حياة النابغة الجعدي وشخصيته - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فتاوى فى الصوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          افطرت فى رمضان ولا تستطيع القضاء ولا الإطعام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          و دخل رمضان ،، مكانة شهر رمضان و أجر الصيّام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          هل العدل في الهدايا بين الزوجات واجب؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أشياء لا تفسد الصوم . أمور لا تفطر الصائم . فتاوى للصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          صور لكيفية التطهر للصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          دعاء يقال عند شدة الحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          رمضان وضرورة التغيير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          La femme qui fait de l’iitikaf à la mosquée (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-11-2022, 08:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حياة النابغة الجعدي وشخصيته

وهناك أبيات يخاطب فيها النَّابغة زوجتَه، التي كانت - فيما يبدو - تعارض خروجه للجهاد، وتَرْكَها هي والأولاد دون عائل يرعاهم ويعطف عليهم، فهو يحاجُّها بأن خروجه للحرب في سبيل الله أمر حتمي أوجبه عليه الدِّين، فلا فَكاك منه، وهذه الأبيات تقول:
باتَتْ تذكِّرني باللهِ قاعدةً
والدمعُ ينهَلُّ مِن شأنَيْهما سُبلَا

يا بِنتَ عمِّي، كتابُ الله أخرجني
كرهًا، وهل أمنعنَّ الله ما فعَلَا؟

فإن رجعتُ فربُّ الناس يَرجِعني
وإن لحِقتُ بربي فابتغِي بدَلَا

ما كنتُ أعرَجَ أو أعمى فيعذِرَني
أو ضارعًا مِن ضنًى لم يستطِعْ حِوَلَا


وهي تدل على أنه اشترك في الجهاد في سبيل الله، لكننا لا نعرف في أي تاريخ، وهل كان ذلك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أو في عصر الصِّدِّيق أو الفاروق أو عثمان أو بعد ذلك؟!

وقد "قيل: إن موت الجَعْدي كان بسبب ليلى الأخيلية؛ إذ فر من بين يديها، فمات مسافرًا، والأصح أنها هي التي ماتت في طلبه"[27].

فهذه أخبار النَّابغة التي وصلتنا، ومن هذه الأخبار قد يمكن أن نستخلص بعض سمات شخصيته: إنه شديد العصبية لقومه، لا يكف عن المفاخرة بهم والاستجابة لندائهم، حتى لو كان استصراخهم ضد الدولة نفسها وواليها، مما جعل أبا موسى يضربه أسواطًا، ويتصل بذلك رثاؤه الواله في أخيه، ولا أظن النَّابغة كان مقدمًا ذا رئاسة في قومه...

وإن أبياته التي قالها في وجه اعتراض زوجته على خروجه للمشاركة في الغزو وتشبثها بأن يبقى معها هي وأولادهما لَتوحي بقوة إيمانه واندفاعه في سبيل نصرة الله والإسلام، فهو لا يلين ولا يحاول حتى تلطيف الأمر عليها، بل يعالنها بكل قوة وحسم أن ذلك لا مرد له؛ لأنه واجب دِيني، والواجب الديني ليس فيه كلام، ولا منه فكاك.

ومن الواضح أن النَّابغة كان يحب آل البيت حبًّا خاصًّا: نعرف ذلك من أنه حين أذن له عثمان بالعودة إلى دياره لبعض الوقت تخفيفًا للحنين الذي كان يعانيه مرَّ بابني علي: الحسن والحسين، وأنشدهما الميمية المشهورة التي سلف الحديث عنها، وكذلك من وقوفه مع علي ضد معاوية، بل إنه من شدة إعزازه له كرم الله وجهه كان يأخذ بخطام بعيره في صفين وهو يرتجز بالأبيات التي أسلفناها في الإشادة به وبكرم عنصره وهجو بني أمية والدعاء عليهم.

وقد رأيناه بعد أن استتب الحال لمعاوية فأخذ ينتقم من أنصار علي يفِدُ عليه بقصيدة شديدة اللهجة يطلب منه أن يفك أهله وماله اللذين كان قد أمر مروان أن يأخذهما، وهي قصيدة تدل من جهة على وفائه لعلي؛ إذ لم يحاول قط الاعتذار لمعاوية عن معاضدته له ولو على سبيل التقيَّة، ومن جهة أخرى على شجاعته وصلابته، وهذه إحدى سمات شخصيته أيضًا.

كذلك كان في النَّابغة شيء من خشونة البادية وصراحتها العارية في التعبير، فإن في أشعاره بعض الألفاظ والعبارات التي يُحتشم منها، رأيناه يقولها في بساطة من لا يشعر فيها بشيء يُستحى منه، وقد ردت ليلى الأخيلية على بعض هجائه العاري بهجاء عارٍ مثله لم تستحِ هي أيضًا منه، مما سنتعرض له لاحقًا، ومن هذا الباب أيضًا كلامه للخنساء بسوق عكاظ في تقدير شعرها، مما مر بنا مع جوابها عليه

كذلك فإن أبياته التي فيها استطالة أمامة لعمره واستكثارها ما ذبح من عِتْر على الأوثان لتبين لنا أن خَلَّة الصراحة والتعبير المباشر عما في نفسه هي من خلال شخصيته، ومثل ذلك أبياته في هجاء زوجته، وكان قد طلقها، فكانت تأتيه في المنام ولا تتركه يهنأ بحياته، مما جعله ينظم فيها شعرًا يشتمها فيه ويتهكم بها وبتصرفاتها الحمقاء في بيت الزوجية، فهي تدل على أنه لم يكن يتحرج من نفض ما بدخيلة نفسه وبيته على أبصار الناس وأسماعهم، وسوف نتعرض لتلك الأبيات فيما بعد، ومن هذا القبيل أيضًا أنه عندما أمر ابن الزبير بوسق عدة جمال له بالحَب والتمر أقبل على الحَب يأكله صحيحًا من الجوع أمام الحاضرين، غير منتظر حتى يُطحن.

وكان إذا تغير له قلب صديق أعطاه صفحه وانصرف عنه لا يبالي، هكذا قال في شعره، فهو إذًا ليس من ذلك الصِّنف من البشر الذي يصبر إن رابه من صديقه شيء، ويسامحه مؤملًا أن يعود الود بينهما كما كان، بل يجازي على الفتور والهجر بفتور وهجر مثله.. [28].


[1] بلاشير/ تاريخ الأدب العربي/ ترجمة د. إبراهيم الكيلاني/ دار الفكر/ ط2/ 1404هـ - 1984م/ 563، والملِك الذي استبعد بلاشير معاصرة النابغة له هو النعمان لا أبوه، ولا أدري السبب في هذا التبديل.

[2] تاريخ الطبري/ ليدن/ 1/ 900.

[3] بل أحيانًا ما نسمع في عصرنا عن أناس نيفوا على هذه السن، وعادةً ما يكونون من سكان الجبال، وطعامهم عادة اللبن والأغذية غير المطبوخة، ولعل البيئةَ الصحراوية تشبه المناطق الجبلية في هذا: فالأطعمة غير معقدة، والقلق المصاحب للازدحام العمراني والتقدم الحضاري غير معروف... إلخ.

[4] انظر كتابه "العصر الإسلامي"/ دار المعارف/ ط7/ 102.

[5] انظر السجستاني/ المعمرون والوصايا/ تحقيق عبدالمنعم عامر/ عيسى البابي الحلبي/ 1961م/ 42 - 43.

[6] كما أن دعاءه لأحد الصحابة بـ"تربت يداك" هو مجرد تعبير مجازي عن شدة الحث على الزواج لا دعاء عليه بالفقر (بخاري/ نكاح/ 11، وأبو داود/ نكاح/ 4)، ومن ذلك الباب أيضًا قوله عليه السلام لصحابي آخر: "ثكلتك أمك"، وبطبيعة الحال لا يمكن أن يقصد الرسول بذلك أن يدعوَ عليه بالهلاك وتثكله أمه فعلًا، بل هو مجرد استنكار لما فعله ذلك الصحابي (البخاري/ أذان/ 117، وابن ماجه/ فتن/ 12، 26).

[7] انظر: ابن نباتة/ سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون/ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم/ دار الفكر العربي/ 1383هـ - 1963م/ 425 - 426.

[8] يقول د. ناصر بن سعد الرشيد: إن "حكم العرب في عكاظ هو النابغة الذبياني"، ثم يتساءل بعد قليل: "هل هناك حكم أدبي غير النابغة؟"، ليجيب بأنه "لم تذكر كتب الأدب والتاريخ اسمًا آخر غيره"، وهو لا يستبعد أنه كان هناك حكام أدبيون آخرون أهملت ذكرهم الكتب؛ (سوق عكاظ في الجاهلية والإسلام/ دار الأنصار/ القاهرة/ ط1/ 1397هـ - 1977م/ 40 - 41)، على أية حال، هذا هو ابن نباتة يذكر النابغة الجعدي أيضًا، وإن لم يخبرنا من أين استقى هذا الخبر.

[9] الأغاني/ مؤسسة عز الدين/ بيروت/ 4/ 130، وانظر شيئًا قريبًا من ذلك في "الاستيعاب" لابن عبدالبر/ المكتبة التجارية الكبرى/ 3/ 553، و"خزانة الأدب" للبغدادي/ المطبعة الأميرية/ ط1/ 1/ 514.

[10] انظر كتابه "تاريخ الآداب العربية"/ مراجعة وتعليق د. شوقي ضيف/ دار الهلال/ 1/ 155.

[11] انظر كتابهما "الوسيط في الأدب العربي وتاريخه"/ دار المعارف/ 1398هـ - 1978م/ 163.

[12] انظر كتابه "جواهر الأدب"/ المكتبة التجارية الكبرى/ ط 21/ 1384هـ - 1964م/ 2/ 144.

[13] ديوان النابغة الجعدي/ تحقيق عبدالعزيز رباح/ المكتب الإسلامي/ دمشق/ ط1/ 184هـ - 1964م/ ل.

[14] انظر كتابه "شعر المخضرمين وأثر الإسلام فيه"/ مؤسسة الرسالة/ بيروت/ ط2/ 1401هـ - 1981م/ 228.

[15] انظر كتابه "حسان بن ثابت"/ دار المعارف/ مكتبة الدراسات الأدبية رقم 43/ 47.

[16] انظر كتابه "تاريخ الأدب العربي"/ دار العلم للملايين/ بيروت/ ط4/ 1981م/ 1/ 342.

[17] انظر كتابه "أدب صدر الإسلام"/ بيروت/ 1401هـ - 1981م/ 250.

[18] انظر كتابه "معجم الشعراء الجاهليين والمخضرمين"/ دار العلم/ 1403هـ - 1983م/ 357.

[19] انظر كتابه "شعراء العرب الفرسان في الجاهلية وصدر الإسلام"/ مؤسسة علوم القرآن/ دمشق وبيروت/ ط1/ 1404هـ - 1984م/ 136.

[20] انظر كتابه "النابغة الجعدي - حياته وشعره"/ دار القلم (دمشق) والمنارة (بيروت)/ ط1/ 1407هـ - 1987م/ 160، وقد وقَع لي هذا الكتاب بعد انتهائي مِن هذه الدراسة بشهور، فأحَلْتُ إليه في المواضع التي رأيتُ أنها تتطلب ذلك.

[21] "هلا" كلمة يُصاح بها على الناقة حين يطرقها الفحل لتستكين لما يفعله بها، والأذلغي الفيشل: الذَّكَر الضخم، وفي البيت الثالث يتَّهِمها باستيلاء الغلمة والاهتياج عليها.

[22] شعر النابغة الجعدي/ 59.

[23] السابق/ 69 و73 وما بعدها، حيث لا وجود له في المكان الذي كان يحتله في الرواية الأولى.

[24] ص/ 35، 61، مع إبدال "عوجا" بـ"غُضَّا" في الرواية الثانية.

[25] العصر الإسلامي/ 102.

[26] الأغاني/ 4/ 138.

[27] العمدة/ تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد/ المكتبة التجارية الكبرى/ 1374هـ - 1955م/ 1/ 106، وانظر أيضًا "خزانة الأدب"/ 3/ 33.

[28] انظر في ترجمة النابغة وأخباره: السجستاني/ المعمرون والوصايا/ 81، 83، وابن قتيبة/ الشعر والشعراء/ تحقيق أحمد شاكر/ دار المعارف/ 1/ 298 وما بعدها، وابن سلام/ طبقات فحول الشعراء/ تحقيق محمود شاكر/ مطبعة المدني/ القاهرة/ 1/ 123 وما بعدها، والأغاني/ 4/ 126 وما بعدها، والمرزباني/ الموشح/ تحقيق علي محمد البجاوي/ دار نهضة مصر/ القاهرة/ 1965م/ 89 وما بعدها، و"معجم الشعراء" له أيضًا، وأمالي المرتضى/ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم/ عيسى البابي الحلبي/ ط1/ 1373هـ - 1954م/ 263 وما بعدها، وجرجي زيدان/ تاريخ آداب اللغة العربية/ 1/ 155، والإسكندري وعناني/ الوسيط في الأدب العربي وتاريخه/ 164 وما بعدها، ود. شوقي ضيف/ العصر الإسلامي/ 100 وما بعدها، ود. يحيى الجبوري/ شعر المخضرمين وأثر الإسلام فيه/ 227 وما بعدها، وحنا الفاخورري/ تاريخ الأدب العربي/ المطبعة البولسية/ 241 - 242، وبلاشير/ تاريخ الأدب العربي/ ترجمة د. إبراهيم كيلاني/ 562 - 565، ود. عمر فروخ/ تاريخ الأدب العربي/ 1/ 342 - 344، والمقدمة التي كتبها محقق "شعر النابغة"، وقد وقع في يدي بعد أن انتهيت من هذه الدراسة كتاب د. خليل إبراهيم أبو ذياب/ النابغة الجعدي - حياته وشعره. وقد تناول فيه حياة النابغة وشخصيته (ص 97 - 166).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.12 كيلو بايت... تم توفير 1.70 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]