|
|||||||
| هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم تفسير قوله تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 10] قوله: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾ مرضُ القلب خروجُه عن صحته وسلامته واعتداله، وهو نوعان: أ- مرض حسيٌّ، كمرض سائر أعضاء البدن؛ كارتفاع ضغط الدم وانخفاضه، وارتخاء عضلات القلب، وانسداد صماماته، ونحو ذلك. ب- ومرض معنويٌّ، وهو ينقسم إلى قسمين: 1- مرض شهوة، وهو أقسام ثلاثة: شهوة البطن، وشهوة الفرْج، وشهوة اتباع الهوى. 2- ومرض شبهة وشكٍّ وكفر ونفاق، وهو المراد في قوله تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾. قال ابن القيم: "ومرض القلب خروجُه عن صحته واعتداله، فإنَّ صحته أن يكون عارفًا بالحق محبًّا له، مؤثِرًا له على غيره، فمرضُه إما بالشكِّ فيه، وإما بإيثار غيره عليه. فمرض المنافقين مرضُ شكٍّ وريب، ومرض العصاة مرضُ غيٍّ وشهوة، وقد سمى الله كلًّا منهما مرضًا"[1]. وفي مجيء جملة ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾ اسميةً دلالةٌ على ثبوت هذا المرض وتمكُّنِه من قلوبهم. ﴿ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾: الفاء عاطفة، وفيها معنى السببية؛ أي: فتسبب ذلك أنْ زادَهم الله مرضًا غطى على قلوبهم ورانَ عليها، كما قال تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]، وقال تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 125]. وفي هذا دلالة على أن سبب إضلال الله لهم هو من تلقاء أنفسهم، كما قال تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [الأنعام: 110]، وقال تعالى: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: 5]، وقال تعالى: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ﴾ [المائدة: 49]. كما أن فيه دلالةً على زيادة الإيمان ونقصانه؛ لأنه إذا كان مرض القلوب يزيد وينقص، فكذلك الإيمان يزيد وينقص. ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾: العذاب: العقاب، ﴿ أَلِيمٌ ﴾ "فعيل" بمعنى "مُفعِل"؛ أي: مؤلِم موجِع حسيًّا للأبدان، ومعنويًّا للقلوب من التقريع والتوبيخ والإهانة لهم، مما قد لا يقلُّ عن الألم الحسي، كما قال تعالى: ﴿ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [السجدة: 20]، وقال تعالى: ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ ﴾ [الحاقة: 30 - 37]. ﴿ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ الباء للسببية، و"ما" مصدرية. قرأ عاصم وحمزة والكسائي: ﴿ يَكْذِبُونَ ﴾ بفتح الياء، وإسكان الكاف، وكسر الذال. وقرأ الباقون بضم الياء، وفتح الكاف، وتشديد الذال: "يُكَذِّبون". أي: بسبب كذبهم بقولهم: ﴿ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8]، وبسبب تكذيبهم اللهَ ورسوله، فاجتمع في المنافقين أقبحُ الصفات، وأسوأ الخصال؛ الكفر والتكذيب، وهذه شرُّ الأحوال؛ ولهذا توعَّدَهم الله بسبب ذلك بالعذاب الأليم، بل بأشدِّ العذاب، وهو الدَّرْكُ الأسفل من النار؛ لأن الجزاء من جنس العمل، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145]. [1] انظر "بدائع التفسير" (1/ 266).
__________________
|
|
#2
|
||||
|
||||
|
كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم تفسير قوله تعالى: ﴿ ثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا... ﴾ قال الله تعالى: ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 17 - 20]. ذكر الله عز وجل في الآيات السابقة من قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8]، إلى قوله: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 16] - دعوى المنافقين الإيمانَ كذبًا، ومخادعتهم وإفسادهم في الأرض، وزعمهم الإصلاح، ورميهم المؤمنين بالسفه واستهزائهم بهم، وردَّ عليهم في ذلك كله وبيَّن أنهم الذين اشتروا الضلالة بالهدى، فخسروا الصفقتين؛ فلم تربح تجارتهم، ولم يهتدوا للحق. ثم ضرب لهم ولما هم عليه من النفاق والحال السيئة مثَلينِ في هذه الآيات: أحدهما: ناريٌّ، فيه بيان عظم ما هم فيه من الظلمات والضلال والحيرة، والثاني: مائيٌّ، فيه بيان عظم ما هم فيه من الخوف. وضرب الأمثال في القرآن الكريم لتقريب المعاني، فَيُشبَّه أمر معنوي بأمر حسي، وقد يشبه أمر حسي بأمر حسي أوضح منه، وقد يشبه أمر معنوي بأمر معنوي أظهر منه، وكل ذلك بقصد الإيضاح والبيان. قوله تعالى: ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ [البقرة: 17، 18]. هذا هو المَثَل الناريُّ، فشبه الله المنافقين بمن استوقد نارًا... إلخ. قوله: ﴿ مَثَلُهُمْ ﴾؛ أي: مَثَلُ المنافقين، أو فريق منهم، وهم الذين آمنوا ثم كفروا. ﴿ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا ﴾:الكاف للتشبيه، والمثل: الشَّبَهُ، أي: كشَبَهِ الذي استوقد نارًا في ليلة مظلمة في مفازة؛ أي: طلب من غيره أن يوقد له نارًا، أو أن يعطيه جذوة من نار، أو أوقد نارًا بنفسه، وعلى هذا تكون السين والتاء فيه للمبالغة، وضرب هنا مثل الجماعة بالواحد، كما قال تعالى: ﴿ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ﴾ [الأحزاب: 19]، وقال تعالى: ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ [لقمان: 28]. ﴿ فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ﴾:"ما" موصولة؛ أي: فلما أنارت الذي حول هذا المستوقد، فانتفع بها وأبصر ما عن يمينه وشماله، وما أمامه وما خلفه. ﴿ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ﴾: جواب الشرط "لما" أي: ذهب الله بما ينفعهم وهو النور، وأبقى لهم ما يضرهم وهو الإحراق والدخان؛ ولهذا لم يقل: ذهب الله بنارهم. وفي التعبير بقوله: ﴿ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ﴾ دون أن يقول "أذهب الله نورهم" تأكيدٌ لعدم عود النور إليهم؛ لأنه لو قال: أذهب الله نورهم، لاحتمل رجوع النور إليهم، فلما قال: ﴿ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ﴾ دلَّ ذلك على تأكيد عدم عودة النور إليهم. وجمع الضمير هنا وفيما بعده؛ لأن الاسم الموصول "الذي" يفيد العموم؛ أي: ذهب الله بنور هذا المستوقِد ومن معه، وترتيب ذهاب نورهم بعد الإضاءة ترتيب الجواب على الشرط يدلُّ على أنه بمجرد الإضاءة ذهب النور. وقوله: ﴿ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ﴾ ولم يقل: بضوئهم، مع قوله: ﴿ فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ﴾؛ لأن الضوء هو زيادة النور، فإذا ذهب النور فذهاب زيادته - وهو الضوء - من باب أَولى. ﴿ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴾:ظلُمات: جمع ظُلْمة، وهي ظلمة الليل؛ لأن استيقاد النار للإضاءة لا يكون إلا في الليل، والنار إنما تضيء في الليل لا في النهار. وأيضًا ظلمة أخرى، وهي التي تحصل بعد ذهاب النور وانطفائه مباشرة، وهي أضعاف الظلمة الموجودة قبل إيقاد النار. ﴿ لَا يُبْصِرُونَ ﴾تأكيد من حيث المعنى لقوله: ﴿ فِي ظُلُمَاتٍ ﴾ دالٌّ على شدة الظُّلمة؛ أي: لا يبصرون أيَّ شيء مهما كان كبيرًا أو صغيرًا، قريبًا أو بعيدًا، أو غير ذلك.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |