شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 449 - عددالزوار : 7754 )           »          فضائل المعوذتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          قِيمَةُ العَمَلِ في الإِسْلَامِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الاختلاف المثمر بين الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          مقبرةُ القرارات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أن يكون القرآن حيّا في جوانبنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أخلاقُك تُعرف مِن كلماتك لا مِن هيئتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          خطوات الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          وقفة مع الخشوع في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          مع فتية الكهف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-07-2025, 08:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,336
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [598]
الحلقة (628)






شرح سنن أبي داود [598]

إن الله تعالى هو المتصرف في الكون، فما من صغيرة ولا كبيرة تحصل فيه إلا وهي بعلمه سبحانه وإذنه؛ لذا كان من الخطأ أن يسب الدهر (الليل والنهار) فما هما إلا مصرّفان يقلبهما الله تعالى كيف يشاء، وليس لهما من الأمر شيء حتى يسبا، وساب ذلك في الحقيقة هو ساب لله تعالى؛ لأن المؤثر والمتصرف في ذلك هو سبحانه.
ما جاء في الرجل يسب الدهر


شرح حديث (يقول الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يسب الدهر. حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان و ابن السرح قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار). قال ابن السرح : عن ابن المسيب مكان سعيد ، والله أعلم ]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يسب الدهر ]. وهذا الباب هو آخر باب في كتاب سنن أبي داود ، وهو مشتمل على هذا الحديث، وهو آخر حديث في سنن أبي داود .
خطاب الشرع للرجال خطاب للنساء في عموم النص


التعبير بالرجل في النصوص ليس له مفهوم؛ لأن الأصل أن الرجال والنساء لا فرق بينهم في الأحكام، ولا يميز بين الرجال والنساء ولا يفرق بينهم إلا بدليل، فالدليل الذي يميز أن الرجال لهم حكم كذا والنساء لهن حكم كذا، وأما الأمور التي لا تميز فيها بين ما يخص الرجال وما يخص النساء فإنها مشتركة بين النساء والرجال، وعلى هذا فقول أبي داود هنا هو نظير ما تقدم كثيراً أن الغالب أن الخطاب والكلام يكون مع الرجال، وكذلك المرأة قد تسب الدهر فلا فرق بين الرجل والمرأة، وإنما ذكر الرجال لأنهم الذين يكون معهم الخطاب غالباً، وقد جاءت كثير من الأحاديث والخطاب فيها للرجال وهذا لا يخص الرجال، وإنما هو مشترك بين النساء والرجال، لكن لمقتضى الحال، مثل قوله: (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه) وكذلك المرأة، وقوله: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء)، وكذلك المرأة إذا كانت مفلسة والمبيع عندها، فالحكم يشمل الرجال والنساء إلا إذا وجد التفريق بينهما كما جاء في حديث (الغسل من بول الجارية والنضح من بول الغلام)، وحديث: (الوقوف عند رأس الرجل ووسط المرأة في صلاة الجنازة)، وكذلك الأمور الخمسة التي تكون النساء فيها على النصف من الرجال، وهي: الميراث، والدية، والعقيقة، والعتق، والشهادة، فهذه أمور خمسة جاءت الشريعة بالتفريق والتمييز بين الرجال والنساء، وأن النساء على النصف من الرجال.
خصائص الحديث القدسي

أورد أبو داود حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر)، وهذا حديث قدسي، والحديث القدسي هو الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مضيفاً إياه إلى ربه، وذلك بأن تكون الضمائر فيه لله عز وجل وليست للرسول صلى الله عليه وسلم. فقوله: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر) ضمير المتكلم هو لله عز وجل، وهو مثل قوله: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي) فالذي يقول: يا عبادي! هو الله عز وجل، ولا يصح أن يقول ذلك إلا هو سبحانه وتعالى، فالضمائر فيه تعود لله عز وجل، وهو مثل قوله: (الصوم لي وأنا أجزي به)، فكل تلك الضمائر ترجع إلى الله عز وجل. والحديث القدسي له صيغتان: الأولى: قال الله عز وجل، أو يقول الله عز وجل، والثانية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه. والحديث النبوي غير الحديث القدسي، فالقدسي معناه من الله وكلامه من الرسول صلى الله عليه وسلم، والشريعة كلها من الله، إلا أن القرآن متعبد بتلاوته والعمل به، وأما السنة فمتعبد بالعمل بها. والحديث القدسي من كلام الله سبحانه وتعالى، كما هو موجود في الضمائر، (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي) ولا أحد يقول: يا عبادي! إلا الله سبحانه وتعالى، فحتى الرسول لا يقول: يا عبادي! وإنما يحكي كلام الله عز وجل. وهل اللفظ من الله عز وجل كما أن المعنى منه؟ إن لم تكن هناك رواية بالمعنى، وكان اللفظ لم يأت بعدة صيغ، فهذا الكلام مضاف إلى الله سبحانه وتعالى، لكن إذا دخلت الرواية بالمعنى فعندها لا يقال: إن اللفظ من الله عز وجل، لكن الكلام مضاف إلى الله عز وجل؛ لأن الضمائر إنما هي له، والمتكلم هو، لكن هل هذا الكلام نفسه كلام الله؟ لو لم تدخل الرواية بالمعنى يصير اللفظ والمعنى من الله عز وجل، وإن دخلت الرواية بالمعنى فإن اللفظ لا يقال: إنه من الله، فقد عبر الراوي بالمعنى الذي فهمه عندما لم يتمكن من ضبط اللفظ. فهذا هو معنى الحديث القدسي.
معنى قوله (يؤذيني ابن آدم)

قول الله عز وجل في هذا الحديث: (يؤذيني ابن آدم) ابن آدم هنا عام مراد به الخصوص، ولا يقال: إن كل بني آدم يصدر منهم هذا الإيذاء، وإنما يحصل هذا من البعض، فهو عام يراد به خصوص بعض بني آدم الذين يضيفون الأمور إلى الدهر ويسبون الدهر، فهذا إيذاء لله عز وجل. والإيذاء يحصل من العبد بأن يفعل ما لا يسوغ كمحرم، فإن هذا يقال له: إيذاء لله عز وجل، وهو سبحانه لا تضره معاصي العاصين، ولا تنفعه طاعات المطيعين، بل هو سبحانه وتعالى النافع الضار، ولكن كونه يحصل ما يسخطه ويغضبه فإن هذا يقع من العبد، لكن الله جل وعلا لا يتضرر بهذا الإيذاء الذي صدر من العبد، فهو لا تضره معصية العاصين، ولا تنفعه طاعة المطيعين، ولهذا ينسب إلى العبد فيقال: إنه آذى الله أو يؤذي الله، ولكن لا يقال: إن الإنسان أضر الله عز وجل أو نفع الله، فلا يضاف النفع أو الضر إلى العباد، ولكن جاء في القرآن وفي السنة ذكر الإيذاء، وأنه يصدر منهم الإيذاء لله عز وجل، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا [الأحزاب:57]، وقد فسر معنى ذلك بأنهم يحصل منهم الأذى بارتكابهم المعاصي وتركهم الأوامر، فهذا هو الإيذاء، لكن لا تضره هذه المعصية كما أن الطاعة لا تنفعه، وإنما تضر المعاصي أصحابها، وتنفع الطاعات أصحابها، والله عز وجل لا يصل إليه ضر ولا نفع، فلا تنفعه طاعة المطيعين، ولا تضره معاصي العاصين سبحانه وتعالى، بل هو النافع الضار.
معنى قوله (يسب الدهر)


قوله: (يسب الدهر وأنا الدهر) الدهر هو: الزمان (الليل والنهار)، ولهذا جاءت السنة بعدم جواز صيام الدهر، والنهي عن صيامه أي: صيام السنة باستمرار. إذاً: هو أن يسب الإنسان الدهر ويضيف الأمور إليه فيقول قائلهم: يا خيبة الدهر، أو يقول: عضنا الدهر بنابه، أو يقول: عادت علينا عوائد الدهر، أو غير ذلك من العبارات التي يضيفونها إلى الدهر، مع أن الدهر -وهو الزمان- ليس متصرفاً ولا فاعلاً، بل الفاعل والمتصرف هو الله عز وجل، فهو الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأما الدهر فهو زمان، ولهذا جاء بعد ذكر الدهر (أقلب الليل والنهار)، فإذاً الدهر هو الليل والنهار وهو المقلَّب، ومعلوم أن من سب المقلَّب فإنما ترجع مسبته إلى المقلِّب وهو الله سبحانه وتعالى. مثلاً: لو أن إنساناً سب جداراً فإن الجدار لم يبن نفسه، وإنما بناه إنسان، فترجع المسبة للباني الذي بناه، فكذلك إذا سب الدهر والدهر زمان ليس فاعلاً ولا متصرفاً، ترجع مسبة الساب إلى الله عز وجل، ولهذا قول الله عز وجل: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر) يعني: من سب الدهر فقد سبني؛ لأن الدهر ليس فاعلاً. وقوله: (أنا الدهر) ليس معناه أن الله عز وجل يقال له الدهر، أو أن من أسمائه الدهر، فهذا غير صحيح، وإنما أسماء الله عز وجل كلها مشتقة، وليس فيها اسم جامد، وهذا اسم جامد، فأسماء الله مشتقة تدل على معان بألفاظها، مثلاً: الرحمن يدل على الرحمة، والعزيز يدل على العزة، والحكيم يدل على الحكمة، واللطيف يدل على اللطف، والسميع يدل على السمع، والبصير يدل على البصر.. وهكذا أسماء الله عز وجل يشتق منها صفات، وتدل على معاني في الصفات، وأما الدهر فهو اسم جامد، فليس من أسماء الله، وقد قيل: إن ابن حزم قال: إنه من أسماء الله بدليل هذا الحديث، ولكن هذا الاستدلال غير صحيح كما ذكر ذلك العلماء، وقالوا: إن الدهر ليس من أسماء الله، وإنما قوله: (أنا الدهر) يعني: من سب الدهر فقد سبني، ومن سب المقلَّب فقد رجعت مسبته إلى المقلِّب، ومن سب البناء رجعت مسبته إلى الباني؛ لأن الجدار لم يبن نفسه، وإنما الذي بناه إنسان، وهذا الإنسان هو الذي يصل إليه سب من سب الجدار، فمن سب الزمان -والزمان ليس فاعلاً ولا متصرفاً- فمسبته ترجع إلى الله عز وجل؛ لأن الله عز وجل هو الذي يقلب الليل والنهار، ولهذا قال: (بيدي الأمر أقلب الليل والنهار)، فكل شيء بيد الله عز وجل، وكل شيء بقضاء الله وقدره، وكل شيء تحت تصرفه سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. وقوله: (أقلب الليل والنهار) يوضح معنى كون الله عز وجل هو المقلب للدهر، والدهر هو الزمان، ولهذا قال: (أقلب الليل والنهار) أي: الدهر، فمن سبه فقد سب الله عز وجل، ومن حصل منه الذم له رجع ذلك الذم وذلك السب إلى الله سبحانه وتعالى.
معاني أسماء النبي صلى الله عليه وسلم


كما أن أسماء الله مشتقة ليس فيها اسم جامد كذلك أسماء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مشتقة ليس فيها اسم جامد، فمحمد وأحمد كلاهما يدل على معاني الحمد، وأما ما يذكر أن من أسمائه (يس وطه) فهذا غير صحيح؛ لأن هذه حروف مقطعة في أوائل السور، وقد جاء بعدها الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام، لذا فإن وبعض الناس قد يظن أنها من أسماء للرسول صلى الله عليه وسلم، وليس الأمر كذلك، بل (يس وطه) حرفان من الحروف المقطعة، فقد جاءتا في أول هاتين السورتين كما جاءت حروف مقطعة في سور أخرى أحادية وثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية، وطه ويس هي مما جاء على حرفين، وقد جاء في طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى [طه:1-2]، وربما بعض الناس لما رأى أن الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم بعد (طه) ظن أن (طه) اسم للنبي صلى الله عليه وسلم، (( طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ )) يعني: يا طه ما أنزلنا عليك، وهذا غلط ليس بصحيح، وكذلك (يس) ليس بصحيح، وإنما هي حروف مقطعة، وقد جاء أيضاً خطاب النبي صلى الله عليه وسلم بعد حروف أخرى مقطعة مثل: المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ [الأعراف:1-2]، وكذلك إبراهيم: الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ [إبراهيم:1]، ففيه خطاب للمسلمين بعد: (الر)، وخطاب بعد (( المص )). إذاً: فأسماء الله عز وجل كلها مشتقة وليس فيها اسم جامد، والدهر ليس منها، وأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم مشتقة وليس فيها اسم جامد، وما جاء من ذكر (طه ويس) فليس من أسمائه وإنما هي حروف مقطعة في أوائل السورة. وبالانتهاء من الكلام على هذا الحديث نكون قد انتهينا من شرح هذا الكتاب العظيم الذي هو أحد كتب السنة المشهورة، وأحد الكتب الستة المعروفة، وهي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وجامع الترمذي، وسنن ابن ماجة، فهذه كتب اشتهرت بأنها الأمهات والأصول؛ وذلك لأنها جمعت من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الشيء الكثير، واختصت بالتأليف فيما يتعلق برجالها ومتونها وأطرافها، وذلك لاشتمالها على الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، اللهم إنا نحمدك ونشكرك على ما وفقتنا لإتمام شرح هذا الكتاب العظيم في مسجد رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعل ما علمنا حجة لنا لا علينا، وأن يوفقنا جميعاً لتحصيل العلم النافع، والعمل به، إنه سبحانه وتعالى جواد كريم.
تراجم رجال إسناد حديث (يقول الله عز وجل يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر...)

قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان ]. محمد بن الصباح بن سفيان صدوق أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ و ابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح ، ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ قالا: حدثنا سفيان ]. هو ابن عيينة ، وهو مهمل، وإذا جاء سفيان يروي عن الزهري فالمراد به ابن عيينة؛ لأن سفيان ليس معروفاً بالرواية عن الزهري بحيث يأتي مهملاً، فإذا روى عن الزهري فالمراد به ابن عيينة ، و سفيان بن عيينة المكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد ]. سعيد بن المسيب ثقة أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق. وقد جاء في أحد الطريقين ذكر سعيد باسمه فقط، وجاء في الطريقة الثانية عن الشيخ الثاني ابن المسيب بدل سعيد ، أي: أن أحد الشيخين جاء في الإسناد عنده سعيد ، وجاء في إسناد الثاني ابن المسيب . [ قال ابن السرح : عن ابن المسيب مكان سعيد . ] يعني: أن أبا داود ساق الحديث على رواية ابن الصباح، ولهذا لما ساقه قال: سعيد ، ثم نبه على أن ابن السرح قال: ابن المسيب بدل سعيد . وهذا من أمثلة دقة العلماء في المحافظة على الألفاظ التي يأتي بها الرواة، وأنهم يأتون بها كما جاءت ولا يزيدون ولا ينقصون، ولو حصلت زيادة من أجل التنبيه والتوضيح لما قد يكون مهملاً فإنهم يأتون بكلمة تبين ذلك مثل: يعني ابن فلان، أو هو ابن فلان، وإلا فإنهم يحافظون على الألفاظ. ولهذا أبو داود رحمه الله في هذا الإسناد ساقه على لفظ ابن الصباح وقال: سعيد، وأشار إلى لفظ الشيخ الثاني وهو ابن السرح فقال: قال ابن السرح : ابن المسيب بدل سعيد .
فوائد متفرقة في شرح سنن أبي داود

فوائد من دروس الشيخ العلامة عبد المحسن بن حمد العباد البدر حفظه الله تعالى ومتع المسلمين به وبأمثاله في سنن أبي داود السجستاني رحمه الله تعالى، جمع وترتيب محمد محمدي بن محمد جميل النورستاني .

فوائد متفرقة في الرواة

فائدة: أبو عبيد القاسم بن سلام ثقة إمام، ومع ذلك لم يخرج له الشيخان، مما يدل على أنهما لم يرويا لكل ثقة، كما أن الشيخين لم يلتزما بإخراج جميع الأحاديث الصحيحة في صحيحيهما، وعلى هذا فلم يستوعبا جميع الأحاديث الصحيحة، ومن أوضح الأدلة على ذلك صحيفة همام بن منبه ، فقد اتفق الشيخان على إخراج أحاديث منها، وانفرد البخاري منها بأحاديث، وانفرد مسلم منها بأحاديث أخر، وتركا معاً إخراج ما بقي منها، فلا يستدرك عليهما عدم إخراجهما كثيراً من الأحاديث الصحيحة، ولا عدم روايتهما لكثير من الثقات. فهذه الفائدة تتعلق بكون الشيخين لم يخرجا لكل ثقة، ولا كل حديث صحيح، بل رويا أحاديث صحيحة كثيرة، ورويا عن ثقات كثيرين، ولم يخرجا لكل ثقة، ولم يخرجا كل حديث صحيح، ولا يعني ذلك أن الشيخين إذا لم يخرجا الحديث فإنه يكون فيه كلام، ولا أن الراوي يكون فيه كلام؛ لأنهما لم يلتزما أن يخرجا لكل ثقة، ولا أن يخرجا كل حديث صحيح، ومن أوضح الأدلة على هذا فيما يتعلق بالثقات: أبو عبيد القاسم بن سلام، وهو رجل عظيم ومن كبير المحدثين، وليس له رواية عند البخاري و مسلم ؛ لأنهما لم يلتزما أن يخرجا لكل ثقة، كما أن هناك أحاديث صحيحة كثيرة جداً لا توجد في الصحيحين، ولا يقدح فيها لكونها غير موجودة في الصحيحين؛ لأن الإمامين البخاري و مسلم ما التزما أن يخرجا كل حديث صحيح، ومن أوضح الأدلة على هذا صحيفة همام بن منبه فهي تشتمل على مائة وأربعين حديثاً تقريباً، وهي بإسناد واحد، وقد أوردها الإمام أحمد رحمه الله في مسنده بكاملها في مسند أبي هريرة ، وبين كل حديث وحديث يقول: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكررها هكذا مائة وأربعين مرة، لكي تفصل بين حديث وحديث وهي بإسناد واحد. و البخاري رحمه الله من طريقته أنه ينتقي الحديث الذي يريده ثم يأتي بالإسناد الأول، ويركب الحديث على ذلك الإسناد، و أبو داود كذلك أيضاً، وأما مسلم رحمه الله فإنه يسوق الإسناد حتى نهايته ثم يقول: وذكر أحاديث عن أبي هريرة ، قال: هذا ما حدثنا به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: وذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فيكون معنى ذلك أن الحديث الذي أتى به ليس هو الذي يلي الإسناد، وهذا من تفنن الإمام مسلم رحمه الله وعنايته في المحافظة على الألفاظ، ولهذا يقول الحافظ ابن حجر في ترجمة الإمام مسلم في تهذيب التهذيب: وقد حصل له حظ عظيم مفرط، وهي محافظته على الألفاظ وسياقها، وحسن ترتبيها، وعدم الرواية بالمعنى، وأثنى عليه وذكر جملة محاسن صحيح الإمام مسلم ، وهذا من دقته ألا يأتي بالمتن المتأخر ويجعله تالياً للإسناد الذي سيقت به الصحيفة كلها، وإنما إذا جاء إلى نهايتها قال: فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا. إذاً: فهذه من الفوائد التي تتعلق بالصحيحين وتتعلق بالرواية عن الثقات، وبتخريج الأحاديث الصحيحة، وأن الشيخين لم يخرجا كل حديث صحيح، ولم يخرجا لكل ثقة. فائدة: أبو بكر بن أبي شيبة أكثر عنه الإمام مسلم ، وهو الأول من حيث كثرة الرواية عن شيوخه، فقد روى عنه ألف وخمسمائة حديث، ويليه في الترتيب من حيث كثرة رواية الإمام مسلم : عنهم زهير بن حرب أبو خثيمة، فقد روى عنه مسلم ألف ومائتي حديث. وهذا مما يتعلق بشيوخ مسلم ، أن مسلماً رحمه الله روى عن أبي بكر بن أبي شيبة أكثر من ألف وخمسمائة حديث وهو أكثر الشيوخ الذين روى عنهم، وهناك عدد من الرواة أكثر عنهم الإمام مسلم ، وقد ذكرتهم في مقدمة كتاب عشرون حديثاً من صحيح مسلم ، وذكرتهم بالترتيب على حسب الكثرة. ومما ينبغي أن يعلم: أن الحافظ ابن حجر في كتابه تهذيب التهذيب ينقل من كتاباً يقال له الزهرة عدد الأحاديث التي رواها البخاري و مسلم واتفقا عليها أو انفرد أحدهما بها، فعندما يترجم لكثير من شيوخ الشيخين يقول: روى عنه البخاري و مسلم كذا حديث، اتفقا على كذا، وانفرد البخاري بكذا، و مسلم بكذا، وهذا يأتي غالباً في آخر ترجمة الراوي من تهذيب التهذيب، وقد أشرت إلى هذه الفائدة المتعلقة بكتاب الزهرة في كتاب الفوائد المنتقاة، وهي آخر فائدة في كتاب الفوائد المنتقاة برقم ستمائة وخمسة وخمسين. فائدة: حكم الإمام النسائي على عبد الرحمن بن يزيد بن تميم بأنه متروك، ومع ذلك روى له في سننه، واستغربه منه الإمام الذهبي في الميزان في ترجمة عبد الرحمن المذكور، والفائدة مذكورة في الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى. فهذه فائدة تتعلق بسنن النسائي ، فقد روى عن شخص قال عنه: متروك، وهذا عجيب أن يروي عن متروك!! فائدة: ليس في الكتب الستة سليم بفتح السين إلا سليم بن حيان وما سواه سُليم بضم السين، وهو كثير، وهو الجادة كما يقال. فائدة: مالك مقدم على سفيان بن عيينة في الحفظ، وطريقة التعرف على ذلك بين الحفاظ عد الأغلاط. وينبغي التحقق من ذلك من كتاب الحازمي؛ فهو الذي ذكر هذا في شروط الأئمة الخمسة، وذكر أن طريقة المحدثين في معرفة الأوثق، وأنهم إذا أرادوا أن يميزوا بين شخصين كل منهما في غاية الثقة: فإنهم يحسبون أغلاط هذا وأغلاط هذا، والأغلاط هنا قليلة، لكن من كان غطهأقل جعلوه مقدماً، وجعلوه أوثق من الثاني، وكل منهما في غاية الثقة، وأنا الآن لا أتذكر بالضبط هل هو سفيان بن عيينة أو سفيان الثوري لكن يرجع إلى كتاب شروط الأئمة الخمسة للحازمي . وبالمناسبة فالإمام الحازمي هذا هو صاحب كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار، وقد توفي وعمره خمسة وثلاثون عاماً، وقد ذكره الذهبي في كتابه من يعتمد قوله في الجرح والتعديل وقال: مات شاباً طرياً، عمره خمس وثلاثون سنة، وهذا يبين لنا أن من العلماء من كان سنه صغيراً ولم يعمر طويلاً، ومع ذلك نفع الله تعالى به، وخلف من العلم والتأليف ما نفع الله تعالى به، ومن أمثلة ذلك في هذا الزمان: الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله فقد مات وعمره خمس وثلاثون سنة، ومع ذلك ألف كثيراً في العقيدة المصلح والحديث والفقه شعراً ونثراً، فله مؤلفات كثيرة منها المنظوم والمنثور، وكتاباته قيمة ومفيدة، وشعره جيد، ومثل ذلك النووي، فقد مات وعمره خمس وأربعون سنة، ومع ذلك له مؤلفات كثيرة ضخمة منها كتاب المجموع، وهو أوسع كتب الفقه التي تعنى بفقه الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم، وكذا المغني لابن قدامة ، فهذان كتابان واسعان عظيمان في الفقه. وكذلك الاستذكار لابن عبد البر فهو من أحسن الكتب ولكنه دونهما، وقد سبق لي أن سألت شيخنا الشيخ الأمين الشنقيطي رحمة الله عليه، وكان يذكر هذين الكتابين وسعتهما، فقلت له: ما هو الكتاب الذي يماثلهما من كتب المالكية؟ قال: لا أعرف إلا كتاب الاستذكار، فيمكن أن يكون أحسن شيء فيما يتعلق بهذا الموضوع. فائدة: يرى المنذري أن سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد رد عليه ابن القيم رحمه الله تعالى عند الحديث رقم خمسة آلاف وثلاثة عشر. وهذا مر بنا قريباً في تهذيب السنن لابن القيم، والحقيقة أن تهذيب السنن لابن القيم كتاب نفيس يشتمل على درر وفوائد، ومع ذلك لم يوجد من يخدم هذا الكتاب ويعتنى به؛ لكي يبرز ويستفاد منه الفائدة الكبيرة، ولكن لو أبرز وخدم خدمة تناسبه فإنه مشتمل على علم وفوائد جمة، وبعض الأحاديث يصلح أن تكون جزءاً؛ لأنه يتوسع ويستطرد فيها ويجعل البحث فيها مستفيضاً، ولا يستغني عن الرجوع إليها طالب العلم، ولكنه لا يهتدى إليها، ولا يتفطن لها، وسبق أني عرضت هذا على كثير من طلبة العلم أن يعنوا به، وبإخراجه وبتحقيقه وبإبرازه، ولكني ما رأيت حتى الآن من اعتني به، وهو كتاب نفيس، وفيه درر وفوائد، ومنها هذه الفائدة التي مرت بنا قريباً. فائدة: من كبار مشايخ أبي داود : أحمد بن منيع، فهذا من كبار مشايخه الذين روى عنهم في أواخر حياتهم، وهو في أول عمره، أي: أنه أدركهم وهم كبار وهو في صغره، فهو من كبار شيوخه، وأما صغار الشيوخ فهم الذين أدرك مدة طويلة من حياتهم مثل ما مر بنا في شيوخ البخاري، فثلاثة من شيوخ البخاري هم من صغار شيوخه، وماتوا في سنة واحدة، وقد ماتوا قبله بأربع سنوات، وهم: محمد بن بشار الملقب بندار ، و محمد بن المثنى الملقب بالزمن ، و يعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء ثلاثة هم من صغار شيوخ البخاري، وقد ماتوا قبله بأربع سنوات، فهو توفي في سنة ست وخمسين ومائتين، وأما هؤلاء الثلاثة فقد ماتوا سنة مائتين واثنين وخمسين، وهؤلاء الثلاثة أيضاً هم شيوخ لأصحاب الكتب الستة. فائدة: من منهج الإمام البخاري رحمه الله تعالى أنه يسوق لفظ الأخير إذا روى عن شيخين، ولا يبين ذلك، فقد ذكر ذلك الحافظ ابن
الكل أسماء القراء أسماء المحاضرين عناوين المحاضرات نص المحاضرات مختارات من الأذان أسماء المنشدين عناوين الأناشيد أدعية مختارة استراحة التسجيلات
تم الانتهاء من النقل يوم السبت
5 يوليو 2025 ميلادي - 10 محرم 1447 هجري

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 175.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 174.19 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (0.97%)]