شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 96 - عددالزوار : 51487 )           »          إعانة الفقيه بتيسير مسائل ابن قاسم وشروحه وحواشيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 49 - عددالزوار : 14437 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 221 - عددالزوار : 68822 )           »          انحراف الفكر مجلبة لسوء العمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق الصحفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الهداية والعقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          حقوق غير المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مواقيت الصلوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 295 )           »          الاستصناع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          تخريج حديث: إذا أراد أحدكم أن يتبول فليرتد لبوله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-08-2022, 08:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(456)

- (باب الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت) إلى (باب الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر)



من توفي عنها زوجها وجب عليها العدة أربعة أشهر وعشراً فيما إذا لم تكن حاملاً، ويجب عليها الإحداد في هذه العدة، وهي ترك الزينة والتجمل، فلا تكتحل، ولا تختضب، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً بالعصفر ونحوه لحق الزوج.

الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت


شرح أثر ابن عباس: (نسخت هذه الآية عدتها في أهلها فتعتد حيث شاءت ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت.أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يزيد حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح قال: عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: نسخت هذه الآية عدتها في أهلها فتعتد حيث شاءت، وهو قول الله عز وجل: غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240] ].
يقول النسائي رحمه الله: الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت، سبق أن مر أن المتوفى عنها زوجها تعتد وتمكث في بيت زوجها مدة العدة، وقد سبق الحديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه أمر المرأة المتوفى عنها زوجها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، أي: حتى تصل إلى نهاية العدة، ثم أورد النسائي بعد ذلك هذه الترجمة وهي: الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت، يعني: سواء في بيت زوجها أو في غير ذلك، وأن الأمر يرجع إليها، وقد أورد في ذلك أثراً عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو أن هذه الآية نسخت اعتداد المرأة في أهلها، وذلك في قوله الله عز وجل: غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240] ومقصوده من هذا ما بعد هذه الجملة وهي قول الله عز وجل: فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ [البقرة:240] يعني: أنهن إن خرجن فلهن ذلك، وبعض أهل العلم قال: إن المقصود من هذا الذي جاء في الآية وهو الترخيص لها في أن تخرج هو ما زاد على أربعة أشهر وعشر؛ لأن الآية جاءت في ذكر الحول وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ [البقرة:240] أي: أنهن يتربصن ويمكثن، أو أنه أوصاهن أن يبقين هذه المدة وأن الأمر يرجع إليهن في الخروج، قال: فمدة الأربعة الأشهر والعشر هذه تمكثها وليس لها الخيار كما جاءت بذلك السنة، وما زاد على ذلك فإن هذا إليها، إذا أرادت أن تخرج فلها ذلك، إن أخذت بالوصية أخذت، وإن لم تأخذ فإن لها أن تخرج وأن تسكن حيث شاءت.
والنسائي رحمه الله أطلق الترجمة، ويفهم منه أن الأمر يرجع إليها مطلقاً في مدة العدة كلها، مدة الأربعة الأشهر، وبعض أهل العلم يقول: إن الأربعة الأشهر والعشر هذه ليس لها الخيار، بل تمكث في بيت زوجها، وما زاد على ذلك إذا خرجت فلا جناح عليها، هذا هو الذي تقتضيه هذه الآية، وهي منسوخة في حق الحول، ولكن بالنسبة للمدة أربعة أشهر وعشر وهي الآية التي قبلها فإنها نسختها، وهي أنها تعتد أربعة أشهر وعشراً ولا تعتد حولاً، ولكن من حيث الوصية في السكنى، فإن الواجب هو سكناها أربعة أشهر وعشر، وما زاد على ذلك إن خرجت فلا جناح عليها.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (نسخت هذه الآية عدتها في أهلها فتعتد حيث شاءت ...)


قوله: [أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ].هو المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[ عن يزيد ].
هو ابن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ورقاء ].
هو ورقاء بن عمر اليشكري، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي نجيح ].
هو عبد الله، وهو ثقة، ربما دلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وابن أبي نجيح بالفتح، أي: ضبط القلم فقط، لكن في ترجمته ما ضبط بالحروف.
[ عن عطاء ].
هو ابن أبي رباح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو، وهو أحد السبعة المشهورين والمعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


عدة المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر


شرح حديث فريعة: (...امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشراً حتى يبلغ الكتاب أجله)


قال المصنف رحمه الله: [ عدة المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر.أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن سعد بن إسحاق حدثتني زينب بنت كعب حدثتني فريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري قالت: ( توفي زوجي بالقدوم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن دارنا شاسعة فأذن لها، ثم دعاها فقال: امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشراً حتى يبلغ الكتاب أجله ) ].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: عدة المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر.
مقتضى هذه الترجمة، أنها تبدأ بالعدة من حين مجيء الخبر إليها، لكن ليس في الحديث الذي أورده دلالة على هذا، وإنما العدة تبدأ من حين الوفاة، سواء بلغها الخبر أو ما بلغها الخبر، وإذا بلغها الخبر فإنها تحد المدة الباقية إلى نهاية الأربعة أشهر وعشر أو إلى وضع الحمل، ولو لم يأتها الخبر إلا بعد انتهاء العدة، فإنه لا تعتد شيئاً وراء ذلك، بل لو بلغها الخبر بعد مضي أربعة أشهر وعشر، فإنها قد انقضت عدتها، ولا تبدأ بعدة جديدة من حين وصول الخبر إليها، لأنه ليس هناك شيء يقتضيه، والمقصود من ذلك تربص أربعة أشهر وعشراً بعد الوفاة، وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] فالتربص إنما هو امتناع عن الزواج، وامتناع عن الزينة مدة العدة حتى يبلغ الكتاب أجله، وهو مضي أربعة أشهر وعشر إن كانت غير حامل، ووضع الحمل إن كانت حاملاً، وعلى هذا فليس هناك دليل يدل على أن الحساب بالنسبة للعدة يبدأ من حين بلوغ الخبر، بل العدة تبدأ من الوفاة، وإذا بلغ الخبر من أول الأمر فكل هذه المدة إحداد مع التربص، وإذا لم يبلغ إلا في أثنائها، فإنها تحد فيما بقي، وإذا بلغ الكتاب أجله الذي هو أربعة أشهر وعشر إن كانت غير حامل، فإنها تكون قد انقضت عدتها، وإن كان الخبر لم يبلغها إلا بعد انقضاء العدة ولا يلزمها أن تمكث أربعة أشهر وعشراً أخرى بعد وفاته على اعتبار أنه مضت أربعة أشهر وعشراً وهو ما بلغها الخبر، فليس هناك شيء يدل على هذا، والحديث الذي أورده النسائي هنا لا يدل على هذه الترجمة.
والحديث الذي أورده حديث فريعة أن زوجها توفي بالقدوم وأنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، فكانت تستأذن أن تخرج من بيتها، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرها بأن تعتد في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، فليس فيه دلالة أنها تعتد من حين بلوغ الخبر، بل العدة تبدأ من الوفاة، بلغ الخبر لها ووصلها في وقت مبكر أو تأخر مدة من العدة أو بعد العدة كلها، فإن العدة هي أربعة أشهر وعشر من حين الوفاة وليست من حين بلوغ الخبر.

تراجم رجال إسناد حديث فريعة: (... امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشراً حتى يبلغ الكتاب أجله)


قوله: [ أخبرنا إسحاق بن منصور ].هو إسحاق بن منصور الكوسج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[ عن عبد الرحمن ].
هو ابن مهدي البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعد بن إسحاق ].
هو سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ عن زينب بنت كعب ].
هي زينب بنت كعب بن عجرة، وهي مقبولة، أخرج حديثها أصحاب السنن الأربعة.
[ عن فريعة بنت مالك ].
صحابية، أخرج حديثها أصحاب السنن الأربعة.


ترك الزينة للحادة المسلمة دون اليهودية والنصرانية


شرح حديث زينب بنت أبي سلمة: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت...)


قال المصنف رحمه الله: [ ترك الزينة للحادة المسلمة دون اليهودية والنصرانية.أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له أنبأنا ابن القاسم عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة، قالت زينب : ( دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب فدعت أم حبيبة بطيب فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ) ].
[ قالت زينب: ( ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، وقد دعت بطيب ومست منه ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ترك الزينة للحادة المسلمة غير اليهودية والنصرانية، هذه الترجمة المقصود بها هو أن الزوجة المسلمة المتوفى عنها زوجها تبتعد عن الزينة، وهذا هو الإحداد؛ لأن الإحداد هو ترك الزينة مدة العدة، وقال: غير اليهودية والنصرانية، فإنها ليست كالمسلمة وأن لها أن تتزين؛ لأن الحديث جاء فيه ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، وقد سبق أن مر أن الكتابية، أو الذمية يسقط عنها الإحداد، وقد عرفنا فيما مضى أنه ليس هناك دليل يدل على سقوط الإحداد عن الذمية، لأن قوله عليه الصلاة والسلام: تؤمن بالله واليوم الآخر أو تؤمن بالله ورسوله، هذا إشارة إلى أن المسلم هو الذي يبادر وهو الذي ينفذ، لكن لا يعني ذلك، أن غير المسلم لا يخاطب بالأحكام والفروع، فالكفار مخاطبون بفروع الشريعة على القول الصحيح، أي: أنهم مخاطبون بالأصول والفروع، لكن إتيانهم بالفروع مطلوب منهم أن يأتوا قبله بالأصول، وأن يأتوا معه بالأصول، لكن لو فعلوا الأمور التي هي فروع كالصلاة وغيرها فإنها لا تقبل منهم؛ لأنه لا بد أن يسبقها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفائدة كونهم مكلفين بالفروع مع أنهم لا يثابون عليها لو فعلوها -لأنه لا بد أن يسبقها الإسلام- أنهم يعاقبون على ترك الأصول وعلى ترك الفروع، فيكون لهم زيادة في العذاب على ترك الفروع مع تركهم للأصول، ولهذا فالكفار يتفاوتون في الشر، وبعضهم أشد من بعض، وأسوأ من بعض، كما أن المؤمنين يتفاوتون في الإيمان، وبعضهم أعلى من بعض درجة، فهؤلاء يتفاوتون في الكفر، ويتفاوتون في الشر، وبعضهم أسفل من بعض وبعضهم أنزل من بعض، والكفر دركات بعضه أحط من بعض وأسوأ من بعض، ولهذا يقول الله عز وجل: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ [النحل:88] ولهذا فالذي هو كافر ولا يؤذي المسلمين أهون وأخف من الكافر الذي يلحق الأذى بالمسلمين، فهذا يعاقب على كفره وعلى إيذائه، وهذا يعاقب على كفره، كما أن الإيمان درجات بعضه أعلى من بعض، والمؤمنون بعضهم أعلى من بعض في الدرجات وفي الإيمان، وفي ثمرات الإيمان وفي نتائجه في الدار الآخرة، والكفار متفاوتون في ذلك في الدنيا والآخرة.
وعلى هذا فهذا الذي ذكره النسائي في هذه الترجمة كالذي ذكره في الترجمة السابقة في سقوط الإحداد، وليس هناك دليل واضح يدل على هذا إلا ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، وهذا لا يعني: أن الكتابية لا تحد على زوجها، وإنما ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر لأن المؤمن هو الذي يمتثل، وهو الذي يرجو الثواب ويخشى العقاب، فذكر الإيمان بالله واليوم الآخر يدفعه إلى أن يمتثل ما أمر به وينتهي عما نهي عنه، ولكن لا يعني ذلك أن هذه الأحكام لا تجري على الكفار وعلى الزوجة الذمية التي زوجها مسلم بحيث لا تحد عليه، بل تحد عليه، والكفار مخاطبون بفروع الشريعة كما ذكرت على القول الراجح من قولي أهل العلم في المسألة، كما أنهم مخاطبون بالأصول، لكن لا تنفعهم الفروع إذا عملوها وهم لم يأتوا بالأصول؛ لأن الله تعالى يقول: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً [الفرقان:23]، فلا بد من فعل الأصول ولا بد من فعل الفروع، ولكن فعل الفروع وحدها لا ينفع عند الله عز وجل؛ لأن من شرط قبول العمل الصالح للكافر أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
وأم حبيبة رضي الله عنها لما توفي أبوها دعت بطيب وطيبت جارية ومست على عارضيها، يعني: جانبي خدها، وقالت: إنها ليس لها بالطيب من حاجة، يعني: ما قصدها أن تتطيب، ولكن تريد أن تنفذ أو تريد ألا تمسك عن الطيب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج ).
ثم كما ذكرت ذكر الثلاث لا يعني أن الإحداد ثلاثة أيام أمر مطلوب وأنه لا بد منه، بل هذا بيان للغاية التي لا يجوز تجاوزها، ولو وجد الإحداد قبل ذلك ما هناك شيء يمنع منه، وإنما هو بيان للغاية التي لا يجوز تجاوزها، ولهذا قال: لا يحد فوق ثلاث، أي: أن الثلاث ليست متعينة، ولكن المتعين عدم تجاوزها، فهي أرادت أن تبين أنها لا تفعل كما تفعل الحادة التي توفي عنها زوجها، بل تتطيب.
ثم التطيب بعد ثلاث في حق التي مات عنها ميت غير الزوج، ليس مأموراً به أنها تتطيب بعد الثلاث، ولكن المقصود منها أنها لا تقصد الإحداد هذه المدة؛ لأن الطيب قد لا يكون موجوداً عندها بعد ثلاث، فليست مكلفة بأن تبحث عن طيب وتتطيب بعد ثلاث، ولكن المقصود منها أنها تعزم وتنوي أنها لا تزيد على هذه المدة التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الإحداد على غير الزوج.
قوله: [ قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها ].
هذا هو الحديث الثاني من الأحاديث الثلاثة؛ لأنه في أول الحديث قال حميد: حدثتني بالأحاديث الثلاثة، ثم بعدها بالأول فقال: قالت زينب، ثم قال: وقالت زينب، ثم بعد ذلك قال: وقالت زينب، فهي ثلاثة أحاديث إسنادها واحد، أحدها يتعلق بـأم حبيبة، والثاني يتعلق بـزينب بنت جحش، والثالث يتعلق بـأم سلمة.
وهو مثل الذي قبله، فالأول عمل أم حبيبة وهذا عمل زينب بنت جحش وهما من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن وحديث زينب بنت جحش أخرجه أصحاب الكتب الستة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 176.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 174.36 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (0.97%)]