منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله - الصفحة 17 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الدماغ الخفيّ داخل القلب .. اكتشاف علمي مـذهل لسر من أسرار القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فِقه المآلات وحاجة الأمَّة إليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 61138 )           »          شَرْحُ مُخْتصر شُعَب الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 1446 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 120 - عددالزوار : 63795 )           »          ترجمان القرآن.. في الطائف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          ماذا يفعل من بلغته نميمة عن أحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تسوية الصفوف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أقسام التوكل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الحذر من الركون إلى النفس والأمن من مكر الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-06-2024, 11:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (158)
صـ 545 إلى صـ 551



والدليل إنما دل على أن الممكنات لها مبدع واجب بنفسه خارج عنها، أما كون ذلك المبدع مستلزما لصفاته، أو لا يوجد إلا متصفا بصفات الكمال، فهذا لم تنفه حجة أصلا (1) ، ولا هذا التلازم - سواء سمي فقرا أو لم يسم - مما ينفي كون المجموع واجبا قديما أزليا لا يقبل العدم بحال.
وأيضا، فتسمية الصفات القائمة بالموصوف جزءا له ليس هو من اللغة المعروفة وإنما (2) هو اصطلاح لهم، كما سموا (3) الموصوف مركبا، (4 بخلاف تسمية الجزء صفة، فإن هذا موجود في كلام كثير من الأئمة والنظار كالإمام أحمد وابن كلاب وغيرهما 4) (4) ، وإلا فحقيقة الأمر أن الذات المستلزمة للصفة لا توجد إلا وهي متصفة بالصفة، وهذا حق. وإذا تنزل إلى اصطلاحهم المحدث وسمى هذا جزءا، فالمجموع لا يوجد إلا بوجود جزئه الذي هو بعضه.
وإذ قيل: هو مفتقر إلى بعضه، لم يكن هذا إلا دون قول القائل: هو مفتقر إلى نفسه الذي هو المجموع، وإذا كان لا محذور فيه فهذا أولى.
وإذا قيل: جزؤه (5) غيره، والواجب لا يفتقر إلى غيره.
قيل: إن أردت أن جزأه مباين له وأنه يجوز مفارقة أحدهما الآخر بوجه من الوجوه، فهذا باطل، فليس جزؤه غيره (6) بهذا التفسير، وإن أردت

‌‌_________
(1) ب، أ: فهذا لم ينف حجة أصلا.
(2) ب، أ: إنما.
(3) ب: يسمون ; أ: يسموا، وهو تحريف.
(4) : (4 - 4) ساقط من (ب) ، (أ) .
(5) أ، ب: أجزاؤه.
(6) ع: غيرا له
================================
أنه يمكن العلم بأحدهما دون العلم بالآخر، كما نعلم (1) أنه قادر قبل العلم بأنه عالم، ونعلم الذات قبل العلم بصفاتها، فهو غيره بهذا التفسير. وقد علم بصريح العقل أنه لا بد من إثبات معان هي أغيار (2) بهذا التفسير، وإلا فكونه قائما بنفسه ليس هو كونه عالما، وكونه عالما ليس هو (3) كونه حيا، وكونه حيا ليس هو (4) كونه قادرا، ومن جعل هذه الصفة هي الأخرى، وجعل الصفات كلها هي الموصوف، فقد انتهى في السفسطة إلى الغاية، وليس هذا إلا كمن قال: السواد هو البياض، والسواد والبياض هو الأسود والأبيض.
ثم هؤلاء الذين نفوا المعاني التي يتصف بها كلهم متناقضون يجمعون في قولهم بين النفي والإثبات، وقد جعلوا هذا أساس التعطيل والتكذيب بما علم بصريح المعقول وصحيح المنقول.
فالذين ينفون علمه بالأشياء يقولون: لئلا يلزم التكثر (5) . والذين ينفون علمه بالجزئيات يقولون: لئلا يلزم التغير، فيذكرون لفظ " التكثر " و " التغير " وهما لفظان مجملان: يتوهم السامع أنه تتكثر الآلهة، أو أن (6) الرب يتغير ويستحيل من حال إلى حال، كما يتغير الإنسان إما بمرض وإما بغيره، وكما تتغير الشمس إذا اصفر لونها، ولا يدري أنه عندهم (7)
‌‌_________

(1) ع: يعلم.
(2) ب، أ: أعيان.
(3) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ع: التكثير.
(6) ب، أ: وأن.
(7) عندهم: ساقطة من (ع)
=====================================

إذا أحدث ما لم يكن محدثا سموه تغيرا، وإذا سمع دعاء عباده (1) سموه تغيرا، وإذا رأى ما خلقه سموه تغيرا، وإذا كلم موسى بن عمران سموه تغيرا، وإذا رضي عمن أطاعه وسخط على من عصاه سموه تغيرا، إلى أمثال (2) هذه الأمور.
ثم إنهم ينفون ذلك من غير دليل (3) أصلا، فإن الفلاسفة يجوزون أن يكون القديم محلا للحوادث، (لكن) من نفى منهم ما (نفاه) (4) فإنما هو لنفيه الصفات مطلقا، وكذلك المعتزلة. ولهذا كان الحاذق (5) من هؤلاء وهؤلاء كأبي الحسين البصري وأبي البركات صاحب " المعتبر " وغيرهما قد خالفوهم في ذلك، وبينوا أنه ليس لهم دليل عقلي ينفي ذلك، وأن الأدلة العقلية والشرعية توجب ثبوت ذلك، وهذا كله قد بسط في موضع آخر.
والمقصود هنا أن من نفى الجسم وأراد به نفي التركيب من الجواهر المفردة (6) أو من المادة والصورة فقد أصاب في المعنى، ولكن منازعوه يقولون: هذا الذي قلته ليس هو مسمى الجسم في اللغة، ولا هو أيضا حقيقة الجسم الاصطلاحي، (7 فإن الجسم ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا، وهو يقول: هذا حقيقة الجسم الاصطلاحي 7) (7) .

‌‌_________
(1) ع: عبده.
(2) ب، أ: مثل.
(3) ع: بغير دليل.
(4) أ: من نفى منهم من نفاه، وهو تحريف ; ب: ومن نفاه منهم.
(5) ب (فقط) : الحذاق.
(6) ب: الفردة.
(7) (7 - 7) : في (ع) فقط
==============================

وإذا كان منازعوه من (لا) ينفي (1) التركيب من هذا وهذا، فالفريقان متفقان على تنزيه الرب عن ذلك، لكن أحدهما يقول: نفي لفظ (2) الجسم لا يفيد هذا التنزيه، وإنما يفيده لفظ التركيب ونحوه (3) ، والآخر يقول: بل (نفي) (4) لفظ الجسم يفيد هذا التنزيه.
ومن قال: هو جسم، فالمشهور عن نظار الكرامية وغيرهم ممن يقول: هو جسم، أنه يفسر ذلك بأنه الموجود أو القائم بنفسه، لا بمعنى المركب.
وقد اتفق الناس على أن من قال: إنه جسم، وأراد هذا المعنى، فقد أصاب في المعنى، لكن إنما يخطئه من يخطئه في اللفظ.
أما من يقول: الجسم هو المركب، فيقول: أخطأت (حيث) (5) استعملت لفظ " الجسم " في القائم بنفسه أو الموجود.
وأما من (لا) (6) يقول بأن كل جسم مركب، فيقول: تسميتك لكل موجود أو قائم بنفسه جسما ليس هو موافقا للغة العرب المعروفة، ولا تكلم بهذا اللفظ أحد من السلف والأئمة، ولا قالوا (7) : إن الله جسم،

‌‌_________
(1) ب، أ: ممن ينفي، والصواب ما في (ع) ، والمقصود هنا من أثبت الجواهر الفردة مثل الأشاعرة، أو المادة والصورة مثل الفلاسفة فإنهم جميعا متفقون على تنزيه الرب عن الجسمية.
(2) لفظ: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ب، أ: وإنما يفيده لفظ هذا التركيب ونحوه ; ع: وإنما يفيد لفظ التركيب ونحوه. ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته.
(4) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(5) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(6) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(7) ع: وقالوا
==============================
فأنت مخطئ في اللغة والشرع، وإن كان المعنى الذي أردته صحيحا.
فيقول: أنا تكلمت (1) بالاصطلاح الكلامي، فإن الجسم عند النظار من المتكلمين والفلاسفة هو ما يشار إليه، ثم ادعى طائفة منهم أن كل ما كان كذلك فهو مركب من الجواهر المنفردة أو من المادة والصورة، ونازعهم طائفة أخرى في هذا المعنى، وقالوا: ليس كل ما يشار إليه هو مركب لا (2) من هذا ولا من هذا، فإذا أقام صاحب هذا القول دليلا عقليا على نفي تركيب المشار إليه خصم منازعيه، إلا من يقول: إن أسماء الله تعالى توقيفية فيقول له: ليس لك أن تسميه بذلك.
وأما أهل السنة المتبعون للسلف فيقولون: كلكم مبتدعون في اللغة والشرع حيث سميتم كل ما يشار إليه جسما، فهذا اصطلاح لا يوافق اللغة، ولم يتكلم به أحد من سلف الأمة.
قال المدعون أن الجسم هو المركب: بل قولنا موافق للغة، والجسم في اللغة هو المؤلف المركب، والدليل (3) على ذلك أن العرب تقول: هذا أجسم من هذا عند زيادة الأجزاء، والتفضيل إنما يقع بعد الاشتراك في الأصل، فعلم أن لفظ الجسم عندهم هو المركب، وكلما (4) زاد التركيب قالوا: أجسم.

‌‌[بطلان القول بأن العرب أطلقوا اسم الجنس على المركب من الأجزاء من وجوه]
فيقال: لهم أما كون العرب تقول لما كان أغلظ من غيره أجسم فهذا

‌‌_________
(1) ع: فإن كان المعنى الذي أردته صحيحا، فنقول: إنما تكلمت. . إلخ.
(2) لا: في (ع) فقط.
(3) ب، أ: فالدليل.
(4) ب، أ: فكلما
================================

صحيح، (مع أن بعض أهل اللغة أنكروا هذا) (1) . وأما دعواكم أنهم يقولون هذا (2) لأن الجسم مركب من الأجزاء المفردة، وكل ما يشار إليه فهو مركب فيسمونه جسما، فهذه دعوى باطلة عليهم من وجوه: أحدها: أنه قد علم (3) بنقل الثقات عنهم والاستعمال الموجود في كلامهم أنهم لا يسمون كل ما يشار إليه جسما، ولا يقولون للهواء اللطيف جسما، (4) وإنما يستعملون لفظ " الجسم " كما يستعملون لفظ الجسد، وهكذا نقل عنهم أهل العلم بلسانهم كالأصمعي وأبي زيد الأنصاري وغيرهما، كما (5) نقله الجوهري في " صحاحه " وغير الجوهري، (6) فلفظ " الجسم " عندهم يتضمن معنى الغلظ والكثافة، لا معنى كونه يشار إليه.
الوجه الثاني: أنهم لم يقصدوا بذلك كونه مركبا من الجواهر المفردة (7) أو من المادة والصورة، بل لم يخطر هذا بقلوبهم، بل إنما قصدوا معنى الكثافة والغلظ. وأما كون الكثافة والغلظ تكون بسبب كثرة الجواهر المفردة، (8) أو بسبب كون الشيء في نفسه غليظا كثيفا، كما يكون حارا وباردا وإن لم تكن حرارته وبرودته (9) بسبب كونه مركبا من

‌‌_________
(1) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(2) هذا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ب، أ: أنه قد علم من وجوه. . . إلخ.
(4) ب (فقط) : جسم، وهو خطأ.
(5) كما: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) انظر ما سبق 2/525 (ت 3، 4) .
(7) ب (فقط) : الفردة.
(8) ب (فقط) : الفردة.
(9) وبرودته: ساقطة من (أ) ، (ب)
===================================

الجواهر الفردة، فالجسم له قدر وصفات، وليست صفاته لأجل الجواهر، فكذلك قدره. فهذا ونحوه من البحوث العقلية الدقيقة لم تخطر ببال عامة من تكلم بلفظ " الجسم " من العرب وغيرهم.
الوجه الثالث: أنه من المعلوم أن اللفظ المشهور في اللغة الذي يتكلم به الخاص والعام ويقصدون معناه لا يجوز أن يكون معناه مما يخفى تصوره على أكثر الناس، ويقف (1) العلم بصحة ذلك المعنى (2) على أدلة دقيقة عقلية، ويتنازع فيها العقلاء، فإن الناطقين به جميعهم متفقون على إرادة المعنى الذي يدل اللفظ عليه في اللغة، (وما كان دقيقا لا يفهمه أكثر الناس لا يكون مراد الناطقين به وكذلك ما كان متنازعا فيه. ولهذا قال من قال من الأصوليين: اللفظ المشهور لا يجوز أن يكون موضوعا لمعنى خفي لا يعلمه إلا خواص الناس، كلفظ " الحركة " ونحوه. ومعلوم أن لفظ " الجسم " مشهور في لغة العرب) (3) ، مع عدم تصور أكثرهم للتركيب، وعدم علمهم بدليل التركيب، وإنكار كثير منهم للتركيب من الجواهر الفردة والمادة والصورة. وهذا مما يعلم به قطعا أنه ليس موضوعه في اللغة ما تنازع فيه النظار، ومعرفته تتوقف (4) على النظر والأدلة الخفية.

‌‌_________
(1) ب (فقط) : ويتوقف.
(2) المعنى: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ع، أ: تقف
==================================


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-06-2024, 11:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (159)
صـ 552 إلى صـ 558





الوجه (1) الرابع: أنهم لو قصدوا التركيب (2) فإنما قصدوه فيما كان غليظا كثيفا، فدعوى المدعي عليهم أنهم يسمون كل ما يشار إليه جسما، ويقولون مع ذلك: إنه مركب دعوتان باطلتان.
وجمهور المسلمين الذين يقولون: ليس بجسم، يقولون: من قال: إنه جسم وأراد بذلك أنه موجود أو قائم بنفسه (أو نحو ذلك، أو قال: إنه جوهر وأراد بذلك أنه قائم بنفسه) (3) فهو مصيب في المعنى، لكن أخطأ في اللفظ.
وأما إذا أثبت (4) أنه مركب من الجواهر الفردة (5) ونحو ذلك فهو مخطئ في المعنى، وفي تكفيره نزاع بينهم.
ثم القائلون بأن الجسم مركب من الجواهر الفردة (6) قد تنازعوا في مسماه، فقيل: الجوهر الواحد بشرط انضمام غيره إليه يكون جسما وهو قول القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما. (7) وقيل: بل الجوهران فصاعدا. وقيل: بل أربعة فصاعدا. وقيل: بل ستة فصاعدا. وقيل: بل ثمانية فصاعدا. وقيل: بل ستة عشر. وقيل: بل اثنان وثلاثون. وقد ذكر عامة هذه الأقوال الأشعري في كتاب " مقالات الإسلامين ن (8) واختلاف المصلين " (9) .

‌‌_________
(1) الوجه في (ع) فقط.
(2) ب: أنهم لو قصدوه ; أ: أنهم قصدوا. والمثبت من (ع) .
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ب، أ: ثبت، وهو تحريف.
(5) ع: المنفردة.
(6) ع: المنفردة.
(7) انظر: الباقلاني: التمهيد، ص [0 - 9] 7، 191، 195 ; الإنصاف، ص 15.
(8) أ، ب: المسلمين.
(9) في (ع) المضلين، وهو تحريف وانظر: المقالات 2/4 - 6
===================================

فقد تبين أن في هذا اللفظ من المنازعات اللفظية (1) اللغوية والاصطلاحية والعقلية والشرعية ما يبين أن الواجب على المسلمين الاعتصام بالكتاب والسنة، كما أمرهم الله تعالى بذلك في قوله: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} [سورة آل عمران: 103] ، وقوله تعالى: {المص - كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين - اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون} [سورة الأعراف: 1 - 3] ، وقوله: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} [سورة الأنعام: 153] ، وقوله: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [سورة البقرة: 213] ، وقوله: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا - ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا - وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} [سورة

‌‌_________
(1) اللفظية: زيادة في (ع)
=============================

النساء: 59 - 61] ، وقوله: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى - ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى - قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا - قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [سورة طه: 123 - 126] . قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية، ومثل هذا كثير من الكتاب والسنة، وهذا مما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها.
‌‌[القاعدة الواجب اتباعها في مسألة الصفات]
فالواجب أن ينظر في هذا الباب، فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نفاه الله ورسوله نفيناه، والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبتته النصوص من الألفاظ والمعاني. وننفي ما نفته (1) النصوص من الألفاظ والمعاني. وأما الألفاظ التي تنازع فيها من ابتدعها من المتأخرين، مثل لفظ " الجسم " و " الجوهر " (2) و " المتحيز " و " الجهة " ونحو ذلك فلا تطلق نفيا ولا إثباتا حتى ينظر في مقصود قائلها، فإن كان قد أراد بالنفي والإثبات معنى صحيحا موافقا لما أخبر به الرسول صوب المعنى الذي قصده بلفظه، ولكن ينبغي أن يعبر عنه بألفاظ النصوص، لا يعدل (3) إلى هذه الألفاظ المبتدعة المجملة إلا عند الحاجة، مع قرائن تبين المراد بها، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها، وأما إن أريد (4) بها معنى باطل نفي ذلك المعنى،

‌‌_________
(1) ع: تنفيه.
(2) أ، ب: مثل لفظ الجوهر.
(3) ع: نعدل.
(4) ع: إن أراد
==================================
وإن جمع بين حق وباطل، أثبت الحق وأبطل الباطل.
وإذا اتفق شخصان على معنى وتنازعا هل يدل ذلك اللفظ عليه أم لا، عبر عنه بعبارة يتفقان على المراد بها، وكان أقربهما إلى الصواب من وافق اللغة المعروفة، كتنازعهم في لفظ " المركب " هل يدخل فيه الموصوف بصفات تقوم به، وفي لفظ " الجسم " هل مدلوله في اللغة المركب أو الجسد أو نحو ذلك.

وأما لفظ " المتحيز " فهو في اللغة اسم لما يتحيز إلى غيره، كما قال تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة} [سورة الأنفال: 16] ، وهذا لا بد أن يحيط به حيز وجودي، ولا بد أن ينتقل من حيز إلى حيز، ومعلوم أن الخالق جل جلاله لا يحيط به شيء من مخلوقاته، فلا يكون متحيزا بهذا المعنى اللغوي.
وأما أهل الكلام فاصطلاحهم في المتحيز أعم من هذا، فيجعلون كل جسم متحيزا، والجسم عندهم ما يشار إليه، فتكون السماوات والأرض وما بينهما (1) متحيزا على اصطلاحهم، وإن لم يسم ذلك متحيزا في اللغة.
والحيز تارة يريدون به معنى موجودا وتارة يريدون به معنى معدوما، ويفرقون بين مسمى الحيز ومسمى المكان، فيقولون: المكان أمر وجودي (2) ، والحيز تقدير مكان عندهم. فمجموع الأجسام ليست في شيء موجود، فلا تكون في مكان، وهي عندهم متحيزة. ومنهم من

‌‌_________
(1) عبارة وما بينهما ": ساقطة من (ع) .
(2) ب، أ: موجود
====================================

يتناقض (1) فيجعل الحيز تارة موجودا وتارة معدوما، كالرازي (2) وغيره، كما (قد) (3) بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع.
فمن تكلم باصطلاحهم وقال: إن الله متحيز بمعنى (أنه) (4) أحاط به شيء من الموجودات فهذا مخطئ، فهو سبحانه بائن من خلقه، وما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق. وإذا كان الخالق بائنا عن المخلوق امتنع أن يكون الخالق في المخلوق، وامتنع أن يكون متحيزا بهذا الاعتبار. "
وإن أراد بالحيز أمرا عدميا فالأمر العدمي لا شيء، وهو سبحانه بائن عن (5) خلقه، فإذا سمى العدم الذي فوق العالم حيزا، وقال: يمتنع أن يكون فوق العالم لئلا يكون متحيزا، فهذا معنى باطل لأنه ليس هناك موجود غيره حتى يكون فيه وقد علم بالعقل والشرع أنه بائن عن (6) خلقه، كما قد بسط في غير هذا الموضوع.
وهما مما احتج به سلف الأمة وأئمتها على الجهمية - كما احتج به الإمام أحمد في رده على الجهمية - وعبد العزيز الكناني (7) وعبد الله بن

‌‌_________
(1) ب، أ: يناقض.
(2) انظر ما سبق 2/351 وما بعدها، وقد أورد ابن تيمية نص كلام الرازي في كتابه " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين " (ص [0 - 9] 5) وذكر تعليق الطوسي في تلخيص المحصل ثم علق على كلامهما.
(3) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(4) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(5) ع: من.
(6) ع: من.
(7) ع: الكتاني، وهو خطأ. وهو عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم الكناني المكي، كان يلقب بالغول لدمامته، سمع من سفيان بن عيينة وكان من تلاميذ الشافعي، وناظر بشرا المريسي أمام المأمون وله كتاب الحيدة، وقد توفي سنة 240. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/363 ; العبر للذهبي 1/334 ; الأعلام 4/154 - 155. وانظر كتاب " الحيدة " له، ص 27 - 28 ط. مطبعة الإمام بالقاهرة بدون تاريخ
===================================

سعيد بن كلاب والحارث المحاسبي وغيرهم، وبينوا (1) أنه سبحانه كان موجودا قبل أن يخلق السماوات والأرض، فلما خلقهما (2) فإما (3) أن يكون قد دخل فيهما (4) أو دخلت فيه، وكلاهما ممتنع، فتعين أنه بائن عنهما (5) وقرروا ذلك بأنه يجب أن يكون مباينا لخلقه أو مداخلا له.
والنفاة يدعون وجود موجود لا يكون مباينا لغيره (6) ولا مداخلا له، (7) وهذا ممتنع في بداية العقول، لكن يدعون أن القول بامتناع ذلك هو من حكم الوهم لا من حكم العقل. ثم إنهم تناقضوا فقالوا: لو كان فوق العرش لكان جسما، لأنه لا بد أن يتميز ما يلي هذا الجانب عما يلي هذا الجانب.
فقال لهم أهل الإثبات: معلوم بضرورة العقل أن إثبات موجود فوق العالم ليس بجسم، أقرب إلى العقل من إثبات موجود قائم بنفسه ليس بمباين للعالم ولا بمداخل له، فإن جاز إثبات الثاني فإثبات الأول أولى.
وإذا قلتم: نفي هذا الثاني من حكم الوهم الباطل؛ قيل لكم: (8) فنفي الأول أولى أن يكون من حكم الوهم الباطل.

‌‌_________
(1) ع: ويثبتون.
(2) فلما خلقهما: في (ع) فقط.
(3) ب، أ: إما.
(4) ب، أ: فيها.
(5) ب، أ: عنها.
(6) ب: لا مباين لغيره ; أ: لا مباينا لغيره.
(7) ب (فقط) : ولا مداخل له.
(8) لكم: في (ع) فقط
==============================

وإن قلتم: إن نفي الأول من حكم العقل المقبول ; فنفي الثاني أولى أن يكون من حكم العقل المقبول.
وقد بسط الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع، والمقصود هنا التنبيه.
وكذلك الكلام في لفظ " الجهة " فإن مسمى لفظ الجهة يراد به أمر وجودي (1) كالفلك الأعلى، ويراد به أمر عدمي كما وراء العالم.
فإذا أريد الثاني (أمكن) (2) أن يقال: كل جسم في جهة. وإذا أريد الأول امتنع أن يكون كل جسم في جسم آخر.
فمن قال: الباري في جهة، وأراد بالجهة أمرا موجودا، فكل ما سواه مخلوق له، (ومن قال: إنه) (3) في جهة بهذا التفسير فهو مخطئ.
وإن أراد بالجهة أمرا عدميا، وهو ما فوق العالم، وقال: إن الله فوق العالم، فقد أصاب. وليس فوق العالم موجود غيره، فلا يكون سبحانه في شيء من الموجودات.
وأما إذا فسرت (4) الجهة بالأمر العدمي، فالعدم (5) لا شيء.
وهذا ونحوه من الاستفسار، وبيان ما يراد باللفظ من معنى صحيح وباطل يزيل عامة الشبه.
فإذا قال نافي الرؤية: لو رؤي لكان في جهة، وهذا ممتنع، فالرؤية ممتنعة.

‌‌_________
(1) ع: موجود.
(2) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(3) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(4) ع: وإذا فسرت. . إلخ.
(5) ب (فقط) : فالعدمي
==========================================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-06-2024, 11:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (160)
صـ 559 إلى صـ 565




قيل له: إن أردت بالجهة أمرا وجوديا، فالمقدمة الأولى ممنوعة، وإن أردت بها أمرا عدميا فالثانية ممنوعة، فيلزم بطلان إحدى المقدمتين على كل تقدير، فتكون الحجة باطلة.
وذلك أنه إن أراد بالجهة أمرا وجوديا، لم يلزم أن يكون كل مرئي في جهة وجودية، فإن سطح العالم الذي هو أعلاه ليس في جهة وجودية، ومع هذا تجوز رؤيته فإنه جسم من الأجسام. فبطل قولهم: كل مرئي لا بد أن يكون في جهة وجودية، (1 إن أراد بالجهة أمرا وجوديا 1) . (1) وإن أراد بالجهة أمرا عدميا منع المقدمة الثانية، فإنه إذا قال: الباري ليس في جهة عدمية، وقد علم أن العدم ليس بشيء، كان حقيقة قوله: إن الباري لا يكون موجودا قائما بنفسه، حيث لا موجود إلا هو، وهذا باطل.
وإن قال: هذا يستلزم (2) أن يكون جسما أو متحيزا، عاد الكلام معه في مسمى الجسم والمتحيز. (3) فإن قال: هذا يستلزم أن يكون مركبا من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة، وغير ذلك من المعاني الممتنعة على الرب، لم يسلم له هذا التلازم.
وإن قال: يستلزم أن يكون الرب مشارا إليه ترفع الأيدي إليه في الدعاء (4) ، وتعرج الملائكة والروح إليه، وعرج بمحمد - صلى الله عليه

‌‌_________
(1) : (1 - 1) ساقط من (ع) .
(2) ب، أ: وإذا قال أحد يستلزم. . إلخ، وهو تحريف.
(3) ب، أ: المتحيز.
(4) ب: أن يكون والرب يشار إليه برفع الأيدي في الدعاء ; أ: أن يكون الرب يشار إليه برفع الأيدي إليه في الدعاء
======================================
وسلم - إليه (1) ، وتنزل الملائكة من عنده، وينزل (2) منه القرآن، ونحو ذلك من اللوازم التي نطق بها الكتاب والسنة وما كان في معناها.
قيل له: لا نسلم انتفاء هذه اللوازم. (3) فإن قال: ما استلزم هذه اللوازم فهو جسم.
قيل: إن أردت أنه يسمى جسما في اللغة أو في الشرع (4) ، فهذا باطل.
وإن أردت أنه يكون جسما مركبا من المادة والصورة، أو من الجواهر المفردة (5) ، فهذا أيضا ممنوع في العقل، فإن ما هو جسم باتفاق العقلاء - كالأحجار (6) - لا نسلم أنه (7) مركب بهذا الاعتبار، كما قد بسط في موضعه، فما الظن بغير ذلك! ؟
وتمام ذلك بمعرفة البحث العقلي في تركيب الجسم الاصطلاحي من هذا وهذا، وقد بسط في غير هذا الموضع، وبين فيه (8) أن قول هؤلاء وهؤلاء باطل مخالف للأدلة العقلية القطعية، ولكن هذا الإمامي لم يذكر هنا من الأدلة ما يصل به إلى آخر البحث، وقد ذكر في كلامه ما يناسب

‌‌_________
(1) ب، أ: ويعرج محمد - صلى الله عليه وسلم - إليه.
(2) ع: وتنزل.
(3) أ، ب: هذا اللازم.
(4) ب، أ: والشرع.
(5) أ، ب: الجواهر المركبة.
(6) ب، أ: كالأجسام، وهو تحريف.
(7) ع: لا نسلم فيه أنه.
(8) ب، أ: وتبين فيه
==============================
هذا الموضع، ومن شرع في تقرير ما ذكره بالمقدمات الممنوعة (1) ، شرع معه في نقضها وإبطالها بمثل ذلك، ولكل مقام مقال.
وقد بسط الكلام على هذه الأمور في موضع، وبين أن ما تنفيه نفاة الصفات التي نطق بها الكتاب والسنة في (2) علو الله سبحانه وتعالى على خلقه وغير ذلك، كما أنه لم ينطق بما ذكروه (3) كتاب الله ولا سنة رسوله (4) ، ولا قال بقولهم أحد من المرسلين ولا الصحابة والتابعين، ولم يدل (5) عليه أيضا دليل عقلي، بل الأدلة العقلية الصريحة موافقة للأدلة السمعية الصحيحة، ولكن هؤلاء ضلوا بألفاظ متشابهة ابتدعوها، ومعان عقلية لم يميزوا بين حقها وباطلها.
وجميع البدع: كبدع الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية، لها شبه في نصوص الأنبياء، بخلاف بدع (6) الجهمية النفاة، فإنه ليس معهم فيها دليل سمعي أصلا، ولهذا كانت آخر البدع حدوثا في الإسلام، ولما حدثت (أطلق) السلف والأئمة (7) القول بتكفير أهلها لعلمهم بأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق، ولهذا يصير محققوهم إلى مثل قول. (8) فرعون مقدم المعطلة، بل وينتصرون له ويعظمونه

‌‌_________
(1) ب، أ: المسوغة، وهو تحريف.
(2) ب (فقط) : من.
(3) ب: لم ينطق به ; أ: لم ينطق بها.
(4) ب، أ: كتاب ولا سنة.
(5) ب، أ: فلم يدل.
(6) ب، أ: بدعة.
(7) ب: ولما أحدثت السلف والأمة ; أ: ولما أحدثت السلف والأئمة.
(8) قول: ساقطة من (ب) ، (أ)
================================

وهؤلاء المعطلة ينفون نفيا مفصلا، ويثبتون شيئا مجملا يجمعون فيه (1) بين النقيضين. وأما الرسل صلوات الله (وسلامه) (2) عليهم أجمعين فيثبتون إثباتا مفصلا وينفون نفيا مجملا: يثبتون (لله) (3) الصفات على (وجه) (4) التفصيل، وينفون عنه التمثيل.
وقد علم أن التوراة مملوءة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيما، ومع هذا فلم ينكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على اليهود شيئا من ذلك، ولا قالوا: أنتم مجسمون. (5) بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا من الصفات أقرهم الرسول على ذلك (6) وذكر ما يصدقه، كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب سبحانه وتعالى للسماوات والأرض المذكور في تفسير قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} الآية [سورة الزمر: 67] .
وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه من حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما. (7)

‌‌_________
(1) ب، أ: ويجمعون فيه.
(2) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(5) ب، أ: أنتم تجسمون.
(6) على ذلك: في (ع) فقط.
(7) روى البخاري 6/126 (كتاب التفسير، سورة الزمر) ومسلم 4/2147 - 2148 (أول كتاب صفة القيامة والجنة والنار) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) . والحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه في: سنن الترمذي 5/48 - 49 (كتاب التفسير، سورة الزمر) ; المسند (ط. المعارف) الأرقام 3590، 4087، 4368، 4369 وهو مروي بمعناه عن عدد من الصحابة. وانظر مسلم 4/2147 - 2148 ; الدر المنثور 5/334 - 336 ; المسند (ط. المعارف) : الأحاديث رقم 2267، 2990
===================================

ولو قدر بأن النفي حق (1) ، فالرسل لم تخبر به ولم توجب على الناس اعتقاده، (فمن اعتقده وأوجبه) (2) فقد علم بالاضطرار (من دين الإسلام) أن دينه (3) مخالف لدين النبي - صلى الله عليه وسلم - (*) (4)
‌‌[استطراد في مناقشة نفاة الصفات]
(فصل)
ومما يبين الأمر في ذلك (5) أن المسلمين متفقون على تنزيه الله تعالى عن العيوب والنقائص وأنه متصف بصفات الكمال، لكن قد ينازعون في بعض الأمور: هل النقص إثباتها أو نفيها؟ وفي طريق العلم بذلك.
فهذا المصنف الإمامي اعتمد على طريق المعتزلة ومن تابعهم من أن الاعتماد في تنزيه الرب عن النقائص على نفي كونه جسما، ومعلوم أن

‌‌_________
(1) ب، أ: فلو قدر أن النفي حق.
(2) ما بين القوسين في (ع) فقط، وفي (ب) ، (أ) بدلا منه: وواجبه.
(3) ب: فقد علم بالاضطرار أن دينهم ; أ: فقد علم بالاضطرار أن دينه.
(4) الكلام الذي يلي عبارة: مخالف لدين النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي يوجد بعد القوس كله ساقط من (ب) ، (أ) . وهو كذلك ساقط من (ن) ، (م) . مع ما سبق الإشارة إليه ص 526. ويستمر السقط حتى ص 562.
(5) في الأصل (ع) : ومما يبين أن الأمر في ذلك
===============================

هذه الطريقة لم ينطق بها كتاب ولا سنة ولا هي مأثورة عن أحد من السلف، فقد علم أنه لا أصل لها في الشرع، وجمهور أصحابها يسلمون ذلك، لكن يدعون أنها معلومة من جهة العقل.
فقال لهم القادحون في طريقهم: هذا أيضا باطل، فإنه لا يمكن تنزيه الله تعالى عن شيء من النقائص والعيوب لاستلزام ذلك كونه جسما، فإنه ما من صفة يقول القائل: إنها تستلزم التجسيم (1) ، إلا والقول فيما أثبته كالقول فيما نفاه.
وهو لا بد أن يثبت شيئا، وإلا لزم أن ينفي الموجود القديم الواجب بنفسه، وحينئذ فأي صفة قال فيها: إنها لا تكون إلا لجسم، أمكن أن يقال له مثل ذلك فيما أثبته. وإن كانت تلك صفة نقص، فلو أراد أن ينزه الله تعالى عن الجهل والعجز والنوم وغير ذلك، فإن هذه الصفات لا تكون إلا للأجسام ; قيل له: وما تثبته أنت من الأسماء أو الأحكام أو الصفات لا تكون إلا للأجسام.
ولهذا كان من رد بهذه الطريق على الواصفين لله بالعيوب والنقائص كلامهم متناقض، ولهذا لم يعتمد الله ولا رسوله ولا أحد من سلف الأمة فيما ينكرونه على اليهود وغيرهم - ممن وصف الله تعالى بشيء من النقائص كالبخل والفقر واللغوب والصاحبة والولد والشريك - على هذه الطريق.
ثم إن كثيرا ممن يسلك هذه الطريق حتى من الصفاتية يقولون:

‌‌_________
(1) في الأصل أنه يستلزم التجسيم
==================================

إن كون الرب منزها عن النقص متصفا بالكمال مما لا نعرفه بالعقل بل بالسمع، وهو الإجماع الذي استند إليه.
وهؤلاء لا يبقى عندهم طريق عقلي ينزهون الله تعالى به عن شيء من النقائص، والإجماع الذي اعتمدوا عليه إنما ينفع في الجمل دون التفاصيل التي هي (1) محل نزاع بين المسلمين، فإنه يمتنع أن يحتج بالإجماع في موارد النزاع، ثم الإجماع يستندون فيه إلى بعض النصوص، ودلالة النصوص على صفات الكمال أظهر وأكثر وأقطع من دلالة النصوص على كون الإجماع حجة.
وإذا عرف ضعف أصول النفاة للصفات فيما ينزهون عنه الرب، فهؤلاء الرافضة طافوا على أبواب المذاهب، وفازوا بأخس المطالب، فعمدتهم في العقليات على عقليات باطلة، وفي السمعيات على سمعيات باطلة. ولهذا كانوا من أضعف الناس حجة وأضيقهم محجة، وكان الأكابر من أئمتهم متهمين بالزندقة والانحلال، كما يتهم غير واحد من أكابرهم.
والمقصود هنا أن هذا الباب تكلم الناس فيه بألفاظ مجملة مثل التركيب والانقسام والتجزئة والتبعيض ونحو ذلك. والقائل إذا قال: إن الرب تعالى ليس بمنقسم ولا متجزئ ولا متبعض ولا مركب ونحو ذلك، فهذا إذا أريد به ما هو المعروف من معنى ذلك في اللغة، فلا نزاع بين المسلمين أن الله منزه عن ذلك، فلا يجوز أن يقال: إنه مركب من أجزاء متفرقة، سواء قيل: إنه مركب بنفسه أو ركبه غيره، ولا أنه مركب يقبل

‌‌_________
(1) في الأصل: الذي هي. والكلام هنا عن الإجماع عند ابن المطهر وعند الإمامية والنفاة
==============================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-07-2024, 09:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (162)
صـ 573 إلى صـ 579





وكذلك عبد الرحمن بن كيسان وأمثاله لا ينكر أن يكون للثمرة طعما ولونا وريحا، وهذا من المراد بالأعراض في اصطلاح النظار، فكيف يقال: إنهم أنكروا الأعراض؟
بل إذا قالوا: إن الأعراض ليست صفات (1) زائدة على الجسم بمعنى أن الجسم اسم للذات التي قامت بها الأعراض، فالعرض داخل في مسمى الجسم، وهذا مما يمكن أن يقوله هؤلاء وأمثالهم.
ثم رأيت أبا الحسين (2) البصري - وهو أحذق متأخري المعتزلة - قد ذكر (في) " تصفيح الأدلة والأجوبة " (3) هذا المعنى، وذكر أن مرادهم هو

‌‌_________
(1) في الأصل: صفاتا، وهو خطأ.
(2) في الأصل: أبا الحسن.
(3) في الأصل: قد ذكر تصفيح الأدلة والأجوبة، وزدت (في) ليستقيم الكلام وسبقت ترجمة أبي الحسين البصري 1/397. وانظر فضل الاعتزال، ص 387 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 6 - 87. وذكر الكتاب ابن المرتضى في كتابه المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل ص 70، د. حيدر آباد، 1316 ; معجم المؤلفين 11/20
====================================
هذا المعنى، وذكر من كلامهم ما يبين ذلك، فاختار هو هذا، وأثبت الأحوال التي يسميها (1) غيره أعراضا زائدة، وعاد جمهور النزاع إلى أمور لفظية.
وإذا كان كذلك فمن المعلوم أنا نحن نميز بين الطعم واللون والريح بحواسنا، فنجد الطعم بالفم، ونرى اللون بالعين، ونشم الرائحة بالأنف، كما نسمع الصوت بالأذن، فهنا الآلات التي تحس بها هذه الأعراض مختلفة فينا، يظهر اختلافها في أنفسها لاختلاف الآلات التي تدركها، بخلاف ما يقوم بأنفسنا من علم وإرادة وحب، فإنا لا نميز بين هذا وهذا بحواس مختلفة، وإن كان أدلة العلم بذلك مختلفة، فالأدلة قد تكون أمورا منفصلة عن المستدل.
فهذا مما يقع به الفرق بين الصفات المدركة بالحس والصفات المعلومة بالعقل، وإلا فمعلوم أن اتصاف الأترجة والتفاحة بصفاتها المتنوعة هو أمر ثابت في نفسه سواء وجدنا ذلك أو لم نجده. ومعلوم أن طعمها نفسه ليس هو لونها، ولونها ليس هو ريحها، وهذه كلها صفات قائمة بها متنوعة بحقائقها، وإن كان محلها الموصوف بها واحدا.
ثم الصفات نوعان: نوع لا يشترط فيه الحياة: كالطعم واللون والريح، ونوع يشترط فيه الحياة: كالعلم والإرادة والسمع والبصر.
فأما الأول فحكمه لا يتعدى محله، فلا يتصف باللون والريح والطعم إلا ما قام به ذلك.
‌‌_________
(1) في الأصل: ينفيها، وصوبت في الهامش بكلمة لم يظهر منها إلا (ميها) ورجحت أن تكون كما أثبت
=================================
وأما هذا الثاني فقد تنازع فيه النظار لما رأوا أن الإنسان يوصف بأنه عالم قادر مريد، والعلم والإرادة لم تقم بعقبه ولا بظهره، وإنما هو قائم بقلبه.
فمنهم من قال: الأعراض المشروطة بالحياة يتعدى حكمها محلها، فإذا قامت بجزء من الجملة وصف بها سائر الجملة، كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة وغيرهم.
ومنهم من يقول: بل الموصوف بذلك جزء منفرد في القلب.
ومنهم من يقول: بل حكمها لا يتعدى محلها، وإنه بكل جزء من أجزاء البدن حياة وعلم وقدرة.
ومن هؤلاء من يقول: لا يشترط في قيام هذه الأعراض بالجوهر الفرد البنية المخصوصة، كما يقوله: الأشعري ومن اتبعه من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وهؤلاء بنوا هذا على ثبوت الجوهر الفرد، وهو أساس ضعيف، فإن القول به باطل، كما قد بسط في موضعه.
ثم من المتفلسفة المشائين من ادعى أن محل العلم من الإنسان ما لا ينقسم، ومعنى ذلك عندهم أن النفس الناطقة لا يتميز منها شيء عن شيء، ولا يتحرك ولا يسكن، ولا يصعد ولا ينزل، ولا يدخل في البدن ولا غيره من العالم ولا يخرج منه، ولا يقرب من شيء ولا يبعد منه.
ثم منهم من يدعي أنها لا تعلم الجزئيات وإنما تعلم الكليات، كما يذكر ذلك عن ابن سينا وغيره. وكان أعظم ما اعتمدوا عليه من المعلومات ما لا ينقسم، فالعلم به لا ينقسم، لأن العلم مطابق للمعلوم

=====================================
فمحل العلم لا ينقسم، لأن ما ينقسم لا يحل في منقسم. (1) \ 1975. وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين بعض ما في هذا الكلام من الغلط، مع أن هذا عندهم هو البرهان القاطع الذي لا يمكن نقضه. وقواهم على ذلك أن بعض من عارضهم كأبي حامد والرازي لم يجيبوا عنه بجواب شاف، بل أبو حامد قد يوافقهم على ذلك.
ومنشأ النزاع إثبات ما لا ينقسم بالمعنى الذي أرادوه في الوجود الخارجي.
فيقال لهم: لا نسلم أن في الوجود ما لا يتميز منه شيء عن شيء. فإذا قالوا: النقطة؟ قيل لهم: النقطة والخط والسطح الواحد والاثنان والثلاثة: قد يراد بها هذه المقادير مجردة عن موصوفاتها، وقد يراد بها ما اتصف بها (من) (2) المقدرات في الخارج.
فإذا أريد الأول فلا وجود لها إلا في الأذهان لا في الأعيان، فليس في الخارج عدد مجرد عن المعدود، ولا مقدار مجرد عن المقدر (3) : لا نقطة ولا خط ولا سطح ولا واحد ولا اثنان ولا ثلاثة بل الموجودات

‌‌_________
(1) انظر كتاب الشفاء لابن سينا، الفن السادس من الطبيعيات 1 وما بعدها، ط براغ، تشيكوسلوفاكيا، 1956 ص [0 - 9] 87 وما بعدها، ط. الهيئة العامة للكتاب، تحقيق جورج قنواتي، سعيد زايد، القاهرة، 1395
(2) (من) : ليست في الأصل وزدتها ليستقيم الكلام.
(3) في الأصل: مقدرا مجردا عن المقدر، ولعل الصواب ما أثبته
=======================================
المعدودات كالدرهم والحبة والإنسان، والمقدرات كالأرض التي لها طول وعرض وعمق، فما من سطح إلا وله حقيقة يتميز بها عن غيره من السطوح، كما يتميز التراب عن الماء، وكما يتميز سطوح كل جسم عن سطوح الآخر.
وإن قالوا: ما لا ينقسم هي العقول المجردة التي تثبتها الفلاسفة.
كان دون إثبات هذه خرط القتاد (1) ، فلا يتحقق منها إلا ما يقدر في الأذهان، لا ما يوجد في الأعيان.
والملائكة التي وصفتها الرسل وأمروا بالإيمان بها، بينها وبين هذه المجردات من أنواع الفرقان، ما لا يخفى إلا على العميان، كما قد بسط في غير هذا المكان.
وإن أرادوا بما لا ينقسم واجب الوجود، وقالوا: إنه واحد لا ينقسم ولا يتجزأ.
قيل: إن أردتم بذلك نفي صفاته، وأنه ليس لله حياة وعلم وقدرة تقوم به، فقد علم أن جمهور المسلمين وسائر أهل الملل، بل وسائر عقلاء بني آدم من جميع الطوائف يخالفونكم في هذا.
وهذا أول المسألة، وأنتم - وكل عاقل - قد يعلم بعض صفاته دون بعض، والمعلوم هو غير ما ليس بمعلوم، فكيف ينكر أن يكون له معان متعددة؟
وأدلة إثبات الصانع كثيرة، ليس هذا موضعها، فلم قلتم بإمكان وجود مثل هذا في الخارج، فضلا عن تحقيق وجوده؟

‌‌_________
(1) في الأصل: حرظ العتاد
==================================
وقد عرف فساد حجتكم على نفي الصفات، وإن سميتم ذلك توحيدا، فحينئذ الواحد الذي لا يتميز منه شيء عن شيء لم يعلم ثبوته في الخارج حتى يحتج على أن العلم به كذلك، والعالم به كذلك.
وقد احتج بعضهم على وجود ما لا ينقسم - بالمعنى الذي أرادوه - بأن قالوا: الوجود في الخارج: إما بسيط وإما مركب، والمركب لا بد له من بسيط.
وهذا ممنوع، فلا نسلم أن في الوجود ما هو مركب من هذا البسيط الذي أثبتموه، وإنما الموجود الأجسام البسيطة، وهو ما يشبه بعضه بعضا، كالماء والنار والهواء ونحو ذلك.
وأما ما لا يتميز منه شيء عن شيء، فلا نسلم أن في الوجود ما هو مركب منه، بل لا موجود إلا ما يتميز منه شيء عن شيء.
وإذا قالوا: فذلك الشيء هو البسيط.
قيل لهم: وذلك إنما يكون بعضا من غيره، لا يعلم مفردا ألبتة، كما لا يوجد مفردا ألبتة.
ثم يقال: من المعلوم أن بدن الإنسان ينقسم بالمعنى الذي يذكرونه ويتميز منه شيء عن شيء، والحياة والحس سار في بدنه، فما المانع أن تقوم الحياة والعلم بالروح، كما قامت الحياة والحس بالبدن، وإن كان البدن منقسما عندكم؟
وإن قلتم: الحياة والحس منقسم عندكم؟
قيل: إن أردتم بذلك أنه يمكن كون البعض حيا حساسا مع مفارقة البعض

=======================================
قيل: هذا لا يطرد، بل قد يذهب بعضه وتبقى الحياة والحس في بعضه، وقد تذهب الحياة والحس عن بعضه بذهاب ذلك عن البعض، كما في القلب.
وعلى التقديرين فالحياة والحس يتسع باتساع محله، والأرواح متنوعة، وما يقوم بها من العلم والإرادة وغير ذلك يتنوع بتنوعها، فما عظم من الموصوفات عظمت صفاتها، وما كان دونها كانت صفاته دونه.
وأيضا، فالوهم عندهم قوة جسمانية قائمة بالجسم، مع أنها تدرك في المحسوس ما ليس بمحسوس، كالصداقة والعداوة، وذلك المعنى مما لا ينقسم بانقسام محله عندهم.
وأيضا، فقوة الإبصار التي في العين قائمة بجسم ينقسم عندهم، مع أنها لا تنقسم بانقسام محلها، بل الاتصال شرط فيها، فلو فسد بعض محلها فسدت، ولا يبقى بعضها مع فساد أي بعض كان، فما كان المانع أن يكون قيام الحياة والعلم والقدرة والإرادة ببعض الروح - إذا قيل: يتميز بعضها عن بعض - مشروطا بقيامه بالبعض الآخر، بحيث يكون الاتصال شرطا في هذا الاتصاف؟ (1) كما يوجد ذلك في الحياة والحس في بعض البدن، لا تقوم به الحياة والحس إلا إذا كان متصلا نوعا من الاتصال.
وبسط الكلام في (كثير من) (2) هذه الأمور يتعلق بالكلام على روح الإنسان، التي تسمى النفس الناطقة، وعلى اتصافها بصفاتها، فبهذا
‌‌_________
(1) في الأصل: في هذه الاتصاف.
(2) بعد حرف (في) توجد إشارة إلى الهامش، ولم تظهر الكلمات الساقطة في المصورة، ورجحت أن تكون هي ما أثبته
==================================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-07-2024, 09:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (163)
صـ 580 إلى صـ 586





يستعين الإنسان على الكلام في الصفات الإلهية، وبذلك يستعين على ما يرد عليه من الشبهات، وقد تكلمنا على ذلك في مواضع.
والناس قد تنازعوا في روح الإنسان: هل هي جسم مركب من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة، أو جوهر لا يقبل الصعود والنزول والقرب والبعد ونحو ذلك؟ وكلا القولين خطأ، كما ذكر في غير هذا الموضع؟ (1) وأضعف من ذلك قول من يجعلها عرضا من أعراض البدن كالحياة والعلم.
وقد دخل في الأول قول من قال: إن الإنسان ليس هو إلا هذه الجمل المشاهدة، وهي البدن، ومن قال: إنها الريح التي تتردد في مخاريق البدن ; ومن قال: إنها الدم، ومن قال: إنها البخار اللطيف الذي يجري في مجاري الدم، وهو المسمى بالروح عند الأطباء ; ومن قال غير ذلك.
والثاني: قول من يقول بذلك من المتفلسفة ومن وافقهم من النظار.
وقد ينظر الإنسان في كتب كثيرة من المصنفة في هذه الأمور، ويجد في المصنف أقوالا متعددة، والقول الصواب لا يجده فيها.
ومن تبحر في المعارف تبين له خلاصة الأمور، وتحقيقها: هو ما أخبر به الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، في جميع هذه الأمور، لكن إطالة القول في هذا الباب، لا يناسب هذا

‌‌_________
(1) انظر رسالة في العقل والروح لابن تيمية، المنشورة في الجزء الثاني من مجموعة الرسائل المنيرية، ط. القاهرة، 1343. ونشرت بعد ذلك في مجموع فتاوى الرياض 4/216 - 231
==================================
الكتاب، وإنما المقصود التنبيه على أن ما تشنع به الرافضة على أهل السنة من ضعيف الأقوال هم به أخلق، والضلال بهم أعلق، ولكن لا بد من جمل يهتدى بها إلى الصواب.
وباب التوحيد والأسماء والصفات مما عظم فيه ضلال من عدل عما جاء به الرسول إلى ما يظنه من المعقول، وليست المعقولات الصريحة إلا بعض ما أخبر به الرسول، يعرف ذلك من خبر هذا وهذا.

‌‌[تنازع الناس في الأسماء التي تسمى الله بها وتسمى بها عباده]

(فصل) ] (1) وهذا الموضع أشكل على كثير من الناس لفظا ومعنى. أما اللفظ فتنازعوا في الأسماء التي تسمى الله بها وتسمى بها (2) عباده كالموجود والحي والعليم والقدير، فقال بعضهم: (3) هي مقولة بالاشتراك اللفظي (4) حذرا من إثبات قدر مشترك بينهما، لأنهما إذا اشتركا في مسمى الوجود لزم أن يمتاز الواجب عن الممكن بشيء آخر فيكون مركبا. وهذا قول بعض المتأخرين كالشهرستاني والرازي في أحد قوليهما، وكالآمدي مع توقفه أحيانا (5) . وقد ذكر الرازي والآمدي ومن اتبعهما هذا القول عن الأشعري وأبي الحسين البصري وهو غلط عليهما، وإنما ذكروا (6) ذلك

‌‌_________
(1) هنا ينتهي السقط الموجود في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وقد بدأ ص 566.
(2) ب، أ: ويسمي بها.
(3) ب، أ: وقال بعضهم ; ع: فقال (وسقطت: بعضهم) .
(4) اللفظي: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) أحيانا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ب: ذكرا ; أ: ذكر، وهو خطأ
====================================
لأنهما لا يقولان بالأحوال، ويقولان: وجود كل شيء عين حقيقته، فظنوا أن من قال: وجود كل شيء عين حقيقته يلزمه أن يقول: إن (1) لفظ الوجود يقال بالاشتراك اللفظي عليهما، لأنه لو كان متواطئا لكان بينهما قدر مشترك [فيمتاز أحدهما عن الآخر بخصوص حقيقته، والمشترك ليس هو المميز، فلا يكون الوجود المشترك] (2) هو الحقيقة المميزة. والرازي والآمدي ونحوهما ظنوا أنه ليس في المسألة إلا هذا القول وقول من يقول بأن اللفظ متواطئ (3 ويقول: وجوده زائد على حقيقته، كما هو قول أبي هاشم وأتباعه من المعتزلة والشيعة، أو قول ابن سينا بأنه متواطئ 3) (3) [أو مشكك] (4) مع أنه (5) الوجود المقيد [بسلب كل أمر ثبوتي عنه] (6) .
وذهب من ذهب من القرامطة الباطنية وغلاة الجهمية إلى أن هذه الأسماء حقيقة في العبد مجاز في الرب. [قالوا: هذا في اسم الحي] (7) ونحوه، [حتى في اسم الشيء كان الجهم وأتباعه لا يسمونه شيئا (8) ، وقيل عنه إنه لم يسمه إلا بالقادر الفاعل لأن العبد عنده ليس بقادر ولا

‌‌_________
(1) إن: ساقطة من (ع) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) : (3 - 3) ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) أ: ومشكل ; ب: ومشكك. وسقطت الكلمة من (ن) ، (م) . وانظر تعريف المتواطئ والمشكك في " التعريفات " للجرجاني.
(5) ب، أ: مع أن.
(6) ب، أ: يسلب كل أمر ثبوتي عنه وسقطت العبارة من (ن) ، (م) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ذكر الأشعري (المقالات 1/312) ما تفرد به جهم من الأقوال، ومن ذلك " أنه كان يقول: لا أقول إن الله سبحانه شيء لأن ذلك تشبيه له بالأشياء "
========================================
فاعل، فلا يسميه باسم يسمى به العبد (1) ] (2) . وذهب أبو العباس الناشئ (3) إلى ضد ذلك فقال: إنها حقيقة للرب مجاز للعبد (4) .
وزعم ابن حزم أن أسماء الله تعالى الحسنى لا تدل على المعاني، فلا يدل عليم على علم، ولا قدير على قدرة، بل هي أعلام

‌‌_________
(1) قال الشهرستاني (الملل والنحل 1/79) عن الجهم: " وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية وزاد عليهم بأشياء: منها قوله: لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه لأن ذلك يقتضي تشبيها، فنفى كونه حيا عالما، وأثبت كونه قادرا فاعلا خالقا، لأنه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة والفعل والخلق ".
(2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(3) أبو العباس عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مالك الناشئ الأنباري، كان يقال له ابن شرشير، وتوفي سنة 293 قال ابن حجر (لسان الميزان 3/334) : " كان من أهل الأنبار ونزل بغداد ثم انتقل إلى مصر ومات بها، وكان متكلما شاعرا مترسلا وله قصيدة أربعة آلاف بيت في الكلام. قال ابن النديم: يقال إنه كان ثنويا فسقط من طبقة أصحابه المتكلمين. قلت: ولا تغتر بقول ابن النديم فإن هذا من كبار المسلمين، وكان سبب تلقيبه بالناشئ أنه دخل وهو فتى مجلسا فناظر على طريقة المعتزلة فقطع خصمه فقام شيخ فقبل رأسه وقال: لا أعدمنا الله مثل هذا الناشئ، فبقي علما عليه. وله رد على داود بن علي رده عليه ابنه محمد بن داود، وغير ذلك ". وأما ابن النديم فذكره ضمن رؤساء المنانية (نسبة إلى ماني) المتكلمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة، فقال (338) : " وممن تشهر أخيرا أبو عيسى الوراق وأبو العباس الناشئ ". وانظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/277 - 279 ; إنباه الرواة 2/128 - 129 ; تاريخ بغداد 1/92 - 93 ; شذرات الذهب 2/214 - 215 ; العبر للذهبي 2/95 ; الأعلام 4/261. وانظر ما ذكره عنه ابن حزم في: التقريب لحد المنطق والمدخل إليه، ص 43، تحقيق د. إحسان عباس، بيروت 1959. وانظر مقدمة المحقق (ص ط) ; وانظر أيضا: المنية والأمل لابن المرتضى، ص 54، فضل الاعتزال، ص 299.
(4) ع: مجاز في العبد
================================
محضة (1) . وهذا يشبه قول من يقول بأنها تقال بالاشتراك اللفظي (2) .
وأصل غلط هؤلاء شيئان: إما نفي الصفات والغلو في نفي التشبيه، وإما ظن ثبوت الكليات المشتركة في الخارج.
فالأول هو مأخذ الجهمية ومن وافقهم على نفي الصفات. قالوا: إذا قلنا عليم يدل على علم، وقدير يدل على قدرة لزم من إثبات الأسماء إثبات الصفات، وهذا مأخذ ابن حزم، فإنه من نفاة الصفات (3) مع تعظيمه للحديث والسنة والإمام أحمد، ودعواه أن الذي يقوله: في ذلك هو مذهب أحمد وغيره.
وغلطه في ذلك بسبب أنه أخذ أشياء (4) من أقوال الفلاسفة والمعتزلة عن بعض شيوخه، ولم يتفق له من يبين له خطأهم (5) ، ونقل المنطق بالإسناد عن متى الترجمان (6) . وكذلك قالوا: إذا قلنا: موجود وموجود، وحي وحي لزم التشبيه، فهذا أصل غلط هؤلاء.

‌‌_________
(1) يقول ابن حزم (الفصل 2/296) : " إننا لا نفهم من قولنا قدير عالم - إذا أردنا بذلك الله تعالى - إلا ما نفهم من قولنا الله فقط، لأن كل ذلك أسماء أعلام لا مشتقة من صفة أصلا، لكن إذا قلنا: الله تعالى بكل شيء عليم، ويعلم الغيب، فإنما يفهم من كل ذلك أن هاهنا له تعالى معلومات، وأنه لا يخفى عليه شيء، ولا يفهم منه ألبتة أن له علما هو غيره، وهكذا نقول في: يقدر، وفي غير ذلك كله ".
(2) ب، أ: أنها تقال. . إلخ، والعبارة في (ع) مضطربة.
(3) انظر الفصل 2/283 وما بعدها.
(4) ب، أ، ن، م: شيئا.
(5) ب: ولم يتفق من بين له خطأهم ; أ، م: ولم يتفق من يبين له خطأهم ; ن: ولم يبين لهم من يبين لهم خطأهم ; ع: ولم يتفق له من يبين له خطاوهم.
(6) ب: ونقل المنطق الأستاذ عن متى الترجمان ; أ: ونقل المنطق الإسناد عن متى الترجمان ; ن، م: ونقل المنطق بالإسناد عن متى. ومتى الترجمان هو أبو بشر متى بن يونس (أو ابن يونان) المنطقي النصراني، نزل بغداد ومات بها سنة 328 وإليه انتهت رياسة المنطقيين في عصره. انظر ترجمته ومصنفاته في: تاريخ الحكماء لابن القفطي، ص [0 - 9] 23 ; تاريخ حكماء الإسلام لظهير الدين البيهقي، ص 28 - 29 ; طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 2/227 ; الفهرست لابن النديم ص 263 - 264. وقد ذكر ابن تيمية في أكثر من موضع ما نسبه هنا إلى ابن حزم، انظر مثلا: الرد على المنطقيين، ص 131 - 132. ويقول الدكتور إحسان عباس (مقدمة التقريب لحد المنطق لابن حزم، ص ح - ط) إن عبارة ابن تيمية هذه هدته إلى بيان معنى ما يذكره ابن حزم في كتابه من قوله: " قال الشيخ: هذه عبارات المترجمين وفيها تخليط. . . إلخ " إذ جعله كلام ابن تيمية يعتقد أن كلمة " الشيخ " ربما كانت تشير إلى متى المنطقي نفسه، وإن كان ابن حزم لم يذكر شيئا عن متى في النسخة التي نشر عنها الكتاب
==========================================

وأما الأصل الثاني فمنه غلط الرازي (1) ونحوه، فإنه ظن أنه إذا (2) كان هذا موجودا وهذا موجودا، والوجود شامل لهما، كان بينهما وجود مشترك كلي في الخارج، فلا بد من مميز يميز هذا عن هذا، والمميز إنما هو الحقيقة، فيجب أن يكون هناك وجود مشترك وحقيقة مميزة.
ثم إن (3) هؤلاء يتناقضون فيجعلون الوجود ينقسم (4) إلى واجب وممكن أو قديم (5) ومحدث، كما تنقسم سائر الأسماء العامة الكلية. لا كما تنقسم الألفاظ المشتركة كلفظ " سهيل " القول على [سهيل] (6) الكوكب وعلى سهيل بن عمرو، فإن تلك لا يقال فيها: إن هذا ينقسم إلى كذا

‌‌_________
(1) ب، أ: الدين، وهو تحريف.
(2) ب (فقط) : إن.
(3) إن: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) ب، أ: منقسما ; ن: جسم، وهو تحريف.
(5) ب، أ: وقديم.
(6) سهيل: زيادة في (ع)
===================================
وكذا، ولكن يقال: إن هذا اللفظ يطلق على هذا المعنى وعلى هذا المعنى، وهذا أمر لغوي لا تقسيم عقلي.
وهناك تقسيم عقلي: تقسيم المعنى الذي هو مدلول اللفظ العام، مورد التقسيم مشترك بين الأقسام. وقد ظن بعض الناس أنه يخلص من هذا بأن يجعل (1) لفظ الوجود مشككا لكون (2) الوجود الواجب أكمل، كما يقال: في لفظ " السواد " و " البياض " المقول على سواد القار وسواد الحدقة وبياض الثلج وبياض العاج.
ولا ريب أن المعاني الكلية قد تكون متفاضلة في مواردها، بل أكثرها كذلك، وتخصيص هذا القسم بلفظ المشكك أمر اصطلاحي. ولهذا كان من الناس من قال: هو نوع من المتواطئ (3) لأن واضع اللغة لم يضع اللفظ العام بإزاء التفاوت الحاصل لأحدهما، بل بإزاء القدر المشترك.
وبالجملة فالنزاع في هذا لفظي، فالمتواطئة العامة تتناول المشككة، وأما المتواطئة التي تتساوى معانيها فهي قسيم المشككة، وإذ جعلت المتواطئة نوعين: متواطئا (4) عاما وخاصا، كما جعل الإمكان نوعين: عاما وخاصا، زال اللبس.
والمقصود هنا أن يعرف أن قول جمهور الطوائف من الأولين والآخرين

‌‌_________
(1) ب، أ، ن، م: جعل.
(2) ب، أ: ككون.
(3) ع، ن: التواطي.
(4) ع، ن، م: تواطئا
===============================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-07-2024, 09:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (164)
صـ 587 إلى صـ 593





أن هذه الأسماء عامة كلية - (1 سواء سميت متواطئة أو مشككة 1) (1) - ليست ألفاظا (2) مشتركة اشتراكا لفظيا فقط. وهذا مذهب المعتزلة والشيعة والأشعرية والكرامية، وهو مذهب سائر المسلمين: أهل السنة والجماعة والحديث وغيرهم، إلا من شذ (3) .
وأما الشبه التي أوقعت هؤلاء (4) ، فجوابها من وجهين: تمثيل وتخييل (5) . أما التمثيل فأن يقال: القول في لفظ " الوجود " كالقول في لفظ " الحقيقة " و " الماهية " و " النفس " و " الذات "، وسائر الألفاظ التي تقال على الواجب والممكن، بل تقال على كل موجود.
فهم إذا قالوا: يشتركان في الوجود، ويمتاز أحدهما عن الآخر بحقيقته.
(6 قيل لهم: القول في لفظ " الحقيقة " كالقول في لفظ " الوجود "، فإن هذا له حقيقة وهذا له حقيقة، كما أن لهذا وجودا ولهذا وجودا، وأحدهما يمتاز عن الآخر بوجوده المختص به، كما هو ممتاز عنه بحقيقته 6) (6) التي تختص به فقول القائل: إنهما يشتركان (7) في مسمى الوجود، ويمتاز كل

‌‌_________
(1) (1 - 1) سقطت " سميت " من (ب) ، (أ) . وفي (ن) : سواء كانت هذه الأسماء متواطئة أو كانت مشكلة.
(2) ألفاظا: ساقطة من (ع) .
(3) عبارة " إلا من شذ " ليست في (ع) .
(4) ب، أ: وأما الشبهة التي وقعت لهؤلاء ; ن، م: وأما الشبهة التي أوقعت هؤلاء.
(5) ب، أ، م: وتحليل.
(6) : (6 - 6) ساقط من (ب) ، (أ) ، وهو في (ع) ، (ن) ، (م) ولكن بعض كلماته في (ن) ، (م) محرفة.
(7) ن، م، أ: مشتركان
==================================
[واحد] (1) منهما بحقيقته التي تخصه (2) ، (* كما لو قيل: هما مشتركان في مسمى الحقيقة ويمتاز كل منهما *) (3) بوجوده الذي يخصه.
وإنما وقع الغلط لأنه أخذ الوجود مطلقا لا مختصا، وأخذت الحقيقة مختصة لا مطلقة، ومن المعلوم أن كلا منهما يمكن أن يوجد (4) مطلقا ويمكن أن يوجد (5) مختصا، فإذا أخذا مطلقين تساويا في العموم، وإذا أخذا مختصين تساويا في الخصوص، وأما (6) أخذ أحدهما عاما والآخر مختصا فليس هذا بأولى من العكس.
وأما حل الشبهة فهو أنهم توهموا (7) [أنه] (8) إذا قيل إنهما مشتركان في مسمى الوجود، يكون في الخارج وجود مشترك هو نفسه في هذا، وهو نفسه في هذا، فيكون نفس المشترك فيهما، والمشترك لا يميز، فلا بد له من مميز.
وهذا غلط فإن قول القائل: يشتركان في مسمى الوجود، أي يشتبهان في ذلك (9) ويتفقان فيه، فهذا (10) موجود وهذا موجود، ولم يشرك أحدهما الآخر في نفس وجوده ألبتة.

‌‌_________
(1) واحد: في (ع) فقط.
(2) ب، أ: بحقيقة تخصه.
(3) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ب) ، (أ) .
(4) ب (فقط) : يؤخذ.
(5) ب (فقط) : يؤخذ.
(6) ب، أ، ن، م: أما.
(7) ع: فإنهم توهموا.
(8) أنه في (ع) فقط.
(9) ع: أي يشتبهان فيه.
(10) ع: وهذا
===================================
وإذا قيل: يشتركان في الوجود المطلق الكلي، فذاك المطلق الكلي لا يكون مطلقا كليا إلا في الذهن، فليس في الخارج مطلق كلي يشتركان فيه، بل هذا له حصة منه، وهذا له حصة منه، وكل من الحصتين (1) ممتازة عن الأخرى.
ومن قال: المطلق جزء من المعين، (* والموجود جزء من هذا الموجود (2) ، والإنسان جزء من هذا الإنسان: إن أراد به أن المعين *) (3) يوصف به، فيكون صفة له، ومع كونه صفة له، فما هو صفة له (4) لا توجد عينه لآخر (5) ، فهذا معنى صحيح، ولكن تسمية الصفة جزء الموصوف ليس هو المفهوم منها عند الإطلاق.
وإن أريد أن نفس ما في المعين من وجود أو إنسان هو في ذلك بعينه، فهذا مكابرة.
وإن قال: إنما أردت أن النوع في الآخر عاد الكلام في النوع، فإن النوع أيضا كلي (6) .
والكليات الخمسة: كليات الجنس، والنوع، والفصل، والخاصة، والعرض العام ; والقول فيها واحد، فليس فيها ما يوجد في الخارج كليا مطلقا، ولا تكون كلية مطلقة إلا في الأذهان لا في الأعيان.
‌‌_________
(1) ب، أ: الحقيقتين.
(2) ب (فقط) : والوجود جزء من هذا الوجود.
(3) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (م) فقط.
(4) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ن، م: لا يوجد عنه الآخر.
(6) ب، أ: وإن قال: إنما أردت النوع الآخر عادم الكلام في النوع أيضا كلي، وفيه سقط وتحريف
==================================
وما يدعى فيها من عموم وكلية أو من تركيب كتركيب النوع من الجنس والفصل، هي أمور عقلية ذهنية لا وجود لها في الخارج، فليس في الخارج شيء يعم هذا وهذا، [ولا في الخارج إنسان مركب من هذا وهذا] (1) ، بل الإنسان موصوف بهذا وهذا [وهذا] (2) بصفة يوجد نظيرها في كل إنسان، وبصفة يوجد نظيرها في كل حيوان، وبصفة يوجد نظيرها في كل نام.
وأما نفس الصفة التي قامت به (3) ، ونفس الموصوف الذي قامت به الصفة، فلا اشتراك فيه أصلا ولا عموم، ولا هو (4) مركب من عام وخاص.
وهذا الموضع منشأ زلل كثير من المنطقيين في الكليات، وكثير من المتكلمين في مسألة الحال. وبسبب ذلك (5) غلط من غلط من هؤلاء وهؤلاء في الإلهيات (6) فيما يتعلق بهذا، (7 فإن المتكلمين أيضا رأوا أن الأشياء تتفق بصفات وتختلف بصفات 7) (7) ، والمشترك عين المميز (8) ، فصاروا حزبين: حزبا أثبت هذه الأمور في الخارج، لكنه قال: لا موجودة ولا معدومة، لأنها لو كانت موجودة لكانت أعيانا موجودة أو

‌‌_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) وهذا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(3) ن، م: بها.
(4) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ب، أ: وسبب ذلك، وهو خطأ.
(6) ب، أ: في الهيئات، وهو تحريف.
(7) (7 - 7) : الكلام في (ن) ، (م) في هذه العبارات ناقص ومضطرب.
(8) ب، أ: والمشترك غير المميز
===================================
صفات للأعيان، ولو كانت كذلك لم يكن فيها اشتراك وعموم، [فإن صفة الموصوف الموجودة لا يشركه فيها غيره.
وآخرون علموا أن كل موجود مختص بصفة فقالوا: لا عموم] (1) ولا اشتراك إلا في الألفاظ دون المعاني.
والتحقيق أن هذه الأمور العامة المشترك فيها هي ثابتة في الأذهان، وهي معاني الألفاظ العامة، فعمومها بمنزلة عموم الألفاظ، فالخط يطابق اللفظ، واللفظ يطابق المعنى، والمعنى عام، وعموم اللفظ يطابق عموم المعنى، وعموم الخط يطابق عموم اللفظ.
وقد اتفق الناس على أن العموم يكون من عوارض [الألفاظ، وتنازعوا هل يكون من عوارض المعاني؟ فقيل: يكون أيضا (2) من عوارض] (3) المعاني، كقولهم مطر عام، وعدل عام، وخصب عام.
وقيل: بل ذلك مجاز ; لأن المطر الذي حل بهذه البقعة ليس هو المطر الذي حل بهذه البقعة، وكذلك الخصب والعدل (4) .
والتحقيق أن معنى المطر القائم بقلب المتكلم عام كعموم (5) اللفظ سواء، بل اللفظ دليل على ذلك المعنى، فكيف يكون اللفظ عاما دون معناه الذي هو المقصود بالبيان؟ فأما (6) المعاني الخارجية (7) فليس فيها
‌‌_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ب، أ: أيضا يكون.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب: وكذا العدل. وفي (أ) العبارة مضطربة هكذا: بهذه البقعة والعدل.
(5) ن، م: لعموم.
(6) ب، أ، ن، م: وأما.
(7) ب، أ: الخارجة
=====================================
شيء بعينه عام، وإنما العموم للنوع: كعموم الحيوانية للحيوان، والإنسانية للإنسان.
فمسألة الكليات والأحوال وعروض العموم (1) لغير الألفاظ من جنس واحد ; ومن فهم الأمر على ما هو عليه، تبين له أنه ليس في الخارج شيء هو بعينه موجود في هذا وهذا.
وإذا قال: نوعه موجود، أو الكلي (2) الطبيعي موجود، أو الحقيقة موجودة، أو الإنسانية من حيث هي موجودة، ونحو هذه العبارات، فالمراد به (3) أنه وجد في هذا نظير ما وجد في هذا أو شبهه (4) ومثله ونحو ذلك.
والمتماثلان يجمعهما (5) نوع واحد، وذلك النوع هو الذي بعينه يعم هذا ويعم هذا، لا يكون عاما مطلقا كليا إلا في الذهن. وأنت إذا قلت: الإنسانية موجودة في الخارج، والكلي الطبيعي موجود في الخارج، كان صحيحا: بمعنى أن ما تصوره الذهن كليا يكون في الخارج، لكنه إذا كان في الخارج لا يكون كليا ; كما أنك إذا قلت: زيد في الخارج، فليس المراد هذا اللفظ ولا المعنى القائم في الذهن، بل المراد المقصود بهذا اللفظ موجود في الخارج.

‌‌_________
(1) ن: وعموم العروض.
(2) ب، أ، ن: والكلي.
(3) به: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) ب، أ، ن، م: وشبهه.
(5) ن، م: والمتماثلات يجمعها
====================================
ومن هنا تنازع الناس في مسألة (1) الاسم والمسمى، ونزاعهم شبيه (2) بهذا النزاع، وأنت (3) إذا نظرت في [الماء أو] المرآة (4) فقلت: هذه الشمس أو هذا القمر فهو صحيح، وليس مرادك أن نفس ما في السماء حصل في الماء أو المرآة (5) ، ولكن ذلك شوهد في المرآة، وظهر في المرآة، وتجلى في المرآة.
فإذا قلت: الكليات في الخارج [فصحيح] (6) ، أو الإنسان من حيث هو في الخارج فصحيح، لكن لا يكون في الخارج إلا مقيدا مخصوصا لا يشركه في نفس [الأمر] (7) شيء من الموجودات الخارجية (8) .
وبهذا ينحل كثير من المواضع التي اشتبهت على [كثير من] (9) المنطقيين وغلطوا فيها، مثل زعمهم أن الماهية الموجودة في الخارج غير الوجود (10) ، فإنك تتصور المثلث قبل أن تعلم وجوده، وبنوا على ذلك الفرق بين الصفات الذاتية واللازمة العرضية، وغير ذلك من مسائلهم.
ولا ريب أن الفرق ثابت بين ما هو في الذهن وما هو في الخارج، فإذا

‌‌_________
(1) مسألة: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(2) أ: ونازعهم مثبتيه ; ب: ونازعهم مثبته، وهو تحريف.
(3) ب، أ: فأنت.
(4) ب، أ: في الماء والمرآة ; ن، م: في المرآة.
(5) ب، أ، ن، م: في الماء والمرآة.
(6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(7) الأمر: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: الخارجة.
(9) كثير من: في (ع) فقط.
(10) ع: غير الموجودة، وهو خطأ
==================================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-07-2024, 09:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (165)
صـ 594 إلى صـ 600





جعلت الماهية اسما لما في الذهن، والوجود اسما لما في الخارج (1 فالفرق ثابت، كما لو جعل الوجود اسما لما في الذهن والماهية اسما لما في الخارج 1) (1) .
لكن لما كان (2) لفظ الماهية مأخوذا من قول السائل: " ما هو؟ "، وجواب هذا هو المقول في جواب: " ما هو " (3) ، وذلك كلام يتصور معناه المجيب، عبر بالماهية (4) عن الصور الذهنية، وأما الوجود فهو تحقق (5) الشيء في الخارج.
لكن هؤلاء لم يقتصروا على هذا، بل زعموا أن ماهيات (6) الأشياء ثابتة في الخارج وأنها غير الأعيان الموجودة وهذا غلط بالضرورة، فإن المثلث الذي تعرفه قبل أن تعرف وجوده في الخارج، هو المثلث المتصور (7) في الذهن الذي لا وجود له في الخارج، وإلا فمن الممتنع أن تعلم حقيقة المثلث الموجود في الخارج قبل أن تعلم وجوده [في الخارج، فما في الخارج لا تعلم حقيقته حتى تعلم وجوده] (8) ، وما علمت (9) حقيقته قبل وجوده لم يكن له حقيقة بعد إلا في الذهن.

‌‌_________
(1) : (1 - 1) ساقط من (ب) ، (أ) .
(2) لما: ساقطة من (ب) . وسقطت من (ع) عبارة " لما كان ". والكلام تام في (ن) ، (أ) ، (م) .
(3) ب، أ: وجواب هذا هو القول ما هو ; ن، م: وجواب هذا هو القول في جواب ما هو.
(4) ب، أ: غير الماهية، وهو تحريف.
(5) ن، م، ع: تحقيق.
(6) ن، م، ع: ماهية.
(7) المتصور: ساقطة من (ع) .
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(9) أ: وعلمت ; ب: ولو علمت
=================================
ومن هذا الباب ظن من ظن من هؤلاء أن لنا عددا مجردا في الخارج، أو مقدارا (1) مجردا في الخارج، وكل هذا غلط، وهذا مبسوط في موضع آخر. وإنما نبهنا هنا على هذا؛ لأن كثيرا من أكابر أهل النظر والتصوف والفلسفة والكلام، ومن اتبعهم من الفقهاء والصوفية، ضلوا في مسألة وجود الخالق، التي هي رأس كل معرفة، والتبس الأمر في ذلك على من نظر في كلامهم لأجل هذه الشبهة. وقد كتبنا في مسألة " الكليات " كلاما مبسوطا مختصا بذلك (2) ، لعموم الحاجة وقوة المنفعة وإزالة الشبهة بذلك (3) .
وبهذا يتبين (4) غلط النفاة في لفظ التشبيه، فإنه يقال: الذي يجب نفيه عن الرب تعالى: اتصافه بشيء من خصائص المخلوقين، كما أن المخلوق لا يتصف بشيء من خصائص الخالق، أو أن (5) يثبت للعبد شيء يماثل فيه الرب، وأما إذا قيل حي وحي، وعالم وعالم، وقادر وقادر، أو قيل: لهذا قدرة ولهذا قدرة، ولهذا علم ولهذا علم، كان نفس علم الرب لم يشركه فيه العبد، ونفس علم العبد لا يتصف به الرب، تعالى عن ذلك، وكذلك في سائر الصفات، [بل ولا يماثل هذا هذا] (6) ،

‌‌_________
(1) ب، أ، ن، م: مقدرا.
(2) ذكر ابن قيم الجوزية في رسالة " أسماء مؤلفات ابن تيمية " (تحقيق د. صلاح الدين المنجد) ، ص 24 أن لابن تيمية: " قاعدة في الكليات، مجلد لطيف "، وذكرها أيضا ابن عبد الهادي في " العقود الدرية "، ص 41.
(3) بذلك: ليست في (ع) .
(4) ب، أ: تبين.
(5) ب، أ، ن، م: وأن.
(6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
=============================
وإذا اتفق العلماء (1) في مسمى العلم، والعالمان في مسمى العالم (2) ، فمثل هذا التشبيه ليس هو المنفي (3) لا بشرع ولا بعقل، ولا يمكن نفي ذلك إلا بنفي وجود الصانع.
ثم الموجود والمعدوم قد يشتركان في أن هذا معلوم مذكور وهذا معلوم مذكور (4) ، وليس في إثبات هذا محذور، فإن المحذور إثبات شيء من خصائص أحدهما للآخر، وقولنا: إثبات الخصائص إنما يراد إثبات مثل تلك الخاصة، وإلا فإثبات عينها ممتنع مطلقا.
فالأسماء والصفات نوعان: نوع يختص به الرب، مثل الإله ورب العالمين ونحو ذلك، فهذا لا يثبت (5) للعبد بحال ; ومن هنا ضل المشركون الذين جعلوا لله أندادا.
والثاني: ما يوصف به العبد في الجملة، كالحي والعالم والقادر، فهذا لا يجوز أن يثبت للعبد مثل ما يثبت للرب أصلا، فإنه لو ثبت له مثل ما يثبت له (6) للزم أن يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويجب له ما يجب له ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، وذلك يستلزم اجتماع النقيضين، كما تقدم بيانه.

‌‌_________
(1) ب، أ: العلمان، وهو خطأ.
(2) ع: العلم.
(3) ب، أ: المنع، وهو تحريف.
(4) ب: في هذا وهذا معلوم مذكور ; أ: في هذا معلوم مذكور وهذا معلوم مذكور ; ن، م: في أن هذا معلوم مكذوب وهذا معلوم مذكور.
(5) ع: لا يثبت فيه.
(6) ع: لو ثبت له مثل ما يثبت ; أ: لو ثبت ما ثبت له ; ب، ن: لو ثبت مثل ما ثبت له. والمثبت من (م)
=============================
وإذا قيل: فهذا يلزم (1) فيما اتفقا فيه، كالوجود والعلم والحياة.
قيل: هذه الأمور لها ثلاثة (2) اعتبارات: أحدها: ما يختص به الرب، فهذا ما يجب له ويجوز ويمتنع عليه، ليس للعبد فيه نصيب.
والثاني: ما يختص بالعبد، كعلم العبد وقدرته وحياته، فهذا إذا جاز عليه الحدوث والعدم (3) لم يتعلق ذلك بعلم الرب وقدرته وحياته، فإنه لا اشتراك فيه.
والثالث: المطلق الكلي، وهو مطلق الحياة والعلم والقدرة، فهذا المطلق ما كان واجبا له كان واجبا فيهما، وما كان جائزا عليه كان جائزا عليهما، وما كان ممتنعا عليه كان ممتنعا عليهما.
فالواجب أن [يقال] (4) : هذه صفة كمال حيث كانت، فالحياة والعلم (5) والقدرة صفة كمال لكل موصوف، والجائز عليهما اقترانهما (6) بصفة أخرى كالسمع والبصر والكلام. فهذه الصفات يجوز أن تقارن هذه في كل محل، اللهم إلا إذا كان هناك مانع من جهة المحل لا من جهة الصفة. وأما الممتنع عليهما (7) فيمتنع أن تقوم هذه الصفات إلا بموصوف

‌‌_________
(1) ن، م: فهل لزم.
(2) في جميع الأصول: ثلاث.
(3) ب، أ: والقدم، وهو خطأ.
(4) يقال: في (ع) فقط.
(5) والعلم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ب، أ، ن، م: والجائز عليها اقترانها، والمقصود الله تعالى والإنسان.
(7) ب، ن، م: عليها ; والمثبت عن (ع) ، (أ)
============================
[قائم بنفسه، وهذا ممتنع عليها (1) في كل موضع، فلا يجوز أن تقوم صفات الله بأنفسها بل بموصوف] (2) ، وكذلك صفات العباد لا يجوز أن تقوم بأنفسها بل بموصوف.

‌‌[عود إلى الكلام على لفظي المشبهة والحشوية]
وإذا تبين هذا فقول هذا المصنف وأشباهه: " قول المشبهة ": إن أراد بالمشبهة من أثبت من الأسماء ما يسمى به الرب والعبد فطائفته (3) وجميع الناس مشبهة.
وإن أراد به من جعل صفات الرب مثل صفات العبد: فهؤلاء مبطلون ضالون، وهم في الشيعة (4) أكثر منهم في غيرهم، وليس هؤلاء طائفة معينة من أهل السنة والجماعة.
وإن قال: أردت به من يثبت الصفات الخبرية (5) كالوجه واليدين والاستواء ونحو ذلك.
قيل له أولا: ليس في هؤلاء (6) من التشبيه ما امتازوا به عن غيرهم، فإن هؤلاء يصرحون بأن صفات الله ليست كصفات الخلق، وأنه منزه عما يختص بالمخلوقين من الحدوث والنقص وغير ذلك، فإن كان [هذا] تشبيها (7) لكون العباد لهم ما يسمى بهذه الأسماء، كان جميع الصفاتية

‌‌_________
(1) ب، أ: يمتنع عليها، وسقطت هذه العبارة من (ن) ، (م) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ب، أ: فطائفة، وهو تحريف.
(4) ب: وهم فيهم ; ع: وهؤلاء في الشيعة ; أ: وهم في (وسقطت كلمة الشيعة) .
(5) ب، أ: الجزئية، وهو تحريف.
(6) ن: ليس هذا في ; ع: ليس في هذا.
(7) ب، أ، ن، م: وإن كان تشبيها
==================================
مشبهة، بل (1) والمعتزلة والفلاسفة أيضا مشبهة لأنهم يقولون: حي عليم قدير، ويقولون: موجود وحقيقة وذات ونفس، والفلاسفة تقول: عاقل ومعقول وعقل، ولذيذ وملتذ (2) ولذة، وعاشق ومعشوق وعشق، وغير ذلك من الأسماء الموجودة في المخلوقات.

‌‌[الرد على قول: سموا مشبهة لأنهم يقولون إنه جسم من وجوه]

وإن قال: سموا مشبهة لأنهم يقولون: إنه جسم، والأجسام متماثلة، بخلاف من أثبت الصفات، ولم يقل: هو جسم.
قيل أولا هذا باطل (3) لأنك ذكرت الكرامية قسما غيرهم والكرامية تقول إنه جسم وقيل لك ثانيا: لا يطلق لفظ الجسم (4) إلا أئمتك الإمامية ومن وافقهم.
وقيل لك ثالثا: فهذا مبني على تماثل الأجسام، وأكثر العقلاء يقولون (5) : إنها ليست متماثلة، والقائلون بتماثلها من المعتزلة ومن وافقهم من الأشعرية، وطائفة من الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية ليست لهم حجة على تماثلها أصلا، كما [قد] بسط ذلك في موضعه (6) .

‌‌_________
(1) بل: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(2) ب، ا: ومتلذذ
(3) ن: هذا ممتنع. والكلام في (م) مضطرب.
(4) ع: لا ينطق بلفظ الجسم ; ن، م: لا يبطل لفظ الجسم، وهو تحريف.
(5) ب، أ، ن: تقول.
(6) ب: ليست لهم حجة على تماثلها كما مر بسط ذلك في موضعه ; أ: ليست لهم حجة على تماثلها كما أقر بسط ذلك في موضعه ; ن: ليست لهم حجة على تماثلها أصلا كما بسط ذلك في موضعه ; ع: ليست لهم حجة أصلا كما قد بسط ذلك في موضعه ; م: مثل (ن) ولكن لم تسقط " قد " منها
================================

وقد اعترف بذلك فضلاؤهم، حتى الآمدي في [كتاب] " أبكار الأفكار " (1) اعترف بأنه (2) لا دليل لهم على تماثل الأجسام إلا تماثل الجواهر، ولا دليل لهم على تماثل الجواهر، والأشعري في " الإبانة " جعل هذا القول من أقوال المعتزلة التي أبطلها (3) .
وسواء كان تماثلها حقا أو باطلا فمن قال: إنه جسم كهشام [بن الحكم] (4) وابن كرام لا (5) يقول بتماثل الأجسام، فإنهم يقولون: إن حقيقة الله تعالى ليست مثل شيء (6) من الحقائق، فهم أيضا ينكرون التشبيه، فإذا وصفوا [به] (7) لاعتقاد الواصف أنه لازم لهم، أمكن كل طائفة أن يصفوا الأخرى بالتشبيه لاعتقادها أنه لازم لها، فالمعتزلة والشيعة توافقهم [على] أن أخص وصف الرب (8) هو القدم، وأن ما شاركه في القدم فهو مثله، فإذا أثبتنا (9) صفة قديمة لزم التشبيه، وكل من أثبت صفة قديمة فهو مشبه، وهم يسمون جميع من أثبت الصفات مشبها بناء على هذا.

‌‌_________
(1) كتاب: في (ع) فقط. وعلي بن محمد بن سالم الثعلبي، سيف الدين الآمدي، سبقت ترجمته 1/250.
(2) ب، أ، ن، م: بأنهم.
(3) انظر " الإبانة "، ص [0 - 9] 7 - 38.
(4) بن الحكم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) لا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ب: ليست كشيء ; أ: ليست شيء (وسقطت: مثل) .
(7) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ب، أ: توافقهم أن أحصب والرب، وهو تحريف. وسقطت " على " من (ن) ، (م) .
(9) ب، أ: فإذا أثبتنا ; ن، م: وإذا أثبتنا
========================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09-07-2024, 09:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (166)
صـ 601 إلى صـ 608





فإن قال هذا (1) الإمامي: فأنا ألتزم هذا.
قيل له: تناقضت، لأنك أخرجت الأشعرية والكرامية عن المشبهة في اصطلاحك، فأنت تتكلم بألفاظ لا تفهم معناها (2) ولا موارد استعمالها، وإنما تقوم بنفسك صورة تبني [عليها] (3)
وكأنك - والله أعلم - عنيت بالحشوية المشبهة (4) من ببغداد والعراق من الحنبلية ونحوهم، أو الحنبلية دون غيرهم. وهذا من جهلك، فإنه ليس للحنبلية قول انفردوا به عن غيرهم من [طوائف] (5) أهل السنة والجماعة، بل كل ما يقولونه قد قاله غيرهم من طوائف أهل السنة، بل يوجد في غيرهم من زيادة الإثبات ما لا يوجد فيهم.
ومذهب (6) أهل السنة والجماعة مذهب قديم [معروف] (7) قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة، فإنهم متفقون على أن إجماع الصحابة حجة، ومتنازعون في إجماع من بعدهم.

‌‌[أحمد بن حنبل ومحنة خلق القرآن]
وأحمد بن حنبل، وإن كان قد اشتهر بإمامة السنة (8) والصبر في
‌‌_________
(1) هذا: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) .
(2) ب، أ، ن، م: فإنك تتكلم بألفاظ لا يفهم (ن: لا تفهم) معانيها.
(3) عليها: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ع: بالمشبهة الحشوية.
(5) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(6) ب، أ: ومن، وهو تحريف.
(7) معروف: ساقطة من (ن) فقط.
(8) ب: بأمة السنة، وهو تحريف ; ن: بإمامة أهل السنة. والمثبت عن (أ) ، (م)
=========================
المحنة، فليس ذلك لأنه انفرد بقول أو ابتدع قولا، بل لأن السنة التي كانت موجودة معروفة قبله علمها ودعا إليها وصبر على من امتحنه ليفارقها (1) ، وكان الأئمة قبله (2) قد ماتوا قبل المحنة، فلما وقعت محنة الجهمية نفاة الصفات في أوائل المائة الثالثة (3) - على عهد المأمون وأخيه المعتصم ثم الواثق - ودعوا الناس إلى التجهم وإبطال صفات الله
‌‌_________
(1) ب: على ما امتحن به ليفارقها ; أ: على ما امتحنه ليفارقها.
(2) ب، أ: قبل.
(3) ع: في أول المائة الثالثة. وفي (ع) فوق عبارة " في أول المائة الثالثة " إشارة إلى الهامش حيث كتب التعليق التالي: " قلت: والعجب أن الشارح ابن تيمية مع تبحره وتتبعه وإحاطته بأخبار الأولين أخطأ بهذا، إذ التجهم كان أقدم من هذا التاريخ بكثير. وكان من ولادة إمامنا أبي حنيفة سنة ثمانين ووفاته سنة خمسين ومائة، وقد اشتهر مذهب جهم بن صفوان الترمذي في عهد أبي حنيفة رضي الله عنه، وتصدى المناظرة مع الإمام بعض متبعي جهم والموافقة معه - رضي الله تعالى عنه - وظني أنه فشا هذا المذهب في أواخر المائة الأولى، فمذهب الخوارج والاعتزال ظهرا وبعض الصحابة في الحياة، مثل سيدنا علي وابن عباس وابن عمر، حتى تصدى لرد الخوارج علي كرم الله وجهه وابن عباس، وتصدى لرد الاعتزال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. فبعد مدة قليلة فشا هذا المذهب، لعل ذلك سنة ستين، إذ ظهر له أشياع وأتباع حتى تصدى المناظرة والموافقة مع الإمام بعض متبعيه، حتى ذكر في الطبقات أن واحدة من النسوة من شيعته تصدت لإلزام الإمام ادعاء الاستقامة لمذهب جهم وفساد مذهب أهل الحق، فأظهرت تشنيعات قبيحة على وجه الإمام، ونسبت إياه - رضي الله عنه - إلى العظائم. وغاية الكلام من طرف الشارح أن المعتزلة موافقة في نفي الصفات لهم، مع ما يخالفهم مخالفة بينة في الأفعال الاختيارية، وكذا يخالفهم في أن أفعاله تعالى معللة بالأغراض، إذ الجهمية على الجبر المحض وعلى نفي العلل والأغراض في أفعاله تعالى ". قلت: وابن تيمية يقول إن الجهمية حدثت في أواخر عصر التابعين وإن أول الجهمية الجعد بن درهم (المقتول نحو سنة 118) وإنما صار للجهمية ظهور وشوكة في أوائل المائة الثالثة. وانظر كلامه في " درء تعارض العقل والنقل " 5/244 - 245
================================

تعالى، وهو المذهب الذي ذهب إليه متأخرو الرافضة، وكانوا قد أدخلوا معهم من أدخلوه من [ولاة الأمور (1) ، فلم يوافقهم أهل السنة والجماعة، حتى تهددوا (2) بعضهم بالقتل، وقيدوا بعضهم، وعاقبوهم (وأخذوهم) (3) بالرهبة والرغبة، وثبت] (4) الإمام أحمد بن حنبل (5) على ذلك [الأمر] (6) حتى حبسوه مدة، ثم طلبوا أصحابهم لمناظرته، فانقطعوا معه في المناظرة يوما بعد يوم، ولم يأتوا (7) بما يوجب موافقته لهم، [بل] بين خطأهم (8) فيما ذكروه (9) من الأدلة، وكانوا قد طلبوا له (10) أئمة الكلام من أهل البصرة وغيرهم، مثل أبي عيسى محمد بن عيسى برغوث صاحب حسين النجار (11) وأمثاله، ولم تكن المناظرة مع المعتزلة فقط، بل كانت

‌‌_________
(1) ب، أ: الأمر.
(2) ب، أ: هددوا.
(3) وأخذوهم: في (ع) فقط.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) إلا كلمات متفرقة هي: من ولي فلم يوافقهم.
(5) ب، أ: وثبت أحمد بن حنبل ; ع: وثبت الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وأرضاه ; ن، م: الإمام أحمد بن حنبل.
(6) الأمر: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م) .
(7) ب، أ: ولما لم يأتوا ; ن: ولما يأتوا، م: ولما ولما يأتوا.
(8) ب، أ، ن، م: وبين خطأهم.
(9) ب، أ: فيما ذكروا ; ن: فيما ذكره، وهو خطأ.
(10) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(11) ن، م: أبي عيسى محمد بن عيسى بن برغوث. . إلخ وهو خطأ. ولم أجد فيما بين يدي من مراجع شيئا عن تاريخ مولده ووفاته، ولكن ذكرت كتب الفرق الكثير عن آرائه ومذهبه. فالأشعري يذكر آراءه (المقالات 1/316) ومنها أنه كان يزعم أن الأشياء المتولدة فعل الله بإيجاب الطبع، وأنه كان يقول في التوحيد بقول المعتزلة إلا في باب الإرادة والجود، وأنه كان يخالفهم في القدر ويقول بالإرجاء، وأنه كان يقول إن الله لم يزل متكلما بمعنى أنه لم يزل غير عاجز عن الكلام ولكن كلام الله محدث ومخلوق. وانظر عن آرائه ومذهبه أيضا: المقالات 2/198، 207 - 208 ; الملل والنحل 1/81 - 82 ; الفرق بين الفرق، ص 126 - 127 ; التبصير في الدين ص 62 ; الفصل لابن حزم 3/33 ; الانتصار للخياط، ص 98 ; دائرة المعارف الإسلامية مادة " البرغوثية " ; المنية والأمل لابن المرتضى، ص 27. watt (.) free will، pp -) 111، 110 128 - 129. London، 1948
==================================

مع جنس الجهمية من المعتزلة [والنجارية] (1) والضرارية وأنواع المرجئة، فكل معتزلي جهمي وليس كل جهمي معتزليا، [لكن جهم أشد تعطيلا؛ لأنه نفى الأسماء والصفات، والمعتزلة تنفي الصفات دون الأسماء] (2) .
وبشر المريسي كان من المرجئة، لم يكن من المعتزلة، بل كان من كبار (3) .

‌‌_________
(1) والنجارية: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) دون الأسماء: في (ع) فقط. وسقط ما بين المعقوفتين من (ن) ، (م) .
(3) أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن المريسي، العدوي بالولاء، كان جده مولى لزيد بن الخطاب رضي الله عنه، وقيل إن أباه كان يهوديا قصارا صباغا بالكوفة قال ابن حجر: " تفقه على أبي يوسف فبرع، وأتقن علم الكلام، ثم جرد القول بخلق القرآن وناظر عليه، ولم يدرك الجهم بن صفوان إنما أخذ مقالته واحتج لها ودعا إليها ". وهو رأس طائفة المريسية من المرجئة وكانت تقول إن الإيمان هو التصديق وأن التصديق يكون بالقلب واللسان جميعا، وقال الشهرستاني إن مذهب المريسي كان قريبا من مذهب النجار وبرغوث وأنهم أثبتوا كونه تعالى مريدا لم يزل لكل ما علم أنه سيحدث من خير وشر وإيمان وكفر وطاعة ومعصية. وقد توفي بشر سنة 218 وقيل: 219، واختلف في نسبته فقيل إنه ينسب إلى قرية مريس بصعيد مصر وقيل غير ذلك. انظر ترجمته ومذهبه في: لسان الميزان 2/29 - 31 ; وفيات الأعيان 1/251 - 252 ; تاريخ بغداد 7/56 - 67 ; الأعلام 2/27 - 28 ; الفرق بين الفرق، ص 124 ; التبصير في الدين، ص 61 ; الخطط للمقريزي 2/350 ; الفصل لابن حزم 3/33، 4/80 ; دائرة المعارف الإسلامية، مقالة كارادي فو عن " بشر بن غياث ". وانظر كتاب " الرد على بشر المريسي " للدارمي ; تاريخ الأدب العربي 4/27 - 28 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص 65 - 66 وكتب مستجي زاده في هامش (ع) : " وقد شاع عنه أنه (كان) يلعن المعتزلة لقولهم بخلق الأفعال "
===================================

وظهر للخليفة المعتصم أمرهم، وعزم على رفع المحنة، حتى ألح عليه ابن أبي دؤاد (1) يشير عليه: إنك إن لم تضربه [وإلا] انكسر (2) ناموس الخلافة، فضربه (3) ، فعظمت الشناعة من العامة والخاصة، فأطلقوه.
ثم صارت هذه الأمور سببا في البحث عن مسائل الصفات، وما فيها من النصوص والأدلة والشبهات من جانبي المثبتة والنفاة للصفات (4) ، وصنف (5) الناس في ذلك مصنفات.
وأحمد (6) وغيره من علماء أهل (7) السنة والحديث ما زالوا يعرفون فساد

‌‌_________
(1) ن، م:. . داود، وهو أبو عبد الله أحمد بن أبي داود بن جرير بن مالك الإيادي القاضي، ولد سنة 160 وقدم به أبوه وهو حدث من بلدتهم قنسرين إلى دمشق فطلب العلم وصحب هياج بن العلاء السلمي من أصحاب واصل بن عطاء فصار إلى الاعتزال. اتصل بالمأمون والمعتصم والواثق وكان مقربا عندهم، وهو الذي حملهم على امتحان الناس بخلق القرآن، وتوفي ابن أبي دؤاد سنة 240 ببغداد مفلوجا. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/63 - 75 ; تاريخ بغداد 4/141 - 156 ; لسان الميزان 1/171 ; المنية والأمل لابن المرتضى، ص [0 - 9] 8 - 36 ; الأعلام 1/120.
(2) ن، م: بأنك إن لم تضربه انكسر.
(3) انظر خبر الإمام أحمد مع المعتصم في " مناقب الإمام أحمد بن حنبل " لابن الجوزي، الباب التاسع والستون " ص 397 - 420، وفيه (ص 405 - 406) أن المعتصم رق في أمر أحمد فقال له ابن أبي دؤاد: إن تركته قيل إنك تركت مذهب المأمون وسخطت قوله، فهاجه ذلك على ضربه.
(4) للصفات: زيادة في (م) . وفي (ن) : المثبتة والصفات، وهو تحريف.
(5) ب، أ: وصنفت.
(6) ع: وأحمد رضي الله عنه.
(7) أهل: ساقطة من (ع) ، (م)
====================================

مذهب الروافض والخوارج والقدرية والجهمية والمرجئة، ولكن بسبب المحنة كثر الكلام، ورفع الله قدر هذا الإمام، فصار إماما من أئمة السنة (1) ، وعلما من أعلامها، [لقيامه بإعلامها] (2) وإظهارها، واطلاعه على نصوصها وآثارها، وبيانه لخفي أسرارها (3) ، لا لأنه أحدث مقالة أو ابتدع رأيا (4) .
ولهذا قال بعض شيوخ المغرب (5) : المذهب لمالك والشافعي، والظهور لأحمد ; يعني أن مذاهب الأئمة في الأصول (6) مذهب واحد وهو كما قال فتخصيص (7) الكلام من أحمد وأصحابه في مسائل الإمامة والاعتزال، كتخصيصه (8) بالكلام معه في مسائل الخوارج الحرورية، بل في نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - والرد على اليهود والنصارى.
والخطاب بتصديق الرسول فيما أخبر [به] (9) ، وطاعته فيما أمر [به] (10) ، قد شمل جميع العباد، ووجب على كل أحد، فأسعدهم أطوعهم لله وأتبعهم لرسول الله (11) ، وإذا قدر أن في الحنبلية - أو غيرهم من طوائف

‌‌_________
(1) ب (فقط) : من أئمة أهل السلف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) ب، أ: وبيان خفي أسرارها ; ن، م: وبيان حسن أسرارها.
(4) ب، أ: لا أنه أحدث مقالة ولا ابتدع رأيا ; ن، م: لا لأنه أحدث مقالة ولا ابتدع رأيا.
(5) ب، أ: الغرب.
(6) علق مستجي زاده في هامش (ع) بقوله: " يعني في الأصول الدينية والاعتقادات ".
(7) ب، أ: فتخصيصه ; ن: فتخصص.
(8) ن: المتخصصة، وهو تحريف.
(9) به: في (ع) فقط.
(10) به: في (ع) فقط.
(11) ب، أ: على كل أحد فاسقهم وأطوعهم وأتبعهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
=====================================

أهل السنة - من قال أقوالا باطلة، لم يبطل مذهب أهل السنة والجماعة ببطلان ذلك، بل يرد على من قال ذلك الباطل، وتنصر السنة بالدلائل (1) .
ولكن الرافضي أخذ ينكت (2) على كل طائفة بما يظن أنه يجرحها به في الأصول والفروع، ظانا أن طائفته هي السليمة من الجرح (3) .
وقد اتفق عقلاء (4) المسلمين على أنه ليس في [طائفة من] (5) طوائف أهل القبلة أكثر جهلا وضلالا وكذبا وبدعا، وأقرب إلى كل شر، وأبعد عن كل خير من طائفته. ولهذا لما صنف الأشعري كتابه في " المقالات " ذكر أولا مقالتهم، وختم بمقالة أهل السنة والحديث، وذكر أنه بكل ما ذكر من أقوال (6) أهل السنة [والحديث] (7) يقول، وإليه يذهب (8) .
وتسمية هذا الرافضي - وأمثاله من الجهمية معطلة الصفات - لأهل الإثبات مشبهة كتسميتهم لمن أثبت خلافة [الخلفاء] (9) الثلاثة ناصبيا (10) بناء على اعتقادهم، فإنهم لما اعتقدوا (11) أنه لا ولاية لعلي إلا بالبراءة من

‌‌_________
(1) ن، م: بالدليل.
(2) ن، م: ينكر.
(3) ن، م: من الجروح.
(4) ن: علماء.
(5) طائفة من: في (ع) فقط.
(6) ن: من قول ; م: من أصول.
(7) والحديث: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) انظر المقالات 1/65 وما بعدها، 320 - 225.
(9) الخلفاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) انظر ما سبق في شرح معنى كلمة " ناصبية " 2/53 (ت 1) .
(11) ب، أ: بناء على أنهم لما اعتقدوا. . . إلخ
==================================

هؤلاء، جعلوا كل من لم يتبرأ من هؤلاء ناصبيا، كما أنهم لما اعتقدوا أن القدمين (1) متماثلان، أو أن الجسمين متماثلان، ونحو ذلك، قالوا: إن مثبتة الصفات مشبهة.
فيقال لمن قال هذا (2) : إن كان مرادك بالنصب والتشبيه بغض علي وأهل البيت، وجعل صفات الرب مثل صفات العبد (3) ، فأهل السنة ليسوا ناصبية ولا مشبهة.
وإن كنت تريد (4) بذلك أنهم يوالون الخلفاء (5) ، ويثبتون صفات الله تعالى فسم هذا بما شئت، إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان.
والمدح والذم إنما يتعلق بالأسماء إذا كان لها أصل في الشرع، كلفظ المؤمن والكافر والبر والفاجر والعالم والجاهل. ثم من أراد أن يمدح أو يذم، فعليه أن يبين دخول الممدوح والمذموم في تلك الأسماء التي علق الله ورسوله بها المدح والذم، فأما إذا كان الاسم ليس له أصل في الشرع ودخول الداخل فيه مما ينازع فيه المدخل، بطلت كل من المقدمتين وكان (6) هذا الكلام مما لا يعتمد عليه إلا من لا يدري ما يقول.

‌‌_________
(1) ب، أ، ن، م: القديمين.
(2) ب: ذلك، وسقطت " هذا " من (أ) .
(3) ب، أ، ن، م: صفات العبد مثل صفات الرب.
(4) ن، م: وإن أنت تريد. .
(5) ن، م: الخلفاء الثلاثة.
(6) ب، أ، ن، م: فكان
===========================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09-07-2024, 09:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (167)
صـ 609 إلى صـ 616



والكتاب والسنة ليس فيه لفظ " ناصبية " (1) ولا " مشبهة " ولا " حشوية " ولا فيه أيضا لفظ " رافضة ". ونحن إذا قلنا " رافضة " نذكره للتعريف، لأن مسمى هذا الاسم يدخل فيه أنواع مذمومة بالكتاب والسنة: من الكذب على الله ورسوله، وتكذيب الحق الذي جاء به رسوله، ومعاداة أولياء الله - بل خيار أوليائه - وموالاة اليهود والنصارى والمشركين، كما تبين وجوه الذم.
وأهل السنة والجماعة لا يمكن أن يعمهم معنى مذموم في الكتاب والسنة بحال كما يعم الرافضة. نعم يوجد في بعضهم ما هو مذموم، ولكن هذا لا يلزم منه ذمهم، كما أن المسلمين إذا كان فيهم من هو مذموم لذنب ركبه، لم يستلزم ذلك (2) ذم الإسلام وأهله القائمين (3) بواجباته.

الوجه الرابع (4) أن يقال: أما القول بأنه جسم أو ليس بجسم، فهذا مما تنازع فيه أهل الكلام والنظر، وهي مسألة عقلية، وقد تقدم أن الناس فها على ثلاثة أقوال: نفي وإثبات، ووقف، وتفصيل (5) ، وهذا هو الصواب الذي عليه السلف والأئمة.
ولهذا لما ذكر أبو عيسى برغوث لأحمد هذا في مناظرته إياه، وأشار إلى أنه إذا قلت إن القرآن غير مخلوق، لزم أن يكون الله جسما ; لأن

‌‌_________
(1) ب، أ: ناصبة.
(2) ذلك: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ب، أ: القائلين، وهو تحريف.
(4) ب، أ: الثالث، وهو خطأ. وبدأ الوجه الثالث، ص 594.
(5) ن: وتفضيل، وهو تحريف
================================
القرآن صفة وعرض، ولا يكون إلا بفعل، والصفات والأعراض والأفعال لا تقوم إلا بالأجسام، أجابه الإمام أحمد بأنا نقول: إن الله أحد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وأن هذا الكلام لا يدرى مقصود صاحبه به، فلا نطلقه لا نفيا ولا إثباتا. أما (1) من جهة الشرع فلأن الله ورسوله (2) وسلف الأمة لم يتكلموا بذلك لا نفيا ولا إثباتا، فلا قالوا (3) : هو جسم، ولا قالوا: [هو] (4) ليس بجسم.
ولما سلك من سلك في الاستدلال على حدوث العالم بحدوث الأجسام، ودخلوا في هذا الكلام، ذم السلف (5) الكلام وأهله، حتى قال أبو يوسف: من طلب الدين بالكلام تزندق (6) ، وقال الشافعي: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام (7) ، وقال: لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلما يقوله،

‌‌_________
(1) ب، أ: إلا، وهو تحريف.
(2) ب، أ: فلأن رسول الله.
(3) ب: فما قالوا ; أ: فلما قالوا ; ن، م: ولا قالوا.
(4) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) السلف: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) وردت هذه العبارة بنصها هذا في كتاب " ذم الكلام " للهروي الأنصاري ونقلها عنه السيوطي في كتابه " صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام "، ص 60، وسبق ورود هذه العبارة من قبل 2/142. ولكن جاء فيها: من طلب العلم بالكلام تزندق، وانظر (ت 2) .
(7) سبق ورود هذه العبارة 2/142 وذكرت في (ت 3) مكانها في المرجع السابق. ووردت فيه أيضا، ص 35. وهي واردة كذلك في " تلبيس إبليس " لابن الجوزي، ص 82 - 83
====================================

ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه (1) ما خلا الشرك بالله خير له من أن يبتلى بالكلام (2) . وقد صنفت (3) في ذمهم مصنفات مثل كتاب أبي عبد الرحمن السلمي (4) ، وكتاب شيخ الإسلام الأنصاري (5) وغير ذلك.
وأما من جهة العقل فلأن هذا اللفظ مجمل يدخل فيه نافيه (6) معاني يجب إثباتها لله، ويدخل فيه مثبته (7) ما ينزه الله تعالى عنه، فإذا لم يدر مراد المتكلم [به لم ينف ولم يثبت، وإذا فسر] (8) مراده قبل الحق وعبر عنه بالعبارات الشرعية ورد الباطل، وإن تكلم بلفظ لم يرد عن الشارع

‌‌_________
(1) م: ولأن يبتلي الله العبد بكل ما نهاه عنه.
(2) قال ابن عبد البر في كتابه " جامع بيان العلم وفضله "، 2/95: " وقال يونس بن عبد الأعلى، سمعت الشافعي يوم ناظره حفص الفرد قال لي: يا أبا موسى لأن يلقى الله عز وجل العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الكلام، لقد سمعت من حفص كلاما لا أقدر أن أحكيه ". ونقل هذه العبارات عنه السيوطي في المرجع السابق، ص [0 - 9] 36. كما نقل بعض هذا الكلام (ص [0 - 9] 6) عن الأنصاري الهروي في كتابه " ذم الكلام ". وورد جزء من عبارة الشافعي أيضا في تلبيس إبليس، ص 82.
(3) ب، أ، م: صنف. وفي (ن) : وهو صنف.
(4) أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد السلمي النيسابوري، سبقت ترجمته 2/469 وذكر سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 84 من كتبه كتاب " الرد على أهل الكلام " وقال إن نسخة خطية منه في الظاهرية بدمشق.
(5) هو أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي الأنصاري. وسبقت ترجمته 1/435. والكتاب الذي يقصده ابن تيمية هنا كتاب " ذم الكلام وأهله " وقد لخصه السيوطي في كتاب " صون المنطق. . . ص [0 - 9] 3 - 81 ". ومنه نسخة خطية في مكتبة الظاهرية رقم 337 حديث وصورت المخطوطة في معهد المخطوطات بالجامعة العربية (رقم 97 توحيد) .
(6) ب، أ، ن، م: ما فيه، وهو تحريف.
(7) ب، أ: مثبتته.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وسقطت ولم ينف من (م)
==================================

للحاجة إلى إفهام المخاطب بلغته مع ظهور المعنى الصحيح لم يكن بذلك [بأس، فإنه يجوز] (1) ترجمة القرآن والحديث للحاجة إلى الإفهام، وكثير ممن قد تعود عبارة معينة إن لم يخاطب بها لم يفهم ولم يظهر له (2) صحة القول وفساده، وربما نسب المخاطب إلى أنه لا يفهم ما يقول.
وأكثر الخائضين في الكلام والفلسفة من هذا الضرب: ترى أحدهم يذكر له (3) المعاني الصحيحة بالنصوص الشرعية فلا يقبلونها لظنهم أن في عبارتهم من المعاني ما ليس في تلك، فإذا أخذ المعنى الذي دل عليه الشرع وصيغ (4) بلغتهم، وبين به (5) بطلان قولهم المناقض للمعنى الشرعي، خضعوا لذلك (6) وأذعنوا له، كالتركي والبربري [والرومي] (7) والفارسي الذي يخاطبه بالقرآن العربي ويفسره فلا يفهمه حتى يترجم له شيئا بلغته (8) فيعظم سروره وفرحه، ويقبل الحق ويرجع عن باطله، لأن المعاني التي جاء بها الرسول أكمل المعاني وأحسنها وأصحها، لكن هذا يحتاج إلى كمال المعرفة لهذا ولهذا، كالترجمان الذي [يريد أن] يكون حاذقا في فهم اللغتين (9) .

‌‌_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) ولم يظهر له: سقطت العبارة كلها من (ب) وسقطت عبارة " ولم يظهر " من (أ) .
(3) له: ساقطة من (ع) .
(4) ب، أ: وسع ; ن: وضيع، وهو تحريف. والكلمة غير منقوطة في (م) .
(5) به: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ع: خضعوا له.
(7) والرومي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ب: الذي تخاطبه بالقرآن العربي وتفسيره فلا يفهم حتى تترجم له شيئا بلغته ; أ: الذي يخاطبه بالقرآن العربي وتفسيره فلا يفهم حتى يترجم له شيئا بلغته ; ن، م: الذي يخاطبه بالقرآن العزيز وتفسيره ولا يفهمه حتى يترجم له شيئا بلغته.
(9) ن، م: الذي يكون حاذقا في فهم اللغتين
===============================

وهذا الإمامي يناظر في ذلك أئمته كهشام [بن الحكم] (1) وأمثاله، ولا يمكنه أن يقطعهم بوجه من الوجوه، كما لا يمكنه أن يقطع الخوارج بوجه من الوجوه، وإن كان في قول الخوارج والمجسمة من الفساد ما فيه فلا يقدر أن يدفعه إلا أهل السنة.
ونحن نذكر مثالا (2) فنقول: أهل السنة متفقون على أن الله لا يرى في الدنيا ويرى في الآخرة، [لم يتنازع أهل السنة إلا في رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع أن أئمة السنة على أنه لم يره أحد بعينه في الدنيا مطلقا] (3) ] ، وقد ذكر عن طائفة أنهم يقولون: إن الله (4) يرى في الدنيا، وأهل السنة يردون على هذا بالكتاب والسنة مثل استدلالهم بأن موسى [عليه السلام] (5) منع منها، فمن هو دونه أولى، وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت» " [رواه مسلم في صحيحه. وروي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه متعددة] (6) ، وبطرق عقلية: كبيانهم عجز الأبصار في الدنيا عن الرؤية ونحو ذلك.

‌‌_________
(1) ابن الحكم: في (ع) فقط.
(2) عبارة " نذكر مثالا ": ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب، أ: إنه.
(5) عليه السلام: في (ع) فقط.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وكلمة " متعددة ": في (ع) فقط. وسبق الكلام عن الحديث 2/520. وقد وجدته مرويا عن عبادة بن الصامت في المسند 5/324. ونصه: " حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه، قالا: ثنا بقية. . عن جنادة بن أبي أمية أنه حدثهم عن عبادة بن الصامت أنه قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال: إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا، إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليس بناتئة ولا حجراء، فإن ألبس عليكم - قال يزيد: ربكم - فاعلموا أن ربكم تبارك وتعالى ليس بأعور، وأنكم لن ترون ربكم تبارك وتعالى حتى تموتوا - قال يزيد: تروا ربكم حتى تموتوا ". والحديث مروي أيضا عن عبادة بن الصامت بألفاظ متقاربة في كتاب السنة لأحمد بن حنبل، ص 138 (ط. المطبعة السلفية، مكة، 1349) ومروي فيه (ص 138 - 139) عن أمامة الباهلي رضي الله عنه. وقد رواه ابن خزيمة عن أبي أمامة أيضا في كتابه " التوحيد " ص 121 - 122
=======================================

وأما هذا وأمثاله فليست لهم على هؤلاء (1) حجة لا عقلية ولا شرعية، فإن عمدتهم في نفي الرؤية أنه لو رئي لكان في جهة ولكان جسما (2) ، وهؤلاء [يقولون: إنه يرى في الدنيا، بل] (3) يقولون: إنه في جهة (4) وهو جسم.
فإن أخذوا في الاستدلال على نفي الجهة ونفي الجسم، كان منتهاهم معهم إلى أنه لا تقوم به الصفات (5) ، وهؤلاء يقولون: تقوم به الصفات. فإن استدلوا على ذلك، كان منتهاهم معهم إلى أن الصفات أعراض، وما قامت به الأعراض محدث. وهؤلاء يقولون: تقوم به الأعراض، وهو قديم والأعراض عند هؤلاء تقوم بالقديم.
فإن قالوا: الجسم لا يخلو عن الحركة أو السكون (6) ، وما لا يخلو

‌‌_________
(1) ن: على هذا.
(2) ب، أ، ن، م: أو لكان جسما.
(3) ع (فقط) : ولهؤلاء الذين يقولون: إنه يرى في الدنيا، بل يقولون. . . إلخ، وأرجو أن يكون ما أثبته أدل على المقصود.
(4) ب، أ، ن، م: هو في جهة.
(5) ب: إلى أنه تقوم به الصفات ; أ: إلى أن تقوم به الصفات، وهو خطأ ; ن، م: إلى أنه لا تقوم الصفات.
(6) ب، أ، ن، م: والسكون
==================================
عنهما فهو محدث لامتناع حوادث لا أول لها، فهذا منتهى ما عند المعتزلة وأتباعهم من الشيعة.
قال لهم أولئك: لا نسلم أن الجسم لا يخلوا عن الحركة والسكون [الوجوديين] (1) ، بل يجوز خلوه عن الحركة، لأن السكون عدم الحركة [مطلقا (2) ، وعدم الحركة] (3) عما من شأنه أن يقبلها، فيجوز ثبوت (4) جسم قديم ساكن لا يتحرك.
وقالوا لهم (5) : لا نسلم امتناع حوادث لا أول لها، وطعنوا في أدلة نفي ذلك بالمطاعن المعروفة، حتى حذاق المتأخرين (6) كالرازي وأبي الحسن الآمدي وأبي الثناء الأرموي (7) وغيرهم طعنوا في ذلك (* كله، وطعن الرازي في ذلك في مواضع وإن كان اعتمد عليه *) (8) في

‌‌_________
(1) الوجوديين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ب، أ: عدم الحركة إما مطلقا.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: إثبات.
(5) ب، أ، ن، م: أو قالوا لهم.
(6) ب، أ: المسلمين.
(7) أبو الثناء سراج الدين محمود بن أبي بكر أحمد الأرموي، صاحب التحصيل مختصر المحصول في أصول الفقه واللباب مختصر الأربعين في أصول الدين والبيان والمطالع في المنطق وغير ذلك، وقيل: إنه شرح الوجيز في الفقه للرافعي، كان الأرموي شافعيا قرأ بالموصل على كمال الدين بن يونس، وولد الأرموي سنة 594 وتوفي بمدينة قونية سنة 682. انظر ترجمته في: طبقات الشافعية 8/371 ; مفتاح السعادة ومصباح السيادة لطاش كبرى زاده 1/245، ط. حيدر آباد ; الأعلام 8/41 - 42. وذكر ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل والنقل 1/323 أن الأرموي صاحب " لباب الأربعين " قد اعترض على إنكار الرازي للقول بحوادث لا أول لها. ومن كتاب " لباب الأربعين في أصول الدين " توجد مصورة في معهد المخطوطات بالجامعة العربية، رقم 201 توحيد.
(8) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ب) ، (أ)
===============================

مواضع (1) . والآمدي طعن (2) في طرق الناس إلا طريقة ارتضاها (3) ، وهي (4) أضعف من غيرها طعن فيها غيره.
فهذان مقامان من المقامات العقلية لا يقدر هؤلاء أن يغلبوا فيها شيوخهم المتقدمين، فإذا كانوا لا ينفون (5) رؤيته في الدنيا (6) إلا بهذه الطريق، لم يكن لهم حجة إلا على من يقول (7) : إنه يرى ويصافح وأمثال

‌‌_________
(1) سبق أن تعرض ابن تيمية بالتفصيل في الجزء الأول من هذا الكتاب (انظر ص 150 وما بعدها) للكلام عن إمكان القول بحوادث لا أول لها، وذكر (ص 178) أن القول بدوام الحوادث في الماضي والمستقبل هو قول أئمة أهل الحديث وأئمة الفلاسفة وغيرهم. كما تعرض ابن تيمية لهذه المشكلة في كتابه " درء تعارض العقل والنقل " 1/321 وما بعدها، وذكر فيه تناقض الرازي في هذه المسألة في كتبه المختلفة مثل " الأربعين في أصول الدين " و " المطالب العالية "، وقال (1/379) إن الأرموي استفاد معارضته للرازي من كلام الرازي نفسه في " المطالب العالية ".
(2) عبارة " والآمدي طعن ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ذكر الأستاذ محمد خليل هراس في كتابه " ابن تيمية السلفي "، ص 141 (ط. طنطا 1372/1952) أن الآمدي في كتابه " أبكار الأفكار " 1/476، (مخطوط بدار الكتب رقم 1954 كلام) : " عارض الرازي فيما ادعاه من لزوم هذه المسألة لجميع الطوائف بأن المراد بالحادث الذي يقصد نفي قيامه بذاته تعالى هو الموجود بعد عدم، وأما ما لا يوصف بالوجود كالأعدام المتجددة والأحوال - عند القائلين بها - وكذلك النسب والإضافات فهذه لا يصدق عليها اسم الحادث وإن صدق عليها اسم المتجدد. وحينئذ فلا يلزم من تجدد الإضافات والأحوال في ذات الباري أن يكون محلا للحوادث ". وأشار الأستاذ هراس إلى أن ابن تيمية رد على كلام الآمدي في كتابه " الموافقة " (على هامش منهاج السنة 2/119 - 122) . انظر درء. . 2/232 - 251.
(4) ب، أ: هي.
(5) ن، م: لا يقدرون ينفون.
(6) ب، أ: في الصفات، وهو خطأ.
(7) ن، م: حجة على قول من يقول
================================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09-07-2024, 09:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (168)
صـ 617 إلى صـ 624





ذلك من المقالات مع أن هذا [من] (1) أشنع المقالات عند أهل السنة والجماعة، ولا يعرف له (2) قائل [معدود] (3) من أهل السنة والحديث.
وبيان هذا: بالوجه الخامس (4) [وهو] (5) أن يقال: هذه الأقوال حكاها الناس عن شرذمة قليلة أكثرهم من الشيعة، وبعضهم من غلاة النساك، وداود الجواربي (6) . (* قال الأشعري في " المقالات " (7) : وقال داود الجواربي (8) *) (9) ومقاتل بن سليمان: إن الله جسم، وأنه جثة وأعضاء على صورة الإنسان (10) : لحم (11) ودم وشعر وعظم، له

‌‌_________
(1) من: في (ع) فقط.
(2) ن، م: لها.
(3) معدود: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ب، أ، ن، م: الرابع، وهو خطأ. وبدأ الكلام عن الوجه الرابع ص 612.
(5) وهو: ساقطة من (ن) .
(6) ب، أ: وداود الجواهري ; ن: وداود الحواري ; م: وداود الحواربي. وكذا في هذه النسخ فيما بعد. وقال ابن حجر (لسان الميزان 2/427) : " رأس في الرافضة والتجسيم من مرامي جهم. قال أبو بكر بن أبي عوف: سمعت يزيد بن هارون يقول: الحواربي والمريسي كافران ". وذكر ابن حجر أن داود لا تعلم له رواية لحديث. ونقل الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد في تعليقه على المقالات 1/258 عن السمعاني في " الأنساب " أنه قال بعد ذكر هشام بن سالم الجواليقي ما نصه: " وعنه أخذ داود الجواربي قوله إن معبوده له جميع أعضاء الإنسان إلى الفرج واللحية " ونقل نفس العبارة ابن الأثير في اللباب 2/291. وانظر عن داود الجواربي ومذهبه في التجسيم: الملل والنحل 1/167 ; الفرق بين الفرق، ص 140 ; التبصير في الدين، ص 71 ; الانتصار للخياط، ص 54 ; تلبيس إبليس لابن الجوزي، ص 87 ; أصول الدين لابن طاهر، ص 74.
(7) في " المقالات " 1/258 - 259، وسنقابل كلام ابن تيمية عليه.
(8) ن: الحواري، م: الحواربي.
(9) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(10) ورد نص آخر مشابه في المقالات 1/214 فيه: " أن الله جسم وإن له جمة وأنه على صورة الإنسان ".
(11) ب (فقط) : له لحم
================================
جوارح (1) وأعضاء من يد ورجل (2) ولسان (3) ورأس وعينين (4) وهو مع هذا (5) لا يشبه غيره ولا يشبهه غيره (6) . وحكي عن داود الجواربي (7) أنه كان يقول: إنه (8) أجوف من فيه إلى صدره ومصمت ما سوى ذلك ".
" وقال هشام بن سالم الجواليقي: إن الله على صورة [الإنسان] (9) ، وأنكر أن يكون لحما ودما، وإنه نور ساطع يتلألأ بياضا (10) ، وإنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان: سمعه غير بصره (11) ، وكذلك سائر حواسه: له يد ورجل [وأذن] (12) وعين وأنف وفم، وإن له وفرة سوداء ".
قلت: أما داود الجواربي فقد عرف عنه القول المنكر الذي أنكره عليه أهل السنة. وأما مقاتل فالله أعلم بحقيقة حاله. والأشعري ينقل هذه المقالات من كتب المعتزلة، وفيهم انحراف على (13) مقاتل بن سليمان،

‌‌_________
(1) ب، ن، م: وله جوارح.
(2) ورجل: ساقطة من (م) .
(3) ن، م: وأسنان.
(4) ع، ن، م: وعين.
(5) ب، أ: ومع هذا.
(6) عبارة " ولا يشبهه غيره " ساقطة من (ب) فقط. وفي " المقالات " 1/259: ولا يشبهه.
(7) ب، أ: داود الجواهري ; ن: داود الحواري ; ع: داود ; م: الحواربي.
(8) إنه: ليست في " المقالات ".
(9) الإنسان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) بياضا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(11) ب، أ: سمعه غيره وبصره، وهو خطأ.
(12) وأذن: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(13) ب، أ، ن، م: عن
==============================
فلعلهم زادوا في النقل عنه، أو نقلوا عنه، أو نقلوا عن غير ثقة، وإلا فما أظنه يصل إلى هذا الحد (1) . وقد قال الشافعي: من أراد التفسير فهو عيال على مقاتل، ومن أراد الفقه فهو عيال على أبي حنيفة (2) .
ومقاتل بن سليمان، وإن لم يكن ممن يحتج به في الحديث - بخلاف مقاتل بن حيان (3) فإنه ثقة - لكن لا ريب (4) في علمه بالتفسير وغيره واطلاعه (5) ، كما أن أبا حنيفة وإن كان الناس خالفوه في أشياء

‌‌_________
(1) علق مستجي زاده في هامش (ع) بقوله: " قلت: لكن الخطيب البغدادي ذكر عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه بإسناده: هذان رجلان خبيثان: أعني جهم بن صفوان ومقاتل بن سليمان، أفرط جهم في التنزيه فجعله تعالى لا من قبيل معنى من المعاني فوقع في التعطيل، وأفرط مقاتل في التشبيه حتى جعل له تعالى لحما ودما وشعرا وعظما، انتهى. فالذي ذكره الخطيب عن أبي حنيفة في شأن مقاتل هو الموافق لما نقله الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه في شأن مقاتل ".
(2) في وفيات الأعيان 4/341 في ترجمة مقاتل بن سليمان: " حكي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: الناس كلهم عيال على ثلاثة: على مقاتل بن سليمان في التفسير، وعلى زهير بن أبي سلمى في الشعر، وعلى أبي حنيفة في الكلام ".
(3) ب، أ: مقاتل بن حبان، وهو خطأ. وهو عالم خراسان الحافظ أبو بسطام - وقال ابن سعد: أبو معان - مقاتل بن حيان البلخي الخزاز. قال الذهبي: " كان إماما صادقا ناسكا خيرا كبير القدر صاحب سنة واتباع، هرب في أيام خروج أبي مسلم الخراساني إلى كابل ودعا خلقا إلى الإسلام فأسلموا. وثقه يحيى بن معين وأبو داود، وقال النسائي: ليس به بأس ". وانظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/174 ; طبقات ابن سعد 7/374 ; تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 10 - 111 ; الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 53 - 354.
(4) ن، م: ثقة، ولا ريب.
(5) أبو الحسن بن مقاتل بن سليمان بن بشير، الأزدي بالولاء، البلخي، الخراساني، المروزي. أصله من بلخ، وانتقل إلى البصرة ودخل بغداد وحدث بها. ذكره الذهبي في آخر ترجمة ابن حيان (تذكرة الحفاظ 1/174) فقال: " فأما مقاتل بن سليمان المفسر فكان في هذا الوقت، وهو متروك الحديث، وقد لطخ بالتجسيم مع أنه كان من أوعية العلم بحرا من التفسير ". وقد توفي بالبصرة سنة 150. وانظر ترجمته في: الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 54 - 355 ; تهذيب الأسماء واللغات، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 11، طبقات ابن سعد 7/373 ; تهذيب التهذيب 10/279 - 285 ; ميزان الاعتدال 3/196 - 197 ; تاريخ بغداد 13/160 - 169 ; وفيات الأعيان 4/341 - 343 ; الفهرست لابن النديم، ص [0 - 9] 79 (ذكره ضمن الزيدية فقال: من الزيدية والمحدثين والقراء) ; الأعلام 8 (ونقل عن مخطوطة " قبول الأخبار " للبلخي عن الكلبي أنه قال: كذب على مقاتل في التفسير) ; سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 5 - 87. وأما عن مذهبه في التجسيم والإرجاء فقد قال ابن حزم 5: " وقال مقاتل بن سليمان وكان من كبار المرجئة: لا يضر مع الإيمان سيئة جلت أو قلت أصلا، ولا ينفع مع الشرك حسنة أصلا. وكان مقاتل هذا مع جهم بخراسان في وقت واحد وكان يخالفه في التجسيم. . وكان مقاتل يقول: إن الله جسم ولحم ودم على صورة الإنسان. وانظر عن مذهبه أيضا: المقالات للأشعري 1/213 ; الملل والنحل 1/167 ; الانتصار للخياط، ص 54
=================================

وأنكروها عليه فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه، وقد نقلوا عنه أشياء يقصدون بها الشناعة عليه، وهي كذب عليه قطعا، مثل مسألة الخنزير البري ونحوها، وما يبعد (1) أن يكون النقل عن مقاتل من هذا الباب.
وهذا الإمامي (2) نقل النقل المذكور عن داود الطائي، وهذا جهل منه، أو من نقله [هو] (3) عنه، فإن داود الطائي كان رجلا صالحا زاهدا عابدا

‌‌_________
(1) ب، أ، ن، م: وما أبعد.
(2) ع: وهذا الرافضي.
(3) هو: ساقطة من (ن)
==================================

فقيها من أهل الكوفة، في زمن أبي حنيفة والثوري وشريك وابن أبي ليلى (1) وكان قد تفقه ثم انقطع للعبادة، وأخباره وسيرته مشهورة عند (2) العلماء (3) ، ولم يقل الرجل شيئا من هذا الباطل، وإنما القائل لذلك داود الجواربي، فكأنه اشتبه عليه أو على شيوخه الجواربي بالطائي (4) ، إن لم يكن (5) الغلط في النسخة التي أحضرت [إلي] ، وداود الجواربي أظنه (6)

‌‌_________
(1) سبقت ترجمة الثوري (2) وشريك بن أبي ليلى (2/471) . .
(2) ب، أ: عن، وهو تحريف.
(3) أبو سليمان بن نصير الطائي الكوفي الزاهد. قال الذهبي (العبر 1/238) " كان أحد من برع في الفقه ثم اعتزل. روى عن عبد الملك بن عمير وجماعة، وكان عديم النظير زهدا وصلاحا ". ورجح الذهبي أن تكون وفاته سنة 162 وأغلب المراجع تجعلها 160 أو 165. وانظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/367 ; تاريخ بغداد 8/347 - 355 ; حلية الأولياء 7/335 - 367 ; وفيات الأعيان 2/29 - 31 ; تقريب التهذيب لابن حجر (ط. دار الكتاب العربي) ص 234، الطبقات الكبرى للشعراني 1/65 ; الأعلام 3/11.
(4) علق مستجي زاده على كلام ابن تيمية عن داود الطائي بقوله: " قلت: نقل عنه - يعني داود الطائي - أن الكافر الذي اجتهد وسعى في الوصول إلى الحق ولم يتيسر له ومات على الكفر فهو معذور عند الله يرجى له العفو، وهو خارق لإجماع أهل السنة والجماعة وقد مال إلى هذا القول الإمام الغزالي والقاضي بيضاوي في تفسيره وفي كتابه الموسوم بالطوالع، وممن (في الأصل: من) ذهب إلى هذا من قدماء المعتزلة قاضي بصرة المسمى بالعنبري مع مخالفة تلامذته له. ومما ذهب إليه داود الطائي أن دليل الشرع اثنان فقط: الكتاب والسنة، وكان ينكر القياس والإجماع أن يكونا حجة شرعية وهو (مخالف) لإجماع الأئمة الأربعة، وابن حزم الأندلسي ممن تبعه في إنكار القياس والإجماع. وأبو حيان صاحب " البحر " و " النهر " من الظاهرية أيضا من شيعة داود ". وظاهر من هذا الكلام أن مستجي زاده يخلط بين داود الطائي وداود الظاهري.
(5) ن، م: أو لم يكن. .
(6) أ: في النسخة التي أحضرت إلى داود الحواري وأظنه. . . إلخ ; ب: في النسخة التي أحضرت إلى داود الجواهري وأظنه. . إلخ ; ن: في النسخة التي أحضرت إلى داود الحواري وأظنه. . ; م: في النسخة التي أحضرت إلى داود الجواربي وأظنه
===================================
كان من أهل البصرة متأخرا عن هذا، وقصته معروفة (1) .
قال الأشعري (2) : " وفي الأمة (3) قوم ينتحلون النسك، يزعمون أنه جائز على الله تعالى (4) الحلول في الأجسام (5) ، وإذا رأوا شيئا يستحسنونه قالوا: لا ندري، لعله، ربما هو (6) .
ومنهم من يقول: إنه يرى الله في الدنيا على قدر الأعمال (7) ، فمن كان عمله أحسن رأى معبوده أحسن.
ومنهم من يجوز على الله تعالى المعانقة والملامسة والمجالسة في الدنيا (8) ، ومنهم من يزعم أن الله تعالى ذو أعضاء وجوارح وأبعاض: لحم ودم على صورة الإنسان، له ما للإنسان من الجوارح.
وكان من الصوفية رجل يعرف بأبي شعيب يزعم أن الله يسر ويفرح بطاعة أوليائه، ويغتم ويحزن إذا عصوه.

‌‌_________
(1) م: مشهورة.
(2) في المقالات 1/319، وسنقابل النص التالي عليه.
(3) ب: في الإبانة، وهو خطأ ; أ: وفي الآية، وهو تحريف.
(4) المقالات: الله سبحانه ; ب، أ، م: الله ; ن: عن الله.
(5) م: الأجساد.
(6) لعله ربما هو: كذا في (ع) ، (أ) ، (ن) ، (م) ; وفي (ب) لعله ربنا هو ; وفي المقالات: لعله ربنا.
(7) ب: على حسب الأعمال ; أ: على الأعمال (بسقوط: قدر) ; ن، م: إنه يرى في الدنيا على قدر الأعمال.
(8) في " المقالات " بعد كلمة " الدنيا ": وجوزوا مع ذلك على الله - تعالى عن قولهم - أن نلمسه
==============================

وفي النساك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى منزلة (1) تزول عنهم العبادات، وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم - من الزنا وغيره - مباحات لهم.
وفيهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم إلى أن يروا الله (2) ، ويأكلوا (3) من ثمار الجنة، ويعانقوا (4) الحور العين في الدنيا ويحاربوا الشياطين.
ومنهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم [إلى] (5) أن يكونوا أفضل من النبيين والملائكة المقربين ".
[قلت: هذه المقالات التي (6) حكاها الأشعري - وذكروا أعظم منها - موجودة في الناس قبل هذا الزمان. وفي هذا الزمان منهم من يقول بحلوله في الصور الجميلة، ويقول إنه بمشاهدة الأمرد يشاهد معبوده أو صفات معبوده أو مظاهر جماله، ومن هؤلاء من يسجد للأمرد. ثم من هؤلاء من يقول بالحلول والاتحاد العام، لكنه يتعبد بمظاهر الجمال، لما في ذلك من اللذة له، فيتخذ إلهه هواه، وهذا موجود في كثير من المنتسبين إلى الفقر والتصوف. ومنهم من يقول إنه يرى الله مطلقا ولا يعين الصورة الجميلة. بل يقولون: إنهم يرونه في صور مختلفة. ومنهم من يقول: إن المواضع المخضرة خطا عليها، وإنما اخضرت من وطئه عليها، وفي

‌‌_________
(1) ع، ن، م: منزل.
(2) المقالات: تبلغ بهم أن يروا الله سبحانه.
(3) ع: ويأكلون. وانظر المقالات (ط. ريتر) 1/289 (ت 4) .
(4) ع: ويعانقون.
(5) إلى: في (ع) ، " المقالات ".
(6) في الأصل (ع) : الذي
=================================

ذلك حكايات متعددة يطول وصفها، وأما القول بالإباحة وحل المحرمات - أو بعضها - للكاملين في العلم والعبادة فهذا أكثر من الأول، فإن هذا قول أئمة الباطنية القرامطة الإسماعيلية وغير الإسماعيلية وكثير من الفلاسفة، ولهذا يضرب بهم المثل فيقال: فلان يستحل دمي كاستحلال الفلاسفة محظورات الشرائع. وقول كثير ممن ينتسب إلى التصوف والكلام، وكذلك من يفضل نفسه أو متبوعه على الأنبياء، موجود كثير في الباطنية والفلاسفة وغلاة المتصوفة وغيرهم، وبسط الكلام على هذا له موضع آخر] (1) .
ففي الجملة هذه مقالات منكرة باتفاق علماء السنة والجماعة وهي وأشنع منها - موجودة (2) في الشيعة.
وكثير من النساك يظنون (3) أنهم يرون الله في الدنيا بأعينهم، وسبب ذلك أنه (4) يحصل لأحدهم في قلبه بسبب ذكر الله تعالى وعبادته من الأنوار (5) ما يغيب [به] (6) عن حسه الظاهر، حتى يظن أن ذلك [هو] شيء (7) يراه بعينه الظاهرة، وإنما هو موجود في قلبه.
ومن هؤلاء من تخاطبه تلك الصورة (8) التي يراها خطاب الربوبية

‌‌_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ب، أ: موجود.
(3) ب: يزعمون ويظنون ; أ: يزعمون يظنون.
(4) ب، أ: أن.
(5) ن، م: من الأمور.
(6) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ب، أ: أن ذلك في شيء. وسقطت " هو " من (ن) ، (م) .
(8) ع: تلك الصور
===============================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 375.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 370.07 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.56%)]