|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() المصدر المؤول د. طه محمد الجندي بحث في التركيب والدلالة (13) السبب السادس للتحويل إلى المصدر المؤول: ما يُفيد المصدر المؤول في بعض صوره من تقْوِية المعنى، وتوكيد مضمونه وتثْبيته، ويكون ذلك حال استعمال العنصر المصدري (أنَّ) المشددة أو المُخفَّفة عنها، يؤكِّد ذلك ما جاء في الأشباه والنظائر: "إنما دخَلت (إن) على الكلام للتوكيد...، وهكذا (أنَّ) المفتوحة؛ إذ لولا إرادة التوكيد، لقلتَ - مكان قولك: بلغَني أنَّ زيدًا مُنطلق -: بلغني انطلاقُ زيدٍ"[1]، ولا يَحتاج النص إلى مزيدٍ من الإيضاح؛ فقد ذكرَ صراحة أنَّ إرادة التوكيد في المصدر المؤول من (أن) هي العلَّة في إيثاره التراكيب الوارد فيها، ولنتأمَّل قوله تعالى: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 47]. فالعنصر المصدري المحوَّل، مركَّب من الأداة (أنَّ) + مسند إليه مورفيم ياء المتكلم + المسند، وهو مكوَّن بدوره من عمليَّة إسناديَّة مركَّبة من المسند الفعل (فضل)، والمسند إليه (فاعل) هو مورفيم تاء المتكلم + ركن الفضْلة ضمير المخاطبين (كم)، وقد وقَع هذا التركيب معطوفًا على المفعول به (نعمتي)، والبِنْية التحتيَّة له هي بِنْية إفراديَّة فسَّرها الزمخشري بقوله: "﴿ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ ﴾ نُصِب عطفًا على نِعمتي؛ أي: اذكُروا نعمتي وتفضيلي"[2]، ثم أُجْرِيت عليه عدة عمليَّات تحويليَّة، حتى انتهى إلى ما هو عليه في البنية السطحيَّة، ويُمكننا أن نذكرَ تلك العمليات في الآتي: 1- تحويل بالزيادة؛ حيث تَمَّ إدخال مورفيم التوكيد (أن)؛ نظرًا لخُلوِّ المعنى العميق من عناصر التوكيد، ثم أُريد توكيد هذا الركن، فزِيدَ العنصر المصدري (أن) لذلك، فصار التركيب مُقدَّرًا هكذا: اذكُروا نعمتي وأن تفضيلي. 2- تحويل موقعي وظيفي، وذلك بتغيير وظيفة المضاف إليه (ياء المتكلم)؛ لتكون في موقع المسند إليه (اسم أنَّ)، وتقديم هذا العنصر اللغوي إنما يكون للعناية والاهتمام، فالعنصر الذي يُعنى به هو العنصر المقدَّم، فصار التركيب مُقدَّرًا هكذا: "أنِّي تفضيل". ثم إنه لَمَّا كان عنصر المسند (اسم حدث)، وأسماء الأحداث لا تقع في تلك الوظيفة، إلاَّ في مواطن خاصة، فقد تَمَّ تحويله تحويلاً مورفولوجيًّا إلى لفظ يَصِح إسناده إلى المسند إليه، ويكون ذلك وَفْق كثيرٍ من الاختيارات الملائمة للمعنى المراد؛ إذ يُمكن تحويله إلى فعلٍ ماضٍ - كما في الآية - أو مضارع، فيقال: أني أُفضِّلكم، أو اسم فاعل، فيكون: أني مُفضِّلكم، وغير ذلك من الصِّيَغ المُتعدِّدة، التي يُمكن أن تَشغل هذا الموقع بصورة عامَّة؛ كاسم المفعول، وصِيَغ المبالغة، والصفة المُشبَّهة، واسم التفضيل، ولا شكَّ أنَّ كلَّ صيغة من ذلك، سوف تُضفي معنًى دلاليًّا خاصًّا بها؛ من مبالغةٍ، أو دوامٍ وثبوتٍ، أو تفضيلٍ، وكلها صورٌ سوف تُضفي على المصدر المؤول ظلالاً دلاليَّة، لا تكون في المصدر الصريح. [1] السيوطي؛ الأشباه والنظائر، (1/ 29). [2] الزمخشري؛ الكشاف، (1/ 135).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |