فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 139 - عددالزوار : 1222 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 21828 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 20446 )           »          حياة البرزخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 81 )           »          مذاهب العلماء في نفقة الزوجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 91 )           »          سعي المرأة لطلب الرزق بين الوجوب وعدمه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 80 )           »          الغُمة الشعورية الكئيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          التفسير بالعموم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 80 )           »          فشكر الله له فغفر له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          وتعاونوا على البر والتقوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 88 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-10-2022, 10:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,362
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ النساء
المجلد الخامس
الحلقة( 208)

من صــ 431 الى صـ 440



فصل:
فإن قيل: إذا كانت الطاعات والمعاصي مقدرة، والنعم والمصائب مقدرة. فلم فرق بين الحسنات، التي هي النعم، والسيئات، التي هي المصائب؟ فجعل هذه من الله، وهذه من نفس الإنسان؟. قيل: لفروق بينهما:

" الفرق الأول ": أن نعم الله وإحسانه إلى عباده يقع ابتداء بلا سبب منهم أصلا. فهو ينعم بالعافية والرزق والنصر، وغير ذلك على من لم يعمل خيرا قط. وينشئ للجنة خلقا يسكنهم فضول الجنة. وقد خلقهم في الآخرة لم يعملوا خيرا. ويدخل أطفال المؤمنين ومجانينهم الجنة برحمته بلا عمل. وأما العقاب: فلا يعاقب أحدا إلا بعمله. " الفرق الثاني ": أن الذي يعمل الحسنات. إذا عملها، فنفس عمله الحسنات: هو من إحسان الله، وبفضله عليه بالهداية والإيمان، كما قال أهل الجنة {الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}.

وفي الحديث الصحيح {يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها. فمن وجد خيرا فليحمد الله. ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه}. فنفس خلق الله لهم أحياء، وجعله لهم السمع والأبصار والأفئدة: هو من نعمته ونفس إرسال الرسول إليهم، وتبليغه البلاغ المبين الذي اهتدوا به: هو من نعمته. وإلهامهم الإيمان، وهدايتهم إليه، وتخصيصهم بمزيد نعمة حصل لهم بها الإيمان دون الكافرين: هو من نعمته. كما قال تعالى {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون} {فضلا من الله ونعمة}. فجميع ما يتقلب فيه العالم من خيري الدنيا والآخرة:
هو نعمة محضة منه بلا سبب سابق يوجب لهم حقا. ولا حول ولا قوة لهم من أنفسهم إلا به. وهو خالق نفوسهم، وخالق أعمالها الصالحة، وخالق الجزاء. فقوله {ما أصابك من حسنة فمن الله} حق من كل وجه، ظاهرا وباطنا على مذهب أهل السنة. وأما " السيئة " فلا تكون إلا بذنب العبد. وذنبه من نفسه. وهو لم يقل: إني لم أقدر ذلك ولم أخلقه. بل ذكر للناس ما ينفعهم.
فصل:
فإذا تدبر العبد علم أن ما هو فيه من الحسنات من فضل الله، فشكر الله، فزاده الله من فضله عملا صالحا، ونعما يفيضها عليه.
وإذا علم أن الشر لا يحصل له إلا من نفسه بذنوبه: استغفر وتاب. فزال عنه سبب الشر. فيكون العبد دائما شاكرا مستغفرا. فلا يزال الخير يتضاعف له، والشر يندفع عنه. كما {كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته الحمد لله فيشكر الله. ثم يقول نستعينه ونستغفره نستعينه على الطاعة. ونستغفره من المعصية. ثم يقول ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا} فيستعيذ به من الشر الذي في النفس، ومن عقوبة عمله. فليس الشر إلا من نفسه ومن عمل نفسه.

فيستعيذ الله من شر النفس: أن يعمل بسبب سيئاته الخطايا. ثم إذا عمل استعاذ بالله من سيئات عمله، ومن عقوبات عمله. فاستعانه على الطاعة وأسبابها. واستعاذ به من المعصية وعقابها. فعلم العبد بأن ما أصابه من حسنة فمن الله، وما أصابه من سيئة فمن نفسه: يوجب له هذا وهذا. فهو سبحانه فرق بينهما هنا، بعد أن جمع بينهما في قوله {قل كل من عند الله}. فبين أن الحسنات والسيئات: النعم والمصائب، والطاعات والمعاصي، على قول من أدخلها في " من عند الله ". ثم بين الفرق الذي ينتفعون به. وهو أن هذا الخير: من نعمة الله، فاشكروه يزدكم. وهذا الشر: من ذنوبكم. فاستغفروه، يدفعه عنكم. قال الله تعالى {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} وقال تعالى {الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} {ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير} {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله}.

والمذنب إذا استغفر ربه من ذنبه فقد تأسى بالسعداء من الأنبياء والمؤمنين، كآدم وغيره. وإذا أصر، واحتج بالقدر: فقد تأسى بالأشقياء، كإبليس ومن اتبعه من الغاوين. فكان من ذكره: أن السيئة من نفس الإنسان بذنوبه، بعد أن ذكر: أن الجميع من عند الله، تنبيها على الاستغفار والتوبة، والاستعاذة بالله من شر نفسه وسيئات عمله. والدعاء بذلك في الصباح والمساء، وعند المنام، كما {أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أبا بكر الصديق، أفضل الأمة، حيث علمه أن يقول اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءا، أو أجره إلى مسلم}. فيستغفر مما مضى. ويستعيذ مما يستقبل. فيكون من حزب السعداء. وإذا علم أن الحسنة من الله - الجزاء والعمل - سأله أن يعينه على فعل الحسنات. بقوله {إياك نعبد وإياك نستعين} وبقوله {اهدنا الصراط المستقيم} وقوله {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا} ونحو ذلك. وأما إذا أخبر أن الجميع من عند الله فقط، ولم يذكر الفرق فإنه يحصل من هذا التسوية.
فأعرض العاصي والمذنب عن ذم نفسه وعن التوبة من ذنوبها، والاستعاذة من شرها. بل وقام في نفسه: أن يحتج على الله بالقدر. وتلك حجة داحضة، لا تنفعه. بل تزيده عذابا وشقاء، كما زادت إبليس لما قال {فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم} وقال {رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين}. وكالذين يقولون يوم القيامة {لو أن الله هداني لكنت من المتقين} وكالذين قالوا {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء}. فمن احتج بالقدر على ما فعله من ذنوبه، وأعرض عما أمر الله به، من التوبة والاستغفار، والاستعانة بالله، والاستعاذة به، واستهدائه: كان من أخسر الناس في الدنيا والآخرة. فهذا من فوائد ذكر الفرق بين الجمع.
فصل:
الفرق الثالث: أن الحسنة يضاعفها الله وينميها، ويثيب على الهم بها. والسيئة لا يضاعفها، ولا يؤاخذ على الهم بها فيعطي صاحب الحسنة: من الحسنات فوق ما عمل. وصاحب السيئة: لا يجزيه إلا بقدر عمله. قال تعالى {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون}. الفرق الرابع: أن الحسنة مضافة إليه، لأنه أحسن بها من كل وجه، كما تقدم. فما من وجه من وجوهها: إلا وهو يقتضي الإضافة إليه.
وأما السيئة: فهو إنما يخلقها بحكمة. وهي باعتبار تلك الحكمة من إحسانه. فإن الرب لا يفعل سيئة قط. بل فعله كله حسن وحسنات. وفعله كله خير. ولهذا {كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعاء الاستفتاح والخير بيديك. والشر ليس إليك} فإنه لا يخلق شرا محضا. بل كل ما يخلقه: ففيه حكمة، هو باعتبارها خير. ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس.

وهو شر جزئي إضافي. فأما شر كلي، أو شر مطلق: فالرب منزه عنه. وهذا هو الشر الذي ليس إليه. وأما الشر الجزئي الإضافي: فهو خير باعتبار حكمته. ولهذا لا يضاف الشر إليه مفردا قط. بل إما أن يدخل في عموم المخلوقات، كقوله {وخلق كل شيء}. وإما أن يضاف إلى السبب كقوله {من شر ما خلق}. وإما أن يحذف فاعله، كقول الجن {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا}. وهذا الموضع ضل فيه فريقان من الناس الخائضين في القدر بالباطل:

فرقة كذبت بهذا، وقالت: إنه لا يخلق أفعال العباد، ولا يشاء كل ما يكون. لأن الذنوب قبيحة، وهو لا يفعل القبيح. وإرادتها قبيحة، وهو لا يريد القبيح. وفرقة: لما رأت أنه خالق هذا كله ولم تؤمن أنه خلق هذا لحكمة بل قالت: إذا كان يخلق هذا: فيجوز أن يخلق كل شر، ولا يخلق شيئا لحكمة. وما ثم فعل تنزه عنه. بل كل ما كان ممكنا جاز أن يفعله. وجوزوا: أن يأمر بكل كفر ومعصية. وينهى عن كل إيمان وطاعة، وصدق وعدل.
وأن يعذب الأنبياء، وينعم الفراعنة والمشركين وغير ذلك. ولم يفرقوا بين مفعول ومفعول. وهذا منكر من القول وزور، كالأول. قال تعالى {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} وقال تعالى {أفنجعل المسلمين كالمجرمين} {ما لكم كيف تحكمون} وقال تعالى {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} ونحو ذلك مما يوجب أنه يفرق بين الحسنات والسيئات، وبين المحسن والمسيء. وأن من جوز عليه التسوية بينهما: فقد أتى بقول منكر، وزور ينكر عليه. وليس إذا خلق ما يتأذى به بعض الحيوان: لا يكون فيه حكمة. بل فيه من الحكمة والرحمة ما يخفى على بعضهم مما لا يقدر قدره إلا الله. وليس إذا وقع في المخلوقات ما هو شر جزئي بالإضافة: يكون شرا كليا عاما. بل الأمور العامة الكلية: لا تكون إلا خيرا ومصلحة للعباد. كالمطر العام وكإرسال رسول عام. وهذا مما يقتضي: أنه لا يجوز أن يؤيد الله كذابا عليه بالمعجزات التي أيد بها أنبياءه الصادقين. فإن هذا شر عام للناس، يضلهم ويفسد عليهم دينهم ودنياهم وآخرتهم. وليس هذا كالملك الظالم، والعدو. فإن الملك الظالم: لا بد أن يدفع الله به من الشر أكثر من ظلمه.

وقد قيل: ستون سنة بإمام ظالم: خير من ليلة واحدة بلا إمام. وإذا قدر كثرة ظلمه: فذاك ضرر في الدين، كالمصائب تكون كفارة لذنوبهم ويثابون عليها، ويرجعون فيها إلى الله، ويستغفرونه ويتوبون إليه. وكذلك ما يسلط عليهم من العدو. وأما من يكذب على الله، ويقول - أي يدعي - أنه نبي: فلو أيده الله تأييد الصادق: للزم أن يسوي بينه وبين الصادق. فيستوي الهدى والضلال، والخير والشر، وطريق الجنة وطريق النار. ويرتفع التمييز بين هذا وهذا.
وهذا مما يوجب الفساد العام للناس في دينهم ودنياهم وآخرتهم. ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال من يقاتل على الدين الفاسد من أهل البدع، كالخوارج. وأمر بالصبر على جور الأئمة. ونهى عن قتالهم والخروج عليهم. ولهذا قد يمكن الله كثيرا من الملوك الظالمين مدة. وأما المتنبئون الكذابون: فلا يطيل تمكينهم. بل لا بد أن يهلكهم. لأن فسادهم عام في الدين والدنيا والآخرة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 108.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 106.94 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.57%)]