|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() مشهد فناء الوعل: لقد حضر الحيوان في القصيدة الشعرية العربية القديمة حضورًا قويًّا وبارزًا؛ حيث لم يكسر رتابة الحياة، وسكون الصحراء، وجمود الأمكنة، غير مشاهدة الأنواع المختلفة من الحيوانات، التي زخرت بها شبه الجزيرة العربية، ومتابعة تحركاتها والتعايش معها، واتخاذ بعضها رفيقًا وصاحبًا وفيًّا، ويعد حيوان الوعل من المخلوقات التي حظيت بالعناية الشعرية؛ حيث ذكرت في عدد كثير من القصائد، واحتفى بها عدد من الشعراء، نظرًا لنمط عيشها الملهم للأفكار والموحي بالمعاني الشعرية الجديدة. والوعل وهو اسم جامع لأنواع الوعول كالأعصم، والصدع، والأيل، والأروي، وجمع وعل وعول وأوعال، والأنثى وعلة، ويظل اسم الأروى أكثر شهرة، وهو اسم للجمع واحدتها الأروية[9]. والوعل حيوان من خصوصياته أنه يتخذ قمم الجبال العالية مسكنًا له، يلتصق بها ويتشبث بحجرها وترابها، ربما طبيعته وخلقته التي تميِّزه أوحت له باتخاذ المرتفعات والقمم مسكنًا، وملجأً يأمن فيها من بطش الحيوانات الضارية الأخرى، لكن مشهد تشبثه بالجبال، وامتناعه زمنًا طويلًا في معاقلها، شكل للشاعر الجاهلي صورة قيمة موحية تستحق أن يسرح الخيال في تأملها ومحاكاتها وتوظيفها في أغراضه الشعرية، وقد اشتهرت بين الشعراء الجاهليين للوعل صورتان: صورة الحيوان الخائف المتوجس الذي دفعه خوفه إلى صعود الذرا والجبال العالية طلبًا للأمن وبحثًا عن السكينة، وحفاظًا على الحياة، يقول النابغة الذبياني: وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي *** على وعل في ذي المطارة عاقل[10] وصورة الكائن ذي القوة والمنعة الذي يتحدى الطبيعة وأسباب الموت، الذي يتهدد سائر المخلوقات؛ حيث يصعد إلى قمم الجبال والمعاقل العالية، ويتخذها مقامًا يسكنها وحده؛ يقول عدي بن زيد: ليس للمرء عصرة من وقاع الداء ![]() هر تغني عنه سنام عناق ![]() قد تبينت في الخطوب التي ![]() قبلي فما بعدها لليوم باقي ![]() وأرى الشاهق المدل به الأر ![]() وى دوين السماء وعر المراقي ![]() ودلال العزيز بالجمع ذي الأر ![]() كان كلا معاذه غير واقي ![]() لا يعري ريب المنون ذوي العي ![]() ش ولا من حياته برماق ![]() كل حي تقوده كف هاد ![]() جن عين يغشيه ما هو لاقي[11] ![]() ولكن الدهر لا يرحم أي مخلوق موجود على الأرض، مهما كانت قوته، ومهما تسلق أسباب السماء، ومهما تمسك بعلل الفرار وسبل النجاة من الموت، وهو حتى إذا أمهل هذا الوعل القوي المتمنع وقتًا طويلًا من الزمن، فإنه يميته ويقضي عليه، ويفنيه في اللحظة المناسبة وبالوسيلة الأنسب؛ يقول الأفوه الأودي: والدهر لا يبقى على صرفه *** مغفرة في حالق مرمريس[12] ومعنى البيت أن قساوة الدهر والزمن لا مثيل لها في الكون إنه لا يبقي أحدًا على حاله، فحتى الوعول القوية المتشبثة في قمم الجبال الملساء، وفي غيرها من الأماكن المرتفعة، ينال منها وتؤذيها نوائبه وصروفه وتصيبها آلته الحادة المدمرة، ويسقطها أرضًا. [1] ديوان زهير بن أبي سلمى ص 37 – 38 – 39. [2] ديوان زهير بن أبي سلمى ص 36. [3] ديوان زهير بن أبي سلمى ص 37. [4] ديوان زهير بن أبي سلمى ص 37. [5] ديوان زهير بن أبي سلمى ص 37. [6] ديوان زهير بن أبي سلمى ص 38. [7] ديوان زهير بن أبي سلمى ص 38. [8] ديوان زهير بن أبي سلمى ص 39. [9] مشهد الحيوان في القصيدة الجاهلية ص 276. [10] ديوان النابغة الذبياني ص 144. [11] ديوان عدي بن زيد ص 154. [12] ديوان الأفوه الأودي ص 83.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |