|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الشَّاعِرُ الأُمَويُّ جَمِيلُ بُثَينَةَ (ت 82هـ) د. سعد الدين إبراهيم المصطفى وَلَقَد عانَى جَمِيلُ بُثينةَ مِن الهَجرِ واللَّوعَةِ، فَلا يَدنُو مِن مَحبُوبتِهِ إِلَّا بِاحتِياطٍ وَحَذَرٍ، بَل إذا هُوَ يَرَى دُونَها صِعاباً أيَّ صِعابٍ، فَيَتَحَوَّلُ إِلَى نَفسِهِ يَشكُو مَا أَصَابَهُ مِن تَبَارِيحِ الهَوَى وَأَلمِ الفِراقِ وَأَوصَابِهِ شَكوَى تَشُفُّ عَن جِراحَاتِهِ وَعَذَابَاتِهِ فِي ذلِك الحُبِّ المَجنُونِ، وهِيَ شَكَوى يَضرَعُ فِيهَا أَحيَاناً إلَى اللهِ أنْ يَجمَعَهُ بِها وتَتَلطَّفُ بِهِ وتَتَعَطَّفُ علَيهِ، فقالَ: إلَى اللهِ أشكُو لا إلَى النَّاسِ حُبَّها ![]() ولا بُدَّ مِن شَكوَى حَبِيبٍ يُرَوِّعُ ![]() ألا تَتَّقِينَ اللهَ فِيمَنْ قَتَلْتِهِ ![]() فَأَمسَى إلَيكُمْ خاشِعاً يَتَضَرَّعُ ![]() فَيَا رَبِّ حَبِّبْنِي إلَيها وأَعطِنِي ال ![]() موَدَّةَ مِنها أَنتَ تُعطِي وتَمنَعُ[9] ![]() وقالَ خَلِيلِي: إنَّ ذا لَصَبَابَةٌ ![]() أَلا تَزجُرُ القَلبَ اللَّجُوجَ، فَيَلحَقُ ![]() وكَانَتْ تَظهَرُ علَى جميلٍ إماراتُ الشَّوقِ والهَوَى وَالوَجدِ والهُيامِ والوَلَهِ والتَّيمِ والشَّغَفِ والعِشقِ والكَلَفِ بِسَببِ حِرمَانِهِ مِن رُؤيَةِ المَحبُوبةِ، وَكَانَ يَقنَعُ بِرُؤيتِها فَتَهدَأُ نَفسُهُ، وَتَرتَاحُ أَفكَارُهُ، وَيَسَعَدُ فِي يَومِهِ، وَتَظهَرُ علَيهِ علامَاتُ الرِّضا والقَناعةِ، وَذلِكَ مِن النَّظرةِ الخَاطفةِ، وَالالتِفَاتَةِ العَابرةِ، بِالرُّغمِ مِن أنَّهُ يُقدِّمُ لهذا الحُبِّ كُلَّ غالٍ وَنَفِيسٍ، وَدَائِماً يَتَخَيَّلُ مُحاوَرةً بَينَهُ وَبَينَ صَاحِبِهِ لِيُسَلِيَ قَلبَهُ المَحزُونَ، فَقَالَ: تَعزَّ، وإنْ كانَتْ علَيكَ كَرِيمَةٌ ![]() لَعَلَّكَ مِن رِقٍّ، لِبَثنَةَ، تَعتِقُ ![]() فَقُلْتُ لَهُ: إنَّ البِعادَ لَشَائِقِي ![]() وَبَعضُ بِعادِ البَينِ، والنَّأيُ أشوَقُ ![]() وَيُنادِي المَحبُوبةَ نِداءً حارَّاً مِن سُوَيدَاءِ القَلبِ عَلَّها تَذكُرُ أَيَّامَهُ الجَمِيلَةَ مَعَهُ، وَتُعِيدُ تِلكَ الذِّكرَيَاتِ بِلَونٍ جَدِيدٍ لا يَبلَى، وَتَكُونُ لَهُ خَيرَ مُحِبٍّ، وَفيَّةً فِي وُعُودِهَا، مُحَافِظَةً علَى عُهُودِها، وَأَلَا تَبتَعِدَ عَنهُ مَهمَا كَانَتِ الأَقدَارُ بَينَهُما، فَقَالَ: أَبَثنَةُ لِلوَصلِ الَّذِي كَانَ بَينَنا ![]() نَضَا مِثلَما يَنضُو الخِضَابُ فَيَخلُقُ ![]() أبَثنَةُ، ما تَنأَيْنَ إلَّا كأنَّنِي ![]() بِنَجمِ الثُّرَيَّا، ما نَأَيْتُ، مُعَلَّقُ ![]() وَكَانَ جَمِيلٌ شَاعِراً مِن شُعراءِ الحُبِّ العُذرِيُّ دائِمَ العَطاءِ، يَذُوبُ فِي عَطائِهِ، ويتَّحِدُ فِي قِيَمِهِ الإنسانيَّةِ، فَهَوَ يبذُلُ أعلَى دَرَجاتِ التَّضحِيَةِ والمُكابَدةِ مِن أَجلِ الرُّوحِ، فَالحُبُّ عِندَهُ جِهادُ نَفْسٍ، وحِكمَةُ مُعَمَّرٍ، وقِصةُ حاضِرٍ، مَلِيءٍ بِالأَحزَانِ حِينَاً، و بِالأَفراحِ آخرَ، فَهُوَ دَائِمُ الذِّكرِ لِلحَبِيبةِ، وَيَتَمَنَّى أَنْ تَدُومَ مَودَّتُها، ولا تَنقَطِعَ، فَيَتَبادَلانِ كُؤُوسَ الشَّوقِ وَالمحبَّةِ، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ: يَقُولُونَ جَاهِدْ يا جَميلُ بِغزوةٍ ![]() وأيُّ جِهادٍ غَيرَهُنَّ أُرِيدُ ![]() لِكُلِّ حَدِيثٍ بَينَهُنَّ بَشَاشَةٌ ![]() وكُلُّ قَتِيلٍ عِندَهُنَّ شَهِيدُ ![]() فَمَا ذُكِرَ الخُلَّانُ إلَّا ذَكَرْتُهُا ![]() ولا البُخلُ إلَّا قُلْتُ: سوفَ تَجُودُ ![]() فَهَلْ أَلقَيَنْ فَرداً بُثَينَةَ لَيلَةً ![]() تَجُودُ لَنَا مِنْ وُدِّهَا فَنَجُودُ[10] ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |