معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد في أوقات الصراع
- رغم الآثار السلبية للحروب إلا أن هؤلاء الأطفال سيكونون أكثر قوة وقدرة على التحمل شرط أن يكون وراءهم أُسر واعية تعزز الجوانب التربوية والإيمانية لديهم من خلال تلك الأحداث
- عدم التقليل من شأن مخاوف الطفل أو التغافل عنها وإذا طرحوا أسئلة تدور حول تعرضهم للموت مثل غيرهم في الحروب فنُطمئنهم ونُناقشهم في مصدر القلق
يتطلّع الأولاد دائمًا إلى والديهم؛ طلبًا للشعور بالسلامة والأمان، ويزداد ذلك في أوقات الصراع والحروب سواء على الأرض أم التي تتصدر عالم الميديا؛ فتخلق مشاعر مختلفة من الخوف والحزن والغضب والقلق لدى الصغار، خصوصًا إذا ما شاهدوا مقاطع فيديو وصورًا لأطفال في مثل عمرهم متوفين أو مصابين أو يبكون، فيتساءلون في ألم يختلط بالخوف: لماذا يحدث كل هذا؟، وقد يدخل الكثير منهم في نوبة بكاء أو يُصاب باضطراب نفسي ناتج عن الخوف من ملاقاة المصير نفسه، وهنا لابُد من دور فعّال للمربي أو ولي الأمر.
آثار أوقات الصراع على الأطفال
وتُؤثر أوقات الصراع والحروب على الأطفال تأثيرًا واضحًا، فهي تترك الباب مفتوحًا لكل الاحتمالات التي منها زلزلة القناعات وهدمها، والميل إلى العدوان والانتقام، وعدم الثقة في أي شيء، والوقوع ضحيةً للخوف الشديد والكوابيس التي قد تحتوي صورًا مما شاهدوه أو عاشوه، ومن أبرز الآثار التي يجب الانتباه إليها ما يلي: - الشعور بالخوف والقلق: حيث يعتقد كثير من الأطفال بأنّ الصراع قد ينتقل إلى المكان الذي يعيشون فيه، ويلاقون مصير الأطفال الذين يموتون أو يصابون.
- التوتر والانفعال: وقد يصبح الأطفال منفعلين وبحاجة إلى مزيدٍ من الراحة والطمأنينة، ويشعرون بالشخص البالغ عندما يكون قلقًا حتى وإن لم يصرح بذلك.
- الشعور بالعجز: حيث يشعر الطفل الصغير بالعجز وعدم القدرة على مساعدة ذويه في ظل وجود أزمات أو كوارث أو حروب.
- افتقاد التركيز: وهو ما قد يصيب الأطفال جراء الأحداث والصراعات المتتالية التي يشاهدونها أو يسمعون عنها، ويشعرون بأن عالمهم غير آمن.
- اضطراب في السلوكيات: وهو من آثار الكوارث على الأطفال، فيقلّون من الطعام ويفقدون الشهية أو يفرطون في تناول الطعام، ويحدث اضطراب لديهم في النوم، ومن ثم الاستيقاظ المتكرر أو الإفراط في النوم وصعوبة الاستيقاظ والشعور بالتعب.
- الصدمة: وهي أكثر الآثار السلبية للحروب انتشارًا بين الأطفال، وغالبًا ما يُصاحب الصدمة خوف مزمن (فوبيا) من الأحداث والأشخاص والأشياء التي ترافق وجودها مع الحرب مثل صفارات الإنذار، وصوت الطائرات.
- العصبية: وإذا كانت الصدمة ناجمة عن مشاهدة الطفل لحالات وفاة مروعة أو جثث مشوهة، -ولا سيما إن كانت لأقارب له- فإنها يمكن أن تؤثر على قدراته العقلية، وتتسبب في مشكلات عصبية ونفسية ممتدة.
- أزمة ثقة: فالطفل لا يعرف لماذا يحدث كل هذه الآلام؟ سواء له إذا كان في موطن الصراع أم لأقرانه إذا كان بعيدًا عن أماكن الحروب، وهو ما يغذي مشاعر دفينة تظهر في مراحل متقدمة من العمر في صور عصبية وانطواء وتخلف دراسي وغيرها من الأعراض.
آثار إيجابية
ورغم الآثار السلبية العديدة للحروب على الأطفال، يرى بعض التربويين أن هناك أثرًا إيجابيًّا لأجواء الحروب على الأطفال، وهو أنّ الأطفال الذين يعيشون هذه الأحداث أو يشاهدونها سيكونون أكثر قوة وقدرة على التحمل، شرط أن يكون وراء هؤلاء الصغار أُسر واعية تشرح لهم ما وراء مشاهد الحرب، وربط ذلك وتعزيزه من خلال الجوانب الإيمانية والعقيدة الإسلامية. كيفية توظيف أوقات الصراع في تربية الأولاد
ولتجنب الآثار السلبية التي قد تُصيب الأطفال في أوقات الصراع والحروب، يمكن تطبيق بعض الإرشادات التربوية والنفسية مع تربية الأولاد، ومنها: - التعامل مع مشاعر الأطفال تعاملا طبيعيا، فهو في الحقيقة إشارات مفيدة تخبر بأن هناك شيئا ما يحدث داخل الطفل ويحتاج إلى إصلاح أو تعديل.
- التعامل مع المشكلة بحسب ما يظهر على الطفل، فإذا كان يعاني من الخوف، يعطيه ولي الأمر أو المربي الشعور بالأمان باحتضانه وطمأنته.
- إعطاء الطفل الفرصة للتعبير عن نفسه، فهو بحاجة إلى نشاطات قد تكون متنفسًا لطاقاته وتشعره بأن له دورا في التخفيف من معاناة الأطفال الذين يتعرضون لهذه المعاناة، وقد يتم ذلك عن طريق إشراكه في التبرع المالي أو العيني من ممتلكاته الشخصية كملابس وألعاب عن طريق الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدات لهؤلاء المنكوبين.
- البدء بإحاطة الطفل بالطمأنينة وعدم تركه عرضة لمواجهة المشاهد الصعبة دون دعم نفسي، وتوجيه إيماني، وذلك عن طريق الحديث المتواصل معه وطمأنته بأن كل شيء سيكون على ما يرام، وأن الله -تعالى- مطلع على كل ما يجري، وأن ذلك بحكمة يعلمها -سبحانه.
- السماح للطفل بالبكاء والسؤال عما يجري، فمن الضروري معرفة ما يدور في تفكيره وأن يعبر عن مشاعره وأحاسيسه مع الانتباه للأسلوب والألفاظ التي يستطيع الطفل استيعابها والتفاعل معها.
- إدراك أنّ هناك فروقًا فردية بين الأطفال في ردّات فعلهم، وهذا يعتمد على نوع الحدث الصادم وطبع الطفل وعمره والجو العائلي وعلاقة الطفل بأسرته، وقدرته على التعبير عمّا يجول في فكره وتعبيره عن مشاعره.
- عدم التقليل من شأن مخاوف الطفل أو التغافل عنها، وإذا طرحوا أسئلة تدور حول تعرضهم للموت مثل غيرهم في الحروب، فنُطمئنهم، ونُناقشهم في مصدر القلق.
- توفير الدعم اللازم للطفل، وإشعاره بأنه ذو قيمة، وصاحب قدرات إيجابية، تسمح له بالتفاؤل بأنّ المستقبل سيكون أفضل.
- محافظة ولي الأمر أو المُربّي على ردّة فعله العاطفية تجاه الأحداث، فلا مبالغة في مشاركة المخاوف مع الطفل، والتماسك في اللحظات العصيبة ومحاولة عدم إظهار الهلع والخوف أمام الطفل.
- مشاركة الطفل البحث عن معلومات بشأن ما يدور من صراعات أو حروب أو كوارث، للتعرف إلى الحقيقة.
- التعاطف مع المظلوم، ويكون ذلك بعد توضيح القضية للطفل وبيان المأساة والمعاناة التي يعيشها الأطفال والكبار في مناطق الحروب التي يسيطر عليها المحتلّون والمغتصبون.
- الحد من سيل الأخبار المتدفقة، ولا سيما التي تكثر فيها العناوين المثيرة للقلق والصور المزعجة، وألا نتابع الأخبار في وجود الأطفال الأصغر سنًا، أما مع الأكبر سنًا، فيمكن استغلال مشاهدتهم للأخبار لمناقشتهم في مقدار الوقت الذي يقضونه في متابعتها، وما مصادر الأخبار التي يمكن أن يثقوا بها؟
- جمع الأسرة صغارًا وكبارًا وتعزيز الجوانب الإيمانية لديهم، وبيان أن قوة الله فوق كل قوة، وكيف أنه -سبحانه- نجى إبراهيم من النار وموسى من الغرق ومحمدًا - معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد في أوقات الصراع- من كيد قريش، وكم من فئة قليلة نصرها الله -تعالى- على فئة كثيرة.
أولياء الأمور وتحديات التعامل مع أطفالهم يُواجه أولياء الأمور والمربون تحديات كبيرة في التعامل مع الأطفال في أثناء الحروب والنزاعات والصراعات، ليس في البلدان التي تدور فيها الحرب فحسب، بل في البلدان التي تتابعها على شاشات وسائل الإعلام المختلفة؛ ففي كل الأحوال يحتاج الأطفال إلى معاملة خاصة من ذويهم، سواء كانوا ضحايا للحرب أو مجرد متابعين لها، ويرجع ذلك لعدم اكتمال نضج الأطفال نفسيًّا واجتماعيًّا ومعرفيًّا ووجدانيًّا، وهو ما يتطلب توعية الأسرة والمربين لكيفية بث الطمأنينة في نفوس الأطفال.
: إعداد: قسم التحرير