المهاجري: فهو عامر بن ربيعة أحد السابقين الأوّلين والقلائل المعدودين الذين هاجروا الهجرتين وشهدوا مع رسول الله -صلى الله عليه و سلم- غزوة بدر، وأما الأنصاري: فهو سهل بن حنيف أحد الأبطال الذين شهدت لهم ساحات القتال بشجاعتهم وثباتهم، لا سيّما يوم أحد حين انكشف الناس عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فبايعه يومئذٍ على الموت وقام ينافح عنه بالنَبل، حتى انكشفت الغمّة وانتهت المعركة.


ولقد قامت دلائل المحبّة بين الصحابييّن الجليلين واضحةً لكل من كان يعرفهما ويراهما، ومن بين تلك الدلائل ما كان بينهما من التزاور والتلاقي بين الحين والآخر، خصوصاً إذا استبطأ أحدهما رؤية أخيه أو افتقده.


ويوماً عزم عامر بن ربيعة رضي الله عنه أن يزور أخاه سهلاً كعادته، فدخل عليه فإذا به يغتسل، وعندها توقّف عامر رضي الله عنه مشدوهاً، وهاله ما رآه من جمال أخيه الأنصاري الذي فاقت محاسنه كلّ تصوّر، فلم يُر قط بياضٌ كبياض جلده، ولا زهرة كزهرة لونه، فانفلت لسان عامر المعجب قائلاً: " لم أر كاليوم ولا جِلدَ مُخبّأة!".


وما أن خرجت تلك الكلمات من فم عامر رضي الله عنه حتى انطلقت سهماً صائباً في أخيه، فتهاوى جسده وتخاذلت قدماه، وخرّ صريعاً من لحظته.


تفاجأ عامر رضي الله عنه بما حدث، فلم يكن يتصوّر أن تُحدث كلماته في أخيه كلّ هذا الأثر، وندم على تسرّعه وتلقائيّته، وفي الوقت ذاته: ألجمته المصيبة التي حلّت فلم يدرِ ما يصنع.


وسرعان ما حُمل سهل رضي الله عنه إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- والناس ينظرون إليه فزعين، وكلماتهم تستنجد برسول الله –صلى الله عليه وسلم- ليُرشدهم في إنقاذه قائلين: " أدرك سهلاً صريعاً".


نظر النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى سهل رضي الله عنه وهو في حالةٍ يُرثى لها من الإعياء والإجهاد، وأدرك من النظرة الأولى أنه مصابٌ بالعين، فاستفسر عن الفاعل، فأُخبر أنه عامر رضي الله عنه، فغضب لذلك ووجه كلامه لعامّة من كان حوله: ( علام يقتل أحدكم أخاه؟) ، وحتى لا تتكرّر المأساة بيّن لهم ما يجب فعله على من رأى ما يُعجبه: (إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ) .


وبعد التحصين جاء دور العلاج، فدعا بماء وأمر عامراً أن يتوضأ منه ، فيغسل الوجه واليدين، ثم الركبتين وطرف الإزار، ثم أمر أن يُجمع ذلك الماء فيُصبّ على سهل رضي الله عنه، وسرعان ما انجلت الغُمّة وانكشف البلاء، وزالت العين، لتكون تلك الحادثة شاهدة على أثر العين، ودرساً مهماً في كيفية التعامل معها.

إضاءات حول الموقف
تُبرز الحادثة التي وقفنا معها مدى خطورة العين وقوّة تأثيرها وبالغ ضررها؛ فهي ذلك السهم الذي لا يُرى بالعيون المجرّدة ولكن يُدرك أثرها من خلال نتائجها الوخيمة، فتجعل السليم سقيماً، والقوي ضعيفاً، والكثير قليلاً، والخصيب قاحلاً، بل هي القادرة على إنزال الفارس عن مركبه، وإيراد الرجل القبر، وإدخال الجمل القدر، كما صحّ بذلك الحديث.


ولأن العين حق، وأثرها نافذ وشرّها واقع، جاءت الأوامر الشرعيّة والنصوص النبويّة لتحذّر الناس من خطرها، وتدعوهم إلى التحصّن منها، وتبيّن لهم سبل الوقاية، وكيفيّة رفع بلائها.


فقد جاءت الوصيّة من النبي –صلى الله عليه وسلم- بالتزام الأذكار والأوراد الشرعيّة في كل يوم وليلة، كقراءة آية الكرسي، والدعاء بقول: " أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"، وقول: " أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق"، والمداومة على قراءة سورتي "الفلق والناس" التي قال عنهما النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما تعوذ متعوذ بمثلهما) رواه أبو داوود .


كما جاء التشديد على ضرورة ذكر الله تعالى والدعاء بالبركة عند رؤية المستحسن من الأمور، فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: ( إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة؛ فإن العين حق) رواه الحاكم .


فإذا وقعت العين، شُرعت الرقية لدفعها، وقد كان جبريل عليه السلام يرقي النبي –صلى الله عليه وسلم- بقوله: " بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك ، من شر كل نفس أو عينِ حاسد ، الله يشفيك، باسم الله أرقيك" رواه مسلم ، ورخّص النبي عليه الصلاة والسلام-كما صحّ عنه- بالرقى ما لم تكن شركاً.


ومن وسائل الاستشفاء من العين، الاغتسال من الماء الذي توضّأ منه العائن واغتسل به على نحو ما مرّ بنا في الموقف الذي تناولناه، ولا ينبغي للمسلم أن يمتنع من الاغتسال إذا اتُّهم بالعين، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم قال: (وإذا استُغسلتم فاغتسلوا) رواه مسلم .

ومما يعين على درء العين والوقاية منها، ستر المحاسن عن أعين الناس حتى يُؤمن جانبهم، خصوصاً إذا كان الستر عند من لا يُؤمن شرّه، وقد رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه غلاماً جميلاً ، فأمر أهله أن يخفوا جماله حتى لا تصيبه العين.


وخير ما نختم به قول الإمام ابن القيم في هذا الباب، حيث قال: " ومن جرّب هذه الدعوات والتعوّذات عرف مقدار منفعتها وشدة الحاجة إليها ، وهي تمنع وصول أثر العائن ، وتدفعه بعد وصوله ، بحسب قوة إيمان قائلها ، وقوة نفسه واستعداده ، وقوة توكله وثبات قلبه ، فإنها سلاح ، والسلاح بضاربه لا بحدّه" .
منقول
رد مع اقتباس
  #360  
قديم 16-09-2012, 10:51 AM
الصورة الرمزية نمضي كـ حلم
نمضي كـ حلم نمضي كـ حلم غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
مكان الإقامة: الحسيمة
الجنس :
المشاركات: 5,889
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إلا الحبيب.... يا عباد الصليب (متجدد بإذن الله )

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 104.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 98.94 كيلو بايت... تم توفير 5.82 كيلو بايت...بمعدل (5.56%)]