سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الكهان الجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          سُرُجُ الهداية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الجيش الصهيوني قتل 238 صحفياً فلسطينياً منذ 7 اكتوبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          عظمة التدبير بين موعد الفرج وروعة اللطف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أبناؤنا مع الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          قواطع وآفات الاستقامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          شيخ السبعين عاماً الذي كسر غرور نابليون على أسوار عكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أسد الأزهر الشريف…الشيخ جاد الحق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من ذاكرة الأمة… بطل تركستان الذي نذر دمه لله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          العمل والعمال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-09-2021, 05:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,196
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[*]

رامي حنفي محمود





تفسير الربع السابع من سورة التوبة كاملا بأسلوب بسيط


الآية 93: ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ ﴾: يعني إنما الطريق إلى المعاقبة، (والمعنى: إنما الإثم والعقاب) ﴿ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ في التخلف عن الجهاد ﴿ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ أيقادرون على الجهاد بأموالهم وأنفسهم، ومع ذلك فقد ﴿ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ من النساء وأهلالأعذار، ﴿ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ بالنفاق فلا يَدخلها إيمان، لذلك ﴿ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ سُوءَعاقبة تخلفهم عن الجهاد.


الآية 94: ﴿ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ أي يعتذر لكم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد بالأعذار الكاذبة ﴿ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ مِن غزوة "تَبُوك"، ﴿ قُلْ لهم - أيها الرسول -: ﴿ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ أي لن نُصَدِّقكم فيما تقولون، فـ ﴿ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ ﴾: أي قد أخبَرَنا اللهُ مِن أمْركم ما أكَّدَ لنا كذبكم، ﴿ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ إن كنتم تتوبون مِن نفاقكم، أو تُصِرُّون عليه، وسيُظهِرُ سبحانه للناسأعمالكم في الدنيا ﴿ ثُمَّ تُرَدُّونَ بعد مماتكم ﴿ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾: أي إلى الذي لا تَخفى عليه بَواطن أموركموظَواهرها ﴿ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ثم يُجازيكم على أعمالكم.

الآية 95: ﴿ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ كاذبينَ مُعتذرينَ ﴿ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ ﴾: أي إذا رجعتم إليهم مِن جهادكم، وسبب هذا الحَلِف الكاذب: ﴿ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ ﴾: أي لِتتركوهم ولا تعاقبوهم، ﴿ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ احتقارًا لهم، ولا تهتموا بشأنهم، ولا تُعاتبوهم على تَخلفهم، ﴿ إِنَّهُمْ رِجْسٌ ﴾: يعني إنهم خُبَثاءالبَواطن ﴿ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ من الكُفر والنفاق.


الآية 96، والآية 97: ﴿ يَحْلِفُونَ لَكُمْ كَذِبًا ﴿ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ ﴿ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ - لأنكم لا تعلمون كَذِبَهم - ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾: أي فإنّ اللهَ لا يَرضى عن هؤلاء - ولا عن غيرهم - مِمّن استمرواعلى الخروج عن طاعة الله.

ولَمَّا ذَكَرَ تعالى حال مُنافِقي المدينة، ذَكَرَ هنا حال مُنافِقي البادية (الصحراء) وذلك ليُعرَفَ المنافقون جميعاً، فقال: ﴿ الْأَعْرَابُ أي مُنافِقوا الأعراب هم ﴿ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا مِن مُنافِقي أهل المُدُن، وذلك لِجَفاء الأعراب وغِلظتهم، ﴿ وَأَجْدَرُ ﴾: أي وهم أحَقّ وأقرَب ﴿ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ من الأحكام والشرائع، فقد استحقوا ذلك الجَهل لِبُعدهم عن العلم والعلماء وعن مجالس الوعظ والذِكر (عِلماً بأنهم لا يُعذَرونَ بِجَهْلِهم في ذلك، لأنّ عليهم أن يَتركوا البادية ويَنتقلوا إلى الحَضَر)، ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بحالالمنافقين جميعًا، ﴿ حَكِيمٌ في تشريعه وفي تدبير أمور عباده.

الآية 98: ﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا ﴾: يعني: مِن الأعراب مَن يَرى أنّ ما يَتصدق به أمام الناس يَعودُ عليه بالغَرامة والخُسارة، لأنه لا يرجو بصدقته ثوابًا،ولا يَدفع بها عن نفسه عقابًا، ﴿ وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ ﴾: أي ويَنتظر نزول المَصائب والبَلايا بالمسلمين لِيَتخلص منهم ومن الإنفاق لهم، ﴿ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ﴾: يعني ولكنّ الهلاك والشقاء دائرٌ عليهملا على المسلمين، ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ لِمَا يقولون ﴿ عَلِيمٌ بنِيَّاتهم الفاسدة وبِبُغضهم للمسلمين.

الآية 99: ﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وما فيه من الثوابوالعقاب ﴿ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ ﴾: يعني ويَنوي بنفقته الوصول إلى رضا اللهِتعالى، ويَجعل صدقته وسيلة للحصول على دعاء الرسول له، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه المؤمن بزكاته أو صدقته: يَدعو له بخير (واعلم أن القُرُبات: جمع قُرْبة، وهي المَنزلة المحمودة)، ﴿ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ ﴾: يعني ألاَ إنّ هذهالصدقات تُقرِّبهم إلى اللهِ تعالى، و﴿ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ أي في جنته ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لِمَافعلوا من السيئات، ﴿ رَحِيمٌ بهم.

الآية 100: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ﴾: يعني: والذين سَبَقوا الناسَ أولاً إلى الإيمان والنُصرة والجهاد ﴿ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الذين هجرواقومهم الكُفار، وانتقلوا إلى دار الإسلام، ﴿ وَالْأَنْصَارِ الذين نصروا رسول اللهصلى الله عليه وسلم على أعدائه، ﴿ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ - في العقيدةوالأقوال والأعمال وفَهم الدين -، أولئك ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بسبب طاعتهم لله ورسوله، ﴿ وَرَضُوا عَنْهُ سبحانه لِمَا أعطاهم من الثواب العظيم، ﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (ولعل نَزْع حرف الجر: (مِن) - وذلك في قوله تعالى: ﴿ تجري تَحْتَهَا ﴾ - خِلافاً لباقي مواضع القرآن الكريم: للدلالة على كثرة ماء هذه الأنهار، ولأنه سبحانه خَصَّ هذه الطائفة المذكورة في الآية بجنةٍ هي أعظم الجَنَّات ريَّاً وحُسنًا، واللهُ أعلم)، (وفي هذه الآية ثناءٌ على الصحابة رضي الله عنهم،وتَزكيةٌ لهم، ولهذا فإنّ توقيرهم من أصول الإيمان).

فَيَا مَن تسُبُّون أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، باللهِ عليكم أخبرونا: (هل تزعمون كَذِباً أن الله تعالى لم يُحسِن اختيار أصحاب نَبِيِّهِ الخاتم صلى الله عليه وسلم، معَ عِلمهِ سبحانه أنّ هؤلاء الصحابة هم الذين سيَحملون دينه - الذي ارتضاهُ للناس - ويُوصلونه لجميع الخلق إلى قيام الساعة؟!)، وقد خالفتم إجماع المسلمين - واخترعتم ديناً جديداً ما أنزل اللهُ به من سلطان - وكل ذلك بسبب اتِّباعكم لأهوائكم، وبسبب إضلال اليهود لكم، كما أضلوا النَصارَى.


ومِن لطيف ما يُذكَر أن أحد علماء المسلمين كان على مَوعد مع علماء الشيعة لِيُناظرهم، فجاء إلى المُناظرة وهو يضع حذائه تحت إبِطِه، فسألوه: (لماذا تدخل المُناظرة وأنت تحمل حذائك؟!)، فقال لهم: (لقد سمعتُ أن الشيعة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يَسرقون الأحذية)، فقالوا له: (لم يكن هناك شيعة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم)، فقال لهم: (إذَن انتهت المُناظرة، مِن أين أتيتم بدينكم ومَذهبكم؟!)، فهَدَمَ دينهم - الذي اخترعوه - بهذه الكلمة.


الآية 101: ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أيضاً منافقونَ ﴿ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ ﴾: أي اعتادوا على النفاق، وتدرَّبوا عليه.


وأنت أيها الرسول ﴿ لَا تَعْلَمُهُمْ لأنهم تَفَنَّنوا في إخفاء نفاقهم حتى صَعُبَ عليك تمييزهم مِن بين المسلمين، ولكننا ﴿ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْو﴿ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ مرة بالقتل والأسر والفضيحة في الدنيا، ومرة بعذابالقبر بعد الموت، ﴿ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ في نار جهنم يوم القيامة.

الآية 102، والآية 103: ﴿ وَآَخَرُونَ يعني وهناك أُناسٌ آخرون ﴿ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ ونَدِموا عليها، وهؤلاء قد ﴿ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا - وهو توبتهم واعترافهم بالذنب وغير ذلك منالأعمال الصالحة - ﴿ وَآَخَرَ سَيِّئًا - وهو تخلفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلموغير ذلك من الأعمال السيئة - ﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ (هذا إعلامٌ من الله تعالى بقبول توبتهم، لأنّ كلمة (عسى) إذاجاءت من اللهِ تعالى، فإنها تفيد التأكيد ووجوب الوقوع)، ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لذنوب التائبين، ﴿ رَحِيمٌ بهم، حيث وفقهم للتوبة وقَبِلَها منهم.

ثم جاء هؤلاء التائبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأموالهم وقالوا له: (هذه أموالنا التي تَخَلَّفنا بسببها صدقةً، فخُذها يا رسول الله)، فقال لهم: (إني لم أُؤْمَر بذلك)، فأنزلَ اللهُ تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ مِن ذنوبهم ﴿ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾: أي وتَرفعهم عن منازل المنافقين إلى منازل المُخلِصين،﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ﴾: أي وادعُ اللهَ أن يَغفر ذنوبهم ﴿ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾: يعني إنّ دعاءك واستغفارك رحمةٌوطمأنينةًٌ لهم، ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ لكل دعاءٍ وقول، ﴿ عَلِيمٌ بأحوال العباد ونِيَّاتهم،وسيُجازي كلَّ عاملٍ بعمله.

الآية 104: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا ﴾: يعني ألم يعلم هؤلاء التائبون ﴿ أَنَّ اللَّهَ هُوَ وحده الذي ﴿ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ إذا صَدَقوا في توبتهم ﴿ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ منهم، فيَقبلها ويُضاعِف ثوابها لهم حتى تكون أعظم من الجبل (كما ثبت ذلك في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم)، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ أي كثير قَبول التوبة من التائبين، ﴿ الرَّحِيمُ بعباده المؤمنين.


الآية 105: ﴿ وَقُلِ - أيها النبي - لهؤلاء التائبين: ﴿ اعْمَلُوا الأعمال التي تُرضِي اللهَ تعالى من أداء الفرائض واجتناب المعاصي، تطهيراً لكم وتزكيةً لنفوسكم ﴿ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وسوف يُثنون عليكم بعملكم في الدنيا ﴿ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾: أي وستُرجَعون يوم القيامة إلى مَن يَعلمُ سِرَّكُم وجَهْرَكم ﴿ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ويُجازيكم على أعمالكم الصالحة أحسنَ الجزاء.


الآية 106: ﴿ وَآَخَرُونَ ﴾: يعني ومِن هؤلاء المتخلفين عن غزوة "تَبُوك" آخرونَ ﴿ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ ﴾: أي مُؤَخَّرونلِحُكم الله وقضائه فيهم: ﴿ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ويَعفوعنهم.


وهؤلاء هم الذين ندموا على ما فعلوا، وهم: (مُرارةبن الربيع، وكَعْب بن مالك، وهلال بن أُميَّة)، فهؤلاء الثلاثة قد تأخروا في توبتهم، فأمَرَ الرسول صلى الله عليه وسلم بهَجْرهم (أي بمقاطعتهم) حتى يَحكم اللهُ فيهم ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بمن يَستحق العقوبة أو العفو، ﴿ حَكِيمٌ في قضائه وشرعه.

الآية 107: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا ﴾: يعني وهناك منافقون قد بَنوا مَسجدًا مِن أجل الإضرار بالمسلمين وإيجاد عداوات بينهم، وتشكيكاً لهم في دينهم، ﴿ وَكُفْرًا بالله ورسوله ﴿ وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ لِيُصلي فيه بعضهم ويَترك مسجد "قِباء" الذي يصلي فيه النبي والمسلمون، فحينئذٍ يَخْتلفالمسلمون ويَتفرقوا، ﴿ وَإِرْصَادًا أي وانتظاراً ﴿ لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ - وهو أبوعامر - ذلك الراهب الفاسق الذي ذهب إلى الروم لِيُحَرِّضهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانتظره المنافقون ليأتي إليهم في ذلك المسجد، ليكون مكانًا للكيد للمسلمين، ﴿ وَلَيَحْلِفُنَّ هؤلاء المنافقون كذباً ويقولون: ﴿ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى أي ما أردنا ببناء هذا المسجد إلا الخير للمسلمين، والرِّفق بالعاجزين عن السير إلى مسجد "قِباء"، ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ فيما يَحلفونعليه.


الآية 108: ﴿ لَا تَقُمْ فِيهِ ﴾: أي لا تقم - أيها النبي - للصلاة في ذلك المسجد ﴿ أَبَدًا، إذ إنّه ﴿ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ - وهو مسجد "قِباء" - ﴿ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ للصلاة، فإنّ مسجد "قِباء" ﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا بالماء من النجاسات والأقذار، كما يتطهرون من ذنوبهمبالتوبة والاستغفار، ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ أي المتطهرين، (ولكنْ أُدغِمَت التاء في الطاء فصارت: ﴿ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾)، (واعلم أن هذا المسجد الذي بناه المنافقون قد هَدَمَهُ المسلمون وأحرقوه، بأمْرٍ من النبي صلى الله عليه وسلم).

الآية 109: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَه أي مَسجده ﴿ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ أي على خوفٍ من اللهِ وطلباً لرضاه ﴿ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ أي مسجده (عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ) أي على طرف حفرة قاربتْ على السقوط ﴿ فَانْهَارَ بِهِ ذلك البُنيان الخبيث ﴿ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ليُعَذَبَ فيها؟ لا يستويان أبداً، ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ المتجاوزينَ لحدوده.

الآية 110: ﴿ لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ والمعنى: أنّ المنافقين عندما بَنوا ذلك المسجد لغرضٍ فاسد، جعل اللهُ ذلك المسجد سبباً لبقاء النفاق في قلوبهم ﴿ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ يعني إلا أن تتقطع قلوبهم، وذلك بقتلهم أو موتهم، أو بندمهم غاية الندم،وخوفهم من ربهم غاية الخوف، حتى َيقبل اللهُ توبتهم، ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بما في صدور هؤلاءالمنافقين، ﴿ حَكِيمٌ في تدبيره وقضائه، وفي فتح باب التوبةِ لعباده.


* وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبو بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو تفسير الآية الكريمة.
واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-09-2021, 05:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,196
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[*]

رامي حنفي محمود







تفسير الربع الرابع من سورة يونس كاملا بأسلوب بسيط















الآية 53: ﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ : يعني ويَسألك مُشرِكو قومك - أيها الرسول - عن العذاب يوم القيامة: ﴿ أَحَقٌّ هُوَ ؟ ﴿ قُلْ لهم:﴿ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ يعني: نعم وربي إنه لَحَقٌّ لا شك فيه، ﴿ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ أي ولن تُعجِزوا اللهَ تعالى في أن يَبعثكم ويُجازيكم، فأنتم في قبضته وسلطانه.










الآية 54: ﴿ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ - أي أشركَتْ بالله تعالى - ﴿ مَا فِي الْأَرْضِ يعني لو أنها امتلكتْ جميع ما في الأرض وكانَ في إمكانها أن تجعله فداءً لها من عذاب يوم القيامة:﴿ لَافْتَدَتْ بِهِ ، وإن فعلتْ ذلك، فلن يُقبَلَ منها، لأنه يومٌ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، إلا مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليم.










﴿ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ : يعني وأخفى الذين ظلموا حسرتهم ﴿ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ واقعٌ بهم يوم القيامة، ﴿ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ : أي وقضى اللهُ بينهم بالعدل، ﴿ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ؛ لأن اللهَ تعالى لا يُعاقِب أحداً بذنب أحد ﴿ إلا مَن كانَ سبباً في إضلال الناس ولم يَتُب عن ذلك الإضلال ﴾.










الآية 55، والآية 56: ﴿ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ وحده جميع﴿ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فهو سبحانه المُتفرِّد بالمُلك والإحاطة والتدبير، فيَفعل سبحانه ما يشاء في الوقت الذي يشاء، لا يَمنعه من ذلك مانع، ولهذا قال بعدها: ﴿ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ : يعني ألاَ إنّ لقاءَ اللهِ تعالى وعذابه للمشركين كائِنٌ يوم القيامة لا مَحالة، لأنه سبحانه لا يُعارضه أحد في تحقيق ما يريد، ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ، ( واعلم أنّ كلمة: ( ألاَ ) هي كلمة تأتي في أوّل الكلام للتنبيه، ومعناها: ( انتبهوا لِما أقوله لكم ) ).




ثم ذكَرَ سبحانه الدليل على قدرته على البعث والإحياء، فقال: ﴿ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ أي هو وحده المُتفرِّد بالإحياء والإماتة، وأنتم تعلمون ذلك أيها المشركون، فلقد كنتم أمواتًا - وأنتم في العَدم - فأوجدكم سبحانه ونَفَخَ فيكم الحياة، فكذلك لا يُعجزه إحياء الناس بعد موتهم، ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ بعد موتكم للحساب والجزاء.










الآية 57: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ تذكِّركم عقابَ اللهِ وتُخوِّفكم وعيده، وهي هذا القرآن وما اشتمل عليه من الآيات والعِظات لإصلاح أخلاقكم وأعمالكم، ﴿ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ : أي وهذا القرآن دواءٌ لِمَا في القلوب من الجهل والشرك وسائر الأمراض، ﴿ وَهُدًى أي ورُشدٌ لِمَن اتَّبعه مِن الخَلق، فيُنَجيه من الهلاك، ﴿ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ : أي وجعله سبحانه رحمةً للمؤمنين - وخَصَّهم بتلك الرحمة لأنهم المنتفعون به، وأما الكافرون فلا يَزيدهم القرآن إلا هلاكاً، لأنه قد أقام الحُجَّة عليهم -، فآمِنوا أيها الناس بهذا القرآن وتداووا به وتعَلَّموه واعملوا به: تَشْفوا وتَسعَدوا في الدنيا والآخرة.










الآية 58: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا أي بَلِّغْ أيها الرسول جميع الناس أنْ يَفرحوا بالقرآن وعلومه وبالإسلام وشرائعه، فإنّ ذلك ﴿ هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ مِن متاع الدنيا الزائل (قال أبو سعيد الخُدري وعبد الله ابن عباس رضي الله عنهم: (فضْلُ الله: القرآن، ورحمته: الإسلام).










فالقرآن هو أعظم فضل تفضَّلَ اللهُ به على عباده، والإسلام - وما يَحتوي عليه من عبادة اللهِ تعالى ومَعرفته ومَحَبَّته - هو أعظم رحمة للناس، لأنه المُنَجِّي لهم من عذاب جهنم، المؤَدِّي بهم إلى السعادة والسرور في جنات النعيم.










الآية 59: ﴿ قُلْ - أيها الرسول - لهؤلاء المُعاندين: ﴿ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ : يعني أخبِروني عن هذا الرزق الذي خلقه اللهُ لكم من الحيوان والنبات وغير ذلك ﴿ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا أي فحَلَّلتم بعضه لأنفسكم وحَرَّمتم بعضه، ﴿ قُلْ لهم: ﴿ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ بذلك التحليل والتحريم؟! ﴿ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ : يعني أم تكذبونَ على اللهِ تعالى فيما تقولون؟ ﴿ والغرض من هذا الاستفهام: هو تقريرهم بذلك الإثم العظيم وتوبيخهم عليه ﴾.










الآية 60: ﴿ وَمَا ظَنُّ هؤلاء ﴿ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ - بتحريم ما أحَلَّهُ الله وتحليل ما حَرَّمَه الله - فما ظنهم أنّ اللهَ فاعلٌ بهم ﴿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ أيَحسبون أنه يَصفح عنهم ويَغفر لهم؟! ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ بترْكِهِ مُعاجلة مَن افترى عليه الكذب بالعقوبة في الدنيا وإمهاله إياه، ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ أي لا يشكرونَ اللهَ على ذلك الإمهال - بأن يتوبوا ويَنتهوا عَمّا هم فيه -، بل يَزيدهم هذا الإمهال طغياناً.










الآية 61: ﴿ وَمَا تَكُونُ - أيها الرسول - ﴿ فِي شَأْنٍ مِن شئونك﴿ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ أي وما تتلو مِن كتاب اللهِ مِن آيات ﴿ وَلَا تَعْمَلُونَ يا أمّة محمد ﴿ مِنْ عَمَلٍ خيراً كانَ أو شراً:﴿ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا أي حُضوراً مُطَّلِعين عليكم ﴿ إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ أي وقت ابتدائكم في ذلك العمل واستمراركم عليه، فنحفظه عليكم ونَجزيكم به.










فراقِبوا الله في أعمالكم، وأدُّوها بإخلاصٍ وإتقان، وجدٍّ واجتهاد، وإياكم وما يُغضِبُ اللهَ تعالى، فإنه مُطَّلِعٌ عليكم، عالِمٌ بظَواهركم وبَواطنكم، ﴿ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ : أي وما يَغيبُ عن عِلم ربك ﴿ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ أي ما يُعادل وزن ذرةٍ ﴿ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ ﴿ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا مُثبَتٌ ﴿ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ أي في كتابٍ عند اللهِ واضح، أحاطَ به عِلمه وكَتبه قلمه (وهو اللوح المحفوظ).










الآية 62، والآية 63، والآية 64: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ في الآخرة مِن عقاب اللهِ تعالى: ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.










ثم وضَّحَ سبحانه صفات هؤلاء الأولياء، فقال: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا أي باللهِ ورسوله وعملوا بشرعه﴿ وَكَانُوا يَتَّقُونَ اللهَ بامتثال أوامره، واجتناب معاصيه، فأولئك ﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى مِن الله تعالى ﴿ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بما يَسُرُّهم، ﴿ وَفِي الْآَخِرَةِ بالجنة، ﴿ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ : أي لا يُخلِفُ اللهُ وَعْدَهُ ولا يُغَيِّرُه، ﴿ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لأنه اشتمل على النجاة مِن كل مَحذور، والفوز بكل مطلوبٍ ومحبوب (وعلى هذا فكُلُّ مؤمنٍ تقيٍّ هو وليٌّ للهِ تعالى، ولكنْ تختلف درجة ولايته بحسب إيمانه وتقواه).










الآية 65: ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ : أي ولا يَحزُنك - أيها الرسول - قول المشركين في ربهم بأنّ له شركاء؛ ﴿ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا : يعني فإنّ اللهَ تعالى هو المُتفرِّد بالقوة الكاملة والقدرة التامة في الدنيا والآخرة، فلن يَضُرَّه سبحانه قولهم وافتراؤهم، و ﴿ هُوَ السَّمِيعُ لأقوالهم، ﴿ الْعَلِيمُ بأفعالهم ونيَّاتهم، وسيُجازيهم عليها.










ويُحتمَل أن يكون المعنى: (ولا يَحزُنك أيها الرسول قول المُكَذِّبين فيك بأنك تفتري الكذب على ربك، فإنَّ أقوالهم لا تضرك شيئًا، وإذا كنتَ تظن أنهم أهْلُ عزة، فاعلم أنّ عِزَّتهم محدودة وزائلة، والْعِزَّةَ الحق للهِ تعالى وحده، يُعطِيها مَن يشاء، ويَمنعها عَمَّن يشاء، وسوف يُعطيها لك وللمؤمنين ويَنصركم عليهم، وهو سبحانه السميع العليم، فاكتَفِ بعِلم اللهِ وكفايته، فإنّ مَن يتوكل على اللهِ فهو حَسْبُه).










الآية 66: ﴿ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ وحده جميع ﴿ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ من الملائكة والإنس والجن وغير ذلك من المخلوقات، فليس لأحدٍ غيره في هذا الكون شيئاً،﴿ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ يعني: وما يَتَّبع المشركون في الحقيقة شركاءَ للهِ تعالى، فإنه ليس له شريكٌ أصلاً، و ﴿ إِنْ يَتَّبِعُونَ يعني وما يَتَّبعون ﴿ إِلَّا الظَّنَّ الناتج عن التخمين واتباع الآباء بغير دليل، ﴿ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ يعني: وما هم إلا يَكذبون فيما يَنسبونه إليه سبحانه.










الآية 67: ﴿ هُوَ سبحانه ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ أيها الناس، وتستريحوا من التعب في طلب الرزق، ﴿ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا : أي وجعل سبحانهالنهار؛ لِتُبصِروا فيه، ولِتسعَوْا في طلب رزقكم، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ : يعني إنَّ في اختلاف حال الناس في الليل والنهار، وفي عناية اللهِ تعالى بمصالح خلقه: ﴿ لَآَيَاتٍ على أنّ اللهَ وحده هو المستحق للعبادة.










ثم خَصَّ سبحانه الذين يَنتفعون بهذه الآيات بقوله: ﴿ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ أي يَسمعون هذه الحجج، ويَتفكرون فيها.










ومِن لطيف ما يُذكَر أنّ اللهَ تعالى شاءَ أن يأتي بالأسلوب القرآني المُعجِز في قوله: ﴿ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ﴾، فقد أثبت العلم الحديث أنّ العين لا تُبصِرُ بذاتها، وإنما تُبصِرُ بعد انعكاس الضوء عليها (بدليل أنه إذا كانَ هناك شخصٌ يقف في حجرةٍ بها مصباح مُضيء، وأنت تقف في الظلام فإنك تراه، وإذا كان نفس الشخص يقف في الظلام فأنت لا تراه، إذن: فإنّ ضوء المصباح هو الذي عَكَسَ الرؤية إلى عينك فأبْصَرَتْ)، وكذلك فإنّ النهار هو المُبصِر؛ لأنه جاء بالضوء اللازم لِيَنعكس إلى العيون حتى تستطيع الإبصار، فسبحان مَن عَلَّمَ محمداً صلى الله عليه وسلم - النبي الأُمِّي - هذه الحقيقة.










الآية 68: ﴿ قَالُوا أي قال المشركون: ﴿ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا - وذلك كقولهم: الملائكة بنات الله، أو المسيح ابن الله، أو عزيرٌ ابن الله - ﴿ سُبْحَانَهُ أي تقدَّسَ اللهُ عن ذلك كله وتنزَّه، فـ ﴿ هُوَ الْغَنِيُّ عن كل ما سواه، لأنه سبحانه ليس مُحتاجًا إلى ولدٍ كما يحتاجُ البشر، فإنَّ البشر يحتاجون إلى ولدٍ يَخدمهم ويَرعاهم في كِبَرهم، وعند مرضهم، وحالَ ضَعفِهم، أما اللهُ تعالى فهو القوي الغني الذي لا يحتاجُ إلى شيءٍ مما يحتاجُه البشر، ولأنه سبحانه ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ فكل ما في السماوات والأرض ملْكُه وعبيده، فكيف يكونُ له ولدٌ مِمَّن خَلَق، وكُلُّ شيءٍ مملوكٌ له؟!










فهذا أكبر دليل على بُطلان نسبة الولد للهِ تعالى، إذ هو خالقُ كل شيء، فهل يُقالُ لِمَن خَلَقَ شيئاً أنه وَلَدَهُ؟! لو صَحَّ هذا لقالوا لِكُلّ مَن صَنَعَ شيئاً إنه أبو المصنوع، ولا يوجد قائلٌ بهذا أبداً، إذَن فأيُّ معنى لِنسبة الولد إليه سبحانه، إلا تزيين الشياطين للباطل حتى يَقبله أولياؤهم من الإنس؟!، ﴿ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا : أي وليس عندكم دليلٌ على ما تفترونه من الكذب، ﴿ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ؟!










الآية 69، والآية 70: ﴿ قُلْ - أيها الرسول - لقومك: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ - بأن يَنسبوا له الولد أو الشريك - ﴿ لَا يُفْلِحُونَ أي لا يَنالون الفوز والفلاح في الدنيا ولا في الآخرة، إنما هو﴿ مَتَاعٌ قصير يُمَتَّعونه﴿ فِي الدُّنْيَا ﴾ ﴿ ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ بعد انتهاء آجالهم﴿ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ في جهنم، جزاءً﴿ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ .







[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" ( بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبو بكر الجزائري) ( بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.
واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية )، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 119.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 117.07 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]